كلمة للشيخ محمد عيد عباسي عن حقيقة الدعوة السلفية.
دعوتنا … ننشرها على غلاف أربطة رسائلنا، من قديم هي بشكلٍ مُجمل العودة إلى الكتاب والسنّة، هذه العودة التي نعتقد أن الناس قد غفلوا عنها فعلا وواقعا وتركوها منذ قرونٍ طويلة، فكان هذا الترك هو سبب الخلاف وسبب التفرّق إلى فرق وشيع وأحزاب، وحتى لا يكون الكلام عامًا فمن المعروف أن كل فرقةٍ من الفرق الثلاث والسبعين التي أخبر عنها رسول صلى الله عليه وسلم، والتي ستنقسم إليها الأمة كل فرقةٍ تدّعي ظاهرًا وقولًا أنها هي التي تتبع الكتاب والسنّة، وأنها هي الناجية وأن ما عداها في النار، فقطعًا لدابر الاعتراضات وتوضيحًا للأمر وُضع لهذا الجملة أو لهذا الهدف العودة إلى الكتاب والسنّة قيد موضّحٌ المقصود وهو العودة إلى الكتاب والسنّة وفهمهما على النهج الذي فهِمه منهما السلف الصالح، هذا القيد هو الذي يُحدد المراد وهو الذي يُحدد الفهم الصحيح، الناس اختلفوا وما يزال الناس يختلفون وكثيرٌ من الناس الغيورين على الإسلام والدعاة إلى الإسلام وكثير من الجماعات الإسلامية نسمع منها كلما التقينا بها التحسّر على هذا الاختلاف التحسّر على المسلمين بسبب اختلافهم وتضايقا من هذا الاختلاف كلهم يقول يا أخي ضعف المسلمون بسبب اختلافهم، واختلافهم ... ولا نجاة لنا إلا بالاتفاق والله يدعو إلى الوفاق والله يدعو إلى الاعتصام بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا، وقد نهى الإسلام عن التفرق فلا يسعنا إلا أن نقول معهم هذا كله صواب، إن الخلاف شرٌ كله كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، ولكن والوحدة هي مطلب الجميع ومطلبنا في المقدّمة ولكن تُرى ما هو الطريق إلى الوحدة، ما هو السبيل إلى تحقيقها وما هو السبيل إلى الخلاص من التفرق، إننا نعرض عليكم سبيلاً هو السبيل الذي عرضه محمد صلى الله عليه وسلم، فوحّد الناس جميعًا وجمع قلوبهم على الهدى والخير وكانوا بوازع هذا الوفاق الأمة التي قال الله عنها (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )) [أل عمران: 110]، محمد صلى الله عليه وسلم جاء إلى العرب متفرقين متناحرين مشتتين متخاصمين متنابذين فبماذا وحّدهم؟
والله تعالى قرر في كتابه الكريم فقال (( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) [الأنفال: 63]، فما الشيء الذي أنزله الله، ما الشيء الذي داوى الله به هذا المرض، مرض التفرق والخلاف، لماذا جعلهم أمةً واحدة؟ بماذا أزال خلافهم، وجعلهم الأمة الفاضلة خير أمة أخرجت للناس؟ مهما بحثنا فلن نجد إلا منهجًا واحدا اتبعه هذه الأمة الوسط ونادى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا المنهج هو كتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهمهما الفهم الصحيح وقد جاءت بعد القرون الثلاثة الخيّرة التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير في حديثه الشريف المشهور، وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) .
فهذه القرون الثلاثة الخيّرة كانت على منهج واحد لم يكن فيها خلاف، الخلاف الأصلي في العقائد، في الأسس، في الطريقة والمنهج كلها كانت على طريقة واحدة في عمومها ثم نشأ الخلاف، فماذا كان سببه؟ كان سببه أن هؤلاء الناس صاروا يفهمون أفهامًا شتى مختلفة غايروا فيها فهم الصحابة وخرجوا بها عن فهم التابعين وأتباعهم الذين تبعوهم بإحسان، جاءوا فصارا يؤوّلون الأيات، صاروا يفهمون صفات الله على غير وجهها، خرج منهم من يقول "إن الأمر أُنف" وأن الله عز وجل لا يعلم شيئًا إلا بعد حدوثه، خرج منهم من يقول إن القرأن مثلا مخلوق، خرج منهم من يقول بفلسفات وتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) [طه: 5]، ليقول معنى استوى أنه استولى وأنه ليس هناك الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال وما شابه ذلك، جاءوا إلى الفقه فألزموا الناس وقيّدوهم باتباع عالم من العلماء المشهورين وحدّدوهم بأربعة مع أنه كان في المسلمين عشرات من الأئمة مثل الأئمة الأربعة بل وبعضهم أقوى أو أكثر علمًا منهم كما شهد بذلك بعض الأئمة أنفسهم، كما قالوا مثلاً عن الليث أنه أفقه من مالك ولكن أصحابه لم يقوموا بشأنه.
وهكذا فمن ناحية هذه المذهبية وُجِدت حيث، ولم تكن من قبل هذا التأويل في صفات الله وُجد ولم يكن له وجود في القرون الثلاثة الخيّرة، بعد ذلك الاعتقاد في الصحابة بين مغالٍ يكره الصحابة جميعًا إلا أل البيت وبين مُبغضٍ لأل البيت ومُعادٍ لهم، وأخرون مثلاً الخوارج الذين يكفِّرون بالمعاصي وما شابه ذلك، هذه الفرق كلها إنما ... بعد القرون الثلاثة الخيّرة، فإذا أردنا أن نُبيِّن هدفنا للناس يمكننا أن نوضح ذلك بطريقين،
الطريق المجمل هو ما سمعتموه، العودة أي هدفنا العودة إلى كتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وفهمهما على النهج الذي فهمه منهما السلف الصالح، أية نجد مثلاً أنه الصحابة فهموها على طريقة وفهمها المتأخّرون على طريقة فنحن مع الفهم الذي فهمه الصحابة، إن أجمع الصحابة على فهمٍ فنحن معهم، وإن اختلفوا فنتخيّر منهم رأيًا ولا نخرج عنه ولا نُحدث في دين الله شيئًا لم يقولوا به، فهذا الهدف الإجمالي العودة إلى الكتاب والسنّة وفهمها على النهج الذي فهمه السلف الصالح.
بيان رؤوس المسائل التي تنبني عليها الدعوة السلفية ومنها التركيز على التوحيد بأنواعه الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية و توحيد الأسماء و الصفات.
