تتمة ما سبق .
فلذلك يجب علينا أيها الإخوة يجب علينا أن نعتقد مقتضى قوله تعالى : (( إن الله كان عليما حكيما )) وأن الحكمة في كل ما قدره الله وكل ما شرعه الله، وأنت سر مع القدر حيث سار تجد فيه الرائحة، أستغفر الله، تجد الطمأنينة والاستراحة التامة. سر مع القدر حيث شاء، لكن في المعصية لا، لا ترضى بها.
قال المصنف رحمه الله تعالى : وللقدر أربع مراتب :المرتبــــــة الأولى : العلـــــــــم : فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيئ عليم , علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي , فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم .
نؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم بعلمه الأزلي الأبدي " فلا يتجدد له علم بعد جهل، ولا يلحقه نسيان بعد علم ". قال موسى عليه الصلاة والسلام حين سأله فرعون : (( ما بال القرون الأولى )) أي ما شأنها أخبرني عنها قال له موسى : (( علمها عند )) من؟ (( عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )) هذا واحد، يجب أن تعلم بأن الله تعالى بكل شيء عليم، عالم حتى بأفعالك، حتى أفعالك الله عالم بها.
2 - قال المصنف رحمه الله تعالى : وللقدر أربع مراتب :المرتبــــــة الأولى : العلـــــــــم : فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيئ عليم , علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي , فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : المـــــــرتبة الثانية : الكتـــــــــــــابة : فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة : << ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء و الأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير >> [ الحج : 70 ] .
اللوح المحفوظ يعني المحفوظ عن الأيدي المحفوظ عن التغيير، لوح لا يناله أحد، لوح لا يتغير ما فيه. هذا اللوح من خشب؟ أجيبوا؟
الطالب : الله أعلم.
الشيخ : طيب. من حديد؟
الطالب : الله أعلم.
الشيخ : من ذهب؟
الطالب : الله أعلم.
الشيخ : من فضة؟
الطالب : الله أعلم.
الشيخ : من نور؟
الطالب : الله علم.
الشيخ : الله أعلم، نؤمن بأنه لوح محفوظ، كتب الله فيه مقادير الخلق ما هو كائن يوم القيامة.
أتدرون كيفية الكتابة؟ خلق الله القلم فقال له: اكتب. فقال القلم: يا رب ماذا أكتب؟ سمع أو لم يسمع؟
الطالب : سمع.
الشيخ : أطاع أو لم يطع؟
الطالب : أطاع.
الشيخ : أطاع لكن الأمر مجمل لم يبين فيه المكتوب، قال : ( اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ). فكتب بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة. انظر خضوع الكائنات لله، وأنت يا ابن آدم ما تخضع إلا بشرط.
القلم فيما نعلم أنه جماد ( فقال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) بعلم الله عز وجل، كل ما كان أو يكون في الدنيا أو للإنسان أو لأي أحد مكتوب في اللوح المحفوظ.
قال في الحديث : ( فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ) نؤمن بهذا.
إذن علم، الثاني؟ كتابة.
الدليل؟ قال الله تعالى: (( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك )) أي المعلوم (( في كتاب )) الكتاب هو الثانية، ويعلم هي الأولى. (( إن ذلك على الله يسير )) يعني: إن علم ذلك بل إن كتابة ذلك على الله يسيرة.
هل احتاج الله عز وجل إلى دواة وإلى مداد وما أشبه ذلك؟ لا، كلمة واحدة ( اكتب ما هو كائن ) وهل هذا صعب؟ أجيبوا يا جماعة؟ (( إن ذلك على الله يسير )).
إذن بارك الله فيكم هذه الآية تضمنت الدليل للمرتبتين، هما يا عقيل؟
الطالب : العلم والكتابة.
الشيخ : العلم والكتابة. طيب.
المرتبة الثالثة. طيب (( ألم تعلم )) كلنا يعلم أن الاستفهام هنا للتقرير للتقرير، مثل (( ألم نشرح لك صدرك )) (( ألم يك نطفة من مني يمنى )) وأمثال هذا كثير.
3 - قال المصنف رحمه الله تعالى : المـــــــرتبة الثانية : الكتـــــــــــــابة : فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة : << ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء و الأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير >> [ الحج : 70 ] . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : المــــــــرتبة الثالثة : المشيـــــــــــئة : فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السموات و الأرض لا يكون شيئ إلا بمشيئته , ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .
كل المسلمين يقول هكذا، كل المسلمين يقولون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. إذن فالكائنات كلها بمشيئة الله طيب. فعل العبد؟
الطالب : بمشيئة الله.
