القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال تعالى : { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا } ولم يقل : وأن المشاهد لله . وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة كقوله في الحديث الصحيح : " من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة " ولم يقل : مشهدا . وقال أيضا في الحديث : " صلاة الرجل في المسجد تفضل عن صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين صلاة " وقال في الحديث الصحيح : " من تطهر في بيته فأحسن الطهور ، ثم خرج إلى المسجد لا تنهزه إلا الصلاة ، كانت خطواته إحداهما ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة . فإذا جلس ينتظر الصلاة فالعبد في صلاة ما دام ينتظر الصلاة ، والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ، اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يحدث " .
القارئ : " وقال تعالى : (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا )) ولم يقل : وأن المشاهد لله . وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة كقوله في الحديث الصحيح : ( من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ) ولم يقل : مشهدا . وقال أيضا في الحديث : ( صلاة الرجل في المسجد تفضل عن صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين صلاة ). وقال في الحديث الصحيح : ( من تطهر في بيته فأحسن الطهور، ثم خرج إلى المسجد لا تنهزه إلا الصلاة، كانت خطواته إحداهما ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة، فإذا جلس ينتظر الصلاة فالعبد في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يحدث ) وهذا مما علم بالتواتر والضرورة من دين الله ". الشيخ : في هذا الحديث : قوله ( ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ) قد يؤخذ منه أن الإنسان لا بد أن يبقى في مكان صلاته من أجل أن تصلي عليه الملائكة، وأنه لو قام إلى مكان آخر في المسجد لم يحصل له هذا الثواب، لكن قوله : ( ما لم يحدث ) ولم يقل: ما لم يقم منه، قد يقال : إن المراد في مصلاه الذي صلى فيه يعني المكان ليس مكان جلوسه بعينه، وهذا إن شاء الله هو اللائق بفضل الله ورحمته، فلو جاء الإنسان وصلى في مكان ثم قام إلى ناحية المسجد ليقرأ أو ليحضر درساً أو ما أشبه ذلك فإننا نرجو الله تبارك وتعالى أن لا يمنع الملائكة من الصلاة عليه والدعاء له. وقوله : (ما لم يحدث) هل المراد الحدث الحسي أو المراد الحدث المعنوي ؟ فعلى الأول يكون المراد بالحدث هنا ما ينقض الوضوء أو ما يوجب الغسل، لأن الإنسان قد يفكر وهو في مكانه في المسجد وينزل فيكون هذا حدثاً، وقد يفسو فيكون هذا حدثاً. أو المراد الحدث المعنوي وهو المعصية، فعلى هذا التأويل يكون من اغتاب أحداً في مكانه في المسجد الذي ينتظر فيه الصلاة فإنه لا تصلي عليه الملائكة. لكن المعنى الأول أظهر، أن المراد به الحدث الحسي، وهو ما أوجب وضوءً أو غسلاً. وربما يستدل بهذا على أن الحدث في المسجد يعني إخراج الريح حرام، لأنه ترتب عليه امتناع الملائكة عن الدعاء له وهو نوع من العقوبة، فهذا يقتضي أن يكون إخراج الريح في المسجد حراماً، وهذا أقرب من قول من قال إنه مكروه، لأن بعض العلماء يقول إنه مكروه، وقاسه على أكل البصل والثوم الذي يكون فيه الرائحة الكريهة. لكننا أولاً نمنع القياس لوجود نص ظاهره أن هذا عقوبة ولا عقوبة إلا على محرم. ثانياً: أن نمنع من حكم الأصل فنقول من أكل بصلاً أو ثوماً حرم عليه أن يدخل المسجد، وأي مانع يمنع من القول بالتحريم والرسول عليه الصلاة والسلام شدد في ذلك حتى قال : ( لا يقربن مساجدنا ) وأخبر أن ذلك يؤذي الملائكة، وأذية الملائكة ليست بالأمر الهين، فالقول بتحريم دخول المسجد على آكل البصل ونحوه قول قوي يؤيده ظاهر السياق. والخلاصة: أن الرجل إذا جلس ينتظر الصلاة بعد أن صلى ما كتب له فإنه في صلاة، والملائكة تستغفر له إلا إذا أحدث.نعم .
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وهذا مما علم بالتواتر والضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه أمر بعمارة المساجد والصلاة فيها ، ولم يأمر ببناء مشهد ، لا على قبر نبي ، ولا غير قبر نبي ، ولا على مقام نبي ، ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم في بلاد الإسلام ، لا الحجاز ولا الشام ولا اليمن ولا العراق ولا خراسان ولا مصر ولا المغرب مسجد مبني على قبر ، ولا مشهد يقصد للزيارة أصلا ، ولم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر نبي أو غير نبي ، لأجل الدعاء عنده ، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عند قبر غيره من الأنبياء ، وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه .
القارئ : " وهذا مما علم بالتواتر والضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه أمر بعمارة المساجد والصلاة فيها، ولم يأمر ببناء مشهد لا على قبر نبي، ولا غير قبر نبي، ولا على مقام نبي، ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم في بلاد الإسلام، لا الحجاز ولا الشام ولا اليمن ولا العراق ولا خراسان ولا مصر ولا المغرب مسجد مبني على قبر، ولا مشهد يُقصد للزيارة أصلاً، ولم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر نبي أو غير نبي، لأجل الدعاء عنده، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عند قبر غيره من الأنبياء، وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه. واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم ".