فالأساس الأول هو التوحيد، وذلك بالبيان الذي وضّحه بعض العلماء السلفيين الكبار المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، وذلك ببيان أنه التوحيد الذي أنزل الله لأجله الكتب وبعث به من أجله الرسل إنما ينقسم إلى أقسامٍ ثلاثة،
أولًا توحيد الربوبية، ببيان أن الله عز وجل وحده هو الخالق الرازق المدبّر للشؤون كلها المحيي المميت المبدع الذي بيده النفع والضر ويعلم كل شيء (( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) [يس: 82]، إلى أخر صفاته تعالى.
فالاعتقاد بأن الله عز وجل هو الخالق الرازق المدبر وأنه لا أحد يتصرف في الكون سواه تصرّفًا ذاتيًا هذا نُسمّيه باختصار توحيد الربوبية، ومع الأسف فإن هذا التوحيد فقط هو الذي يعرفه الخلف بل هو الذي يعرفه كثيرًا من دعاة الإسلام اليوم بل من الذين ينصِّبون أنفسهم قادةً للجماعات الإسلامية و … هو الذي يعرفونه من التوحيد ويُفسروا به كلمة " لا إله إلا الله " وهذا الأساس يؤسفنا أن نقول إن الجاهليين الذي بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدايتهم وقاتلهم كانوا يؤمنون بهذا الأساس، فإذا حصل لهؤلاء الدعاة ما يريدون كان محصِّلة عملهم أن يجعلوا الناس كالجاهليين الأولين يؤمنون أن الله موجود أو كالنصارى أو اليهود أن الله موجود الخالق المدبر الرازق فقط.
ولهذا كان مِن هَمّ الدعوة السلفية أن تبيّن أن هناك توحيدًا أخر أو توحيدين أخرين الثاني منهما هو الذي سمّاه هؤلاء العلماء اصطلاحًا وإن كان هو لم يخترعوه اختراعًا إنما استنبطوه من الكتاب والسنّة ومن نصوصهما وفقهوه هم الفقه الصحيح، هذا التوحيد الثاني هو توحيد الألوهية ولعل أكثركم سمع عنه كثيرًا وخلاصة هذا التوحيد بما تدعو إليه الأن القاعدة " أن يعتقد المسلم أن الله عز وجل وحده هو الذي يجب أن تُوجّه إليه جميع أنواع العبادة جميع أنواع الرغبة والرهبة والتوكل والخشية والاعتماد والسؤال والاستعانة والنذر والذبح والنسك وهذه الأنواع جميعها التي تُمثل أعظم درجات التقديس والتوجّه والقصد هذه تسمّى توحيد العبودية أو الإلوهية " . وهذا هو الذي أخلّ به المشركون ومع الأسف هذا الذي نرى أن جهلة المسلمين بل غالبيتهم وكثيرًا من خاصتهم يجهلونه ويقعون في مخالفته، فتراهم يستغيثون بغير الله، وينذرون لغير الله ويحلفون بغير الله، فتراهم لا يتورّعون عن مثل هذه الأمور مع أنها هي الشرك نفسه الذي كان عليه الجاهليّون، ويُوضِّح ذلك مثل قوله عز وجل (( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ )) [يونس: 18]، أولئك يدعون الأصنام ويدعون الأوثان والأزلام والملائكة والجن لماذا؟ لا لأنهم يعتقدون أنهم يخلقون ويرزقون وينفعون ويضرون، لا بل لأنهم يعتقدون أن لهم جاهًا عند الله عز وجل ومنزلةً تجعلهم أهلاً لأن يشفعوا ويُشفّعوا، ويفيدوا الناس بهذه الشفاعة.
فهذا الاعتقاد الذي كان عليه الجاهليون هو الذي يقع فيه كثيرٌ من أهل العلم ومن يتّبعهم من العوام وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا.
والتوحيد الثالث هو توحيد الصفات، أن يعتقد المسلم أن الله عز وجل وحده اختص بصفات مثلى بصفات الكمال والجلال لأنه وحده الذي يعلم كل شيء، يعلم السر وأخفى، وحده الذي يقدر على كل شيء، وحده الذي يريد وينفِّذ ما يريد ويسمع كل شيء ويُبصر كل شيء إلى أخر ما هنالك.
أيضًا قد وقع المتأخرون وجماهير الصوفية وأيضًا كثير من هؤلاء المشايخ في مخالفة هذا النوع من التوحيد أيضًا، فصار كما نسمع ونقرأ أنه فلان الولي الفلاني يعلم مثلا ما كان في نفس مريده ويُفاتحه به ويدّعي أن هذا من الكشف وذاك الأخر يقول مثلاً تركت قولي للشيء كن فيكون عشرين سنة تأدبًا مع الله، وثالث ورابع مما طفح به … فهذا توحيدٌ مهمّ وأخر وهو من جوهر ما دعا إليه محمدٌ صلى الله عليه وسلم.
فهذه النقطة الأولى التي تقوم على أساسها الدعوة السلفية، بيان أن التوحيد له ثلاثة أنواع توحيد الربوبية وتوحيد العبودية وتوحيد الصفات ولا يكون مؤمنًا من لم يُحقِّق هذه الأنواع الثلاثة، ومن لم يفقهها بطريقٍ أولى.
هذا البند الأول الذي تقوم حوله الدعوة السلفية التي ينبِذونها بقولهم الدعوة الوهابية.
2 - بيان رؤوس المسائل التي تنبني عليها الدعوة السلفية ومنها التركيز على التوحيد بأنواعه الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية و توحيد الأسماء و الصفات. أستمع حفظ
البند الثاني الذي تنبني عليه الدعوة السلفية الإيمان بصفات الله تعالى من غير تحريف و لا تعطيل و لا تمثيل .
الشيخ : اشتراكا إسميا.
العيد عباسي : اسمي اشتراكا اسميا، نعم والله عز وجل يتكلم والإنسان يتكلّم وطبعًا وشتّان بين الكلامين.
هذه الصفات وأمثالها جاءت نصوصًا بإثباتها إثبات أن الله عز وجل يتكلم، إثبات أن الله يسمع، أن الله يرى، أن الله ينزل إلى السماء الدنيا وما شابه ذلك، فهذه الصفات كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يؤمنون بها كما وردت وكما جاءت حسب لغة العرب، يعني يقرّون بحقيقتها اللغوية التي كان يفهمها العرب لكنهم يجمعون مع ذلك ما يدفع كل نقصٍ يلحق الله عز وجل بها من تشبيه الله بخلقه، فإذا قالوا إن الله عز وجل يتكلم أخذًا من قوله سبحانه وتعالى (( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ))[النساء: 164]، مثلاً فهم يطلقون ذلك بقولهم الله يتكلم كلامًا يليق بجلاله، كلامًا لا يشبه كلام أحد من مخلوقاته، وبهذا يجمعون بين إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم.