الشيخ : بمشيئة الله. المطر؟ بمشيئة الله. خلق الإنسان؟ بمشيئة الله. فكل شيء بمشيئة الله سواء كانت من أفعاله التي لا يفعلها إلا هو، أو من أفعال العباد، كل ذلك بمشيئة الله.
4 - قال المصنف رحمه الله تعالى : المــــــــرتبة الثالثة : المشيـــــــــــئة : فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السموات و الأرض لا يكون شيئ إلا بمشيئته , ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : المـــــــرتبة الرابعة : الخلــــــــــــــق : فنؤمن بأن الله تعالى : << خالق كل شيئ وهو على كل شيئ وكيل * له مقاليد السموات و الأرض >> [ الزمر : 62_ 63 ] .
خالق كل شيء، كل شيء مخلوق لله. الأخ؟ الإنسان مخلوق لله؟ عمله مخلوق لله ؟ حتى حركته مخلوقه لله؟ ولا خلق الله الآدمي وقال سوي الي تبيه ؟ نعم؟
الطالب : الأول.
الشيخ : الأول، كل حركة فهي خلق لله عز وجل، كل سكون فهو خلق لله. نعم. (( خالق كل شيء )).
العجب أن الجهمية استدلوا بالآية الكريمة على أن القرآن مخلوق، وهذا الاستدلال باطل، لأن المخلوق منفصل بائن عن الخالق، إذ أن المخلوق يستلزم ثلاثة أشياء: خالق وخلق ومخلوق. فالمخلوق إذن ليس من صفات الخالق. أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : ما الذي من صفات الخالق؟ الخلق فهو بائن منفصل عنه، فهل القرآن شيء بائن منفصل يعني محسوس ينظر بالعين أو هو كلام من صفات المتكلم؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، إذن كيف تقولون إن الله خالق القرآن، لا يمكن أبدا، بل القرآن وصفه، لأنه كلامه ووصف الإنسان ليس من مفعولاته.
طيب. أعطيتك تمرة أكلتها، هل فعلك هو التمرة؟ أو التمرة مأكولة، والأكل غير المأكول؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني؟ طيب، وهل أنت الأكل؟
الطالب : لا.
الشيخ : أنت آكل، ومضغك أكل، والممضوغ مأكول.
إذن فيجب الإنسان يفرق بين المفعول البائن وبين الفعل الذي هو وصف الفاعل.
فالقرآن كلام الله، والآية لا تدل عليه، لأن الله خالق كل شيء فيلزم أن يكون المخلوق بائنا منفصلا عن الخالق.
قال : (( وهو على كل شيء وكيل )) أي: حفيظ (( له مقاليد السماوات والأرض )) المقاليد المفاتيح، يعني: أن مفاتيح الأمور كلها بيد الله عز وجل.
5 - قال المصنف رحمه الله تعالى : المـــــــرتبة الرابعة : الخلــــــــــــــق : فنؤمن بأن الله تعالى : << خالق كل شيئ وهو على كل شيئ وكيل * له مقاليد السموات و الأرض >> [ الزمر : 62_ 63 ] . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه , ولما يكون من العباد , فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى , مكتوبة عنده , و الله تعالى قد شاءها وخلقها : << لمن شآء منكم أن يستقيم * وما تشآءون إلآ أن يشآء الله رب العالمين >> [ التكوير : 28 _ 29 ] , << ولو شآء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد >> [ البقرة : 253 ] << ولو شآء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون >> [ الأنعام : 137 ] << و الله خلقكم وما تعملون >> [ الصافات : 96 ]
" كل ما يقوم به العباد من أقوال " مثل؟
الطالب : التسبيح التهليل.
الشيخ : التسبيح والتكبير والتهليل وقراءة القرآن.
" أو أفعال " كالصلاة الركوع والسجود والقيام والقعود.
" أو تروك " كترك الزنا ترك الخمر ترك الربا وما أشبه ذلك.
فإذا قال قائل: هل الترك فعل؟
قلنا : نعم، لأن الترك كف النفس عن الفعل، فلكونه كفا صار فعلا، إذن هو مخلوق لله عز وجل، ففعلك مخلوق وتركك مخلوق.
قال: " فهي معلومة لله مكتوبة عنده والله تعالى قد شاءها وخلقها ".
نحن والحمد لله نؤمن بذلك، خلافا للذين قالوا: إن أفعال العبد يستقل بها العبد مشيئة وخلقا، ولا مشيئة لله في أفعال العباد، ولا خلق لله في أفعال العباد من هؤلاء؟
الطالب : القدرية.
