الكلام على حكم الصور في الإسلام وكيف كانت سببا للوقوع في الشرك بالله تعالى.
الشيخ : فيها صورة يدوية فصورها بالآلة الفوتوغرافية ، وأطاح تلك و وضع بديلها الصورة الفوتوغرافية، هذه كمان من جملة أيش؟ من اللف والدوران و الحيل الصورة الأولى أي الصورة اليدوية حرام ، فنزعها ووضع مكانها الصورة الفوتوغرافية المأخوذة عن الصورة اليدوية هذه هي ظاهرية ابن حزم، وهذا لا ينبغي أن يتورط الإنسان فيقول به، وأخيرًا ما الفرق من حيث النتيجة بين الصورة الفوتوغرافية وبين الصورة اليدوية ؟ الغاية التي من أجلها حرّم الشارع الصور مطلقًا كل ذلك يتحقق في الصورة سواء كانت فوتوغرافية أو يدوية ، والذي ظهر هنا أن الشارع حرّم التصوير لأمرين اثنين ، الأمر الأول : سبق التصريح به وهو يضاهون بخلق الله . يعني مشابهة الله عز وجل في الخلق بهذه الصور التي صوّرها شابه الله عز وجل في تصويره لخلقه ، فهذا سبب للتحريم ، سبب آخر استنبطه العلماء استنباطًا مراعاة منهم للتاريخ البعيد حيث جاء في القرآن في قصة نوح عليه الصلاة والسلام مع قومه حينما نهاهم عن الشرك ودعاهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام لم يطيعوه ولم يصغوا إليه بل قال بعضهم لبعض كما قال تعالى (( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا )) يقول ابن عباس هؤلاء خمسة كانوا عبادًا لله صالحين ، فلمّا ماتوا وأرادوا دفنهم حيث يُدفن الناس جميعًا في المقابر جاءهم الشيطان بصورة ناصح قال هؤلاء هم من تعرفونهم بصلاحهم وإحسانهم إلى مجتمعهم فأنصح لكم بأن تميزوهم عن سائر الناس بأن تجعلوا قبورهم في أفنية دوركم فاستجابوا له ودفنوهم خارجين عن المقابر وقريبًا من دورهم ، فكانوا كلما خرجوا من بيوتهم و دخلوا مروا عليهم في أول الأمر تذكروا أعمالهم الصالحة و ربما اقتدوا بهم ، تنازلًا بعأ انحرافهم عن التوحيد إلى الإشراك بعض الشيء ، لكن الشيطان لم يقنع بهذا فجاء إلى الجيل الثاني فقال لهم هؤلاء كما علمتم من آباكم هم من هم ، ولذلك فأوصى بأن تتخذوا لهم أصنامًا خمسة، لأن هذه القبور تذهب مع العوامل الطبيعية فاتخذوا لهم أصنامًا خمسة ووضعوها في مكان فزيّن لهم فيما بعد أن يضعوها في أماكن رفيعة تتناسب مع عظمتهم وترجمة حالهم عندهم ، وكذا وضعت الأصنام في أماكن رفيعة فأخذوا يسجدون لها ويعظمونها من دون الله وينذرون ويذبحون فوقعوا في الشرك الأكبر، فأرسل الله إليهم نوحًا عليه السلام لينذرهم مما هم فيه فتنادوا ألا تسمعوا له ولا تطيعوه وقالوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا )) إلى آخر الآيات. فإذًا السبب الثاني الذي فهمه العلماء في سبب التحريم هو أن الصوركانت مظنة، سبب لتدرج الناس إلى الشرك الأصغر ثم إلى الشرك الأكبر، والله عز وجل غيور فهو يغار على عباده المؤمنين أن.ينحرفوا ولو قرن واحد منهم ولو بعد ألاف السنين بسبب ما ينحرف عن التوحيد إلى الشرك ولذلك سد هذا الباب بالنهي عن الصور مطلقًا سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة وهو ... قديمًا ، وسواء كان التصوير يدوي كما كان الشأن قديمًا، أو تصوير آلي كما هو الشأن حديثًا تصوير آلي صور مجسمة وهي الأصنام وتصوير آلي على الورق ، الصور الفوتوغرافية المعروفة اليوم ، كل هذا وهذا حرام بما ذكرناه من أحاديث ومن التفقه فيها، وهناك بحثٌ أو تتمة لهذا البحث، وهو بعد أن عرفنا أن الصور كلها محرّمة على هذا التفصيل السابق، قال هناك شيءٌ يُستثنى منها الحديث الذي ترويه السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسرّب إليها صاحباتها من بنات جنسها وأترابها بها لتلعبن بها بلعب البنات، أي بالصور التي كانت تُصنع للبنت لتلعب بها وتتسلى في بيتها ، فكانت جيرانها من أترابها يُسربهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي يدفعهن إليها ليلعبن معها . هذا حديث رواه البخاري في صحيحه. و روى أبو داود عنها بإسناده الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم دخل عليها يومًا فوجدها بين لعبها وفيها خيلٌ ذوات أجنحة فتعجّب أو أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه قائلًا ( خيل ذوات أجنحة ! ) فقالت " يا رسول الله ألم يبلغك أن خيل سليمان -عليه السلام- كانت ذوات أجنحة ؟ " فضحك الرسول عليه الصلاة والسلام ومعنى هذا إقراره إياها على أمرين اثنين ، الأول : على اللّعب، اللّعب بهذه اللُّعب والأمر الثاني : أن هذه اللعب لا مانع ولا بأس أن تكون مجسّمة وممثلة لخلقٍ لا وجود له إلا في الخيال ، وأعني بذلك الخيل ذوات الأجنحة فنستفيد من هذا الحديث الأخير الذي رواه أبو داود فائدة لا نستفيدها من الحديث الأول الذي رواه البخاري وهما كلاهما معًا نستفيد منهما فائدة جواز لعب الأطفال بالصور المجسّمة، أما حديث عائشة عند أبي داود فالفائدة التي نستفيدها ما كانت لتخطر على بالنا لولا أن بعض الكتاب في العصر الحاضر حمل الأحاديث المحرّمة.التصوير.على ما إذا كان التصوير مغايرًا لما خلق الله. وعلى ذلك حمل الحديث، أو أحد الأحاديث المتقدمة في الدرس الماضي الحديث القدسي ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فيخلقوا ذرة، فليخلقوا حبة، فليخلقوا شعيرة ) حمل هذا الحديث على التصوير المباين لما صوّر الله وخلق، فاستفدنا ردًا على هذا.الحمل.من حديث عائشة المذكور، لأن عائشة صوّرت خيلًا ذوات أجنحة فهذا يخالف ما خلق الله ، فلو كان التحريم منصبًا فقط على الصور التي تخالف في صورتها ما صوّر الله وخلق لكانت هذه الصور من الخيل ذوات الأجنحة لم يقرها الرسول عليه الصلاة والسلام وأنها لا تشبه ما خلق الله ، فهذه الفائدة استقل بها حديث أبي داود عن عائشة دلنا على أن العلة في التحريم، تحريم الصور ليس هو أنه لا يُشبه خلق الله بل التحريم مطلق يشمل كل صورة يصنعها الإنسان المخلوق إلا ما نحن في صدد استثنائه الآن، حيث أن حديث عائشة الأول والثاني دلّ على جواز لعب الأطفال بلعب البنات، يعني الدمى، وكذلك يدل على ذلك حديثٌ أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا حينما كانوا يصومون أطفالهم الذين لم يبلغوا الحنث و سن التكليف بعد ، كانوا يصنعون لهم لعبًا من العهن و القطن ليلتهوا بها عن الطعام والشراب حتى يفطروا مع الصائمين الرجال الكبار. فدلّ هذا الحديث وذاك على جواز استعمال الصور التي الأصل فيها المنع، فيما إذا كان يترتب على هذا الاستعمال فائدة راجحة لا يرتبط معها مفسدة واضحة ، هذا الحديث وذاك حديثٌ هامٌ في نقدي وعلمي لأنه يُفسح المجال لأهل العلم أن يتخذوا مذهبًا وسطًا بين إباحة التصوير الذي جنح إليه اليوم كثير من العلماء والكتّاب إباحة عامة بحجة أن الصور اليوم تُصوّر بالآلة الفوتوغرافية ، وقد عرفتم أن هذه الحجة حجة داحضة و بين علماء آخرين يلتزمون التحريم مطلقًا دون أي استثناء ، فحديث عائشة وحديث الصحابة في اتخاذ اللعب من العهن هذا وذاك يدل أو يُفسح المجال لأهل العلم أن يستثنوا بعض الصور من التحريم ، لهذا ... ينبغي أن يكون مثل لعب عائشة ولعب الأطفال الصائمين، أي لا يترتب من وراء ذلك إلا مصلحة، أما لعب عائشة فالمصلحة فيها واضحة وهي ما في ذلك من تمرين الطفلة منذ حداثة سنها على الاعتناء بتربية أطفالها وأولادها والعناية بثيابها فتقا ورتقا وخياطة، ونحو ذلك أما الحديث الآخر، ففيه اتخاذ الصورملهاة للأطفال عن الانصراف إلى الإفطار، في الصيام الواجب ، فيمكن إذا تبين هذا إلحاق كل صورة بمثل هذه الصور إذا ترتب من وراء ذلك كما قلنا مصلحة راجحة ما لم يستبن معها مفسدة ظاهرة ... .
