بيان أهمية التوحيد في عقيدة المسلم مع بيان ثمرة من وحد الله تبارك و تعالى .
وهذا بلا شك أمرٌ عظيمٌ جدًا امتنّ الله تبارك وتعالى علينا حيث إنه من المعلوم أن التوحيد هو أس الإيمان وأصله، وأن أيّ شيءٍ من الإيمان و العمل الصالح لا يفيد صاحبه شيئًا إذا ما أخل بالتوحيد، وذلك معنى قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المشهور : ( من قال لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه حرم الله بدنه على النار )، رواه البخاري وغيره ، حرم الله بدنه على النار له تأويلان وتفسيران :
أحدهما : حرم الله بدنه على النار مطلقًا بحيث أنه لا تمسه النار بسوء، وبحيث أنه يدخل في الاستثناء المذكور في وقوله تبارك وتعالى الآية المعروفة والتي تقول : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ )) - هنا الاستثناء - (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ))، فهذا قسمٌ من الله تبارك وتعالى أن ما من أحدٍ من الإنس والجن المكلفين إلا وهو ورادٌ للنار والورود هنا في أصح أقوال المفسرين هو الدخول، أي لابد لكل نفسٍ مكلفةٍ أن تدخل النار دخولًا حقيقًا، لكن هنا يختلف الصالح من الطالح، هذا الدخول قد يقترن به النجاة كما قال : (( ثُمَّ نُنَجِّي ))، وقد يقترن به العذاب كما أتمّ تبارك وتعالى الآية بقوله : (( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ))، فإذًا حرم الله بدنه على النار له تأويلان وتفسيران :
الأول : أنه لا يدخل النار دخول عذاب مطلقًا، وهذا بلا شك لمن قام بحق هذه الكلمة الطبية لا إله إلا الله.
الثاني : أنه لا يدخلها بحيث يمكث فيها مكثًا أبديًا لأنه يحول بينه وبين هذا المكث الأبدي في النار شهادته لا إله إلا الله، وبهذا أشار عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح والذي رواه البزار وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قال لا إله إلا الله نفعته يومًا من دهره )، نفعته يومًا من دهره أي أنه إذا دخل النار وتعذب فيها ما شاء الله له من العذاب بما اكتسبت يداه فلابد من أن يخرج يومًا ما من النار هذا معنى قوله عليه السلام : ( من قال لا إله إلا الله نفعته يومًا من دهره )، فإذًا شهادة التوحيد هذه حينما يمتنّ الله عزّ وجل على بعض عباده بأن يؤمنوا بها فهمًا واعتقادًا فهذه أكبر نعمة لأن نتيجتها أنه إما لا يدخل النار مطلقًا وهذا إذا قام بحقها كما ذكرنا آنفًا، وإما أنه لو دخلها فهو لا يخلد فيها مع الخالدين هذه نعمة كبيرة جدًا .
بيان الواجب على العباد اليوم وهو السعي في النجاة من عذاب الله . وبيان أنه لا ينبغي الاغترار بقول لا إله إ لا الله .
أحدهما : أن هذه الشهادة تنجي صاحبها أو تنجي على الأقل قائلها من عذاب الدنيا أي من القتل ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ... )، إلى آخر الحديث، فقد يقول هذه الكلمة الطيبة بعض الناس ليس عن قلب وإخلاص وإنما من أجل الانفكاك والخلاص مما قد يلحقهم من ضريبة مثلاً في لغة العصر الحاضر وهي الجزية في لغة الشرع الحكيم، فللخلاص من ذلك يقول القائل : لا إله إلا الله فتجري عليه الأحكام الإسلامية الظاهرة، أشار عليه السلام إلى هذه الحقيقة بقوله ( وحسابهم عند الله )، أي من قاله بلسانه ولمّا يدخل الإيمان في قلبه فهذا نجّى نفسه كما ذكرنا من الجزية ونحوها و عومل معاملة المسلمين لكن حسابه عند الله بوم القيامة، أما من كان يريد النجاة أيضًا في الآخرة وليس في الدنيا فحسب عليه أن يقوم بحقها وحقها كما تعلمون القيام بأحكام الشريعة كلها وبخاصةٍ منها الأركان الخمسة، والذي يهمنا هنا هو لفت النظر إلى أحكام الشريعة كلها، لأننا بالنظر إلى كوننا بشرًا فقد يداخلنا نحن أعني نحن السلفيين قد يداخلنا شيءٌ من العجب والغرور والتواكل على التوحيد الذي ينجو به المسلم كما ذكرنا آنفًا فنعمل ما شئنا من الأعمال التي لا ترضي ربنا عزّ وجل متواكلين على قوله عليه السلام : ( من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة )، غير ذاكرين أن هذا الدخول له أيضًا تأويلان كما أن النجاة من النار له ذلك التأويل، من قال : ( لا إله إلا الله دخل الجنة ) أي دخل الجنة دون أن يرى النار إلا مرورًا كما ذكرنا فهذا يلتقي مع التأويل الأول في تحريم الله بدن من قال لا إله إلا الله من النار.
