متفرقات للألباني-143
هل صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا اجتهد الإمام وأخطأ له أجر وإذا أصاب له أجران " في حالة صحة الحديث وخطأ الاجتهاد هل المسلم إذا ملزم بالاجتهاد ؟
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أعمالنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذين تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد،
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
يقول السائل هنا هل صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا اجتهد الإمام وأخطأ له أجر وإذا أصاب له أجران " في حال صحة الحديث وخطأ الإجتهاد هل المسلم إذا ملزم بالإجتهاد ؟
هذه المسألة طالما تكلمنا عليها مرارا ويتكرر السؤال فلا تسمعوه والسبب في ذلك أن هناك ناسا مع الأسف مغرضون يثيرون هذه المشكلة بين الناس مع الكثير من البهت والإفتراء على الأبرياء فلا بد إذا من الإجابة عن هذا السؤال بشطريه .
الشطر الأول الحديث صحيح لأنه مما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ) .
الشطر الثاني من السؤال هل المسلم ملزم بالإجتهاد الجواب ملزم وغير ملزم بمعنى أن ذلك يختلف باختلاف المسلم من حيث علمه ثقافته قدرته استعداده كل ذلك يجب أن يلاحظ حينما يقال يجب على المسلم أن يجتهد . أنا كنت كما سمعتم ربما في المدينة المنورة وهناك ناس يدعون بدعوتنا إلى الكتاب والسنة ولكن هم مبتدؤون في الطريق بحاجة إلى علم كثير فهم يقولون بوجوب الإجتهاد على كل مسلم دون أي تفصيل والتفصيل واجب أن يقوم به كل عالم مسلم حتى لا يقع في إفراط أو التفريط فقد قلت لهؤلاء ولغيرهم سابقا ههنا إن التقليد الأصل فيه أنه لا يجوز والأصل أن المسلم أي مسلم كان يجب أن ينطلق في حياته الإسلامية على بينة وعلى بصيرة من دينه كما قال ربنا عز وجل في كتابه (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) فلإن كان قول الله تبارك وتعالى حكاية على لسان نبيه على بصيرة أنا ومن اتبعني إن كان هذا نصا عاما يشمل كل متبع للرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما قال تعالى (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) إذا كان هذا النص على بصيرة أنا ومن اتبعني نصا شاملا لكل مسلم فلا شك حينذاك عند كل مسلم أنه يجب على كل مسلم أن يكون على بصيرة من دينه هذا هو الأصل لا فرق في هذا بين عالم ومتعلم وغير متعلم كما جاء في بعض الآثار الموقوفة ( كن عالما أو متعلما أو مستمعا ولا تكن الرابع فتهلِك ) لا فرق في هذا بين طبقات المسلمين من حيث ثقافتهم لأنهم يجب على كل منهم أن يكون على بصيرة من دينه للآية السابقة وغيرها مما يؤدي مؤداها ولكن قد لا يستطيع كل مسلم أن يكون على بصيرة في كل مسألة فحينئذ يعمل ما يستطيع وأنا قلت لأولئك الأشخاص إن كثيرا من العلماء المجتهدين يقلدون في بعض الأحايين مضطرين فالعلماء المجتهدون يقلدون أحيانا لكنهم إنما يفعلون ذلك اضطرارا وقلت أيضا ليس التقليد من حيث أنه ينافي التبصر في الدين بأشد تحريما مما نص الله عز وجل في القرآن بتحريمه كقوله (( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير )) إلى آخر الآية ولكن هذا التحريم منوط ومربوط بالإستطاعة لأن القاعدة تقول، القاعدة القرآنية تقول (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) فإذا كان الإنسان في وضع لا يستطيع إلا أن يواقع شيئا من هذه المحرمات الثلاث المذكورة في الآية السابقة (( حرمت عليكم الميتتة والدم ولحم الخنزير )) فاضطر إلى شيء من هذه المحرمات فليس ذلك بحرام عليه لقوله في تمام الآية (( إلا ما اضطررتم إليه )) ومن مثل هذه الآية وغيرها جاءت القاعدة الفقهية الإسلامية " الضرورات تبيح المحضورات " أعود لأقول التقليد ليس بأشد تحريما من هذه المحرمات وأمثالها فإن كانت هذه المحرمات تباح للضرورة فالتقليد كذلك يباح للضرورة ولذلك فكما أنه لا يجوز المغالاة لتحريم التقليد البتة في كل الحالات والصور كما ذكرنا آنفا فيستثنى من التحريم حالة الإضطرار كذلك لا يجوز بداهة أن نجعل حالة المسلمين عامة وفيهم العلماء والشيوخ وأهل العلم والفضل كما يقولون أن نجعل حالتهم حالة اضطرار يعني كما لو قلنا المسلمون اليوم مضطرون لأكل هذه المحرمات هذا ما يقوله إنسان لأنهم يعيشون في وضع طبيعي فهم يستطيعون أن يأكلوا مما أحل الله لهم من غير هذه المحرمات فكيف يقال إنهم والحالة هذه مضطرون لأكل الميتة والدم ولحم الخنزير هذا لا يقوله إنسان فيه ذرة من عقل كذلك لا يصح أبدا نقلب الوضع فنقول المسلمون اليوم كلهم بما فيهم أهل العلم مضطرون للتقليد لأنهم لا يستطيعون الإجتهاد هذا قلب لما يجب أن يكون عليه وضع العالم الإسلامي فالعالم الإسلامي منذ عهد الرسول عليه السلام كان فيه الناس طبقات عالم ومتعلم ومستمع فأن نجعل كل طبقات اليوم هي الطبقة الدنيا وهو مستمع فقد بسمع الكلمة وبيتلقفها ويعمل بها أما من أين جاءت ما أصلها ما فصلها ما ... أهو الكتاب أهو السنة أهو القياس وهل هذا القياس قياس جلي أم خفي قياس صحيح قياس أولوي أو ما شابه ذلك هذا لا يستطيعه هذه الطبقة الدنيا طبقة المستمعين إنما يستطيعها طبقة أهل العلم ، إذا فالتقليد في الوقت الذي هو حرام ويجب على كل مسلم أن ينجو منه بقدر استطاعته فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها .
على هذا نحن يجب أن نفهم هذه المسألة حتى لا نقع كما ذكرنا في إفراط وتفريط فليس كل مسلم بملزم أن يجتهد ولكن الذي يلزمه الإجتهاد هو المستطيع ولكن هنا مرتبة وسطى ما بين التقليد والإجتهاد لأننا ذكرنا آنفا أن كل مسلم يجب أن يكون على بصيرة من دينه بنص الآية السابقة العامة لكن البصيرة في الدين يمكن تحصيلها بطريقة ما هي الإجتهاد ولا هي التقليد المحرم في الأصل، لا هي بطريقة الإجتهاد التي لا يستطيعها كل الناس إلا الخواص منهم ولا هي بطريقة التقليد التي الأصل فيها التحريم هناك طريقة وسط بين الطريقتين الإجتهاد والتقليد ألا وهي طريقة الإتباع وهذا اصطلاح علمي جرى عليه كثير من المحققين القدامى والمحدثين كمثل حافظ الأندلس أبو عمر بن عبد البر فقد جعل العلم ثلاث طبقات اجتهاد واتباع وتقليد وعلى ذلك جرى من بعده من أهل التحقيق كابن تيمية وابن القيم وغيرهما . طريقة الإتباع هي حل مشكلة القضاء على التقليد الذي عم وطم بلاد الإسلام وليس طريقة الإجتهاد كما يظن الظانون والباغون المفترون اليوم، يمكن القضاء على التقليد الذي هو في الأصل حرام ليس فقط بطريقة الإجتهاد وإنما بطريقة أخرى دون ذلك وهي طريقة الإتباع والفرق بين طريق الإجتهاد والإتباع فرق سهل و واضح جدا ألا وهو أن الإجتهاد يعني أن يكون المسلم العالم على علم باللغة العربية وآدابها وعلوم الشريعة كعلم الحديث والتفسير وأصول الفقه ونحو ذلك وهذا فعلا لا يستطيعه حتى الذين درسوا هذه العلوم لا يستطيعون تحقيقها وتطبيقها عمليا في واقع حياتهم العلمية لكن الإتباع هو أنك أنت حينما لا تستطيع الإجتهاد تسأل أهل الإجتهاد أهل العلم والفقه في الدين عن المسألة التي يقدمونها إليك جازمين بحرمتها أو جازمين بإباحتها أو جازمين بوجوبها أو باستحبابها أو غير ذلك من الأحكام الشرعية تستطيع أن تسألهم عن الدليل فإذا قدموا إليك الدليل اطمأن قلبك إلى هذا الحكم لأنه قدم مقرونا بدليل شرعي بخلاف لو قال لك هذا حرام أو هذا حلال إنما قدم لك رأيه عاريا ومجردا عن الدليل الشرعي فالذي يأخذ هذا الرأي التحريم أو غيره غير مقرون بدليل هو التقليد وهو الذي ينبغي أن نتخلص منه بقدر الإمكان والذي يأخذ المسألة مقرونة بدليلها الشرعي من كتاب أو سنة أو اجتهاد ... فهو المتبع والذي يقدم الدليل متفقها فيه من الكتاب والسنة فهو المجتهد لذلك فليس من الطبيعي أن نضل نوجه مثل هذا السؤال هل كل مسلم ملزم بالإجتهاد نقول كل مسلم ملزم بأن يكون على بصيرة من دينه أما الملزم بالإجتهاد فهم أهل العلم وأهل العلم اليوم إن وجدوا فالمنصفون منهم في هذه المسألة يصرحون بأنهم ليسوا من أهل العلم يعني وهذا التصريح لا يبوحون به إلا حينما تضطرهم المجادلات العلمية إلى أن يقولوا بصراحة إننا لسنا بعلماء فأين هؤلاء العلماء ؟ أصبحوا باعترافهم في خبر كان ولذلك يعترفون بأن باب الإجتهاد أغلق ومعنى هذا أن العالم الإسلامي كله أو على الأقل جله يعيش في جهل لا يعيش بحالة الاجتهاد وهذا أمر بدعي لأنه في الزمن الأول ما كان لكل الأفراد المسلمين مجتهدين بل وهم لا يعيشون في حالة الإتباع على بصيرة لأنهم يعيشون في حالة تقليد . فهل هكذا أمر الإسلام ؟ هل قال هذه سبيلي إلى الله على تقليد أم على بصيرة ويجب أن تتذكروا أن من مواضع الإتفاق أن كلمة التقليد تساوي جهل . التقليد هو الجهل ما في خلاف بين سلفي وخلفي في القضية إطلاقا، كل العلماء يقولون أن التقليد هو الجهل ولذلك نص في بعض كتب الحنفية على أن المقلد لا يولى القضاء إذا ... بأن المقلد جاهل والذي ينبغي أن يتولى القضاء يجب أن يكون عالما بالكتاب والسنة أي يجب أن يكون مجتهدا ولذلك لا يولى القضاء المقلد لأنه جاهل وكما قلت التقليد جهل باتفاق العلماء فإذا قيل ما بقى في الإجتهاد ؟ فمعنى ذلك أن العالم الإسلامي اليوم يعيش في جهل عميق جدا.
إذا ما فائدة وجود الكتاب و وجود السنة بين ظهراني الأمة والذين يُفترض فيهم أن يكونوا على علم ودراسة لهذا الكتاب وهذه السنة يقولون لا أحد يستطيع أن يفهم الكتاب والسنة فنحن نعيش مقلدين بل وصل الأمر ببعضهم إلى أن يفخر بأنه مقلد ناسيا أن التقليد هو الجهل لأني أظن أن إنسانا فيه ذرة من عقل لا يمكن أن يفخر بجهله ولكنه افتخر بتقليده وما ذلك إلا لأنه نسي إيش معنى التقليد لأن كلمة التقليد ليست صريحة بإعطاء المعنى الذي يفهم من كلمة الجهل.
فلا أحد يجهل للجهل، أه يفخر للجهل لكنه قد يعتذر، يقول والله أنا لا أعلم .
أما أن أحدا يفخر بالتقليد وهو يساوي الجهل كما ذكرنا فهذا مما وقع بعض الدكاترة في العصر الحاضر لأنه نسي أن التقليد هو الجهل بعينه لذلك أرجو أن يكون هذا واضحا بينكم جميعا وليبلغ الشاهد الغائب من جهة أخرى أن لا تكثروا السؤال هل كل مسلم ملزم بالإجتهاد كل مسلم ملزم بالإتباع أما الإجتهاد فالذين يُظن أنهم أهل علم لا يستطيعونه اليوم باعترافهم فماذا نقول عن الطلاب الذين يتخرجون تحت أيدي هؤلاء العلماء الذين هم مقلدون أي هم جهال وكما قال قائلهم هم علماء مجازا وليس حقيقة .
هذا شأن العلماء في العصر الحاضر فماذا يكون شأن الطلاب الذين يتخرجون تحت أيدي هؤلاء العلماء مجازا باعترافهم لذلك احفظوا هذه الآية و تذكروا دلالتها العامة (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) فيجب على كل مسلم يتبع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اتباعا حقا أن يكون على بصيرة من دينه وهذا لا يتحقق مع الأسف الشديد إلا بأن يتحرك من باستطاعتهم أن يدرسوا الكتاب والسنة وأن يتبينوا الحق مما اختلف فيه الناس ليقدموا هذا الحق إلى الناس ولعل ممن يشاد على ذلك أن الجمهور المسلم إذا عرف هذه الحقيقة ولأنه يجب أن يكون على بينة من دينه وعلى بصيرة من أمره لعل مما يساعد على نشر هذا التبيّن أن يطالب الجمهور من يظنون فيهم العلم بأن يبيّنوا لهم ويوضحوا لهم الحقيقة حتى يعيشوا على بينة وعلى بصيرة من دينهم هذا جواب السؤال السابق وهو هل المسلم ملزم بالإجتهاد ؟ باختصار كل مسلم ملزم بالإتباع وأما الإجتهاد فملزم به من يستطيعه وأما التقليد فحرام كله إلا عند الضرورة هذا خلاصة الجواب .
