الكلام على فضائل أبي بكر.
والموطن الثاني عند موت الرسول عليه الصلاة والسلام. عمر رضي الله عنه لما قيل إن الرسول مات وأعلن موته قام في الناس في المسجد يقول: ( إن الرسول ما مات، وإنما يعني أغمي عليه، وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ) وأنكر ذلك، قام خطيبا وهو من هو؟! أبو بكر أشد الناس فيما نظن مصيبة بالرسول عليه الصلاة والسلام، وكان الرسول في ذلك اليوم قد رؤي منه نوع من النشاط، فخرج رضي الله عنه إلى بستان له في السنح، فجاءه الخبر أن الرسول مات، فجاء إلى الرسول ودخل بتؤدة ورباطة جأش وطمأنينة وكشف عن وجهه، فإذا هو قد مات، فقبله يبكي، ويقول: ( بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا، والله لا يجمع الله عليك موتتين أو ميتتين، أما الموتة الأولى فقد متّها )، ثم خرج إلى الناس، وإذا الناس قد ماجوا وهاجوا، ووجد عمر يتكلم، فقال له: على رسلك، على رسلك، تأنّ، ثم صعد المنبر وخطب الناس تلك الخطبة العظيمة التي تستحق أن تكتب بمداد الذهب، فقال: ( أما بعد فمن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ). يعني: ولتمت عبادته، لأنه يعبد محمدا ومحمد مات إذن عبادته تموت، ( ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ) رضي الله عنه ثم قرأ : (( إنك ميت وإنهم ميتون )) (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم )) قال عمر : ( فما هو إلا أن قرأها أبو بكر فما تقلني رجلاي ) فبرك، عجز ليقف، وأيقن أنه الحق. وهذا موطن عظيم جدا، ومع ذلك ثبت أبو بكر رضي الله عنه هذا الثبات العظيم وعجز عن تحمله عمر رضي الله عنه، وما أكثر من كانوا عمر في ذلك الوقت!
أما الموطن الثالث: فإنه حين مات النبي عليه الصلاة والسلام ارتد من ارتد من العرب وعزم أبو بكر على قتالهم، وعارضه عمر، قال: ( كيف تقاتلهم وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: لقد أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) وقيل له: ( كيف ترسل جيش أسامة إلى أطراف الشام ونحن نحتاج إليه؟ ) قاله من يؤيد القتال، أجاب عمر قال، أجاب عمر فقال له: ( والله لو منعوني عناقا ).
الطالب : أجاب أبو بكر.
الشيخ : آي، أجاب عمر، ما تعرفون الفرق بين المرفوع والمنصوب؟ أجاب أبو بكر عمر قال له : ( لو منعوني عقالا - أو قال عناقا - كان يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، الزكاة حق المال )، وقال في جيش أسامة : ( والله لا أحل راية عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم ). ثم كانت النتيجة والحمد لله أن غلب المرتدون، وأخذت الزكاة من أموالهم، وبالنسبة للجيش صار لأهل المدينة هيبة عظيمة في قلوب العرب، قالوا: هؤلاء أرسلوا جيوشهم إلى ؟ إلى الشام لتقاتل، إذن فعندهم قوة فهابهم الناس.
فالمهم يا إخوانا المهم أن أبا بكر رضي الله عنه كان أشد ثباتا، أشد الصحابة ثباتا في مواطن الشدة. نعم.
انتهى الوقت يقول حجاج. نعم. فوائد. نعم
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف: " ونرى أن من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم " إلى آخره.
ونناقش فيما سبق أن قرأناه.
المناقشة .
الطالب : ... .
الشيخ : .. هناك فرقا بين أن يدعى لوحدة الأديان على أنها كلها أديان صحيحة، وبين أن يدعى إلى ايش؟ إلى السلم والمعاهدة، فهذه تجوز في حال ضعف المسلمين.