التأويل الثاني دخل الجنة أي بعد أن يدخل النار ويأخذ استحقاقه منها بسبب ما اجترحت يداه. فإذًا لا ينبغي لنا أن نغتر لأننا عرفنا التوحيد وعرفنا العقيدة ثم نهمل القيام بحق لا إله إلا الله وهو العمل بالإسلام الذي جاء به عليه الصلاة والسلام .
2 - بيان الواجب على العباد اليوم وهو السعي في النجاة من عذاب الله . وبيان أنه لا ينبغي الاغترار بقول لا إله إ لا الله . أستمع حفظ
بيان بعض شروط لا إله إلا الله ومنها القيام بالأعمال الصالحة .
أما التسرع في نقل الأخبار وهي أخبار باطلة صريحة يكفي في ذلك موعظةً قول الله تبارك وتعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )) ، هذا مما أحببت التذكير به وإيجاب ذلك أن نعنى وأن نحمل أنفسنا على العمل الصالح وأن نجتنب النواهي كلها وبخاصةٍ منها أن نحذر أن نقع في الغيبة باسم النصيحة لأن هذا بابٌ يدخل الشيطان في قلوب كثيرٍ من الناس، وطالما سمعنا وعندنا أمثلة ونماذج كثيرة وكثيرة جدًا ولذلك فأنا أذكر نفسي وأذكركم بهذه الموعظة حتى نكون إن شاء الله مؤمنين حقًا بكلمة التوحيد قائمين بحقوقها وواجباتها إن شاء الله تبارك وتعالى .
هل المرور عل الصراط يحتاج إلى وقت كبير استدلالا بقوله تعالى : (( ثم ننجي الذين اتقوا... )) فإن الثاء تفيد الترتيب مع التراخي ؟
الشيخ : هذا مصرح في بعض النصوص أن ناس يمرون على الصراط كالبرق، وناس كالجواد المسرع وهكذا وناس على بطونهم وهذا المرور بلا شك يختلف من ناس إلى آخرين، لكن خذ المرور الأسرع هذا لا ينافي المرور ولا ينافي الحكمة التي ذكرها فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير أن من حكمة دخول المؤمنين الذين ينجيهم الإيمان من أن تمسهم النار بعذاب حكمة دخولهم أنهم يرون الذين كانوا يضحكون بهم ويستهزئون في الدنيا يرونهم يعذبون، فربنا عزّ وجل يشف صدور قومٍ مؤمنين بهذه الرؤية، يعني أشبه ما يكون الإنسان كما أقول أنا أحيانًا استحب الخروج بالسيارة تحت المطر الغزير فالمطر ينزل بكثرة وبغزارة حول السيارة ونحن لا نتأثر فيها فنرى هذا المنظر الإلهي الجميل، فكذلك المؤمنون يوم القيامة (( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )) ، فهذا المرور من حكمته ما ذكر آنفًا، فما ينافي أبدًا المرور على الصراط أنهم يمرون في النار، وهذا القول أصح لأنه أولًا هو الذي ينافي ما أشرت إليه من تمام الآية (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ))، لأنهم إذا كانوا لم يدخلوها فليس هنا للإنجاء معنى، هذا هو الظاهر أولًا ثم تأتي نصوص السّنة كما هي عادتها مع الكتاب فإنها توضح ما قد يحتاج للتوضيح من آيات الله عز وجل في كتابه، هناك في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومًا : ( لا يدخل النار أحدٌ من أهل بدرٍ وأصحاب الشجرة )، لا يدخل النار أحد من هؤلاء فسمعت الحديث زوجته حفصة رضي الله عنها فقالت كيف يا رسول الله وربنا يقول : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا )) ، شيء لابد منه، وقال عليه السلام لها : ( أتمي الآية )، (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) ، وواضح جدًا من هذا الحديث أمران اثنان :
الأمر الأول : أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفى دخول أهل بدر وأصحاب الشجرة الذين بايعوه تحت الشجرة، أن يدخلوا النار دخول عذاب كما ذكرنا آنفًا، ولكن حفصة أشكل عليها هذا النفي لأنه يتنافى مع عموم قوله تعالى : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا )) .
