1 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ولهذا : روى أبو داود وغيره من حديث الثوري: حدثني أبو موسى عن وهب بن منبه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال سفيان مرة : ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال : " من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن " ورواه أبو داود أيضا من حديث الحسن بن الحكم النخعي عن عدي بن ثابت عن شيخ من الأنصار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - بمعناه - وقال " ومن لزم السلطان افتتن " ، وزاد " وما ازداد عبد من السلطان دنوا إلا ازداد من الله عز وجل بعدا " ولهذا : كانوا يقولون لمن يستغلظونه : إنك لأعرابي جاف ، إنك لجلف جاف ، يشيرون إلى غلظ عقله وخلقه ". أستمع حفظ
2 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ولهذا : كانوا يقولون لمن يستغلظونه : إنك لأعرابي جاف ، إنك لجلف جاف ، يشيرون إلى غلظ عقله وخلقه . ثم لفظ : ( الأعراب ) هو في الأصل : اسم لبادية العرب ، فإن كل أمة لها حاضرة وبادية ، فبادية العرب : الأعراب ، ويقال : إن بادية الروم : الأرمن ونحوهم، وبادية الفرس : الأكراد ونحوهم، وبادية الترك : التتار . وهذا - والله أعلم - هو الأصل ، وإن كان قد يقع فيه زيادة ونقصان . والتحقيق: أن سائر سكان البوادي لهم حكم الأعراب، سواء دخلوا في لفظ الأعراب أو لم يدخلوا، فهذا الأصل يوجب أن يكون جنس الحاضرة أفضل من جنس البادية ، وإن كان بعض أعيان البادية أفضل من أكثر الحاضرة ، مثلا . ويقتضي : أن ما انفرد به البادية عن جميع جنس الحاضرة - أعني في زمن السلف من الصحابة والتابعين - فهو ناقص عن فضل الحاضرة ، أو مكروه . فإذا وقع التشبه بهم فيما ليس من فعل الحاضرة المهاجرين، كان ذلك إما مكروها، أو مفضيا إلى مكروه، وهكذا العرب والعجم. فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة : اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم ، عبرانيهم وسريانيهم، روميهم وفرسيهم، وغيرهم . وأن قريشا أفضل العرب ، وأن بني هاشم : أفضل قريش ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم . فهو : أفضل الخلق نفسا ، وأفضلهم نسبا . وليس فضل العرب ، ثم قريش ، ثم بني هاشم ، لمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم ، وإن كان هذا من الفضل ، بل هم في أنفسهم أفضل ، وبذلك يثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه أفضل نفسا ونسبا ، وإلا لزم الدور" . أستمع حفظ
3 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ولهذا ذكر أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني ، صاحب الإمام أحمد ، في وصفه للسنة التي قال فيها : " هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر ، وأهل السنة المعروفين بها ، المقتدى بهم فيها ، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق ، والحجاز والشام وغيرهم عليها ، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها - فهو مبتدع خارج من الجماعة ، زائل عن منهج السنة ، وسبيل الحق ، وهو مذهب أحمد ، وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور وغيرهم ممن جالسنا ، وأخذنا عنهم العلم ، وكان من قولهم أن الإيمان قول وعمل ونية " ، وساق كلاما طويلا . . . . إلى أن قال : " ونعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها ونحبهم ؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " حب العرب إيمان وبغضهم نفاق " ." أستمع حفظ
4 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ، ولا يقرون بفضلهم ، فإن قولهم بدعة وخلاف " . ويروى هذا الكلام عن أحمد نفسه في رسالة أحمد بن سعيد الإصطخري عنه - إن صحت - وهو قوله ، وقول عامة أهل العلم وذهبت فرقة من الناس إلى أن لا فضل لجنس العرب على جنس العجم . وهؤلاء يسمون الشعوبية ، لانتصارهم للشعوب ، التي هي مغايرة للقبائل ، كما قيل : القبائل : للعرب ، والشعوب : للعجم . ومن الناس من قد يفضل بعض أنواع العجم على العرب . والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عن نوع نفاق : إما في الاعتقاد ، وإما في العمل المنبعث عن هوى النفس ، مع شبهات اقتضت ذلك ، ولهذا جاء في الحديث : " حب العرب إيمان وبغضهم نفاق " مع أن الكلام في هذه المسائل لا يكاد يخلو عن هوى للنفس ، ونصيب للشيطان من الطرفين ، وهذا محرم في جميع المسائل .