متفرقات للألباني-036
كلمة الطالب حول من ينكر الأسماء والصفات ويزهد في تعلمها ويقول إنه ليس في تعلمها أثر على العبد وليس لها علاقة بالأحكام الشرعية؟
السائل : السؤال الذي أود أن أطرحه قبل شهور ... فقال أن توحيد الأسماء والصفات لم يكن موجود في القرون الثلاثة الأولى الفضيلة. وقال أيضًا إن قضية الأسماء والصفات لا ينبني عليها أي أعمال. وقال أيضًا أنها قضايا فلسفية بحته، وعلم كلام وحمل حملة شديدة على دعاة التوحيد وزعم أنهم يأخذون دليل أهل السنة والجماعة على الفلاسفة ويجعلونها هي التوحيد، وضرب مثال على ذلك العقيدة الواسطية لابن تيمية وشرح العقيدة الطحاوية فقال هذه ردود أهل السنة والجماعة على الفلاسفة وهي لا يمكن أن يتعلمها الإنسان ببساطة وتحتاج إلى مدرس بينما كان الصحابة يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تتعلم منه العقيدة الإسلامية في خمس دقائق، فقال لا أدري كيف أوحد أن لله يد؟ قال الله خبير لطيف نعم لكن له يد لا أدري كيف أوحد الله في السر، ما يمنع أن يكون الله في السماء وفي كل مكان؟ فقضية توحيد الأسماء والصفات هل عرفه السلف الصالح الرسول صلى الله عليه وسلم ومن كانوا معه كما نعرفه اليوم بهذه الدقة أو أنه كما يزعمهذا المحاضر يمرونها على النصوص كما جاءت أي لا يقفون عليها ويتأملون معانيها؟
1 - كلمة الطالب حول من ينكر الأسماء والصفات ويزهد في تعلمها ويقول إنه ليس في تعلمها أثر على العبد وليس لها علاقة بالأحكام الشرعية؟ أستمع حفظ
افتتاح الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه وتستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساؤلون به الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فبعد
بيان منهج السلف في أسماء الله وصفاته.
الشيخ : الذي ينبغي أن نلاحظه بالنسبة لهذه المشكلة التي أثارها ذلك المحاضر هي الوقوف نصوص الكتاب والسنة على الوجه الذي فهمه السلف الصالح رضي الله عنهم أم على الوجه الذي فهمه الخلف، إن هذا المحاضر لا يقول قولًا لم يسبق إليه في ما أعتقد وأجزم به رجلٌ من علماء السلف ولا من علماء الخلف، ذلك لأن الفريقين كلاهما متفقٌ على أن آيات الله تبارك وتعالى يجب أن نفهمها سواء ما كان منها متعلقًا بالله تبارك وتعالى أسمائه وصفات أو ما كان منها متعلقًا بأحكامه وآياته أو غير ذلك من أمور الشريعة التي إجتمعت في كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ليس هناك من أهل العلم من يقول بأنه ينبغي ألا نفهم آيةً من آيات الله كيف وربنا عز وجل يقول (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )) فإن محاولة فهم القرآن وبالتالي فهم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا خلاف فيه بين الفريقين السلفي منهم والخلف، وإنما الخلاف هل تفهم نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها دون تأويلٍ وتشبيه، أم تفهم على طريق التأويل مع التنزيه المجمع عليه بني الفريقين؟ هذا هو الخلاف ولذلك الرجل حينما يقول ما أشار إليه حضرة السائل إنما يكون قولًا لم يقوله من قبله رجلٌ عالمٌ مسلم، فحسبه في إعتقادي وعيدًا قول ربنا تبارك وتعالى (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )). هذا الوعيد الشديد ينصب على كل من يسلك سبيلاً في الشرع مخالف سبيل المؤمنين ولا شك أن سبيل المؤمنين هذا هو سبيل السلف الصالح، لإجماع الأمة على أن السلف الصالح هم الذين أثنى الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عليهم بالخيرية، ولذلك هؤلاء السلف حبلوا على فهم آيات الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها ومن ذلك ما يتعلق بصفات الله عز وجل وأسمائه الحسنى. أما أن السلف هم خير القرون ما أظن أن أحد بحاجة إلى يذكر بشيء من ذلك، ولكني أريد أن أذكر بأن السلف الصالح رضي الله عنهم قد فهموا الآيات والأحاديث الواردة في أسماء الله وصفاته كما يفهمها معشر السلفيين الذين ينتمون إلى هذا السلف الصالح فسروها وفهموها على ظاهرها مع التنزيه الذي يفرضه ربنا عز وجل في مثل قوله (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )).كل أحدٍ يعلم أن هذه السورة وفيها هذه الآيات المباركة الطيبة فيها توصيف لله عز وجل في أسمائه وصفاته،
السلف الصالح كانوا أعلم الناس بمعاني القرآن الكريم، وبيان خطأ هذه الجملة: مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم؟.
