ما حكم شرب الدخان في نهار رمضان.؟
الشيخ : ... وإنما جاء الصيام تهذيبا للنفوس كما قال تعالى في القرآن الكريم (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) فإذا كان هذا المبتلى بشرب الدخان يصبر عن الماء وعن ألذّ الطعام والشراب ولا يصبر عن هذا الدخان الخبيث فأولى أن يكون مفطّرا وبخاصة أنه لغة يقال شرب الدخان ولا يقال أكل الدخان فهو شراب وكل شراب فهو مفطّر واضح .
من اشترط في قيام الجهاد الإسلامي الخليفة وما الدليل على ذلك ؟
الشيخ : لا شك أن الجهاد الإسلامي لا يكون إلا تحت راية إسلامية ولا يجمع المسلمين جميعا تحت راية واحدة إلا الخليفة ، ومعلوم بتواتر عمل المسلمين جميعا أنه لا يجوز أن يكون في المسلمين خليفتان ، وهذا العلم المتوارث بينهم مدعم بحديث صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ) ، فلا يجوز أن يكون هناك في المجتمع الإسلامي خليفتان فأكثر بل لا بد من خليفة واحد حتى يجمع المسلمين كلهم على راية واحدة ، لكن ممكن هذا أن يدخله تخصيص ما ، وهذا التخصيص ليس بدليل شرعي خاص وإنما بالرجوع إلى القواعد الإسلامية العامة التي منها مثلا : الضرورات تبيح المحظورات ، مثل الواقع الآن في بلاد الأفغان فليس هناك خليفة لا في الأفغان ولا خارج الأفغان وإنما هناك مع الأسف دويلات إسلامية متعددة فإذا ما هوجمت بعض البلاد الإسلامية كما وقع من قبل في فلسطين والآن في أفغانستان فلا بد حينذاك من أن يؤمّر المهاجَمون في عقر دارهم وهم هنا الأفغانيون لا بد من أن يؤمّروا عليهم شخصا يقاتلون تحت رايته ولا يجوز أن يكون هناك عدة أمراء لأن ذلك سيكون مثار اختلاف يقع بينهم ولا شك أن الاختلاف حينذاك تكون عاقبته الضعف وأن يتمكن العدو منهم وهذا منصوص في بعض الآيات المعروفة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي تنهى عن التنازع لأنه يكون من آثاره الفشل والضعف والهزيمة هذا ما يحضرني جوابا عن هذا السؤال .
بالنسبة لقوله تعالى:(( وأعدو لهم ما استطعتم من قوة )) كيف يكون الإعداد أولا ؟ وهل هناك شروط ومواصفات يجب اعتبارها في هذا الإعداد ؟
الشيخ : لا شك أن الإعداد المذكور هنا في الآية الكريمة هو الإعداد المادي وكما جاء في حديث عقبة بن عامر في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسّر قوله في هذه الآية قال ( ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ) ، فإذن القوة هنا هي القوة المادية ولكن لا يجوز أن نتغافل عن حقيقة كامنة في خطاب الله عز وجل للمؤمنين في هذه الآية حيث قال (( وأعدوا لهم )) ، الخطاب هنا لا شك أنه موجه مباشرة إلى المؤمنين بالله ورسوله حقا، وإذا لا حظنا ذلك وهو أمر واجب ولا بد منه حينئذ نخرج بالنتيجة الآتية أن هذا الأمر بالإعداد المادي يكون قد سبقه الإعداد الروحي أو المعنوي إذا صح التعبير ، وبذلك يحصل الفرق بين الأمة المسلمة المؤمنة وبين الأمة الكافرة الفاجرة ، فالأمم الكافرة كلها همها دائما وأبدا الاستعداد المادي ولا تفكر بهذا الاستعداد الذي لفتنا النظر إليه في ذكرنا لقوله تعالى(( وأعدوا لهم )) الخطاب هنا للمؤمنين ، ونجد تحقيق هذا المعنى في هدي الرسول عليه السلام وسنته ومنطلقه في دعوته فكلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما بعثه الله نبيا رسولا إنما اهتم أول ما اهتم به شيئان اثنان :
الشيء الأول هو تثبيت أو تصحيح العقائد في قلوب المدعوين إلى الإسلام .
الشيء الثاني تربية هؤلاء المسلمين على الأخلاق الإسلامية ، وهذا أمر بدهي طبيعي جدا وأعني أنه لا بد من تصحيح العقيدة والاعتناء بالتربية ،... فنقول إن الآية تأمر المؤمنين الذين استعدوا الإستعداد النفسي أو الروحي بأنه يجب عليهم أن يضموا إلى هذا الاستعداد استعدادا آخر وهو الاستعداد المادي السلاحي ، ولا شك ولا ريب أن المسلمين لا ينتصرون على أعدائهم لمجرد أخذهم بالوسائل المادية لمقابلة القوة بالقوة ذلك لأن هناك فرقا كبيرا بين المسلمين والكافرين ، فنصر المسلمين لا يشترط فيه أن يكون استعدادهم المادي مساويا لاستعداد الكفار المادي وإنما يشترط في نصر الله لعباده المؤمنين أن يكون مع استعدادهم المادي قد تقدموا بالاستعداد الروحي أو النفسي أو التربوي نسميها ما شئنا والعبارة تتعدد والمعنى واحد .