الجواب عن شبهة القبوريين أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ؟
الشيخ : وقد لبس بعض القبوريين بالنسبة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيه قبر، وهذا من الأشياء المتشابهة التي يسلكها من في قلوبهم زيغ، وإلا فالأمر واضح، فالمسجد لم يبن على قبر النبي عليه الصلاة والسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقبر في المسجد، وإذا انتفى هذا انتفى الإشكال، ما دام أن المسجد لم يبن على القبر، والقبر لم يحدث في المسجد انتهى الإشكال، ولم يرد إطلاقاً. ولكن كما تعلمون أنهم لما أرادوا أن يزيدوا في المسجد على عهد خلفاء بني أمية في آخر عام التسعين رأوا أن هذه الجهة أيسر بالنسبة للزيادة فزادوا في المسجد من قبلها، وقالوا: إن بيوت زوجات النبي عليه الصلاة والسلام أحق ما يكون أن تدخل في المسجد، وكانت بيوت الرسول عليه الصلاة والسلام كلها بحذاء بيت عائشة، وبقي بيت عائشة، لأن فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه ولا يمكن أن يهدم. فتبين بهذا أن القبر مستقل ببناية خاصة. وأيضاً هذه البناية هل بنيت على القبر؟ لا، البناية سابقة، والصحابة رضي الله عنهم جعلوا قبر النبي عليه الصلاة والسلام في بيته لئلا يُتخذ قبره مسجداً، فخافوا من ذلك وقالوا هو في بيته أحمى له وأحرص. نعم.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يستقبل قبره ، وتنازعوا عند السلام عليه فقال مالك وأحمد وغيرهما : يستقبل قبره ويسلم عليه ، وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي ، وأظنه منصوصًا عنه . وقال أبو حنيفة : بل يستقبل القبلة ويسلم عليه ، هكذا في كتب أصحابه . وقال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط ، والقاضي عياض وغيرهما : لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو ، ولكن يسلم ويمضي . وقال أيضًا في المبسوط : لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج ، أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ، ويدعو لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما . فقيل له : فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه ، يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر عند القبر ، فيسلمون ويدعون ساعة ، فقال : لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك . ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده .
القارئ : " واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يستقبل قبره. وتنازعوا عند السلام عليه فقال مالك وأحمد وغيرهما: يستقبل قبره ويُسلم عليه، وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي، وأظنه منصوصًا عنه. وقال أبو حنيفة : بل يستقبل القبلة ويسلم عليه، هكذا في كتب أصحابه. وقال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط، والقاضي عياض وغيرهما: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ولكن يسلم ويمضي. وقال أيضًا في المبسوط: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ". الشيخ : اللهم صل وسلم عليه. القارئ : " ويدعوَ لأبي بكر وعمر رضي" الشيخ : ويدعوَ له. القارئ : ويدعو له ولأبي بكر؟ الشيخ : نعم. القارئ : " ويدعو له ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فقيل له : فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر" الشيخ : الآن عندنا فيما يظهر ثلاثة أقوال : القول الأول : أنه يستقبل القبر ويسلم، ويصلي عليه. والقول الثاني: أنه لا يستقبل القبر، يسلم ووجهه إلى القبلة، وليس هذا بغريب فنحن الآن نسلم عليه ووجوهنا إلى غير القبر إلى القبلة، حتى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم نسلم عليه والقبر وراءنا، وهذا مذهب أبي حنيفة كما قرره أصحابه. الثالث : أنه لا يستقبل هذا ولا هذا، ولكن يسلم وهو مار، يسلم وهو مار، ولهذا قال: يسلم ويمضي ولا يقف. ولا شك أن المشروع أن يستقبله، هذا الذي يظهر لنا، يستقبل القبر ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم ويدعو له وعلى أبي بكر وعمر ثم ينصرف، ولا يقف للدعاء. نعم. القارئ : " وقال أيضًا في المبسوط : لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه " الشيخ : أنا عندي : عند قبر النبي، اجعلها نسخة: عند قبر. القارئ : " أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه، ويدعو له ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فقيل له : فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه، يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر عند القبر، فيسلمون ويدعون ساعة، فقال : لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا، ولا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويُكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده ". الشيخ : الله أكبر، هذا كلام فصل من الإمام مالك إذا قدمت من سفر أو أردت أن تسافر فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم كحال المسلم في الدنيا يسلم عند القدوم ويسلم عند السفر، وأما كونه كلما صلى فرضاً جاء وسلم كما يظهر من فعل الناس اليوم، فهذا ليس من السنة، بل ينبغي أن نبين للناس أن هذا إن لم يلحقهم به وزر فليس لهم به أجر، لأنه كما قال الإمام مالك رحمه الله : " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها " وهذه كلمة من زمانه إلى اليوم تنطبق على كل زمان، " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ". نعم .