فإن الله قد أمر المؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعا ، ونهاهم عن التفرق والاختلاف ، وأمرهم بإصلاح ذات البين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ، ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ، كما أمركم الله " وهذان حديثان صحيحان . وفي الباب من نصوص الكتاب والسنة ما لا يحصى . والدليل على فضل جنس العرب ، ثم جنس قريش ، ثم جنس بني هاشم : ما رواه الترمذي ، من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب ، رضي الله عنه قال ، قلت " يا رسول الله ، إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم ، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم ، ثم خير القبائل ، فجعلني في خير قبيلة ، ثم خير البيوت ، فجعلني في خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفسا ، وخيرهم بيتا "، قال الترمذي : هذا حديث حسن ، وعبد الله بن الحارث هو ابن نوفل ". الكبى بالكسر والقصر ، والكبة : الكناسة. وفي الحديث : " الكبوة " وهي مثل : الكبة. والمعنى : أن النخلة طيبة في نفسها ، وإن كان أصلها ليس بذاك فأخبر صلى الله عليه وسلم : أنه خير الناس نفسا ونسبا . وروى الترمذي أيضا من حديث الثوري عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن المطلب بن أبي وداعة قال : " جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنه سمع شيئا ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : " من أنا ؟ " قالوا : أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : " أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب " ، ثم قال : " إن الله خلق الخلق ، فجعلني في خيرهم ، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتا ، فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا " قال الترمذي : " هذا حديث حسن " كذا وجدته في الكتاب ، وصوابه : " فأنا خيرهم بيتا وخيرهم نفسا " وقد روى أحمد هذا الحديث في المسند ، من حديث الثوري ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن المطلب بن أبي وداعة ، قال : قال العباس رضي الله عنه : " بلغه صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس ، قال : فصعد المنبر فقال : " من أنا ؟ " قالوا : أنت رسول الله ؟ قال : " أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقهم وجعلهم فرقتين ، فجعلني في خير فرقة ، وخلق القبائل ، فجعلني في خير قبيلة ، وجعلهم بيوتا ، فجعلني في خيرهم بيتا ، فأنا خيركم بيتا ، وخيركم نفسا "." أستمع حفظ
5 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " أخبر صلى الله عليه وسلم: أنه ما انقسم الخلق فريقين إلا كان هو في خير الفريقين، وكذلك جاء حديث بهذا اللفظ . وقوله في الحديث: " خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم خيرهم فرقتين فجعلني في خير فرقة " يحتمل شيئين : أحدهما : أن الخلق هم الثقلان ، أو هم جميع ما خلق في الأرض وبنو آدم خيرهم ، وإن قيل بعموم الخلق حتى يدخل فيه الملائكة ؛ كان فيه تفضيل جنس بني آدم على جنس الملائكة ، وله وجه صحيح ثم جعل بني آدم فرقتين ، والفرقتان : العرب والعجم . ثم جعل العرب قبائل ، فكانت قريش أفضل قبائل العرب ، ثم جعل قريشا بيوتا ، فكانت بنو هاشم أفضل البيوت . ويحتمل أنه أراد بالخلق: بني آدم ، فكان في خيرهم ، أي في ولد إبراهيم، أو في العرب ، ثم جعل بني إبراهيم فرقتين : بني إسماعيل ، وبني إسحاق ، أو جعل العرب عدنان وقحطان ، فجعلني في بني إسماعيل ، أو بني عدنان ثم جعل بني إسماعيل - أو بني عدنان - قبائل ، فجعلني في خيرهم قبيلة : وهم قريش . وعلى كل تقدير ، فالحديث صريح بتفضيل العرب على غيرهم. وقد بين صلى الله عليه وسلم أن هذا التفضيل يوجب المحبة لبني هاشم ، ثم لقريش ، ثم للعرب فروى الترمذي من حديث أبي عوانة عن يزيد بن أبي زياد - أيضا - عن عبد الله بن الحارث ، حدثني المطلب بن أبي ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب : " أن العباس بن عبد المطلب ، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا ، وأنا عنده ، فقال : " ما أغضبك ؟ " قال : يا رسول الله ، ما لنا ولقريش : إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة ، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك ، قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ، ثم قال : " والذي نفسي بيده ، لا يدخل قلب رجل الإيمان ، حتى يحبكم لله ولرسوله - ثم قال - : أيها الناس ، من آذى عمي فقد آذاني ، فإنما عم الرجل صنو أبيه " قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح "ورواه أحمد في المسند مثل هذا من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد هذا ورواه أيضا من حديث جرير عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد المطلب بن ربيعة قال : " دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إنا لنخرج فنرى قريشا تتحدث ، فإذا رأونا سكتوا ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودر عرق بين عينيه ، ثم قال : " والله لا يدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي ".فقد كان عند يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث ، هذان الحديثان : أحدهما : في فضل القبيل الذي منه النبي صلى الله عليه وسلم ، والثاني : في محبتهم ، وكلاهما رواه عنه إسماعيل بن أبي خالد . وما فيه من كون عبد الله بن الحارث يروي الأول : تارة عن العباس ، وتارة عن المطلب بن أبي وداعة ، والثاني عن عبد المطلب بن ربيعة ، وهو ابن الحارث بن عبد المطلب ، وهو من الصحابة ، قد يظن أن هذا اضطراب في الأسماء من جهة يزيد ، وليس هذا موضع الكلام فيه ، فإن الحجة قائمة بالحديث على كل تقدير ، لا سيما وله شواهد تؤيد معناه ". أستمع حفظ
6 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ومثله أيضا في المسألة : ما رواه أحمد ومسلم والترمذي ، من حديث الأوزاعي ، عن شداد بن أبي عمار عن واثلة بن الأسقع ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " هكذا رواه الوليد وأبو المغيرة عن الأوزاعي. ورواه أحمد والترمذي ، من حديث محمد بن مصعب عن الأوزاعي، ولفظه : " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم : إسماعيل ، واصطفى من ولد إسماعيل : بني كنانة " الحديث ، قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح ". وهذا يقتضي أن إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم ، فيقتضي أنهم أفضل من ولد إسحاق ، ومعلوم أن ولد إسحاق الذين هم بنو إسرائيل أفضل العجم ؛ لما فيهم من النبوة والكتاب ، فمتى ثبت الفضل على هؤلاء ، فعلى غيرهم بطريق الأولى ، وهذا جيد ، إلا أن يقال : الحديث يقتضي : أن إسماعيل هو المصطفى من ولد إبراهيم ، وأن بني كنانة هم المصطفون من ولد إسماعيل ، وليس فيه ما يقتضي أن ولد إسماعيل أيضا مصطفون على غيرهم ، إذا كان أبوهم مصطفى ، وبعضهم مصطفى على بعض فيقال : لو لم يكن هذا مقصودا في الحديث ؛ لم يكن لذكر اصطفاء إسماعيل فائدة إذا كان اصطفاؤه لم يدل على اصطفاء ذريته ، إذ يكون على هذا التقدير: لا فرق بين ذكر إسماعيل وذكر إسحاق . ثم هذا - منضما إلى بقية الأحاديث - دليل على أن المعنى في جميعها واحد . واعلم أن الأحاديث في فضل قريش ، ثم في فضل بني هاشم فيها كثرة ، وليس هذا موضعها ، وهي تدل أيضا على ذلك ، إذ نسبة قريش إلى العرب كنسبة العرب إلى الناس ، وهكذا جاءت الشريعة كما سنومئ إلى بعضه. فإن الله تعالى خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها ، ثم خص قريشا على سائر العرب ، بما جعل فيهم من خلافة النبوة ، وغير ذلك من الخصائص ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة ، واستحقاق قسط من الفيء ، إلى غير ذلك من الخصائص ، فأعطى الله سبحانه كل درجة من الفضل بحسبها ، والله عليم حكيم { الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس } و { الله أعلم حيث يجعل رسالته } . وقد قال الناس في قوله : { وإنه لذكرٌ لك ولقومك } وفي قوله : { لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم }: أشياء ليس هذا موضعها . ومن الأحاديث التي تذكر في هذا ما رويناه من طرق معروفة إلى محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا يزيد بن عوانة عن محمد بن ذكوان - خال ولد حماد بن زيد - عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " إنا لقعود بفناء النبي صلى الله عليه وسلم إذ مرت بنا امرأة ، فقال بعض القوم : هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال أبو سفيان : مثل محمد في بني هاشم ، مثل الريحانة في وسط النتن ، فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال : " ما بال أقوال تبلغني عن أقوام ، إن الله خلق السموات سبعا فاختار العلى منها ، وأسكنها من شاء من خلقه ، ثم خلق الخلق ، فاختار من الخلق بني آدم ، واختار من بني آدم العرب ، واختار من العرب مضر ، واختار من مضر قريشا ، واختار من قريش بني هاشم ، واختارني من بني هاشم ، فأنا من خيار إلى خيار ، فمن أحب العرب ، فبحبي أحبهم ، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم " وأيضا في المسألة ما رواه الترمذي وغيره من حديث أبي بدر شجاع بن الوليد عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن سلمان رضي الله عنه . قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك " قلت : يا رسول الله ، كيف أبغضك وبك هداني الله ؟ قال : " تبغض العرب فتبغضني " . قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي بدر شجاع بن الوليد. فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم : بغض العرب سببا لفراق الدين ، وجعل بغضهم مقتضيا لبغضه ". أستمع حفظ