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونرى أن من كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعا فقد كفر بجميع الرسل حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له , لقوله تعالى : << كذبت قوم نوح المرسلين >> [ الشعراء : 105 ] , فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحا رسول , وقال تعالى : << إن الذين يكفرون بالله ورسوله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله و يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولآئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا >> [ النساء : 150 _ 151 ]
من كفر برسالة الرسول كفر بجميع الرسل، ومن كفر بعموم رسالته فقد كفر بجميع الرسل، لأن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يأت يقول إنه رسول، بل قال: إنه رسول، وإلى الناس جميعا، فمن كفر بأصل الرسالة فهو كافر، ومن كفر بعموم الرسالة فهو أيضا كافر، لأنه ما آمن برسالته على ما جاءت به، ثم من كفر به فهو كافر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه متبع له. فالنصارى مثلا إذا قالوا: نحن لا نؤمن بمحمد رسول إلى الخلق، قلنا: أنتم الآن كفرة بعيسى، أليس كذلك؟ كفرة بعيسى، ونقولها بملء أفواهنا، ونريد أن تصل إلى أسماعهم، إنهم كفار بعيسى، وأن عيسى لو خرج لقاتلهم. والعجب أن محمدا بشارة عيسى، ومع ذلك يكذبون به، عيسى يقول: (( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليك مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) مبشرا به، هل يبشر بشيء لا يستفيد منه المبشَّر؟ لا، وكأنه يقول: آمنوا به فهو خير لكم، لأنه بشرهم، والبشارة الإخبار بما يسر. هم يقولون: إن الذي بشرنا به أحمد، والذي جاء محمد؟
الجواب على ذلك من وجهين :
الأول: هل تمنعون من تعدد الأسماء؟ اسمه أحمد واسمه محمد، كلاهما، ولا مانع .
ثانيا: أن الله قال: (( فلما جاءهم بالبينات )) فدل على أنه ليس هناك نبي منتظر (( فلما جاءهم )) وجاء فعل ماض، يعني جاء بني إسرائيل أحمد (( لما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين )).
طيب. إذن من كفر بمحمد فقد كفر بجميع الرسل إلا نوح؟نعم؟ جميع الرسل حتى بنوح؟ طيب.
فقد كفر بجميع الرسل إلا من ادعى أنه متبعه؟ لا أيضا ؟ نعم، نقول أنت كفرت بمن اتبعت.
الدليل؟ قوله تعالى: (( كذبت قوم نوح المرسلين )) مع أن نوحا لم يكذبوا ايه؟ مع، نعم، مع أن قوم نوح لم يكذبوا إلا نوحا، ولم يوجد رسول قبله. إذن كذبوا بالمرسلين الذين بعده (( كذبت قوم نوح المرسلين )) الذين بعده، وذلك لأن من كذب برسول فقد كذب بجميع الرسل إذ أن الوحي واحد نعم.
" فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحا رسول، وقال تعالى : (( إن الذين يكفرون بالله ورسوله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله )) فيؤمنون بالله ولا يؤمنون بالرسل أو يفرقون بين الرسل أيضا (( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا )) "
(( أن يتخذوا بين ذلك )) أي بين الإيمان والكفر (( سبيلا )) أي طريقا يتخلصون به من هؤلاء وهؤلاء، وذلك صادق تماما على ايه؟ على المنافقين. المنافقون يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا (( أولئك هم الكافرون حقا )) أي أحق ذلك حقا (( وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا )).
انتبهوا لهاتين الفائدتين :
الأولى : أن من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل.
الثانية : أن من آمن ببعض وكفر ببعض فقد كفر بالجميع.
ويترتب على ذلك من آمن ببعض الشريعة دون بعض. من قال أنا أؤمن بأن الصلاة فرض ركن من أركان الإسلام، لكن لا أؤمن بأن الزكاة ركن من أركان الإسلام، هذا كفر بالجميع. قال الله تبارك وتعالى : (( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا )).
ومن ذلك أيضا من يعتقد حل الحكم بغير ما أنزل الله، ويجعله قانونا مشروعا يرجع إليه عند التنازع دون الرجوع إلى الكتاب والسنة، ثم هو يصلي ويصوم ويزكي، نقول: إنه كافر ولو صلى وصام ولو زعم أنه مسلم، لأنه آمن ببعض وكفر ببعض.نعم.