الكافر لا يؤمن بالله ورسوله ولا يتدين بشريعة الله عز وجل ولا يتخلق بأخلاق نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، أما المسلم فلو افترضنا أن أمة مسلمة في زمن ما هي أقوى استعدادا وأمضى سلاحا من أمة كافرة فذلك هي لا تستحق النصر من الله عز وجل إلا إذا كانت قد هيأت ذلك الاستعداد الذي لا يستعد به الكفار وهو الاستعداد الروحي كما قلنا .
وبإيجاز وباختصار الأمر كما قال تعالى (( إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ )) فنصر الله لا يكون بمجرد تحقيق أمر واحد كما جاء في تلك الآية (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )) إلى آخرها وإنما يكون بالأخذ وبتنفيذ وتطبيق كل الأوامر التي لا بد منها حتى يتهيأ المسلمون ويكونون مستحقين لنصر الله تبارك وتعالى لهم على عدوهم .
فإذن لا بد من أن نقدم بين يدي الاستعداد المادي الاستعداد النفسي وهذا ما نسميه نحن في بعض الكلمات أو المحاضرات بأنه لا بد للمسلمين من التصفية والتربية ، التصفية هي تصفية الإسلام مما دخل فيه مما هو غريب عنه. والتربية العمل بهذا الإسلام المصفى .فإذا لم يعمل المسلمون بالإسلام المصفى كما هو اليوم مع الأسف وأخذوا بكل وسائل القوة المادية فذلك مما لا يؤهلهم لأن يستحقوا نصر الله تبارك وتعالى .
3 - بالنسبة لقوله تعالى:(( وأعدو لهم ما استطعتم من قوة )) كيف يكون الإعداد أولا ؟ وهل هناك شروط ومواصفات يجب اعتبارها في هذا الإعداد ؟ أستمع حفظ
بالنسبة إلى قضية تكفير الحكام كيف تكون إقامة الحجة ؟ من الذي يقيمها ؟ متى يصح أن يقال أننا أقمنا عليه الحجة وما هي نوعية هذه الحجة وهل يشترط في إقامتها أن يعقد لقاء معه ؟
الشيخ : لا شك أن الحجة هي قول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عرفنا أن هذه الحجة وهذا بدهي جدا أن نعرف الشيء الآخر وهو جواب شطر من الأسئلة التي جاءت مجموعة وهو من الذي يقيم هذه الحجة ، والجواب يكون بطبيعة الحال أن الذي يقيمها إنما هو رجل عالم العارف بمدلولات الكتاب والسنة ، ومن الخطأ الشائع في هذا الزمان أن يتوهم كثير ممن لا يصح ربما أن يحشروا في صفوف طلاب العلم فضلا عن أن يقال إنهم من أهل العلم ، كثير من هؤلاء نسمعهم في كثير من الأحيان أن فلان مثلا الصوفي أنا أقمت الحجة عليه وهو طويلب مبتدئ في العلم ويظن بأنه أقام الحجة وقد يكون ذلك الصوفي عالما ككثير من العلماء في العصر الحاضر الذين تخرجوا من بعض الجامعات كجامعة الأزهر وغيرها فهم يكونون عادة أقوياء فيما يسمى عندهم بعلوم الآلة فيأتي شبه طالب علم ويجادله ويناقشه ثم ينتهي من بعد ذلك ليقول بأنه أقام الحجة عليه .
لا يقيم الحجة إلا من كان متمكنا في معرفة الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح رضي الله عنهم كما يشير إلى ذلك الإمام ابن القيم الجوزية في ما هو منثور عنه ومشهور :
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه" إلى آخر الكلام .
فالشاهد أن الذي يقيم الحجة هو العارف المتمكن بالكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح .
ثم جاء في تضاعيف هذا السؤال هل يجب أن تكون إقامة الحجة عليه مباشرة أم لا ؟ الجواب بلا شك أن الحجة الأقوى والأنصع والأفضل هو مواجهة المنحرف والضال بالحجة وجها لوجه ، لكن إذا كان ذلك قد لا يتيسر أحيانا لبعض الناس أو لبعض الدعاة من أهل العلم فلا أقل أن يرسل إليه خطاب، والآن وسائل الإرسال والتسميع والتبليغ ميسرة تماما بسبل لم تكن ميسرة من قبل ، فبهذه الطريقة الثانية أيضا يمكن أن يقال إن الحجة قد أقيمت على فلان . ثم في نهاية المطاف إنما يفيدنا هذا التدقيق في هذه الأسئلة فيما لو كان الحكم بيدنا نحن لو كنا حكاما لأنه يترتب من وراء إقامة الحجة تمييز الكافر من المسلم وبخاصة إذا كان هذا المسلم كان مسلما وراثيا ثم بدر منه ما به يخرج عن دينه فيصبح مرتدا ، والمرتد في حكم الإسلام يجب أن يقتل كما قال عليه السلام : ( من بدل دينه فاقتلوه ) .