الأمر الثاني : الذي نستفيده من هذا الحديث : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر زوجته حفصة على فهمها للآية أنها تعني الدخول ، ولذلك وقع في نفسها تعارض بين ما تفهمه من الآية ولا أقول بين الآية وبين الحديث، وإنما وقع التعارض بينما فهمته من الآية وبين الحديث الذي سمعته من الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان الجواب من الرسول جوابًا سمحًا سهلا ( أتمي الآية )، (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ))، يعني أن أهل بدر وأهل الحديبية هم من هؤلاء المقصود بنجاتهم من أن تمسهم النار بعذاب، هذا حديث صريح في الموضوع يحول بيننا وبين تأويل الآية بتأويل أخرى غير التأويل الأول، ... الجواب لا الصراط هو في جهنم جسر في جهنم يمر فيه الناس، من التآويل الأخرى أنهم (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ))، يعني يمر حولها ولكلٍ دليله من حيث الاستدلال باللغة العربية للكل وجهة وما في مناقشة من الناحية العربية، وهنا تظهر أهمية السنة المحمدية، لأنها كما يقال اليوم تضع النقاط على الحروف فتعمل عملية تصفية، هذا التأويل لغةً صحيح لكن غير مراد هنا، هذا التأويل وهو الأول هو المراد هنا بأدلة من السنة ذكرتها آنفًا حديث حفصة رضي الله عنها ، من هذه الأحاديث ما أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثةٌ من الولد إلا لن تمسّه النار إلا تحلة القسم )، ( ما من مسلمين يموت لهما ) - أي زوجين مسلمين - ( ثلاثةٌ من الولد إلا لن تمسّه النار إلا تحلة القسم ) تحلة القسم هو هذا المرور في جهنم، لكن ما تؤذيه وهناك حديث أصرح من كل ما تقدم لكن لا يجوز لنا أن نذكره إلا مع بيان ضعفه، فمن حيث معناه يلتقي مع الحديثين السابقين لكن من حيث مبناه ومن حيث إسناده فإسناده ضعيف، يقول راوي الحديث وقد أنست اسمه الآن كنا في مجلس فذكرنا الآية السابقة (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ))، فاختلفا على الأقوال الثلاثة وانفض المجلس على خلاف، قال : فلقيت جابر بن عبد الله الأنصار فقصصت عليه الخلاف حول الآية فما كان منه إلا أن وضع أصبعيه في أذنيه قائلاً صًمّتَا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يبقى برٌ ولا فاجرٌ إلا ويدخلها ثم تكون على المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم )، حديث جميل لكن ماذا نعمل؟ العلم لا يساعدنا إلا أن نذكره مع بيان ضعفه غيره .
4 - هل المرور عل الصراط يحتاج إلى وقت كبير استدلالا بقوله تعالى : (( ثم ننجي الذين اتقوا... )) فإن الثاء تفيد الترتيب مع التراخي ؟ أستمع حفظ
يسأل عن صحة حديث : ( ضعوا سيوفكم على عواتقكم ثم أبيدوا خضراءكم ) ؟
الشيخ : هذا من أحاديث السيرة التي لا تصح .