الشيخ : القدرية، القدرية الذين هم المعتزلة يقولون بهذا. والغريب أن القدرية إخوان للجهمية وأعداء للجهمية. أحيانا يكونون إخوانا، وأحيانا يكونون أعداء. هم إخوان في باب الصفات، في باب الصفات إخوان، كلهم يقولون إن الله معطل عن الصفات. في باب القدر ايش؟ أعداء. الجبرية يقولون إن هذا كله فعل الله عز وجل والعبد ما له فعل، وإنما تنسب الأفعال إليه مجازا، كما ينسب الإحراق للنار، فالنار لا تحرق بنفسها، بمعنى أنها لا تشاء الإحراق، كذلك العبد، يجعلون فعل العبد كإحراق النار تماما بدون إرادة من العبد، وهؤلاء الجبرية وهم الجهمية، وهم على طرفي نقيض مع المعتزلة، مع المعتزلة، الجبرية مع المعتزلة.
المعتزلة يقولون : الإنسان مستقل، مستقل بعمله، وربما نشير إليه بعد.
قال : " قد شاءها وخلقها " الدليل؟ (( لمن شاء منكم أن يستقيم )) فأضاف المشيئة للعبد والفعل للعبد. أين إضافة المشيئة _الأخ_ للعبد؟ (( لمن شاء منكم )). وأين إضافة الفعل للعبد؟ (( أن يستقيم )).
قال : (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )). لا يمكن أن نشاء الاستقامة أو الانحراف والعياذ بالله إلا بمشيئة الله عز وجل.
لو أراد الإنسان أن يستقيم وأراد الله تعالى أن يضل ماذا يكون؟
الطالب : ما يستقيم.
الشيخ : ايه، لا يستقيم.
لو أراد أن يضل وأراد الله تعالى أن يستقيم؟
الطالب : يستقيم.
الشيخ : لاستقام ولم يضلّ قال تعالى : (( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين )).
هذه الآية استدل بها الجبرية، لأنه قال الإنسان ما يشاء إلا أن يشاء الله، وهي في الحقيقة حجة عليهم، لأن الجبرية ينكرون مشيئة العبد، والآية تثبت ذلك.
وقال تعالى : (( ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون ))، وقال تعالى : (( ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ))، وقال تعالى : (( و الله خلقكم وما تعملون )). من الذي نقل الله عنه هذا القول؟ إبراهيم، إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال لقومه : (( أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون )). فالآية صريحة بأن الله خلق الإنسان، وصريحة في أن الله خلق عمله، هذا إذا جعلنا مصدرية. طيب.
الآية (( خلقكم وما تعملون )) نقول: خلقكم وخلق أعمالكم بناء على ايش؟ على أن ما مصدرية، أي: خلقكم وعملكم. وهي على كونها مصدرية واضحة أن الله خلق عمل العبد. لكن في احتمال أن تكون ما اسما موصولا، أي: خلقكم وخلق الذي تعملونه، أي خلق مفعولكم. وقد قيل: إذا جاء الاحتمال هاه؟ زال الاستدلال، مع الاحتمال لا استدلال.
فنقول: حتى على القول بأن ما اسم موصول، أي: خلق الذي تعملون، يدل على أن عمل العبد مخلوق، لأنه إذا كان مفعوله مخلوقا، ففعله من باب أولى في الواقع، إذ أن المخلوق ناتج عن مخلوق، فيكون هذا دليلا على أن عمل العبد مخلوق من الوجهين.
وفيه رد على القدرية، ونعم، ولكن مع ذلك أي مع هذا الإيمان بالمراتب االأربع، والمراتب الأربع هي الأخ؟ كم مراتب القدر الأربع؟ وهي؟
الطالب : العلم.
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : والثاني؟
الطالب : الثاني: العلم والمشيئة.
الشيخ : لا، رتب رتب.
الطالب : العلم.
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : لا، ما هي بآخر شيء، حتى هذا غلط، ولا نريد أن تقفز من أول شيء إلى آخر شيء.
ما رأيك لو طلبنا منك أن تقوم وتتوضأ أو على الأقل تغسل وجهك، ممكن؟ نعم؟ طيب. عشان تنشط.
من يقولها مرتبة؟ نعم.
الطالب : العلم والكتابة والمشيئة والخلق.
الشيخ : نعم. العلم والكتابة والمشيئة والخلق. جمعت هذه المراتب الأربعة في بيت :
" علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجاد وتكوين ".
أعيدها الثانية :
" علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجاد وتكوين ".