قولٌ قال به المتأخرون وقولٌ كان عليه المتقدمون فالمتقدمون هم أولى وهم الأسلم وهم الأحكم والأعلم كما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذه النقطة الثانية صفات الله نفهمها كما فهمها السلف الصالح وكلكم لعله يعلم أو أكثركم قول الإمام مالك رضي الله عنه وهو من أئمة السلف الكبار حينما سأله رجلٌ (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، ما استوى؟ فقال كلمته المشهورة الذائعة " الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " ثم قال " وأراك رجل سوء أخرجوه عني " ، فإذًا قال " الإيمان به واجب " الإيمان بأن الله استوى واجب، واستوى لا يريد معنًى غائما فقط، يريد الإيمان به واجب أنه هذه الأية في القرأن وإنما يريد أن الاستواء الذي يوجد في كلام العرب بمعنى العلوّ علو الله فوق مخلوقاته على عرشه إنما هو الذي نُقرّه ويجب أن يُثبته كل مؤمن، هذه النقطة الثانية من الخلاف بيننا وبين الخصوم ... كذلك طبعًا الصفات الأخرى ينزل الله نقول ينزل الله نزولًا يليق بجلاله، يضحك الله يعجب الله وما شابه ذلك و ... ولا نجد في ذلك أي حرج، ولا يلحق من هذا الاعتقاد شيءٌ من المذمّة أو شيءٌ من النقص في عقيدتنا بالله عز وجل.
3 - البند الثاني الذي تنبني عليه الدعوة السلفية الإيمان بصفات الله تعالى من غير تحريف و لا تعطيل و لا تمثيل . أستمع حفظ
البند الثالث بيان أنه يجب على المسلم أحد ثلاثة أمور بحسب حاله إما التقليد أو الاتباع أو الاجتهاد.
الفئة الثانية هم المقلدون وهؤلاء الذين هم أكثر الناس بسبب ظروفهم أعمالهم انغماسهم في أشغالهم الدنيوية هؤلاء نعتقد أن الله عز وجل كلّفهم بأمر هو واضحٌ في قوله سبحانه وتعالى (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) [النحل: 43]، هؤلاء واقعهم يقول نحن لا نعلم ليس لدينا من الوقت من الذكاء من الظروف ما يؤهّلنا لأن نكون علماء، وهكذا الله عز وجل خلق الناس خلقهم متفاوتين في ذكائهم في مواهبهم في عقولهم في ظروفهم في رغباتهم فمنهم من ليس له رغبة في العلم إطلاقًا فهذا يُطالب فقط بتحصيل العلم الضروري، فرض العلم واجب عليه لا محيص أما ما عدا ذلك مثلا التوسّع قد يكون له رغبة في فنون أخرى وأعمال ثانية.
المهم هذا الإنسان المقلّد لابد له بنص القرأني من أن يسأل أهل الذكر، أهل الذكر أهل العلم بالكتاب والسنّة، وكما ترون (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ )) ، لم يقل مثلاً ليسأل أمثالهم من المقلدين أو ليسأل مثلا ناسًا أخرين لا يحقّقون هذه الصفة بل (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) ، ونستنج من ذلك أنه عليهم أن يسألوا أهل الذكر عن ماذا؟ عن الذكر لأنه هو الذي يحتاجون إليه، فهذه الفئة المقلدة يجب عليها أن تسأل أهل الذكر ولكن لا نجد في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله ولا في عمل الصحابة وأقوالهم ما يُلزم المسلم باتباع رأي عالم أو أراء عالم واجتهاداته في كل مسائله وطول حياته، لا نجد أبدًا، بل نتحدى الأخرين أن يثبتوا شيئًا من ذلك.
ألزمنا الله عز وجل إذا كنا مقلدين أن نسأل لكن هل ألزمنا أن نسأل إنسانًا بعينه؟ أبدًا، فيجب أن يبقى هذا الأساس مادامت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، خير القرون القرن الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل كان الصحابة هل كان التابعون هل كان أتباعهم يقلّدون عالمًا واحدًا في كل حياتهم؟ هل كان هناك مذاهب؟ ما كان إنما وُجدت بعد القرن الثالث، فإن كان خيرًا فلا بد أن يكون أولئك السابقون قد سبقوهم إليه، وإن كان ... وهو واقع فمعنى ذلك أنه لا يجوز أن يبقى وأن يستمر ويجب أن نعود إلى ما كان في القرون الثلاثة الأولى.
فإذًا مسألة المذهبية هذه المسألة الثانية بقي الصنف الثالث من الناس وهو المتبعون الذين هم وسط بين المقلّدين وبين المجتهدين هؤلاء قد حصّلوا شيئًا من العلوم، درسوا مثلا في كلية الشريعة يحضرون مجالس العلم عندهم من الذكاء والتحصيل ما يؤهلهم أن يفهموا ما يُلقى إليهم، هؤلاء عليهم، لكنهم لا يستقلون بالاستنباط والاستخراج من الكتاب والسنّة، فهؤلاء عليهم أن يتبعوا ويستعينوا بقول العلماء ويسألوا أهل الذكر، لكن عليهم أن يسألوهم مع معرفة الدليل، مع تبيّن الحجة والبرهان فلا يتبعون فلا يتبعوا هكذا إتباعًا ولا يقلدوا تقليدًا أعمى، بل يكن منهجهم قول الله عز وجل (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَة أَنَا وَمَن اتَّبَعَنِي )) [يوسف: 108]، فهذا الأساس الثالث الذي تدعو إليه الدعوة السلفية وتقوم عليه.
4 - البند الثالث بيان أنه يجب على المسلم أحد ثلاثة أمور بحسب حاله إما التقليد أو الاتباع أو الاجتهاد. أستمع حفظ
البند الرابع وهو الدعوة إلى التحقيق العلمي الدقيق فيما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالناس ابتدعوا بدعًا وضلوا الضلالات والفرق تنوعت وكثرت وتشعّبت من أسباب ذلك كان تساهلهم في رواية الأحاديث الضعيفة والموضوعة، لأن فيها معانيَ فاسدة فيها عقائد باطلة فيها أمور تنسف الإسلام من أساسه، فالتحقيق لما يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم وما يُنقل عنها هو أصلٌ من الأصول ندعو الناس إليه ولنا الفخر في أننا والحمد لله عز وجل قد انتشر بسبب هذه الدعوة المباركة ولأستاذنا الجليل حفظه الله وقوّاه فضلٌ كبير في ذلك، كان من أثر هذه الدعوة أن انتشر في المسلمين اهتمام بعلم الحديث، فأخذت حركة كبيرة تنتشر وتقوى يومًا بعد يوم في تحقيق الحديث، فكنت ترى في الكتب هذا الحديث رواه فلان هذا الحديث رواه فلان صحيح حسن بسبب الملاحقة التي يلاحق بها السلفيون هؤلاء وهذا أثر طيّب من نتائجه أن تتقصّى كل المعارف الإسلامية في التدريس وأن يُزال منها ما كان بعيدًا عن الإسلام وما كان دخيلاً عليه، هذا أصل رابع ومهم.
