تتمة ما سبق .
بقينا بالكلام الذي لا يدخل في هذا ولا هذا، هل يكتب؟ ظاهر الآية الكريمة أنه يكتب (( ما يلفظ من قول )) أي قول يكون، فيكتب كل شيء، والله على كل شيء قدير. إذا كان صنع الآدمي لشريط التسجيل يسجل كل ما يلفظ به الإنسان فما بالك بما في أيدي الملائكة، نعم؟ الذي هم مسخرون بأمر الله.
وقال بعض أهل العلم: إنهم لا يكتبون إلا ما يترتب عليه ثواب أو عقاب. ودخل رجل على الإمام أحمد _انتبه_ دخل رجل على الإمام أحمد رحمه الله فوجده يئن من مرض ألم به، فقال له: إن طاوسا وهو أحد التابعين المشهورين إن طاوسا يقول : " إن الملائكة تكتب حتى أنين المريض في مرضه " تعرفون أنينه؟ طيب. فأمسك رحمه الله عن الأنين خوفا من أن يكتب، وهذا يدل على أن كل شيء يلفظ به الإنسان فإنه مكتوب عليه لكن الجزاء على حسب العمل. يجزى بالحسنة الحسنة بعشر أمثالها ويجزى بالسيئة سيئة مثلها نعم (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )).
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : ... .
الشيخ : ايش؟
الطالب : ...
الشيخ : والله فيها احتمال عندي هذا وهذا، الله أعلم.
قال : " وآخرون موكلون بسؤال الميت عند الانتهاء أو بعد الإنتهاء من تسليمه إلى مثواه " انتبه، " آخرون موكلون بسؤال الميت " متى؟ بعد الدفن أو بعد الموت أو ماذا؟ المؤلف يقول : " بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه " إذا سلم إلى مثواه حضر الملكان، وعلى هذا فالإنسان الميت الذي وضع في الثلاجة لمدة يومين أو ثلاثة مثلا لا يسأل، لأنه حتى الآن لم يسلم إلى عالم الآخرة، والإنسان الذي مات في البحر والشاطئ بعيد ثم أرسل بالماء يسأل أو لا؟ نعم يسأل ولهذا تعتبر هذه العبارة عبارة دقيقة، بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، أما قبل ذلك فإنه لا يسأل، حتى لو بقي مدة طويلة فإنه لا يسأل. نعم.
يقول : " يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه " ثلاث مسائل. وعلى هذا بنى شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بنى رسالته المعروفة بإيش؟ بالأصول الثلاثة، " يسأل عن ربه عن ربه ودينه ونبيه فـ (( يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )) ".
(( يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت )) وهو قول الحق (( ويضل الله الظالمين )) فلا يقولون بالحق. ولهذا كان المؤمن يقول _وأسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم _كان يقول: ربي الله، ولا إِشكال عنده ولا يتلعثم ولا يتذكر، ربي الله، ديني الإسلام، نبيي محمد، يجب جوابا مطابقا تماما للحق.
غير المؤمن وهو الظالم يقول: لا أدري، هاه هاه، لا أدري، وكلمة هاه هاه تدل على أن الرجل يريد أن يتذكر، ولكن يعجز، كما لو كلمك إنسان وقلت هاه هاه كأنك تتذكر شيئا، وهذا مما يزيده سمير معنا؟ مما يزيده حسرة، لأن فقد الإنسان لما حصل أعظم من فقده ما لم يحصل، ولا لا؟ توافقوني على هذا؟ فقده لما حصل أعظم من فقده مما لم يحصل. لو كسبت عشرة دراهم ثم ضاعت أشد مما لو لم تكسب شيئا. فهذا المنافق والعياذ بالله الذي يقول: هاه هاه لا أدري فقد شيئا، عجز عن إدراكه فصار هذا أشد حسرة، ما أدري عن هود هو معنا ولا في الربعة ؟ ليس في الربعة؟ طيب.
يقول : (( ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )). ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بعد الفراغ من دفن الميت أن نقف عليه وأن نستغفر له، فكان يقول إذا دفن الميت وقف عليه، فكان إذا دفن الميت وقف عليه، وقال : ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ) يعني: يقول اللهم اغفر له اللهم اغفر له اللهم اغفر له. اللهم ثبته اللهم ثبته اللهم ثبته، يعني: ثلاث مرات، لأن من عادة الرسول عليه الصلاة والسلام غالبا أنه إذا دعا دعا ثلاثا.