وللمرة الثالثة وهو بيت واحد :
" علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجاد وتكوين ".
من حفظه؟ واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة ثمانية.
أنا لا أسمح للذي حفظها أولا أن يقول حفظته الآن. من الذي حفظه الآن؟ لا شيء، اللهم. كمال حافظه من قبل؟
الطالب : لا.
الشيخ : صحيح؟
الطالب : نعم.
الشيخ : اقرأ
الطالب : علم كتابة مشيئة مولانا.
الشيخ : خطأ.
الطالب : " علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجاد وتكوين ".
الشيخ : صح، صحيح. اقرأ.
الطالب : " علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه ".
الشيخ : وخلقه.
الطالب : هو إيجاد.
الشيخ : وهو إيجاد وتكوين. طيب. حفظته أولا؟
الطالب : إن شاء الله.
الشيخ : أولا؟
الطالب : مع التكرار.
الشيخ : من اليوم حفظته؟ قبل ما حفظته؟ يلا أقرأ.
الطالب : علم كتابة مولانا وخلقه.
الشيخ : خطأ.
الطالب : " علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجاد وتكوين ".
الشيخ : صح؟ خلاص هو على كل حال بيت واحد لكن يبين لك الأشياء مرتبة.
قال : " ولكننا مع ذلك " أي مع إيماننا بهذه المراتب الأربعة. " ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختيارا وقدرة بهما يكون " الفعل. انتهى الوقت؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أجل نقف على هذا. نعم.
6 - قال المصنف رحمه الله تعالى : وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه , ولما يكون من العباد , فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى , مكتوبة عنده , و الله تعالى قد شاءها وخلقها : << لمن شآء منكم أن يستقيم * وما تشآءون إلآ أن يشآء الله رب العالمين >> [ التكوير : 28 _ 29 ] , << ولو شآء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد >> [ البقرة : 253 ] << ولو شآء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون >> [ الأنعام : 137 ] << و الله خلقكم وما تعملون >> [ الصافات : 96 ] أستمع حفظ
هل نترك العمل لأن كل شيئ مقدر ؟
الشيخ : لا، الله قدر عليك الرسوب الحاصل.
السائل : نعم.
الشيخ : لكن المستقبل ما ندري. ولهذا نحن لا نعلم أبدا أن الله قدر الشيء إلا بعد؟ بعد أن يقع. لكن إذا وقع ما نقول: نحن والله استقللنا به، نقول: نجزم أن الله شاءه من قبل.
السائل : شيخ هذا يحصل مع الإنسان في المجريات اليومية، أحيانا يذهب إلى طبيب.
الشيخ : نعم.
السائل : ثم ما يجد الطبيب.
الشيخ : طيب.
السائل : يروح ويرجع ما جاء الطبيب.
الشيخ : نعم.
السائل : طيب يعني يظل يحاول ولا يقول إن الله قدر.
الشيخ : لا لا، يظل يحاول، يظل يحاول.
السائل : طيب أين التسليم للقدر؟
الشيخ : الأسباب من القدر، ولهذا لما جاء عبد الله بن رواحة إلى أمير المؤمنين، نعم، أبو عبيدة عامر بن الجراج في مسألة الطاعون، وأظنها معروفة لكم.
الطالب : نعم.
الشيخ : معروفة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رحل من المدينة إلى الشام، وفي أثناء الطريق جاءه الخبر بأن الشام قد وقع فيه الطاعون. والطاعون وباء معد مهلك، فتوقف، توقف وشاور الصحابة، وجاء بهم أفرادا بالنوع، وجاء بهم جميعا، وشاورهم، استقر الرأي على أن يرجعوا وأن لا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، فجاء أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام : ( أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ) والذي قال عمر عند استشهاده : ( لو كان أبو عبيدة حيا لجعلته خليفه )، لأن الرسول قال : ( إنه أمين هذه الأمة ) جاء إلى عمر، قال: يا أمير المؤمنين، كيف نرجع ؟ أفرارا من قدر الله؟ قال: ( نعم، نفر من قدر الله إلى قدر ).
ففعل الأسباب من قدر الله، وترك العمل من قدر الله، وعدم تأثير الأسباب من قدر الله، كل شيء من قدر الله.
ثم ضرب له مثلا، قال: ( أرأيت لو كان لك إبل، وكان هناك واد له شعبتان، شعبة مخصبة طيبة، أترعاها في المخصبة الطيبة أو في المجدبة؟ قال : في المخصبة. قال : إن ترعاها بقدر الله أو بغير قدر الله؟ قال : بقدر الله. قال : نحن الآن نعدل عن هذه البلاد التي فيها الوباء إلى بلاد سالمة بقدر الله ).