فإقامة الحجة لها هذا الأمر فيما لو كان المقيم للحجة في يده سلطة ، أما إذا كانوا أفرادا من الناس ولو كانوا من أهل العلم فأقام الحجة مثلا على الحاكم الفلاني ثم استمر هذا الحاكم في طغيانه ، لا يفيدنا شيئاً أننا أقمنا الحجة عليه سوى أمام الله عزوجل يوم البعث والنشور بحيث انه لا يبقى له عذر ليقول أن أهل العلم ما علّموني وما أفادوني ، لكن ليس من أثر إقامة الحجة ما يتوهم بعض الغلاة من الإسلاميين اليوم أننا ما دمنا أقمنا الحجة فليس أمامنا إلا الخروج ، هذا الخروج لا يبرر بمثل هذا الإقامة للحجة ، فإقامة الحجة تفيد هنا من حيث فقط أن يكون هذا الذي أقيمت عليه الحجة لا يأخذ بتلابيبنا يوم القيامة ليقول لنا أمام ربنا لماذا لم تدلني على الحق وقد رأيتني منحرفا عنه ، لكن لا يعني ذلك أنه يجوز لنا أن نخرج على هؤلاء لأن هذا الخروج مع الأسف كما هو التاريخ في العصر الحاضر يؤكد بأنه يترتب منه مفاسد كبيرة وكبيرة جدا من إزهاق النفوس وقتل الأبرياء والنساء والأطفال ونحو ذلك ، لذلك كان مما توارثه الخلف عن السلف في عقائدهم أنه لا يجوز الخروج على الحكام . ليس معنى ذلك أن أصل الخروج غير جائز وإنما معنى ذلك أن هذا الخروج يترتب منه مفسدة دون أية مصلحة .
لو افترضنا صورة أن أمة أو جماعة من المسلمين استعدوا .الاستعدادين الذين أشرنا إليهما آنفا بالإجابة عن قوله تعالى ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ))، استعدوا استعدادا كاملا بحيث أنه غلب على ظنهم بأنهم يستطيعون أن يقلبوا نظام الحكم ، حينئذ تأتي مرحلة لا يمكن إلا القول بها ولا يسبقن إلى ذهن أحد أنني سأقول أن هذا المرحلة هي تحقيق ثورة أو تحقيق انقلاب ، لا ، لا يوجد كما صرحت بذلك في بعض تعليقاتي وكتاباتي لا يوجد في الإسلام شيء اسمه انقلاب عسكري أو ثورة دموية أو نحو ذلك ولكن كل ما يستطيع أن يفعله هؤلاء الذين استعدوا هذا الاستعداد بشعبتيه بطرفيه الاستعداد الروحي والاستعداد المادي بحيث أنهم يستطيعون أن يزيلوا عن الحكم الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله ليس بالثورة ولا بانقلاب وإنما كما قال تعالى (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) .
الإسلام بلا شك جاء لتكون كلمة الله هي العليا كما قال عليه السلام في الحديث الثابت ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ) ، وقال عليه السلام في الحديث الصحيح ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أني رسول الله فإذا قالوها فقد عصموا دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم عند الله تبارك وتعالى ) ، في الوقت الذي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لدعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وبعث بالسيف أيضا أنه لم يبعث بالسيف إلا كوسيلة لتحقيق الدعوة ، بمعنى أن قتال المسلمين للكفار ليس غاية إنما الغاية الوحيدة هي دعوة الكفار إلى الإيمان بالله عز وجل فمن استجاب فكما جاء في الأحاديث فله ما لنا وعليه ما علينا ، ومن أبى وله أن يأبى بدليل الآية المعروفة (( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ )) ، فإن أبى خُيّر بين أمرين اثنين إما أن يدفع الجزية عن يد وهو صاغر وإما السّيف ، فالسّيف جاء في المرحلة الثالثة ، هذه النقطة يجب أن نفهمها جيدا لأن أعداء الإسلام من الغربيين أو المتغربين يتخذون شبهة في مثل هذا الحديث ويزعمون أن الإسلام انتشر بقوة السيف ، السيف يأتي كما رأيتم في آخر مرحلة ، من وقف في طريق الدعوة ووقفنا في وجهه بالسيف ، ومن ترك طريق الدعوة مفتوحا يمشي إلى آخر مدى فيترك وشأنه على أن نثبت الحكم الإسلامي أنه خاضع لأحكامه ، والدليل على ذلك أنه يدفع الجزية عن يد وهو صاغر ، هذا معروف من أحكام الإسلام ، حينئذ نعود إلى ما كنا في صدده ، فإذا ابتلي المسلمون بحاكم يحكم بغير ما أنزل الله وكان عندهم من الاستعداد الروحي والمادي ما يمكنّهم من أن يقيموا دولة الإسلام فلا يجوز لهم أن يحققوا ثورة أو انقلابا وإنما عليهم أن يدعوا الحاكم إلى حكم الإسلام وأن يخيروه إما أن تحكم بما أنزل الله وإما أن تفتح الطريق للذين يريدون أن يحكموا بما أنزل الله فإن استجاب فبها ونعمت لأن الكفار نعاملهم هذه المعاملة وإلا إذا كان يظهر الإسلام كما جاء في السؤال فإن أبى ووقف في وجه هؤلاء الدعاة حينذاك لا بد من استعمال السّيف ، لكن نقول متى ؟ حينما يكون هؤلاء مستعدين ومتهيئين لمواجهة من يقف في سبيل الدعوة المسلمة . أما القيام بثورة أو انقلاب عسكري فهذا لا يجوز غيره .
