1 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والعلة الثانية ما في ذلك من مشابهة الكفار بالصلاة عند القبور ؛ لما يفضي إليه ذلك من الشرك وهذه العلة صحيحة باتفاقهم . والمعللون بالأولى كالشافعي وغيره ، عللوا بهذه أيضًا ، وكرهوا ذلك لما فيه من الفتنة ، وكذلك الأئمة : من أصحاب أحمد ومالك ، كأبي بكر الأثرم صاحب أحمد ، وغيره وعللوا بهذه الثانية أيضًا ، وإن كان منهم من قد يعلل بالأولى . وقد قال تعالى { وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا } ، ذكر ابن عباس وغيره من السلف : " أن هذه أسماء قوم صالحين ، كانوا في قوم نوح ، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ، وصوروا تماثيلهم ، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم " قد ذكر هذا البخاري في صحيحه ، وأهل التفسير : كابن جرير وغيره ، وأصحاب قصص الأنبياء كوثيمة وغيره . أستمع حفظ
4 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ويبين صحة هذه العلة أنه صلى الله عليه وسلم لعن من يتخذ قبور الأنبياء مساجد ، ومعلوم أن قبور الأنبياء لا تنبش ولا يكون ترابها نجسا ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه : " اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد " . وقال : " لا تتخذوا قبري عيدا " ، فعلم أن نهيه عن ذلك من جنس نهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ؛ لأن الكفار يسجدون للشمس حينئذ ، فسد الذريعة ، وحسم المادة ، بأن لا يصلى في هذه الساعة ، وإن كان المصلي لا يصلي إلا لله ، ولا يدعو إلا الله . وكذلك نهى عن اتخاذ القبور مساجد ، وإن كان المصلي عندها لا يصلي إلا لله ، ولا يدعو إلا الله ؛ لئلا يفضي ذلك إلى دعائها والصلاة لها. وكلا الأمرين قد وقع ، فإن من الناس من يسجد للشمس وغيرها من الكواكب ويدعو لها بأنواع الأدعية والتسبيحات ، ويلبس لها من اللباس والخواتم ما يظن مناسبته لها ، ويتحرى الأوقات والأمكنة والأبخرة المناسبة لها في زعمه . وهذا من أعظم أسباب الشرك الذي ضل به كثير من الأولين والآخرين ؛ حتى شاع ذلك في كثير ممن ينتسب إلى الإسلام ، وصنف فيه بعض المشهورين كتابا سماه : " السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم " على مذهب المشركين من الهند والصابئة ، والمشركين من العرب وغيرهم ، مثل طمطم الهندي ، وملكوشا البابلي ، وابن وحشية ، وأبي معشر البلخي ، وثابت بن قرة ، وأمثالهم ممن دخل في هذا الشرك ، وآمن بالجبت والطاغوت ، وهم ينتسبون إلى أهل الكتاب . كما قال تعالى { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرًا } ، وقد قال غير واحد من السلف : " الجبت : السحر ، والطاغوت : الأوثان " ، وبعضهم قال : "الشيطان" وكلاهما حق . هؤلاء يجمعون بين الجبت الذي هو السحر ، والشرك الذي هو عبادة الطاغوت ، كما يجمعون بين السحر ودعوة الكواكب ، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام - بل ودين جميع الرسل - أنه شرك محرم ، بل هذا من أعظم أنواع الشرك الذي بعثت الرسل بالنهي عنه ، ومخاطبة إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم لقومه كانت في نحو هذا الشرك . أستمع حفظ
5 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وكذلك قوله تعالى { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رأى كوكبًا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغًا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغةً قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريءٌ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين. وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئًا وسع ربي كل شيءٍ علمًا أفلا تتذكرون. وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانًا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون. الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون. وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء إن ربك حكيمٌ عليمٌ }. فإن إبراهيم عليه السلام سلك هذه السبيل لأن قومه كانوا يتخذون الكواكب أربابا ، يدعونها ويسألونها ، ولم يكونوا هم ولا أحد من العقلاء يعتقد أن كوكبا من الكواكب خلق السماوات والأرض ، وإنما كانوا يدعونها من دون الله على مذهب هؤلاء المشركين ، ولهذا قال الخليل عليه السلام { أفرأيتم ما كنتم تعبدون. أنتم وآباؤكم الأقدمون. فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين } ، وقال الخليل : { إنني براءٌ مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين } . والخليل صلوات الله عليه ، أنكر شركهم بالكواكب العلوية ، وشركهم بالأوثان ، التي هي تماثيل وطلاسم لتلك ، أو هي أمثال لمن مات من الأنبياء والصالحين وغيرهم ، وكسر الأصنام ، كما قال تعالى عنه : { فجعلهم جذاذًا إلا كبيرًا لهم لعلهم إليه يرجعون } . أستمع حفظ