كيف يكون الإستسلام للقدر ؟
الشيخ : أنه إذا وقع ما تكره قل: قدر الله وما شاء فعل. ألم تقرأ الحديث؟ ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ). كلمة ( ولا تعجز ) هذه سد لباب الذي قلت. تكرر إلى الطبيب ولم يجده. لا تعجز ما دام في الأمر حيلة افعل، وإن أصابك شيء، يعني: بعد فعل الأسباب ( فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ). الأشياء المقدورة.
يا جماعة أبي أنصحكم، إذا كنت أجيب على سؤال لا أحد يفكر في السؤال الي عنده، لئلا تضيع عليه الفائدة، ربما تكون الفائدة في جواب السائل أكبر من الفائدة التي يريد أن يسأل عنها.
أقول : أما. الأمور الواقعة تارة تكون بمحاولتك أنت وتعجز عنها، وتارة تكون من الله مباشرة، كالمرض والحادث وما أشبه ذلك. كلها يجب عليك أن تستسلم، لا الشيء الذي فعلت أسبابه ولم تنجح، ولا الشيء الذي ليس لك فيه قدرة ولاحيلة ووقع لك. نعم.
السائل : أحسن الله إليك بالنسبة لمذهب الأشاعرة.
الشيخ : ترى عشر دقائق هذا.
السائل : عشرة؟
الشيخ : ايه لأنه درسين.
هل صحيح أن مذهب الأشاعرة هو مذهب أهل السنة في القدر ؟
الشيخ : لا لا أبدا. مذهب الأشاعرة في باب القدر يشبه مذهب الجبرية، بل هو في الحقيقة مذهب لا يمكن أن يتصوره الإنسان. يقول: الله خلق الفعل وفعل العبد كسبه، سبحان الله! وش معنى هذا؟ لكن هم يتناقضون مثل ما تناقضوا في الكلام، وهو أعظم من هذا، قالوا: إن الله يتكلم، ولكن كلامه في نفسه وما سمعه جبريل فهو مخلوق.
السائل : يعني الكسب هنا يشكل، ما نفهم ايش معناه؟
الشيخ : ما أنت فاهمه ما أنت فاهمه لأنهم حتى هم يقولونه ولا يفهمونه. نعم. ولهذا يقولون: ثلاثة أشياء ما لها أصل أو ما لها معنى، هي من جملتها الكسب عند الأشعري. نعم.
هل من أنكر العلم والمشيئة منكر للكتابة و الخلق ؟
الشيخ : نعم. هو من أنكر العلم والكتابة منكر للمشيئة والخلق. لكن لاحظوا أن المعتزلة متأخروهم هانوا قليلا - وهذا مكانك؟ ها؟ ولا ما تجي، لا بأس إن شاء الله، طار عنك النوم الآن ؟ -
يقول شيخ الإسلام: " إن غلاة القدرية قديما كانوا ينكرون العلم والكتابة، ومنكروه اليوم قليل ". هذا في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية صاروا ينكرون المشيئة والخلق، لكن يقولون: إن الله عالم بذلك. والحقيقة أنهم إذا قالوا إن الله عالم بذلك فإنهم مخصومون، ولهذا قال الشافعي رحمه الله قال : " ناظروهم بالعلم، إن أنكروه كفروا، وإن أقروا به خصموا " وهذه كلمة حقيقة. القدرية متأخروهم يقولون: إن الله عالم كاتب لكن لا يشاء ولا يخلق. عرفت؟ نقول كما قال الشافعي: هل تقرون بأن الله عالم؟ إذا قالوا نعم. هل تقولون أن الله كتب كل شيء؟ قالوا نعم. هل تقرون بأن ذلك بمشيئته؟ قالوا لا. فهمت؟ نقول: أنتم الآن خصمتم، ما دمتم أقررتم بأن الله عالم بهذه الأشياء عالم بكل شيء شاء لكل شيء، فهل وقع ما وقع من العبد على وفق معلومه أو على خلاف معلومه؟
الطالب : سيقولون على وفق معلومه.
الشيخ : إن قالوا على وفق معلومه، قلنا: هذا الذي نريد، خصمتم. وإن قالوا: على خلافه، كفرتم، لأنه يلزم من هذا أن الأشياء تقع على خلاف معلوم الله فيكون الله جاهلا. واضح؟ نعم.