هؤلاء موكلون بسؤال الميت.
قال المصنف رحمه الله تعالى : ومنهم : الملائكة الموكلون بأهل الجنة << يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار >> [ الرعد : 23 _ 24 ]
" (( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )) ". وهذه سبحان الله سيكون عند الإنسان سرور عظيم أن تتلقاه الملائكة ملائكة الرحمن عز وجل (( يقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )) وقوله : (( يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم )) يدل على أن في الجنة أبوابا، في الجنة أبوابا كثيرة، من كل باب (( يقولون سلام عليكم بما صبرتم )) ويدل على أن الداخل يقول عند دخوله ايش؟ سلام عليكم، كما جاءت به السنة، عندما تستـأذن على إنسان قل: السلام عليكم. نعم.
(( سلام عليكم بما صبرتم )) الباء هنا للسببية، صبرتم على ايش؟ على الأمور الثلاثة المعروفة عند العلماء، وهي الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار الله. وأعلى هذه الأنواع الصبر على الطاعة، ثم الصبر عن المعصية، ثم الصبر على الأقدار، هذا هو الأصل في هذه الأنواع الثلاثة أن أعلاها الصبر على الطاعة، لأن في الصبر على الطاعة معاناة لحمل النفس عليها ومعاناة لإتعاب الجسد بها، توافقون على هذا؟ طيب. في الصبر عن المعصية معاناة لكف النفس عنها فقط. لكن الجسم مرتاح، لأنه ترك فقط. الصبر على أقدار الله ما فيه معاناة، إلا أن الإنسان يفكر، ويقول: الأمر وقع صبرت أم لم أصبر. ولهذا قال بعض العلماء فيمن أصيب بمصيبة : " إما أن يصبر صبر الكرام، وإما أن يسلو سلُوَّ البهائم "، لأن المصيبة مهما عظمت سوف تنسى بحسب الشواغل عن ذكرها، ربما ينسى الإنسان مصيبته إذا كان طالب علم بمجرد أن يجلس مجلسا أو مجلسين ينسى، لأنه اشتغل بالعلم. التاجر ربما ينسى المصيبة إذا جلس في دكانه ضحوة أو عشيا، يعني بحسب الحال.
الإنسان الي ما له شغل هذا سيبقى الحزن في قلبه مدة. وآخر الأمر أن ينسى.
فصار الصبر ينقسم إلى؟ كم؟ صبر على؟
الطالب : طاعة الله.
الشيخ : صبر.
الطالب : عن المعصية.
الشيخ : صبر على أقدار الله، وأعلاها الأول، ثم الثاني، ثم الثالث.
الصائم يحصل له الصبر على الأمور الثلاثة، ولا لا؟ يصبر على طاعة الله فيصوم، يصبر عن معصية الله فلا يفطر، يصبر على أقدار الله بايش؟ بالجوع والعطش والحزن وما أشبه ذلك.
صبر يوسف عليه الصلاة والسلام حصل منه كم من نوع؟
الطالب : ثلاثة.
الشيخ : طيب عدها؟
الطالب : الصبر عن طاعة الله.
الشيخ : في ايش؟
الطالب : في الصبر على التوحيد.
الشيخ : طيب وين؟
الطالب : (( واتبعت ملة آبائي إبراهيم )).
الشيخ : طيب.
الطالب : وعن معصية الله، واضح.
الشيخ : عن معصية الله بايش؟
الطالب : أن يواقع امرأة العزيز.
الشيخ : نعم، كف نفسه عن فعل الفاحشة في امرأة العزيز.
الطالب : وعلى أقدار الله بالسجن.
الشيخ : على أقدار الله يعني السجن. إذن صبر ثلاثة أنواع. وأيضا صبر على الدعوة إلى الله، لما استفتاه صاحبا السجن (( قال يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار )). وهذه مسألة يجب على الداعية أن ينتبه لها أن ينتهز الفرصة، أن ينتهز الفرصة، الذي جاءك يسأل الآن مستعد إلى أن يمتثل ما تقول، انتهز الفرصة انتهز الفرصة.