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد تقدم في ذلك من الآثار عن السلف والأئمة ، ما يوافق هذا ويؤيده من أنهم كانوا إنما يستحبون عند قبره ما هو من جنس الدعاء له والتحية : كالصلاة والسلام . ويكرهون قصده للدعاء ، والوقوف عنده للدعاء ومن يرخص منهم في شيء من ذلك فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه ثم أراد الدعاء ، أن يدعو مستقبلًا القبلة إما مستدبر القبر وإما منحرفًا عنه ، وهو أن يستقبل القبلة ويدعو ، ولا يدعو مستقبل القبر ، وهكذا المنقول عن سائر الأئمة . ليس في أئمة المسلمين من استحب للمرء أن يستقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو عنده ، وهذا الذي ذكرناه عن مالك والسلف ، يبين حقيقية الحكاية المأثورة عنه ، وهي الحكاية التي ذكرها القاضي عياض عن محمد بن حميد قال : " ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكًا في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين ، لا ترفع صوتك في هذا المسجد ، فإن الله تعالى أدب قوما فقال : { لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } الآية ، ومدح قومًا فقال : { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله } الآية ، وذم قومًا فقال : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون } الآية . وإن حرمته ميتًا كحرمته حيًا ، فاستكان أبو جعفر ، وقال : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله . وقال الله تعالى : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله } الآية . فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة ، أو مغيرة ، وإما أن تفسر بما يوافق مذهبه إذ قد يفهم منها ما هو خلاف مذهبه المعروف بنقل الثقات من أصحابه ، فإنه لا يختلف مذهبه أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء ، وقد نص على أنه لا يقف عند الدعاء مطلقًا ، وذكر طائفة من أصحابه أنه يدنو من القبر ، ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو مستقبل القبلة ، ويوليه ظهره ، وقيل : لا يوليه ظهره . فاتفقوا في استقبال القبلة وتنازعوا في تولية القبر ظهره ، وقت الدعاء .
القارئ : " وقد تقدم في ذلك من الآثار عن السلف والأئمة ما يوافق هذا ويؤيده، من أنهم كانوا إنما يستحبون عند قبره ما هو من جنس الدعاء له والتحية كالصلاة والسلام، ويكرهون قصده للدعاء، والوقوف عنده للدعاء، ومن يرخص منهم في شيء من ذلك فإنه إنما يرخص فيما ". الشيخ : إنما ترخص، طيب، الي عندكم زين ما فيها شيء. القارئ : " ومن يرخص منهم في شيء من ذلك فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه ثم أراد الدعاء، أن يدعو مستقبلًا القبلة إما مستدبر القبر وإما منحرفًا عنه، وهو أن يستقبل القبلة ويدعو، ولا يدعو مستقبل القبر، وهكذا المنقول عن سائر الأئمة، ليس في أئمة المسلمين من استحب للمرء أن يستقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو عنده ". الشيخ : ويدعوَ القارئ : " ويدعوَ عنده، وهذا الذي ذكرناه عن مالك والسلف، يبين حقيقية الحكاية المأثورة عنه " الشيخ : عندنا حقيقة، نعم صلحها. القارئ : " يبين حقيقة الحكاية المأثورة عنه، وهي الحكاية التي ذكرها القاضي عياض، عن محمد بن حميد، قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكًا في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين، لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدب قوما فقال : (( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) الآية، ومدح قومًا فقال : (( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله )) الآية، وذم قومًا فقال: (( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون )) " . الشيخ : الله أكبر، أدب ومدح وذم ، الأدب في قوله : (( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) والذم : (( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون )) والمدح : (( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى )) إلهام من الله التقسيم يأتي بكل سهولة، الله أكبر. نعم. القارئ : " وإن حرمته ميتًا كحرمته حيًا، فاستكان أبو جعفر " الشيخ : لها، فاستكان لها. القارئ : " فاستكان لها أبو جعفر، وقال : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله ". الشيخ : لا عندي : واستشفع به يشفعك الله. الطالب : يشفعه. الشيخ : يشفعه؟ ما أشار إلى نسخة؟ الطالب : نسخة ب يشفعك. الشيخ : نعم. القارئ : " يشفعك الله، وقال الله تعالى : (( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله )) الآية. فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة أو مُغيرة، وإما أن تفسر بما يوافق مذهبه، إذ قد يُفهم منها ما هو خلاف مذهبه المعروف بنقل الثقات من أصحابه، فإنه لا يختلف مذهبه أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء، وقد نص على أنه لا يقف عند الدعاء مطلقًا، وذكر طائفة من أصحابه أنه يدنو من القبر، ويُسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ". الشيخ : في هذه الحكاية ما يوهم أشياء خطيرة: أولاً : قوله " وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة " هذا يجب أن يحمل على الشفاعة العظمى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يشفع في الخلق ومنهم آدم وبنوه. وقوله : " استشفع به " قد توهم أن المعنى أنه يدعو الرسول أن يشفع له، فيقول : يا رسول الله اشفع لي، ولكن يجب أن يحمل على معنى أن تسأل الله أن يشفع لك، لأن المعنى الأول ينافي الإخلاص لله عز وجل، ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يستطيع أن يشفع لأحد إلا بإذن الله تبارك وتعالى. نعم. الطالب : وقت الأسئلة. الشيخ : طيب ما في أحد يبي يسأل ما أحد رفع يده.