4 - بالنسبة إلى قضية تكفير الحكام كيف تكون إقامة الحجة ؟ من الذي يقيمها ؟ متى يصح أن يقال أننا أقمنا عليه الحجة وما هي نوعية هذه الحجة وهل يشترط في إقامتها أن يعقد لقاء معه ؟ أستمع حفظ
ما هي رأيكم حول العمل السياسي في الإسلام وملاحظتكم على رسالة المسلمون والعمل السياسي لعبد الرحمن عبد الخالق.؟
الشيخ : عهدي بهذه الرسالة ومضامينها بعيد ، لكن بقي في الذاكرة شيء لا بد من لفت النظر إليه وإن كان بعضه يفهم من جوابي السابق . فتوضيح ذلك أن العمل السياسي وإن كان أمرا لا يتنافى مع الإسلام بل هو من الإسلام لكن من كلامي السابق أنه يتبين من اشتغال المسلمين بالعمل السياسي قبل أن يتكتلوا على فهم الإسلام فهما صحيحا وعلى تمثله في واقع حياتهم وتحقيق أنهم تربوا تربية إسلامية صحيحة ، أرى أن من الخطأ البالغ الخطورة أن يشتغل المسلمون بالعمل السياسي وهم بعد لما يحققوا المرحلة الأولى التي أشرنا إليها أثناء كلامنا عن الآية السابقة (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ ... )) ، وبخاصة أن بعض الأحزاب الإسلامية دخلوا في هذه التجربة منذ سنين عديدة ثم ما أفلحوا ولا أنجحوا بل رجعوا القهقرى بل كثير منهم أدبر على عقبيه وصار كأنه غريب عن الإسلام من حيث أفكاره ومن حيث أعماله .
ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر فإذا كنا جربنا هناك بعض الجماعات الإسلامية وهي أعرق في القيم وأكثر في العدد وفي الاستعداد للعمل السياسي ما نجحوا في ذلك أيما نجاح بل بدا لهم أنهم قد ضيعوا على أنفسهم فوائد كثيرة من حيث التعرف على جوانب عديدة من الشريعة الإسلامية كانوا غافلين عنها بسبب اشتغالهم بما يسمى بالعمل السياسي أو الاجتماعي أو نحو ذلك ، لهذا نقول إن العمل السياسي هو خطوة يجب أن يسبقها خطوات يأتي من بعدها العمل السياسي . أنا لا أعتقد أن انصراف جماعة لهم دعوة ولهم أثر في بعض البلاد الإسلامية يذكر من حيث تصحيح المفاهيم وتصحيح الأفكار أن تنصرف هذه الجماعة إلى العمل السياسي وبخاصة أن هذا العمل السياسي محاط بقانون وبنظام ليس قائما على كتاب الله ولا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ولا على مذهب من المذاهب الإسلامية المتبعة لأن الأمر كما نقول دائما حنانيك بعض الشر أهون من بعض ، فالدولة العثمانية مثلا كانت دولة تحكم بالمذهب الحنفي وفي المذهب الحنفي خير كبير ولكن .