تنبيه الشيخ على أنه لا يجوز استجلاب لعب الأطفال المستوردة من الكفار لأنها تحمل عادتهم و تقاليدهم القبيحة.
الشيخ : الانتقال من هذا البحث إلى بحث جديد ، نسرد عليكم كالعادة أحاديثه من كتاب "الترغيب" أن أُنبه على شيء لا يدخل في هذا الاستثناء و إن كان خلاف ما يظنه الكثيرون لعب البنات التي جاء الحديث بإباحتها إنما هي اللعب التي تُصنع من داخل البيت ، فليس من هذه اللعب المباحة للأطفال الصغار هذه الأصنام والتماثيل التي ترد إلى بلادنا من بلاد الكفر والفسق والخلاعة باسم تسلية الأطفال ، فهذه اللعب ليست من صنع بيتنا ودارنا بل ولا من صنع بلادنا وإنما هي من صنع بلاد الكفر ، فإن هذه الصور ليس فيها ما في الصور التي تُصنع في البيت مما أشرنا إليه من قاعدة التدرب على الخياطة ونحو ذلك، ولذلك فلا يظهر فيها سبب الاستثناء لهذه الصور من التحريم، بل زيادة على ذلك، هذه الصور تحمل معها عادات الإفرنج، عادات الكفار من حيث اللباس والزينة ونحو ذلك ، فكأننا ننقل بواسطة هذه الصور إلى بناتنا وهن بعد في سن الصغر العادات الكافرة فتعتاد عليها قبل أن تُبتلى بلباسها ، فهي مثلًا تجد الصورة الصنم الذي يُمثل فتاة تلبس ما يسمى باللغة العربية بالتبال ، يعني اللباس ليس له أكمام، يعني الشورت مثلًا ، الكلسون ، فهي ترى هذا فقد تنشأ على ذلك وتطلب نفسها مثل هذا اللباس ولو كان عُرف وتدين أهل بيتها لا يساعدها على هذا اللباس وهي في هذا السن فتنشأ و تنشأ وتكبر وهي ترى هذه المناظر فتعتاد على ذلك وتتطلب نفسها فيما بعد مثل هذا اللباس ومثل هذه الزينة التي ليست من زينة المسلمين لذلك لا أرى أن هذه التماثيل الأصنام التي يشتريها الآباء للأولاد هي من الصور المستثناة من التحريم ، فهذا الذي أحببت التذكير به، والذكرى تنفع المؤمنين .
السائل : ... ؟ الشيخ : الأولى من ذلك أنه لا يجوز للشاب أن يترك مع الفتاة المسلمة يتحدث إليها ، لأن هذا الجلوس وهذا الكلام هو من أقوى الأسباب لدخول الشيطان بينهما، كثيرًا ما نسأل سؤالًا آخر يُشبه هذا السؤال هل يجوز في الشرع أن يستمع الزوجات الإخوة المتحابين في الله المتسابقين المتناصحين أنه الزوجات والأزواج أن يسيروا في مكان واحد أو على مائدة واحدة مثلًا ؟ هل يجوز هذا ؟ أقول أن هذا من باب الجواز يجوز لكن معلّق بشرط غير واقع يجوز إذا تصورنا أن كل من الطرفين رجالًا ونساءً يلتزمن الحشمة والأدب وفي فرصة محدودة النطاق إما طعام أو شراب أو جلسة عائلية أو ما شابه ذلك لا يتخذ ذلك ديدنا وحياة ولا يمكن الحياة إلا بهذه الصورة ؟ لا، أحيانًا ومع ذلك أقول أن هذه ... مثل هذا الاجتماع يجوز إذا توفرت الشروط و من الصعب خاصة في مثل مجتمعنا هذا الذي كل ما مضى عليه يوم ابتعد عن الإسلام سنين، هذه السنة أن يلتزم كلًا من الرجال والنساء الحشمة والأدب فلا يتكلم أحد الحاضرين من الرجال أو النساء بكلام مثلًا يُضحك فتبدوا بسمة من هنا و قهقهة من هنا فمن هنا يتسرب الشيطان إلى نفس الإنسان . لذلك مادام إذًا من الصعب تحقيقه في مثل جلسة عارضة طارئة فالأولى أن لا يحصل مثل هذا الاجتماع، لم ؟ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، لذلك أقول كما قلت في مطلع أو في أول مباشرتي في الجواب من كان من الشباب مبتلًا بالدخول في الجامعة لدراسة ما، فعليه أن يكون بعيدًا عن أن يوجد أي صلة بأي فتاة ولو كانت من الفتيات المتحجبات ، ولو أن هذا الحجاب ليس كما ينبغي، ولكن مع ذلك حنانيك بعض الشر أهون من بعض، ولا تغرك المرأة المحتجبة بتقول أن هذه أخت لي هذا من دهاليز الشيطان أيضًا للإنسان، لأن هذه إذا كانت متحجبة موش معناها إنها صارت راهبة بل ولو أنها صارت راهبة مو معناه أنها صارت جمادا يعني خرجت عن كونها بشر، لها أحاسيس، لها شعور ... ولكن المرأة الصالحة في البيت .لكن ... الابتعاد عن الطريق الذي يدخل منه الشيطان إلى بني الإنسان . وإذا تذكرنا قصة الرسول عليه السلام مع الرجلين وهو قائم مع صفية، ولفت النظر إلى أن الشيطان يدخل ويمشي في داخل الإنسان فماذا يقول هذا الشاب إذا وقف مع فتاة ولو ماشيين مثلًا في باحة الجامعة، لكن هناك قرين معهم ... حتى ما تكون منه كلمة أو منها كلمة، يعني مجال دخول إلى الشيطان بين الشاب المسلم زعم والشابة المسلمة زعمت موجود في كل مناسبة، لذلك فالسعيد والمؤمن حقًا هو الذي يبتعد عن كل الوسائل التي قد تورطه وقد ترميه مما على أم رأسه، لأجل هذا حرّم الرسول صلى الله عليه وسلم الخلوة، لأنها وسيلة كبيرة جدًا إلى دخول الشيطان وقضاء حاجته من بني الإنسان فقال عليه الصلاة والسلام ( ما اجتمع رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) لا يقال هذا الحديث حرّم الخلوة فما ليس بخلوة لا شيء فيه ، نقول الحرمات درجات والممنوعات في الشرع كذلك ، فإذا لم يكن هناك خلوة.يقولون مثلًا ما هي الخلوة؟ هي أن يكون الإنسان مع امرأة أجنبية في مكان ويغقلون الباب. هذه خلوة وهي محرّمة، لكن إذا كان الباب مفتوح فليس بخلوة . هذا كلام صحيح، لكن هذا ليس له معنى أنه إذا جلس في غرفة والباب مفتوح أنه شيء ما تم بينهما لكن دخوله هنا ... الباب أقوى له وأسعد له كثيرًا . ولهذا فهذا الحديث ... يحرّم الخلوة يُنبّه الإنسان المسلم العاقل أنه لا يجوز، يعني أن يكون في مكان فيه ريبة أو ظن أو شبهة ولعل في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين . السائل : هذا هو القرآن يا فتياتنا ... .