5 - البند الرابع وهو الدعوة إلى التحقيق العلمي الدقيق فيما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أستمع حفظ
البند الخامس هو البعد عن البدع و التحذير منها.
كلمة للشيخ الألباني عن أهمية التوكل في طلب الرزق والتحذير من التواكل وبيان أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله تعالى .
فهذا الحديث يريد أن يربط قلب المؤمن بربه فأنت إذا خرجت صباحًا إلى عملك إلى متجرك إلى وظيفتك فينبغي أن لا تنسى ربك الذي هو سخّر لك هذه الأسباب فأخذت أنت بها إجابةً لربك الذي أمرك بالضرب في الأرض واعتبر هذا الضرب من سبيل الله عز وجل كما سمعتم.
فإذًا المسلم يجب ألا يطغى عليه جانب على جانب أي لا يطغى عليه توجُّهه وتضرُّعه إلى الله في أن يرزقه وأن يُطعمه لا يطغى عليه هذه الناحية التعبّدية المحضة على الأخذ بأسباب الرزق، فلا يأخذ بالأسباب اعتمادًا على رب الأرباب في زعمه، لا وإنما يجمع بين الأمرين، وكذلك ينبغي أن لا يقع المسلم في العكس من ذلك كما هو شأن الكفار ومن سار سيرهم من الفجار من المسلمين.
فلا يسعى معتمدًا على سعيه فقط دون أن يربط هذا السعي بتوفيق الله عز وجل تجاهه ورزقه إياه. فيجب على المسلم أن يجمع بين الأمرين، بين التوجّه إلى الله بأن يرزقه وأن يُطعمه وبين الأخذ بالأسباب التي جعلها الله عز وجل في الأرض سببًا للرزق، من فعل ذلك كان مسلما حقا فإذا ما طغى جانب من هذين الجانبين أو ناحية من هاتين الناحتين على الأخرى كان منحرفًا عن الحقيقة الشرعية الإسلامية.
من ترك الأخذ بأسباب الرزق معتمدًا على طلب الرزق من الله فقد ترك الأخذ بالأسباب وتطبيق مثل نص قوله عز وجل (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُم الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا )) [الملك: 15].
ومن مشى في مناكبها ولم يتوجّه إلى الله عز وجل مع ذلك سائلًا إياه أن يطعمه وأن يرزقه فشأنه هذا شأن الكافر الذي لا يُحقق هذا النص ( كلكم جائعٌ إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ) .
إذًا بتعبيرٍ أخر يجب أن لا نكون ماديين نعتمد على الأسباب فقط دون أن نذكر مُقدِّرها رب الأرباب، وأن لا نكون صوفيين يعتمدون فقط على العبادة ومن ذلك الدعاء ولا نأخذ بالأسباب التي خلقها الله وجعلها أسبابًا للرزق ولأن يُطعمنا ربنا تبارك وتعالى.
وإنما الحق ما كان بين ذلك قوامًا، لا هو صوفي يترك الأخذ بالأسباب ولا هو مادي يعتمد على الأسباب دون رب الأرباب وإنما هو يجمع بين الأمرين يأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأيضًا يتوجّه بقلبه إلى الله تبارك وتعالى يقول له "رب ارزقني" لأنه يقول ( فاستطعموني أطعمكم ) ، أي اطلبوا ما عندي من رزق أرزقكم، ولذلك كان من أدعية الرسول صلى الله عليه وأله وسلم كما يعلم الكثيرون منكم أنه كان يدعو بين السجدتين فيقول ( رب اغفر وارحمني واجبرني وارفعني وعافني واهدني وارزقني ) ، فلماذا دعا رسول الله ربه أن يرزقه مع أنه قال (( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ))[الذاريات: 22]، مع أنه جاء في حديث ابن مسعود أن الملك يأتي إلى الجنين في الشهر الرابع فيسأل ربه عن عمره عن رزقه عن سعادته وشقاوته فيؤمر بأن يكتب رزقه وعمره وسعادته.
إذًا الرزق مكتوبٌ والسعادة أو الشقاوة مقطوعة، والعمر محدود فهل لا نأخذ بأسباب السعادة وهل لا نأخذ بأسباب طول العمر، وهل لا نأخذ بأسباب الرزق الطيب؟ الجواب يجب أن نأخذ بذلك لأنها سنّة الله في خلقه ولن تجد لسنّة الله تبديلاً.
7 - كلمة للشيخ الألباني عن أهمية التوكل في طلب الرزق والتحذير من التواكل وبيان أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله تعالى . أستمع حفظ
بيان خطأ فهم الناس للآية الكريمة (( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )).
فالبنسبة لهؤلاء أنزل الله هذه الأية (( وتزودوا )) ، أي إذا خرجتم مسافرين إلى بيت الله الحرام فلا تخرجوا بغير زاد بل تزوّدوا ، فإن خير الزاد التقوى، أي هذا الزاد هو يمنعكم عن أن تسألوا الناس وعن أن تأكلوا أموال الناس باسم أنتم متوكّلون على الله فهذا ليس من التقوى في شيء وإنما التقوى أن تخرجوا متزودين من بلدكم إلى بيت الله الحرام، فهذه الأية تؤكد هذا المعنى الذي نفهمه من هذه الفقرة وهو الأخذ بأسباب الرزق وهو على نوعان كما ذكرنا، سبب اللجأ والتضرع إلى الله فلا ننساه والسبب الأخذ بأسباب الرزق التي شرعها الله تبارك وتعالى.
قصة طريفة ذكرها الشيخ عن بعض الصوفية في مسألة الرزق.
إذًا قوله تبارك وتعالى في هذا الحديث القدسي ( يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ) ، دليل من أدلة كثيرة على وجوب الأخذ بالأسباب المؤدّية إلى المسببات، فالطعام لابد له من سعي ومن السعي إليه أن تطلبه من ربك الذي يُسهِّل الطريق إليه.
شرح قوله عليه الصلاة والسلام(....يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم..).