5 - ما هي رأيكم حول العمل السياسي في الإسلام وملاحظتكم على رسالة المسلمون والعمل السياسي لعبد الرحمن عبد الخالق.؟ أستمع حفظ
كيف الرد على من يقول بإخراج زكاة الفطر نقود .؟
ومعنى هذا الحديث أن المقصود به ليس هو الترفيه عن الناس الفقراء والمساكين يلبسوا الجديد والنظيف ... إلى آخره ،وإنما هو إغناؤهم من الطعام والشراب في ذاك اليوم وفيما يليه من أيام بعد العيد ، وحين أقول بعد العيد فإنما أعني أن يوم الفطر هو العيد ، وأما اليوم الثاني والثالث فليسوا من العيد في شيء إطلاقا ، فعيد الفطر هو يوم واحد وعيد الأضحى أربعة أيام ، فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام المعهود في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر ثم ما بعد ذلك من أيام طالت أو قصرت ، فحينما يأتي إنسان ويقول لا نخرج القيمة لأنه أنفع للفقير فهذا يخطئ مرتين ، المرة الأولى أنه خالف النص والقضية تعبدية هذا أقل ما يقال لكن الناحية الثانية خطيرة جدا لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو رب العالمين حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة لا يعرف هو مصلحة الفقراء والمساكين كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأن إخراج القيمة أفضل . لو كان إخراج القيمة أفضل لكان هو الأصل وكان الإطعام هو البدل لأن الذي يملك النقود يعرف أن يتصرف بها حسب حاجته إن كان بحاجة إلى طعام اشترى الطعام وإن كان بحاجة إلى شراب اشترى الشراب وإن كان بحاجة إلى ثياب اشترى الثياب فلماذا عدل الشارع عن فرض القيمة أو فرض دراهم أو دنانير إلى ما هو طعام ؟ إذن له غاية ولذلك حدد المفروض ألا وهو الطعام من هذه الأنواع المنصوصة في هذا الحديث وغيره ، فانحراف بعض الناس عن تطبيق النص إلى البديل الذي هو النقد فهذا اتهام للشارع بأنه لم يحسن التشريع لأن تشريعهم أفضل و أنفع للفقير ، هذا لو قصده كفر به لكنهم لا يقصدون هذا الشيء ولكنهم يغفلون فيتكلمون كلاما هو عين الخطأ .
إذن لا يجوز إلا إخراج ما نص عليه الشارع الحكيم وهو طعام على كل حال .
وهنا ملاحظة لا بد من ذكرها :
لقد فرض الشارع أنواعا من هذه الأطعمة لأنها كانت هي المعروفة في عهد النبوة والرسالة لكن اليوم وجدت أطعمة نابت مناب تلك الأطعمة ، فاليوم لا يوجد من يأكل الشعير بل ولا يوجد من يأكل القمح والحب لأن الحب يتطلب شيئا آخر وهو الطاحونة الجاروشة ويتطلب إن وجد الجاروشة تنور صغير أو كبير كما هو لا يزال موجودا في بعض القرى ، فلما هذه الأطعمة أصبحت في حكم المتروك والمهجور فيجب حينئذ أن نخرج البديل من الطعام وليس النقود لأننا حينما نخرج البديل من الطعام سرنا مع الشرع فيما شرع من أنواع الطعام المعروفة في ذلك الزمان ، أما حينما نقول نخرج البديل وهو النقود ورد علينا أن الشارع الحكيم ما أحسن التشريع لأننا نقطع جميعا على أن النقود هي أوسع استعمالا من نوعية من الطعام لكن لما رأينا الشارع الحكيم فرض طعاما ووجدنا هذا الطعام غير ماشي اليوم حينئذ يجب أن نضع طعاما بديلا له ، بديله مثلا الرز ، فأي بيت يستغني عن أكل الرز لا أحد لا فقير ولا غني ، إذن نخرج بدل القمح رز أو نخرج السكر مثلا أو برغل أو نحو ذلك مما هو طعام . يوجد في بعض الأحاديث الأقِط والأقط هو الذي تسمونه هنا الجميد أي اللبن المجمد نعم، فممكن الإنسان يخرج من هذا الطعام لكن حقيقة بالنسبة لنا في سوريا في العواصم غير معروف لكن في كثير من القرى معروف فإذا أخرج الإنسان جميدا لبعض الفقراء والمساكين ماشي الحال تمام بس هذا يحتاج إلى شيء من المعرفة أن هذا الإنسان يستعمل الجميد أم لا والذي أراه أنه يغلب استعماله ، كذلك منصوص في بعض الأحاديث التمر لكن أعتقد أن التمر في هذه البلاد لا يكثر استعماله كما يستعمل في السّعودية مثلا فهناك طعام مغذي وربما يقيتهم ويغنيهم عن كثير من الأطعمة .
المهم الواجب ابتداءً وأصالة إخراج شيء من هذا الأنواع المنصوصة في نفس الحديث ولا يخرج إلى طعام آخر كبديل عنه إلا إذا كان لا يوجد حوله فقراء ومساكين يأكلون من هذا الطعام الذي هو مثلا كما قلنا الأقط الجميد أو التمر وكذلك الزبيب مثلا فهو عندنا يؤكل لكنه ليس طعام اليوم يدّخر ويقتاتون به ، فالأحسن فيما نعتقد والله أعلم هو إخراج الرز ونحو ذلك مما قلنا البرغل والفريكة فهذه يعني أقوات يأكلها كل الطبقات من الناس هذا جوابي عما سألتني أخينا .
هل في مسألة التعمد في المعصية نقول أن ما ورد فيه النص بالكفارة نقول به مثل ما جاء في الحديث :( من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق )وحديث:( من أتى حائضا فليتصدق بدينار أو نصف دينار ).؟
الشيخ : بس فيه فرق يا أستاذ !
السائل : تفضل شيخنا .
