1 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال : " يا أم خالد، هذا سنا " والسنا بلغة الحبشة : الحسن. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال لمن أوجعه بطنه : " أشكم بدرد " وبعضهم يرويه مرفوعا، ولا يصح . أستمع حفظ
2 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية - التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن - حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ، أو لأهل الدار، أو للرجل مع صاحبه، أو لأهل السوق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم، وهو مكروه كما تقدم . ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر، ولغة أهلهما رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية، وأهل المغرب، ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار : مسلمهم وكافرهم، وهكذا كانت خراسان قديما . ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية ، حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه ، إنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية . حتى يتلقنها الصغار في المكاتب و في الدرو فيظهر شعار الإسلام و أهله ، و يكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب و السنة وكلام السلف . بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب . أستمع حفظ
3 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل ، والخلق ، والدين تأثيرا قويا بينا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق . وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن زيد قال : كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : " أما بعد: فتفقهوا في السنة ، وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن، فإنه عربي " . وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " تعلموا العربية فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم " وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة، يجمع ما يحتاج إليه ؛ لأن الدين فيه أقوال وأعمال، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله، وفقه السنة هو فقه أعماله. أستمع حفظ
4 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما الاعتبار في مسألة العيد فمن وجوه : أحدها : أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه: { لكل أمةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه } كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد، موافقة في الكفر . والموافقة في بعض فروعه: موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر، وأظهر شعائره ، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه . وأما مبدؤها فأقل أحواله : أن تكون معصية، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " إن لكل قوم عيدا ، وإن هذا عيدنا " وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار، ونحوه من علاماتهم ؛ لأن تلك علامة وضعية ليست من الدين، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر، وأما العيد وتوابعه، فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه وإن شئت أن تنظم هذا قياسا تمثيليا قلت :شريعة من شرائع الكفر، أو شعيرة من شعائره، فحرمت موافقتهم فيها كسائر شعائر الكفر وشرائعه ، وإن كان هذا أبين من القياس الجزئي. ثم كل ما يختص به ذلك من عبادة وعادة، فإنما سببه هو كونه يوما مخصوصا، وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيء، وتخصيصه ليس من دين الإسلام في شيء، بل هو كفر به . الوجه الثاني: أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله ؛ لأنه إما محدث مبتدع، وإما منسوخ، وأحسن أحواله - ولا حسن فيه - أن يكون بمنزلة صلاة المسلم إلى بيت المقدس . هذا إذا كان المفعول مما يتدين به، وأما ما يتبع ذلك من التوسع في العادات من الطعام واللباس، واللعب والراحة، فهو تابع لذلك العيد الديني، كما أن ذلك تابع له في دين الله: الإسلام ، فيكون بمنزلة أن يتخذ بعض المسلمين عيدا مبتدعا يخرج فيه إلى الصحراء، ويفعل فيه من العبادات والعادات من جنس المشروع في يومي الفطر والنحر، أو مثل أن ينصب بنية يطاف بها وتحج، ويصنع لمن يفعل ذلك طعاما ونحو ذلك . فلو كره المسلم ذلك، لكن غير عادته ذلك اليوم، كما يغير أهل البدع عادتهم في الأمور العادية أو في بعضها ؛ بصنعة طعام وزينة ولباس وتوسيع في نفقة، ونحو ذلك، من غير أن يتعبد بتلك العادة المحدثة : ألم يكن هذا من أقبح المنكرات ؟ فكذلك موافقة هؤلاء المغضوب عليهم والضالين وأشد . نعم، هؤلاء يقرون على دينهم المبتدع، والمنسوخ، مستسرين به، والمسلم لا يقر على مبتدع ولا منسوخ، لا سرا ولا علانية، وأما مشابهة الكفار فكمشابهة أهل البدع وأشد . أستمع حفظ