الشيخ : فمن ذا الذي يجرأ أن يقول إن السلف الصالح لم يفهموا معنا الله أحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد؟ بطبيعة الحال سيكون الجواب لا، ما أحد يدعي هذه الدعوى، لكني أتخذ هذه الكلمة مقدمةً لأقول، من الذي يجرأ أن يقول بأن السلف لم يبحثوا هذه السورة مثلكم ومروا عليها هكذا مر الكرام ولم يقفوا عندها ولم يبنوا عليها عقيدةً صادقةً صحيحة وهي أن الله عز وجل أحدٌ لا شريك له وهو أحدٌ في ذاته وأحدٌ في أسمائه وأحدٌ في صفاته وفي عبادته تبارك وتعالى. هذه السورة جاء القرآن الكريم في بيان مفردات لهذه الآيات جملةً جملة، القول بأن السلف الصالح ما وقفوا عند هذه الآيات إن كان المقصود بها ما وقفوا عنده هذه لظهور معناها ولوضوح المقصود منها فهذا أمرٌ لا شك فيه ولا ريب، وكذلك نقول في كل الآيات التي قام الخلاف في تفسيرها بين الذين ينتمون إلى السلف الصالح أمثالنا وبين الآخرين الذين ينتمون على الخلف والذين يقولون مع الأسف الشديد بكل صراحة إن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم وأعلم. لكن هناك طائفة أخرى ليسوا من هؤلاء ولا من هؤلاء وقد كثرت أتباع هذه الطائفة في الزمن الحاضر فرارًا من قيام الحجة عليهم هذه الطائفة سماها أتباع السلف بالواقفة وهم الذين يقفون عند آيات الصفات وأحاديث الصفات ويصنفون بأنهم مع السلف في تفسيرها تفسيرا واضحًا دون تأويل مع التنزيه ولا يصرحون بأنهم مع الخلف على طريقتهم في التأويل، أما عدم وقفوهم مع السلف الصالح فذلك لغلبة التحزب عليهم ولاستكبارهم عن إتباع الحق بعد وضوحه مع الذين يدعون المسلمين إلى إتباع السلف الصالح في كل شيءٍ وبخاصةٍ منها ما كان متعلقًا بأسماء الله وصفاته تبارك وتعالى. ولا يذهبون إلى ما ذهب إليه الخلف لأنهم قد إتضح لهم أن هذه الكلمة أن مذهب الخلف أعلم وأحكم كلامٌ باطل و زور لا يقولوه ذو عقلٍ ولب، لأننا نعلم جميعًا سلفًا وخلفًا أن على رأس قائمة السلف الصالح هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يمكن لمسلم يدري ما يخرج من فمه أن يقول إن طريقة السلف وعلى رأسها محمد صلى الله عليه أسلم، لكن طريقة الخلف أعلم وأحكم؟! في ذلك تصريح بتفضيل ما عليه الخلف على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم من السلف الصالح أعني القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية.
4 - السلف الصالح كانوا أعلم الناس بمعاني القرآن الكريم، وبيان خطأ هذه الجملة: مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم؟. أستمع حفظ
الكلام على أثر أم سلمة والذي اشتهر عن الإمام مالك فيما بعد حينما سئل عن كيفية استواء الرب فقال: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. وبيان مذهب السلف في صفات الله.
الشيخ : لقد جاء في كتاب الأسماء والصفات للإمام أبي بكر البيهقي روى عن أم سلمة تلك العبارة التي إشتهرت فيما بعد منسوبةً إلى الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة أنه لما سئُل رحمه الله عن قوله تبارك وتعالى: (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ ))، كيف إستوى؟ قال الإستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنده بدعة، قال مالك أخرجوا الرجل، يعني السائل فإنه مبتدع، أصل هذه الكلمة التي صحت عن إمام دار الهجرة إنما هي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها، فقد روى البيهقي كما قلت آنفًا أن أم سلمة قالت الإستواء ومعلوم والكيف مجهول، فكيف يجوز لإنسان عنده علم، أما من لا علم عنده فيقول ما شاء له هواه ونفسه أمارة بالسوء، كيف يمكن لإنسان عنده شيء من العلم ويخشى الله عز وجل ولا يقف ما ليس له علم أن يقول إن السلف لم يفسروا هذه الآيات وإنما مروا بها مر الكرام كما يقال، هذا مع ما فيه مما أشرت إليه آنفًا من نسبة عدم تفكر الصحابة وتدبرهم القرآن وبخاصة ما يتعلق بهذا القرآن بالذي أنزل القرآن سبحانه وتعالى. كيف يقال بعد ثبوت مثل هذه الروايات عن السلف عن أم سلمة وعن الإمام مالك فضلاً عن غيرهم ممن ساق أقوالهم الحاكم المشهور ألا وهو الإمام الذهبي في كتاب الذي سماه "العلو للعلي الغفار" أو للعلي العظيم الذي كنت إختصرته منذ بضع سنين، فقد ذكر هناك الآثار بعد أن ذكر الآيات والأحاديث الآثار عن الصاحبة ثم عن التابعين ثم أتباعهم ثم هكذا ثم العلماء الذي جاءوا من بعدهم إلى عصر الإمام الذهبي وهو أول القرن الثامن الهجري، ذكر الآثار وكلهم فيها يذهبون إلى تفسير الآيات وتفسير الأحاديث تفسيرا لا غلول فيها إطلاقًا مع التمسك بمبدأ قوله تبارك وتعالى (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) من تلك الآثار الأثرين الذين ذكرناهما آنفًا عن أم سلمة وعن الإمام مالك رحمه الله، أن الإستواء معلوم أي لغةً لكن الكيف مجهول وهذا هو مذهب السلف