3 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونرى أن من كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعا فقد كفر بجميع الرسل حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له , لقوله تعالى : << كذبت قوم نوح المرسلين >> [ الشعراء : 105 ] , فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحا رسول , وقال تعالى : << إن الذين يكفرون بالله ورسوله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله و يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولآئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا >> [ النساء : 150 _ 151 ] أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم , ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر , لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين .
الذين جاؤوا بعد الرسول يقولون إنهم أنبياء كذابون أيضا. وما أكثر ما يوجد في بعض البلدان الإسلامية من يخرج ويقول: إنه نبي يوحى إليه، إنه نبي يوحى إليه، أنا أسمع أنه يوجد الآن في إفريقيا وفي آسيا أناسا يدعون هذا، هؤلاء نقول إنهم كفرة ومن صدقهم فهو كافر.
قال : " ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر، لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين " .
4 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم , ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر , لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن للنبي صلى الله عليه وسلم خلفاء راشدين , خلفوه في أمته علما ودعوة وولاية على المؤمنين , و بأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين .
فنحن نؤمن بالخلافة الراشدة، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. نؤمن بأن هؤلاء خلفاء لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خلفوه في أمته علما ودعوة وولاية على المؤمنين. يعني هؤلاء الخلفاء خلفوا النبي عليه الصلاة والسلام في الأمة علما، فعندهم من العلم ما ليس عند غيرهم، ودعوة، فهم دعاة إلى الله وإلى دين الله، وولاية على المؤمنين، لهم الولاية والسيطرة التامة على المؤمنين، ولهذا يسمون أمراء ايش؟ أمراء المؤمنين، فيقال أمير المؤمنين عمر، أمير المؤمنين عثمان، وأمير المؤمنين علي، أما أبو بكر فجمع بين أمرين: بين كونه خليفة رسول الله، وأمير المؤمنين. ولهذا لا نقول إنه خليفة وليس أمير المؤمنين، بل هو أمير المؤمنين وخليفة. ولا يوجد أحد من الأمة يصدق عليه أنه خليفة رسول الله إلا من؟ أبو بكر. عمر خليفة أبي بكر، استخلفه أبو بكر على المؤمنين، عثمان كذلك خليفة عمر، لكن الخليفة لرسول الله هو أبو بكر، وهل هو أمير المؤمنين؟ نعم نعم.
ويدل على أنه قد يقتصر على الوصف الخاص مع وجود الوصف العام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: ( ليت أنا نرى إخواننا، ليت أنا نرى إخواننا. قالوا يا رسول الله: ألسنا إخوانك؟ قال: لا، أنتم أصحابي ) هل المعنى أنتم أصحابي ولستم إخواني؟ لا، بل أنتم أصحابي، والصحبة أخص من الأخوة.
انتبه لئلا يلتبس عليكم الأمر، أحيانا ينفي النبي صلى الله عليه وسلم وصفا لوجود وصف أخص منه، لوجود وصف هو أخص منه. فهنا _منذر اسمك منذر؟ مدثر وين رحت؟ والعقل ادثر أو لا؟ ها؟ معي؟ مكشوف؟ طيب_
أقول : إن الرسول قال: ( لستم إخواني ولكنكم أصحابي، إنما إخواني الذين يأتون من بعدي ويؤمنون بي ) أو كما قال. فهنا لا نقول: إنه لما قال ( أنتم أصحابي ) نفى أن يكونوا إخوته، لكن ذكر ما هو أخص من الأخوة، وهو الصحبة. طيب.
نقول: أبو بكر خليفة الرسول، وأمير المؤمنين أيضا؟ وأمير المؤمنين، لأن إمرته على المؤمنين ثابتة بإجماع المؤمنين، كل المسلمين بايعوا له، كل المؤمنين يشهدون بأنه خير هذه الأمة بعد نبيها، حتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يعلن على منبر الكوفة وهو خليفة المؤمنين وهو أمير المؤمنين يعلن صراحة بأن خير هذه الأمة أبو بكر ثم عمر.