الشيخ : هل تعتقد أن الذي يقول لصاحبه تعال أقامرك وقد أُمر بأن يتصدق يتكرر منه هذا الكلام ؟
السائل : كيف أستاذي ؟
الشيخ : هل يتكرر منه يعني واحد أخطأ وقال تعال أقامرك وبعد ذلك نبه أنه ليس عليه كفارة هل يعود إليها ؟
السائل : الأصل فيه ألا يعود .
الشيخ : لا هل تتصور بأنه يعود .
السائل : يتصور شيخنا .
الشيخ : لا يعود ومنا هنا - ولا تؤاخذني - يظهر أثر حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) التفقه شيء مهم جدا . متى يعود الإنسان إلى شيء ؟ حينما يكون له فيه هوى ، فهنا من قال لأخيه تعال أقامرك هذا ليس فيه هوى وإنما هناك غلبة عادة جاهلية قديمة فيسبق على اللسان فيقول تعال أقامرك ، فتهذيبا لهم وتأديبا لهم جاءت الكفارة ، لكن لما يكون مسلم ملتزم كما يقال اليوم قيل له الشرع يأمرك بأن تكفّر ، ما الذي يحمله فيعود فيقع في نفس الخطأ الموجب للكفارة ؟ ليس هنا شهوة وإنما هنا عادة غالبة وهي حسب ما كانوا يعيشون فيه في الجاهلية لكن مسألتنا هنا تختلف كل الإختلاف عن مسألة تعال أقامرك ، هنا يوجد هوى لذلك أنا أتصور أن رجل لا يرتدع كفارة بعد كفارة وهو يأتي حلاله لكن في المكان المحرم إتيانه فهذا لا نجيز له الكفارة فهو آثم ، ثم أنت تفهم معي ما معنى الكفارة وكفارة ماذا ، فنحن إذا تصورنا الآن أن هذا الرجل دائما يجامع زوجته لا يفرق بين الحلال والحرام ويخرج القيمة التي تحدثنا عنها آنفا وبخاصة إذا كان غنيا فهذاما تربى بهذه الكفارة لأن المقصود من التكفير هو التهذيب وتربية للنفس الأمّارة بالسوء ، فإذا ما تربى فحينئذ نقول هذا آثم ولا تشفع له الكفارة فلا تكفر عنه ذنبه هذا الذي أدين الله به والله سبحانه وتعالى أعلم .
7 - هل في مسألة التعمد في المعصية نقول أن ما ورد فيه النص بالكفارة نقول به مثل ما جاء في الحديث :( من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق )وحديث:( من أتى حائضا فليتصدق بدينار أو نصف دينار ).؟ أستمع حفظ
ما حكم التسمي بـ مؤمن وإيمان وهدى .؟
السائل : يعيد الأسماء إيش الأسماء ؟
سائل آخر : مؤمن والبنات إيمان وهدى ؟
الشيخ : ففي هذه الأسامي مخالفتان كما ذكرنا : الأولى أنها تتضمن التزكية وقد جاءت أحاديث صحيحة تنهى عن التسمّي بما فيه تزكية من الأسماء ومن ذلك جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم غيّر من كان اسمها برّة إلى زينب وقال بهذه المناسبة (( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )) .
والمخالفة الثانية أنها ليست أسماء أعلام ولم يكن المسلمون الأولون يسمّون أولادهم بهذه الأسماء ، وقد شاع وانتشر مع الأسف الابتداع في إطلاق الأسماء على الأولاد سواء كانوا ذكورا أو إناثا بأسماء هي ليست أسماء أعلام قد يكون أسماء مواد وقد يكون أسماء فيها صفات وقد تكون هذه الصفات غير مقبولة بالنسبة لبعض الأشخاص وبخاصة ما كان يطلق منها على البنات كمثل سهام ووصال ونهاد وما شابه ذلك ، فهذه كما ترون ليست أسماء أعلام فسهام جمع سهم والسّهم هي الآلة التي كان الأولون يحاربون بها ولكنها تعني معاني غير شريفة من الناحية الإسلامية ، فبصورة عامة هذه الأسماء فيها مخالفة أخرى وهي أنه ليست أسماء أعلام جرى عرف المسلمين الأولين على التسمّي بها ، فإذن لا يجوز مثل هذه الأسماء غيره .
رجل شتهر بالفسق والكذب رغم أنه ملتحي ومقصر ثيابه هل يجوز أن نقول له أن اللحية حرام عليك.؟
الشيخ : لا يجوز ، هذا بلا شك هذا النوع من البشر خلط عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله عز وجل أن يغفرها له فكما لا يجوز تحسين القبيح فكذلك لا يجوز تقبيح الحسن وكما لا يجوز الأمر بالمنكر كذلك لا يجوز النهي عن المعروف فإذا كان رجل قد ربى لحيته فهذا واجب قام به لكن من زاوية أخرى إذا كان يكذب أو يفسق ونحو ذلك فهذا لا ينبغي لنا أن يحملنا على أن نثبطه وأن نصرفه عما فيه خير وعمل صالح بل علينا على العكس من ذلك أن نستغل عمله الصالح ليزداد من نفسه وينتهي بسببه عن الأعمال المخالفة للشريعة .