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
يقول السائل هنا هل صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا اجتهد الإمام وأخطأ له أجر وإذا أصاب له أجران " في حال صحة الحديث وخطأ الإجتهاد هل المسلم إذا ملزم بالإجتهاد ؟
هذه المسألة طالما تكلمنا عليها مرارا ويتكرر السؤال فلا تسمعوه والسبب في ذلك أن هناك ناسا مع الأسف مغرضون يثيرون هذه المشكلة بين الناس مع الكثير من البهت والإفتراء على الأبرياء فلا بد إذا من الإجابة عن هذا السؤال بشطريه .
الشطر الأول الحديث صحيح لأنه مما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ) .
الشطر الثاني من السؤال هل المسلم ملزم بالإجتهاد الجواب ملزم وغير ملزم بمعنى أن ذلك يختلف باختلاف المسلم من حيث علمه ثقافته قدرته استعداده كل ذلك يجب أن يلاحظ حينما يقال يجب على المسلم أن يجتهد . أنا كنت كما سمعتم ربما في المدينة المنورة وهناك ناس يدعون بدعوتنا إلى الكتاب والسنة ولكن هم مبتدؤون في الطريق بحاجة إلى علم كثير فهم يقولون بوجوب الإجتهاد على كل مسلم دون أي تفصيل والتفصيل واجب أن يقوم به كل عالم مسلم حتى لا يقع في إفراط أو التفريط فقد قلت لهؤلاء ولغيرهم سابقا ههنا إن التقليد الأصل فيه أنه لا يجوز والأصل أن المسلم أي مسلم كان يجب أن ينطلق في حياته الإسلامية على بينة وعلى بصيرة من دينه كما قال ربنا عز وجل في كتابه (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) فلإن كان قول الله تبارك وتعالى حكاية على لسان نبيه على بصيرة أنا ومن اتبعني إن كان هذا نصا عاما يشمل كل متبع للرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما قال تعالى (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) إذا كان هذا النص على بصيرة أنا ومن اتبعني نصا شاملا لكل مسلم فلا شك حينذاك عند كل مسلم أنه يجب على كل مسلم أن يكون على بصيرة من دينه هذا هو الأصل لا فرق في هذا بين عالم ومتعلم وغير متعلم كما جاء في بعض الآثار الموقوفة ( كن عالما أو متعلما أو مستمعا ولا تكن الرابع فتهلِك ) لا فرق في هذا بين طبقات المسلمين من حيث ثقافتهم لأنهم يجب على كل منهم أن يكون على بصيرة من دينه للآية السابقة وغيرها مما يؤدي مؤداها ولكن قد لا يستطيع كل مسلم أن يكون على بصيرة في كل مسألة فحينئذ يعمل ما يستطيع وأنا قلت لأولئك الأشخاص إن كثيرا من العلماء المجتهدين يقلدون في بعض الأحايين مضطرين فالعلماء المجتهدون يقلدون أحيانا لكنهم إنما يفعلون ذلك اضطرارا وقلت أيضا ليس التقليد من حيث أنه ينافي التبصر في الدين بأشد تحريما مما نص الله عز وجل في القرآن بتحريمه كقوله (( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير )) إلى آخر الآية ولكن هذا التحريم منوط ومربوط بالإستطاعة لأن القاعدة تقول، القاعدة القرآنية تقول (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) فإذا كان الإنسان في وضع لا يستطيع إلا أن يواقع شيئا من هذه المحرمات الثلاث المذكورة في الآية السابقة (( حرمت عليكم الميتتة والدم ولحم الخنزير )) فاضطر إلى شيء من هذه المحرمات فليس ذلك بحرام عليه لقوله في تمام الآية (( إلا ما اضطررتم إليه )) ومن مثل هذه الآية وغيرها جاءت القاعدة الفقهية الإسلامية " الضرورات تبيح المحضورات " أعود لأقول التقليد ليس بأشد تحريما من هذه المحرمات وأمثالها فإن كانت هذه المحرمات تباح للضرورة فالتقليد كذلك يباح للضرورة ولذلك فكما أنه لا يجوز المغالاة لتحريم التقليد البتة في كل الحالات والصور كما ذكرنا آنفا فيستثنى من التحريم حالة الإضطرار كذلك لا يجوز بداهة أن نجعل حالة المسلمين عامة وفيهم العلماء والشيوخ وأهل العلم والفضل كما يقولون أن نجعل حالتهم حالة اضطرار يعني كما لو قلنا المسلمون اليوم مضطرون لأكل هذه المحرمات هذا ما يقوله إنسان لأنهم يعيشون في وضع طبيعي فهم يستطيعون أن يأكلوا مما أحل الله لهم من غير هذه المحرمات فكيف يقال إنهم والحالة هذه مضطرون لأكل الميتة والدم ولحم الخنزير هذا لا يقوله إنسان فيه ذرة من عقل كذلك لا يصح أبدا نقلب الوضع فنقول المسلمون اليوم كلهم بما فيهم أهل العلم مضطرون للتقليد لأنهم لا يستطيعون الإجتهاد هذا قلب لما يجب أن يكون عليه وضع العالم الإسلامي فالعالم الإسلامي منذ عهد الرسول عليه السلام كان فيه الناس طبقات عالم ومتعلم ومستمع فأن نجعل كل طبقات اليوم هي الطبقة الدنيا وهو مستمع فقد بسمع الكلمة وبيتلقفها ويعمل بها أما من أين جاءت ما أصلها ما فصلها ما ... أهو الكتاب أهو السنة أهو القياس وهل هذا القياس قياس جلي أم خفي قياس صحيح قياس أولوي أو ما شابه ذلك هذا لا يستطيعه هذه الطبقة الدنيا طبقة المستمعين إنما يستطيعها طبقة أهل العلم ، إذا فالتقليد في الوقت الذي هو حرام ويجب على كل مسلم أن ينجو منه بقدر استطاعته فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها .
على هذا نحن يجب أن نفهم هذه المسألة حتى لا نقع كما ذكرنا في إفراط وتفريط فليس كل مسلم بملزم أن يجتهد ولكن الذي يلزمه الإجتهاد هو المستطيع ولكن هنا مرتبة وسطى ما بين التقليد والإجتهاد لأننا ذكرنا آنفا أن كل مسلم يجب أن يكون على بصيرة من دينه بنص الآية السابقة العامة لكن البصيرة في الدين يمكن تحصيلها بطريقة ما هي الإجتهاد ولا هي التقليد المحرم في الأصل، لا هي بطريقة الإجتهاد التي لا يستطيعها كل الناس إلا الخواص منهم ولا هي بطريقة التقليد التي الأصل فيها التحريم هناك طريقة وسط بين الطريقتين الإجتهاد والتقليد ألا وهي طريقة الإتباع وهذا اصطلاح علمي جرى عليه كثير من المحققين القدامى والمحدثين كمثل حافظ الأندلس أبو عمر بن عبد البر فقد جعل العلم ثلاث طبقات اجتهاد واتباع وتقليد وعلى ذلك جرى من بعده من أهل التحقيق كابن تيمية وابن القيم وغيرهما . طريقة الإتباع هي حل مشكلة القضاء على التقليد الذي عم وطم بلاد الإسلام وليس طريقة الإجتهاد كما يظن الظانون والباغون المفترون اليوم، يمكن القضاء على التقليد الذي هو في الأصل حرام ليس فقط بطريقة الإجتهاد وإنما بطريقة أخرى دون ذلك وهي طريقة الإتباع والفرق بين طريق الإجتهاد والإتباع فرق سهل و واضح جدا ألا وهو أن الإجتهاد يعني أن يكون المسلم العالم على علم باللغة العربية وآدابها وعلوم الشريعة كعلم الحديث والتفسير وأصول الفقه ونحو ذلك وهذا فعلا لا يستطيعه حتى الذين درسوا هذه العلوم لا يستطيعون تحقيقها وتطبيقها عمليا في واقع حياتهم العلمية لكن الإتباع هو أنك أنت حينما لا تستطيع الإجتهاد تسأل أهل الإجتهاد أهل العلم والفقه في الدين عن المسألة التي يقدمونها إليك جازمين بحرمتها أو جازمين بإباحتها أو جازمين بوجوبها أو باستحبابها أو غير ذلك من الأحكام الشرعية تستطيع أن تسألهم عن الدليل فإذا قدموا إليك الدليل اطمأن قلبك إلى هذا الحكم لأنه قدم مقرونا بدليل شرعي بخلاف لو قال لك هذا حرام أو هذا حلال إنما قدم لك رأيه عاريا ومجردا عن الدليل الشرعي فالذي يأخذ هذا الرأي التحريم أو غيره غير مقرون بدليل هو التقليد وهو الذي ينبغي أن نتخلص منه بقدر الإمكان والذي يأخذ المسألة مقرونة بدليلها الشرعي من كتاب أو سنة أو اجتهاد ... فهو المتبع والذي يقدم الدليل متفقها فيه من الكتاب والسنة فهو المجتهد لذلك فليس من الطبيعي أن نضل نوجه مثل هذا السؤال هل كل مسلم ملزم بالإجتهاد نقول كل مسلم ملزم بأن يكون على بصيرة من دينه أما الملزم بالإجتهاد فهم أهل العلم وأهل العلم اليوم إن وجدوا فالمنصفون منهم في هذه المسألة يصرحون بأنهم ليسوا من أهل العلم يعني وهذا التصريح لا يبوحون به إلا حينما تضطرهم المجادلات العلمية إلى أن يقولوا بصراحة إننا لسنا بعلماء فأين هؤلاء العلماء ؟ أصبحوا باعترافهم في خبر كان ولذلك يعترفون بأن باب الإجتهاد أغلق ومعنى هذا أن العالم الإسلامي كله أو على الأقل جله يعيش في جهل لا يعيش بحالة الاجتهاد وهذا أمر بدعي لأنه في الزمن الأول ما كان لكل الأفراد المسلمين مجتهدين بل وهم لا يعيشون في حالة الإتباع على بصيرة لأنهم يعيشون في حالة تقليد . فهل هكذا أمر الإسلام ؟ هل قال هذه سبيلي إلى الله على تقليد أم على بصيرة ويجب أن تتذكروا أن من مواضع الإتفاق أن كلمة التقليد تساوي جهل . التقليد هو الجهل ما في خلاف بين سلفي وخلفي في القضية إطلاقا، كل العلماء يقولون أن التقليد هو الجهل ولذلك نص في بعض كتب الحنفية على أن المقلد لا يولى القضاء إذا ... بأن المقلد جاهل والذي ينبغي أن يتولى القضاء يجب أن يكون عالما بالكتاب والسنة أي يجب أن يكون مجتهدا ولذلك لا يولى القضاء المقلد لأنه جاهل وكما قلت التقليد جهل باتفاق العلماء فإذا قيل ما بقى في الإجتهاد ؟ فمعنى ذلك أن العالم الإسلامي اليوم يعيش في جهل عميق جدا.
إذا ما فائدة وجود الكتاب و وجود السنة بين ظهراني الأمة والذين يُفترض فيهم أن يكونوا على علم ودراسة لهذا الكتاب وهذه السنة يقولون لا أحد يستطيع أن يفهم الكتاب والسنة فنحن نعيش مقلدين بل وصل الأمر ببعضهم إلى أن يفخر بأنه مقلد ناسيا أن التقليد هو الجهل لأني أظن أن إنسانا فيه ذرة من عقل لا يمكن أن يفخر بجهله ولكنه افتخر بتقليده وما ذلك إلا لأنه نسي إيش معنى التقليد لأن كلمة التقليد ليست صريحة بإعطاء المعنى الذي يفهم من كلمة الجهل.
فلا أحد يجهل للجهل، أه يفخر للجهل لكنه قد يعتذر، يقول والله أنا لا أعلم .
أما أن أحدا يفخر بالتقليد وهو يساوي الجهل كما ذكرنا فهذا مما وقع بعض الدكاترة في العصر الحاضر لأنه نسي أن التقليد هو الجهل بعينه لذلك أرجو أن يكون هذا واضحا بينكم جميعا وليبلغ الشاهد الغائب من جهة أخرى أن لا تكثروا السؤال هل كل مسلم ملزم بالإجتهاد كل مسلم ملزم بالإتباع أما الإجتهاد فالذين يُظن أنهم أهل علم لا يستطيعونه اليوم باعترافهم فماذا نقول عن الطلاب الذين يتخرجون تحت أيدي هؤلاء العلماء الذين هم مقلدون أي هم جهال وكما قال قائلهم هم علماء مجازا وليس حقيقة .
هذا شأن العلماء في العصر الحاضر فماذا يكون شأن الطلاب الذين يتخرجون تحت أيدي هؤلاء العلماء مجازا باعترافهم لذلك احفظوا هذه الآية و تذكروا دلالتها العامة (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) فيجب على كل مسلم يتبع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اتباعا حقا أن يكون على بصيرة من دينه وهذا لا يتحقق مع الأسف الشديد إلا بأن يتحرك من باستطاعتهم أن يدرسوا الكتاب والسنة وأن يتبينوا الحق مما اختلف فيه الناس ليقدموا هذا الحق إلى الناس ولعل ممن يشاد على ذلك أن الجمهور المسلم إذا عرف هذه الحقيقة ولأنه يجب أن يكون على بينة من دينه وعلى بصيرة من أمره لعل مما يساعد على نشر هذا التبيّن أن يطالب الجمهور من يظنون فيهم العلم بأن يبيّنوا لهم ويوضحوا لهم الحقيقة حتى يعيشوا على بينة وعلى بصيرة من دينهم هذا جواب السؤال السابق وهو هل المسلم ملزم بالإجتهاد ؟ باختصار كل مسلم ملزم بالإتباع وأما الإجتهاد فملزم به من يستطيعه وأما التقليد فحرام كله إلا عند الضرورة هذا خلاصة الجواب .
