متفرقات للألباني-051
ما هي الدعوة السلفية وهل يجب على كل مسلم أن يكون سلفياً وما الدليل على ذلك .؟
السائل : يا شيخنا لقد كثر الكلام عن منهج السلف والناس أو كثيرٌ من الحاضرين في حاجة إلى أن يتعرفوا على الدعوة السلفية، ما هي الدعوة السلفية؟ وهل يجب على كل مسلم أن يكون سلفيًا؟ وما الدليل على ذلك؟
الشيخ : الذي حاولنا أن نفر منه وقعنا فيه، ... لأن هذا البحث هو الذي جرى في الأمس القريب، وكنت أستحب لو كان الشريط مع أخونا أبو عبد الله لتسمعوه، فإذا بقي شيء في النفس يقتضي الجواب عليه أجبنا عنه، وإلا فتكرار الأجوبة أمر يعني ممجوج عند المبتدئين بكثرة توجيه الأسئلة إليهم. فما عندك الشريط طبعًا، عندك؟
السائل : عندي
الشيخ : تجيبوا وتسمعوا الشريط.هوش وهو بيتكلم يعني. اليوم. اللي قبلتم الأذان من الشريط ... .
السائل : سأل ما يسمى في العقد الآن عقد توثيق الدواوين.كتبت أنك ... .
الشيخ : لا ،لا أنا أخيركم يعني أنا لابد من إجابة، لكن هذا السؤال وجّه منذ ليلة أو ليلتين وهو مسجّل فإن شئتم سمعتموه إذا واضحًا وإلا استأنفنا الجواب عن السؤال، وما أردت أن ننتقل إلى سؤال ثاني ونلغي الأول، ما أردت هذا
السائل : ... .
الشيخ : خيرا إن شاء الله ، نقول بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله وصحبه ومن سار على هداهم وسبيلهم إلى يوم الدين، السؤال المطروح آنفًا الحقيقة هو موضوع الساعة، والسبب في ذلك أن الدعوة السلفية أخذت طريقها المفروض والمقدّر لها من الله تبارك وتعالى، لأنه السبيل الحق، وهو سبيل المؤمنين الذي أشار إليه ربنا عز وجل في القرآن الكريم في قوله عز وجل: (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا )). وكل من كان على علمٍ بالكتاب والسنة وكان يفهمهما فهمًا صحيحًا لا يشك مطلقًا في أن سبيل المؤمنين المذكور في هذه الآية الكريمة ليس المقصود به سبيل المؤمنين في هذا الزمان، والسبب في ذلك يبدو بأدنى بيانٍ، ولذلك لا نطيل الكلام فيه، لأنكم تعيشون في مجتمع يسمى مجتمعًا إسلاميًا ولكن فيه أمور كثيرة يتبرأ الإسلام منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب كما يقال في الأمثال العربية القديمة. ثم إلى ذلك نجد هؤلاء المسلمين مختلفون أشد الاختلاف، اختلافًا جديدًا فوق الاختلاف القديم الذي توارثوه عن آبائهم وأجدادهم، فصار الأمر كما يقال أيضًا: ضغثًا على إبّالة، خلاف على خلاف. أما الخلاف القديم فهو على قسمين، وهذا ربما يخفى على بعض المسلمين اليوم الذين لم يُعنوا بطلب العلم، الخلاف القائم اليوم ينقسم إلى قسمين: قسمٌ يتعلق بالعقيدة، وقسمٌ يتعلق بالأحكام.
والمقصود بالعقيدة: هي الإيمان بالأمور العلمية الغيبية التي ليس لها علاقة بالأعمال البشرية خلاف الأحكام الشرعية فهي لها علاقة بالأعمال الإنسانية. فاصطلح العلماء على تقسيم ما جاءت به الشريعة إلى هذين القسمين: عقيدة وأحكام. فالمسلمون اختلفوا قديمًا في كلٍ من النوعين، في العقيدة وفي الأحكام. وكلكم يسمع بطائفة قديمة تعرف بالمعتزلة، أو مثلًا الطائفة الأخرى التي تُعرف بالخوارج، واليوم توجد طائفة منهم يُعرفون بالإباضية يعيشون في الجزائر وفي غيرها من البلاد العربية الإسلامية، كذلك من هذه الطوائف ما يُعرف باسم المرجئة، وأخرى باسم الجبرية، كل هذه فرق إسلامية قديمة قد يكون انقضى أو انقرضت أسماؤها لكن آثارها وأفكارها لا تزال باقية ومتوارثة في عقول وفي صدور كثيرٍ من المسلمين اليوم، وقد يكون الأمر تطور إلى أسماء أخرى. من هذه الأسماء التي اتفق عليها من يسمون اليوم بأهل السنة والجماعة مذاهب ثلاثة:
مذهب أهل الحديث كمذهب الإمام أحمد إمام السنة رحمه الله. ومذهب الماتوريدية نسب لأبي منصور الماتوريدي. ومذهب الأشعرية نسبة لأبي الحسن الأشعري. هذه مذاهب ثلاثة يتبناها المجتمع الإسلامي السني ولنا بحاجة أن نتعرض إلى الفرق الأخرى كالشيعة ونحوها. هذه المذاهب الثلاثة هي متخصصة في العقيدة، بينما هناك المذاهب الأربعة وهي معروفة عند المسلمين جميعًا وهي متخصصة في الأحكام الشرعية كما قلنا آنفًا فهي مذاهب أربعة. لا شك أن الاختلاف المشار إليه آنفًا بقسمية الاختلاف في العقيدة والاختلاف في الأحكام لا يمكن أن يكون مُنزّلًا من عند الله تبارك وتعالى، لأن الاختلاف ليس من طبيعة الإسلام بل هو مما يُباين الإسلام ويخالفه تمامًا. كيف لا وربنا تبارك وتعالى يقول في القرآن الكريم مذكرًا المسلمين بآية على أن هذا القرآن هو من عند الله، وليس من عند رسول الله كما كان الكفار يدّعون قديمًا ولا يزال الكثيرون منهم يزعمون ذاك الزعم نفسه، قال الله عز وجل: (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )).
لو كان هذا القرآن كما يزعم الكفار هو من عند غير الله، يعني نابعًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأمي، ومع ذلك كابر الكفار المشركون من اليهود والنصارى وغيرهم فقالوا: إنه تلقاه من أهل الكتاب.
فالله عز وجل يرد على هؤلاء الكفار جميعًا بقوله: (( ولو كان من غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )). إذًا هذه الآية نصٌ صريحٌ على أن الاختلاف لا يمكن أن يكون من عند الله، لأن الله عز وجل جعل من الدليل على أن هذا القرآن الكريم من الله أنه لا اختلاف فيه. إذًا حيث كان الاختلاف موجودًا لم يكن هناك حكم الله في هذا الاختلاف وإنما يكون حكم الله في جانبٍ من جوانب هذا الاختلاف، كما جاء في السنة الصحيحة من مثل قوله عليه السلام: ( إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجرٌ واحد ). إذًا هناك صواب وخطأ وهناك حقٌ وضلال، وربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم أيضًا: (( فماذا بعد الحق إلا الضلال )). فحينما نسمع قولين فأكثر سواءٌ كان ذلك في العقيدة أو كان في حكمٍ شرعي أن هذا من الإسلام لا ينبغي للمسلم أن يعتقد ذلك، بل ينبغي أن يتبرأ من الاختلاف، لأنه إن آمن به أنه من الله عطّل نصوصًا قرآنية من أوضحها بيانًا الآية السابقة الذكر (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )). نضرب مثلًا واضحًا لجميع الناس، هناك أمرٌ يُبتلى به المصلون وهو أن أحدهم يتوضأ ثم يخرج منه قطرة دم أو قطرات من الدم فتسمع أقوالًا متناقضة أشد التناقض، فمن قائل: أن هذا الدم لا ينقض الوضوء مطلقًا، ومن قائل: أنه ينقض الوضوء مطلقًا، ومن قائل: بالتفصيل، إن كان كثيرًا نقض وإن كان قليلًا لم ينقض.
