التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم-09a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.53 ميغابايت )
التنزيل ( 1329 )
الإستماع ( 114 )


2 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه: " وذلك يقتضي : أن مجانبة هديهم مطلقا أبعد عن الوقوع فيما به هلكوا، وأن المشارك لهم في بعض هديهم، يخاف عليه أن يكون هالكا . ومن ذلك : أنه صلى الله عليه وسلم حذرنا من مشابهة من قبلنا، في أنهم كانوا يفرقون في الحدود بين الأشراف والضعفاء، وأمر أن يسوى بين الناس في ذلك، وإن كان كثير من ذوي الرأي والسياسة قد يظن أن إعفاء الرؤساء أجود في السياسة . ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، في شأن المخزومية التي سرقت لما كلم أسامة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله ؟ ! إنما هلك بنو إسرائيل أنهم كانوا : إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ." أستمع حفظ

4 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وكان بنو مجزوم من أشرف بطون قريش، واشتد عليهم أن تقطع يد امرأة منهم، فبين النبي صلى الله عليه وسلم : أن هلاك بني إسرائيل، إنما كان في تخصيص رؤساء الناس بالعفو عن العقوبات، وأخبر أن فاطمة ابنته - التي هي أشرف النساء - لو سرقت، وقد أعاذها الله من ذلك، لقطع يدها ؛ ليبين : أن وجوب العدل والتعميم في الحدود، لا يستثنى منه بنت الرسول، فضلا عن بنت غيره . وهذا يوافق ما في الصحيحين، عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال : " مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي، محمم مجلود، فدعاهم، فقال : " هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ " قالوا : نعم . فدعا رجلا من علمائهم قال: " أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ " قال : لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده : الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا : تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم فقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أول من أحيا أمرك، إذ أماتوه " فأمر به فرجم، فأنزل الله عز وجل : { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } إلى قوله { إن أوتيتم هذا فخذوه } .يقول : ائتوا محمدا فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } ، { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } في الكفار كلها ". أستمع حفظ

12 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وصف صلى الله عليه وسلم أن الذين كانوا قبلنا كانوا يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد وعقب هذا الوصف بالأمر بحرف الفاء، أن لا يتخذوا القبور مساجد، وقال إنه صلى الله عليه وسلم ينهانا عن ذلك . ففيه دلالة على أن اتخاذ من قبلنا سبب لنهينا ؛ إما مظهر للنهي، وإما موجب للنهي، وذلك يقتضي : أن أعمالهم دلالة وعلامة على أن الله ينهانا عنها، أو أنها علة مقتضية للنهي . وعلى التقديرين : يعلم أن مخالفتهم أمر مطلوب للشارع في الجملة، والنهي عن هذا العمل بلعنة اليهود والنصارى مستفيض عنه صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قاتل الله اليهود ؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ". وفي لفظ لمسلم : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وفي الصحيحين عن عائشة، وابن عباس قالا : " لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : " لعنة الله على اليهود والنصارى ؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما صنعوا " وفي الصحيحين أيضا عن عائشة : " أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة، يقال لها : مارية . وذكرتا من حسنها وتصاوير فيها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل ". وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج " رواه أهل السنن الأربعة ، وقال الترمذي : " حديث حسن " وفي بعض نسخه : " صحيح ". فهذا التحذير منه واللعن عن مشابهة أهل الكتاب في بناء المسجد على قبر الرجل الصالح صريح في النهي عن المشابهة في هذا ، ودليل على الحذر من جنس أعمالهم، حيث لا يؤمن في سائر أعمالهم أن تكون من هذا الجنس ". أستمع حفظ

22 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ثم من المعلوم ما قد ابتلي به كثير من هذه الأمة، من بناء المساجد على القبور، واتخاذ القبور مساجد بلا بناء، وكلا الأمرين محرم ملعون فاعله بالمستفيض من السنة، وليس هذا موضع استقصاء ما في ذلك من سائر الأحاديث والآثار ؛ إذ الغرض القاعدة الكلية، وإن كان تحريم ذلك قد ذكره غير واحد من علماء الطوائف من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم ؛ ولهذا كان السلف من الصحابة والتابعين يبالغون في المنع مما يجر إلى مثل هذا، وفيه من الآثار ما لا يليق ذكره هنا، حتى روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب حدثنا جعفر بن إبراهيم - من ولد ذي الجناحين - حدثنا علي بن عمر عن أبيه عن علي بن حسين: أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها، فيدعو، فنهاه، فقال : " ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم " . وأخرجه محمد بن عبد الواحد المقدسي الحافظ في مستخرجه وروى سعيد بن منصور في سننه : حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال : " رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند القبر فناداني، وهو في بيت فاطمة يتعشى، فقال : هلم إلى العشاء، فقلت : لا أريده، فقال : مالي رأيتك عند القبر ؟ قلت : سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : " إذا دخلت المسجد فسلم ". ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " ، ما أنت ومن بالأندلس إلا سواء ". أستمع حفظ