ما معنى قوله تعالى: { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله } وهل فيه حجة لمن يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ؟
الشيخ : نعم. السائل : الآية. الشيخ : أي آية ؟ السائل :(( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله )) الشيخ : إي نعم، إي وش فيها ؟ السائل : ... الشيخ : لا، هذه ما يصح حملها على أنها للمستقبل (( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول )) وإذ هذه تدل على المضي، المعنى لو أنهم حصل منهم هذا الظلم جاؤوا إليك فاستغفروا الله واسغفر لهم الرسول، ولا يمكن أن تكون له بعد موته، لأنه لم يقل: إذا ظلموا أنفسهم بل قال إذ، وأيضاً يقول : (( واستغفر لهم الرسول )) ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته لا يمكن أن يستغفر لأحد، لأنه انقطع عمله، كما قال هو عليه الصلاة والسلام ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو عمل ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
السائل : شيخ بارك الله فيكم، قلنا بحرمة الريح لمن في المسجد. الشيخ : نعم. السائل : ما حال المعتكف، أيضاً حال الصحابة عندما كانوا ينامون؟ الشيخ : هذه تكون ضرورة، أما الذي ينام هذا لا يرد، لأنه يأتي بغير اختياره، لكن إذا كان يقظان ... هذه حاجة ضرورة لأنه عارضها ما هو أقوى منها، وهو وجوب البقاء في المسجد. نعم.
ما رأيكم في القبة المبنية فوق قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟
السائل : أحسن الله إليكم، الآن توجد قبة فوق قبر النبي صلى الله عليه وسلم مبنية يحتج بها القبوريون، هل تدخل في البناء على القبور ؟ الشيخ : لا، لأن هذه القبة لا شك أنها غلط، ولا أحد يقرها، يعني جميع العلماء لا يرون أنها جائزة، لكن قد يتخلفون عن هدمها لأسباب أخرى، نعم. السائل : هم يحتجون بوجودها. الشيخ : ولو احتجوا عندنا نصوص محكمة. نعم.
هل يجوز إدخال قبر في مسجد ما بحجة توسعة ذلك المسجد ؟
السائل : لو دفن شخص بجوار مسجد وأرادوا أن يوسعوا هذا المسجد على أن يدخل القبر في البناء، هل لهم ذلك كما فُعل بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ الشيخ : لا، يقال يوسع من يمين أو شمال أو من خلف القبلة. السائل : وإذا اضطروا لذلك ؟ الشيخ : إذا اضطروا ينقلون المسجد إلى مكان آخر، ولا يشترون الأمكنة. نعم.
ما حكم رفع الصوت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟
السائل : أحسن الله إليك، (( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ))(( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) هذا الأدب يا شيخ باق حتى بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الشيخ : إيش ؟ السائل : هذا الأدب (( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) يعني باقية ؟ الشيخ : كما علمت من كلام مالك رحمه الله، ( وأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه سمع رجلين يرفعان أصواتهما عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنهما، فقال ناس من أهل الطائف فقال لو كنتما من هذه يعني من المدينة لأوجعتكما ضرباً ) أو كلاما هذا معناه. لا شك أن غض الصوت هناك لا شك أنه من احترام الرسول عليه الصلاة والسلام.
هل كان الغالب على النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه تكرار الكلام ثلاثا ؟
الطالب : بالنسبة لحديث ... . الشيخ : أي نعم. الطالب : ما في مرتين. الشيخ : إيش؟ الطالب : ما في مرتين كله ثلاثة، ما في مرتين كله ثلاثة. الشيخ : ما فهمت. الطالب : الحديث. الشيخ : إي نعم أتيت به؟ الطالب : ما أتيت به، بحثت فيه ...، ما فيه مرتين. الشيخ : كلها ثلاث؟ الطالب : الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي وابن ماجه. الشيخ : زين، أجل معناه، وهذا هو الغالب في الرسول عليه الصلاة والسلام، الغالب أنه يكرر الشيء ثلاث مرات، وعلى كل الحال ما دام هذا النقل أيضاً الحمد لله.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة ، أو مغيرة ، وإما أن تفسر بما يوافق مذهبه إذ قد يفهم منها ما هو خلاف مذهبه المعروف بنقل الثقات من أصحابه ، فإنه لا يختلف مذهبه أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء ، وقد نص على أنه لا يقف عند الدعاء مطلقًا ، وذكر طائفة من أصحابه أنه يدنو من القبر ، ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو مستقبل القبلة ، ويوليه ظهره ، وقيل : لا يوليه ظهره . فاتفقوا في استقبال القبلة وتنازعوا في تولية القبر ظهره ، وقت الدعاء . ويشبه - والله أعلم - أن يكون مالك رحمه الله سئل عن استقبال القبر عند السلام عليه ، وهو يسمي ذلك دعاء ، فإنه قد كان من فقهاء العراق من يرى أنه عند السلام عليه يستقبل القبلة أيضًا ، ومالك يرى استقبال القبر في هذه الحال كما تقدم .وكما قال في رواية ابن وهب عنه: " إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة ، ويدنو ويسلم ويدعو ، ولا يمس القبر بيده وقد تقدم قوله : إنه يصلي عليه ويدعو له " . ومعلوم أن الصلاة عليه والدعاء له يوجب شفاعته للعبد يوم القيامة ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول : ثم صلوا علي فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرًا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون ذلك العبد ، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة " .
القارئ : وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد : فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم : " فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة أو مغيرة، وإما أن تفسر بما يوافق مذهبه، إذ قد يفهم منها ما هو خلاف مذهبه المعروف بنقل الثقات من أصحابه، فإنه لا يختلف مذهبُه أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء، وقد نص على أنه لا يقف عند الدعاء مطلقًا، وذكر طائفة من أصحابه أنه يدنو من القبر، ويُسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو مستقبل القبلة ويوليه ظهره، وقيل : لا يوليه ظهره. فاتفقوا في استقبال القبلة وتنازعوا في تولية القبر ظهره وقت الدعاء. ويشبه - والله أعلم - أن يكون مالك رحمه الله سُئل عن استقبال القبر عند السلام عليه، وهو يسمي ذلك دعاء، فإنه قد كان من فقهاء العراق من يرى أنه عند السلام عليه يَستقبل القبلة أيضًا، ومالك يرى استقبال القبر في هذه الحال كما تقدم، وكما قال في رواية ابن وهب عنه: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم ويدعو، ولا يمس القبر بيده، وقد تقدم قوله : إنه يصلي عليه ويدعو له. ومعلوم أن الصلاة عليه والدعاء له يوجب شفاعته للعبد يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة ) ". الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام ( ثم صلوا علي ) فيه دليل على أنه لا يجب الجمع بين الصلاة والتسليم، ثم هو مطلق، ففيه دليل على أنه لا يجب أن يصلي كما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه في الصلاة، يعني بمعنى أنه يجوز أن تقول: قال رسول الله صلى الله عليه، وإن لم تقل: وسلم، وإن لم تقل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وما زال العلماء رحمهم الله يفعلون هذا، وتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا : ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) إلى آخره، هذا في الصلاة، لأنهم قالوا : كيف نقول إذا صلينا عليك في صلاتنا؟
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فقول مالك في هذه الحكاية - إن كان ثابتًا عنه - معناه : إنك إذا استقبلته وصليت عليه وسلمت عليه ، وسألت الله له الوسيلة ، يشفع فيك يوم القيامة فإن الأمم يوم القيامة يتوسلون بشفاعته واستشفاع العبد به في الدنيا هو فعل ما يشفع به له يوم القيامة ، كسؤال الله له الوسيلة ونحو ذلك وكذلك ما نقل عنه من رواية ابن وهب : إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا ، يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة ، ويدعو ويسلم ، يعني دعاءه للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه .فهذا الدعاء هو المشروع هناك ، كالدعاء عند زيارة قبور سائر المؤمنين ، وهو الدعاء لهم ، فإنه أحق الناس أن يصلى عليه ويسلم عليه ويدعى له - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم . وبها تتفق أقوال مالك ، ويفرق بين الدعاء الذي أحبه ، والدعاء الذي كرهه وذكر أنه بدعة .
القارئ : " فقول مالك في هذه الحكاية - إن كان ثابتًا عنه - معناه : إنك إذا استقبلته وصليت عليه وسلمت عليه، وسألت الله له الوسيلة ". الشيخ : أنا عندي: فمعناه، ثابتاً عنه فمعناه. القارئ : عندي : في أ نسخة: فمعناه. الشيخ : فمعناه، طيب. القارئ : " وسألت الله له الوسيلة يشفع فيك يوم القيامة، فإن الأمم يوم القيامة يتوسلون بشفاعته، واستشفاع العبد به في الدنيا هو فعل ما يشفع به له يوم القيامة، كسؤال الله له الوسيلة ونحو ذلك، وكذلك ما نُقل عنه من رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ". الشيخ : إذن إذا قيل هل يجوز الاستشفاع بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب: إن كان بفعل ما تحصل به الشفاعة فهو جائز، وإن كان بطلب الشفاعة منه فليس بجائز. لكن هل يكون كفراً ؟ نقول: ليس بكفر، لأنه لم يدع الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل شيء كفعل الله، وإنما طلب من الرسول أن يشفع له عند الله، فلم يجعل الرسول بمنزلة الله عز وجل، وحيئذٍ لايكون كفراً، لكنه يكون بدعة بلا شك ومحرماً. إذن إذا ورد عليك سؤال هل يستشفع بالرسول عليه الصلاة والسلام ؟ الطالب : فيه تفصيل. الشيخ : فيه تفصيل، إن كان المراد يستشفع به أي يفعل ما يكون سبباً لشفاعته فهذا حق، وإن كان يطلب منه الشفاعة فهذا لا يجوز، نعم. القارئ : " وكذلك ما نقل عنه من رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدعو ويسلم، يعني دعاءه للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. فهذا الدعاء هو المشروع هناك، كالدعاء عند زيارة قبور سائر المؤمنين، وهو الدعاء لهم، فإنه أحق الناس أن يصلى عليه ويسلم عليه ويدعى له - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم. وبها تتفق أقوال مالك ". الشيخ : بهذا، وبهذا، نسخة؟ وبهذا اكتبوها نسخة على الأقل، وبهذا تتفق أقوال مالك. القارئ : " وبهذا تتفق أقوال مالك، ويفرق بين الدعاء الذي أحبه، والدعاءِ الذي كرهه وذكر أنه بدعة ". الشيخ : الذي أحبه هو الدعاء للرسول عليه الصلاة والسلام، السلام عليك يا رسول الله اللهم صل وسلم عليه، وكذلك الدعاء لصاحبيه. والذي كرهه أن تدعو لنفسك عند القبر، كرهه مالك رحمه الله، لأن تخصيص مكان للدعاء بدون دليل أقل أحواله الكراهة. نعم.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما الحكاية في تلاوة مالك هذه الآية : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك } الآية ، فهي - والله أعلم - باطلة ، فإن هذا لم يذكره أحد من الأئمة فيما أعلمه ، ولم يذكر أحد منهم أنه استحب أن يسأل بعد الموت لا استغفارا ولا غيره ، وكلامه المنصوص عنه وعن أمثاله ينافي هذا ، وإنما يعرف مثل هذا في حكاية ذكرها طائفة من متأخري الفقهاء ، عن أعرابي أنه أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وتلا هذه الآية ، وأنشد بيتين : يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد مثل ذلك ، واحتجوا بهذه الحكاية التي لا يثبت بها حكم شرعي ، لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعا مندوبا ؛ لكان الصحابة والتابعون أعلم به وأعمل به من غيرهم ، بل قضاء حاجة مثل هذا الأعرابي وأمثاله لها أسباب قد بسطت في غير هذا الموضع .
القارئ : " وأما الحكاية في تلاوة مالك هذه الآية : (( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك ))الآية، فهي - والله أعلم - باطلة، فإن هذا لم يذكره أحد من الأئمة فيما أعلم، ولم يذكر أحد منهم أنه استحب أن يسأل بعد الموت لا استغفاراً ولا غيره، وكلامه المنصوص عنه وعن أمثاله ينافي هذا، وإنما يعرف مثل هذا في حكاية ذكرها طائفة من متأخري الفقهاء، عن أعرابي أنه أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وتلا هذه الآية، وأنشد بيتين : يا خير من دفنت في القاع أعظمه *** فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه *** فيه العفاف وفيه الجود والكرم ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد مثل ذلك، واحتجوا بهذه الحكاية التي لا يثبت بها حكم شرعي، لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعا مندوبا، لكان الصحابة والتابعون أعلم به وأعمل به من غيرهم، بل قضاء الله حاجة مثل هذا الأعرابي ". الشيخ : لا شك في هذا أنه لا يمكن صحة هذه الحكاية وأنه كما قال الشيخ باطل. ثم إن الآية يقول الله فيها : (( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك )) ولم يقل: إذا ظلموا، والفرق بينهما ظاهر، لأن إذ لما مضى وإذا للمستقبل، والآية في سياق قصة وقعت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال الله تعالى : (( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم )) يعني حين ظلموا أنفسهم (( جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول )). وأيضاً الرسول بعد موته لا يمكن أن يستغفر لأحد، لأنه انقطع عمله بموته، كما ثبت عنه هو صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ) قال: ( إلا من ثلاثة : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ). نعم. القارئ : " بل قضاء الله حاجة مثل هذا الأعرابي وأمثاله لها أسباب قد بسطت في غير هذا الموضع، وليس كل من قضيت حاجته ". الشيخ : مرت علينا أيضاً في الكتاب هذا، أن الله قد يجيب دعاه لقوة إخلاصه أو لضرورته أو ما أشبه ذلك، أو قد يكون فتنة أيضاً. نعم.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وليس كل من قضيت حاجته بسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعًا مأمورًا به ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل في حياته المسألة فيعطيها لا يرد سائلا ، وتكون المسألة محرمة في حق السائل : حتى قال " إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا " قالوا يا رسول الله فلم تعطيهم ؟ قال : " يأبون إلا أن يسألوني ، ويأبى الله لي البخل " وقد يفعل الرجل العمل الذي يعتقده صالحًا ، ولا يكون عالمًا أنه منهي عنه ، فيثاب على حسن قصده ، ويعفى عنه لعدم علمه . وهذا باب واسع . وعامة العبادات المبتدعة المنهي عنها ، قد يفعلها بعض الناس ، ويحل له بها نوع من الفائدة ، وذلك لا يدل على أنها مشروعة بل لو لم تكن مفسدتها أغلب من مصلحتها لما نهي عنها . ثم الفاعل قد يكون متأولا ، أو مخطئا مجتهدا أو مقلدا ، فيغفر له خطؤه ويثاب على ما فعله من الخير المشروع المقرون بغير المشروع ، كالمجتهد المخطئ ، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع .
القارئ : " وليس كل من قضيت حاجته بسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعًا مأمورًا به، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل في حياته المسألة فيعطيها لا يرد سائلاً، وتكون المسألة محرمة في حق السائل، حتى قال: ( إني لأُعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا. قالوا: يا رسول الله، فلم تعطيهم ؟ قال : يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل ) ". الشيخ : اللهم صل وسلم عليه. القارئ : " وقد يفعل الرجل العمل الذي يعتقده صالحًا، ولا يكون عالماً أنه منهي عنه، فيثاب على حسن قصده ، ويعفى عنه لعدم علمه، وهذا باب واسع. وعامة العبادات المبتدعة المنهي عنها، قد يفعلها بعض الناس، ويحصل له بها نوع من الفائدة، وذلك لا يدل على أنها مشروعة، بل لو لم تكن مفسدتها أغلب من مصلحتها لما نُهي عنها. ثم الفاعل قد يكون متأولا أو مخطئاً، مجتهدا أو مقلدا، فيغفر له خطؤه ويثاب على ما فعله من الخير المشروع المقرون بغير المشروع، كالمجتهد المخطئ، وقد بُسط هذا في غير هذا الموضع ". الشيخ : بَسطت. القارئ : أشار إليها في ط: بَسطتُ. الشيخ : طيب.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والمقصود هنا أنه قد علم أن مالكًا من أعلم الناس بمثل هذه الأمور ، فإنه مقيم بالمدينة ، يرى ما يفعله التابعون وتابعوهم ، ويسمع ما ينقلونه عن الصحابة وأكابر التابعين ، وهو ينهى عن الوقوف عند القبر للدعاء ، ويذكر أنه لم يفعله السلف . وقد أجدب الناس على عهد عمر رضي الله عنه ، فاستسقى بالعباس ففي صحيح البخاري ، عن أنس : " أن عمر استسقى بالعباس ، وقال : اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون . فاستسقوا به كما كانوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته ، وهو أنهم يتوسلون بدعائه وشفاعته لهم ، فيدعو لهم ويدعون معه كالإمام والمأمومين ، من غير أن يكونوا يقسمون على الله بمخلوق ، كما ليس لهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق ، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم توسلوا بدعاء العباس واستسقوا به . ولهذا قال الفقهاء : يستحب الاستسقاء بأهل الخير والدين ، والأفضل أن يكون من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد استسقى معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي وقال اللهم إنا نستسقي بيزيد بن الأسود ، يا يزيد ارفع يدك فرفع يديه ودعا ، ودعا الناس حتى أمطروا .
القارئ : " والمقصود هنا أنه قد علم أن مالكًا من أعلم الناس بمثل هذه الأمور، فإنه مقيم بالمدينة، يرى ما يفعله التابعون وتابعوهم، ويسمع ما ينقلونه عن الصحابة وأكابر التابعين، وهو ينهى عن الوقوف عند القبر للدعاء، ويذكر أنه لم يفعله السلف. وقد أجدب الناس على عهد عمر رضي الله عنه، فاستسقى بالعباس، ففي صحيح البخاري، عن أنس : ( أن عمر استسقى بالعباس، وقال : اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا، فيسقون ). فاستسقوا به كما كانوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وهو أنهم ". الشيخ : هذا الأثر استدل به بعض أهل البدع، وقالوا: إنه توسل بالعباس نفسه، لأنه قال : ( نتوسل إليك بعم نبيك )، لكن هذا من باب التلبيس ومن باب اتباع المتشابه، لأنه في غير الصحيحين في الرواية : ( قم يا عباس فادع الله ) وهذا تكميل للمعنى فقط، وإلا فكونه يقول: ( نستسقي إليك بنبينا )، من المعلوم أنهم يستسقون به يطلبون منه الدعاء، وليس المعنى أنهم يستسقون بشخصه عليه الصلاة والسلام. نعم. كما كانوا يستسقون. القارئ : " كما كانو يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وهو أنهم يتوسلون بدعائه وشفاعته لهم، فيدعو لهم ويدعون معه كالإمام والمأمومين، من غير أن يكونوا يقسِمون على الله بمخلوق، كما ليس لهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم توسلوا بدعاء العباس واستسقوا به. ولهذا قال الفقهاء : يُستحب الاستسقاء بأهل الخير والدين، والأفضل أن يكون من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم " الشيخ : عندي أن يكونوا بالواو، ما أشار إليها؟ القارئ : لا. الشيخ : عندي أن يكونوا ، صححوها. القارئ : " والأفضل أن يكونوا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استسقى معاوية ". الشيخ : ودليل ذلك فعل عمر رضي الله عنه، أنه استسقى بالعباس، وإلا فلا شك أن في القوم من هو أفضل من العباس، عمر رضي الله عنه أفضل منه ومع ذلك لم يستسق، بل طلب من العباس أن يستسقي. وكذلك أيضاً لا بد إذا كانوا من أهل البيت أن يكون فيهم صلاح، لأن بعض أهل البيت من أفسق عباد الله وإن كانوا مسلمين، لكنهم فسقة يغترون بالنسب، ويظنون أنهم لما قربوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسب صاروا من المغفور لهم كأهل بدر، وهذا غلط، فأهل البيت إذا لم يكونوا من الصلحاء لا يستشفع بهم في الدعاء، نعم. القارئ : " وقد استسقى معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي، وقال: اللهم إنا نستسقي بيزيد بن الأسود، يا يزيد ارفع يدك، فرفع يديه ودعا، ودعا الناس حتى أمطروا ". الطالب : ... الشيخ : إيش ؟ نعم، جاء وقت السؤال؟ الطالب : ... الشيخ : كيف؟ الطالب : ... الشيخ : ما أدري، هو جاء؟ الطالب : ... الشيخ : طيب، اسأل.