هذه أقوالٌ ثلاثة في مسألة واحدة، كيف يكون الاختلاف إن لم يكن هذا اختلافًا، إذا كان هذا اختلافًا كما هو الواقع فهل يقال: هذا هو الشرع الإسلامي؟ يحكم به أقوال وأحكام ثلاثة في مسألة واحدة فيقال: وضوءك صحيح، وضوءك غير صحيح، وضوءك إن كان الدم قليلًا صحيح أو إن كان قليلًا غير صحيح. هذا أمرٌ مستحيل. هذه الأقوال تُنسب إلى قائليها لكن لا يجوز لنا أن ننسبها إلى الله عز وجل الذي قال: (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )) فماذا نقول إذا كان في بعض العقائد ليس الأحكام، العقائد المتعلقة بأمرٍ غيبي، أو أمور الغيب إذا كان فيها اختلاف، وأنا أضرب لكم على ذلك مثلين حسّاسين ومهمين جدًا، لأنهما يتعلقان بواقعنا اليوم الذي كثيرًا ما يجري الخلاف فيه.
المثال الأول: الإنسان من حيث هو مكلّف هل هو مسيّر أم مخيّر؟ تسمع كثير من الناس يقولون: إنسان ما في يده شيء، الإنسان مسيّر ما هو مخيّر، ومعنى كونه مسيّر مجبور، معنى كونه مخيّر يعني له إرادة بها يتصرف.
فهؤلاء مذهبان مش عاميين، مذهبان من المذاهب التي أشرنا إلى بعض الفرق السابقة، فالمعتزلة مثلًا يقولون: بأن الإنسان مخيرٌ اختيارًا مطلقًا. إلى هنا الكلام صحيح، لكن تمام الكلام من أبطل الباطل. هو مخيرًا تخييرًا تامًا بحيث أنه يفعل ما لا يشاء الله. أي: إنه كأنه يخلق أفعاله وأعماله بنفسه دون إرادة الله عز وجل ومشيئته.
المعتزلة خلطوا بين حقٍ وباطل، الحق هو أن الإنسان مختار، والباطل أنهم نفوا إرادة الله عز وجل لأفعال الإنسان الاختيارية، وهذا يخالف النص القرآني الكريم الصريح (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )). يقابل هذا المذهب مذهب الجبرية، الجبرية الذين يقولون: الإنسان مسيّر وليس مخيّر، ليس بيده شيء، وحدثت نغمة حديثة مقيتة بغيضة صوفية بزعم التوفيق بين الرأيين فقالوا ماذا؟ قالوا: هو مختارٌ ظاهرًا مجبورٌ باطنًا. حتى قال بعضهم: إن الله عز وجل لمّا قال لآدم وحواء (( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )) قال لهما هذا في الظاهر لكن في الباطن أمرهما بأن يأكلا لأنه هكذا قضاء الله وقدره.
لا أريد أن أدخل في تفاصيل، لكن حسبي أن أقول: أن هذين مذهبين: مذهب الجبرية ومذهب المعتزلة، وكلاهما على طرفي نقيض، والمذهب الحق أن الإنسان مختارٌ في كثيرٍ من الأعمال، مختار اختيارًا مطلقًا في كثير من الأعمال وليس له إرادة ولا اختيار في بعض هذه الأعمال، فأينما وجد الاختيار وجد التكليف، وحيثما انتفى الاختيار انتفى التكليف، لأن الجبر والتكليف نقيضيان لا يجتمعان، لكن هما مذهبان جاءا في الفِرق الإسلامية المعتزلة والجبرية. هناك المذهب الحق كما قلنا: أن الإنسان له إرادة وله اختيار، ولكن بقيد أن هذا الاختيار هو بمشيئة الله وليس رغمًا عن الله عز وجل كما يُفهم من كلام المعتزلة، ولذلك جاء في بعض الأحاديث أن ( القدرية مجوس هذه الأمة )، القدرية هم المعتزلة، أي هم نفاة القدر مع أن الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم غير ما آية تُصرّح بأن كل شيء بقدر، وكل شيء مستطر، والرسول يقول: ( كل شيءٍ بقدر حتى العجز والكيس ) الحديث في صحيح البخاري . فالفرق إذًا، أو فلنقل الفِرق هنا في مسألة واحدة ثلاثة: المعتزلة، يقابلهم الجبرية، توسطت أهل الحديث. والماتوريدية معهم في هذه القضية أن الإنسان له اختيار، لكن هذا الاختيار بإرادة الله عز وجل ومشيئته. هذا هو الحق في هذه المسألة. فماذا يكون موقف المسلم بالنسبة لهذا المثال، والمثال ليس مقصودًا بالذات فهناك عشرات بل مئات الأمثلة التي اختلف فيها العلماء قديمًا (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )). أشرت آنفًا بأني سوف لا أطيل في ضرب الأمثلة وإنما أقتصر على مثالين اثنين ذكرت آنفًا أحدهما، والآن أذكر المثال الثاني وهو حسّاس وهامٌ جدًا، لأن أكثر المسلمين اليوم خاصتهم وعامتهم خرجوا عن سواء السبيل في هذه القضية ألا وهي جواب سؤال، هذا السؤال سنّه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتسلح به نحن الذين نحاول أن نكون مقتدين به عليه الصلاة والسلام في كل ما جاء به من الإسلام. هذا السؤال جاء في صحيح الإمام مسلم من رواية أحد الصحابة وهو المعروف بمعاوية بن الحكم السُلمي رضي الله عنه وهو بالطبع غير معاوية بن أبي سفيان الأموي المعروف خلافته وتاريخه.
الشيخ : الذي حاولنا أن نفر منه وقعنا فيه، ... لأن هذا البحث هو الذي جرى في الأمس القريب، وكنت أستحب لو كان الشريط مع أخونا أبو عبد الله لتسمعوه، فإذا بقي شيء في النفس يقتضي الجواب عليه أجبنا عنه، وإلا فتكرار الأجوبة أمر يعني ممجوج عند المبتدئين بكثرة توجيه الأسئلة إليهم. فما عندك الشريط طبعًا، عندك؟
السائل : عندي
الشيخ : تجيبوا وتسمعوا الشريط.هوش وهو بيتكلم يعني. اليوم. اللي قبلتم الأذان من الشريط ... .
السائل : سأل ما يسمى في العقد الآن عقد توثيق الدواوين.كتبت أنك ... .
الشيخ : لا ،لا أنا أخيركم يعني أنا لابد من إجابة، لكن هذا السؤال وجّه منذ ليلة أو ليلتين وهو مسجّل فإن شئتم سمعتموه إذا واضحًا وإلا استأنفنا الجواب عن السؤال، وما أردت أن ننتقل إلى سؤال ثاني ونلغي الأول، ما أردت هذا
السائل : ... .