وهذا ما أقول من نفس الآية السابقة: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ))، هذا ينكر الكيفية (( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))، معلوم السمع والبصر عند كل رجلٍ عربي. ومن عجائب التناقض هؤلاء الواقفة الذي هم ليسوا من السلف ولا من الخلف أنهم يقفون عند بعض النقاط التي كانوا يروا فيها الخلاف بين أهل الحديث والسنة من جهة وبين المعتزلة من جهة أخرى ثم تأسى بهؤلاء المعتزلة بعض المنتمين إلى أهل السنة من الأشاعرة والماتوريدية نسوا أن السلف قالوا بالتنزيه وبالإثبات عملاً بهذه الآية، إنما نسوا أن لا فرق بين إثبات الصفات التي وقع الخلاف بين أهل الحديث والأشاعرة وبين الصفات الأخرى التي إجتمع فيها الفريقان أهل الحديث والأشاعرة وأمثالهم على إثباتها كمثل صفة السمع والبصر، لا يتحرجون وحق لهم ذلك وهذه عقيدة السلف من أن يقولوا إن الله عز وجل صفة السمع وصفة البصر فما الفرق بني هاتين الصفتين الثابتتين في الآية وبين أي صفةٍ أخرى من الصفات الواردة في القرآن الكريم؟ فاليد مثلاً التي ذكرها على سبيل المثال الأخ السائل وبين إستواء الرحمن على عرشه تبارك وتعالى وبين صفة المجيء (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )) ما الفرق بين الإيمان بهاتين الصفتين صفة السمع والبصر فضلاً الصفات الأخرى صفة الحياة وصفة الإرادة والقدرة ونحو ذلك يؤمنون معنا نحن معشر السلفيين ونحن تبع السلف الصالح يؤمنون بهذه الصفات ولا يجدون في ذلك حرجًا في نفوسهم وهو الإيمان حقًا ولكن لا لماذا لا يطبقون هذا المبدأ من الإيمان بكل صفةٍ جاء ذكرها في الكتاب أو في السنة بدون تشبيه، فهم حينما آمنوا بصفة السمع والبصر قالوا سمعًا ليس كسمعنا وبصرًا ليس كبصرنا فما الذي حال بينهم وبين أن يقولوا إستواءً ليس كإستوائنا ونزولًا ليس كنزولنا ويدًا ليست كيدنا وهكذا يقال فرضًا لكل آيات وأحاديث الصفات نؤمن بها كما جاءت دون تكييف ودون تأويل، نؤمن بها كما جاءت لا جهلاً بها بينما نؤمن بها علمًا بها لأن الله عز وجل أنزل هذه الآيات بلغة القرآن هذه اللغة التي أنزل بها كل أحكام الشريعة وبها فهمناها كذلك نفهم أمور الغيب كلها بهذه اللغة ولكن دون تشبيه أو تمثيل.
5 - الكلام على أثر أم سلمة والذي اشتهر عن الإمام مالك فيما بعد حينما سئل عن كيفية استواء الرب فقال: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. وبيان مذهب السلف في صفات الله. أستمع حفظ
الرد على من قال إن البحث في أسماء الله وصفاته حدث بعد القرون المفضلة وأنه من الفلسفة.
الشيخ : أما القول إن البحث في ذات الله عز وجل صفاتًا وأسماءً إن هذه الأمور التي حدثت فيما بعد وأن ذلك من فلسفة علماء الفلسفة هذا أمرٌ عجيب جدًا، ربنا عز وجل يقول (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) فسر العلماء كلمة يعبدون بالمعنى الظاهر ليقوموا بحق عبادته وحده لا شريك له، لكن بعضهم ذكر تفسيرًا آخر فقال ليعرفون وما خلقت الجن والإنس إلا ليعرفون وهذا المعنى لا يخالف بوجه من الوجوه المعنى الأول لأن عبادة الله تبارك وتعالى حقًا لا يمكن أن يتحقق بها في نفس المؤمن إلا إذا عرف الله عز وجل حق معرفته وذلك بطبيعة الحال لا يمكن الوصول إلى هذه المعرفة إلا بطريق الكتاب والسنة، ذلك لأن الله عز وجل ذكر في أول سورة البقرة الشرط الأول بالنسبة للمؤمنين حقًا حينما قال (( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) بعد الإيمان بالغيب ذكر الصلاة والزكاة ونحو ذلك فقال (( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ))، ونحن إذا رجعنا إلى كتب التفسير لوجدناهم مجمعين على تفصيل الغيب بأنه كل ما غاب عن عقلك أي عن أن يدركه عقلك فذلك هو من الغيب الذي يجب الإيمان به بشرطٍ واحد وهو أن يكون مما جاء في كتاب الله أو مما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا صحيحًا. وهو مما لا شك فيه أن الله تبارك وتعالى هو غيب الغيوب ولذلك يقول العلماء إن كل ما خطر في بالك الله عز وجل بخلاف ذلك، يقولون هذا لأنه غيب لا ندركه كما قال تعالى: (( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ )) ولما كان الأمر كذلك فلا يجوز أن نقف عند الإمام بهذا الغيب الذي قلنا عنه تقريبًا للأذهان لأنه غيب الغيوب إلا في حدود ما عرفنا الله عز وجل به بنفسه في آيات كتابه وفي أحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم ومما لا شك فيه ولا ريب أن تعريف الله عز وجل لعباده لنفسه كان بهذه اللغة كما أشرت آنفًا التي بها فهمنا شريعة الله كلها فيجب أن نفهم كذلك الله عز وجل في صفاته كما فهمنا بنفس الطريقة آيات الأحكام والأخلاق ونحو ذلك.
معنى قول السلف في الصفات: أمروها كما جاءت. والرد على المعتزلة والأشاعرة والماتردية في تعطيلهم للصفات أو بعضها.