فمثلا لو جاءك إنسان يسألك وهو حالق لحيته. نعم؟ أفته وأره وجه بشر وطلاقة، ثم قل له: إن كان حولكم أحد هامسا في أذنه، وإن لم يكن حولكم أحد فبالكلام العادي، قل له وانصحه، لأن انتهاز الفرص بمثل هذه الأمور مهم جدا.
2 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ومنهم : الملائكة الموكلون بأهل الجنة << يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار >> [ الرعد : 23 _ 24 ] أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية يصلي فيه ـ كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم
الطالب : ... .
الشيخ : شف كل يوم سبعون ألف. وأيام الأسبوع كم؟ سبعة اضرب سبعة في سبعين ألف؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم؟ أربعمائة وتسعين ألف في أسبوع، وما أكثر الأسابيع الماضية، والمستقبلة لا ندري لكنها كثيرة. وهذا يدل على كثرة الملائكة، وأنهم عالم عالم، بكل ما تكون من العالم، بل قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أطت السماء وحق لها أن تئط ) والأطيط صرير الرحل المحمَّل، يعني: مثلا البعير يكون على ظهرها رحل، ثم تحمل، عندما تمشي تسمع له صرير، تسمع له صريرا ( السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ) موضع أربع أصابع، بينما الأرض ما شاء الله فيها أميال الأميال ما فيها راكع ولا ساجد، لكن السماء معمورة بالعباد الذين يعبدون الله عز وجل.
طيب. إذن الخلاصة في الكلام في الملائكة تمت.
3 - قال المصنف رحمه الله تعالى : وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية يصلي فيه ـ كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : فصل : ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتبا حجة على العباد , و محجة للعاملين , يعلمونهم بها الحكمة , ويزكونهم .
أيضا نؤمن بالكتب، وأن كل رسول معه كتاب، قال الله تعالى: (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم )) ايش؟ (( الكتاب )) وقال تعالى : (( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب )). وعلى هذا يكون كل رسول معه كتاب، كل رسول. أما كل نبي فلا يلزم أن يكون مع كل نبي كتاب، لكن مع كل رسول كتاب. نؤمن بأن مع كل رسول أرسله الله تعالى كتابا، كما سمعتم في الآيتين.
" حجة على العالمين ومحجة للعاملين " محجة يعني طريقا، فالكتب حجة ومحجة، حجة يعني بينة تقوم على العباد، ولا عذر لهم بعد ذلك، ومحجة أي: طريقا يسلكه العاملون. " يعلمونهم بها الحكمة ويزكونهم ". ومن أحكم الحكم أن تعبد الله وحده لا شريك له، لأنك إذا عبدت الله وحده لا شريك له فقد وضعت العبادة موضعها، والحكمة يقال فيها هي وضع الأشياء في مواضعها.
" ويزكونهم " أي يشهدون لهم بالعدالة والصدق، أو يعلمونهم العدالة والصدق.
4 - قال المصنف رحمه الله تعالى : فصل : ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتبا حجة على العباد , و محجة للعاملين , يعلمونهم بها الحكمة , ويزكونهم . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتابا , لقوله تعالى : << لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط >> [ الحديد : 25 ]
5 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتابا , لقوله تعالى : << لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط >> [ الحديد : 25 ] أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونعلم من هذه الكتب : أ) التوراة : التي أنزلها الله تعالى على موسى صلى الله عليه وسلم , وهي أعظم كتب بني إسرائيل << فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا و الرابانيون و الأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء >> [ المائدة : 44 ]
أولا : التوراة التي أنزلها الله تعالى على موسى صلى الله عليه وسلم، وهي أعظم كتب بني إسرائيل (( فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء )) ". ما الذي نعمله مكتوبا في التوراة؟ نعم؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم. منها آية القصاص (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين )) إلى آخره.
ومنها صفة النبي عليه الصلاة والسلام، هذه مكتوبة في التوراة والإنجيل (( الذين يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر )) إلى آخره.