1 - هل صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا اجتهد الإمام وأخطأ له أجر وإذا أصاب له أجران " في حالة صحة الحديث وخطأ الاجتهاد هل المسلم إذا ملزم بالاجتهاد ؟ أستمع حفظ
يقول ابن تيمية "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة " نرجوا شرح هذا القول مع بيان الأدلة الشرعية عليه ورأيكم فيه ؟
الشيخ : سائل يقول قال بن تيمية " إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة " نرجو شرح هذا القول مع بيان الأدلة الشرعية عليه ورأيكم فيه ؟
أنا لا أستحضر قول بن تيمة هذا ولكن الأية الكريمة التي تقول (( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )) ذكر بعض علماء التفسير هذا المعنى الذي ينقله السائل عن بن تيمية رحمه الله ذلك لأن الظلم هو سبب خراب البلاد و هلاك العباد فإذا كان الأمة أو الدولة كافرة ولكنها تحكم بالعدل فيما بينها هذا العدل الذي يعرفه الناس بفطرهم فإذا كانوا يحكمون بذلك فتقوم دولتهم وتستمر مدة طويلة والتاريخ يحكم بهذا وعلى العكس من ذلك إذا بغى الحكام وجاروا على العباد كان ذلك سببا لقيام الثورات وما يسمى اليوم بالإنقلابات العسكرية ولن تستقر الأوضاع في تلك البلاد حتى يهلك الناس الشعب الواحد بعضه بعضا ويكون ذلك سببا لفتح الطريق لأمة أخرى أن تستعبدها ولا شك أن الإسلام جاء بكل ما فيه خير الدنيا والآخرة ومن ذلك الأمر بالعدل والأمر بإقامة الحدود بين الناس حتى قال عليه الصلاة والسلام ( حد يقام في الأرض خير من مطر سبعين صباحا ) وما هذا إلا تحقيق العدالة في المجتمع الإسلامي فإذا افترضنا مجتمعا إسلاميا لا يقيم حكم الله عز وجل في الأرض وذلك مما لا يمكن إقامته إلا على إقامة العدل بين المسلمين فلا يمكن أن تقوم قائمة هذه الدولة لأنها حينذاك تحكم بغير ما أنزل ومن حكم بغير ما أنزل فقد عرّض أمته ودولته للإنهيار .
هذا ما يحضرني الآن جوابا عن هذا السؤال الأول .
أنا لا أستحضر قول بن تيمة هذا ولكن الأية الكريمة التي تقول (( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )) ذكر بعض علماء التفسير هذا المعنى الذي ينقله السائل عن بن تيمية رحمه الله ذلك لأن الظلم هو سبب خراب البلاد و هلاك العباد فإذا كان الأمة أو الدولة كافرة ولكنها تحكم بالعدل فيما بينها هذا العدل الذي يعرفه الناس بفطرهم فإذا كانوا يحكمون بذلك فتقوم دولتهم وتستمر مدة طويلة والتاريخ يحكم بهذا وعلى العكس من ذلك إذا بغى الحكام وجاروا على العباد كان ذلك سببا لقيام الثورات وما يسمى اليوم بالإنقلابات العسكرية ولن تستقر الأوضاع في تلك البلاد حتى يهلك الناس الشعب الواحد بعضه بعضا ويكون ذلك سببا لفتح الطريق لأمة أخرى أن تستعبدها ولا شك أن الإسلام جاء بكل ما فيه خير الدنيا والآخرة ومن ذلك الأمر بالعدل والأمر بإقامة الحدود بين الناس حتى قال عليه الصلاة والسلام ( حد يقام في الأرض خير من مطر سبعين صباحا ) وما هذا إلا تحقيق العدالة في المجتمع الإسلامي فإذا افترضنا مجتمعا إسلاميا لا يقيم حكم الله عز وجل في الأرض وذلك مما لا يمكن إقامته إلا على إقامة العدل بين المسلمين فلا يمكن أن تقوم قائمة هذه الدولة لأنها حينذاك تحكم بغير ما أنزل ومن حكم بغير ما أنزل فقد عرّض أمته ودولته للإنهيار .
هذا ما يحضرني الآن جوابا عن هذا السؤال الأول .
2 - يقول ابن تيمية "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة " نرجوا شرح هذا القول مع بيان الأدلة الشرعية عليه ورأيكم فيه ؟ أستمع حفظ
إذا كان النسخ لا يصح إلا من قبل الشارع نفسه فهل يصح في الاجتهاد تغيير مالم ينسخه الشارع من أحكام ومتى يكون ذلك ؟
الشيخ : وهناك سؤال ثاني يقول السائل الأول إذا كان النسخ لا يصح إلا من قبل الشارع نفسه فهل يصح في الإجتهاد تغيير ما لم ينسخه الشارع من الأحكام ومتى يكون ذلك ؟
مما هو مجمع عليه بين علماء المسلمين أن النسخ لا يمكن أن يقع بعد استقرار الأحكام الشرعية وذلك لا يظهر يقينا إلا بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام فأي حكم انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى واستقر ذلك الحكم على وجه فلا يمكن أن ينسخ ذلك الحكم بعده عليه الصلاة والسلام بوجه من الوجوه ولعلنا نذكر جميعا أن معنى النسخ هو إبطال الحكم وإلغاءه من أصله وليس من هذا القبيل ما قد يشير إليه السائل في قوله فهل يصح في الإجتهاد تغيير ما لم ينسخه الشارع من أحكام ومتى يكون ذلك ؟
لا يمكن أن يكون نسخ حكم استقر أنه حكم ثابت كما ذكرنا واستمر ذلك إلى آخر رمق من حياته عليه السلام لا يمكن لمثل هذا الحكم أن ينسخ بأي وجه من الوجوه لكن الذي يمكن أن يقع في ظروف وملابسات خاصة توقيف ذات حكم من الأحكام الثابتة غير المنسوخة توقيفه إلى أمد معين بسبب ظروف أحاطت بالناس فأوجبت تأخير ذلك الحكم إلى زمن معيّن مثلا جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الطلاق الثلاث الذي كان في عهد الرسول عليه السلام يعدُّ طلقة واحدة وكذلك في عهد أبو بكر الصديق وكذلك في شطر من خلافة عمر نفسِه بعد ذلك جعل عمر رضي الله عنه هذا الطلاق ثلاثا فمن طلق ثلاثا في عدة واحدة اعتبره نافذا ثلاثا على خلاف ما كان الأمر عليه في عهد الرسول عليه السلام وفي عهد أبو بكر وفي شطر من خلافة عمر نفسه كما ذكرنا .
يذهب بعض الفقهاء المتأخرين الذين رأوا أن جمهور علماء المسلمين تبنوا هذا الحكم وكان هذا حكم لازم وثابت إلى يوم الدين يرون بأن تنفيذ عمر للطلاق بلفظ ثلاث ثلاثا لا يمكن أن يكون إلا ولديه ناسخ يقولون هذا لأنهم لايجدون في نصوص السنة فضلا على نصوص الكتاب ما يمكنهم أن يدعموا أن ما فعله عمر هو حكم ثابت ... الرسول عليه السلام لا يجدون إلا أن يقولوا أن عمر ما صار إلى هذا إلا إذا كان لديه نص ناسخ للحكم السابق وهو أن الطلاق بلفظ الثلاث يعتبر طلقة ولعل الحاضرين جميعا يعني يفقهون إيش معنى طلاق بلفظ الثلاث وأنه يعتبر ثلاثا في اجتهاد عمر ولم يكن كذلك في زمن الرسول عليه السلام وأبي بكر وشطر من خلافة عمر كأني أرى من الضروري أن أقف قليلا هنا لأبين لكم الفرق لأنه ناحية اختلف فيها الناس كثيرا اليوم .
الأصل في الطلاق الشرعي أن الذي يريد أن يطلق زوجته طلاقا شرعيا يشترط في هذا الطلاق أن تتوفر فيه شروط عديدة ولست الآن بصددها وإنما أذكر هذا الشرط الواحد وهو أن لا يجمع الطلقات الثلاث التي قال الله فيها (( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )) الطلاق مرتان في كل مرة إمساك بمعروف يعني بعد ما طلق أو تسريح بإحسان فإن طلقها في الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، هذا من شروط الطلاق الشرعي أن يطلق ثم يفكر هل يمسكها ؟ يرجعها إلى نفسه أم يخلي سبيلها والله يعوضه خيرا منها ويعوضها خيرا منه .