فإذًا التوجه إلى الله عز وجل في تيسير أسباب الرزق وأسباب الكسوة هذا أمر هام يجب أن لا يغفل عنه الإنسان لأنه في الواقع هذه التوجهات لهذه الطلبات ولو أنها سهلة إلى الله هو من تمام تحقيق العبد العبودية لله عز وجل، لأنك حينما تسأل ربك حتى شسع نعلك فإنما تُثبت حاجتك إليه حتى في أحقر الأمور، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( الدعاء هو العبادة ) ، ثم تلا قوله تبارك وتعالى (( وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) [غافر: 60]، ( يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم ) ، الله عز وجل وصف نفسه في كثير من الأيات أنه غفور رحيم، (( إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا )) [نوح: 10-11]، إلى أخره، وأيضًا في هذا الحديث يصف نفسه بأنه غفور، ويصف العبد بأنه يخطئ ليلا نهارًا فما هو طريق الخلاص، خلاص هذا الإنسان من عاقبة ذنوبه الكثيرة التي يجترحها ويرتكبها ليلاً نهارًا؟ ما هو الخلاص من ذلك؟ ( فاستغفروني أغفر لكم ) ، اطلبوا مني المغفرة لذنوبكم (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى )) [طه: 82]، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) ، فالحديث هذا يتصل بسبب وثيق بهذه الفقرة من هذا الحديث ( إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم ) ، كأنه يقول تبارك وتعالى في هذا الحديث القدسي أن من طبيعة البشر أن يخطئ وليس فقط يخطئ بل يبالغ في الخطيئة فهو يخطئ ليلاً نهارًا، لذلك أكد هذا المعنى في الحديث الأخر وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ) ، يعني حكم عليكم بالعدم وخلق خلقًا أخر من طبيعته أن يخطئ، لو أننا نحن لا نخطئ.
... على الخطيئة مادام هو … ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) ، لا، ليس هذا هو المقصود من الحديث وإنما المقصود من الحديث مادام أن من طبيعة البشر أن يخطئ فلا ييأس من روح الله وإنما يلجأ إلى الله بعد أن يُخطئ فيسأله تبارك وتعالى أن يغفر الله له، فيغفر الله له لأنه غفار، لمن؟ لمن استغفره أما المجرم الذي يذنب ويصر على ذنبه وعلى خطيئته ثم لا يتوجه إلى ربه فيسأله المغفرة فهذا لا يغفر الله له.
إذًا إذا كان الأمر كما أفاد هذا الحديث الأخير وكما جاء في حديث أخر في سنده شيء من الضعف وهو ( كل بني أدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) ، فمادام أن من طبيعة الإنسان أن يخطئ فليتبع خطأه بالتوبة إلى الله وسؤاله ربه تبارك وتعالى أن يغفر له ذنوبه مهما كان عدده.
نكتفي بهذا القدر الليلة، لنفتح باب السؤال والجواب.
10 - شرح قوله عليه الصلاة والسلام(....يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم..). أستمع حفظ
شرح قوله عليه الصلاة والسلام(..... يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ...).
المِخْيط هي الإبرة.
... الإبرة في الماء في البحر الواسع ثم أخرج هذه الإبرة فما نسبة النقطة، القطرة الصغيرة الذرة التي علقت في هذه الإبرة بالنسبة لماء البحر المحيط؟ لا شيء، هو في الحقيقة ليس المقصود هنا إثبات أن الله عز وجل لو أعطى كل سائلٍ ممن خلق من أوّله إلى أخره سؤله أنه ينقص ذلك من ملكه، ليس هذا هو المقصود، بينما المسألة تقريب فإن الإبرة حينما تُنزل في الماء ثم تخرج فالذي يعلق بها شيءٌ لا يكاد يُذكر إطلاقًا بالنسبة للبحر ولكن البحر كله بالنسبة لما عند الله عز وجل ما هو؟ لا شيء إذًا، فإذًا هذا مثل مادي تقريبي إلى أن الله عز وجل لو أعطى الخلق كلهم ما سألوه ما ينقص ذلك من ملكه شيء إطلاقًا أبدًا، وذلك لأن الله عز وجل على كل شيءٍ قدير، فالمنبع المستمر الممد، مهما أخذ الناس منه فهو لا ينقص لأنه ماشي فيه ...
( يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل إنسانٍ مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخْيط إذا أدخل البحر ) ، ما هو الغرض المقصود من هذه الفقرة، من هذا الحديث؟ في هناك غرضان،
أحدهما يتعلق بالله تبارك وتعالى وبصفة من صفاته، والأمر الأخر يتعلق بعباده.
أما الأمر الأول … فالمقصود به إثبات سعة ما عند الله عز وجل من الخير ومن الفضل العميم، والشيء الأخر الذي يتعلق بالعباد هو إذا عرفوا أن ما عند الله من الخير ومما يُمِد به عباده من تحقيق مطالبهم فذلك مما يُطمعهم في ربهم ويحملهم على أن يسألوه أي شيءٍ مما يدخل في قدرة الله عز وجل وليس هو من الأمر المستحيل عادةً.
فإذا علم الإنسان هذه السعة من قدرة الله ومن فضله طمع فيما عنده فأكثر من السؤال من ربه أي شيءٍ هو في حاجة إليه، سواءٌ كان من أمور الدنيا أم كان من أمور الأخرة، (يرد الشيخ السلام) فمثلاً جاء في الحديث الصحيح ( إذا سأل أحدكم ربه شيئًا ) ، أو كما قال عليه السلام، ( فلا يقل إن شئت فإن الله لا مكره له ) ، ( إذا سألك أحدكم ربه شيئًا ) فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارزقني إن شئت ( فإن الله لا مكره له ) ، يعني هو يجود بفضله تبارك وتعالى باعتباره كريم.
فلذلك لا يجوز وليس من أدب الدعاء في الإسلام أن تقول ربي اغفر لي إن شئت، بلا ما تقول "إن شئت" تجزم كما جاء في بعض روايات الحديث ( وليعزم في المسألة ) ، وليعزم يعني فليقطع في المسألة ولا يُعلّقها بمشيئة الله لأنه أنت حينما تقول إن شئت فكأن الله هناك في له مكره فيمتنع عن تحقيق ما طلب منه الإنسان، فنحن نعلم أنه لا راد لمشيئته ولا راد لقضائه ومادمت أنك تعلم هذه الحقيقة وتعلم أن فضل الله لا ينقصه لو اجتمع الناس كلهم في صعيدٍ واحد وسألوه فأعطى كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكه شيئًا، إذًا أقدم على طلبك من الله مهما كان كثيرا بالنسبة لعجزك وبالنسبة لفقرك فهو شيء قليل وحقير بالنسبة لسعة فضل الله عز وجل وعظيم كرمه.