الشيخ : خيرا إن شاء الله ، نقول بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله وصحبه ومن سار على هداهم وسبيلهم إلى يوم الدين، السؤال المطروح آنفًا الحقيقة هو موضوع الساعة، والسبب في ذلك أن الدعوة السلفية أخذت طريقها المفروض والمقدّر لها من الله تبارك وتعالى، لأنه السبيل الحق، وهو سبيل المؤمنين الذي أشار إليه ربنا عز وجل في القرآن الكريم في قوله عز وجل: (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا )). وكل من كان على علمٍ بالكتاب والسنة وكان يفهمهما فهمًا صحيحًا لا يشك مطلقًا في أن سبيل المؤمنين المذكور في هذه الآية الكريمة ليس المقصود به سبيل المؤمنين في هذا الزمان، والسبب في ذلك يبدو بأدنى بيانٍ، ولذلك لا نطيل الكلام فيه، لأنكم تعيشون في مجتمع يسمى مجتمعًا إسلاميًا ولكن فيه أمور كثيرة يتبرأ الإسلام منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب كما يقال في الأمثال العربية القديمة. ثم إلى ذلك نجد هؤلاء المسلمين مختلفون أشد الاختلاف، اختلافًا جديدًا فوق الاختلاف القديم الذي توارثوه عن آبائهم وأجدادهم، فصار الأمر كما يقال أيضًا: ضغثًا على إبّالة، خلاف على خلاف. أما الخلاف القديم فهو على قسمين، وهذا ربما يخفى على بعض المسلمين اليوم الذين لم يُعنوا بطلب العلم، الخلاف القائم اليوم ينقسم إلى قسمين: قسمٌ يتعلق بالعقيدة، وقسمٌ يتعلق بالأحكام.
والمقصود بالعقيدة: هي الإيمان بالأمور العلمية الغيبية التي ليس لها علاقة بالأعمال البشرية خلاف الأحكام الشرعية فهي لها علاقة بالأعمال الإنسانية. فاصطلح العلماء على تقسيم ما جاءت به الشريعة إلى هذين القسمين: عقيدة وأحكام. فالمسلمون اختلفوا قديمًا في كلٍ من النوعين، في العقيدة وفي الأحكام. وكلكم يسمع بطائفة قديمة تعرف بالمعتزلة، أو مثلًا الطائفة الأخرى التي تُعرف بالخوارج، واليوم توجد طائفة منهم يُعرفون بالإباضية يعيشون في الجزائر وفي غيرها من البلاد العربية الإسلامية، كذلك من هذه الطوائف ما يُعرف باسم المرجئة، وأخرى باسم الجبرية، كل هذه فرق إسلامية قديمة قد يكون انقضى أو انقرضت أسماؤها لكن آثارها وأفكارها لا تزال باقية ومتوارثة في عقول وفي صدور كثيرٍ من المسلمين اليوم، وقد يكون الأمر تطور إلى أسماء أخرى. من هذه الأسماء التي اتفق عليها من يسمون اليوم بأهل السنة والجماعة مذاهب ثلاثة:
مذهب أهل الحديث كمذهب الإمام أحمد إمام السنة رحمه الله. ومذهب الماتوريدية نسب لأبي منصور الماتوريدي. ومذهب الأشعرية نسبة لأبي الحسن الأشعري. هذه مذاهب ثلاثة يتبناها المجتمع الإسلامي السني ولنا بحاجة أن نتعرض إلى الفرق الأخرى كالشيعة ونحوها. هذه المذاهب الثلاثة هي متخصصة في العقيدة، بينما هناك المذاهب الأربعة وهي معروفة عند المسلمين جميعًا وهي متخصصة في الأحكام الشرعية كما قلنا آنفًا فهي مذاهب أربعة. لا شك أن الاختلاف المشار إليه آنفًا بقسمية الاختلاف في العقيدة والاختلاف في الأحكام لا يمكن أن يكون مُنزّلًا من عند الله تبارك وتعالى، لأن الاختلاف ليس من طبيعة الإسلام بل هو مما يُباين الإسلام ويخالفه تمامًا. كيف لا وربنا تبارك وتعالى يقول في القرآن الكريم مذكرًا المسلمين بآية على أن هذا القرآن هو من عند الله، وليس من عند رسول الله كما كان الكفار يدّعون قديمًا ولا يزال الكثيرون منهم يزعمون ذاك الزعم نفسه، قال الله عز وجل: (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )).
لو كان هذا القرآن كما يزعم الكفار هو من عند غير الله، يعني نابعًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأمي، ومع ذلك كابر الكفار المشركون من اليهود والنصارى وغيرهم فقالوا: إنه تلقاه من أهل الكتاب.
فالله عز وجل يرد على هؤلاء الكفار جميعًا بقوله: (( ولو كان من غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )). إذًا هذه الآية نصٌ صريحٌ على أن الاختلاف لا يمكن أن يكون من عند الله، لأن الله عز وجل جعل من الدليل على أن هذا القرآن الكريم من الله أنه لا اختلاف فيه. إذًا حيث كان الاختلاف موجودًا لم يكن هناك حكم الله في هذا الاختلاف وإنما يكون حكم الله في جانبٍ من جوانب هذا الاختلاف، كما جاء في السنة الصحيحة من مثل قوله عليه السلام: ( إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجرٌ واحد ). إذًا هناك صواب وخطأ وهناك حقٌ وضلال، وربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم أيضًا: (( فماذا بعد الحق إلا الضلال )). فحينما نسمع قولين فأكثر سواءٌ كان ذلك في العقيدة أو كان في حكمٍ شرعي أن هذا من الإسلام لا ينبغي للمسلم أن يعتقد ذلك، بل ينبغي أن يتبرأ من الاختلاف، لأنه إن آمن به أنه من الله عطّل نصوصًا قرآنية من أوضحها بيانًا الآية السابقة الذكر (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )). نضرب مثلًا واضحًا لجميع الناس، هناك أمرٌ يُبتلى به المصلون وهو أن أحدهم يتوضأ ثم يخرج منه قطرة دم أو قطرات من الدم فتسمع أقوالًا متناقضة أشد التناقض، فمن قائل: أن هذا الدم لا ينقض الوضوء مطلقًا، ومن قائل: أنه ينقض الوضوء مطلقًا، ومن قائل: بالتفصيل، إن كان كثيرًا نقض وإن كان قليلًا لم ينقض.
هذه أقوالٌ ثلاثة في مسألة واحدة، كيف يكون الاختلاف إن لم يكن هذا اختلافًا، إذا كان هذا اختلافًا كما هو الواقع فهل يقال: هذا هو الشرع الإسلامي؟ يحكم به أقوال وأحكام ثلاثة في مسألة واحدة فيقال: وضوءك صحيح، وضوءك غير صحيح، وضوءك إن كان الدم قليلًا صحيح أو إن كان قليلًا غير صحيح. هذا أمرٌ مستحيل. هذه الأقوال تُنسب إلى قائليها لكن لا يجوز لنا أن ننسبها إلى الله عز وجل الذي قال: (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )) فماذا نقول إذا كان في بعض العقائد ليس الأحكام، العقائد المتعلقة بأمرٍ غيبي، أو أمور الغيب إذا كان فيها اختلاف، وأنا أضرب لكم على ذلك مثلين حسّاسين ومهمين جدًا، لأنهما يتعلقان بواقعنا اليوم الذي كثيرًا ما يجري الخلاف فيه.
المثال الأول: الإنسان من حيث هو مكلّف هل هو مسيّر أم مخيّر؟ تسمع كثير من الناس يقولون: إنسان ما في يده شيء، الإنسان مسيّر ما هو مخيّر، ومعنى كونه مسيّر مجبور، معنى كونه مخيّر يعني له إرادة بها يتصرف.
فهؤلاء مذهبان مش عاميين، مذهبان من المذاهب التي أشرنا إلى بعض الفرق السابقة، فالمعتزلة مثلًا يقولون: بأن الإنسان مخيرٌ اختيارًا مطلقًا. إلى هنا الكلام صحيح، لكن تمام الكلام من أبطل الباطل. هو مخيرًا تخييرًا تامًا بحيث أنه يفعل ما لا يشاء الله. أي: إنه كأنه يخلق أفعاله وأعماله بنفسه دون إرادة الله عز وجل ومشيئته.