الشيخ : والسلف كما قلنا ما خرجوا عن هذه القاعدة إنهم فسروا القرآن على ما يفهمه كل عربي وهذا هو المقصود في بعض العبارات التي تنقل عن بعض السلف كسفيان بن عيينه وغيره حينما يقولون أمروها كما جاءت، لا يعنون أمروها كما جاءت بدون فهم وإنما أمروها كما جاءت بدون تأويل لأن المعنى فيها واضح كما ضربنا مثلاً آنفًا بصفة السمع والبصر، فلا ينبغي أن نقف ها هنا ونتأول كما فعل بعض غلاة المعتزلة. قد لا يعلم بعض هؤلاء المتأخرين ممن خرجوا عن السلف وعن الخلف في وقوفهم أمام الجهل المطبق تجاه آيات الله وأحاديث رسول الله المتعلقة بالصفات قد لا يعلم هؤلاء أن بعض المعتزلة فسروا الآية السابقة (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))، قالوا السميع البصير يعني العليم، وهذا المثال يوضح لإخواننا الحاضرين ما معنى كلمة تعطيل الصفات أي إنكارها ولا يكون إنكارها بطبيعة الحال إلا بطريق التعطيل ممن ينتمي للإسلام وهو التأويل فلما قالت المعتزلة وهو السميع البصير أي العلم فقد وضح لكل من كان عنده علم أن هذا إنكار لصفة السمع والبصر. ولماذا أنكروا المعتزلة هاتين الصفتين؟ للسبب الذي ينكره المتأولة بكثيرٍ من آيات الصفات كالإستواء واليد ونحو ذلك مما أشرنا إليه آنفًا، قالت المعتزلة إذا قلنا بأن لله سمعًا فقد شبهناه بنا وإذا قلنا بأن الله بصرًا فقد شبهناه بنا، ولذلك نحن نقول يعني المعتزلة أن الله لا يوصف بأنه سميع وبأنه بصير وإنما المقصود من هذه الآية في هاتين الصفتين أنه عليم، ما الذي إستفاده المعتزلة بهذا التأويل هو نفسه الذي إستفاده المتأولة بتأويلهم الكثيرة وهو في الحقيقة لا شيء لذلك لأنهم حين قالوا السميع البصير أي العليم، فنحن اليوم نقول فلان عليم والله عز وجل حكى عن يوسف عليه السلام حين قال لعزيز مصر (( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ )) فما الذي إستفاده المعتزلة من هذا التأويل لتلك الآية المباركة (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))، حينما قالوا لا سمع ولا بصر وإنما المعنى العليم ما إستفادوا شيئًا لأن هذه الصفة أيضًا مما يوصف به المخلوق. إذًا ما المخرج؟ المخرج هو التزام النص القرآني بتنزيهه وإثباته (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ))، هذا هو التنزيه (( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))، فنقول هو سميع لكن سمعه ليس كسمعنا، البصير بصره ليس كبصرنا، علمه ليس كعملنا ويكفي أن نقول إنه هو الخالق لهذه المخلوقات بما فيها من سمع وبصر كما قال (( فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )) لكن كل أحد يعمل أن سمع هذا المخلوق الأول وهو آدم عليه الصلاة والسلام الذي وصفه الله نفسه بأنه جعله سمعيًا بصيرًا كلنا نعلم أن سمعه وبصره محدث وأن المحدث كله لا شبه الخالق سبحانه وتعالى ولذلك فالحق الذي يجب على المسلم أن يؤمن به أولًا ويستريح به من فتنة التشبيه والتعطيل الذي وقع فيه المعتزلة قديمًا ثم تبعه بعض من ينتمي إلى السنة من الأشاعرة والماترويدية هو الجمع بني التنزيه وبين الإثبات، لأنه لا مفر لأي شخصٍ أو أي طائفةٍ من أن تثبت لله عز وجل ولو بعض الصفات، ومهما أثبت لله عز وجل من صفة فسيجد هذه الصفة موجود في خلق من خلق الله تبارك وتعالى، فنحن نقول دبر كل صلاة مثلاً آية الكرسي الحي القيوم، وها نحن الآن أحياء هل إذا كنا نحن أحياء معنى ذلك أننا شبهنا أنفسنا في صفة الحياة بحياة الله عز وجل وهي أزلية لا أول لها ولا خالق لها بل هو كائن حيث لا شيء كما جاء في الأحاديث الصحيحة لا أحد يخطر في باله أبدًا مثل هذه الشبهة إلا على طريقة هؤلاء المعطلة التي أدت بهم إلى أن ينكروا حقائق واقعية بسبب إنحرافهم عن الشريعة الإسلامية الكتاب والسنة وبالأحرى انحرافهم عن منهج السلف الصالح. هؤلاء يلزمهم أن يكونوا أحد شيئين على طريقتهم في إنكار المعتزلة لصفة السمع والبصر وطريقة إنكار الأشاعرة وأمثالهم في صفة النزول والمجيء والإستواء ونحو ذلك يجب أن يكونوا على شيئين نحن الأحياء لسنا بأحياء لماذا؟ لأننا إذا قلنا أنا حي وأنت حي صار في مشاركة مع الحي سبحانه وتعالى القيوم، وهل يقول إنسان هذا لكي ينزه الله عز وجل عن مشابه للحوادث لا تلازم بين الأمرين أبدًا ولذلك هم لم يقعوا في هذه الطامة لم يقل أحدٌ منهم نحن لسنا أحياء وإنما يقولون حياتنا ليست كحياته تبارك وتعالى، حياته ذاتية وحياتنا مكتسبة بخلقه تبارك وتعالى أو أن يقولوا وهي أطم ما دمنا نحن أحياء فالله ليس بحي لأنه يصير في تشبيه، لا هذا بالذي يلزم أن يقوله الإنسان وما وقعوا في مثل هذه الطامة الكبرى أبدًا ولكن قالوا ما يشابهها تمامًا وتأملوا معي تجدون الأمر بهذا الوضوح التام، ما الفرق بين أن نقول الإنسان حي والله حي لكن حياة الله ليست كحياتنا وهذه بديهية، وما الفرق بين أن يقول الإنسان الله سميع وبصير لكن ليس كسمعنا وبصرنا؟ هذا مثل هذا تمامًا، لأنه وضعنا التنزيه ثم أثبتنا (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))، ما الفرق إذًا بين أن نقول إستوى لا كإستوائنا ويجيء لا كمجيئنا، وينزل لا كنزولنا؟! وما معنى حينئذٍ أن السلف لم يفهموا معنى ينزل الله في كل ليلة في الثلث الأخير إلى السماء الدنيا؟ من يقول أن السلف لم يفهموا هذا؟ السلف فهموا وآمنوا كما قال تعالى: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))
7 - معنى قول السلف في الصفات: أمروها كما جاءت. والرد على المعتزلة والأشاعرة والماتردية في تعطيلهم للصفات أو بعضها. أستمع حفظ
تفسير الأشاعرة لصفة الاستواء بالاستيلاء، والرد عليهم.