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب " الترهيب من تصوير الحيوانات والطيور في البيوت وغيرها ، عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم ) رواه البخاري ومسلم.
الشيخ : من تصوير الحيوانات و الطيور في البيوت وغيرها ، أولًا عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الذين يصنعون هذه الصور يُعذّبون يوم القيامة يقال لهم احيوا ما خلقتم ) رواه البخاري ومسلم ، هذا الحديث يُحرّم التصوير ويُبيّن أنه من كِبار المعاصي ، لأن الرسول عليه السلام يصرح بأن هؤلاء الذين يصنعون و يصورون هذه الصور يُعذّبون يوم القيامة تعذيبًا أقول من باب التوضيح يكاد يكون أبديًا ، لأنهم يُعذّبون حين يقال لهم أحيوا ما خلقتم فإن استطاعوا إحياء ما خلقوا انتهى العذاب ، ولا يستطيعوا إلى ذلك سبيلًا كما سيأتي في بعض الأحاديث الآتية، ويجب أن نلاحظ هنا أنه في الحديث اسم إشارة ( إن الذين يصنعون هذه الصور ) كصور فترى ما هي الصور التي أشار الرسول عليه الصلاة والسلام باسم الإشارة هذه ( إن الذين يصنعون هذه الصور ) الوقوف عن هذا الاسم ومحاولة فهمه فهمًا صحيحًا يزيل إشكالًا واضطرابًا كثيرًا عن بعض الناس من الراغبين في معرفة الحقائق الفقهية حينما يسمعون بعض المؤلفين اليوم والكتاب يحملون كل الأحاديث المحرمة للتصوير على تصوير المجسّم ، أي على نحت الأصنام، هكذا يتأولون الأحاديث المحرّمة للتصوير . فهنا حينما قال الرسول عليه السلام ( إن الذين يصنعون هذه الصور ) تُرى ما هي هذه الصور ؟ أهي كما قال هؤلاء، الأصنام ؟ أنا أقول هذا أبعد ما يكون من مقصود الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وبخصوص اسم الإشارة هذا لماذا ؟ لأن الرسول عليه السلام قال هذه الأحاديث في المدينة حيث لم يبقَ للتماثيل والأصنام بقية تُذكر مطلقًا بعد أن نصر الله عز وجل نبيه في فتح مكة وحطّم الأصنام التي كانت موضوعة على ظهر الكعبة فانطمس الشرك وآثاره بالكلية، ولكن بقيت بقايا من الصور التي قد تكون يومًا ما سببًا لعودة الشرك إلى طرقه التي كانت قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، فمستبعد جدًا أن يعني الرسول عليه الصلاة والسلام باسم الإشارة هذا الأصنام التي قضى عليها وحطّمها، والأقرب أنه يعني صورًا كانت لا تزال منبثة ولا يزال المسلمون يقتنونها في بيوتهم، في قصورهم، في خيامهم، في في إلى آخره فهو إذًا عليه الصلاة والسلام حين قال ( الذين يصنعون هذه الصور ) يُشير إلى صور قائمة ومنبثة بين الناس، ويؤكد هذا المعنى أن حديث عائشة رضي الله عنها الآتي في بعض رواياته وألفاظه أن الرسول عليه السلام حينما دخل عليها ورأي القرام الستارة وعليها الصور قال ( إن أشد الناس عذابًا هؤلاء المصورون ) فهو يشير إلى هؤلاء الذين يصورون الصور على الستائر ولا يعني الأصنام فلم تكن في بيت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها فإذًا قوله إن الذين يصنعون هذه الصور ليس يعني الصور المجسمة مباشرة وإنما يعني الصور غير المجسّمة، ويسميها الفقهاء التي لا ظل لها، فإذا حرّم الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الصور غير المجسمة أو التي لا ظل لها فمن باب أولى حينئذٍ يُحرّم الأصنام والتماثيل، فمن باب التحذير من تعاطي هذه الصور صنعا واقتناءً يقول الرسول عليه السلام في هذا الحديث ويُبين ما هي عقوبة الذين يصورون هذه الصور فيقول ( يُعذّبون يوم القيامة فيقال لهم أحيوا ما خلقتم ولا يستطيعون إحياؤهم ) فهو كناية عن استمرارهم في العذاب إلى ما شاء الله واستمرارهم في العذاب يختلف باختلاف واقع الإيمان في قلبهم ، فمن مات منهم مؤمنًا فسينجيه إيمانه مما من أن يُستمر في تعذيبه في النار، ومن مات مستحلًا لما حرّم الله فقد عرفتم من البيان السابق أنه كافر وأنه يخلد في النار إلى أبد الآبدين . هذا الحديث الأول وهو من حديث عمر مما رواه البخاري ومسلم .
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب: عن عائشة رضي الله عنها قالت ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه وقال يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله
قالت فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين ) وفي رواية قالت( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه وقال إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور ).
الشيخ : الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم رسول الله عليه وسلم من سفرٍ وقد سترت سهوة لي بقرام السهوة الطاقة في الحائط ، بقرام أي الستارة فيه تماثيل أي فيه صور وهنا فائدة لغوية بالنسبة لبعدنا اليوم عن اللغة العربية، أو لسيطرة بعض الاصطلاحات فنحن اليوم نفهم من لفظة التمثال أو تماثيل الأصنام، هذا التمثال المالكي مثلًا، نحن ما نقول هذه صور هي صورة بلا شك، كما أن الصور التي نقتنيها على الورق هي أيضًا في لغة العرب تماثيل ، والشاهد على ذلك هو هذا الحديث، فالرسول عليه الصلاة والسلام حينما دخل على السيدة عائشة في هذه القصة فرآها وقد علّقت قرامًا، ستارة عليها تماثيل، التماثيل توضع على الجدر ولا توضع على الأستار، لكن اللغة واسعة، فإن قلت صورة فممكن تكون صورة بمعنى الصنم أو صورة ليس لها ظل ، كذلك إن قلت تمثال فهو بمعنى الصورة قد يكون مجسّم وقد يكون غير مجسّم، فجاء هذا الاستعمال في هذا الحديث بالمعنى الذي لا ينتبه له كثير من الناس أيضًا الرسول عليه الصلاة والسلام رأى تماثيل على الستارة، أي صور يعني إما ملونة بدهان أو مطرزة بتطريز فليست هي أصنامًا قالت " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفرٍ وقد سترت سهوة لي بقرامٍ فيه تماثيل، فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلوّن وجهه " أي تغيّر غضبًا واحمّر وقال ( يا عائشة أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذي يضاهون بخلق الله ) ، أي الذين يعملون أعمالًا من التصوير سواء كان مجسّمًا أو غير مجسّم، يتشبهون بخلق الله عز وجل لخلقه، ( يضاهون بخلق الله ) أي بما يخلق الله، فالله يخلق هذه الأجسام ، هذه الخيالات وهم أيضًا يضاهون، والمضاهاة ليس من الضروري كما هو معلوم أن تكون الجميع ، ليش؟ للوجوب فالذي ينحت التمثال أو يصوّر الصورة على الورق فهو يضاهي رب العالمين من حيث الهيكل والصورة، ولكن أهم شيء في ذلك هو نفخ الروح، ولذلك لمّا كان عاجزًا عنه يُعذّب يوم القيامة بأن يؤمر بأن ينفخ الروح فلا يستطيع وليس بنافخ فإذًا المضاهاة المقصودة هنا والتي جعلها الرسول عليه السلام في هذا الحديث علة تحريم التصوير هي المضاهاة الشكلية الظاهرة فقال عليه الصلاة والسلام قال ( يا عائشة أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ) قالت " فقطّعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين " وفي رواية قالت " دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت قِرامٌ فيه صور -هنا استعمل الراوي لفظة صور مقابل تماثيل، فالمعنى واحد- فتلوّن وجهه ثم تناول الستر فهتكه -أي مزّقه- " فقال ( إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور ) جاء الشاهد الذي أشرت إليه فيما علقته على حديث عمر الأول ( إن الذين يصنعون هذه الصور ) قلنا إن اسم الإشارة إلى الصورة غير المجسمة، وهذا هو الدليل، لأن قصة السيدة عائشة لها هذه المناسبة، وهذا السبب وهو دخول الرسول عليها و قد علّقت الستارة وعليها التماثيل والصور، فقال عليه الصلاة والسلام مشيرًا إلى هذه الصور التي على الستارة ( إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور ) ، ولذلك فإن قرأتم أو سمعتم أن هذه الأحاديث التي فيها هذا الترهيب الشديد من التصوير إنما يراد بها الذين كانوا يصنعون الأصنام والتي تُعبد من دون الله حمل الحديث على هذه التماثيل باطل ، لأن الرسول عليه السلام إنما يشير إلى الصور التي كانت في قرام السيدة عائشة، ونحن نعلم بالضرورة أن هذه الصور أولًا ليست أصنامًا مجسمة وثانيًا لم تأتِ السيدة عائشة بهذا القِرام بهذه الستارة التي فيها الصور لتعظمها أو تعبدها من دون الله عز وجل حاشا لهم ذلك، إذًا فتأويل هذه الأحاديث وحملها على الأصنام التي كانت تُعبد من دون الله ونتيجة ذلك أن التصوير المحرّم انقضى زمنه كما ينعق أقولها صراحة بعضهم بهذا الكلام، انقضى زمنه، لأنه كان هذا النهي كان نتاج للقضاء على الشرك و الوثنية وانتهي أمر الشرك الوثنية ، ولذلك فتعاطي الصور لاسيما إذا كانت غير مجسمة لا بأس بها عند هؤلاء الذين يتأولون الأحاديث على المعاني التي تدل الأحاديث على خلافها كما سمعتم في قصة السيدة عائشة رضي الله عنها التي سمعتموها الآن وفي رواية أخرى عن السيدة عائشة، ويبدو أنها قصة أخرى، لأن هذه الرواية تقول إنها اشترت نمرقة وهي المخدة، في القصة الأولى ... تدور حول الستارة، فالرسول عليه السلام في تلك القصة أنكر التصاوير وهي على الستارة وتأكيدًا لتحريم استعمالها مزّق الستارة كما سمعتم، الآن قصة أخرى تقول السيدة عائشة أنها اشترت نمرقة وهي مخدة، وتلاحظون شيئًا في القصة الآتية نستطيع بها أن نُفكّر طرفًا من القصة السابقة، ففي هذه القصة السابقة سمعتم بأن الرسول عليه السلام بعد أن هتك الستارة ماذا صنعت السيدة عائشة في هذه الستارة ؟ قطّعتها واتخذت منها وسادتين ، أي نمرقتين فهنا يقول البعض بأن الصور كانت ظاهرة على الوسادتين اللتين اتخذتهما السيدة عائشة من الستارة التي هتكها الرسول عليه السلام فإن سُلّم بهذا التفسير، أي كان الصور ظاهرة على الوسادتين نقول هذا يمكن أن يكون قبل القصة الآتية التي فيها إنكار الرسول عليه السلام على السيدة عائشة شراءها النمرقة أو الوسادة وفيها الصور فكيف يمكن أن نجمع بين إقرار الرسول عليه السلام للوسادتين وعليهما الصور، وهذا التأويل الذي تأوله البعض وبين إنكار الرسول عليه السلام على السيدة عائشة حين اشترت النمرقة وعليها صور كما سترون ؟ فإن سُلّم بأن الصور كانت ظاهرة في الوسادتين، وهذا خلاف ما يقوله العلماء لأنها مقطّعة فنقول هذا كان كمرحلة من مراحل التدرج في التشريع، فحينما هتك الستارة أنكر تعليق الصور، فلمّا اتخذت من الستارة وسادتين وعليها صور جدلًا أقر ذلك مبدئيًا ثم في مرحلة أخرى أنكر أيضًا حتى الصور التي على الوسادة، وينتج من هذا أنه لا يجوز أن يكون في البيت صورة سواء كانت معلّقة، يعني محترمة أو كانت موطوءة يعني مهانة، لا فرق حينذاك، فكما تُمنع تلك المعلّقة تُمنع هذه الموطوءة بالأقدام
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب: وفي أخرى( أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية
قالت فقلت يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ماذا أذنبت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال هذه النمرقة فقلت اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ) رواه البخاري ومسلم
الشيخ : بدليل قصة عائشة الآتية " وهي أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلمّا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية، قالت فقلت يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ماذا أذنبت ؟ " فقال رسول الله عليه وسلم ( ما بال هذه النمرقة؟ ) فقلت " اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أصحاب هذه الصور ) أيضًا هنا اسم إشارة ينصب على الصور غير المجسمة، ( إن أصحاب هذه الصور يُعذّبون يوم القيامة فيقال لهم أحيوا ما خلقتم ) ... فإذًا لا نغتر ببعض كلمات نسمعها بعد ما سمعنا هذا الحديث، لا نغتر بمن يقول لا بأس إذا كانت الصورة على وسادة، أو إذا كانت الصورة على السجادة، لأنها ممتهنة غير محترمة لا، هذا حديث يُصرّح أن هذه الصورة التي هي على النمرقة ويمكن الاتكاء عليها، و ... طبعًا بهذا الاتكاء، هي من جملة الصور التي تمنع دخول الملائكة، إذًا البيت المسلم لا يجوز أن يكون فيه صور ظاهرة، هذا أقل ما يقال، مهما كانت هذه الصورة، فيجب أن نحرص كل الحرص أن نجنّب إظهار الصور في بيوتنا، لأن هذا الظهور يمنع دخول الملائكة، ومعنى هذا خطير جدًا، لأن العامة يقولون إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين وهذا شيء كأنه مستنبط من هذا الحديث، إذا كانت الملائكة لا تدخل البيت فمن يدخله إذًا؟ إذا خلا الجو لهؤلاء الشياطين يدخلون لهذا البيت، فهذه قضية متعاكسة تمامًا، إذا أنت اتخذت الوسائل الشرعية لاستجلاب ملائكة الله عز وجل إلى دارك فقد اتخذت سببًا قويًا جدًا في إبعاد الشياطين عن بيتك، والعكس بالعكس تمامًا، إذا أنت تساهلت فخالفت الشرع واتخذت الأسباب لعدم دخول الملائكة إلى بيتك فقد أفسحت المجال لدخول الشياطين إليهم هذه حقائق شرعية لا يمكن للإنسان أبدًا أن يعرفها لمجرد عقله، ومن هنا نعرف أهمية الشريعة وخاصة من السنة التي تشرح لنا أمورًا دقيقة تخفى حتى على المسلمين إلا الذين يستنيرون بنور النبوة والرسالة.
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب:عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه قال جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال له إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها فقال ادن مني فدنا ثم قال ادن مني فدنا حتى وضع يده على رأسه وقال أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فيعذبه في جهنم ).
قال ابن عباس فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له.
رواه البخاري ومسلم
وفي رواية للبخاري قال كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال يا ابن عباس إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول " من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا "فربا الرجل ربوة شديدة فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح.
ربا الإنسان إذا انتفخ غيظا أو كبرا.