جعل الله عز وجل له ساحة تفكير وهي العدة فالمرأة بعد أن طلقها زوجها فعدتها ثلاث قروء ثلاثة أشهر وعشرة أيام تقريبا فيفكر الرجل في هذه المرأة يعيدها أم لا يعيدها ؟ فإذا انتهت العدة أصبحت المرأة حرة وليس له سبيل على إرجاعها وقبل العدة يستطيع أن يعيدها إليه بدون نكاح ولكن تحسب عليه طلقة
مما هو مجمع عليه بين علماء المسلمين أن النسخ لا يمكن أن يقع بعد استقرار الأحكام الشرعية وذلك لا يظهر يقينا إلا بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام فأي حكم انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى واستقر ذلك الحكم على وجه فلا يمكن أن ينسخ ذلك الحكم بعده عليه الصلاة والسلام بوجه من الوجوه ولعلنا نذكر جميعا أن معنى النسخ هو إبطال الحكم وإلغاءه من أصله وليس من هذا القبيل ما قد يشير إليه السائل في قوله فهل يصح في الإجتهاد تغيير ما لم ينسخه الشارع من أحكام ومتى يكون ذلك ؟
لا يمكن أن يكون نسخ حكم استقر أنه حكم ثابت كما ذكرنا واستمر ذلك إلى آخر رمق من حياته عليه السلام لا يمكن لمثل هذا الحكم أن ينسخ بأي وجه من الوجوه لكن الذي يمكن أن يقع في ظروف وملابسات خاصة توقيف ذات حكم من الأحكام الثابتة غير المنسوخة توقيفه إلى أمد معين بسبب ظروف أحاطت بالناس فأوجبت تأخير ذلك الحكم إلى زمن معيّن مثلا جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الطلاق الثلاث الذي كان في عهد الرسول عليه السلام يعدُّ طلقة واحدة وكذلك في عهد أبو بكر الصديق وكذلك في شطر من خلافة عمر نفسِه بعد ذلك جعل عمر رضي الله عنه هذا الطلاق ثلاثا فمن طلق ثلاثا في عدة واحدة اعتبره نافذا ثلاثا على خلاف ما كان الأمر عليه في عهد الرسول عليه السلام وفي عهد أبو بكر وفي شطر من خلافة عمر نفسه كما ذكرنا .
يذهب بعض الفقهاء المتأخرين الذين رأوا أن جمهور علماء المسلمين تبنوا هذا الحكم وكان هذا حكم لازم وثابت إلى يوم الدين يرون بأن تنفيذ عمر للطلاق بلفظ ثلاث ثلاثا لا يمكن أن يكون إلا ولديه ناسخ يقولون هذا لأنهم لايجدون في نصوص السنة فضلا على نصوص الكتاب ما يمكنهم أن يدعموا أن ما فعله عمر هو حكم ثابت ... الرسول عليه السلام لا يجدون إلا أن يقولوا أن عمر ما صار إلى هذا إلا إذا كان لديه نص ناسخ للحكم السابق وهو أن الطلاق بلفظ الثلاث يعتبر طلقة ولعل الحاضرين جميعا يعني يفقهون إيش معنى طلاق بلفظ الثلاث وأنه يعتبر ثلاثا في اجتهاد عمر ولم يكن كذلك في زمن الرسول عليه السلام وأبي بكر وشطر من خلافة عمر كأني أرى من الضروري أن أقف قليلا هنا لأبين لكم الفرق لأنه ناحية اختلف فيها الناس كثيرا اليوم .
الأصل في الطلاق الشرعي أن الذي يريد أن يطلق زوجته طلاقا شرعيا يشترط في هذا الطلاق أن تتوفر فيه شروط عديدة ولست الآن بصددها وإنما أذكر هذا الشرط الواحد وهو أن لا يجمع الطلقات الثلاث التي قال الله فيها (( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )) الطلاق مرتان في كل مرة إمساك بمعروف يعني بعد ما طلق أو تسريح بإحسان فإن طلقها في الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، هذا من شروط الطلاق الشرعي أن يطلق ثم يفكر هل يمسكها ؟ يرجعها إلى نفسه أم يخلي سبيلها والله يعوضه خيرا منها ويعوضها خيرا منه .
جعل الله عز وجل له ساحة تفكير وهي العدة فالمرأة بعد أن طلقها زوجها فعدتها ثلاث قروء ثلاثة أشهر وعشرة أيام تقريبا فيفكر الرجل في هذه المرأة يعيدها أم لا يعيدها ؟ فإذا انتهت العدة أصبحت المرأة حرة وليس له سبيل على إرجاعها وقبل العدة يستطيع أن يعيدها إليه بدون نكاح ولكن تحسب عليه طلقة
3 - إذا كان النسخ لا يصح إلا من قبل الشارع نفسه فهل يصح في الاجتهاد تغيير مالم ينسخه الشارع من أحكام ومتى يكون ذلك ؟ أستمع حفظ
شرح قوله صلى الله عليه وسلم:(ومن أفتى فتيا بغير ثبت فإثمه على من أفتاه) وكلام الشيخ على خضرورة الفتوى المبنية على الكتاب والسنة وخطورة الفتوى بغير علم صحيح وضرب صور لذلك والتنبيه على مسألة الحكم بغير ما أنزل الله.
الشيخ : والفقرة الثالثة والأخيرة من هذا الحديث قوله عليه الصلاة والسلام ( ومن أفتى فتيا من غير ثبت فإثمه على من أفتاه ) في هذه الفقرة حكم خاص يتعلق بأهل العلم الذين يتعرضون لفتيا الناس وإفتائهم وهذه مسألة في الواقع ثقيلة على ميزان قوله تعالى لنبيه عليه السلام (( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا )) ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أوجب على المستفتى أن لا يتسرع في الإفتاء بل عليه أن يتثبت وليس التثبت إلا أن يعرف الحكم من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن أفتاه دون أن يتثبت هذا التثبت وهو بأن يرجع إلى كتاب الله وحديث رسول الله فتبنى المستفتي رأي المفتي وفتواه وكان قد أفتاه بإثم فإنما إثمه على مفتيه ومن هاهنا نتوصل إلى مسألة خطيرة وخطيرة جدا وهي أن العالم حينما يستفتى في مسألة فيفتي بغير استناد إلى الكتاب وإلى السنة فهو يفتي بغير ثبت لأن الحديث يقول ( ومن أفتى فتيا بغير ثبت ) أي بغير سند وبغير بينة وحجة ومعلوم لدى كل مسلم أن الحجة في الإسلام ليس هو إلا الكتاب والسنة وإلا ما استنبط منهما من إجماع وقياس صحيح، فمن أفتى بغير ثبت أي بغير حجة من كتاب الله أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على التفصيل السابق فقد أفتى بغير رشد وبغير حجة فإثمه حينذاك إثم المستفتي حينذاك على مفتيه فماذا يجب على المفتي يجب التثبت قبل كل شيء ولا يتسرع في بالفتوى ومعنى هذا أنه يجب أن يراجع المسألة إن لم يكن راجعها، فكيف يراجعها ومن أين يستقي الجواب الصحيح على ما استفتي هو بالرجوع إلى الكتاب والسنة لأن الحديث يقول ( بغير ثبت ) أي بغير حجة وما هو الحجة في الإسلام هو القرآن والسنة كما قال عليه الصلاة والسلام ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) فيا ترى من استفتي في مسألة أو في قضية فأفتى برأي عالم أي عالم كان وهو يعلم أن المسألة فيها قولان فأكثر فهل أفتى بثبت ؟ بحجة ؟
من أفتى بناء على قول فلان وهو يعلم أن المسألة فيها قولان فأكثر فهل أفتى بثبت بحجة وبينة ؟ الجواب لا لأنه حينما تكون المسألة من المسائل الخلافية فقد صدر للعلماء فيها قولان فأكثر فهو أفتى بقول من القولين دون أن يدعم فتواه ولو في نفسه على الأقل بآية من كتاب الله أو بحديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يكون قد أفتى عن ثبت وعن حجة وعن بينة فيكون فتواه بهذا الخطأ لا يتعلق إثمه على المستفتي وإنما على المفتي فإثمه عليه . إذن على كل مستفت أن يتثبت في فتواه أي أن يستند في فتواه إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعنى هذا الكلام العلمي بعبارة واضحة بينة أن المستفتى أن العالم إذا استفتي في مسألة ما لنضرب على ذلك مثلا .