الشيخ : وانظروا ما فعل الأشاعرة والماتريدية في صفةٍ من هذه الصفات التي أثبتها السلف ونحن معهم في ذلك طبعًا إنهم فعلوا كما فعلت المعتزلة، المعتزلة فسرت السمع والبصر بما علمتم أنه العلم، فقيل لهم ما فعلتم شيئًا لأن البشر يوصف أيضًا بأنه عليم، يقولون فيها علم الله ليس كعلم هؤلاء إذًا خليكم مع النص قولوا سمع الله ليس كسمع البشر وبصره كذلك، المتأخرون من الأشاعرة فعلوا نحو هذا ماذا قالوا كلكم يعلم أنهم فسروا آية الإستواء (( الرحمن على العرش إستوى ))، (( ثم إستوى على العرش ))بالإستلاء هذا تعرفونه لكن لعل الكثير منكم ما عرفوا الإيراد الذي ورد عليهم وبماذا تخلصوا من الإيراد. قيل لهم يا جماعة أنتم فسرتم الإستواء المذكور في الآية بالإستلاء فرارًا من التشبيه لأنكم تزعمون إذا قلنا الله على العرش إستوى فيه تشبيه لله عز وجل بالملوك فقلتم إستولى، فما خرجتم منه وقعتم فيه وفيما هون أفظع منه لأن كلمة إستولى تفيد أنه سبق على الله عز وجل ولو لحظة من الزمن أنه مغلوبًا على أمره غير مستوليٍ على ملكه ثم إستولى هذا أخطر بكثير مما تتوهمونه من تفسير آية إستوى إستواءً يليق بجلاله و كماله فماذا قالوا؟ قالوا لا، نحن قول إستوى بمعنى إستولى مع سحب معنى المغالبة، يعني المعنى الذي فسروا به النص القرآني بزعمهم فرارًا من التشبيه رجعوا عنه، لكن إذا قيل فلان إستولى على كذا معناه أنه إستولى مغالبةً فهم يقولون: لا، نحن نسحب كلمة أو معنى مغالبة، فلم يبقى لقولهم شيء، فلو أنهم بقوا على الآية كما جرى السلف وكما علمتم آنفًا من الآثرين (( الرحمن على العرش استوى ))، أي الاستواء معلوم والكيف مجهول، فلو بقوا على هذا المعنى لكان خيرًا لهم من ذلك التأويل الذي سرعان ما كفروا به ورجعوا عنه، ومع ذلك لا يزالون يجادلون حتى اليوم بالباطل ويقولون لا نحن ما نقول إستوى لأنها في الظاهر أنه فيه تشبيه طيب ماذا تقولون؟ وجد بسبب هذا التأويل الذي ظهر بطلانه وجد طائفة سموا أنفسهم أو سماهم غيرهم بالواقفة، لا هم مع السلف ولا هم مع الخلف وظني أن هذا المحاضر المشار إليه هو من هؤلاء الناس
بيان أن مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم.
الشيخ : لذلك الحقيقة كما قال العلماء المحققون من مثل ابن تيمية وابن قيم الجوزية وأمثالهما أن مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم كله خير كما قيل وكل الخير في إتباع من سلف وكل شرٍ في إبتداع من خلف وهذا نحن نلمسه لمس اليد.
انظروا الآن حينما نثبت الصفات كلها الإلهية بماذا يتهموننا لأننا نشبه ربنا عز وجل بالمخلوقات، ونحن نقول يا جماعة اتقوا الله نحن نقول كما قال الله معلمًا لنا (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))، ليس كمثله شيء وهو يجيء وينزل وإستوى على العرش ونحو ذلك ليس كمثله شيء فإذًا هم يتهمونا إتهامًا وهذا من آثار التحزب على خلاف مذهب السلف الصالح لكن انظروا الآن كيف هم يلزمون أنفسهم بالضلال والإنحراف عن الشريعة، حينما يستسلمون لمذهب الخلف في التأويل، حينما تأتي آيات الاستواء والفوقية والنزول ونحو ذلك من الآيات التي أثبت بها الإمام الذهبي صفة العلو لله عز وجل هؤلاء الخلف ينكرون هذه الحقائق الشرعية كلها
انظروا الآن حينما نثبت الصفات كلها الإلهية بماذا يتهموننا لأننا نشبه ربنا عز وجل بالمخلوقات، ونحن نقول يا جماعة اتقوا الله نحن نقول كما قال الله معلمًا لنا (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))، ليس كمثله شيء وهو يجيء وينزل وإستوى على العرش ونحو ذلك ليس كمثله شيء فإذًا هم يتهمونا إتهامًا وهذا من آثار التحزب على خلاف مذهب السلف الصالح لكن انظروا الآن كيف هم يلزمون أنفسهم بالضلال والإنحراف عن الشريعة، حينما يستسلمون لمذهب الخلف في التأويل، حينما تأتي آيات الاستواء والفوقية والنزول ونحو ذلك من الآيات التي أثبت بها الإمام الذهبي صفة العلو لله عز وجل هؤلاء الخلف ينكرون هذه الحقائق الشرعية كلها
نفي المعطلة لصفة العلو لله، وبيان أن المعطل يعبد عدما والمجسم يعبد صنما.