الشيخ : الحديث الثالث يقول وعن سعيد بن أبي الحسن قال جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال إني رجلٌ أصور هذه الصور ... فيها. فقال له ادنُ مني فدنا ثم قال ادنُ مني فدنا حتى وضع يده على رأسه وقال أُنبئك بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كل مصوّر في النار يُجعل له بكل صورة صوّرها نفسًا فيعذبه في جهنم )، قال ابن عباس فإن كنت لابد فاعلًا فاصنع الشجر وما لا نفس له . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية للبخاري قال كنت عند ابن عباس إذا جاءه رجل فقال " يا ابن عباس إني رجلٌ إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير" فقال ابن عباس " لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول ( من صوّر صورة فإن الله معذّبه حتى ينفخ فيها الروح حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدًا ) ، فربى الرجل ربوة شديدة فقال ويحك إن إتيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيءٍ ليس فيه روح " يقول المصنف ربى الإنسان إذا انتفخ غيظًا أوكبرا ، يعني أن ذاك الرجل لمّا سمع ما رواه ابن عباس من الوعيد الشديد بالنسبة لمن يُصور تلك الصور مثل ذلك السائل غضب هذا السائل غضبًا شديدًا واغتاظ غيظًا كثيرًا بسبب ما سمعه من الوعيد الشديد، فأوجد له ابن عباس مخرجًا ومتنفسًا ، لأنه كما سمعتم قال إن معيشته من صنع تلك التصاوير والتماثيل فحينما بيّن له تحريم ذلك ربى تلك الربوة واغتاظ غيظًا شديدًا فقال له إن كنت ولابد صانعًا أي مصورًا فصوّر الشجر وكل شيء لا روح ولا نَفَس فيه، ومن هذا الحديث أخذ العلماء التفريق بين تصوير الحيوانات وبين تصوير الجمادات، فحرموا القسم الأول وأباحوا القسم الآخر .
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب:وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون".رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة وليخلقوا حبة وليخلقوا شعيرة ).
رواه البخاري ومسلم.
وعن حيان بن حصين قال قال لي علي رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته
رواه مسلم وأبو داود والترمذي
وعن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة
رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه
وفي رواية لمسلم لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل
الشيخ : الحديث الرابع وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون )، رواه البخاري ومسلم . الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( قال الله تعالى ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة، وليخلقوا حبة، وليخلقوا شعيرة ) رواه البخاري ومسلم . وعن حيان بن حصين قال قال لي علي رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته " رواه مسلم وأبو داود والترمذي . الحديث السابع عن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة ) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، وفي رواية لمسلم ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلبٌ ولا تماثيل ) ، الفرق بين رواية مسلم ورواية الشيخين هو في لفظ صورة و تماثيل وقد ذكرنا في الدرس الماضي ما نستطيع أن نفهم من أن الخلاف بين الراويتين، بين رواية (صورة) ورواية (تماثيل) إنما هو خلاف لفظي، لأن كل صورة لغة هي تمثال، وكل تمثال هي صورة خلاف ما هو شائع اليوم في العرف الحاضر أن التمثال خاص بالصور المجسمة، فهذه تماثيل، هكذا جرى العرف في تخصيص التمثال في الصورة المجسمة، أما في اللغة فلا فرق بين التمثال وبين الصورة، فسواء كانت الصورة مجسمة أو غير مجسمة هي صورة وهي تمثال، لا فرق بين اللفظين مطلقًا. على رواية الشيخين ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب أو صورة ) لا تختلف عن رواية مسلم التي فيها ( كلبٌ أو تماثيل ) .
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب:وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل صلى الله عليه وسلم أن يأتيه فراث عليه حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فلقيه جبريل صلى الله عليه وسلم فشكا إليه فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ).
رواه البخاري.
الشيخ : وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال " واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل صلى الله عليه وسلم أن يأتيه فراث عليه -أي تأخر عنه- حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فلقيه جبريل فشكا إليه فقال إنا لا ندخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة " رواه البخاري ( راثَ ) بالثاء المثلّثة غير مهموز، يعني مش رأث وإنما راث أي أبطأ فيه فائدة مهمة يُبين لنا سبب قول الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب ) قال ذلك تلقيًا عن جبريل.بما لا ... أنه كان على وعدٍ مع الرسول عليه الصلاة والسلام فراث عنه، أي تأخر وأبطأ عنه . وفي بعض الروايات أن الرسول عليه الصلاة والسلام ظهر على وجهه الكرب والحزن والاضطراب فسأله بعض نسائه فقال ( إن جبريل عادني ) أي تأخر عنه ثم سرعان ما ظهر جبريل خارج البيت، خارج الغرفة فسارع الرسول عليه الصلاة والسلام إليه فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام " إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتًا فيه كلبٌ أو صورة " فالصورة التي كانت في البيت لم تكن صنمًا، وبالمعنى الاصطلاحي اليوم تمثالًا وإنما كان صورة على ستارة. كما سيأتي في بعض الروايات ففي ذلك دليلٌ واضح . فدلالة حديث عائشة السابق ... أن التحذير من تصوير الصور وبيان ما في هذا الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة فإنما يعني في هذا الحديث وسواه الصورة ولو كان لها ظل أو صورة مصورة على الثياب وعلى الورق فلا يُقصد فيها كما يتوهم بعض العصريين، طبعًا بعض المتقدمين ممن لم يحيطوا بالأحاديث الواردة في الباب، ولم يحيطوا السابقين، أما المعاصرين اليوم فهم يعلمون مثل هذه الأحاديث ولكنهم يدورون حولها ويحتالون عليها بشتى الحيل والتآويل كما سيأتي ذكر بعض ذلك . فإذًا هذه الصورة التي تمنع دخول الملائكة هي صورة ليس لها ظل وليست مجسّمة، وإنما هي مصوّرة على الستارة، وكذلك في حديث عائشة السابق في الدرس الماضي كما قلنا ( إن الذين يصورون هذه الصور يُعذّبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتكم ) أو كما قال عليه السلام وأشار إلى الصورة التي كانت على الستارة، ولم يأتِ معنا في كل هذه الأحاديث حديث في الصور المجسّمة، لم يأتِ حتى الآن في كل هذه الأحاديث حديث و لو واحد في التصريح بأن هذا الوعيد الذي أوعد به الرسول عليه السلام المصورين والذين يقتنون هذه الصور إنما هي الصور المجسّمة، لم يأتِ معنا حديث مصرح في ذلك، وإنما هناك حديث علي رضي الله عنه حيث قال ( ألا تدع صورة إلا طمستها )، ومع ذلك فهذا كسوابقه من الأحديث ليس صريحًا، لأن هذه الصور هي مجسّمة، بل لعل لفظة ( طمستها ) فيها إشارة إلى أن الصورة ليست مجسّمة لأن الطمس في الصور التي كُتبت أو صوِّرت بالدهان أو التفريغ مثلًا إذا طمست بشيءٍ من الألوان أو الدهان مثلًا أقرب إلى تكسير الصنم إذا كان مجسمًا ففي هذا كله عبرة في انحراف الذين يحملون هذه الصور التي جاءت هذه الأحاديث في النهي عنها على الصور المجسمة ولم يأتِ ذِكر التجسيم أو معناه في شيء من هذه الأحاديث .
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب:وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( أتاني جبريل عليه
السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فيقطع فيجعل وسادتين منبوذتين توطآن ومر بالكلب فليخرج)
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح وتأتي أحاديث من هذا النوع في اقتناء الكلب إن شاء الله تعالى.
الشيخ : الحديث التاسع حديث ضعيف، والحديث الذي بعده وهو العاشر حديث صحيح، وفيه تفصيل للحديث السابق حديث جبريل وهو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل وكان في البيت قرام سترٍ فيه تماثيل ) لاحظوا التعبير، قال جبريل ( فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل ) أي تبادر إلى أذهان الناس اليوم من لفظة تماثيل أصنام وليس كذلك، بدليل قوله فيما بعد ( وكان في البيت قِرام ستر فيه تماثيل ) ، ستر فيه تماثيل يعني أصنام ؟ لا، وإنما المقصود صور سواء في الصور التي على الباب أو الصور التي على الستارة، ( وكان في البيت كلبٌ ) هذا من تمام كلام جبريل، يقول للرسول عليه الصلاة والسلام مبينًا سبب تأخره عن المجيء في الوعد الذي قد كان ضربه للرسول عليه الصلاة والسلام فيقول جبريل صلوات الله وسلامه عليه ( وكان في كلبٌ فأمر برأس التمثال الذي في البيت يُقطع فيصير كهيئة الشجرة، وأمر بالستر فليقطع فيُجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن وأمر بالكلب فيلخرج ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي حديثٌ حسنٌ صحيح . وتأتي الأحاديث من هذا النوع في اقتناء الكلب إن شاء الله تعالى، أي في باب أو فصل الترهيبمن اقتناء الكلب تأتي أحاديث فيها أيضًا النهي عن التصوير .
شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب: وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وبالمصورين ).
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب، عنق بضم العين والنون أي طائفة لجانب من النار.
الشيخ : الحديث الحادي عشر وهو الأخير في هذا الفصل عن أبي هريرة أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يخرج عنقٌ من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما، وأذنان يسمعان، ولسان ينطق به يقول إني وكلت بثلاثة بمن جعل مع الله إلهًا آخر، وبكل جبار عنيد، وبالمصورين ) هذا العنق عبارة عن لهب من النار ، يخرج من النار جانب منها فيه عينان يبصر بهما وأذنان يسمع بهما ولسان ينطق به ) يقول إني وكلت ... أي بتعريفهم ... بمن جعل مع الله. إلهًا آخر، ( وبكل جبار عنيد وللمصورين ) رواه الترمذي وقال حديثٌ حسنٌ صحيح غريب. يُفسّر غريب الحديث فيقول عُنُق بضم العين والنون أي طائفة بجانب من النار هذا الحديث الأخير فيه غرابة من حيث ما تضمّن من خبرٍ من أخبار الغيب التي يجب الإيمان بها وهي أن الله عز وجل بقدرته يُخرج من نار جهنم طرفًا منها يتمثل في صورة رأس له عينان له أذنان له لسان ينطق به فيتكلم ويقول بأنه وكّل بتعذيب ثلاثة ، بمن اتخذ مع الله إلهًا آخر، وبكل متكبر جبار عنيد، وبالمصورين. هذا الحديث وهو الحديث العاشر من أحاديث الباب قرأتها كلها عليكم إلا الحديث التاسع ففي سنده ضعف، وكل الأحاديث التي قرأناها تغني في الباب عنه، وهي كما قلنا لفظة التصوير، المصورين مطلقًا فهي من حيث إطلاقها تشمل الصور المجسّمة وغير المجسمة، ومن حيث النظر إلى سبب ورود بعضها يدل على أن الرسول عليه السلام إنما قالها بمناسبة الصور غير المجسمة ولذلك فالذي يحمل هذه الأحاديث على الصور المجسمة والتي لها ظِل ولا يُدخل فيها الصور المصورة على الثياب وعلى الستائر والجدران وعلى الورق اليوم فإنما هو أحد رجلين، إما أنه لم يطّلع على هذه الأحاديث ولاسيما البيان أن الرسول عليه السلام قصد بها مباشرة الصور التي لا ظل لها، وهذا النوع إنما يتصور بالنسبة لبعض العلماء المتقدمين الذين لم يكونوا في زمنهم قد جُمعت فيه سنة، أما النوع الآخر فهم الذين اطّلعوا على هذه الأحاديث بعد تدوينها و تيسير الاطلاع عليها وهم المعاصرون اليوم فإنما هم يتأولون هذه الأحاديث بتآويل باطلة يدل على بطلانها، وهذه التآويل يدل على بطلانها أمران اثنان معًا ، الأمر الأول : عموم وإطلاق الأحاديث كما سمعتم في بعضها ( كل مصور في النار )، فالذي يقول لا، ليس كل مصور في النار وإنما المقصود بالمصورين هنا الذين ينحتون الأصنام فإنما يعارض هذه الكلية الصريحة في حديث الرسول عليه السلام ومعنى هذه الكلية ( من صوّر صورة )، فمن أيضًا من ألفاظ الشمول، أي بمعنى كل مصور في النار هذا وجه والوجه الثاني وهو أوضح كما ذكرنا وقررنا أن الرسول عليه السلام ذكر هذه الأحاديث التي سمعتموها في الباب بالنسبة للصور التي صورت على الستائر ولم تُنحت نحتًا من الحجارة كما كان عليه الكفار في زمن الجاهلية فتأويل هذه الأحاديث إذن إنما هي صورة مجسمة ردا لهذه الأحاديث فنخشى أن يدخل من يتأولها بهذا التأويل الباطل بعد أن يتبين له هذا البطلان في عموم قول الله تبارك وتعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا )) ، فإذا كان الرسول يقول ( كل مصور في النار )، ( من صوّر صورة كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وما هو بنافخ ) أو وهو ليس بنافخ ويقول ذلك ونحوه بمناسبة الصور التي لا ظل لها فكيف يقول مسلم مؤمن بالله ورسوله أن الصور المحرّمة في هذه الأحاديث إنما هي التي لها ظل أي الصور المجسمة إذًا نقطع بأن الصور المحرّمة هي على العموم و الشمول تشمل ما لها ظل وما لا ظل لها، تشمل المجسمة والغير مجسمة ومن الانحرافات والاحتيال على أحكام الله عز وجل في شريعته بعد الرد لمثل هذه النصوص التي تدل على أن الصور المحرمة هي أيضًا الصور غير المجسمة مع ذلك فقد احتال بعض الكتاب في العصر الحاضر حيلة أظن أنه سبق بها اليهود، أقولها صريحة وستقولونها معي حين تسمعون ماذا صنع وماذا فعل .جاء في حديث أبي هريرة الذي فصل لنا امتناع جبريل عليه السلام من الدخول إلى بيت الرسول مع أنه كان على وعد معه فذكر له أن هناك تماثيل ، أي صور على الباب وعلى الستارة فأمر بتغيير الصور التي على الستارة حتى تصير كهيئة الشجرة ، ومعنى ذلك أن هذه الستارة مطرزة وفيها تماثيل، أي صور الخيل ذوات الأجنحة كما في بعض الروايات فحين أمر جبريل عليه الصلاة والسلام بتغيير هذه الصورة حتى تصير كعرف الشجرة معنى ذلك إضافة قيود جديدة على هذه الصورة حتى يُقضى على معالم الصورة السابقة وتظهر أنها تمثل صورة شجرة. فأخذ العلماء من هذا الحديث أن الصورة إذا غيرت خرجت عن التحريم وصارت مباحة ولكن مع الأسف الشديد لم يقفوا على أو عند هذا التغيير الذي حدده جبريل للرسول عليهما الصلاة والسلام أي لم يقفوا عند هذا التغيير الكلي، هذا الذي به تنطمس معالم الصورة السابقة وتظهر بعد ذلك صورة أخرى كهيئة الشجرة المباحة، لم يقفوا عند هذا التغيير الشامل فقالوا مثلًا لو تغيرت الصورة، صورة على الورق مثلًا فخطّ خطًا على العنق. زعموا بأن هذه الصورة تغيّرت هيئتها، لماذا ؟ زعموا أنه أصبح رأسه منفصلًا عن الجسد ولو إيش الفائدة من هذه الصورة فإن هذه الصورة تغيّرت فصارت مباحة، وتسلسلت تغيير التغيير لو صح هذا التعبير، التغيير المطلق الشامل الذي ذكره الرسول عليه السلام عن جبريل هذا ضيّقوا دائرته فقالوا كما سمعتم في التغيير الأول أنه يخط خط على العنق فبقيت الصورة كما هي وهي صورة جائزة لأنها تغيرت، فهذا تغيير رقم واحد للتغيير الكلي الذي أمر به جبريل عليه السلام في الحديث السابق، ثم هذا التغيير ما قنعوا به فانتقلوا إلى مرحلة أخرى قالوا إذا كانت الصورة نصفية فهذا بلاء عم وطم فهذه صورة جائزة لأنه لا يعيش الإنسان نصفه إلا أن يكون معه المصارين والبطن وما إلى ذلك، هذه صورة مغيّرة ، ونحن نعلم جميعًا أن العبرة بكل شيءٍ وبصورة خاصة في الإنسان إنما هو رأسه فإذا بقي الرأس وذهب الرجلان مثلًا فلم يُقضى على الصورة وعلى أثرها في المجتمع الذي يخشاه الشارع الحكيم و لو في المستقبل البعيد ، ومن أجل ذلك فسبب من أسباب حكمة تحريم الصور حرّم الصور حتى لا تُعبد من دون الله عز وجل ولو في المستقبل البعيد .