رجل سأله خروج الدم ينقض الوضوء ؟ قال نعم وهو يعني أنه مذهب الحنفي هكذا يفتي فإذا نحن رجعنا إلى هذا الحديث نفهم أن هذا الجواب إثمه عليه ليس على المستفتي ليه ؟
لأنه في قولين آخرين في هذه المسألة فالمذهب الحنفي يحكم ببطلان الوضوء بمجرد خروج الدم عن مكانه، المذهب الشافعي يقول لا ينقض الدم الوضوء مطلقا مهما كان كثيرا، مذهب الإمام مالك وأحمد يفصل فيقول إن كان الدم كثيرا نقض وإلا فلا .
فالذي أفتى قال ينقض وين الحجة ؟ والمسألة فيها خلاف والله عز وجل يقول (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) ولذلك فلا يجوز للمسلم المتمذهب بمذهب واحد إذا استفتي في مسألة أن يفتي على مذهبه لأنه هناك مذاهب أخرى فهذا يجب أن يمسك عن الفتوى فإن أفتى فهو أثم بدليل هذا الحديث وهو قوله عليه السلام ( ومن أفتى فتيا بغير ثبت ) أي بغير سند وحجة ( فإثمه على من أفتاه ) فالذي يقول خروج الدم ناقض للوضوء أو غير ناقض أو ينقض إن كثيرا ولا ينقض إن كان قليلا أي جواب كان إذا كان لم يستند صاحبه على سند من الكتاب ومن السنة فإثمه عليه وليس على المستفتي لماذا ؟ لأن المستفتي أدى واجبه حينما قال له ربه (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) جاء هذا الذي لا يعلم إلى من يظنه أنه من أهل الذكر فسأله فأفتاه فإثمه على هذا المفتي .
هذا المفتي حينما يسأل عليه أن يراقب الله عز وجل وأن لا يفتي إلا عن ثبت وحجة وسند فإن لم يفعل فهو أثم وقد نبه لهذه الحقيقة الإمام أبو حنيفة رحمه الله حين قال " لا يحل لرجل أن يفتي بقولي ما لم يعلم من أين أخذت دليلي " هذا نص عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أول الأئمة الأربعة يفسر لنا هذا الحديث .
هذا الحديث يقول من أفتى من غير ثبت فإنما إثمه عليه وليس على المستفتي ، فيقول الإمام أبو حنيفة رحمه الله " لا يحل لرجل أن يفتي بكلامي ما لم يعلم من أين أخذت دليلي " فهذا الحنفي الذي سئل الدم إذا خرج ينقض الوضوء فأجاب نعم، لا يجوز له هذا بحكم هذا الحديث وبحكم قول الإمام السابق لأنه لم يعرف دليله ومعنى هذا أو حصيلة هذا الحديث هو وجوب دراسة الكتاب والسنة لكي يتمكن المفتي من أن يفتي بالدليل من الكتاب والسنة فلا يلحقه إثم حتى ينجوَ مما لو أخطأ في الفتوى لأنه ليس معنى من أفتى معتمدا على الكتاب والسنة أنه معصوم عن الخطأ، لا.
ولكن إذا اجتهد وأفتى بما فهم من الكتاب والسنة فله حالتان إما أن يكون أصاب فله أجران وإما أن يكون أخطأ فله أجر واحد لكن هذا إنما هو أي الأجران إذا أصاب والأجر الواحد إذا أخطأ إنما هو للذي يفتي اعتمادا على الكتاب والسنة أما الذي يقلد والتقليد جهل باتفاق العلماء ولا يتبصر في الفتوى فهذا ليس له أجر حتى ولا أجر واحد بل عليه وزر لأنه أفتى بغير ثبت وبغير بينة وحجة .