هل العرش أول المخلوقات أم القلم ؟
الشيخ : كثير من الأشياء أدخلها المتكلمون في العقائد وهي لا حاجة لها، لا حاجة لها، خاضوا في أشياء كثيرة منها ما ذكرت. هل العرش أول أو القلم أول؟ نعم؟ والصحيح ما ذكره ابن القيم رحمه الله في النونية حيث قال :
" والناس مختلفون في القلم الذي *** كتب القضاء به من الديان
هل كان قبل العرش أو هو بعده *** قولان عند أبي العلاء الهمداني
والحق أن العرش قبلُ لأنه *** قبل الكتابة كان ذا أركان ".
وهذا هو الحق، العرش هو أول المخلوقات التي نعلمها. القلم ( إن أول ما خلق القلم قال له اكتب ) المعنى أن الله من حين خلقه أمره بالكتابة، لم يخلق قلما دون أن يكتب، ولكنه خلق القلم ثم أمره بالكتابة. عرفت؟ نعم.
ما هي أقسام المشيئة ؟
الشيخ : آي. المشيئة نوعان مشيئة سابقة وهذه تابعة للعلم، ومشيئة مقارنة للفعل، وهذه مقارنة للفعل، يعني: قد شاء الله مثلا أن يفعل العبد كذا وكذا في يوم كذا وكذا في ساعة كذا وكذا في بلد كذا وكذا. هذا شاءه من قبل، وهو كائن في علمه عز وجل. لكن المشيئة الحادثة التي بها يكون الفعل هذه متأخرة عن الكتابة.
الطالب : انتهى الوقت.
الشيخ : انتهى الوقت؟ طيب.
نحن البارحة واعدينهم بعد.
هل الأقدار المضرة للعبد تختص بتكفير ذنوب العبد ؟
الشيخ : ايش؟
السائل : الأقدار التي هي ابتلاءات.
الشيخ : الأقدار؟ نعم.
السائل : الابتلاءات تختص برفع الدرجات وتكفير السيئات...
الشيخ : آي. الأقدار المؤذية للعبد تكفر بها السيئات على كل حال، لأنها نوع من العقوبة، وقد قال الله تعالى : (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )) فإن احتسب الإنسان الأجر على الله وصبر أثيب، ولهذا الثواب مقرون بالصبر عليها، والتكفير بمجرد الإصابة. فهمت الآن؟
السائل : الشيء الثاني رفع الدرجات؟
الشيخ : إذا صبر واحتسب الأجر يرفع الله له بها الدرجات.
السائل : ... .
الشيخ : نعم.
ما معنى قول العلماء أن " ما " في قوله تعالى << و الله خلقكم وما تعملون >> موصولة ؟
الشيخ : المعنى : وخلق الذي تعملون يعني هذه الأصنام، فيقيم الحجة عليهم يأنها مخلوقة، والمخلوق لا يمكن أن يكون معبودا.
هل قول أهل العلم " أن الله يعلم ما كان وما يكون لو كان كيف كان يكون " صحيح ؟
الشيخ : صحيحة صحيحة. يعلم ما كان وما يكون لو كان كيف كان يكون. لكن فيها تطويل شوي.
كيف الجمع بين قولنا إن الله إذا رأى من عبده خيرا وفقه إليه وبين قوله تعالى : << وما تشآءون إلا أن يشآء الله >> ؟
الشيخ : الجمع أن لا تعارض أصلا، لأن الإنسان إذا علم الله من نيته إرادة الخير وفقه له. والدليل قوله تعالى : (( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم )) فإذا أزاغ الله قلوبهم لم يرد الخير. نعم.
السائل : شيخ.
الشيخ : لا، أنت من الجانب الأيسر. طيب.
16 - كيف الجمع بين قولنا إن الله إذا رأى من عبده خيرا وفقه إليه وبين قوله تعالى : << وما تشآءون إلا أن يشآء الله >> ؟ أستمع حفظ
هل القلم كتب وانتهى أم مازال يكتب ؟
الشيخ : نعم.
السائل : فهل القلم كتب وانتهى أو هناك أشياء تكتب؟
الشيخ : هذه الكتابة اليومية (( كل يوم هو في شأن )) هذه كتابة يومية، وأنت تعرف يا، اسمك؟
السائل : مدثر.
الشيخ : يا مدثر، تعرف الآن لو لك دولة صغيرة ما لها يوميات، ولها عموميات؟ طيب كيف الخلق في السماء والأرض والمخلوقات ما هي الآدمي فقط، آدمي وجن وسباع وحشرات، سبحان الله! يعني لا تستطيع إحصاء الأجناس فضلا عن الأنواع فضلا عن الأفراد.