والعجب أن بني إسرائيل لخبثهم ومكرهم وكفرهم جحدوا ذلك، مع أنه موجود في التوراة والإنجيل، محمد عليه الصلاة والسلام، بل قال الله تعالى إنهم (( يعرفونه كما يعرفون أبناؤهم )).
وخص الأبناء، لأن الابن في قلب أبيه أغلى من؟ من البنت، فهو يعتني به أكثر، فهم يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبنائهم، لكنهم والعياذ بالله لما جاءهم ما عرفوا كفروا به، والله أعلم. نعم.
الطالب : مسألة تثبيت الميت في قبره يعني عدم تثبيته.
الشيخ : وفقه الله شرع يعدد الكتب المعينة المنزلة على الرسل. التوارة وانتهينا من الكلام عليها.
6 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونعلم من هذه الكتب : أ) التوراة : التي أنزلها الله تعالى على موسى صلى الله عليه وسلم , وهي أعظم كتب بني إسرائيل << فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا و الرابانيون و الأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء >> [ المائدة : 44 ] أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ب ) الإنجيل : الذي أنزله الله تعالى على عيسى صلى الله عليه وسلم , وهو مصدق للتوراة , ومتمم لها << وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين >> [ المائدة : 46] , << ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم >> [ آل عمران : 50 ]
يقول : " وهو مصدق للتوراة ومتمم لها ". واستدل لذلك بقوله تعالى : (( وآتيناه الإنجيل )) أي: أعطيناه إياه (( فيه هدى ونور )).
إذا قال قائل: آتينا، وأنت تقول إن الإنجيل منزل؟ فالجواب؟
الطالب : ما يمنع.
الشيخ : كيف ما؟ تأملوا يا إخوان (( وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان )).
نقول: في القرآن التصريح بأن الله تعالى أنزل الإنجيل كما أنزل التوراة والقرآن. وكونه أعطاه إياه فهو كقوله تعالى : (( وآتينا داود زبورا )) وما أشبه ذلك مما يذكر الله تعالى إيتاءه.
(( وأتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه )). كيف قال (( ومصدقا )) مع أنه وصف، ولا يعطف الوصف على أصله؟ يعني لو قال قائل: الإنجيل ومصدقا. ومصدقا عطف على الإنجيل قلنا: لا، لا يصح، لكنها حال معطوفة على الجملة الحالية قبلها، أين الجملة الحالية؟ فيه هدى ونور؟ وإنما جعلنا هذه الجملة حالا، لأن الذي قبلها معرفة، والقاعدة في اللغة العربية أن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، أنتم معنا في هذه القاعدة؟ الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات. نعم.
(( ومصدقا )) يعني: وحال كونه مصدقا لما بين يديه من التوراة، والتصديق لما بين يديه له معنيان، المعنى الأول : أنه يشهد بصدق ما سبقه. والمعنى الثاني: أنه يشهد بتصديقه، أن إنزاله شهادة بتصديق ما سبق.
أنتم معنا؟ التصديق الذي بين يديه تضمن معنيين، المعنى الأول: أنه مصدق لما سبقه، يعني: حاكم بصدقه.
والمعنى الثاني: أنه وقع تصديقا له، واضح؟ واضح الفرق؟ طيب. على الوجه الأول أنه نزل مصدقا لما سبقه، يعني: حاكما بتصديقه أن يكون ما سبقه قد أخبر به، وقال سينزل كتاب على عيسى مثلا، فيكون نزول هذا الكتاب على عيسى تصديقا للخبر الذي نزل في الكتاب الأول.
أما الثاني أنه يحكم بأن ما سبقه صدق، فهذا سواء تعرض له الكتاب الأول، أم لم يتعرض، يكون يشهد بأن الكتاب السابق حق وصدق.
وهكذا نقول في وصف القرآن بأنه مصدق لما بين يديه، مصدق لما بين يديه، يعني ايش؟ يقول: إن التوراة حق والإنجيل حق، مصدقا لما بين يديه، يعني: نزل تصديقا له، لأن التوراة قالت سينزل قرآن على محمد، والإنجيل قال سينزل قرآن على محمد، بل ظاهر قوله تعالى : (( وإنه لفي زبر الأولين )) أن هذا الإخبار كان في ايش؟ في جميع الكتب، والمسألة هذه تحتاج إلى تأمل، لأنه قال : (( وإنه لفي زبر الأولين أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنو إسرائيل )). قد يقول قائل : إن المراد بزبر الأولين هنا؟ ايش؟ التوراة والإنجيل، لقوله : (( أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنو إسرائيل )).
