التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم-11a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.48 ميغابايت )
التنزيل ( 850 )
الإستماع ( 78 )


1 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وروى أيضا أبو الشيخ بإسناده، عن محمد بن قيس وسعد بن عبد الرحمن بن حبان، قالا : " دخل ناس من بني تغلب على عمر بن عبد العزيز وعليهم العمائم كهيئة العرب، فقالوا يا أمير المؤمنين ألحقنا بالعرب، قال : فمن أنتم ؟ قالوا نحن بنو تغلب، قال : أولستم من أوسط العرب ؟ قالوا : نحن نصارى، قال : علي بجلم، فأخذ من نواصيهم، وألقى العمائم، وشق رداء كل واحد شبرا، يحتزم به، وقال: لا تركبوا السروج، واركبوا على الأكف، ودلوا رجليكم من شق واحد " أستمع حفظ

2 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: "وعن مجاهد أبي الأسود قال: " كتب عمر بن عبد العزيز : أن لا يضرب الناقوس خارجا من الكنيسة " . وعن معمر: " أن عمر بن عبد العزيز كتب : أن امنع من قبلك، فلا يلبس نصراني قباء، ولا ثوب خز، ولا عصب، وتقدم في ذلك أشد التقدم، واكتب فيه حتى لا يخفى على أحد نهي عنه، وقد ذكر لي أن كثيرا ممن قبلك من النصارى قد راجعوا لبس العمائم، وتركوا لبس المناطق على أوساطهم واتخذوا الوفر والجمام وتركوا التقصيص، ولعمري إن كان يصنع ذلك فيما قبلك، إن ذلك بك ضعف وعجز، فانظر كل شيء كنت نهيت عنه، وتقدمت فيه، إلا تعاهدته وأحكمته ولا ترخص فيه، ولا تعد عنه شيئا ".ولم أكتب سائر ما كانوا يأمرون به في أهل الكتاب؛ إذ الغرض هنا : التمييز وكذلك فعل جعفر بن محمد بن هارون المتوكل بأهل الذمة في خلافته، واستشار في ذلك الإمام أحمد بن حنبل ، وغيره، وعهوده في ذلك، وجوابات أحمد بن حنبل له معروفة .ومن جملة الشروط: ما يعود بإخفاء منكرات دينهم، وترك إظهارها، كمنعهم من إظهار الخمر والناقوس، والنيران والأعياد، ونحو ذلك. ومنها : ما يعود بإخفاء شعار دينهم، كأصواتهم بكتابهم . فاتفق عمر رضي الله عنه، والمسلمون معه وسائر العلماء بعدهم، ومن وفقه الله تعالى من ولاة الأمور على منعهم من أن يظهروا في دار الإسلام شيئا مما يختصون به، مبالغة في أن لا يظهروا في دار الإسلام خصائص المشركين، فكيف إذا عملها المسلمون وأظهروها. ومنها : ما يعود بترك إكرامهم وإلزامهم الصغار الذي شرعه الله تعالى . ومن المعلوم : أن تعظيم أعيادهم، ونحوها، بالموافقة، فيها نوع من إكرامهم، فإنهم يفرحون بذلك، ويسرون به، كما يغتمون بإهمال أمر دينهم الباطل ". أستمع حفظ

3 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: "الوجه الثاني من دلائل الإجماع: أن هذه القاعدة، قد أمر بها غير واحد، من الصحابة والتابعين، في أوقات متفرقة، وقضايا متعددة، وانتشرت ولم ينكرها منكر فعن قيس بن أبي حازم قال: " دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، على امرأة من أحمس يقال لها : زينب، فرآها لا تتكلم، فقال : ما لها لا تتكلم ؟ قالوا : حجت مصمتة، فقال لها : تكلمي! فإن هذا لا يحل، هذا عمل الجاهلية، فتكلمت فقالت : من أنت ؟ قال : امرؤ من المهاجرين، قالت : أي المهاجرين ؟ قال : من قريش . قالت : من أي قريش ؟ قال : إنك لسؤول! وقال : أنا أبو بكر، قالت : ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ؟ قال : بقاؤكم عليه ما استقامت لكم أئمتكم، قالت : وما الأئمة ؟ قال : أما كان لقومكم رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم ؟ ! قالت : بلى، قال : فهم أولئك على الناس " رواه البخاري في صحيحه. فأخبر أبو بكر : أن الصمت المطلق لا يحل، وعقب ذلك بقوله : هذا من عمل الجاهلية، قاصدا بذلك عيب هذا العمل، وذمه.وتعقيب الحكم بالوصف : دليل على أن الوصف علة، ولم يشرع في الإسلام . فيدخل في هذا : كل ما اتخذ من عبادة، مما كان أهل الجاهلية يتعبدون به، ولم يشرع الله التعبد به في الإسلام، وإن لم ينوه عنه بعينه، كالمكاء والتصدية، فإن الله تعالى قال عن الكافرين : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً }. والمكاء : الصفير ونحوه . والتصدية : التصفيق . فاتخاذ هذا قربة وطاعة من عمل الجاهلية، الذي لم يشرع في الإسلام." أستمع حفظ

