التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم-23b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.64 ميغابايت )
التنزيل ( 607 )
الإستماع ( 72 )


2 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وروى أيضًا عن أبي هريرة « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون » . وروي أيضًا عن عائشة في حديث طويل "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن جبريل أتاني فقال : إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع ، فتستغفر لهم ، قالت : قلت : كيف أقول يا رسول الله؟ قال : قولي : السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون » " وروى ابن ماجه عن عائشة قالت : « فقدته فإذا هو بالبقيع ، فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، أنتم لنا فرط ، ونحن بكم لاحقون ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم » . أستمع حفظ

3 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال : "السلام عليكم يا أهل القبور ، يغفر الله لنا ولكم ، أنتم سلفنا ونحن بالأثر » رواه أحمد والترمذي وقال : "حديث حسن غريب" وقد ثبت عنه أنه بعد أحد بثمان سنين خرج إلى الشهداء ، فصلى عليهم كصلاته على الميت . وروى أبو داود ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت ، وقف عليه فقال : استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل ». وقد روي حديث صححه ابن عبد البر أنه قال : « ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا ، فيسلم عليه ، إلا رد الله عليه روحه ، حتى يرد عليه السلام » . وروى في تلقين الميت بعد الدفن حديث فيه نظر ، لكن عمل به رجال من أهل الشام الأولين ، مع روايتهم له ، فلذلك استحبه أكثر أصحابنا وغيرهم . أستمع حفظ

4 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فهذا ونحوه مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ، ويأمر به أمته عند قبور المسلمين ، عقب الدفن ، وعند زيارتهم ، والمرور بهم ، إنما هو تحية للميت ، كما يحي الحي ودعاء له كما يدعى له ، إذا صلى عليه قبل الدفن أو بعده ، وفي ضمن الدعاء للميت ، دعاء الحي لنفسه ، ولسائر المسلمين ، كما أن الصلاة على الجنازة فيها الدعاء للمصلي ، ولسائر المسلمين ، وتخصيص الميت بالدعاء له ، فهذا كله ، وما كان مثله ، من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه السابقون الأولون ، هو المشروع للمسلمين في ذلك . وهو الذي كانوا يفعلونه عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيره . وروى ابن بطة في الإبانة ، بإسناد صحيح ، عن معاذ بن معاذ ، حدثنا ابن عون ، قال : سأل رجل نافعًا فقال : هل كان ابن عمر يسلم على القبر ، فقال : نعم ، لقد رأيته مائة أو أكثر من مائة مرة ، كان يأتي القبر ، فيقوم عنده فيقول : "السلام على النبي ، السلام على أبي بكر ، السلام على أبي" . وفي رواية أخرى ، ذكرها الإمام أحمد محتجًا بها : "ثم ينصرف" ، وهذا الأثر رواه مالك في الموطأ . أستمع حفظ

5 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وزيارة القبور جائزة في الجملة ، حتى قبور الكفار ، فإن في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : « استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي » " . وفيه أيضًا عنه قال : « زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه ، فبكى وأبكى من حوله ، فقال : استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور ، فإنها تذكر الموت » . وفي صحيح مسلم ، عن بريدة ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " « نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها » . وفي رواية لأحمد والنسائي : « فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هجرًا » . وروى أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكركم الآخرة » . فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارتها بعد النهي ، وعلل ذلك بأنها تذكر الموت ، والدار الآخرة ، وأذن إذنًا عامًا ، في زيارة قبر المسلم والكافر . والسبب الذي ورد عليه هذا اللفظ يوجب دخول الكافر ، والعلة -وهي تذكر الموت والآخرة- موجودة في ذلك كله . وقد كان صلى الله عليه وسلم يأتي قبور أهل البقيع والشهداء للدعاء لهم والاستغفار ، فهذا المعنى يختص بالمسلمين دون الكافرين . فهذه الزيارة وهي زيارة القبور ، لتذكر الآخرة ، أو لتحيتهم والدعاء لهم ، هو الذي جاءت به السنة ، كما تقدم . أستمع حفظ

12 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد اختلف أصحابنا وغيرهم هل يجوز السفر لزيارتها؟ على قولين : أحدهما : لا يجوز ، والمسافرة لزيارتها معصية ، ولا يجوز قصر الصلاة فيها ، وهذا قول ابن بطة وابن عقيل ، وغيرهما ؛ لأن هذا السفر بدعة ، لم يكن في عصر السلف ، وهو مشتمل على ما سيأتي من معاني النهي ، ولأن في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا » . أستمع حفظ