فإذًا هذا يشجّعنا على أن نتوجه إلى الله عز وجل في كل حاجٍة لنا إليه مهما كانت كبيرة بالنسبة إلينا فهي حقيرة بالنسبة لقدرة الله عز وجل وفضله.
11 - شرح قوله عليه الصلاة والسلام(..... يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ...). أستمع حفظ
شرح قوله عليه الصلاة والسلام( .. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه...).
فالأعمال إذًا هي سبب السعادة وهي سبب الشقاوة ولذلك قال تعالى كما ذكرنا في درسٍ مضى (( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )) [النحل: 32]، (( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِما كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))[الزخرف: 72].
وهنا يرد حديث يتوهّم كثيرٌ من الناس أنه يعارض هاتين الأيتين الدالتين على أن دخول الجنة إنما هو بالعمل الصالح وأن السعادة هو بالعمل الصالح وضِدها الشقاوة بالعمل الطالح، ذلك الحديث الذي أشير إليه هو قوله عليه الصلاة والسلام ( لا يدخل الجنة أحدكم بعمله ولكن بفضل الله ورحمته ) ، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ ( قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته ) ، فيبدوا لبعض الناس أن هذا الحديث يخالف الأيتين السابقتين فإنهما تصرّحان أن دخول الجنة بالأعمال، بينهما هذا الحديث يصرح بأن أحدًا منا لا يدخل الجنة بعمله، فكيف هذا؟ حتى الرسول عليه السلام لا يدخل الجنة بعمله، التوفيق بين الأية أو الأيتين وبين هذا الحديث هو أن نعلم تعبيرًا علميّا عند بعض العلماء المحققين، هذا التعبير العلمي هو أنهم سمّوْا الباء بالأية (( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ )) ، باء السببية وسمّوْا الباء في الحديث النبوي ( لا يدخل الجنة أحدكم بعمله ) ، بالباء الثمنية وبملاحظة الفرق بين الباءين يزول الإشكال وتوضيح ذلك، ادخلوا الجنة بسبب عملكم هذا معنى الأية، لا يدخل أحدكم الجنة بعمله أي بثمن عمله، والنتيجة أن أعمالكم لا تصلح ثمنًا لدخول الجنة، معنى الحديث أن أعمالكم لا تصلح ثمنا لدخول الجنة، ولكن أعمالكم هي سببٌ لدخول الجنة، تقريب هذا لو أن رجلاً سليمًا فتيّا عنده جنة بستان عظيم جدًا يعلن أن من أراد أن يدخل هذه الجنة أي البستان وأن يأكل مما فيها من كل فاكهةٍ زوجان فليدفع فلس وليتمتع بدخول الجنة والبقاء فيها ما شاء، فهل هذا الفلس يكون ثمن دخول الجنة؟ لا، ولكن صاحب الجنة ... السبب المصوِّغ للناس، أن يدخلوا الجنة هو هذا الفلس الواحد، فهذا معنى قول العلماء أن الباء في الأية هي باء السببية والباء في الحديث هي باء الثمنية، فبناء على الباء السببية قال ادخلوا الجنة وبناء على الباء الثمنية قال ( لا يدخل أحدكم الجنة بعمله ولكن بفضل الله ورحمته ) ، هذا التفصيل أمر واضح وبيّن باء الثمنية، وهناك معنى ثاني وبه أيضًا يُوفَّق بين الأية والحديث.
المعنى الثاني وهو الذي يذكره جُل الشرّاح للحديث ( لا يدخل أحدكم الجنة بعمله ولكن بفضل الله ورحمته ) أي أنه لولا فضل الله ورحمته لما كان عملكم الصالح الذي أدخلكم الجنة، هذا تفسير أخر في سبيل التوفيق بين الأية والحديث، الله يقول (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِن اللَّهِ )) [النحل: 53]، وأي نعمة أعظم من إيمان العبد بربه وإطاعته له، لا شك فإذا كان الله يقول (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِن اللَّهِ )) ، ومن أعظم النعم من الله على عباده عمله الصالح الذي به يدخل الجنة، إذًا دخول الجنة كان أصله فضل الله ورحمته بعباده لذلك لا يستعجلن أحدٌ فيقول إن الحديث يُعارض الأية أبدًا، (يرد الشيخ السلام) دائمًا الحديث لا يعارض الأية إطلاقًا وإنما يأتي بشيء جديد وبشيء إضافي عما تضمنته الأية، كما ترون ها هنا فالأية أسّست أن دخول الجنة بالأعمال الصالحة والغرض من ذلك هو إبطال الجبرية، والغرض من الأية هو الرد على المتواكلين على ما قدّر الله في السابق من سعادة أو شقاوة فقد يقول القائل هما أمران اثنان لا ثالث لهما إما السعادة وإما الشقاوة ومادام أن السعادة فُرِغَ ومادام أن الشقاوة فرغ منها فلماذا نعمل؟ نتكل على القدر، فتأتي هذه الأية في جملة النصوص الكثيرة لإبطال هذا الاتكال الباطل على القضاء من سعادة أو من شقاوة فتقول (( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )) ، فإذًا العمل الصالح هو سبب دخول الجنة فمن أراد أن يدخل الجنة لابد من أن يأتي بهذا السبب فإذا أمن الإنسان بهذه الأية أولًا وفهِم معناها ثانيًا بطل تواكله على القضاء والقدر على السعادة أو الشقاوة لأنه إن كان يريد أن يدخل الجنة فيجب أن يُقدِّم السبب الذي ربط الله به دخول الجنة في هذه الأية، فهذا هو الغرض من الأية الكريمة التي تقول إن دخول الجنة بالأعمال الصالحة.
أما غرض الحديث فهو شيء أخر، غرض الحديث الذي يقول ( لا يدخل الجنة أحدكم بعمله ) يريد التفات نظر العبد إلى حقيقةٌ أخرى هي غير الحقيقة الأولى، الحقيقة الأولى تقول لابد من العمل الصالح لدخول الجنة، إذًا لا تواكل على ما قد كُتِب للإنسان من سعادة أو شقاوة، لأنه إن كان كُتِبت عليه السعادة فالسعادة المقصود بها العمل الصالح، ولذلك قال عليه السلام ( اعملوا فكلاً ميسرٌ لما خلق له ) ، فإن كان من أهل السعادة فسيعمل بعمل أهل السعادة وإن كان من أهل الشقاوة فسيعمل بعمل أهل الشقاوة فإذا عمل الإنسان بعمل أهل الشقاوة عَرَف أنه سوف لا ينال الجنة لأن الجنة لها سبب في الدخول إليها وهو العمل الصالح، فهذه الحقيقة التي تحدّث عنها القرأن كفى وشفى من هذه الحيثية، حيثية إدخال التواكل على القضاء والقدر.