9 - رجل شتهر بالفسق والكذب رغم أنه ملتحي ومقصر ثيابه هل يجوز أن نقول له أن اللحية حرام عليك.؟ أستمع حفظ
ما حكم تأخير الصلاة مثل صلاة الظهر بسبب وقت محاضرة أو درس في المدرسة من جماعة أخرى في نفس المسجد.؟
الشيخ : المسجد مسجد مسجدا عاماً ليس خاصا بالمدرسة ؟
السائل : خاص بالمدرسة وتقام فيه جميع الفرائض .
الشيخ : لكن هو ومسجد ليس مسجدا مطلقا وإنما هو مسجد مدرسة، فإذن بعد هذا الاستيضاح أنت تعني مصلى ولا تعني مسجدا لأن للمسجد أحكام خاصة منها أنه لا ينبغي أن يحول إلى قاعة إلى صف مدرسي إلى أن يهدم مثلا ويبنى شيء آخر، فإذا كان مسجد مدرسة فهو مصلى وحينئذ فلا تترتب أحكام المساجد على المصليات التي تقام سواءٌ ما كان منها في المدارس أو في المستشفيات أو في الشركات أو المصليات فلا يترتب عليها الأحكام التي تترتب على المساجد ، من ذلك مثلا أنه إذا دخل الداخل إلى هذا المصلى فلا يجب عليه أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس خلافا للمساجد العامة ، كذلك ما كنت في صدده، هذا المصلى يشرع فيه تعدد الجماعة ما دام أنه ليس مسجدا عاما راتبا له إمام راتب ومؤذن راتب ويحضره من شاء من المارّة ومن المجاورين ونحو ذلك فحينئذ كما قلت أولا لا يترتب عليه أي حكم من أحكام المساجد ومنها كراهة تكرار الجماعة في المساجد ، هذه الكراهة هنا غير واردة ، ولكن الشيء الذي يمكن أن يقال بهذه المناسبة أمران اثنان :
الأمر الأول : أنه ينبغي أن يكون مناهج المدارس كلها أن تكون مناهج إسلامية بالمائة مائة ، ومن ذلك أن يمرّن الطلاب على الخروج من الصف ومن المدرسة إلى أقرب مسجد إليهم يصلون مع جماعة المسلمين ولا ينفردون عنهم بصلاة الجماعة في المصلى عندهم هذا أولا ، وبلا شك أن تحقيق مثل هذا الأمر في هذه الأزمنة التي يسيطر عليها أحكام لا تقوم على كتاب الله وعلى حديث رسول الله ليس بالأمر السهل، ولريثما يتحقق هذا الأمر فعسى أن يكون ذلك قريبا فلا أقل أن يكون مدير المدرسة موجها ومنظما لتكثير الجماعة الواحدة وتقليل الجماعات المتعددة واضح الجواب ، بمعنى إذا كان عدد الطلاب مثلا ألف طالب فينبغي أن يكون المنهاج قائما على أن يتجمع هؤلاء كلهم في وقت واحد ويصلون وراء إمام واحد ، إن كان هذا صعبا قد يقال هذا فكما قيل " حنانيك بعض الشر أهون من بعض " فبدل من أن يكونوا عشرة جماعات أو خمس جماعات أو أربع جماعتين فليكونوا إذن جماعتين ، يعني المهم وضع منهج لتقليل هذه الجماعات التي جاء السؤال عنها وإن كان الجواب بأنه يجوز ما دام أن هذا التعدد ليس في المسجد العام وإنما هو في المصلى لكن مع ذلك ينبغي أن يكون القائم على مثل هذه المدرسة حريصا على تجميع الطلاب وراء إمام واحد لأنه من الثابت شرعا أن فضيلة الجماعة تزداد فضلا على فضل كلما كثر عدد المصلين والعكس بالعكس كما أشار إلى ذلك قوله عليه السلام ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده و صلاة الثلاثة أزكى من صلاته الاثنين ... ) وهكذا فكلما كثر العدد كانت الجماعة أفضل .
10 - ما حكم تأخير الصلاة مثل صلاة الظهر بسبب وقت محاضرة أو درس في المدرسة من جماعة أخرى في نفس المسجد.؟ أستمع حفظ
ظهرا في الكويت جمعية التبرع بأعضاء الجسم بعد الموت حيث يقوم المسلم بكتابة تعهد بتوقيعه للسماح بأخذ أحد أعضائه بعد وفاته فما رأيكم.؟
الشيخ : لا نرى ذلك جائزا لسببين اثنين :
السبب الأول : أن فيه مخالفة صريحة للنصوص الناهية عن التمثيل حتى بالكفار فأولى وأولى ألا يجوز التمثيل بأموات المسلمين ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال ( كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا ) هذا هو الأمر الأول.