المعتزلة خلطوا بين حقٍ وباطل، الحق هو أن الإنسان مختار، والباطل أنهم نفوا إرادة الله عز وجل لأفعال الإنسان الاختيارية، وهذا يخالف النص القرآني الكريم الصريح (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )). يقابل هذا المذهب مذهب الجبرية، الجبرية الذين يقولون: الإنسان مسيّر وليس مخيّر، ليس بيده شيء، وحدثت نغمة حديثة مقيتة بغيضة صوفية بزعم التوفيق بين الرأيين فقالوا ماذا؟ قالوا: هو مختارٌ ظاهرًا مجبورٌ باطنًا. حتى قال بعضهم: إن الله عز وجل لمّا قال لآدم وحواء (( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )) قال لهما هذا في الظاهر لكن في الباطن أمرهما بأن يأكلا لأنه هكذا قضاء الله وقدره.
لا أريد أن أدخل في تفاصيل، لكن حسبي أن أقول: أن هذين مذهبين: مذهب الجبرية ومذهب المعتزلة، وكلاهما على طرفي نقيض، والمذهب الحق أن الإنسان مختارٌ في كثيرٍ من الأعمال، مختار اختيارًا مطلقًا في كثير من الأعمال وليس له إرادة ولا اختيار في بعض هذه الأعمال، فأينما وجد الاختيار وجد التكليف، وحيثما انتفى الاختيار انتفى التكليف، لأن الجبر والتكليف نقيضيان لا يجتمعان، لكن هما مذهبان جاءا في الفِرق الإسلامية المعتزلة والجبرية. هناك المذهب الحق كما قلنا: أن الإنسان له إرادة وله اختيار، ولكن بقيد أن هذا الاختيار هو بمشيئة الله وليس رغمًا عن الله عز وجل كما يُفهم من كلام المعتزلة، ولذلك جاء في بعض الأحاديث أن ( القدرية مجوس هذه الأمة )، القدرية هم المعتزلة، أي هم نفاة القدر مع أن الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم غير ما آية تُصرّح بأن كل شيء بقدر، وكل شيء مستطر، والرسول يقول: ( كل شيءٍ بقدر حتى العجز والكيس ) الحديث في صحيح البخاري . فالفرق إذًا، أو فلنقل الفِرق هنا في مسألة واحدة ثلاثة: المعتزلة، يقابلهم الجبرية، توسطت أهل الحديث. والماتوريدية معهم في هذه القضية أن الإنسان له اختيار، لكن هذا الاختيار بإرادة الله عز وجل ومشيئته. هذا هو الحق في هذه المسألة. فماذا يكون موقف المسلم بالنسبة لهذا المثال، والمثال ليس مقصودًا بالذات فهناك عشرات بل مئات الأمثلة التي اختلف فيها العلماء قديمًا (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )). أشرت آنفًا بأني سوف لا أطيل في ضرب الأمثلة وإنما أقتصر على مثالين اثنين ذكرت آنفًا أحدهما، والآن أذكر المثال الثاني وهو حسّاس وهامٌ جدًا، لأن أكثر المسلمين اليوم خاصتهم وعامتهم خرجوا عن سواء السبيل في هذه القضية ألا وهي جواب سؤال، هذا السؤال سنّه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتسلح به نحن الذين نحاول أن نكون مقتدين به عليه الصلاة والسلام في كل ما جاء به من الإسلام. هذا السؤال جاء في صحيح الإمام مسلم من رواية أحد الصحابة وهو المعروف بمعاوية بن الحكم السُلمي رضي الله عنه وهو بالطبع غير معاوية بن أبي سفيان الأموي المعروف خلافته وتاريخه.
قصة معاوية بن الحكم السلمي وهو يصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : معاوية بن الحكم السُلمي يقص لنا قصة وقعت له وهو يصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، هذه القصة ليست كالقصص التي تُروى للتسلية وتضييع أو تقطيع الوقت، وإنما هي قصة من القصص التي فيها العلم وفيها الفقه بقسميه عقيدة وأحكامًا. قال: صليت يومًا وراء النبي صلى الله عليه وسلم فعطس رجلٌ بجانبي. وتصوروا هذه القصة كأنكم تشاهدونها لأن صاحب القصة هو بنفسه يرويها لنا، يقول: عطس رجلٌ بجانبي فقلت له: يرحمك الله. وهو يصلي. هذا يدلنا على ماذا؟ أنه كان حديث عهد بالإسلام، وأنه لم يتفقه بعد بالأحكام الشرعية وبخاصة ما كان منها متعلقًا بالصلاة ما يجوز فيها وما لا يجوز، لذلك صدر منه هذا الخطأ، فقال للذي عطس وكلاهما في الصلاة: يرحمك الله. الذين كانوا حولها كانوا أفقه منه فنظروا إليه بأعينهم فقال متضجرًا من هذه النظرات التي تُشعره بأنه أخطأ فازداد خطأً على خطأ حينما رفع عقيرته صائحًا وهو يصلي يقول: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إلي؟ هو مش عامل شيء في رأيه، فماذا فعل الذين حوله؟ أيضًا هذا من فقههم (( وقوموا لله قانتين )) هذه الآية نزلت تأمر الناس بالصمت والسكوت في الصلاة إبطالا للأصل الذي كانوا عليه، أي قبل، في أول الإسلام فإنهم كانوا يتكلمون في الصلاة. كان الرجل يدخل المسجد فيجد الإمام قائمًا والناس حوله لا يدري أهذه هي الركعة الأولى أم الثانية؟ فيسأل الذي وقف بجانبه أي ركعة هذه؟قيقول له: هذه الركعة الثانية أو الثالثة. فماذا يفعل؟ فيأتي هو بالركعة أو بالركعات الفائتة ثم يُتمم الصلاة مع الإمام، فأبطل الله عز وجل هذا الكلام وهذا التساؤل في الصلاة بنزول هذه الآية (( وقوموا لله قانتين )) يعني ساكتين خاشعين. الذين حول معاوية بن الحكم السُلمي كانوا متفقهين متأثرين بهذه الآية فما استطاعوا أن يُسكّتوه إلا كما قال هو عن نفسه: فأخذوا ضربًا على أفخاذهم يقولون له: اسكت ليس هذا مجال الكلام. في هذا الضرب على الأفخاذ ردٌ على مسألة فقهية في بعض المذاهب الأربعة التي أشرنا إليها آنفًا حيث يقول هذا المذهب: أن الإشارة المفهمة من المصلي تُبطل صلاته. إذًا مثلًا: كنت قائمًا في الصلاة فجاء زوجك أو ابنك سألك: أن تصلي السنة؟ قلت له: نعم. بطلت صلاتك. على رأي هذا المذهب الذي يقول: إن الإشارة المفهمة تُبطل الصلاة. ما هي الإشارة المفهمة أكثر من الضرب في الأفخاذ؟ اسكت ليس هذا وقت الكلام في الصلاة، فمضى في الصلاة بعد ذلك وقد عرف بأنه أخطأ أشد الخطأ، ولذلك لمّا سلّم النبي صلى الله عليه وسلم دار في أذهانه تصورات أشكالًا وألوانًا، يعني يا ترى الرسول صلى الله عليه وسلم شو عم بيسوي معه بهذه الأخطاء التي ارتكبها. قال، وهنا يظهر شيء من خلقه عليه السلام الذي وصفه ربه في القرآن (( وإنك لعلى خلقٍ عظيم )). قال: فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ. شو هذا يساوي الواحد منكم هذا لو فعل الفعل هذا مع إمام من الأئمة الذين ابتليتم به، شو بيصير معه؟ بيرتعش. قال: فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني، وإنما قال لي: ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس )، أخذ وعطاء ما فيه ( إنما هي تسبيحٌ وتحميد وتكبيرٌ وتلاوة للقرآن ). انتهت القضية. وترون هنا مع كل ما فعله من الأخطاء لم يأمره بإعادة الصلاة، إذًا الخطأ في الصلاة لا يبطلها أيضًا، هذا من فقه الحديث هذا. الشاهد من الحديث، بعد ما جاء، ولكن أظنكم تشعرون معي بأن فيه فقهًا وفيه فائدة، هذا الرجل لمّا فوجئ غير ما كان قد تصوّره، فوجئ بلطف الرسول عليه السلام، وحسن تأديبه له طمع أن يتعلم لأنه عرف أنه بحاجة إلى علم. فأخذ يُلقي على الرسول عليه السلام السؤال تلو السؤال فقال: يا رسول الله إن منا أقوامًا يتطيرون. التطير هو المعروف اليوم بالتشاؤم، وكلاهما معروف في اللغة العربية. فقال معاوية : إن منا أقوامًا يتطيرون، التطير هو العروف اليوم بالتشاؤم وهو معروف في اللغة العربية، فقال معاوية : إن منا أقواما يتطيرون، قال عليه السلام: ( فلا يصدنكم )، التطير لا يصدنّكم، أي لا يكون سببًا يصرفكم عما أنتم قاصدين إليه ومتوجهين إليه .- يرحمك الله - ما معنى ( لا يصدنّكم )؟ يجب أن نشعر تمامًا بأن في هذا التعبير النبوي فرقًا كبيرًا عما لو قال: لا تطّيروا. هو ما قال: لا تطيروا. إن منا أقوامًا يتطيرون. كان المفروض الطيرة غير مشروعة، لا تطيروا يا جماعة. ما قال له: لا تطيروا. ولكن قال: ( لا يصدنكم )، ما الفرق؟ الله أكبر الفرق داخل في قوله: (( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ))، الطيرة يُفاجئ بها الإنسان مفاجئة، لكن تجاوبه معها هذا من إرادته، وهو مسيره يرجع القضية بالاختيار، إنسان يسمع كلمة فيتشاءم منها، لكن إيمانه يصرفه عنها. مثلًا: لو واحد هيأ أمره وزاده وسفره ... وإلى آخره وفتح الباب وبعد ما ودّع أهله وإذ هو بيسمع صوت من واحد بيقول له: الله لا يوفقك. هو بتتصورها أنها موجهة إلى إيش؟ إليه، بينما هو بيتخاصم مع إنسان صدفة وقرت في أذن هذا المسافر العازم على السفر بيتشاءم منها فيرجع أدراجه لبيته. هذا الذي لا يجوز. أما كونه يعني يتشاءم فجأة هذا لا يؤاخذ عليه الإنسان، لكن تجاوبه مع الطيرة هذا الذي عناه الرسول عليه السلام بقوله ... قال: يا رسول الله إن منا أقوامًا يخطون. قال عليه الصلاة والسلام: ( قد كان نبيٌ من الأنبياء يخطه، فمن وافق خطه خطه فذاك )، يعني كان الخط بالرمل معجزة لنبي سابق، فمن وافق خطه من هؤلاء الناس الدجالين خط أولئك الأنبياء الصادقين فذاك، أي مصيب، وهذا يسمى عند العلماء بالتعليق بالمحال، لأنه من المحال أن الدجال بيصادف الحق الذي كان معجزة للأنبياء الكرام.
أي هذه الجملة تعني، بس هذه لغة العرب الفصيحة تعني أن هذا تدجيل، الخط بالرمل تدجيل، لأنه ادعاء لأمر هو من خصوصيات الأنبياء كما يفعل اليوم بعض هؤلاء الدجالين الذين يدّعون الاطلاع على المغيّبات ويستغلون هذه الدعوة في كسب أموال الناس وأكلها بالسحت والباطل. والغيب من صفات الله عز وجل ثم صرّح في القرآن الكريم بأنه عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول، فإذًا هؤلاء الذين يدّعون الاطلاع على الغيب يدّعون كأنهم يوحى إليهم من السماء فهم دجّالين، والرسول عليه السلام يقول: ( لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالًا كذابون كلهم يزعم أنه نبي ولا نبي بعدي )، فإذًا قوله عليه السلام: ( فمن وافق خطه خط ذاك النبي فذاك ). هذا اسمه تعليق المحال، أي أنه استعمال الخط والتنجيم هذا ضلال في ضلال .
أي هذه الجملة تعني، بس هذه لغة العرب الفصيحة تعني أن هذا تدجيل، الخط بالرمل تدجيل، لأنه ادعاء لأمر هو من خصوصيات الأنبياء كما يفعل اليوم بعض هؤلاء الدجالين الذين يدّعون الاطلاع على المغيّبات ويستغلون هذه الدعوة في كسب أموال الناس وأكلها بالسحت والباطل. والغيب من صفات الله عز وجل ثم صرّح في القرآن الكريم بأنه عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول، فإذًا هؤلاء الذين يدّعون الاطلاع على الغيب يدّعون كأنهم يوحى إليهم من السماء فهم دجّالين، والرسول عليه السلام يقول: ( لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالًا كذابون كلهم يزعم أنه نبي ولا نبي بعدي )، فإذًا قوله عليه السلام: ( فمن وافق خطه خط ذاك النبي فذاك ). هذا اسمه تعليق المحال، أي أنه استعمال الخط والتنجيم هذا ضلال في ضلال .
حديث الجارية وشيء من فوائده.
الشيخ : قال يا رسول الله - وهنا الشاهد - إن لي جارية ترعى لي غنمًا في أحد - جبل أحد معروف - فسطا الذئب يومًا على غنمي -فتك فيها فتكًا ذريعًا- وأنا بشرٌ أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة وعليّ عتق رقبة. رجل مؤمن والمؤمن خطّاء، لكنه تواب، فهو عرف إنه شو ذنب الجارية إذا سطا عليها الذئب، هي لا تستطيع أن تقاوم الذئب. إذًا أنا ضربي إياها وصفعي إيّاها في خدها ظلمٌ مني لها، فيا رسول الله عليّ عتق رقبة فهل يُجزي أنه أعتق هذه الجارية التي صفعتها تلك الصفعة. قال ( هاتها ). فجاءت. فانتبهوا الآن.
قال عليه السلام لها ( أين الله؟ ) قالت في السماء. قال لها ( من أنا؟ ) قالت أنت رسول الله. التفت إلى سيدها وقال لها: ( اعتقها فإنها مؤمنة ). الشاهد من هذا الحديث كما قلت في مطلع الكلام: لقد سنّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال أين الله؟ وسنّ لنا بطريق إقراره للجارية على جوابها أولًا. انتبهوا لأن هذه المسألة بيصير فيها تضليل وتدليس كثير جدًا من بعض الشيوخ هنا، وغير هنا من البلاد الإسلامية. لقد سنّ لنا الرسول عليه السلام في هذا الحديث أن نسأل: أين الله؟ وأن نجيب على مثل هذا السؤال بجواب الجارية. كيف سنّ لنا ذلك؟ أما أنه قال : ( أين الله؟ ) فهذا سن بفعله، أما كيف سنّ لنا أن يكون جوابنا الله في السماء؟ من ناحيتين الناحية الأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ الجارية على قولها في السماء. ولو كان أمرًا نكرًا لبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإنكار عليها، وعلى الأقل إلى تعليمها كما فعل مع سيدها في قصة الصلاة وخطؤه فيها، لكنه أقرها فكان إقراره عليه الصلاة والسلام إيّاها دليل أن جوابها صحيحٌ شرعًا. الشيء الثاني وهو أهم أن الرسول عليه السلام ليس فقط أقرها على هذا الجواب بل اعتبر جوابها دليلًا على إيمانها، وأن الرجل سيدها إذا أعتقها فقد وفى بنذره لأنه كان نذر أن يعتق جارية مؤمنة فلمّا شهد الرسول عليه السلام لها بناءًا على جوابها إن الله عز وجل في السماء بأنها مؤمنة أعتقها لوجه الله تبارك وتعالى.