والعجب أن الرافضة يدّعون ولايتهم لعلي وهم يكذبون علي بن بأبي طالب، لأنه إذا قال: ( خير هذه الأمة أبو بكر ثم عمر ) وهو قد بايع أبو بكر وبايع عمر يعني أنه ايش؟ كذاب فيما يقول، وأنه منافق، بايع على خلاف ما في قلبه، وهذا أكبر طعن في علي بن أبي طالب، ويدعون أنهم أولياؤه، وما كانوا أولياءه، إن أولياؤه إلا المؤمنون.
فعلى كل حال نحن نقول: خير، نعم، نقول: إن للنبي صلى الله عليه وسلم خلفاء خلفوه في الأمة علما ودعوة وولاية، فهم خلفاء الرسول في أمته في هذه الأمور الثلاثة.
" وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق ". نؤمن بهذا أنه أفضلهم وأنه أحقهم بالخلافة. أما كونه أفضلهم، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم ( سئل: أي الرجال أحب إليك؟ قال: أبو بكر ) صراحة، ( أي الرجال أحب إليك؟ قال : أبو بكر )، وقال على المنبر: ( لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ) والخليل هو صافي المحبة البالغ ذروتها. ولهذا امتنع الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجعل له من أمته خليلا، لأن قلبه قد امتلأ بإيش؟ بمحبة الله عز وجل طيب.
ونؤمن كذلك بأنه أحقهم بالولاية، هو أفضلهم وأحبهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه أحقهم بالولاية لوجود شواهد:
أولا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم خلفه على أمته في إمامة الصلاة، والصلاة أفضل شعائر الإسلام، فجعله خليفة له عليهم في أعظم شعائر دينهم وهي الصلاة، فكيف لا يكون خليفة في أمور دنياهم؟
ثانيا : أن الرسول عليه الصلاة والسلام خلفه على أمته في قيادة الحجيج، سنة كم؟ تسع من الهجرة، جعله الأمير على الحجاح، والحجاج كما تعلمون واسعو الدائرة، دائرتهم أوسع ممن في المدينة، فجعله هو الأمير عليهم.
ثالثا : أن الرسول قال : ( لا يبقى في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر ) مما يدل على أنه الخليفة بعده حتى يسهل وصول الناس إليه، لأن بابه في المسجد، وحتى يسهل وصوله هو أيضا إلى الناس.
رابعا : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لامرأة أتته في حاجة، فوعدها العام القادم. فقالت : أرأيت إن لم أجدك؟ قال: فائت أبا بكر ). وهذا كالنص الصريح على أنه ايش؟ الخليفة من بعده.
أيضا قال: ( يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر ). والأدلة على هذا كثيرة، فلا شك أن أبا بكر رضي الله عنه هو أفضل الأمة وأحقهم بخلافة النبي صلى الله عليه وسلم.
" ثم بعد ذلك عمر ". عمر الذي حصلت له البيعة في عهد أبي بكر، يعني: أن أبا بكر عهد إلى عمر بخلافة المسلمين، وإذا كان هو خليفة المسلمين، فتصرفه في الخليفة أو في تولية الخليفة نافذ ولا غير نافذ؟ نافذ لا شك. إذن توليته لعمر تولية صحيحة بمقتضى الشريعة، لأنه ما دام خليفة على المسلمين فله أن يخلف من يراه أهلا للخلافة. وهل خلف أبو بكر ابنه عبدالله أو ابنه عبد الرحمن أو أقاربه؟ لا. خلّف رجلا يرى أنه خير الأمة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، يعني أنه لا يتهم رضي الله عنه في كونه خلّف عمر.
بعد ذلك يقول : " ثم عثمان بن عفان ". عثمان بن عفان تولى عن طريق الانتخاب، لكنه ليس انتخاب الغربيين المبني على الدينار والدرهم، بل انتخاب الحقّ والعدل.
عمر رضي الله عنه شديد الورع، شديد الورع، وكأنه عند موته لم ير أحدا بعينه أحقّ من غيره، وإلا لكان له أسوة بأبي بكر، لكنه لم ير أحدا بعينه أحقّ من غيره، فكان يسلّي نفسه يقول: ( إن استخلف فقد استخلف أبو بكر، وإن لم أستخلف فقد ترك الاستخلاف من هو خير مني ) يعني: الرسول عليه الصلاة والسلام. فرأى رضي الله عنه بثاقب رأيه أن يجعل المسألة شورى بين من توفي عنهم الرسول عليه الصلاة والسلام وهو راض عنهم، يتشاورون من يتولى الخلافة. وهل جعل لابنه حظا منها؟ لا، ابن عمر قال: يشارك، لكنه لا يشارك في الرأي، يحضر الجلسات فقط، تطييبا لقلبه.