5 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " الوجه الثالث: أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس، وتناسوا أصله حتى يصير عادة للناس، بل عيدا، حتى يضاهى بعيد الله، بل قد يزيد عليه، حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر . كما قد سوله الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام فيما يفعلونه في أواخر صوم النصارى، من الهدايا والأفراح، والنفقات، وكسوة الأولاد، وغير ذلك، مما يصير به مثل عيد المسلمين، بل البلاد المصاقبة للنصارى، التي قل علم أهلها وإيمانهم، قد صار ذلك أغلب عندهم وأبهى في نفوسهم من عيد الله ورسوله، على ما حدثني به الثقات . وأما ما رأيته بدمشق، وما حولها من أرض الشام، مع أنها أقرب إلى العلم والإيمان، فهذا الخميس الذي يكون في آخر صوم النصارى، يدور بدوران صومهم، الذي هو سبعة أسابيع، وصومهم ؛ وإن كان في أوائل الفصل الذي تسميه العرب : الصيف، وتسميه العامة : الربيع، فإنه يتقدم ويتأخر ليس له حد واحد من السنة الشمسية، كالخميس الذي هو في أول نيسان، بل يدور في نحو ثلاثة وثلاثين يوما، لا يتقدم أوله عن ثاني شباط، ولا يتأخر أوله عن ثامن آذار، بل يبتدئون بالاثنين الذي هو أقرب إلى اجتماع الشمس والقمر في هذه المدة، ليراعوا - كما زعموا - التوقيت الشمسي والهلالي . وكل ذلك بدع أحدثوها باتفاق منهم، خالفوا بها الشريعة التي جاءت بها الأنبياء، فإن الأنبياء ما وقتوا العبادات إلا بالهلال، وإنما اليهود والنصارى حرفوا الشرائع تحريفا ليس هذا موضع ذكره . ويلي هذا الخميس يوم الجمعة، الذي جعلوه بإزاء يوم الجمعة التي صلب فيها المسيح على زعمهم الكاذب، يسمونها : جمعة الصلبوت، ويليه ليلة السبت التي يزعمون أن المسيح كان فيها في القبر، وأظنهم يسمونها : ليلة النور، وسبت النور، ويصطنعون مخرقة يروجونها على عامتهم، لغلبة الضلال عليهم، يخيلون إليهم أن النور ينزل من السماء في كنيسة القمامة التي ببيت المقدس، حتى يحملوا ما يوقد من ذلك الضوء إلى بلادهم متبركين به، وقد علم كل ذي عقل أنه مصنوع مفتعل، ثم يوم السبت يتطلبون اليهود، ويوم الأحد يكون العيد الكبير عندهم، الذي يزعمون أن المسيح قام فيه . ثم الأحد الذي يلي هذا يسمونه الأحد الحديث، يلبسون فيه الجديد من ثيابهم ويفعلون فيه أشياء . وكل هذه الأيام عندهم أيام العيد، كما أن يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهم يصومون عن الدسم. ثم في مقدم فطرهم يفطرون، أو بعضهم، على ما يخرج من الحيوان، من لبن وبيض ولحم، وربما كان أول فطرهم على البيض، ويفعلون في أعيادهم وغيرها من أمور دينهم: أقوالا وأعمالا لا تنضبط . ولهذا تجد نقل العلماء لمقالاتهم وشرائعهم تختلف، وعامته صحيح، وذلك أن القوم يزعمون أن ما وضعه رؤساء دينهم من الأحبار والرهبان من الدين، فقد لزمهم حكمه، وصار شرعا شرعه المسيح في السماء، فهم في كل مدة ينسخون أشياء، ويشرعون أشياء من الإيجابات والتحريمات، وتأليف الاعتقادات، وغير ذلك، مخالفا لما كانوا عليه قبل ذلك، زعما منهم أن هذا بمنزلة نسخ الله شريعة بشريعة أخرى . فهم واليهود في هذا الباب وغيره على طرفي نقيض : اليهود تمنع أن ينسخ الله الشرائع، أو يبعث رسولا بشريعة تخالف ما قبلها، كما أخبر الله عنهم بقوله : { سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها } والنصارى تجيز لأحبارهم ورهبانهم شرع الشرائع ونسخها، فلذلك لا ينضبط للنصارى شريعة تحكى مستمرة على الأزمان . وغرضنا لا يتوقف على معرفة تفاصيل باطلهم، ولكن يكفينا أن نعرف المنكر معرفة تميز بينه وبين المباح والمعروف، والمستحب والواجب، حتى نتمكن بهذه المعرفة من اتقائه واجتنابه كما نعرف سائر المحرمات ؛ إذ الفرض علينا تركها، ومن لم يعرف المنكر - جملة ولا تفصيلا - لم يتمكن من قصد اجتنابه، والمعرفة الجملية كافية، بخلاف الواجبات : فإن الغرض: لما كان فعلها، والفعل لا يتأتى إلا مفصلا، وجبت معرفتها على سبيل التفصيل . أستمع حفظ