والأمر الآخر : ليس لدينا ما يشعرنا بأن هذا الميت فيما بعد يملك التصرف بجثته فهو قد انتقل من حياة الدنيا إلى حياة البرزخ ، فليس عندنا بأن له سلطانا على نفسه أن يوصي بأن يفعل بجسده كذا وكذا ، فإذا انضم هذا إلى ما ذكرناه آنفا من النهي عن التمثيل وعن كسر العظام عرفنا أن هذه الجمعية قائمة على خلاف الشريعة الإسلامية .
11 - ظهرا في الكويت جمعية التبرع بأعضاء الجسم بعد الموت حيث يقوم المسلم بكتابة تعهد بتوقيعه للسماح بأخذ أحد أعضائه بعد وفاته فما رأيكم.؟ أستمع حفظ
بعد قراءة القرأن هل يجوز لنا أن نقول صدق الله العظيم.؟
الشيخ : لا أصل لهذا الذي اعتاده القرّاء اليوم وهذا لا شك عندي أنه يشبه تمام زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان ، وكما قيل في فلسفة التاريخ أن التاريخ يعيد نفسه ، وكما نعلم جميعا الآن الخلاف القائم منذ سنين طويلة حينما بدأ بعض الدعاة الإسلاميين يدعون إلى إحياء السنة وإماتة البدعة فقد قام خلاف طويل جدا ولا يزال مع الأسف وإن كان قد قل خطبه مع الزمن ومع تنوّر الأذهان ، كان هناك خلاف طويل في الزيادة على الأذان وبخاصة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا شك ولا ريب عند أهل العلم أن هذه الزيادة بدعة في الدين لكن الناس الآخرين يقولون هذه بدعة حسنة ولا يزال الخلاف على أشده .
الذي أريد من هذه المقدمة كيف صار الأمر في هذه الزيادة بعد الأذان حتى قامت في أعراف الناس جميعا إلا من شاء الله أنها جزء من الأذان سيأتي زمن أن قولهم اليوم صدق الله العظيم سيصبح جزءاً من القرآن الكريم لأن الناس هكذا يعتادون على ما تلقّوا عليه آباءهم وأجدادهم .إذا كان هناك فرق كبير بين هذه الزيادة صدق الله العظيم وبين الصلاة على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ذلك الفرق أن هناك آية في القرآن الكريم تأمر بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فضلا عن الأحاديث التي تصرح وتقول أن ( من صلى عليّ مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرة ) ، مع ذلك تكون هذه الزيادة عقب الأذان بدعة لأنها تخالف تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم لمؤذنيه كبلال وعمرو ابن أم مكتوم وأبي محذورة ، فماذا نقول في عبارة لم ترد مطلقا في الشريعة أن يقال بمناسبة ما، صدق الله العظيم وإنما هو كلام يمكن أن يقوله الإنسان بمناسبة أن يستشهد بآية في أثناء محاضرة أو خطبة وما شابه ذلك فيقول ابتداءً أو انتهاءً يقول صدق الله العظيم فيما قال أو إذ قال أو يتلو الآية ويقول صدق الله العظيم لا بأس من هذا بمناسبة ما شريط ألا يتخذ ذلك عادة ، فإذا كانت هذه الجملة ليس لها أصل في الشريعة مطلقا وإنما هي كالكلمة إذا وضعت في مكانها بمناسبة ما فلا بأس أما التزامها دائما وأبدا فهي بلا شك بدعة ضلالة وحكمها معروف في الحديث الصحيح كل ضلالة في النار هاتوا ما عندكم .
إذا كان في البيت عامل وليس في البيت إلا أهلي فهل لي الذهاب للصلاة في المسجد وأترك العامل وحده.؟
الشيخ : ... هذا السؤال نعتبره خطأً إلا إذا جاء تعديل لما أقول، كان ينبغي أن يكون السؤال هل يجوز أن أترك العامل ولا آخذه معي إلى المسجد إلا أن تقول أنه غير مسلم ؟ طبعا ممكن أن يكون الأمر كذلك وهو غير مسلم وممكن أن يكون مسلما .
نجد كثيرا من الإسلاميين عنده عمال في المحل فيدع العمال وهم مسلمون مثله ويذهب إلى المصلى ولا يبالي بهم ، هذا خطأ فهو مسؤول كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته ... ) أما إذا كان هذا العامل غير مسلم فالأمر كما قال تعالى (( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ ))، حينئذ نستطيع أن ندخل في الإجابة على السؤال مباشرة فنقول إذا كان هذا العامل خارج الدار بحيث أنه لو سوّلت له نفسه أن يعمل شيئاً نكرا أو لو سامح الله ربة الدار كانت كذلك فإذا كان خارج الدار لا يتمكن وإذا كان صاحب الدار يغلق الباب بينه وبين العامل لا بأس إذا كان عنده شك في ربة البيت أما إذا كان عنده ثقة بها فهي تغلق الدار من الداخل والعامل في الخارج فلا بأس حينذاك أن يدعه وعمله وينطلق رب الدار إلى المسجد ويصلي مع جماعة المسلمين . باختصار لا بد من الإحتياط والتحفظ حتى ما تقع ما لم ... .