يسأل عن حديث عبد الله بن أم مكتوم عندما دخل على الرسول صلى الله عليه وسلم وعنده نساء فقال : (....... لا تريان ) ؟
6 - يسأل عن حديث عبد الله بن أم مكتوم عندما دخل على الرسول صلى الله عليه وسلم وعنده نساء فقال : (....... لا تريان ) ؟ أستمع حفظ
قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بآية يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى : (( إن تعذبهم فإنهم عبادكم وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )) بها يركع و بها يسجد وبها يدعو ) .فما معنى يركع بها و يسجد بها أي هل يقرأها في الركوع والسجود ؟
الشيخ : نعم هو هذا المعنى وكما يقول علماء الأصول : لكل قاعدة شواذ وهذا من هذا، هذه مستثناة من النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، يعني حالة خاصة كان عليه السلام في تلك الليلة يركع بها ويسجد طبعًا وهذا بعد أن يأتي بالتسبيح المشروع والمعتاد والذي لابد منه .
السائل : يعني خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : أي نعم .
7 - قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بآية يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى : (( إن تعذبهم فإنهم عبادكم وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )) بها يركع و بها يسجد وبها يدعو ) .فما معنى يركع بها و يسجد بها أي هل يقرأها في الركوع والسجود ؟ أستمع حفظ
ما معنى الإهتزاز في قوله صلى الله عليه وسلم : ( اهتز عرش الرحمن من موت سعد) ؟
الشيخ : الاهتزاز لغةً معروف، ولمّا كان هذا الاهتزاز أولًا ليس له علاقة بالبشر حيث أن الاهتزاز المتعلق بالبشر معروفًا وإنما علاقته بعرش الرحمن تبارك وتعالى فيكون هذا من الأمور الغيبية التي لا يجوز لنا حسب منهجنا السّلفي أن نتوسع فيها وإن كان المعنى المقصود وليس المعنى اللفظي واضحٌ فرحًا بقدوم سعد رضي الله عنه إلى الرفيق الأعلى، أما هل هو الاهتزاز كناية فقط عن هذا المعنى أم هو شيءٌ حقيقي أيضًا يتناسب مع عرش الرحمن؟ هذا المعنى الثاني هو الذي يتجاوب مع القواعد العلمية الأصولية، وهناك كثير من الآيات تأتي على هذا الميزان كمثل آية (( ... وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ )) ، هل هذا حقيقة ولا مجاز؟ نحن نقول هذا كله حقيقة، لأن حقيقة كل شيء تتناسب مع كونه ومع طبيعته، ولذلك فلا يحسن بنا أن نتوسع في تفسير هذا اللفظ تفسيرًا لفظيًا بأن له علاقة بالأمور الغيبية نعم .
حديث : ( لا غيبة لفاسق )هل يصح ؟
الشيخ : هو من حيث المبنى أي الإسناد ضعيف لا يصح، لكن معناه يدل عليه بعض الأحاديث الصحيحة، كما جاء في صحيح البخاري من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أن رجلاً جاء يستأذن للدخول على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام : ( ائذنوا له بئس أخو العشيرة هو )، لا يخافكم أن قوله عليه السلام ( بئس أخو العشيرة )، هو غيبة لأننا علمنا من أول الكلمة التي ألقيناها ومن الحديث الذي طرق أسماعكم تكرارًا ومرارًا (ذكرك أخاك بما يكره)، فلما قال الرسول في ذلك المستأذن : ( بئس أخو العشيرة هو)، هو بلا شك غيبة لأنه هو يكره هذا الشيء، ولكن كما ألمحنا في كلمتنا السابقة ليست كل غيبةٍ محرمة، وقد جمعها بعض أهل العلم في بيتين جميلين من الشعر حيث قالوا:
" القدح ليس في غيبةٍ في ستةٍ *** متظلمٍ ومعرفٍ ومحذر
ومجاهر فسقًا ومستفهم ومن *** طلب الإعانة في إزالة منكر " .