على كل حال أنا أحب أن تعرفوا كلمة مصدقا لما بين يديه، أحمد؟
الطالب : لها معنيان .
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : وقع تصديقا لما أخبر به الكتاب الأول. طيب. هذا هو؟ طيب هل تعرفون الفرق؟ صالح؟
الطالب : المعنى الأول أنه وقع تصديقه.
الشيخ : المعنى الثاني سواء ذكر الكتاب الأول هذا الكتاب الثاني أم لم يذكره. طيب.
الإنجيل نزل مصدقا لما بين يديه من التوراة.
(( وهدى وموعظة للمتقين )) هدى دلالة، موعظة توفيق. والهدى هنا يكون بمعنى الدلالة لأن الموعظة هي الامتثال. وقوله: (( للمتقين )) لأنهم هم المنتفعون بهم.
وقال تعالى في وصف عيسى : (( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم )) إذن فهو مكمل، ولهذا أحل الله بالإنجيل بعض ما كان محرما على بني إسرائيل
7 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ب ) الإنجيل : الذي أنزله الله تعالى على عيسى صلى الله عليه وسلم , وهو مصدق للتوراة , ومتمم لها << وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين >> [ المائدة : 46] , << ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم >> [ آل عمران : 50 ] أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ج ) الزبور : الذي آتاه الله تعالى على داود صلى الله عليه وسلم .
والزبور بمعنى الكتاب (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )).
8 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ج ) الزبور : الذي آتاه الله تعالى على داود صلى الله عليه وسلم . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : د ) صحف إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام .
الطالب : ... .
الشيخ : اقرأها.
الطالب : ... .
الشيخ : اقرأها علينا؟ اقرأها علينا؟
(( صحف موسى وإبراهيم الذي وفى )) لماذا قدم صحف موسى وهي متأخرة عن صحف إبراهيم، وفي سبح قدم صحف إبراهيم؟
دائما أذكركم بأن القرآن الكريم نزل بأعلى البلاغة، وأن تناسب الكلام ولو بالألفاظ ونبراتها من البلاغة، فهنا قدم صحف إبراهيم في سورة الأعلى، لأنه مناسب لرؤوس الآيات، وهنا قدم صحف موسى وأخر صحف إبراهيم، لأن الله تعالى وصف إبراهيم بأنه الذي وفّى، وهذه تناسب، يعني فيها فائدتان : تناسب الآيات، والثاني وصف إبراهيم بأنه وفى. والله أعلم بما أراد بكتابه.
قال المصنف رحمه الله تعالى : هـ ) القرآن العظيم : الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين << هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان >> [ البقرة : 185 ] , فكان << مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناعليه >> [ المائدة : 48 ] , فنسخ الله به جميع الكتب السابقة , وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين << إنا نحن نزلنا الذكر وإننا له لحافظون >> [ الحجر : 9 ] لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة .
هذا الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهله التالين له حق تلاوته، هذا الكتاب هو أشرف الكتب وأعم الكتب وأنفعها وأقومها، قال الله تعالى: (( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ))، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد عمر بن الخطاب صحيفة من التوراة فغضب عليه الصلاة والسلام، لأنه لا يمكن يوجد أهدى من القرآن وفيه كفاية عن كل ما سواه.
نقول : (( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )) هدى للناس كلهم، ولكن هنا نقول : إن الله تعالى تارة يقول : (( هدى للناس )) وتارة يقول : (( هدى للمتقين )) فما الجمع؟ نقول: أما الأول فهي هداية الدلالة، هدى للناس كلهم. وأما الثانية فهي هداية التوفيق. بارك الله فيكم.
(( وبينات من الهدى والفرقان )) أي: علامات واضحات بينات من الهدى والفرقان.