السائل : يعني الكتابة السابقة كتابة عمومية أو مجملة يعني؟
الشيخ : نعم. فالله أعلم كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، لكن ما في اللوح المحفوظ ما يتغير، ما في أيدي الملائكة أو ما له أسباب معينة قد يتغير.
السائل : هل ممكن أن نقول : يدخل تحت قوله تعالى : (( يمحو الله ما يشاء ويثبت ))؟
الشيخ : يمكن (( إن الحسنات )) ؟
السائل : (( يذهبن السيئات )).
الشيخ : ايه.
ما هو الفرق بين القضاء والقدر ؟
الشيخ : أي. إذا أطلق أحدهما شمل الآخر، وإذا قرنا جميعا صار القضاء ما يقضي به الله تعالى في الأزل، والتقدير ما يقدره في الحاضر. نعم.
الطالب : انتهى الوقت يا شيخ.
متى يعتمد المؤمن على الدعاء فقط دون فعل الأسباب ؟
الشيخ : الآن في وسائل.
السائل : إذا انقطعت عليه السبل؟
الشيخ : إذا انقطعت السبل بالكلية، فليسلك أقرب الطرق، وليدع الله، الدعاء، الي يعتمد على الدعاء المحض دون فعل الأسباب هذا إذا انقطعت الأسباب، والله تعالى قد يوصله بما شاء عن طريق الملائكة أو غيرها. لكن ما دام العبد يمكنه أن يفعل الأسباب فهو مأمور بها. نعم.
عندنا؟
الطالب : فرائض.
الشيخ : الفرائض.
القارئ : " وقدرة بهما يكون الفعل. والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور، الأول: قوله تعالى : (( فأتوا حرثكم أنى شئتم ))، وقوله : (( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة )) فأثبت للعبد إتيانا بمشيئة وإعدادا بإرادته ".
المناقشة .
لما ذكر المؤلف رحمه الله الإيمان بالقدر ومراتبه وهي أربع: الأول الأولى؟ لا تنظر الكتاب.
الطالب : ... .
الشيخ : لا. أحمد؟
الطالب : العلم
الشيخ : الأولى العلم. والثانية ؟
الطالب : المشيئة.
الشيخ : لا.
الطالب : الكتابة.
الشيخ : الكتابة. والثالثة؟
الطالب : المشيئة.
الشيخ : المشيئة. والرابعة؟
الطالب : الخلق.
الشيخ : الخلق.
وذكرنا دليل كل واحدة.
ونحن بدأنا بالعلم لأنه هو السابق، فإن الله لم يزل ولا يزال عليما، ثم بالكتابة لأنها بعده، ثم بالمشيئة، لأنها بعد ذلك. لكن لاحظوا أن المشيئة فيها شيء مقارن وفيها شيء سابق، مشيئة الله للأشياء فيها شيء مقارن، وفيها شيء سابق الشيء. الشيء السابق هو أن الله عز وجل بعلمه القديم شاء كل ما أراد أن يفعله من أصله، لكن المشيئة المقارنة هي مرادنا هنا. متى تكون المشيئىة المقارنة؟ (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) تكون عند الفعل، هذه المشيئة المقارنة، وبعد المشيئة يكون الخلق.
ولهذا يجب على الطالب إذا أراد أن يذكر المراتب أن يذكرها ايش؟ مرتبة. وقد ذكرت في بيت أنشدتكموه بالأمس، ما شاء الله وقليل. نعم.
الطالب : يقول الشاعر :
" علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجاد وتكوين "
الشيخ : أحسنت. " علم كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجاد وتكوين " طيب.
لما ذكرنا هذا قد يفهم الإنسان من ذلك ما فهمته الجهمية من أن الإنسان مجبر على عمله موافقة للقدر المكتوب، فنقول: ونؤمن .
قال المصنف رحمه الله تعالى : ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختيارا وقدرة بهما يكون الفعل .
21 - قال المصنف رحمه الله تعالى : ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختيارا وقدرة بهما يكون الفعل . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : و الدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور : الأول : قوله تعالى : << فأتوا حرثكم أنى شئتم >> [ البقرة : 223 ] , وقوله << ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة >> [ التوبة : 46 ] فأثبت للعبد إتيان بمشيئة وإعداد بإرادته .
الأول : قوله تعالى : (( فأتوا حرثكم أنى شئتم )) " (( نساءؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم )) ايتوا هذا فعل ولا غير فعل؟
الطالب : فعل.
الشيخ : شئتم؟
الطالب : فعل كذلك.
الشيخ : لا، إرادة ومشيئة، فأثبت للعبد فعلا وأثبت له مشيئة. والمعنى ايتوا النساء في قبولهن من أي جهة شئتم.