أما الحديث فيعالج القضية الأخرى، قضية مستقلة منفردة تمامًا عن القضية الأولى، الحديث يُلفت النظر إلى أن هذا العمل الصالح الذي به ستدخل الجنة إذا حُكِم به لك هو من فضل الله عز وجل فلا تغتر بنفسك " لا تقل أنا وأنا " أنا أعمل وأنا مؤمن وأنا فعلت، فإنه كما قال تعالى (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِن اللَّهِ ))[النحل: 53].
12 - شرح قوله عليه الصلاة والسلام( .. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه...). أستمع حفظ
بيان أن الناس يدخلون الجنة برحمة الله تعالى وأن العمل سبب لدخول الجنة وليس عوضا عنها.
هذا أكبر إيش؟ مدة من الحياة وهذه صفة من صفات الجنة التي يدخلها بالعمل الصالح، لكن هناك صفات أخرى هذه الصفات الأخرى هو يستحق أن يعيش فيها بذلك العمل القليل في ذلك العمر القليل القصير بالنسبة للحياة الأبدية في الجنة.
قال عليه الصلاة والسلام ( في الجنة ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ، ولعل هذا تمام الحديث القدسي.
فنحن في تلاوة ذاك الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي ( أعددت لعبادي الصالحين في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ، إذًا هذا الإنسان الصالح اللي عاش ألف سنة فرضًا وعمل ما عمل من أعمال صالحة هل يستحق نعيمًا في الجنة يصفه ربنا تبارك وتعالى في هذا الحديث القدسي؟ لا يستحق ذلك، هو إذا عاش في الجنة في دار بسيطة مثل دورنا ليس فيها لا حر ولا قر، ويأتيهم رزقهم بكرةً وعيشًا يفوز فكيف إذا انضم إلى ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، كيف إذا نظرت إلى هذه الدار البسيطة التي افترضناها تكون كأي دار من دورنا ولكن ليس فيها نصب ولا فيها تعب ولا فيها حر ولا قر، فكيف إذا كانت الدار في الجنة بالنسبة ل ... الناس سعتها عشر مرات أضعاف الدنيا، هذا أقل إنسان مما له أهل الجنة، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام ( إني لأعرف أخر رجلٍ يخرج من النار وأخر رجلٍ يدخل الجنة، رجل يخرج من النار يحبوا حبوًا ) ، كناية عن أن النار أهلكته أحرقته، وأوهنت قواه فأصبح لا يستطيع المشي على الأرض سويّا كما خلقه الله بشرا سويّا من قبل، فهو يخرج من النار يحبو حبوًا كالطفل الصغير، لم يستعد بعد قواه، إلى أين يمشي؟ يمشي إلى الجنة، أذِن الله له أخرجه من النار بسبب أنه كان قد بقي في قلبه مثقال ذرة من إيمان، هذا المثقال من الذرة من الإيمان أنقذه من النار وأدخله الجنة، يمشي هذا الإنسان حبوًا يحبوا حبوًا في طريقه إلى الجنة فتبدوا له من بعيد شجرة عظيمة جدًا خضراء يانعة فيقول يا ربي أوصلني إلى هذه الشجرة حتى أستظل بظلها ... من النار أصبح حمما سودا، فحم أسود فهو يريد أن يستظل من حر النار الذي لا يزال يشعر به في جسده فيقول أوصلني إلى هذه الشجرة حتى أستظل بظلها وأكل من ثمرها وأشرب من مائها فيقول الله تبارك وتعالى ( يا عبدي إذا أنا أوصلتك إليها فهل عسيت أن تسألني غيرها؟ ) ، يقول لا يا ربي لا أسألك غيرها، فيوصله الله عز وجل بقدرته وفضله إلى هذه الشجرة، فيستظل بظلها ويأكل من ثمرها ويشرب من ماءها، ثم يتابع طريقه إلى الجنة فتبدوا له شجرةٌ ثانية أضخم وأجل وأعظم من الشجرة الأولى، فيقول يا ربي أوصلني إلى هذه الشجرة حتى أستظل بظلها وأكل من ثمرها وأشرب من ماءها، فيقول الرب تبارك وتعالى يا عبدي ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها؟ يعني الأولى ( فلعلك تسألني غير هذه ) ، يقول يا رب لا أسألك غيرها، فيوصله إليها فيستظل بظلها ويأكل من ثمرها ويشرب من ماءها، ثم يتابع طريقه إلى الجنة، فتبدوا له شجرة ثالثة أعظم وأنضر من الشجرتين الأوليين، فيطمع العبد في فضل ربه لا غنى له عن فضل ربه، الله الله.
بمناسبة أنه العبد لا غنى له عن فضل ربه أروي لكم حديثًا من صحيح البخاري له علاقة بنبي من أنبياء الله تبارك وتعالى، فيقول الرسول عليه السلام ( إن الله عز وجل أنزل ذات يومٍ على أيوب عليه السلام من السماء جرادًا من ذهب )، فالمقصود بالجراد كوم، كوم من ذهب، الله أنزل له إياه من السماء معجزة وكرامة لسيدنا أيوب عليه السلام، فأخذ يحثو في جيبه من هذا الجراد من الذهب، فناداه الرب قائلاً له ( وأنت يا أيوب تحب المال؟ ) ، أو كما له تبارك وتعالى، فكان جوابه أن قال وهل لنا غنًى عن فضلك يا رب، (يرد الشيخ السلام) فطمِع العبد الذي هو أخر من خرج من النار وأخر من يدخل الجنة، طمع في فضل الله حتى في المرة السابقة لمّا رأى الشجرة الضخمة العظيمة فأرسله الله عز وجل وأخذ العهد منه في السابق أن لا يسأله تبارك وتعالى غيرها، فلمّا وصل إليها واستظل بظلها وأكل من ثمارها وشرب من مائها تابع طريقه إلى الجنة، حتى وصل إلى باب الجنة فسمع هناك الحور العين وجاءه من رَوحها وريحها وهو أصبح قريبًا من بابها فقال يا رب أدخلني الجنة ولو يعني خلف الباب، أدخلني الجنة فيقول له الله تبارك وتعالى ( ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها ) ، ما بيصدق العبد المسكين، يقول له يا رب أتهزأ بي وأنت الرب، يعني مثل ما جاء في قصة الثلاثة الذين أووا إلى غار في الجبل لمّا نزلت عليهم فيهم … فأخذهم الأجير اللي كان عمل عند صاحب العمل على … رز، وعاء من رز فلما عرض عليه الفرق هذا أعرض عنه، وراح انطلق غضبان، صاحب العمل أخذ … الرز أي وعاء الرز وزرعه وحصده وزرعه وحصد إلخ، اجتمع عنده مع طول الزمن بقر وغنم ورعيان و … ، جاء صاحب الإيش الفرق من الرز قال له يا فلان أعطني حقي، قال له انظر إلى تلك البقر اذهب وخذها، قال له أتهزأ بي؟ إنما لي عندك فرق من أرز بتقل لي خذ البقر كله، قال له روح خذها فإنما تلك البقر من ذاك الفرق الشاهد فهذا ما صدّق لمّا قاله له خذ البقر، فهذا العبد من بيصدق له في الجنة عشرة أضعاف الدنيا وهو محروق خارج من النار أخر أهل النار، فورد الحديث إلينا مسلسلاً بالضحك، فالذي يروي الحديث من الصحابة ابن مسعود يقول الراوي عن ابن مسعود لمّا وصل ابن مسعود إلى قول العبد للرب أتهزأ بي وأنت الرب ضحك ابن مسعود، قالوا له ... لم تضحك؟ قال لمّا … أنا الرسول إلى هنا ضحك الرسول فسألناه لم تضحك يا رسول الله؟ قال ( لأن الرب سبحانه وتعالى ضحك من عبده حينما قال له أتهزأ بي وأنت الرب، فقال له ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها ) .