الهدى يعني العلم النافع. الفرقان ما يفرق به بين الحق والباطل، وبين الصدق والكذب، وبين الجور والعدل، وبين أولياء الله وأعداء الله. ولهذا لا تجد فرقانا أكثر مما في القرآن الكريم. والإنسان إذا آتاه الله الكتاب أعني القرآن حصل له من الفرقان ما يكون إشكالا كبيرا في حق غيره. وإذا رأدت أن تزول عنك الإشكالات فعليك بالقرآن، فإن القرآن فرقان يفرق بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والجور والعدل، وأولياء الله وأعداء الله. فلا شيء أعظم من فرقان القرآن أبدا، لكن بسبب إعراض الناس عنه وانشغالهم بغيره صاروا لا يجدون ذلك الفرقان الذي يتبين لهم به الحق، لأنهم معرضون، وإلا والله لو رجعوا للقرآن الكريم لوجدوا الفرقان الذي يفرقون به بين الحق والباطل. بل إن الله يجعل في قلب العبد نورا يمكن أن يهتدي بما يكرمه الله به من العلم.
" وقال أيضا فكان (( مصدقا لما بين يديه من الكتاب )) " كتاب واحد؟ المراد الجنس. (( من الكتاب )) أي من الكتب. كل ما بين يديه من الكتب فإنه يكون مصدقا لها، وعرفتم قبل قليل معنى ايش؟ التصديق لما بين يديه.
(( ومهيمنا عليه )) وهذه الأخيرة فيها دليل على أن القرآن ناسخ لما قبله، وأن كل ما خالف القرآن في الكتب السابقة فالقرآن حاكم ببطلانه. معنى الهيمنة؟ السيطرة والسلطة التامة، وهذا يقتضي أن جميع ما في الكتب السابقة ايش؟ منسوخ بهذا القرآن الكريم.
وقد أجمع العلماء رحمهم الله أن شريعة من قبلنا إذا ورد شرعنا بخلافها فهي منسوخة.
واختلفوا فيما إذا لم يرد شرعنا بخلافها، فقيل: إنها شرع لنا وقيل: لا. والمسألة مبسوطة في أصول الفقه. نعم.
يقول: " فنسخ الله به جميع الكتب السابقة، وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين ". بينما الكتب السابقة لم يتكفل الله بحفظها، ولهذا وقع فيها التحريف والكتمان. نعم. (( قل ما أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا )). لكن هذا القرآن محفوظ، لأنه لا يوجد كتاب أعظم تواترا منه، لا يوجد كتاب أعظم تواترا منه، ولا كتاب يقرؤه الصغير والكبير من الأمة. ولهذا نجد العامي لو أن أكبر عالم زاد في القرآن لرد عليه وهو عامي. وهذه من نعمة الله عز وجل وحفظه لهذا القرآن الكريم.
وبهذا نعرف عظم ضلال الرافضة الذين زعموا أن في القرآن ما ليس منه، وأنه حذف ما هو منه، فكذبوا على الله، وكذبوا على الأمة الإسلامية، وهم يدّعون أنهم هم المسلمون، وكل دعوى بلا بينة فإنها باطلة. هل يمكن أن يكون في كتاب الله الذي أنزله على محمد وقال فيه : (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) هل يمكن أن يحذف منه شيء لا تعلم به الأمة؟ لا يمكن. أو أن يزاد فيه شيء لا تعلم الأمة بزيادته؟ هذا لا يمكن إطلاقا. فهم إما أن يقولوا هذا القرآن الذي بين أيدينا هو كلام الله، وهو الذي نزل على محمد، أو ينكروه رأسا. أما أن يقروا بأنه كتاب الله، ثم يقولوا إنه وقع فيه الحذف أو الزيادة فهذا غير ممكن، لأنهم إذا أقروا أن هذا كلام الله لزمهم أن يقولوا ايش؟ لا زيادة ولا نقص، لأن كلام الله محفوظ، تكفل الله بحفظه، لا يزاد فيه ولا ينقص.
فإن قال قائل : نجد التحريف في كتاب الله؟
قلنا : الحمد لله، لكن هل وجدت تحريفا لم يرد عليه؟ كل تحريف لكتاب الله قيض الله من يبطله ويبينه. نعم. فلا ينافي الحفظ، بل قد يكون هذا أبلغ في حفظه أن يعتدي معتد عليه بالتحريف ثم يقيض الله له من ايش؟ من يبين بطلانه، لأن الله تعالى قد يسلط على شرعه أو بعضه من ينكره حتى يقوم قائم لينصره ويتبين ذلك الحق من الباطل. طيب.