" وقوله : (( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة )) ". (( أرادوا الخروج لأعدوا )) عندنا إرادة وعندنا إعداد، فالإرادة هي المشيئة والإعداد هو الفعل.
ولهذا قال : " فأثبت للعبد إتيانا بمشيئته " ؟ في أي الآيتين؟ الأولى. " وإعدادا بإرادته " في قوله : (( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة )) والآيات بهذا كثيرة. والعقل والحس يوافق ذلك أو لا؟ يوافق ذلك، كل الناس يعرفون أن أفعالهم بإرادتهم وقدرتهم، هذا وجه. هذا دليل من الأثر.
22 - قال المصنف رحمه الله تعالى : و الدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور : الأول : قوله تعالى : << فأتوا حرثكم أنى شئتم >> [ البقرة : 223 ] , وقوله << ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة >> [ التوبة : 46 ] فأثبت للعبد إتيان بمشيئة وإعداد بإرادته . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : الثاني : توجيه الأمر و النهي إلى العبد , ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق , وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله : << لا يكلف الله نفسا إلا وسعها >> [ البقرة : 286 ] .
لو وجه الأمر إلى من لا إرادة له لكان هذا تكليفا بما لا يطاق، ولو وجه الأمر لمن يعجز عنه، لكان تكليفا بما لا يطاق.
وهذا يقول : " تأباه حكمة الله تعالى " لأن الله أحكم من أن يأمر العبد بما لا يمكن أن يفعله، إذ أن أمر العبد بما لا يمكن أن يفعله يعتبر ايش؟ سفها.
لو وجهت إلى امرأة عجوز ضعيفة البدن، قلت: يلا احملي الصندوق وعاء الدراهم الثقيل، يسمونه صندوق ايش؟ الصندوق ايش؟ التجوري. عجوز امرأة ما تقل ولا ثيابها تقول يلا احملي صندوق التجوري ويش يعد هذا؟ حكمة ولا سفه؟ سفه لا شك، فلولا أن الإنسان يعمل باختياره وإرادته لكان توجيه الأمر إليه سفها تأباه الحكمة. طيب.
أيضا تأباه الرحمة، لأن الله أرحم بعبده أن يكلفه ما لا يطيق.
ثالثا : يأباه خبره الصادق، خبر من؟ الله في قوله تعالى : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )).
انتبهوا لهذا الوجه فإنه وجه جيد جدا.
لو لم يكن للعبد إرادة واختيار لكان توجيه الأمر إليه ايش؟ تكليفا بما لا يطاق، وهو أمر أيضا تأباه الحكمة، إذ أن أمر من لا يستطيع أن يفعل سفه، أليس كذلك؟ طيب. أنت الآن لو لو قلت لامرأة عجوز كبيرة في السن احملي صندوق التجوري لقال الناس ايش هذا؟ هذا جنون. نعم. ولو قلت لواحد في السوق يلا امش شف الكتيبة الفلانية مرهم أن يفعلوا كذا وكذا، قاله عامي مثله، ويش يكون هذا؟ أنتم فاهمين هالكلام هذا؟ إنسان في السوق واجه إنسان في السوق، قال: شف الكتيبة الفلانية يلا مرها أن تذهب إلى الجهة الثانية، ويش يكون هذا؟ سفه، هذا سفه، لأن هذا لا يمكن، فحكمة الله تأبى أن يكلف من لا يستطيع أن يريد ولا يفعل تأبى أن تأمره بأمر.
كذلك رحمته، أرحم الراحمين لا يمكن أن يلزم عباده بما ليس في استطاعتهم.
يأباه أيضا خبره الصادق في قوله : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )).
وهذا وجه جيد واضح، لو كان الناس ليس لهم إرادة ولا اختيار لكان الأمر كما سمعتم.
هذا الوجه نرد به على من؟
الطالب : على الجبرية.
الشيخ : على الجبرية، وهو رد واضح.
23 - قال المصنف رحمه الله تعالى : الثاني : توجيه الأمر و النهي إلى العبد , ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق , وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله : << لا يكلف الله نفسا إلا وسعها >> [ البقرة : 286 ] . أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله تعالى : الثالث : مدح المحسن على إحسانه , وذم المسيئ على إساءته , و إثابة كل منهما بما يستحق .
هذا مما يدل على أن فعل العبد بإرادته واختياره. لو كان بغير إرادة ولا اختيار هل يتوجه أن نلوم المسيء ونثني على المحسن؟ تقول: لا يعني لأني تعرفوني تريدوا أن تقولوا لا، أو عن اقتناع؟