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ، أحدهم يقول بأن سؤال النبي عليه الصلاة والسلام الشفاعة حرام وليس كفر، مع أنه يا شيخ كفار الجاهلية كانت فيهم هذه الصفة أنهم يسألون أصنامهم أن تشفع لهم عند الله ؟ الشيخ : لا لا، يدعونها هي، ويسجدون لها، ويركعون لنا. نعم.
ما صحة قصة الأعرابي الذي أنشد البيتين عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟
السائل : البيتين اللذين ذكرهما شيخ الإسلام. الشيخ : إيش ؟ السائل : البيتان الي ذكرهما شيخ الإسلام في الأعرابي هل هما بيتان شركيان ؟ الشيخ : إيش؟ السائل : البيتان الشيخ : أولاً صحح هذا قبل أن تسأل. السائل : البيتين الشيخ : لا مو النحو سيبويه بقبره رحمه الله، أنت صحح القصة هل هي صحيحة، ولا لا ؟ السائل : لا، ليست صحيحة. الشيخ : ما هي صحيحة، نعم.
هل طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم يتظمن دعاء غير الله ؟
السائل : شيخ بارك الله فيكم، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الشفاعة أما يتضمن دعاء غير الله عز وجل ؟ لأنه لما دعا أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل وأنه يجيب فاعتقد وهذا لا يجوز الاعتقاد إلا بالله عز وجل ؟ الشيخ : لا، لأن طلبه الشفاعة لا شك أنه جعل منزلته تحت منزلة الله، أليس كذلك؟ فلم يسوه بالله. أما هو يطلب الشفاعة ليس يريد أن يشفع الآن، يريد الشفاعة له يوم القيامة في وقتها، وفي ذلك الوقت يتمكن منها الرسول عليه الصلاة والسلام. السائل : لكن دعاه الآن واعتقد أنه يسمع دعاءه؟ الشيخ : هو الرسول يسمع، حتى لو صليت عليه يسمع، حتى إذا سلمت عليه في أي مكان. السائل : ... جاء فيه دليل خاص، والأصل عدم السماع. الشيخ : ما هو على كل حال، ما هو مسلم هذا أن الأصل عدم السماع، حتى أن الرسول أخبر بأن من سلم على شخص يعرفه في حياته رد الله عليه روحه فرد عليه السلام. نعم.
السائل : ... صلى الله عليه وسلم ... الشيخ : إي نعم، هو من البدعة على كل حال، وقد يكون شركاً أصغر، لأنه قد يتوصل به الناس الفاعل أو السماع إلى أن يدعو الرسول عليه الصلاة والسلام دعاء مباشر، فيقول: يا رسول الله ارزقني، يا رسول الله اهدني، وما أشبه ذلك، هذا لا شك أنه كفر شرك أكبر. القارئ : أقرأ يا شيخ ؟ الشيخ : إي اقرأ، ما تم الوقت. القارئ : " ولم يذهب أحد من الصحابة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم " الشيخ : أنا عندي يقول : يا يزيد أزوج يديك، فزوج يديه. القارئ : عندي، قال : في ط: زوج، فزوج، وهو تحريف. الشيخ : تحريف؟ القارئ : تحريف. الشيخ : هو له وجه، معنى أزوج يديك يعني ضم بعضهما إلى بعض، لكن بعيدة أن يكون بهذا اللفظ، عندك ارفع يديك؟ القارئ : عندي: ارفع يدك، فرفع يديه. الطالب : ارفع يديك. الشيخ : هو الظاهر يديك. نعم. القارئ : رنت الساعة يا شيخ. الشيخ : بقي سطر، بزيادة دقيقة يا خالد. القارئ : " ولم يذهب أحد من الصحابة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره يستسقي عنده ولا به، والعلماء استحبوا السلام على النبي صلى الله عليه وسلم للحديث الذي في سنن أبي داوود ". الشيخ : بس، والعلماء. السائل : ... ترى أكثر الناس الحين صفة الصلاة ... الشيخ : يعني معناه أنهم يذكرون السجود بعد السلام. السائل : إي بعد السلام ولا قبل السلام الشيخ : بعد ولا قبل السلام ؟ السائل : أقول بعد السلام ولا قبل السلام، يقولون نحن نخاف ... الشيخ : هذا غلط، بعض الأئمة يقولون ما نسجد بعد السلام لئلا نشوش، أما قبل السلام ما عرفت أحداً يخشى منها إلا إنسان يريد أن لا يقول للناس أنه نسي أو سهى. ولكن الذي نرى أن السنة تبين، وأن يسجد بعد السلام، ثم يقول لهم إذا انتهى، يقول لهم: هذا هو السنة ويبين لهم، ولذلك كان الناس ينكرون سجود السهو بعد السلام إنكاراً شديداً.