6 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والمقصود هنا : أن الشرك وقع كثيرا ، وكذلك الشرك بأهل القبور بمثل دعائهم ، والتضرع إليهم ، والرغبة إليهم ، ونحو ذلك . فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن الصلاة التي تتضمن الدعاء لله وحده خالصا عند القبور ؛ لئلا يفضي ذلك إلى نوع من الشرك بربهم ، فكيف إذا وجد ما هو نوع الشرك من الرغبة إليهم ، سواء طلب منهم قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات ، أو طلب منهم أن يطلبوا ذلك من الله تعالى ؟ بل لو أقسم على الله ببعض خلقه من الأنبياء والملائكة وغيرهم ؛ لنهي عن ذلك ولو لم يكن عند قبره ، كما لا يقسم بمخلوق مطلقا ، وهذا القسم منهي عنه ، غير منعقد باتفاق الأئمة . وهل هو نهي تحريم أو تنزيه ؟ على قولين : أصحهما : أنه نهي تحريم. ولم يتنازع العلماء إلا في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، فإن فيه قولين في مذهب أحمد وبعض أصحابه ، كابن عقيل طرد الخلاف في الحلف بسائر الأنبياء ، لكن القول الذي عليه جمهور الأئمة ، كمالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم : أنه لا ينعقد اليمين بمخلوق البته ، ولا يقسم بمخلوق البته ، وهذا هو الصواب . والإقسام على الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مبني على هذا الأصل ، ففيه هذا النزاع ، وقد نقل عن أحمد في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في ( منسك المروزي ) ما يناسب قوله بانعقاد اليمين به ، لكن الصحيح أنه لا تنعقد اليمين به . فكذلك هذا . وأما غيره : فما علمت بين الأئمة فيه نزاعا بل قد صرح العلماء بالنهي عن ذلك ، واتفقوا على أن الله يسأل ، ويقسم عليه بأسمائه وصفاته ، كما يقسم على غيره بذلك ، كالأدعية المعروفة في السنن : " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، أنت الله المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام " . وفي الحديث الآخر : " " اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد " ، وفي الحديث الآخر : " أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك " ، فهذه الأدعية ونحوها مشروعة باتفاق العلماء . وأما إذا قال : " أسألك بمعاقد العز من عرشك " فهذا فيه نزاع ، رخص فيه غير واحد لمجيء الأثر به . ونقل عن أبي حنيفة كراهته . قال أبو الحسين القدوري في ( شرح الكرخي ) : قال بشر بن الوليد : سمعت أبا يوسف قال : قال أبو حنيفة رحمه الله : لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به ، وأكره أن يقول : بمعقد العز من عرشك ، أو بحق خلقك. قال أبو يوسف : بمعقد العز من عرشه، هو الله ، فلا أكره هذا ، وأكره : بحق فلان ، أو بحق أنبيائك ورسلك ، وبحق البيت والمشعر الحرام ، بهذا الحق يكره . قالوا جميعًا : فالمسألة بخلقه لا تجوز ؛ لأنه لا حق للخلق على الخالق ، فلا يجوز أن يسأل بما ليس مستحقا ، ولكن معقد العز من عرشك : هل هو سؤال بمخلوق أو خالق ؟ فيه نزاع بينهم ، فلذلك تنازعوا فيه ، وأبو يوسف بلغه الأثر فيه : " أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة " فجوزه لذلك . وقد نازع في هذا بعض الناس ، وقالوا : في حديث أبي سعيد الذي رواه ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي يقوله الخارج إلى الصلاة : " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ، وبحق ممشاي هذا ، فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ، ولا رياء ، ولا سمعة ، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، أسألك أن تنقذني من النار ، وأن تغفر لي " . وقد قال تعالى { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } على قراءة حمزة وغيره ممن خفض ( الأرحام ) ، وقالوا : تفسيرها : أي يتساءلون به وبالأرحام ، كما يقال : سألتك بالله وبالرحم . ومن زعم من النحاة أنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور إلا باعادة الجار ، فإنما قاله لما رأى غالب الكلام بإعادة الجار ، وإلا فقد سمع من الكلام العربي - نثره ونظمه - العطف بدون ذلك كما حكى سيبويه : " ما فيها غيره وفرسه " ، ولا ضرورة هنا ، كما يدعى مثل ذلك في الشعر " أستمع حفظ