ما موقف العلماء قديمًا فضلًا عن موقفهم اليوم حديثًا؟ من السؤال والجواب معًا تجد جماهير الفرق الإسلامية وفيهم بعض الفرق الإسلامية كالأشاعرة والماتوريدية فضلًا عن المعتزلة. هؤلاء كلهم ينكرون أن يكون جواب الجارية إن الله في السماء. خطأ، ويا سبحان الله إنهم لا يقتصرون على هذا الخطأ بل يزيدون خطأً على خطأ حين يقال لهم كيف يكون اعتقاد أن الله عز وجل في السماء خطأ ورسول الله صلى الله عليه وسلم أقر الجارية على قولها إن الله في السماء. يجيبون أقرها لأنها أعجمية، يعني جاهلة، ويتمسكون ببعض الروايات أنها كانت سوداء، جارية سوداء يعني أعجمية. تُرى هل يليق بواحد من أمثالنا نحن طلبة العلم أنه إذا سمع جارية أجنبية تُجيب بجواب خطأ لكنها مسلمة أن يقرها أم يصحح لها جوابها؟ بلا شك يُصحح، فكيف نجيز ونجوّز على النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم ما لا نجيزه لأحدٍ منا نحن، ونحن غير معصومين. ثم فاتهم شيءٌ آخر ذكرته آنفًا: أن الرسول عليه السلام شهد لها بالإيمان بناءًا على قولها: إن الله عز وجل في السماء. فهذه الفرق من المعتزلة والماتوريدية والأشاعرة لا يؤمنون ليس فقط بقول الجارية بل لا يؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة بصورة متواترة، لأن قول الجارية إن الله في السماء. أنا أقول لهؤلاء الناس الذين انحرفوا عن الشرع باسم الشرع، وهذا من أخطر الأمور أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أقر هذه الجارية على قولها: ليس لأنها جاهلة بل لأنها متعلمة ومثقّفة ومتخرجة من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم كما يعبّرون اليوم في لغة العصر الحاضر. انظروا الفرق الآن بين ذاك المجتمع وبين هذا المجتمع، ذاك المجتمع الجارية راعية الغنم تعرف عقيدتها أحسن من كبار علماء وهيئة كما يقولون اليوم هيئة كبار العلماء في كثير من البلاد الإسلامية لأنهم لا يؤمنون بأن الله في السماء بحجة أن الرسول أقرها لأنها جارية أعجمية سوداء لا تفقه شيئًا، لكنها في الحقيقة هي إما أنها قرأت القرآن أو على الأقل سمعت بالقرآن من سيدها، من نبيها عليه الصلاة والسلام. ولهذا أجابت بالجواب المطابق للقرآن حيث قال تبارك وتعالى في سورة تبارك: (( أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ )). إذًا الجارية قالت بما صرّح الله عز وجل به في القرآن .
قال عليه السلام لها ( أين الله؟ ) قالت في السماء. قال لها ( من أنا؟ ) قالت أنت رسول الله. التفت إلى سيدها وقال لها: ( اعتقها فإنها مؤمنة ). الشاهد من هذا الحديث كما قلت في مطلع الكلام: لقد سنّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال أين الله؟ وسنّ لنا بطريق إقراره للجارية على جوابها أولًا. انتبهوا لأن هذه المسألة بيصير فيها تضليل وتدليس كثير جدًا من بعض الشيوخ هنا، وغير هنا من البلاد الإسلامية. لقد سنّ لنا الرسول عليه السلام في هذا الحديث أن نسأل: أين الله؟ وأن نجيب على مثل هذا السؤال بجواب الجارية. كيف سنّ لنا ذلك؟ أما أنه قال : ( أين الله؟ ) فهذا سن بفعله، أما كيف سنّ لنا أن يكون جوابنا الله في السماء؟ من ناحيتين الناحية الأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ الجارية على قولها في السماء. ولو كان أمرًا نكرًا لبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإنكار عليها، وعلى الأقل إلى تعليمها كما فعل مع سيدها في قصة الصلاة وخطؤه فيها، لكنه أقرها فكان إقراره عليه الصلاة والسلام إيّاها دليل أن جوابها صحيحٌ شرعًا. الشيء الثاني وهو أهم أن الرسول عليه السلام ليس فقط أقرها على هذا الجواب بل اعتبر جوابها دليلًا على إيمانها، وأن الرجل سيدها إذا أعتقها فقد وفى بنذره لأنه كان نذر أن يعتق جارية مؤمنة فلمّا شهد الرسول عليه السلام لها بناءًا على جوابها إن الله عز وجل في السماء بأنها مؤمنة أعتقها لوجه الله تبارك وتعالى.
ما موقف العلماء قديمًا فضلًا عن موقفهم اليوم حديثًا؟ من السؤال والجواب معًا تجد جماهير الفرق الإسلامية وفيهم بعض الفرق الإسلامية كالأشاعرة والماتوريدية فضلًا عن المعتزلة. هؤلاء كلهم ينكرون أن يكون جواب الجارية إن الله في السماء. خطأ، ويا سبحان الله إنهم لا يقتصرون على هذا الخطأ بل يزيدون خطأً على خطأ حين يقال لهم كيف يكون اعتقاد أن الله عز وجل في السماء خطأ ورسول الله صلى الله عليه وسلم أقر الجارية على قولها إن الله في السماء. يجيبون أقرها لأنها أعجمية، يعني جاهلة، ويتمسكون ببعض الروايات أنها كانت سوداء، جارية سوداء يعني أعجمية. تُرى هل يليق بواحد من أمثالنا نحن طلبة العلم أنه إذا سمع جارية أجنبية تُجيب بجواب خطأ لكنها مسلمة أن يقرها أم يصحح لها جوابها؟ بلا شك يُصحح، فكيف نجيز ونجوّز على النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم ما لا نجيزه لأحدٍ منا نحن، ونحن غير معصومين. ثم فاتهم شيءٌ آخر ذكرته آنفًا: أن الرسول عليه السلام شهد لها بالإيمان بناءًا على قولها: إن الله عز وجل في السماء. فهذه الفرق من المعتزلة والماتوريدية والأشاعرة لا يؤمنون ليس فقط بقول الجارية بل لا يؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة بصورة متواترة، لأن قول الجارية إن الله في السماء. أنا أقول لهؤلاء الناس الذين انحرفوا عن الشرع باسم الشرع، وهذا من أخطر الأمور أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أقر هذه الجارية على قولها: ليس لأنها جاهلة بل لأنها متعلمة ومثقّفة ومتخرجة من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم كما يعبّرون اليوم في لغة العصر الحاضر. انظروا الفرق الآن بين ذاك المجتمع وبين هذا المجتمع، ذاك المجتمع الجارية راعية الغنم تعرف عقيدتها أحسن من كبار علماء وهيئة كما يقولون اليوم هيئة كبار العلماء في كثير من البلاد الإسلامية لأنهم لا يؤمنون بأن الله في السماء بحجة أن الرسول أقرها لأنها جارية أعجمية سوداء لا تفقه شيئًا، لكنها في الحقيقة هي إما أنها قرأت القرآن أو على الأقل سمعت بالقرآن من سيدها، من نبيها عليه الصلاة والسلام. ولهذا أجابت بالجواب المطابق للقرآن حيث قال تبارك وتعالى في سورة تبارك: (( أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ )). إذًا الجارية قالت بما صرّح الله عز وجل به في القرآن .
موقف الفرق من صفة العلو لله ومسألة الجبر والتخيير ومخالفة الكتاب والسنة والسلف.