الشيخ : فيقولون الله عز وجل لا يوصف بأنه فوق وبالتالي لا يوصف بأنه تحت وقد صرحوا بالنفي المطلق فقالوا الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف لا داخل العالم ولا خارجه، وزاد بعضهم كما بعضهم كما يقال ... لا متصلاً به ولا منفصلاً عنه. أبالله عليكم ولا يسأل بالله إلا الأمر العظيم، قولوا لي لو قيل لإنسان من أفصح العرب بيانًا صف لنا المعزول الذي لا وجود له هل هي يستطيع أن يصفه بأكثر مما يصف هؤلاء معبودهم، حيث يقولون الله لا فوق ولا تحت، لا يمين ولا يسار لا أمام ولا خلف لا داخل العالم ولا خارجه ما الذي يبقى؟ لم يبقى إلا العدم. وزاد بعضهم كما سمعتم لا متصلاً ولا منفصلاً عنده، ولذلك إنتبه إلى خطورة هذا النفي أحد الأمراء الأذكياء حينما شهد مناقشةً بين أحد كبار علماء السلف وبين كثير من مشايخ الخلف فتناقشوا بين يديه هذا السلفي يثبت لله عز وجل صفة الفوقية بآيات كثيرة لستم بحاجة إلى أن نتلوها عليكم كمثل (( يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )) فلما سمع إثبات هذه الشيخ السلفي ونفي أولئك بمثل ما سمعتم قال كلمةً تدل على كياسته وعقله، قال هؤلاء قومٌ أضاعوا ربهم، الذي يقول على ربه لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار لا داخل العالم ولا خارجه لا شك أنهم جهلوا معبودهم وهنا يظهر لكم كيف يمكن للمسلم أن يؤمن بالله وهو ينزهه بزعمه أن يكون داخل العالم أو خارجه؟ ليس هناك إلا شيء مخلوق أو غير مخلوق، وحينئذٍ هذا الخالق إما أن يكون داخل العالم أو يكون خارج العالم، فإذا قيل هو لا داخل العلم ولا خارجه فقد حكموا عليه بالإعدام ولذلك قال ذلك الأمير الكيس هؤلاء قومٌ أضاعوا ربهم، وهذه حقيقة نحن نعرفها ونسمعها هنا في بلاد الشام على المنابر، هذه الكلمة المنكرة لوجود الله عز وجل سمعتها على المنبر مرارًا يلقنون عامة المسلمين هذه الصفة لله عز وجل وهي السلب والجحد المطلق وصدق من قال المجسم يعبد صنمًا والمعطل يعبد عدمًا، من المعطل؟ هو الذي ينكر الصفات الإلهية، فهذا الذي يقول فرارًا في زعمه من التشبيه ومن التجسيم يقول الله لا فوق ولا تحت إلى آخر الضلالات الكبرى الذي سمعتموها هذا خيرٌ منه ذلك المجسم وكلاهما في ضلال، أقول خيرًا منه لأنه أثبت شيئًا يعبده، أما هذا المعطل فقد أنكر وجود الله تبارك وتعالى ووصفه بصفةٍ لا يمكن لإنسان يؤمن بوجود الخالق حقيقةً إلا أن يعتقد أنه أحد شيئين إما أن يكون داخل العالم وإما أن يكون خارجه، والنصوص من الكتاب والسنة كلها جاءت متضافرة تثبت أن الله عز وجل له صفة العلو، ونحن نعلم بأن المسلمين جميعًا متفقون على حقيقة وإن كان يختلف في تفاصيلها كما نحن الآن، إن الله عز وجل كل صفات الكمال وهو منزه عن كل صفات النقص، فتعالوا لنفكر الآن فيما يعتقده السلف من أن الله عز وجل كما قال (( على العرش إستوى ))، ووصف عباده المؤمنين بأنه يخافون ربهم من فوقهم، فله صفة الفوقية
بيان خطأ هذه المقولة المنتشرة بين الناس: الله موجود في كل مكان. وإثبات أهل السنة صفة العلو لله.