13 - بيان أن الناس يدخلون الجنة برحمة الله تعالى وأن العمل سبب لدخول الجنة وليس عوضا عنها. أستمع حفظ
بيان شيء مما أعده الله تعالى لعباده المؤمنين.
السائل : ... .
الشيخ : هذا في مسند الإمام أحمد وفي غالب الظن في سنن أبي داود أيضا.
السائل : ... .
الشيخ : لا هنا المقصود لحظة.
السائل : لأنه هذا ..
الشيخ : خرق العادة يكون حمله ووضعه في ساعة أي في لحظة، وحديث أخر، أعرابي يسأل الرسول عليه السلام ليس أعرابي، رجل ممكن يكون، نعم من الأنصار يسأل الرسول عليه السلام هل في الجنة من زرع؟ … زرع يقول الرسول لمن حوله انظروا إلى الأنصار كيف يحبون الزرع، يقول له ( تزرع وتحصد في ساعةٍ واحدة ) ، أي نعم فهذا كله يؤكد لكم أن دخول الجنة هذه التي ما ذكرنا بعض أوصافها لا يستحقه الإنسان لمجرّد إيمانه وعمله الصالح وإنما هو بفضل الله عز وجل ورحمته ولكن كسبب لابد من الإيمان والعمل الصالح ... .
العيد عباسي : ... .
الشيخ : تفضل.
كلمة للشيخ محمد عيد عباسي عن أهمية اتباع فهم السلف.
ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان
الشيخ : قدم شوي قدم شوي ... .
العيد عباسي : ما هو الهدف قصة الوهابية و … وما الهدف الذي تدعو إليه؟
بعد بيان الأستاذ الذي ذكر فيه أن الوهابية إنما هي كلمة ليس لها واقع لأن الدعوة التي يراد نبذها بهذا الاسم إنما هي دعوة السلف التي عُمدتها الرجوع إلى الكتاب والسنّة فلا بأس مادامت هذه هي الحقيقة وهذا هو المراد أنه نُبيِّن هذه الأصول والهدف الذي تدعو إليه هذه الدعوة.
دعوتنا ربما ننشرها على أغلفة رسائلنا من قديم هي بشكل مجمل العودة إلى الكتاب والسنّة، هذه العودة التي نعتقد أن الناس قد غفلوا عنها فعلاً وواقعًا وتركوها منذ قرونًا طويلاً فكان هذا الترك هو سبب الخلاف وسبب التفرق إلى فرقٍ وشيعًا وأحزاب، وحتى لا يكون الكلام عامًا فمن المعروف أن كل فرقةٍ من الفرق الثلاث والسبعين التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي ستنقسم إليها الأمة كل فرقة تدّعي ظاهرًا وقولًا أنها هي التي تتبع الكتاب والسنّة وأنها هي الناجية وأن ما عداها في النار، فقطعًا لدابر الاعتراضات وتوضيحًا للأمر وُضع لهذه الجملة أو لهذا الهدف العودة إلى الكتاب والسنّة قيد مُوضِّح المقصود وهو العودة إلى الكتاب والسنّة وفهمهما على النهج الذي فهمه منهما السلف الصالح، هذا القيد هو الذي يُحدِّد المراد وهو الذي يحدد الفهم الصحيح، الناس اختلفوا وما يزال الناس يختلفون وكثير من الناس الغيورين على الإسلام والدعاة إلى الإسلام وكثير من الجماعات الإسلامية نسمع منها كلما التقينا بها التحسّر على هذا الاختلاف التحسر على المسلمين بسبب اختلافهم، والتضايق من هذا الاختلاف، كلهم يقول يا أخي ضعف المسلمين بسبب خلافهم واختلافهم بلاء ويجب أن نتخلص منه ولا نجاة لنا إلا بالاتفاق والله يدعو إلى الوفاق والله يدعو إلى الاعتصام بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا، وقد نهى الإسلام عن التفرق، فلا يسعنا إلا أن نقول معهم هذا كله صواب إن الخلاف شر كله كما قال ابن مسعود رضي الله عنه ولكن والوحدة هي مطلب الجميع ومطلبنا في المقدمة ولكن تُرى ما هو الطريق إلى الوحدة؟ ما هو السبيل إلى تحقيقها؟ وما هو السبيل إلى الخلاص من التفرق؟
إننا نعرض عليكم سبيلاً هو السبيل الذي عرضه محمد صلى الله عليه وسلم فوحّد الناس جميعًا وجمع قلوبهم على الهدي والخير وكانوا بهذا الاتفاق الأمة التي قال الله عنها (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )) [أل عمران: 110]، محمدٌ صلى الله عليه وسلم جاء إلى العرب متخبطين متناحرين مشتتين متخاصمين متنابذين فبماذا وحّدهم؟ والله تعالى قدر في كتابه الكريم فقال (( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) [الأنفال: 63]، فما الشيء الذي أنزله الله؟ ما الشيء الذي داوى الله به هذا المرض؟ مرض التفرق والخلاف؟ بماذا جعلهم أمة واحدة؟ بماذا أزال خلافهم وجعلهم الأمة الفاضلة خير أمةٍ أخرجت للناس.