5 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وكذلك : بروز المحرم وغيره للشمس، حتى لا يستظل بظل، أو ترك الطواف بالثياب المتقدمة، أو ترك كل ما عمل في غير الحرم، ونحو ذلك من أمور الجاهلية التي كانوا يتخذونها عبادات، وإن كان قد جاء نهي خاص في عامة هذه الأمور، بخلاف السعي بين الصفا والمروة، وغيره من شعائر الحج، فإن ذلك من شعائر الله، وإن كان أهل الجاهلية قد كانوا يفعلون ذلك في الجملة وقد قدمنا ما رواه البخاري في صحيحه، عن عمر بن الخطاب : أنه كتب إلى المسلمين المقيمين ببلاد فارس : " إياكم وزي أهل الشرك ".وهذا نهي منه للمسلمين عن كل ما كان من زي المشركين وقال الإمام أحمد في المسند : حدثنا يزيد حدثنا عاصم عن أبي عثمان النهدي، عن عمر أنه قال : " اتزروا، وارتدوا، وانتعلوا، والبسوا الخفاف، والسراويلات، والقوا الركب، وانزوا نزوا، وعليكم بالمعدية، وارموا الأغراض، وذروا التنعم وزي العجم، وإياكم والحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه، وقال : " لا تلبسوا من الحرير، إلا ما كان هكذا " ، وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصبعيه ". أستمع حفظ

6 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال أحمد : حدثنا حسن بن موسى حدثنا زهير ، حدثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان قال : " جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه، ونحن بأذربيجان : يا عتبة بن فرقد إياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نهانا عن لبوس الحرير وقال : " إلا هكذا " ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصبعيه " وهذا ثابت على شرط الصحيحين. وفيه : أن عمر رضي الله عنه أمر بالمعدية، وهي زي بني معد بن عدنان، وهم العرب، فالمعدية نسبة إلى معد، ونهى عن زي العجم وزي المشركين، وهذا عام كما لا يخفى، وقد تقدم هذا مرفوعا . والله أعلم به وروى الإمام أحمد في المسند : حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن أبي سنان عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب: أن عمر كان بالجابية - فذكر فتح بيت المقدس - قال حماد بن سلمة : فحدثني أبو سنان عن عبيد بن آدم قال : " سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول لكعب : أين ترى أن أصلي، فقال : إن أخذت عني صليت خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك، فقال : عمر ضاهيت اليهودية، لا، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم إلى القبلة فصلى، ثم جاء فبسط رداءه فكنس الكناسة في ردائه، وكنس الناس " أستمع حفظ

13 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " قلت: صلاة النبي الله صلى الله عليه وسلم في مسجد بيت المقدس في ليلة الإسراء : قد رواها مسلم في صحيحه، من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال- : فركبته حتى أتيت المقدس . قال : فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء . قال : ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال : جبريل عليه السلام : اخترت الفطرة . قال : ثم عرج بنا إلى السماء " وذكر الحديث .وقد كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ينكر أن يكون صلى فيه ؛ لأنه لم يبلغه ذلك، واعتقد أنه لو صلى فيه لوجب على الأمة الصلاة فيه . فعمر رضي الله عنه عاب على كعب مضاهاة اليهودية، أي مشابهتها في مجرد استقبال الصخرة ؛ لما فيه من مشابهة من يعتقدها قبلة باقية، وإن كان المسلم لا يقصد أن يصلي إليها " أستمع حفظ