وعلى هذا فنقول: إن استخلاف عثمان وقع على المنهج الصحيح السليم، لأنه انتخب من بين أعضاء وضعهم من؟ عمر وهو الخليفة. فهؤلاء الأعضاء نصبوا بمقتضى الشريعة، ثم انتخبوا عثمان أيضا بمقتضى الشريعة، لأنهم حينما انتخبوا عيّنوا عثمان وعليا، ثم عرضوا على علي أن يقوم بحقها وما ذكروا من شروط، لكنه تهيب ذلك رضي الله عنه، فقبلها عثمان، فصار الخليفة حتى عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لأنه سلّم وعاهد كما عاهد غيره.
من بقي من هؤلاء؟ علي بن أبي طالب.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه آلت إليه الخلافة بلا شك بعد عثمان، ولكنه لم تكن الخلافة في عهده محل اتفاق. خرج عليه من خرج، لكن بتأويل حسابهم على الله تعالى فيه. وحصلت الفتن، من بعد مقتل عثمان حصلت الفتن العظيمة والتفرق، وجعل بأس الناس بينهم. ولكنا مع ذلك نحن نقرّ بأن الخليفة هو علي بن أبي طالب، وأنه لا حق لمعاوية ولا غيره في الخلافة. وبعد موت علي صار الخليفة من بعده الحسن ابنه الحسن رضي الله عنه، خليفة، يعني خليفة بمقتضى الشريعة، ولكنه لتوفيقه وتسديده وسيادته وشرفه تنازل عن الخلافة بعد ستة أشهر، حين تمت الثلاثون السنة التي قالها الرسول عليه الصلاة والسلام: ( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ) تنازل عنها لمعاوية تنازلا شرعيا ولا غير شرعي؟ شرعي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى ذلك في قوله للحسن: ( إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ) فنال السيادة في الدنيا والآخرة رضي الله عنه.
أخوه الحسين شاركه في السيادة في الآخرة حين قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ). لكن السيادة في الدنيا والآخرة إنما هي للحسن رضي الله عنه، وهو أفضل من الحسين بلا شك لما له من الأيادي الفاضلة والمنة على المؤمنين عموما، حيث تنازل عن الخلافة التي يسعى إليها أكثر الناس، تنازل عنها من أجل ايش؟ من أجل الإصلاح وحقن الدماء، فهو حقيقة هو الذي فدى الناس بتنازله عن الخلافة، فجزاه الله خيرا عن أمة محمد.
إذن الخلفاء الراشدون هم هؤلاء الأربعة رضي الله عنهم.
قال: " وهكذا كانوا في الخلافة " إن شاء الله في الدرس القادم.
الصفحة التي قبلها " ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وهكذا كانوا ".
5 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن للنبي صلى الله عليه وسلم خلفاء راشدين , خلفوه في أمته علما ودعوة وولاية على المؤمنين , و بأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين . أستمع حفظ
تلخيص ما سبق .
سبق لنا أن من عقيدتنا أن نؤمن بالخلفاء الراشدين، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. وأن نؤمن بأن أفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي. وكانوا كذلك في الفضل كما كانوا كذلك في الخلافة.
وقد أجمع أهل السنة على تفضيل أبي بكر ثم عمر بدون نزاع. ثم اختلفوا في عثمان وعلي، فمنهم من قال: علي أفضل، ومنهم من قال: عثمان أفضل، ومنهم من قال: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وسكت، ومنهم من توقف.
لكن استقر أمر أهل السنة والجماعة بعد ذلك على أن عثمان أفضل من علي.
والمفاضلة بين عثمان وعلي ليست من باب العقيدة، بل هي من باب الاجتهاد.