الشاهد هذه الرجل كان رئيس قبيلة فالرسول عليه السلام وصفه لمن سمع كلامه بما فيه تعريفًا داخل ومعرفٍ ومحذر، قال: ( ائذنوا له بئس أخو العشيرة هو )، فلما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم هش له وبش، كانت السيدة عائشة رضي الله عنها الكيسة العاقلة العالمة تراقب الوضع، فلما خرج الرجل قالت يا رسول الله حينما استأذن في الدخول قلت: (بئس أخو العشيرة هو)، فلما دخل هششت له، قال: ( يا عائشة إن شر الناس عند الله تبارك وتعالى يوم القيامة من يتقيهم الناس مخافة شرهم )، هذا الرجل شرير فأنا قلت ما قلت فيه تعريفًا به، طبعًا السيدة عائشة والسيدة حفصة اطمأنت بهذه النتيجة الشرعية . السائل : أما إذا هش وبش له يكون مخافة الشر بس فقط، يعني يجوز لنا مثلاً أن نهش لإنسان صفته كما ورد في الحديث؟
الشيخ : إيه لكن فيه فرق إذا هششت وبششت وأفهمت الحاضرين خلاف ما تدل عليه البشاشة هنا خالفت السنة يعني يجب أن تكون مقرونة هذه البشاشة فيه لا يغرر بالحاضرين واضح .
السائل : نعم .
ما صحة حديث : ( يدان مغلولتان في النار يد امتدت إلى طعام وهي شبعانة ...) ؟
الشيخ : لا أعرف له أصلاً.
ما صحة حديث : ( الأبدال ) ؟
الشيخ : حديث الأبدال كثيرة وعديدة ومع الأسف فقد جمع الحافظ السيوطي فيها رسالة ولا يصح شيءٌ من هذه الأحاديث البتة، وهي تختلف ما بين ضعيف وضعيف جدًا وموضوع، وهي متناقضة أشد التناقض من حيث العدد والوصف، لكن هنا شيء فيه دقة ننلاحظ في أقوال أئمتنا من المحدثين والحفاظ منهم أنهم حينما يترجمون لبعض رواة الحديث يقولون في نهاية الترجمة وكان من الأبدال، فهذا يجعلنا نأخذ من مجموعة الأحاديث الواردة على تناقضها لكنها كلها تلتقي في إثبات لفظة البدل والأبدال فنستطيع أن نقول : هناك أبدال، لكن دون أن نضيف إلى ذلك أوصاف وأعداد بأنها لم تثبت في الأحاديث المشار إليها آنفًا تفضل .
ما المقصود بالأبدال ؟
الشيخ : يعني مثل ما يقول العامة الدنيا لا تخلو وهذا المعنى مأخوذ من حديثين من حديث صحيح وحديث ما له أصل، وحديث صحيح ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق )، الحديث اللّي ما له أصل: (الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة). فهذا لا أصل له .
لو قال أحد علماء الجرح و التعديل على أحد " هو من الأبدال" فبحثنا فلم نجد له ترجمة فهل يستأنس بقول هذا القائل أنه من الإبدال ؟
الشيخ : يستأنس بقول هذا من هو الذي تعني ؟
السائل : مثلاً قول ابن المبارك لرجل يسمى معدان قال هذا من الأبدال ولكن بحثنا له عن ترجمة لم نجد له ترجمة، وورد في حديث في تفسير قول سفيان الثوري (( أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ... ))، أنه على السماء ولكن ما وجدنا... وجدنا قول ابن المبارك فيه أنه من الأبدال واحتج فيه ابن القيم رحمه الله واحتج به ابن تيمية رحمه الله في هذا الباب، مع أنه استأنس به ... ؟
الشيخ : يعني هل يقال في حديث معدان هذا أنه صحيح ؟
السائل : لا يعني يتقوى بشواهده أو أنه يستأنس به أو يعتد ... به .
الشيخ : يعني أقل الأحوال يقال فيه من الناحية الحديثية إنه مجهول لكنه من الصالحين، يستأنس به نعم لا شك .