7 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بهذا سلمان - وهو سابق الفرس ذو الفضائل المأثورة - تنبيها لغيره من سائر الفرس ؛ لما علمه الله من أن الشيطان قد يدعو بعض النفوس إلى شيء من هذا . كما أنه صلى الله عليه وسلم لما قال : " يا فاطمة بنت محمد ، لا أغني عنك من الله شيئا ، يا عباس عم رسول الله ، لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله ، لا أغني عنك من الله شيئا ، سلوني من مالي ما شئتم " كان في هذا تنبيه لمن انتسب لهؤلاء الثلاثة أن لا يغتروا بالنسب ويتركوا الكلم الطيب والعمل الصالح وهذا دليل على أن بغض جنس العرب ، ومعاداتهم : كفر أو سبب للكفر ، ومقتضاه : أنهم أفضل من غيرهم ، وأن محبتهم سبب قوة الإيمان ؛ لأنه لو كان تحريم بغضهم كتحريم بغض سائر الطوائف ، لم يكن سببا لفراق الدين ، ولا لبغض الرسول ، بل كان يكون نوع عدوان ، فلما جعله سببا لفراق الدين وبغض الرسول دل على أن بغضهم أعظم من بغض غيرهم ، وذلك دليل على أنهم أفضل ؛ لأن الحب والبغض يتبع الفضل ، فمن كان بغضه أعظم ، دل على أنه أفضل ، ودل حينئذ على أن محبته دين ؛ لأجل ما فيه من زيادة الفضل ، ولأن ذلك ضد البغض ، ومن كان بغضه سببا للعذاب بخصوصه ، كان حبه سببا للثواب ، وذلك دليل على الفضل . وقد جاء ذلك مصرحا به في حديث آخر ، رواه أبو طاهر السلفي في فضل العرب ، من حديث أبي بكر بن أبي داود حدثنا عيسى بن حماد زغبة ، حدثنا علي بن الحسن الشامي حدثنا خليد بن دعلج عن يونس بن عبيد عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حب أبي بكر وعمر من الإيمان ، وبغضهما من الكفر ، وحب العرب من الإيمان ، وبغضهم من الكفر " وقد احتج حرب الكرماني وغيره بهذا الحديث ، وذكروا لفظه : " حب العرب إيمان ، وبغضهم نفاق وكفر ". وهذا الإسناد وحده فيه نظر ، لكن لعله روي من وجه آخر ، وإنما كتبته لموافقته معنى حديث سلمان ، فإنه قد صرح في حديث سلمان : بأن بغضهم نوع كفر ، ومقتضى ذلك : أن حبهم نوع إيمان ، فكان هذا موافقا له ". أستمع حفظ
8 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وكذلك قد رويت أحاديث ، النكرة ظاهرة عليها ، مثل ما رواه الترمذي من حديث حصين بن عمر ، عن مخارق بن عبد الله عن طارق بن شهاب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من غش العرب لم يدخل في شفاعتي ، ولم تنله مودتي " قال الترمذي : " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حصين بن عمر الأحمسي ، عن مخارق . وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي " قلت : هذا الحديث معناه قريب من معنى حديث سلمان ، فإن الغش للنوع لا يكون مع محبتهم ، بل لا يكون إلا مع استخفاف ، أو مع بغض ، فليس معناه بعيدا ، لكن حصين هذا الذي رواه ، قد أنكر أكثر الحفاظ أحاديثه ، قال يحيى بن معين : " ليس بشيء " وقال ابن المديني : " ليس بالقوي ، روى عن مخارق عن طارق أحاديث منكرة " وقال البخاري وأبو زرعة : " منكر الحديث " وقال يعقوب بن شيبة : " ضعيف جدا ، ومنهم من يجاوز به الضعف إلى الكذب " وقال ابن عدي: " عامة أحاديثه معاضيل ، ينفرد عن كل من روى عنه " قلت : ولذلك لم يحدث أحمد ابنه بهذا الحديث ، في الحديث المسند ، فإنه قد كان كتبه عن محمد بن بشر، عن عبد الله بن عبد الله بن الأسود ، عن حصين - كما رواه الترمذي - فلم يحدثه به ، وإنما رواه عبد الله عنه في المسند ، وجادة قال : " وجدت في كتاب أبي ، حدثنا محمد بن بشر وذكره " وكان أحمد رحمه الله - على ما تدل عليه طريقته في المسند - إذا رأى أن الحديث موضوع، أو قريب من الموضوع، لم يحدث به ، ولذلك ضرب على أحاديث رجال فلم يحدث بها في المسند ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب : فهو أحد الكاذبين ".وكذلك روى عبد الله بن أحمد في مسند أبيه ، حدثنا إسماعيل أبو معمر حدثنا إسماعيل بن عياش عن زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يبغض العرب إلا منافق " وزيد بن جبيرة عندهم منكر الحديث ، وهو مدني ، ورواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين مضطربة ". أستمع حفظ