لكن الذي من العقيدة هو الخلافة، فإن أهل السنة مجمعون على أن الخليفة بعد عمر هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، لم يختلف أحد في ذلك، ومن طعن في ذلك وقال: إن عليا أولى بالخلافة من عثمان، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. هكذا قال الحسن فيما أظن، أن من قال: إن عليا أفضل فقد أزرى أي عاب على المهاجرين والأنصار، وقدح فيهم حيث قدموا من ليس بأفضل على من هو؟ امش أفضل. وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : " من طعن في خلافة واحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله " ومعلوم أن من قال علي أحق بالخلافة من عثمان فقد طعن في خلافة عثمان. ولهذا كان الرافضة يطعنون في خلافة الثلاثة كلها، لأنهم يقولون: إن عليا أحق منهم بالخلافة، فلهذا يطعنون في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ويقولون: إنها خلافة جائرة ظالمة ليس لها حق، ولكنهم كذبوا في ذلك، ولا غرابة أن يقولوا هكذا لأنهم لا يرون الصحابة شيئا، بل يطعنون فيهم جملة أو تفصيلا، إلا ما استثنوا من آل البيت.
المهم أن لدينا مسألتين، المسألة الأولى: الخلافة، والمسألة الثانية: التفضيل.
الخلافة على الترتيب الآتي يا صالح، ما هو؟
الطالب : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي.
الشيخ : بالإجماع؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم. الخلافة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي بإجماع أهل السنة، بل وبإجماع الصحابة رضي الله عنهم. ولايجوز لأحد أن يطعن في خلافة واحد منهم، بل هم الخلفاء على هذا الترتيب.
وأما التفضيل فقد اتفقوا على أن أبا بكر ثم عمر أفضل الصحابة، حتى علي رضي الله عنه كان يخطب على منبر الكوفة بعد خلافته ويقول: ( خير هذه الأمة أبو بكر ثم عمر ) وأحيانا يقول : ( ثم عثمان ).
هم في الفضيلة كمراتبهم في الخلافة، على ايش؟ على ما استقر عليه أمر أهل السنة والجماعة، وإن كان هناك خلاف قديم في المفاضلة بين من؟ بين علي وعثمان، لكن لم يقع خلاف في المفاضلة بين أبي بكر وعمر مع هذين الاثنين. طيب.
قال المصنف رحمه الله تعالى : وهكذا كانوا في الخلافة قدرا كما كانوا في الفضيلة , وما كان الله تعالى ـ وله الحكمة البالغة ـ ليولي على خير القرون رجلا و فيهم من هو خير منه, و أجدر بالخلافة .
قال : " وما كان الله - وله الحكمة البالغة - ليولي على خير القرون رجلا وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة ".
هذا احتجاج بمقتضى الحكمة، وقد ورد فيه نقاش، " ما كان الله ليولي على خير القرون رجلا وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة " بعض العلماء يقول، أو بعض الإخوان يقول: أليس قد وليّ على المسلمين في الخلافة وفيهم من هو خير منه؟
نقول: بلى، لكن ليس في زمن خير الأمة. صحيح أنه وليّ بعد الخلفاء الراشدين على الأمة الإسلامية من ليس هو خير الأمة، لكن نحن نتكلم على خير الأمة، ما كان الله تعالى ليولي على هذا الشعب المختار رجلا وفيه من هو خير منه، لأن هذا تأباه حكمة الله عز وجل، وأما بعد ذلك فلا شك أن من الخلفاء من هو أدون وأدون وأدون بكثير من كثير من الشعوب. نعم.
7 - قال المصنف رحمه الله تعالى : وهكذا كانوا في الخلافة قدرا كما كانوا في الفضيلة , وما كان الله تعالى ـ وله الحكمة البالغة ـ ليولي على خير القرون رجلا و فيهم من هو خير منه, و أجدر بالخلافة . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضله , لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة .
نعم. المفضول من هؤلاء ربما يكون له خصيصة يتميز بها عن غيره، لكن الفضل المقيد لا يستلزم الفضل المطلق.
وهذه مسألة يا إخواني انتبهوا لها حتى يزول عنكم إشكالات كثيرة.