13 - لو قال أحد علماء الجرح و التعديل على أحد " هو من الأبدال" فبحثنا فلم نجد له ترجمة فهل يستأنس بقول هذا القائل أنه من الإبدال ؟ أستمع حفظ
ما معنى قو ل الرسول صلى الله عليه وسلم في الشعر : ( تركوه كله أو احلقوه كله ) ؟
الشيخ : تفسيره بحديث ابن عمر ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع )، وهو أن يحلق من رأسه مكانًا ويدع مكانًا وأخذ ذلك من تشبيه هذا الحلق السحاب التفرق في السماء فهنا قطعة وهنا قطعة فالظاهر أنه كان من عادتهم ولعلهم لا يزال في بعض البلاد في ناس يحلقوا رأسهم كلها ويخلوا هنا مثل الغرة، المهم فهذا هو المنهي عنه هو أن يحلق مكان ويدع مكان فحينما قال ( احلقوه كله أو دعوه كله )، يعني هو نهى عن القزع نعم .
ورد في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية " كراهية السلف لحلق القفا " فما هو القفا ؟
الشيخ : الظاهر كان من عادة المجوس كما جاء في بعض الآثار أشبه شيء فيما يبدوا لي بالحلاقة الإنجليزية هي هكذا تعرف عندنا في سورية، يعني بيحلقوا بالمرة، الظاهر كانوا يحلقون قديمًا القفا بالموسى ولعل الإنجليز ورثوا هذا من المجوس .
15 - ورد في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية " كراهية السلف لحلق القفا " فما هو القفا ؟ أستمع حفظ
كثير من النصارى أو اليهود يقولون " لا إله إلا الله" فعل تنجيهم من النار ؟
الشيخ : سبق الجواب عن هذا حينما علقنا على قوله : ( أمرت أن أقاتل الناس )، (( ... يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ... )) ، وهذا لا قيمة له وكثير ، يجب أن تنتبهوا للنقطة التي سأبينها اليوم كثير من النصارى يظهرون إسلامهم لهدفٍ ما إما للخلاص من المشكلة النصرانية وإما لكي يتزوج مسلمة الحقيقة يجب نحن أن نبين بيانًا عامًا بحيث يصل إلى هؤلاء المتأسلمين إذا صح التعبير يجب أن يلفت نظرهم أنهم إذا ارتدوا بعد ذلك إلى دينهم الشرع الذي آمنوا به ثم كفروا به يحكم بقتلهم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من بدل دينه فاقتلوه )، فلما كان هذا الحكم غير سائد بين المسلمين اليوم وإن كان أيضًا تطبيقه أصبح نسيًا منسيًا لكن على الأقل يجب أن نعرف الحكم، لأننا إن عرفنا الحكم ربما استطعنا أن نصل يوما ما إلى تطبيقه حينما تكون الصولة والجولة التي عندنا أما إذا جهلنا الحكم الشرعي لا نستطيع أن نطبقه ولو كانت الصولة و الجولة في أيدينا، ولذلك فيجب أن يعرف جميع الناس وبخاصة هؤلاء الذين يسلمون ... أنه انتبه إذا أسلمت فليس لك رجعة، يعني على حد ما قيل عندنا في اللغة سوريا هميت أصلي حتى حصلي فلما حصلي بطلت أصلي، فهذا أظهر الإسلام حتى وصل لهدفه ثم رجع إلى دينه، كثير من هؤلاء يظهر منهم ذلك، فيجب تفهيم الناس هذا الحكم الشرعي وبخاصة أن بعض الكتاب المعاصرين اليوم يرفضون هذا الحديث الصحيح الوارد في البخاري ( من بدل دينه فاقتلوه )، ويضربونه بآية (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ... )) ، وهذا من جهلهم لأن عدم الإكراه في الدين شيء وتظاهر الكافر بإسلامه وارتداده بعد ذلك هذا شيء آخر، يعني هذا حكم شرعي سياسي أما (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ... ))، فهو شرعي على طول فهو لا يجبر أحدًا أبدًا أن يترك دينه، فما في تنافي بين الآية وبين الحديث والحمد لله نعم .
حديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الميت : ( إنه ليسمع قرع نعالهم عندما ولو عنه مدبرين ) وحديث ( يا ذا السبتيتين اخلعهما ) هل يوجد تعارض ظاهر بين هذين الحدثين ؟
الشيخ : لا تعارض بطبيعة الحال لأنكم كما ترون اليوم وقبل اليوم وإلى ما شاء الله، أكثر المسلمين لا يلتزمون هذا الحكم ككثير من الأحكام، فهم يزرون في المقابر بنعالهم وهو عليه السلام أنه يخبر أن الميت حينما يوضع في قبره يسمع قرع هذه النعال، فهو إخبار عن أمر يقع من كثير من الناس أو قليل من الناس، لا يعني به تشريعًا وإنما يعني به إخبارًا عن حال هذا الميت حينما يوضع في القبر، التشريع يؤخذ من الحديث الثاني : ( يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك )، فهذا كلام موجه إلى ذاك الذي كان يمشي في نعليه بين القبور أمره بأن يخلع نعليه، ما في خلاف بين هذا وهذا، كمثل ( لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس بالبنيان ) ، هذا إخبار عما سيقع أما هل هذا مشروع أم غير مشروع ؟ فهذا يؤخذ حكمه من أحاديث أخرى التي تنهى عن المبالغة في إطالة البناء والمبالغة في الاستكثار من أمتعة الدّار كما في حديث مسلم ( فراشٌ لك وفراشٌ لزوجك وفراشٌ لضيفك والرابع للشيطان )، فإذًا ما فيه تعارض بين الحديثين إطلاقًا .
17 - حديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الميت : ( إنه ليسمع قرع نعالهم عندما ولو عنه مدبرين ) وحديث ( يا ذا السبتيتين اخلعهما ) هل يوجد تعارض ظاهر بين هذين الحدثين ؟ أستمع حفظ
حديث ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ) هل هو صحيح ؟
الشيخ : نحن عم نخرجه من السلسة، ... هو مخرج بالزيادة في الصحيحان في المجلد الأول .
تطبيق السنة فهي هذه الأيام يسبب لنا الإحراج مع العوام كما يسبب لنا الفتن في المساجد فكيف نتصرف مع العامة تجاه هذا الأمر ؟
الشيخ : أنا أقول: الفتن المدّعاة لا تقع من تطبيق السنة من عامة الناس وإنما تقع من دخول بعض أهل السنة في مناقشات مع الآخرين ليسوا أهلا لهذه المناقشات لا من الناحية العلمية ولا من الناحية الأسلوبية، أما الناحية العلمية فواضح لأنه كثير من أخوننا يعترض عليه ليش عم تحرك إصبعك مثلاً ؟ والله هيك السّنة، طيب شو عرفك ؟ والله لقيت الشيخ فلان يقول، هذا ليس جوابا يمكن بس يذكر الشيخ فلان يزيد النار اشتعالا ... إلى آخره فأقول أن أكثر الذين يدخلون في مناقشات مع عامة الناس ليسوا في العير ولا في النفير كما يقال، لا من الناحية العلمية ولا من الناحية الأسلوبية، من الناحية العليمة إنه ينبغي على المحافظ على السّنة أن يحفظ الحجة حتى يقيم البينة على المخالفين أولًا لإقناعهم وثانيًا رحمةً بهم، عليه أن يحفظ الحجة على السنة التي ينكرها الناس عليه .
ثانيًا : أن يتلطف في تقديم هذه الحجة أما الناس على أساس الآية الحكيمة المعروفة : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ... )) ، والذي يقع عادةً أن بعض الناس يتحمسون للدعوة السلفية في أول انطلاقهم في حياتهم وما اوتوا شيء من الحكمة تجده يصادم المعترك ويصادم ويصادم وهو مثل ما أقول أنا دائمًا وأبدا طاقة الإنسان محدودة كما أشار إلى ذلك عليه السلام بقوله ( إن لكل عملٍ شرّة ولكل شرّةٍ فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل )، الإنسان لمّا يقبض القبضة هيك ممكن يعيش فيها ساعات إلى أن يغلبه سلطان النوم، ليش ؟ لأنه قبضة طبيعة لكن أعمل هيك وبعدين خمس دقائق عشر دقائق يبدأ يرتخي هذا مثال لحماس بعض إخواننا السلفيين حينما تبلغهم الدعوة ويندفعون في مخاصمة الناس بكل قسوة وبكل شدة وبعد ذلك ارتخت الأعصاب ورجع القهقرى وبالكاد أن يحافظ هون على السنن التي كان تعلمها إن لم يقلب ظهرها إياها لذلك الفتن .