الشيخ : أما هؤلاء فهم يقولون ما سمعتم من النفي المطلق بعضهم تبين لهم هذا الضلال الواضح الميسر ففروا إلى ضلال مستقل منفصل تمامًا عن هذا الموجود للمخلوق، فتبين لهم أنه يحث يقول أولئك أنه لا داخل العالم ولا خارجه هذا كلام باطل عقلاً فضلاً عن أن يكون باطل شرعًا، فماذا جاؤوا بحل هذا الحل تسمعونه في كل مكان في كل مجالس على غير مناسبة أو بمناسبة تسمعهم يقولون الله موجود في كل وجود الله موجود في كل مكان، هذه عقيدة المسلمين الموجدين اليوم ممن يعرفون بأهل السنة، الذي ذكرناه آنفًا عقيدة بعض علماء الكلام لكن انكشف بطلانها فسقط من أصلها لكنهم لجئوا إلى ضلالات أخرى فقالوا الله موجود في كل مكان، كيف الله موجود في كل مكان وأنتم أنكرتم أن يكون الله فوق المخلوقات كلها بزعم أننا إذا قلنا أن الله فوق المخلوقات كلها يكون جعلناه في مكان هذه شبه منهم والشبهة الثانية بيكون جسمناه وكل من الشبهتين باطلة، ذلك أن الشبه الأولى وهي أننا إذا قلنا أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها إذا قلنا بزعمهم جعلناه في مكان وهو زعم باطل كما سأبين إن شاء الله فقولهم إن الله موجود في كل مكان أضل سبيلاً ممن يقول أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها، لأن كلمة كل مكان تشمل الأمكنة الطاهرة والأمكنة القذرة تشمل الأماكن التي فيها الخمارات والبارات والمراقص والمجاري و و إلى آخره، فإذا أنتم أبيتم أن تقولوا معنا إن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها بزعم أننا جعلناه في مكان فكيف رضيتم بأنفسكم أن تجعلوه في كل مكان حتى هذه الأمكنة القذرة لما تتبين لهم هذه الضلالة وهي بينة والحمد لله يعودون فيقولون نحن ما نقصد أن الله عز وجل بذاته في كل مكان وإنما نقول علمه في كل مكان نقول حسنًا أن الله بعينه في كل مكان هذه عقيدة صحيحة وسلفية ولذلك جاء عن ابن عباس رضي الله عنهم في تفسير الآية التي قد يلجأ إليها بعض هؤلاء المتأولة بإنكاره سنة الفوقية وهي قوله تعالى (( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ )) صح عن ابن عباس أنه فسرها وهو معكم بعلمه، فإذا قالوا: نحن ما قصدنا أنه في مكان بذاته وإنما بعلمه نقول هذا التفسير صحيح وهذه العقيدة صحيحة أي أن الله تبارك وتعالى مع مخلوقاته كلها بعلمه لكن نعود ونسأل سؤال أوضح من السابق وهو الله تبارك وتعالى بذاته أين هو يا معشر المتأولة بل يا معشر المتعطلة بل يا معشر الواقفة الذين تقولون البحث في هذه العقيدة هذا ضلال وإنحراف ونحو ذلك من الكلمات؟ ستجدهم حيارى لا تسمع منهم جوابًا أن خلصوا أنفسهم بالتأويل حين قالوا نحن نعني أن الله موجود في كل مكان بعمله، لكن يعود وكثيرًا ما يصنف السؤال كالآتي حتى يتضح ضلال الجماعة وإنحرافها عن الشريعة، الله الذي تعبده يا مسلم موجود أم مفقود؟ انظروا السؤال الآن ليس فيه صفة من صفات الله وإنما سؤال عن ذات الله الذي إتصف بكل صفات الكمال، هل الله الذي تعبده موجود أم مفقود؟ سيكون الجواب بداهةً موجود أعوذ بالله ما هذا السؤال، هذا الله الذي تعبده وهو موجود يقينًا أين هو؟ الآن هنا لا تسمع الجواب لما لأنه لا يستطيع أن يقول الله في كل مكان بعد أن أوضحنا له ضلالة هذا الجواب ولذلك اضطروا إلى القول أن الله بعلمه في كل مكان، لكننا أعدنا عليهم السؤال بطريقة أخرى بحيث نكون قصرنا السؤال في ذات الله عز وجل الذي له كل صفات الكمال لا تسمع منهم جوبًا لما؟ لأنهم كفروا بآيات الله لا بألفاظها لا تجد مسلمًا وهذه حقيقة يجب أن يعلمها إخواننا السلفيين في كل بلاد الدنيا لا تجد مسلمًا مهما كان عميقًا في الضلال ينكر آية في القرآن الكريم، لأنه حين ذاك يخرج من الملة وليس له علاقة بهذا الإسلام إطلاقًا ولكن الكثيرين منهم ينكرون عشرات النصوص والقرآن فضلاً عن السنة بطريق التأويل الذي هو التعطيل من أجل ذلك وقعوا في الجحد المطلق كما سمعتم أن المعطل يعبد عدمًا، لا يقولون جواب السابق الله فوق السموات كلها لماذا؟ مع أن الجواب نقرأه في كل ليلة خاصة نحن أهل السنة الذين نحافظ على الأوراد الواردة عن الرسول ومن ذلك أنه كان لا ينم في كل ليلة إلا بعد أن يقرأ سورة تبارك، في سورة تبارك ربنا عز وجل يقول (( أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ )) كيف تُسأل أين الله؟ فتسكت ما قرأت إياه؟ نعم يا إخواننا قرؤوا لكن حرفوها غيروا معانها تتدروا ماذا قالوا (( أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ))، يعني ملائكة الله، هذا هو التأويل الذي هو يشابه تمامًا إنكار المطلق الله يقول (( أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )) أنتم تقولون يعني ملائكة الله، أتينا لهم بحديث مشهور وهو ثابت والحمد لله ( إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، من هو الذي في السماء؟ قالوا ملائكة الله، كل هذا تحريف لعشرات بل لمئات النصوص، لماذا يا جماعة؟ لو كان الأمر يعني في شيء ... لهذا التأويل لقلنا والله حق لهم، لكن أي شيء يستفيدونه من التأويل بعد أن عرفتم أنه حينما يؤولون النصوص يقولون نحن لا نريد المعنى السيئ من هذا التأويل كما سمعتم في مسألة الإستواء قالوا الإستعلاء، الإستلاء معناه في مبالفة لا سحبنا كلمة مبالغة إذًا ما فعلتم شيئًا ما أولتم، بقيت الآية كما هي بقينا نحن مع الآية (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) فسرها السلف أبو العالية وغيره كما في صحيح البخاري إستعلى،علوا منزهًا عن مشابهة ... إنتهي الأمر، فهنا تجدون هؤلاء الناس لا يجيبون على ذاك السؤال بجواب من القرآن الكريم (( أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ))، لماذا تأولوا وتأولوا ذاك؟ فهم يعيشون في دوامة من التأويل لا يصلون بها إلى معرفة رب العالمين تبارك وتعالى
11 - بيان خطأ هذه المقولة المنتشرة بين الناس: الله موجود في كل مكان. وإثبات أهل السنة صفة العلو لله. أستمع حفظ
ذكر حديث الجارية التي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله قالت في السماء.