بيان خطأ الكاتب الذي ذكر أن تحريم الصور خاص بالمجسمة دون غيرها.
الشيخ : هذا التغيير الثاني جاء الكاتب المشار إليه وهو من علماء الأزهر فجاء بتغييرٍ فيه العجب العجاب وهو الذي عنيته بقولي سبق في هذا الاحتيال اليهود، كتب مقالا منذ القديم حينما كانت تظهر مجلة الأزهر تحت عنوان نور الإسلام فكتب فيه مقالًا ذكر مذاهب حول الصورة المحرّمة ، وهذا مذهبان ، مذهب تحريم الصور عامة كما هو دلالة تعريف سابقة، والمذهب الثاني ويروى عن الإمام مالك أن الصور المحرّمة إنما هي ألوان مجسمة فهذا الرجل الكاتب المشار إليه دون أن يلتفت إلى هذه الأحاديث وأن يتفقه فيها تبنى مذهب مالك وهو مخالف بلا شك لهذه الأحاديث، هذا المذهب الذي يقول الصور المجسمة هي فقط المحرّمة، تبنى هذا المذهب ذلك الكاتب لغاية في نفسه، ثم توصل من بعد هذه الخطوة الأولى التي انحرف فيها عن الأحاديث السابقة إلى أسس أخرى خطيرة جدًا قضى بها على كل المذاهب حتى على مذهب مالك، فإنه لفق من مذهب مالك الذي يُحرّم أيضًا الصور المجسمة مع جماهير العلماء، ومن قول العلماء بأن الصورة إذا تغيّرت هيئتها كانت حلالًا ، لفّق من مجموع القولين المسألة الآتية فقال بناءًا على ذلك إذا نحت الفنان هكذا يقول الفنان صنمًا فلكي يتخلص من التحريم حفر حفيرة في أم رأسه حتى يصل إلى الدماغ وهو في هذه الحالة أي هذا الصنم الدماغ وهو في هذه الحالة أي هذا الصنم يمثل إنسانًا لا يعيش، لأنه لا يسمى إنسان وفيه حفرة تصير إلى دماغه قال لكن هذا عيبٌ في التمثال من الناحية الفنية فيعلم الفنانين ما شاء الله فيقول يوضع شعرًا مستعارًا على رأس الصنم فيظهر الصنم من الناحية الفنية في أتم صورة وأجملها وبذلك يتخلص هذا الممثل النحات من أن يخالف أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، فهل علمتم في اليهود من احتال على حرمات الله كمثل هذا الرجل الأزهري ؟ هذا مصداق قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه ) هذا احتيال مما أصيب به بعض العلماء في العصر الحاضر، ولا شك أن الذين يقرؤون مقال ذلك الفاسد وهم من جماهير الناس ممن لا يعلمون بهذه الأحاديث ولا فقهها يتورطون ببيانه وينطلقون في النحت والتصوير ويحتالون على ذلك بمثل تلك الحيلة التي تعلمها تلميذ بل شيخ إبليس هذا تحريفه . ومن هذا النوع وهو بلاء أكبر وإن كان دون السابق في الاحتيال، التفريق بين الصور اليدوية والصور الفوتوغرافية، أو التفريق بين الصور التي تصور بالقلم أو الريشة وبين الصور التي تُصور بالآلة المصورة. هذا التفريق قلما ينجو منه عالم في العصر الحاضر، ذلك لعموم ابتلاء الناس بهذه الآلة وصورها فيقولون: هؤلاء الذين يفرقون بين الآلة المصورة ويجيزون التصوير بها وبين التصوير بالريشة..وعجيب ما يقولون: إن هذه الآلة أولًا لم تكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فهي إذًا متعاطيها، والمصور بها لا يدخل في عموم الأحاديث السابقة ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: ( كل مصور في النار ). إذًا هذا المصور بالآلة لا يدخل في عموم الحديث، لماذا؟ زعموا لأن الآلة ولأن المصور بها لم يكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام. لا يكاد ينقضي عجبي عن مثل هذا الكلام وهو يصدر من العلماء، المفروض في هؤلاء العلماء أنهم يتذكرون دائمًا وأبدًا أن ما يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام من الأحاديث ليست من عنده اجتهادًا برأيه وإنما هو كما قال ربنا تبارك وتعالى: (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ))، فحينما قال الرسول -عليه السلام-: ( كل مصور في النار ) يجب أن يستحضر المسلمون عامة فضلًا عن العلماء خاصتهم يجب أن يستحضروا أن هذا الكلام ليس من عنده، ( كل مصور في النار )، وإنما تلقاه من وحي السماء، من ربه تبارك وتعالى، .إنما.صاغه بلفظه أما المعنى فهو من عند الله عز وجل فكأن الله هو الذي يقول: ( كل مصور في النار )، لأن الرسول لا يشرّع للناس من عند نفسه. ويؤكد لكم ذلك حديث أو أحد أحاديث أبي هريرة المتقدمة الذي روى عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة فليخلقوا حبة فليخلقوا شعيرة ). إذًا هذا كلام الله، وقد جاء في سند رواية أبي هريرة في هذا الحديث أنه مر بمصور يصور صورًا في قصرٍ لأحد بني أمية، يصور صورة على الجدران فروى له هذا الحديث. فتلك الصور أيضًا..ولو أننا
بيان أنه لا فرق في التحريم بين الصور الفوتوغرافية والصور التي ترسم باليد المجردة.
الشيخ : ومن هذا النوع وهو بلاء أكبر وإن كان دون السابق في الاحتيال ، التفريق بين الصور اليدوية والصور الفوتوغرافية، أو التفريق بين الصور التي تصور بالقلم أو الريشة وبين الصور التي تُصور بالآلة المصورة ، هذا التفريق قلما ينجو منه عالم في العصر الحاضر، ذلك لعموم ابتلاء الناس بهذه الآلة و صورها فيقولون هؤلاء الذين يفرقون بين الآلة المصورة ويجيزون التصوير بها وبين التصوير بالريشة ... وعجيب ما يقولون إن هذه الآلة أولًا لم تكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فهي إذًا متعاطيها، والمصور بها لا يدخل في عموم الأحاديث السابقة ومنها قوله عليه الصلاة والسلام ( كل مصور في النار ) إذًا هذا المصور بالآلة لا يدخل في عموم الحديث، لماذا ؟ زعموا لأن الآلة ولأن المصور بها لم يكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، لا يكاد ينقضي عجبي من مثل هذا الكلام وهو يصدر من العلماء، المفروض في هؤلاء العلماء أنهم يتذكرون دائمًا وأبدًا أن ما يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام من الأحاديث ليست من عنده اجتهادًا برأيه وإنما هو كما قال ربنا تبارك وتعالى (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) ، فحينما قال الرسول عليه السلام ( كل مصور في النار ) يجب أن يستحضر المسلمون عامة فضلًا عن العلماء خاصتهم يجب أن يستحضروا أن هذا الكلام ليس من عنده ، ( كل مصور في النار )، وإنما تلقاه من وحي السماء، من ربه تبارك وتعالى، إنما صاغه بلفظه أما المعنى فهو من عند الله عز وجل فكأن الله هو الذي يقول ( كل مصور في النار )، لأن الرسول لا يشرّع للناس من عند نفسه ويؤكد لكم ذلك حديث أو أحد أحاديث أبي هريرة المتقدمة الذي روى عن ربه تبارك وتعالى أنه قال ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة فليخلقوا حبة فليخلقوا شعيرة ) إذًا هذا كلام الله، وقد جاء في سند رواية أبي هريرة في هذا الحديث أنه مر بمصور يصور صورًا في قصرٍ لأحد بني أمية، يصور صورة على الجدران فروى له هذا الحديث فتلك الصور أيضًا ... ولو أننا نتصور أنها نافعة وبارزة ولكن ليست بتعبير الفقهاء مجسمة لها ظل إذًا فالرسول عليه السلام حينما قال ( كل مصور في النار ) إنما تلقى هذا المعنى من عند الله عز وجل، وقد صرّح في بعض الأحاديث أن الله هو الذي ينكر على المصورين تصويرهم ويوبخهم،من الذي يتجرؤ فيضاهي لله عز وجل فيذهب ويصور كتصوير الله عز وجل كما قال تعالى (( فتبارك الله أحسن الخالقين )) إذًا حينما قال عليه الصلاة والسلام ( كل مصور في النار ) هذا من وحي السماء فهل غريبٌ على وحي السماء أي على الله عز وجل أن ينزّل على النبي صلى الله عليه وسلم حكمًا عامًا يشمل جزئيات لم تأتِ به إذا استحضرنا هذه الحقيقة لا غرابة أن الرسول عليه السلام حين قال ( كل مصور في النار ) يعني أيضًا المصورين الذين لم يكونوا في عهده عليه الصلاة والسلام لأن الله هو الذي ألهمه أن يقول هذه الكلمة العامة الشاملة حتى المصورين بالآية الفوتوغرافية .