12 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وإنما عددت أشياء من منكرات دينهم، لما رأيت طوائف المسلمين قد ابتلي ببعضها، وجهل كثير منهم أنها من دين النصارى الملعون هو وأهله . أستمع حفظ
13 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد بلغني أيضا أنهم يخرجون في الخميس الذي قبل ذلك، أو يوم السبت، أو غير ذلك، إلى القبور ؛ يبخرونها، وكذلك ينحرون في هذه الأوقات وهم يعتقدون أن في البخور بركة، ودفع أذى - وراء كونه طيبا - ويعدونه من القرابين مثل الذبائح، ويزفونه بنحاس، يضربونه كأنه ناقوس صغير، وبكلام مصنف، ويصلبون على أبواب بيوتهم، إلى غير ذلك من الأمور المنكرة . ولست أعلم جميع ما يفعلونه، وإنما ذكرت ما رأيت كثيرا من المسلمين يفعلونه، وأصله مأخوذ عنهم، حتى إنه كان في مدة الخميس، تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغار، وكلام الرقائين، من المنجمين وغيرهم، بكلام أكثره باطل، وفيه ما هو محرم أو كفر، وقد ألقي إلى جماهير العامة أو جميعهم إلا من شاء الله . وأعني بالعامة هنا : كل من لا يعلم حقيقة الإسلام، فإن كثيرا ممن ينتسب إلى فقه أو دين قد شارك في ذلك، ألقي إليهم هذا البخور المرقي ينتفع ببركته، من العين والسحر والأدواء والهوام، ويصورون في أوراق صور الحيات والعقارب، ويلصقونها في بيوتهم زعما منهم أن تلك الصور - الملعون فاعلها التي لا تدخل الملائكة بيتا هي فيه - : تمنع الهوام، وهو ضرب من طلاسم الصابئة " أستمع حفظ
14 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ثم كثير منهم - على ما بلغني - يصلب باب البيت، ويخرج خلق عظيم في الخميس المتقدم على هذا الخميس، يبخرون المقابر، ويسمون هذا المتأخر : الخميس الكبير، وهو عند الله الخميس المهين الحقير ؛ هو وأهله ومن يعظمه، فإن كل ما عظم بالباطل من مكان زمان، أو حجر أو شجر أو بنية : يجب قصد إهانته، كما تهان الأوثان المعبودة، وإن كانت لولا عبادتها لكانت كسائر الأحجار . ومما يفعله الناس من المنكرات: أنهم يوظفون على الأكرة وظائف أكثرها كرها، من الغنم والدجاج واللبن والبيض، فيجتمع فيها تحريمان : أكل مال المسلم، أو المعاهد بغير حق، وإقامة شعار النصارى، ويجعلونه ميقاتا لإخراج الوكلاء ، على المزارع، ويطبخون فيه، ويصبغون فيه البيض، وينفقون فيه النفقات الواسعة، ويزينون أولادهم، إلى غير ذلك من الأمور التي يقشعر منها قلب المؤمن الذي لم يمت قلبه، بل يعرف المعروف وينكر المنكر . وخلق كثير منهم يضعون ثيابهم تحت السماء رجاء لبركة مرور مريم عليها ، فهل يستريب من في قلبه أدنى حياة من الإيمان أن شريعة جاءت بما قدمنا بعضه من مخالفة اليهود والنصارى، لا يرضى من شرعها ببعض هذه القبائح ؟ ويفعلون ما هو أعظم من ذلك : يطلون أبواب بيوتهم ودوابهم بالخلوق والمغرة وغير ذلك، وذلك من أعظم المنكرات عند الله تعالى ، فالله تعالى يكفينا شر المبتدعة، وبالله التوفيق. أستمع حفظ
15 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأصل ذلك كله : إنما هو اختصاص أعياد الكفار بأمر جديد، أو مشابهتهم في بعض أمورهم، يوضح ذلك : أن الأسبوع الذي يقع في آخر صومهم يعظمونه جدا ويسمون خميسه: الخميس الكبير، وجمعته : الجمعة الكبيرة، ويجتهدون في التعبد فيه ما لا يجتهدون في غيره، بمنزلة العشر الأواخر من رمضان في دين الله ورسوله، والأحد الذي هو أول الأسبوع يصطنعون فيه عيدا يسمونه : الشعانين، هكذا نقل بعضهم عنهم، ونقل بعضهم عنهم: أن الشعانين هو أول أحد في صومهم، يخرجون فيه بورق الزيتون ونحوه، ويزعمون أن ذلك مشابهة لما جرى للمسيح عليه السلام، حين دخل إلى بيت المقدس راكبا أتانا مع جحشها، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فثار عليه غوغاء الناس، وكان اليهود قد وكلوا قوما معهم عصي يضربونه بها، فأورقت تلك العصي وسجد أولئك للمسيح فعيد الشعانين مشابهة لذلك الأمر، وهو الذي سمي في شروط عمر وكتب الفقه: " أن لا يظهروه في دار الإسلام " ويسمون هذا العيد وكل مخرج يخرجونه إلى الصحراء: باعوثا، فالباعوث اسم جنس لما يظهر به الدين، كعيد الفطر والنحر. فما يحكونه عن المسيح عليه صلوات الله عليه وسلامه من المعجزات هو في حيز الإمكان، لا نكذبهم فيه ؛ لإمكانه، ولا نصدقهم ؛ لجهلهم وفسقهم، وأما موافقتهم في التعييد فإحياء دين أحدثوه، أو دين نسخه الله. أستمع حفظ