13 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وهذا النهي يعم السفر إلى المساجد والمشاهد ، وكل مكان يقصد السفر إلى عينه للتقرب ، بدليل أن بصرة بن أبي بصرة الغفاري ، لما رأى أبا هريرة راجعًا من الطور الذي كلم الله عليه موسى قال : لو رأيتك قبل أن تأتيه لم تأته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد » . فقد فهم الصحابي الذي روى الحديث أن الطور وأمثاله من مقامات الأنبياء ، مندرجة في العموم ، وأنه لا يجوز السفر إليها ، كما لا يجوز السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة . وأيضًا فإذا كان السفر إلى بيت من بيوت الله -غير الثلاثة- لا يجوز ، مع أن قصده لأهل مصره يجب تارة ، ويستحب أخرى ، وقد جاء في قصد المساجد من الفضل ما لا يحصى- فالسفر إلى بيوت عباده أولى أن لا يجوز . والوجه الثاني : أنه يجوز السفر إليها ، قاله طائفة من المتأخرين ، منهم أبو حامد الغزالي ، وأبو الحسن بن عبدوس الحراني ، والشيخ أبو محمد المقدسي . وما علمته منقولًا عن أحد من المتقدمين ، بناء على أن الحديث لم يتناول النهي عن ذلك ، كما لم يتناول النهي عن السفر إلى الأمكنة التي فيها الوالدان ، والعلماء والمشايخ ، والإخوان ، أو بعض المقاصد ، من الأمور الدنيوية المباحة . أستمع حفظ

14 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: "فأما ما سوى ذلك من المحدثات ، فأمور : منها - الصلاة عند القبور مطلقًا ، واتخاذها مساجد ، وبناء المساجد عليها ، فقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك ، والتغليظ فيه . فأما بناء المساجد على القبور فقد صرح عامة علماء الطوائف بالنهي عنه ، متابعة للأحاديث ، وصرح أصحابنا وغيرهم ، من أصحاب مالك والشافعي وغيرهما بتحريمه ، ومن العلماء من أطلق فيه لفظ الكراهة . فما أدري عنى به التحريم ، أو التنزيه؟ولا ريب في القطع بتحريمه ، لما روى مسلم في صحيحه "عن جندب بن عبد الله البجلي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : « إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل ، فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلًا ، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا ، لاتخذت أبا بكر خليلًا ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، إني أنهاكم عن ذلك » . أستمع حفظ

16 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وعن عائشة رضي الله عنها ، وعبد الله بن عباس قالا : " لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم بها كشفها ، فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، يحذر ما صنعوا " أخرجه البخاري ومسلم . وأخرجا جميعًا عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " . وفي رواية لمسلم : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " فقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد في آخر حياته ، ثم إنه لعن -وهو في السياق- من فعل ذلك من أهل الكتاب ، ليحذر أمته أن يفعلوا ذلك . قالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ولولا ذلك لأبرز قبره ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا . رواه البخاري ومسلم . أستمع حفظ

18 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وروى الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من أشرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون القبور مساجد " رواه أبو حاتم في صحيحه . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " . رواه الإمام أحمد . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج " . رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي . وفي الباب أحاديث وآثار كثيرة ليس هذا موضع استقصائها . أستمع حفظ

26 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين ، والملوك وغيرهم- يتعين إزالتها بهدم أو بغيره ، هذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين ، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه ، ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب ، لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك ، ولأحاديث أخر ، وليس في هذه المسألة خلاف لكون المدفون فيها واحدًا ، وإنما اختلف أصحابنا في المقبرة المجردة عن مسجد ، هل حدها ثلاثة أقبر ، أو ينهى عن الصلاة عند القبر الفذ وإن لم يكن عنده قبر آخر؟ على وجهين . أستمع حفظ

27 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ثم يتغلظ النهي إن كانت البقعة مغصوبة ، مثل ما بني على بعض العلماء ، أو الصالحين ، أو غيرهم ممن كان مدفونًا في مقبرة مسبلة ، فبني على قبره مسجد ، أو مدرسة ، أو رباط ، أو مشهد ، وجعل فيه مطهرة ، أو لم يجعل فإن هذا مشتمل على أنواع من المحرمات . أحدها : أن المقبرة المسبلة لا يجوز الانتفاع بها في غير الدفن من غير تعويض بالاتفاق ، فبناء المسجد أو المدرسة أو الرباط فيها : كدفن الميت في المسجد ، أو كبناء الخانات ونحوها في المقبرة ، أو كبناء المسجد في الطريق الذي يحتاج الناس إلى المشي فيه . الثاني : اشتمال غالب ذلك على نبش قبور المسلمين ، وإخراج عظام موتاهم ، كما قد علم ذلك في كثير من هذه المواضيع . أستمع حفظ