الشيخ : وأذكر جيدًا أنه جرى بيني وبين بعض الدعاة الإسلاميين الذين مع الأسف ليس عنده معرفة بالسنة حول هذه المسألة، فذهب إلى أن هذه الصور التي جاء تحريمها في الأحاديث إنما يقصد بها الصور اليدوية وحجته بأن هذه الآلة لم تكن و هؤلاء المصورون بها لم يكونوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فذكّرته أولًا بهذه الحقيقة التي شرحتها لكم أن الرسول عليه السلام يتكلم عن الله حتى عن المغيبات، وهذا من سبل الإسلام، نحن في كثير من المحاضرات ندندن ونطنطن بعظمة الإسلام وأنه صالح لكل زمان و مكان ونلقنه العامة، ثم نتجاهل هذه الحقيقة في مثل هذه النصوص العامة ( كل مصور في النار ) هذا كما نقول ( كل بدعة ضلالة ) وهم يقولون لا ليس كل بدعة ضلالة، لذلك ( كل مصور في النار ) لا ليس كل مصور في النار ، ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) لا ليس كل مسكر خمر وليس كل خمرٍ حرام هذا ضرب في صدر هذه الأحاديث وهذا ما يفعله مؤمن يؤمن بالله ورسوله فقلت لهذا الداعي المشار إليه إذا كنت تحتج بأن هذه الآلة لم تكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولذلك فلا تشملها الأحاديث إذًا أنت يلزمك بأن هذه الأصنام التي تُنتج الآن بالآلاف، فنحن لا نشك فيها بالآلاف لكننا نتخيل مثل ما بيقولوا تأتي الذبيحة تُذبح من هنا وتخرج ما أدري بعد كذا متر معلّبة مدّخرة في العلبة كذلك هذه المعالم الضخمة يُؤتى فيها الشيء.الجامد من مثل مادة ... يميع ثم يخرج هناك أصنام جاهزة للتعاطي فهذه الأصنام تماثيل مجسمة بلا شك ومن قائل يقول أيضًا على لسان ذلك القائل وما أكثرهم إذًا هذه الأصنام التي تُصنع بالآلاف ليست أصنامًا وليست محرمة وإن كان ظاهر قوله ( كل مصور في النار )( ومن صور صورة ... ) إلى آخره يشمل هذا النوع، لكن هذا النوع لم يكن في عهد الرسول -عليه السلام- فهل تقول هذا ؟ والله قليل ما نجد من يُنصف، وكان هذا من هذا القليل، أنصف، قال لا هذه أصنام قلت له وهذه صور، فأين الفرق ؟ هذه أصنام لكن الآن اختلفت وهذه صور الآن اختلفت فهي داخلة في عموم قوله عليه الصلاة والسلام السابق الذكر في عديد من الأحاديث .
الشيخ : فيه هنا شيء لابد من التنبيه عليه إننا على الرغم من وجود هذه النصوص العامة التي لا تفرق بين مصور و مصور وبين صورة و صورة فالتفريق بين المصور اليدوي و المصور الآلي هذا التفريق إنما يليق بمذهب أهل الظاهر الذين يجمدون على بعض الألفاظ ولا يلحقون بها معانٍ أو مسائل أخرى لا تشمل الألفاظ وإنما تشملها معانيها، أهل الظاهر معروف عنهم الجمود على الألفاظ وكثيرًا ما ضربت لكم أكثر من مثل واحد فأقتصر الآن على مثال واحد لتوضيح من لم يتضح مذهب أهل الظاهر فهناك مثلًا حديث في الصحيحين ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد ) واضح أن المقصود من هذا النهي هو المحافظة على نقاوة الماء وعلى سجيته وطبيعته وأن لا يُعرّض للتلوث بالنجاسة سواء قلت أو كثرت لأنه قد يتنجس فعلًا هكذا فهم هذا الحديث جماهير العلماء ، أما أهل الظاهر فقالوا المنهي عنه البول في الماء الراكد مباشرة أما هم مثلا كما هو يقول، فلو أنه بال في إناءٍ ثم أراق هذا البول من الإناء في الماء الراكد جاز ، من الذي يقول بهذا المنطق ؟ أهل الظاهر الذين يقفون عند ظاهر اللفظ، وهذا اللفظ ما أعني البول في الماء الراكد، فالذي بال في إناء ليس فيه ماء، هذا يقال لغة بال في الماء الراكد ؟ لا، هذا بال في إناء فجمد على هذا اللفظ لكن لو تأمل إلى مقصد الشارع من هذا النهي لعلم أن المقصود المحافظة على نقاوة الماء إذًا هذه المحافظة، أو هذه الغاية التي رمى إليها الشارع بهذا النهي يجب المحافظة عليها ، والمحافة عليها يوجب علينا ألا ننظر إلى الوسيلة ولا نقف عند اللفظ الظاهر فسواء بال في الإناء في الماء الراكد مباشرة أو بال مثلًا في أنبوب طال أو قصر ، ثم وصل هذا الأنبوب بما فيه من نجاسة إلى الماء الراكد ما الفرق بين هذا وهذا ؟ هذا مثال وأنا لا أريد أن أطيل الآن فقد انتهى الوقت ، الذين يقولون هذه الصورة التي يصورها المصور بيده حرامٌ، أما إذا صورها بالآلة حلال هذا ابن حزم الظاهري يستحيل أن يقوله، فلذلك قلت لبعض المتورطين في مثل هذا الجمود في مسألة التصوير قلت من باب التمثيل زعموا بأن شيخًا من هؤلاء الذين يفرقون بين التصوير اليدوي فهو حرام وبين التصوير الآلي فهو حلال ، زعموا أن شيخًا من هؤلاء زار تلميذًا نابغًا من تلامذته في بيته فرأى هذا التلميذ قد وضع صورة الشيخ في صدر المكان فوعظه وأنكر عليه وقال أنا ... مرارا وتكرارا أن اقتناء الصور حرام وأنها تمنع دخول الملائكة فما بالك أنت وضعت صورتي ؟ قال له يا فضيلة الشيخ هذه الصورة فوتوغرافية وهذه ليست صورة يدوية ونحن فهمنا منك الفرق بين الصورة اليدوية فهي حرام ونحن اجتنبنا عنها وبين الصورة الفوتوغرافية فهي حلال فهذه صورة فوتوغرافية، فربت الشيخ على كتف التلميذ وقال له بارك الله فيك لقد فقهت وفهمت هذا فقه ! فلو أن إنسانًا جاء إلى الصورة الأولى، هذه الصورة اليدوية التي حرمها ... .