14 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد كان لعمر رضي الله عنه في هذا الباب من السياسات المحكمة، ما هي مناسبة لسائر سيرته المرضية، فإنه رضي الله عنه هو الذي استحالت ذنوب الإسلام بيده غربا، فلم يفر عبقري فريه، حتى صدر الناس بعطن فأعز الإسلام، وأذل الكفر وأهله، وأقام شعار الدين الحنيف، ومنع من كل أمر فيه تذرع إلى نقض عرى الإسلام، مطيعا في ذلك لله ورسوله، وقافا عند كتاب الله، ممتثلا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، محتذيا حذو صاحبيه، مشاورا في أموره للسابقين الأولين، مثل : عثمان وعلي وطلحة والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وغيرهم، ممن له علم، أو فقه، أو رأي، أو نصيحة للإسلام وأهله . حتى إن العمدة في الشروط على أهل الكتاب على شروطه، وحتى منع من استعمال كافر أو ائتمانه على أمر الأمة، وإعزازه بعد إذ أذله الله، حتى روي عنه أنه حرق الكتب العجمية وغيرها . وهو الذي منع أهل البدع من أن ينبغوا، وألزمهم ثوب الصغار، حيث فعل بصبيغ بن عسل التميمي ما فعل في قصته المشهورة وسيأتي عنه إن شاء الله تعالى، في خصوص أعياد الكفار، من النهي عن الدخول عليهم فيها، ومن النهي عن تعلم رطانة الأعاجم، ما يبين به قوة شكيمته، في النهي عن مشابهة الكفار والأعاجم، ثم ما كان عمر قد قرره من السنن والأحكام والحدود . فعثمان رضي الله عنه، أقر ما فعله عمر، وجرى على سنته في ذلك، فقد علم موافقة عثمان لعمر في هذا الباب. وروى سعيد في سننه : حدثنا هشيم، عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب عن أبيه قال : " خرج علي رضي الله عنه، فرأى قوما قد سدلوا، فقال : ما لهم ؟ كأنهم اليهود خرجوا من فهرهم ". ورواه ابن المبارك وحفص بن غياث عن خالد . وفيه : " أنه رأى قوما قد سدلوا في الصلاة، فقال : كأنهم اليهود خرجوا من فهورهم " وقد روينا عن ابن عمر وأبي هريرة : " أنهما كانا يكرهان السدل في الصلاة وقد روى أبو داود، عن سليمان الأحول وعسل بن سفيان عن عطاء، عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه " . ومنهم من رواه عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، لكن قال هشيم : حدثنا عامر الأحول قال : " سألت عطاء عن السدل في الصلاة، فكرهه . فقلت : عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : عن النبي صلى الله عليه وسلم " والتابعي إذا أفتى بما رواه دل على ثبوته عنده . لكن قد روي عن عطاء، من وجوه جيدة : أنه كان لا يرى بالسدل بأسا، وأنه كان يصلي سادلا، فلعل هذا كان قبل أن يبلغه الحديث، ثم لما بلغه رجع، أو لعله نسي الحديث، والمسألة مشهورة، وهو : عمل الراوي بخلاف روايته، هل يقدح فيها ؟. والمشهور عن أحمد وأكثر العلماء : أنه لا يقدح فيها ؛ لما تحتمله المخالفة من وجوه غير ضعف الحديث " أستمع حفظ

15 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد روى عبد الرزاق عن، بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي عبيدة بن عبد الله: " أن أباه كره السدل في الصلاة " . قال أبو عبيدة : " وكان أبي يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه ". وأكثر العلماء يكرهون السدل مطلقا . وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، والمشهور عن أحمد. وعنه أنه إنما يكرهه فوق الإزار دون القميص ؛ توفيقا بين الآثار في ذلك ، وحملا للنهي على لباسهم المعتاد . ثم اختلف : هل السدل محرم يبطل الصلاة ؟ . فقال ابن أبي موسى: فإن صلى سادلا ، ففي الإعادة روايتان ، أظهرهما : لا يعيد . وقال أبو بكر عبد العزيز: " إن لم تبد عورته؛ فلا يعيد باتفاق. ومنهم من لم يكره السدل ، وهو قول مالك وغيره . والسدل المذكور هو أن يطرح الثوب على أحد كتفيه ، ولا يرد أحد طرفيه على كتفه الآخر، هذا هو المنصوص عن أحمد ، وعلله : بأنه فعل اليهود ، وقال حنبل: " قال أبو عبد الله : والسدل أن يسدل أحد طرفي الإزار ولا ينعطف به عليه ، وهو لبس اليهود ، وهو على الثوب وغيره، مكروه السدل في الصلاة ". وقال صالح بن أحمد : " سألت أبي عن السدل في الصلاة ؟ فقال : يلبس الثوب ، فإذا لم يطرح أحد طرفيه على الآخر ، فهو السدل ". وهذا هو الذي عليه عامة العلماء . وأما ما ذكره أبو الحسن الآمدي، وابن عقيل: من أن السدل هو إسبال الثوب بحيث ينزل عن قدميه ويجره ، فيكون هو إسبال الثوب ، وجره المنهي عنه ؛ فغلط مخالف لعامة العلماء وإن كان الإسبال والجر منهيا عنه بالاتفاق والأحاديث فيه أكثر ، وهو محرم على الصحيح ، لكن ليس هو السدل . وليس الغرض عين هذه المسألة ، وإنما الغرض أن عليا رضي الله عنه شبه السادلين باليهود ، مبينا بذلك كراهة فعلهم ، فعلم أن مشابهة اليهود : أمر كان قد استقر عندهم كراهته . وفهر اليهود - بضم الفاء - : مدارسهم . وأصلها: بهر، وهي عبرانية فعربت، هكذا ذكره الجوهري، وكذلك ذكر ابن فارس وغيره : أن فهر اليهود : مدارسهم . وفي ( العين ) عن الخليل بن أحمد: أن فهر اليهود : مدارسهم ". أستمع حفظ