يقول: (( إنا نحن نزلنا الذكر )) .. هذه الآية الكريمة في غاية ما يكون من العظمة (( إنا نحن نزلنا )) (( وإنا له لحافظون )) الأولى فيها توكيد بإن والضمير ضمير الفصل نحن. ولهذا لو كانت الآية إنا نزلنا لاستقام الكلام، لكن قال نحن إشارة إلى التوكيد أنه نزل من عند الله لا من عند غيره، ثم جاءت بصيغة العظمة إشارة إلى عظمة منزله عز وجل، ثم أكد حفظه بقوله : (( وإنا )) وهذه للتوكيد (( لحافظون )) اللام للتوكيد أيضا. وقدم المعمول له على العامل حافظون إشارة إلى العناية به، وإلا فإن الله يحفظ القرآن وغيره، لكن تخصيصه بالذكر إشارة إلى العناية بحفظه.
قال: " لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة ".
قوله " إلى يوم القيامة " يعني: إلى قرب يوم القيامة، لأنه قد جاء في الآثار : ( أن القرآن ينزع في آخر الزمان ينزع من الصدور ومن المصاحف حتى يصبح الناس ليس في مصاحفهم حرف من القرآن ) يمحى، وحتى يؤخذ من الصدور، وهذا والله أعلم إذا أعرض الناس عن كتاب الله ولم يعملوا به ولم يرفعوا به رأسا، فحينئذ سيبقى في مجتمع ليسوا أهلا له، في مجتمع أهانوه فيرفعه الله عز وجل حماية لكتابه من الإهانة، كما أن هذه الكعبة شرفها الله حفظت من الفيل ومنع من الوصول إليها، وسيسلط عليها رجل من الحبشة قصير القامة أفحج الرجلين فينقضها حجرا حجرا، الله أكبر! الفيل يصد عنها، وهذا الرجل القصير المهين يسلط عليها. هذا والله أعلم يكون إذا أهان الناس بيت الله بالمعاصي والفسوق والفجور وغير ذلك، حتى يصبح بيت الله لا مقام له فيهم، فيسلط عليه هذا الرجل ينقضه حجرا حجرا.
إذن قولنا " إلى يوم القيامة " أي ايش؟ إلى قرب قيام الساعة.
نعم. " أما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها، ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير ". هذا لا يحتاج إلى شرح لأنه واضح.
" ولهذا لم تكن معصومة منه، فقد وقع فيها " طويل الكلام.
الطالب : شيخ.
الشيخ : نعم. أولا قدم لي أمس اقتراح بأن.
نحن بصدد ايش الإيمان بالكتب.
10 - قال المصنف رحمه الله تعالى : هـ ) القرآن العظيم : الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين << هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان >> [ البقرة : 185 ] , فكان << مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناعليه >> [ المائدة : 48 ] , فنسخ الله به جميع الكتب السابقة , وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين << إنا نحن نزلنا الذكر وإننا له لحافظون >> [ الحجر : 9 ] لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : أما الكتاب السابقة فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها , و يبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير , و لهذا لم تكن معصومة منه , فقد وقع فيها التحريف و الزيادة و النقص << فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون >> [ البقرة : 79 ] , << قل من أنزل الكتاب الذي جآء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا >> [ الأنعام : 91 ] , << و إن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب و يقولون هو من عند الله وما هو من عند الله و يقولون على الله الكذب وهم يعلمون * ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب و الحكم و النبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله >> [ آل عمران : 78 _ 79 ] , << يآأهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب >> [ المائدة : 15 ] , إلى قوله << لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم >> [ المائدة : 72 ] .
" وقال تعالى : (( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله )) " وهم كذبة لكنهم يشترون به ثمنا قليلا. ما هو الثمن القليل؟ أن يبقى لهم جاه لدى الملوك. يكتب للملوك ما يريد ثم يقول: هذا من عند الله، فيمشي الملك على ذلك، أو تمشي العامة على ذلك ليبقى لهم الجاه والرئاسة.