الفضل المطلق شيء، والمقيد شيء، فلا يتعارضان، فلا يلزم من ثبوت الفضل المقيد أن يثبت الفضل المطلق، ولا يلزم من الفضل المطلق أن ينتفي الفضل المقيد.
فمثلا: من الصحابة من هؤلاء من له ميزة خاصة، مثلا الشيطان يفرّ من عمر، أليس كذلك؟ ولكنه لم يرد مثل ذلك في أبي بكر، مع أن أبا بكر أفضل منه.
عثمان رضي الله عنه قال له الرسول عليه الصلاة والسلام حينما جهز جيش العسرة : ( ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم ). وقال : ( من يشتري بئر رومة وله الجنة ) فاشتراها عثمان، وتزوج عثمان اثنتين من بنات الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يحصل ذلك لغيره، فله ميزات. هل نقول: يلزم من ذلك أن يكون أفضل من عمر؟ لا، لأن عمر فضله مطلق وهذا فضل مقيد.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه له ميزات أيضا، قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر : ( ليعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه ) فميزه بالمحبة وبأنه يفتح على يديه. ( وحين سأل عنه قالوا إنه يشتكي عينيه، فأمر به فأتى فبصق في عينينه فبرأ كأن لم يكن به وجع، ثم أعطاه الراية وقال: انفذ على رسلك، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) هذه خصيصة لم تكن لأبي بكر ولا لعمر، لكن هل يلزم من ذلك أن يكون علي أفضل منهما؟ لا.
كذلك أيضا لما خلفه في غزوة تبوك وجزع رضي الله عنه قال: ( تخلفني في النساء والذرية ) أو كلمة نحوها، قال: ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ). وهذه خصيصة له، لأنه خلفه في أهله كما خلف هارون موسى في قومه.
المهم أن الخصيصة المقيدة لا تنافي الفضيلة ايش؟ المطلقة.
بل أعظم من ذلك ( أمر النبي عليه الصلاة والسلام من أدرك أويس القرني أن يطلب منه الدعاء ) هل هذه الخصيصة صارت لأحد من الصحابة؟ أبدا، مع أن الصحابة أفضل من أويس، أبو بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وغيرهم أفضل من أويس بلا شك، لكن هذه خصيصىة له، ولم يأمر الرسول أحدا أن يطلب من أبي بكر ولا من عمر ولا من عثمان ولا من علي ولا من غيرهم أن يدعو له. طيب. فهل نقول: هذه الخصيصة تقتضي أن يكون أويس أفضل؟ لا.
بل إن الرسول أخبر ( بأن العاملين في أيام الصبر للواحد منهم أجر خمسين من الصحابة ) فهل يلزم من هذا أن يكون هؤلاء أفضل من الصحابة؟ لا، لا يلزم، هذه خصيصة مقيدة بهذا الزمن الصعب الضنك، لأنك إذا رأيت المجتمع لا يعمل بعبادة الله ثقل عليك أن تعبد الله وحدك، وأيضا ربما تتخذ ايش؟ هزوا فتصبر وتتحمل، فنالوا هذه الخصيصة بسبب ما يعانونه من الضيق والمضايقة، لكن لا يلزم من هذا أن يكونوا أفضل من الصحابة.
وهذه قاعدة تنفعك: أن الفضل منه مطلق ومنه مقيد، ولا يلزم من الفضل المقيد أن يكون أفضل من المطلق، ولا يلزم من الفضل المطلق أن لا يكون للمفضول فضل مقيد.
ولهذا قال : " ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضَلَه لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة ". فقد يثبت خصيصة منها لشخص دون آخر.
8 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضله , لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم و أكرمها على الله عز وجل وأنها خير من بني إسرائيل وممن وراء بني إسرائيل, لقوله تعالى : <<كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله >> [ آل عمران : 110 ] .
لكن وصفهم بأوصاف، لننظر هل يتحقق في هذه الأمة أو لا؟ (( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) وبنو إسرئيل (( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ))، ولا يتآمرون بالمعروف أيضا، فلذلك فضلت هذه الأمة على غيرها بأسباب كثيرة، منها هذه الميزة العظيمة، منها هذه الميزة العظيمة وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله.