الشيخ : ولكننا إذا رجعنا إلى السلف الصالح لوجدنا جارية قد تكون أعجمية وقد تكون سوداء وأقول قد تكون أعجمية وقد تكون سوداء لأن بعض الروايات التي جاء فيها أنها كانت أعجمية وكانت سوداء لا تصح لكن ممكن تكون كذلك لكنها إمرأةٌ رقيقة وراعية غنم تجدها في هذه العقيدة أفقه من كبار العلماء هؤلاء المتأولين أمثال الماتريدية والأشاعرة، فلعلكم تذكرون معي قصة هذه الجارة التي كان سيدها معاوية بن الحكم السلمي هو يروي قصته لنفسه وفيها عبر منها ما نحن بصدده قال معاوية صليت يومًا وراء النبي صلى الله عليه وسلم فعطس رجلٌ بجاني في الصلاة فقلت له يرحمك الله فنظروا إليَّ قال فرفعت صوتي قائلاً وا ثقل أمياه ما لكم تنظرون إليَّ؟ واضح جدًا أن الرجل حديث عهد بالإسلام وما تعلم ما يجوز له من الكلام في الصلاة وما لا يجوز فقال فأخذوا ضربًا على أفخاذهم تسكيتًا له قال فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليَّ تصور ما وضع هذا الإنسان بعد أن تبين له أنه أخطأ خطئًا فاحشًا في الصلاة إنه سيؤنبه إن كان ما سبه أو ما ظلمه هكذا يتصور مثل هذا الرجل وهكذا يقع اليوم مع الأسف، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله عز وجل بحق لقوله (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) لم يحقق ما قد جاريًا في بال هذا الإنسان قال فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليَّ ووالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس إنما هي تسبيحٌ وتكبيرٌ وتحميد ) هذا كل ما وعظه به الرسول صلى الله عليه وسلم تلقاء تلك الخطيئة التي وقعت منه في الصلاة. ولا شك أن الإنسان العاقل حينما يهتدى بمعلم مرشد ذو خلق عظيم يطمع في أن يتعلم من جديد بعدما عرف أنه في جهلٍ عميق فإعتبرها فرصة فأخذ يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم السؤال تلو السؤال فسأله قالًا يا رسول الله إن منا أقوامًا يأتون الكهان، قال ( فلا تأتوهم )، قال إن منا أقوامًا يتطيرون قال ( فلا يصدنكم )، قال إن منا أقوام يخطون بالرمل، قال عليه الصلاة و السلام ( قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن رافق خطُه خطَه فذاك )، فقال يا رسول الله وهنا الشاهد إني لي جارية ترعي لي غنمًا في أحد، فسطى الذئب يومًا على غنمي وأنا بشرٌ أغضب كما يغضب البشر، فصككتها صكة وعلي عتق رقبة، كأنه يقول و إعترف بخطئه هل يجزئني أن أعتقها قال ( ائت بها ) فلما جاءت قال لها صلى الله عليه وسلم( أين الله؟ ) أجاب ما احتارت كما يحتار المؤولة قالت في السماء، قال لها ( من أنا؟ ) قالت أنت رسول الله قال لسيدها ( إعتقها فإنها مؤمنة ). أنا أقول هذه امرأة جارية ترعى الغنم والمطلوب في راعية الغنم أن تكون جاهلة لكني أعتقد أن هذه المرأة عاشت في جو مسلم خالص لما لا وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو عليهم صباح ومساء ما ينزل الله عز وجل عليهم من آيات الله. فبإختصار هذه المرأة عاشت في جو مسلم عقيدةً وعملاً وهذا أمر طبيعي وينبغي أن يكون العالم الإسلامي يعيش في مثل هذا الجو تمامًا، لكن أنه له ذلك وقد تصرفوا طرائق شتى ومذاهب قددًا وإفترقوا إلى فرق ثلاثة وسبعين فرقة من أين لهم أن يوجد لهم هذا الجو الذي أتيح لتلك المرأة الجارية فتفقه نسائنا مثل رجالنا العقيدة التي يجب أن يعتقدها كل مسلم من أين لهم ذلك ونحن نجد من يمسك القلم ويكتب في بعض المجلات ما هب ودب من الأقوال وهي تحارب عقيدة السلف بدعوى أن السلف ما كانوا يعتقدون هذه العقيدة، هذا أخطر ما يسمعه الإنسان في هذا العصر الحاضر أن يأتي إلى عقيدة التوحيد فيميع منظورها وإن يكفي أن تقول.
اضيفت في - 2008-06-18