هل في هذه الأمة من عمل هذا العمل؟ نعم، في هذه الأمة من يحرف نصوص الكتاب والسنة إرضاء للرؤساء والسلاطين. وهؤلاء يسمون علماء الدولة، لأن العلماء فيما نرى ثلاثة أقسام: عالم دولة، وهو الذي ينظر ما تشتهيه الدولة فيلوي أعناق النصوص إلى ما تريد. والثاني: عالم أمة، وهو الذي ينظر ما يصلح للناس ويروق لهم فيحرفوا النصوص من أجل أن يوافق أهواء الناس، وهذا كثير. الثالث: عالم ملة وهو الذي يقول بالملة وينتصر لها. وهذا الأخير هو العالم الرباني. طيب.
هؤلاء (( الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا )) من أي الأصناف الثلاثة؟
الطالب : الدولة.
الشيخ : والأمة أيضا. الدولة والأمة، ينظرون ما يصلح للناس فيحرفون الكلم عن مواضعه من أجله.
(( فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون )) توعدهم الله تعالى على الفعل وعلى نتائج الفعل، على الفعل في قوله: (( فويل لهم مما كتبت أيديهم ))، وعلى نتائجه (( وويل لهم مما يكسبون )) لأن هذا الذي كتبت أيديهم سيكون له نتائج سيئة، سينصرف الناس عن الدين ويأخذون بما كتب هؤلاء. الشاهد من هذا قوله : (( يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله )) وهذا يدل على أن الكتب السابقة قد حصل فيها ما حصل.
وقال تعالى: (( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا )) هذا أيضا فيه كتم علماؤهم لما نزلت به التوراة، مما يدل على أن التوراة ليست ايش؟ ليست محفوظة.
وقال تعالى : (( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله )) هذه الآية نتكلم عليها لفظا ثم معنى (( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب )) هنا يحسن الوقف ثم تبتدئ فتقول: (( وما هو من الكتاب ))، لأن قوله : (( وما هو من الكتاب )) رد لقوله: (( لتحسبوه من الكتاب )).
(( ويقولون هو من عند الله )) قف أيضا (( وما هو من عند الله )) ابتدئ.
أما معنى الآية (( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب )). والليُّ نوعان : ليٌّ معنوي وهو التحريف المعنوي. وليٌّ لفظي وهو التحريف اللفظي.
وجعل بعض العلماء من الليّ اللفظي أن تتلو النصوص غير القرآنية بتلاوة النصوص القرآنية، يعني: مثلا تقرأ الحديث وكأنما تقرأ القرآن، لأنك إذا قرأت الحديث بنغمة قراءة القرآن أوهم السامع أنه قرآن فيدخل ضمن قوله: (( يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب )).
قال : (( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب )) يعني أنه أنزل هذا، والله لم ينزله، وهم يعلمون أنهم كاذبون.
" وقال تعالى : (( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم و النبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله )) ". لا يمكن هذا. وهذه الآية رد على من؟ النصارى، النصارى الذين قالوا: إن عيسى ابن الله، أو إن الله ثالث ثلاثة، وزعموا أن المسيح أتاهم بذلك، فقال الله تعالى : (( ما كان لبشر ))، وإذا جاء في القرآن (( ما كان )) فهو نفي إما لانتفائه شرعا، وإما لانتفائه كونا، وإما لانتفائه شرعا وكونا.
11 - قال المصنف رحمه الله تعالى : أما الكتاب السابقة فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها , و يبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير , و لهذا لم تكن معصومة منه , فقد وقع فيها التحريف و الزيادة و النقص << فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون >> [ البقرة : 79 ] , << قل من أنزل الكتاب الذي جآء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا >> [ الأنعام : 91 ] , << و إن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب و يقولون هو من عند الله وما هو من عند الله و يقولون على الله الكذب وهم يعلمون * ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب و الحكم و النبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله >> [ آل عمران : 78 _ 79 ] , << يآأهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب >> [ المائدة : 15 ] , إلى قوله << لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم >> [ المائدة : 72 ] . أستمع حفظ