الشيخ : فما موقف هذه الفِرق القديمة والذين يتبنون اليوم هذه العقيدة، ما أدري إذا كنتم ماضون معي في التفكير والوعي أن اليوم لا نسمع أهل العلم يعتقدون أن الله عز وجل في السماء كما هو نص القرآن الكريم، لكن يعتقدون خلاف ذلك تمامًا، فتسمعون معنا قول البعض منهم بمناسبة وبغير مناسبة الله موجود في كل مكان. هكذا يقولون الله موجود في كل مكان، الله موجود في كل الوجود. الله أكبر!!، هذه عقيدة المعتزلة، هذه الكلمة التي نحن ننطق بها اليوم ومن أهل السنة والجماعة ما شاء الله هي عقيدة المعتزلة وهم الذين أنكروا نصوصًا من القرآن ليس إنكار اللفظ وإنما إنكار المعنى، لأن المسلم إذا وصل به الضلال إلى إنكار نص في القرآن حينئذٍ خرج عن دائرة الإسلام، لا يفيده لا صلاة ولا صيام ولا أي شيء، لكن إذا قال آمنت بقوله تعالى (( أأمنتم من في السماء )) لكن بيلف ويدور على المعنى علشان حتى يرد الحديث ويقول الجارية أخطأت. لأن معنى (( أأمنتم من في السماء )) يعني الملائكة، أي آمنوا، هو بنص القرآن، لكن هو دار ولفّ على النص القرآني وجاء بتأويل خلاف التأويل الحق. وهذا المثال مع المثال الوحيد الذي ذكرناه فيما يتعلق بالأحكام الشرعية وهو خروج الدم، هذا خلافٌ خطير موجود اليوم بين المسلمين، وحسبكم الضلالتين في العقيدة، القول بأن الإنسان مسيّر ومخيّر وأن الله عز وجل في كل مكان، فالأمكنة مهما كانت قذرة ومهما كانت نجسة فهم يعتقدون بأن الله في تلك الأمكنة مع أن الكتاب والسنة في كلٍ من هاتين العقيدتين على خلافهما. من أجل هذا وهذا وغيره كثير وكثير جدًا نحن فررنا كما تعالى: (( ففروا إلى الله ))، شو معنى فروا إلى الله؟ يعني الله جالس في مكان نروح عنده؟ لا، فروا إلى الله يعني إلى كتابه وإلى سنة نبيه كما قال عز وجل في الآية المعروفة في مثل هذه المناسبة: (( فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله ))، يعني ردوه إلى الله يعني مثل ما بيروح المستفتي إلى المفتي بيسأله؟ لا، ليس الأمر كذلك. ولذلك اتفق علماء المسلمين أنه ليس المقصود فردوه إلى الله أي إلى ذات الله، والرسول ذات الرسول، لأن الرسول عليه السلام كما قال ربنا في القرآن شو الآية؟ (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل )). فالرسول مات لا يمكن الوصول إليه، ورب العالمين تبارك وتعالى هو الغني عن العالمين فلا يمكننا الوصول إلى ذاته، لكن المقصود فردوه إلى الله إلى كتابه، والرسول إلى سنته. كذلك (( ففروا إلى الله )) ليس المقصود .هذا.الفقه الصوفي اللي بيعبروا عنه أنه إحنا بدنا نوصل إلى الله. الوصول إلى الله بالمعنى الصوفي المنحرف هذا أمر مستحيل، بل هو الضلال بعينه، لكن المقصود هنا فررنا نحن إلى الله أي رجعنا إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي ننجو من هذا الاختلاف والاضطراب في العقيدة.فضلا عن.الأحكام الشرعية. لكن هنا شيء هام جدًا ولعله بيت القصيد من جوابي هذا على ذاك السؤال ألا وهو: لا يكفي اليوم أن نقول: نحن نرجع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن هذا القول أمرٌ مشتركٌ بين جميع الطوائف الإسلامية، ما يمكن أن تسمعوا من طائفة مهما كانت عريقة في الضلال نحن لا نعتقد بالقرآن، لا نعتقد بالسنة. معناها هؤلاء ليسوا مسلمين، لكن هذه الفرق كلهم يقولون: نحن مع الكتاب والسنة. كيف كل هذه الفرق التي أوصلها الرسول عليه السلام إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة في الحديث الذي سمعتموه لابد مرارًا وتكرارًا يقول في آخر الحديث: ( وستفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال ( هي التي ما أنا عليه وأصحابي ). هذه الفرق كلها هالكة إلا هذه الفرقة الواحدة فهي الناجية، كلها تقول مرجعنا الكتاب والسنة.إذًا من أين جاء الاختلاف؟ هذا أمرٌ هام جدًا، مادام الجميع يرجعون إلى الكتاب والسنة فمن أين جاء الاختلاف؟ جاء الاختلاف من عدم الوقوف عند جملة: (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) التي ابتدأنا الجواب عن ذاك السؤال بالآية هذه (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا )). لماذا ذكر الله عز وجل في هذه الآية الكريمة (( ويبتع غير سبيل المؤمنين )) أليس كان يكون مؤديًا للمعنى المقصود من قوله تعالى: (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى )) لو قال: (( نوله ما تولى )) ما كان يؤدي الغرض؟ نقول: نعم، ولكن هناك غرض آخر أو مقصد آخر بتعبير أدق من الله عز وجل حينما ذكر هذه الجملة (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) أراد أن يُلفت النظر إلى سبب اختلاف الفرق الإسلامية هي أنهم لم يرجعوا إلى السلف الصالح. السلف الصالح الذين تلقوا القرآن من فم النبي صلى الله عليه وسلم غضًا طريًا وإذا أشكل عليهم شيء سألوه وأجابهم وأفهمهم وهم بدورهم نقلوه إلى من جاء من بعدهم واتبعوهم وهم التابعون ثم أتباع التابعين، هذه القرون الثلاثة التي شهد لها الرسول عليه السلام بالخيرية في الحديث الصحيح بل المتواتر ألا وهو قوله عليه السلام ( خير الناس قرني )، هذا هو لفظ الحديث الصحيح وليس "خير القرون"، ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ). ذلت الفرق الإسلامية كلها لأنها لم تقف عند مراد الله عز وجل في الآية السابقة (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )). لماذا ذكر سبيل المؤمنين؟ لأنه يجب علينا بهذه الإشارة القوية من الله تبارك وتعالى في هذه الآية أن نفهم القرآن والسنة على ما جرى عليه سلفنا الصالح لأنهم لم يكونوا مختلفين وإنما جاء الاختلاف من بعدهم، لذلك ليس فيهم من يقول: بالجبر، وليس فيهم من يقول: بأن الله في كل مكان، وليس فيهم من يقول بشيء من هذه الضلالات التي تفرقت في هذه الفرق الكثيرة والكثيرة جدًا. لماذا؟ لأنهم كما ذكرنا آنفًا أخذوا الشرع من فم النبي صلى الله عليه وسلم كما أشار عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ( من أحب منكم أن يقرأ القرآن غضًا طريًا كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد )، ابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. ( من أحب منكم أن يقرأ القرآن غضًا طريًا كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد )، كذلك إذا أردنا أن نأخذ القرآن غضًا طريًا كما أُنزل بالمفهوم الصحيح فليس لنا سبيل إلا سبيل المؤمنين، قلنا نحن في مطلع هذه الكلمة: سبيل المؤمنين نحن يعني اليوم اللي قلنا: زدنا خلافًا على خلاف هذا أمر مستحيل. إذًا سبيل المؤمنين في الآية هم السلف الصالح، لذلك كنا نحن ندّعي أننا نتّبع السلف الصالح وننتسب إليهم وينبغي أن نتنبّه لنقطة كثيرًا ما سمعنا الناس لا يتنبهون لها. يقول بعض قاصري الفهم والعلم يقولون: هذه تسمية مبتدعة وأنتم تحاربون البدع فكيف وقعتم من مثله هربتم؟ نقول: نحن ولا شك وهذا من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون نحارب البدعة، ولكننا نميز بين البدعة المقصود بها زيادة التقرب إلى الله تبارك وتعالى، وهذه طبيعتها أنها لا تكون إلا في العبادات وبين البدعة التي تكون في العاديات. فهذه العادات نحن فيها أحرار ما لم نخالف نصًا شرعيًا، أما العبادات فنحن مقيدون ونحن عبيدٌ للشرع فيما تعبدنا به لا يجوز أن نزيد فيه شعرة ولا أن ننقص فيه شعرة، ولذلك يقول أهل العلم المحققون: الأصل في العبادات المنع إلا لدليل والأصل في العادات الإباحة إلا لدليل.