7 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ومن زعم من النحاة أنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور إلا باعادة الجار ، فإنما قاله لما رأى غالب الكلام بإعادة الجار ، وإلا فقد سمع من الكلام العربي - نثره ونظمه - العطف بدون ذلك كما حكى سيبويه : " ما فيها غيره وفرسه " ، ولا ضرورة هنا ، كما يدعى مثل ذلك في الشعر ، ولأنه قد ثبت في الصحيح أن عمر قال : " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " فيسقون . وفي النسائي والترمذي وغيرهما : حديث الأعمى الذي صححه الترمذي وغيرهما : " أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يدعو الله أن يرد بصره فأمره أن يتوضأ فيصلي ركعتين ويقول : " اللهم إني أسألك ، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد ، يا نبي الله إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضيها اللهم فشفعه في " فدعا الله ، فرد الله عليه بصره . والجواب عن هذا أن يقال : أولا : لا ريب أن الله جعل على نفسه حقا لعباده المؤمنين ، كما قال تعالى { وكان حقًا علينا نصر المؤمنين } ، وكما قال تعالى { كتب ربكم على نفسه الرحمة } ، وفي الصحيحين : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل وهو رديفه : " يا معاذ ، أتدري ما حق الله على عباده ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " حقه عليهم أن يعبدوه ، ولا يشركوا به شيئا . أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " حقهم عليه أن لا يعذبهم " فهذا حق وجب بكلماته التامة ووعده الصادق . وقد اتفق العلماء على وجوب ما يجب بوعده الصادق ، وتنازعوا : هل يوجب بنفسه على نفسه ؟ على قولين . ومن جوز ذلك احتج بقوله سبحانه : { كتب ربكم على نفسه الرحمة } ، وبقوله في الحديث الصحيح : " إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما " ، والكلام على هذا مبسوط في موضع آخر . وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى ، والتحريم بالقياس على خلقه ، فهذا قول القدرية ، وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول ، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء ومليكه ، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا ، ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب ، قال : إنه كتب على نفسه ، وحرم على نفسه ، لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئا ، كما يكون للمخلوق على المخلوق ؛ فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل ، وهو الميسر لهم الإيمان ، والعمل الصالح . ومن توهم من القدرية والمعتزلة ونحوهم أنهم يستحقون عليه من جنس ما يستحقه الأجير على من استأجره ؛ فهو جاهل في ذلك . أستمع حفظ
8 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وإذا كان كذلك : لم تكن الوسيلة إليه إلا بما من به من فضله وإحسانه ، والحق الذي لعباده هو من فضله وإحسانه ، ليس من باب المعاوضة ، ولا من باب ما أوجبه غيره عليه فإنه سبحانه يتعالى عن ذلك . وإذا سئل بما جعله سببا للمطلوب من الأعمال الصالحة التي وعد أصحابها بكرامته ، وأنه يجعل لهم مخرجا ، ويرزقهم من حيث لا يحتسبون ، فيستجيب دعاءهم ، ومن أدعية عباده الصالحين ، وشفاعة ذوي الوجاهة عنده ، فهذا سؤال وتسبب بما جعله هو سببا . وأما إذا سئل بشيء ليس سببا للمطلوب : فإما أن يكون إقساما عليه به ، فلا يقسم على الله بمخلوق ، وإما أن يكون سؤالا بما لا يقتضي المطلوب فيكون عديم الفائدة ، فالأنبياء والمؤمنون لهم حق على الله بوعده الصادق لهم ، وبكلماته التامة ، ورحمته لهم : أن يمنعهم ، ولا يعذبهم ، وهم وجهاء عنده ، يقبل من شفاعتهم ودعائهم ، ما لا يقبله من دعاء غيرهم . فإذا قال الداعي أسألك بحق فلان ، وفلان لم يدع له ، وهو لم يسأله باتباعه لذلك الشخص ومحبته وطاعته ، بل بنفس ذاته ، وما جعله له ربه من الكرامة ، لم يكن قد سأله بسبب يوجب المطلوب . وحينئذ فيقال: أما التوسل والتوجه إلى الله وسؤاله بالأعمال الصالحة التي أمر بها ، كدعاء الثلاثة الذين آووا إلى الغار بأعمالهم الصالحة ، وبدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم ، فهذا مما لا نزاع فيه ، بل هذا من الوسيلة التي أمر الله بها في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة } ، وقوله سبحانه { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه } ، فإن ابتغاء الوسيلة إليه ، هو : طلب من يتوسل به ، أي يتوصل ويتقرب به إليه سبحانه ، سواء كان على وجه العبادة والطاعة وامتثال الأمر ، أو كان على وجه السؤال له ، والاستعاذة به ، رغبة إليه في جلب المنافع ودفع المضار . ولفظ الدعاء في القرآن يتناول هذا وهذا ، الدعاء بمعنى العبادة ، والدعاء بمعنى المسألة ، وإن كان كل منهما يستلزم الآخر ، لكن العبد قد تنزل به النازلة فيكون مقصوده طلب حاجته ، وتفريج كرباته ، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرع ، وإن كان ذلك من العبادة والطاعة ، ثم يكون في أول الأمر قصده حصول ذلك المطلوب : من الرزق والنصر والعافية مطلقا ، ثم الدعاء والتضرع يفتح له من أبواب الإيمان بالله عز وجل ومعرفته ومحبته ، والتنعم بذكره ودعائه ، ما يكون هو أحب إليه وأعظم قدرا عنده من تلك الحاجة التي أهمته . وهذا من رحمة الله بعباده، يسوقهم بالحاجات الدنيوية إلى المقاصد العلية الدينية. أستمع حفظ