فإذا قال قائل: لماذا أخر الإيمان بالله على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ لأن الإيمان بالله يكون منهم ومن غيرهم، حتى الأمم السابقة تؤمن بالله، لكن الميزة العظيمة التي حصلوا بها على هذه الفضيلة هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
9 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم و أكرمها على الله عز وجل وأنها خير من بني إسرائيل وممن وراء بني إسرائيل, لقوله تعالى : <<كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله >> [ آل عمران : 110 ] . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم .
الطالب : جنسا وأفرادا.
الشيخ : جنسا وأفرادا في معنى واحد فقط وهو الصحبة، فالصحبة لا أحد يساويهم فيها أبدا، لأن كل من بعدهم ليس صحابيا، لكن هناك أشياء أخرى كما قلنا فيما سبق، موجبات الفضل كثيرة، قد يفوق فيها التابعي صحابيا من الصحابة، كما ذكرنا لكم آنفا أيضا أن أجر الواحد في أيام الصبر كأجر خمسين. قد يوجد من التابعين إمام في العلم إمام في الدعوة إلى الله إمام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إمام في كل شيء مما يتعلق في الدين لا يوجد هذا في صحابي جاء إلى المدينة فآمن بالرسول عليه الصلاة والسلام ثم انصرف إلى إبله. لكن الصحبة لا يمكن أن ينالها ايش؟ أحد بعدهم.
إذن باعتبار العموم هم أفضل الصحابة، باعتبار الخصوص يعني كل فرد بانفراد فهذه قد يكون لمن بعدهم فضائل مو فضيلة واحدة لم تأت لهذا الفرد المعيّن.
" ثم التابعون " نقول فيهم ما قلنا في الصحابة، يعني: هذه الطبقة من الأمة من حيث الجنس أفضل ممن بعدهم، لكن قد يكون في أتباع التابعين من هو أفضل بكثير من التابعين.
" ثم تابعوهم " كم قرنا هؤلاء؟ ثلاثة، وهذه هي القرون التي يعبر عنها العلماء بالقرون المفضلة التي وردت في حديث عمران بن حصين.
نحن نقول: الصحابة ثم التابعون ثم التابعون وهؤلاء هم القرون المفضلة التي يعبر عنها العلماء بهذا التعبير، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في حديث عمران بن حصين ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )، ثم عاد تأتي الطبقات الكثيرة المتنوعة.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " وكلما بعد العهد بالرسالة ضعفت الفضيلة، كلما بعد العهد من الرسالة ضعفت الفضيلة ". وهذا يؤخذ من قول أنس بن مالك رضي الله عنه حين شكا إليه الناس ما يجدونه من الحجاج بن يوسف الثقفي، قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ). نعم. انتهى الوقت؟ ونقف على هذا. موقف طيب. نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : الي هو؟
10 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم . أستمع حفظ
حديث :" لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه "هل هو عام في جميع الأحوال ؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : لا، مو على كل حال، ما يمكن هذا، لأنه قد يكون في أرض دون أرض صح، في أرض دون أرض، لكن ليس بالنسبة للجملة والعموم.
السائل : ... .
الشيخ : أي يمكن هذا ما ينافي الحديث نعم.
السائل : بارك الله فيكم، هل هذا الحديث ينصرف إلى الولاة كما قال بعض أهل العلم؟
الشيخ : يمكن يمكن، ونحن قلناه أيضا من قبل، ولعله في ذهنك. ايه، لكن نقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، صحيح أن أنس بن مالك استدل به على قصة الحجاج وأنه شر ممن قبله وأن من بعده سيكون شرا منه. لكن حتى هذا ما ينفع، لأنه قلّ أن تجد شيئا مثل، قلّ أن تجد أمير أو حاكما فعل مثل ما فعل الحجاج، ولا سيما فيما بعده أيضا. نعم. عمر بن عبد العزيز رحمه الله زمانه ما فيه شيء، ما فعل مثل ما فعل الحجاج. نعم.
السائل : يرد بارك الله فيكم عن بعض التابعين أنه حين يسمع القرآن يغشى عليه، أو ربما مات، ولا نجد ذلك في بعض الصحابة فهل هذا يستلزم الفضل؟