مشروعية الإنتساب للسلفية.
الشيخ : فنحن إذا قلنا نحن السلفيون. هذه ليست عبادة وإنما هذا تعريف، كما إذا قال: فلان سوري، فلان أردني، فلان كذا ... إلى آخره. هذه مش بدعة، هذه تعبير عن واقع هذا الإنسان من حيث ولادته، ومن حيث النسبة أنصاري، مهاجري..إلى آخره. فإذا انتسب المسلم إلى جماعة، فالنسبة هذه قد تكون منكرة، وقد تكون معترفًا بها، معروفة. تكون منكرة: إذا كانت توحي بمعنى يخالف الشرع. وهذا هو الذي وقع فيه جماهير الناس، وهذا من العجب بمكان. الذي ينتسب لمذهب معين سواءً في الأحكام فهو يقول: أنا حنفي. فهذا انتسب إلى إمام، وذاك يقول: مالكي. انتسب إلى إمام آخر، وهناك شافعي، وحنبلي. هذه النسب كلها ماشية بنحو تقريبًا عشرة قرون ولا نكير لها، حينما وجد منذ قرون من أذاع مذهب السلف الصالح وبيّن للناس بأدلة الكتاب والسنة -ذكرت أنا لكن طرفًا يسيرًا منها- بأن الأمر كما يقول أهل العلم من المحققين: "وكل خيرٍ في اتباع من سلف *** وكل شرٍ في ابتداع من خلف". لمّا وجد هذا الاسم لربط الناس بهؤلاء القوم ألا وهم المشهود لهم بالخيرية في الحديث الصحيح قالوا: هذا الاسم بدعة، والانتساب إلى السلف بدعة. طيب ماذا نفعل؟ يزعمون أنه لازم نقول: مسلمون. طيب المسلمون اليوم يشمل العلوي ويشمل الدرزي، ويشمل القدياني. هذا حزب وطائفة جديدة من المسلمين..إلى آخره. أأنت حينما تقول عن نفسك أنا مسلم، ما عرّفت بنفسك صاحبك الذي سألك أنت إيش مذهبك وإيش دينك؟ مسلم. مسلم بنص الرسول انقسموا إلى ثلاثة وسبعين فرقة، والواقع يشهد بأنهم مثل ذلك أو أكثر من ذلك، فإذًا ما يكفي أن تقول: أنت مسلم، لازم تُعبّر عن اتجاهك، ممكن تكون مسلم صوفي، ممكن تكون مسلم سلفي، ممكن تكون مسلم حنفي، ممكن تكون خلفي... إلى آخره. هذه الأسماء مادام أنها قائمة وموجودة وتعبر عن انتسابات لا يرضاها المنتسبون أنفسهم إليها، الأئمة أنفسهم يتبرؤون من التعصب لهم، ولذلك أمروا أتباعهم بأن يأخذوا الأحكام الشرعية من حيث هم أخذوا أي من الكتاب والسنة. فإذًا الانتساب إلى السلف الصالح ليس كانتساب لأي شخصٍ أو لأي جماعة في الدنيا قاطبة، في الدنيا الإسلامية، يعني مثلًا، ولا مؤخذة، إذا قلنا : جماعة حزب التحرير ينتسبون إلى شخص، الإخوان المسلمين ينتسبون إلى شخص، شباب محمد ينتسبون إلى شخص، جماعة التبليغ ينتسبون إلى شخص في الهند ... إلى آخره، لكن هؤلاء مهما سموا وعلوا علمًا وعملًا وخلقًا ... إلى آخره لكنهم أفراد غير معصومين. سبحان الله هذا كله ماشي بدون نكير. أما أنا سلفي أي أنتسب إلى السلف الصالح، وأنا أريد أن أفهم الكتاب والسنة على ما كانوا عليه، ليس على ما عليه الخلف، فهذا أمرٌ منكر. هذا في الواقع من المصائب التي جاءت في الآثار تُنبه أن السنة تصبح بدعة والبدعة سنة، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا. لهذا نحن نقول: ينبغي على كل مسلم أولًا: أن لا يتعصب لإمام من أئمة المسلمين، وأن يستفيد منهم جميعًا، لأن العلم ليس محصورًا في فردٍ منهم. هذا أولًا. وثانيًا: عليه أن يتلقى العلم بأدلة الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين. لعل في هذا بيانًا وجوابًا شافيًا إن شاء الله للسؤال الموجّه آنفًا. نصلي وبعدين نسمع إذا كان هناك أسئلة.في مجال للصلاة ولا ما في مجال ؟
هل من أذن يجب أن يقيم وما صحة الحديث في ذلك.؟
السائل : ... ؟
الشيخ : (( فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) كثير من الناس يتوهمون أنه لا يجوز أن يقيم الصلاة إلا المؤذّن ويبنون هذا الزعم على حديث متداول في بعض كتب الفقه بلفظ ( من أذّن فليقم ) ، فالتذكير هو أن هذا الحديث ضعيف لا يصح، ولذلك ما فيه مانع شرعًا أن يكون المقيم غير المؤذن والمؤذن غير المقيم، ولكن إذا كان المؤذّن مؤذنًا راتبًا فهو كالإمام الراتب لا ينبغي أن يتقدم عليه غيره إلا بإذنه. هذه تُراعى كالمسألة الأولى، المسألة الأولى في مثل هذا المجلس مثلًا ليس هناك إمام راتب ولا مؤذّن راتب، فإذا أذّن مؤذن يجوز أن يقيم الصلاة غيره، لكن في المساجد التي لها أئمة ولها مؤذنين مخصصين للقيام بهذه الوظيفة فلا يجوز التقدم عليهم إلا بإذنهم، وليس لقوله في الحديث المذكور ( من أذّن فليقم ). فهذا حديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به، وإنما دفعًا لمفسدة قد تترتب من وراء تهافت غير المؤذن على المؤذّن بسبب إقامته الإقامة بديل المؤذّن فدفعًا للمفسدة هناك في المسجد ممكن أن يقال لا يقيم إلا من أذّن لكن هذه ليست قاعدة وإنما.
الشيخ : (( فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) كثير من الناس يتوهمون أنه لا يجوز أن يقيم الصلاة إلا المؤذّن ويبنون هذا الزعم على حديث متداول في بعض كتب الفقه بلفظ ( من أذّن فليقم ) ، فالتذكير هو أن هذا الحديث ضعيف لا يصح، ولذلك ما فيه مانع شرعًا أن يكون المقيم غير المؤذن والمؤذن غير المقيم، ولكن إذا كان المؤذّن مؤذنًا راتبًا فهو كالإمام الراتب لا ينبغي أن يتقدم عليه غيره إلا بإذنه. هذه تُراعى كالمسألة الأولى، المسألة الأولى في مثل هذا المجلس مثلًا ليس هناك إمام راتب ولا مؤذّن راتب، فإذا أذّن مؤذن يجوز أن يقيم الصلاة غيره، لكن في المساجد التي لها أئمة ولها مؤذنين مخصصين للقيام بهذه الوظيفة فلا يجوز التقدم عليهم إلا بإذنهم، وليس لقوله في الحديث المذكور ( من أذّن فليقم ). فهذا حديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به، وإنما دفعًا لمفسدة قد تترتب من وراء تهافت غير المؤذن على المؤذّن بسبب إقامته الإقامة بديل المؤذّن فدفعًا للمفسدة هناك في المسجد ممكن أن يقال لا يقيم إلا من أذّن لكن هذه ليست قاعدة وإنما.
اضيفت في - 2008-06-18