حصيلة هذا الحديث هو وجوب الرجوع على العالم في كل ما يفتي إلى الكتاب والسنة، ومن هنا ننتهي إلى مسألة خطيرة جدا وهي ما وقع فيه كثير من البلاد الإسلامية اليوم أعني بالبلاد الإسلامية التي وقعت في هذه القضية المشكلة البلاد السورية مثلا والمصرية حيث أنهم ألزموا القضاة والحكام بأن يقضوا ويفتوا بناء على مذهب معين إما على المجلة سابقا وإما على القوانين التي وضعت حديثا بشيء من التعديل ... المجلة سابقا هذا بالنسبة للقضاة وبالنسبة للمفتي فعليه أن يفتي ملتزما المذهب الحنفي وهذا إلزام بما لا يلزم أولا بل هذا أمر بنقيض ما أفاده هذا الحديث فإن المفتي إذا استفتي فعليه أن يرجع إلى الكتاب والسنة لا ينظر إلى مذهبه الذي قال فيه إمامه لا يحل له أن يفتي حتى يعرف دليله وهذا المفتي المتقيد بالإفتاء بمذهبه لا يرجع إلى الأدلة الشرعية فهو يفتي بما جاء بالمذهب وأنا أضرب على هذا مثلا صدرت فتوى أنا اطلعت عليها بنفسي من بعض المفتين السابقين في هذه البلاد أنه يجوز للمسلم أن يحفظ لحم الخنزير في البرادات الكبيرة للنصارى لأنه أحد المسلمين الطيبين عنده براد ضخم يحفظ فيه الفواكه واللحوم ونحو ذلك فجاءه رجل أرمني وعرض عليه أجرا باهضا لقاء أن يحفظ له لحوم الخنزير في هذا البراد ، فالمسلم يعني شك قلبه يعني في هذا العمل وهل يجوز في الإسلام للمسلم أن يحفظ لحم الخنزير المحرم فراح سأل المفتي، المفتي قال له تعال بعد أيام، جاء وإذ أعطاه الفتوى والفتوى في الحقيقة مضحكة مبكية في آن واحد لأنها أولا جاءت فتوى على غير ثبت فهي على غير حجة وثانيا جاءت فتوى على أسلوب السياسيين في الكلام المطاط الي ممكن تجيبو هيك وممكن تجيبو هيك حيث أفتى المفتي بأنه جاء في الكتاب الفلاني من المذهب الحنفي الذي هو يفتي به " ولو أن مسلما استأجره ذمي على أن ينقل له الخمر جاز له ذلك وطاب له الأجر " وقال فلان كمان في المذهب جاز لكن مع الكراهة ثم نقل نقلا آخر قال لو أن مسلما بناء فأجّره نصراني على أن يبني له كنيسة جاز وطاب له الأجر نقل مثل هذه النقول المتعارضة في الختام ما قال للمستفتي يجوز لك ادخار لحوم الخنزير أو لا يجوز، حل لك الأجر أو ما حل لك الأجر وإنما قال ومما سبق تعرف جواب سؤالك !! فالجواب فيه خطيئتان، الخطيئة الأولى ما قال له قال الله قال رسول الله أبدا مع أنه المسألة من أوضح المسائل بالنسبة لمن كان على علم وفقه في الكتاب والسنة والمسألة الأخرى أنه حيره أتى له بقولين طاب لك الأجر لكن قول ثاني يكره والكراهة في المذهب الحنفي إذا أطلقت فإنما هي للتحريم فلو رجع هذا المفتي كما أوجب عليه هذا الحديث أن يفتي المستفتي على ثبت وبينة ورشد لو رجع إلى الكتاب والسنة لوجد مثلا في القرآن الكريم (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) فهذا تعاون على العدوان ومعصية الرحمن تبارك وتعالى ولوجد في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) فلعن كل من يساعد على أكل الربا وكذلك في الحديث الصحيح ( لعن الله في الخمر عشرة ) عشرة أجناس ابتداء من الشارب وانتهاء إلى حامل الخمر ذلك لأنهم كلَّهم يتعاونون على شرب الخمر الذي هو المعصية في الأصل شرب الخمر لكن شرب الخمر لا يمكن أن يحصل بدون بيع الخمر وبيع الخمر ما يمكن أن يحصل بدون شراءه وشراء الخمر لا يمكن أن يحصل بدون شراء العنب وشراء العنب ما يمكن أن يصبح خمرا إلا بعصره وهذا العصير لا يمكن أن يصبح خمرا لأنه قد يمكن أن يصير خلا إلا بتعاطيه بطريقة فنية حتى يصير خمرا فإذا صار خمرا لا يمكن شربه من الدكاكين والحوانيت إلا بأن ينقل من العصارة من المخمرة إلى بائع الخمر وهكذا فلأن هؤلاء كلهم يساعد على، شارب الخمر على شرب الخمر لعنوا جميعا فكيف يخفى هذا على من كان على علم بالكتاب والسنة فيفتي لذلك المستفتي بأنه يجوز ادخار لحم الخنزير، فإذا المصيبة اليوم هي أن الفتوى مفروضة أن يفتي من كتاب ليس هو الكتاب والسنة والقضاة يجب عليهم أن يفتوا من القوانين وليتها كانت قوانين شرعية محضة كما كان الأمر في زمن المجلة حيث كلها طبقت أو جلها من المذهب الحنفي فأصبح اليوم فيها قوانين وضعية لم تنزل من السماء وإنما نبعت من الأرض ففرضت هذه الأحكام على القضاة المسلمين ليقضوا بها بين المسلمين هذه مصيبة حلت بالبلاد السورية والبلاد المصرية وربما في بلاد أخرى لا نعرف حقيقة الأمر فيها والآن فيه دعاة يدعون إلى تقنين الأحكام أي إلى الإقتداء بالدولة السورية والدولة المصرية وفرض آراء وأفكار معينة على القضاة الذين يحكمون هناك بالكتاب والسنة فهذه مصيبة مصيبة جديدة ونرجو الله عز وجل أن لا تتحقق في تلك البلاد ولكن يجب على كل مسلم أن يعرف هذه الحقيقة وهي أنه لا يجوز الإفتاء إلا من كتاب الله وحديث رسول الله كما لا يجوز القضاء إلا استنباطا من كتاب الله أو حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ففي هذا الحديث إذن تنبيه لأمور تتعلق بنا نحن وتتعلق بالأمة التي تنصب مفتين وقضاة يحكمون بغير ما أنزل الله ويتناسى هؤلاء جميعا الوعيد الشديد المذكور في ثلاث آيات من القرآن الكريم (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) (( فأولئك هم الفاسقون )) (( فأولئك هم الظالمون )) هذه آيات صريحة لذم بل بالحكم بالكفر على من لم يحكم بما أنزل الله ولكن هاهنا كلمة قصيرة أن الحكم بما أنزل الله منه حكم يرادف في الردة ومنه حكما لا يلزم منه الردة . التفصيل الذي ذكرناه في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا لا بد من استحضاره في تفسير هذه الآيات الثلاث (( ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الكافرون )) قال بن عباس " كفر دون كفر " (( ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الكافرون )) قال في تفسير الكافرون في هذه الآية كفر دون كفر أي إن الكفر نوعان كفر اعتقادي قلبي وكفر عملي وهذا ما يجهله كثير من المسلمين اليوم وخاصة منهم الشباب الناشئ فإنهم يتوهمون أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو مرتد عن دينه وليس كذلك بل يجب أن ينظر إلى الحاكم الذي يحكم بغير بما أنزل، بغير ما أنزل الله فإن كان يحكم بغير ما أنزل الله مستحلا له بقلبه مؤثرا له على حكم الله وحكم نبيه فهذا هو الذي يرتد به عن دينه أما إن كان في قرارة قلبه يعتقد بأن الحكم بما أنزل الله هو الصواب وهو الواجب لكن الله يعيننا على البشر شلون بدنا نسوقهم يعني بيلاقي له عذر ولو أنه عذر غير مقبول إنما اعتذاره بهذا العذر يدل على أنه يؤمن بحكم الله وحكم رسوله أنه هو الصواب لكن انحرف عن هذا الحكم كما ينحرف كثير من الناس الذين يظن بهم خيرا . الحاكم المسلم الذي يحكم بكتاب الله وبحديث رسول الله ليس معصوما فقد يضل في حكم ما أي يرشى مثلا فيحكم بغير ما أنزل الله فهذا ينطبق عليه قوله تعالى (( فأولئك هم الكافرون )) ولكن بأي معنى أولئك هم الكافرون كفر ردة أم كفر معصية ننظر إذا كان حينما ارتشى وحكم للراشي بما ليس له إن كان يعتقد أنه آثم في نفسه كما يعتقد الغاش والسارق والزاني إلخ فهو أثم وليس بكافر وهذا معنى كفر دون كفر وإن كان يقول كما يقول كثير من الشباب الذي تثقف الثقافة الأجنبية ولما يدخل الإيمان في قلبه يقول بلا إسلام بلا إيمان بلا رجعية بلا ... إلخ فهذا وضع الغطاء على رأسه بالكفر فهو إلى جهنم وبئس المصير .
فإذن يجب أن نعرف أن الواجب على المسلم أن يحكم بما أنزل الله وبما فسره وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان مفتيا عاديا، يعني واحد يمشي بالطريق يجي إنسان بيسأله فلازم يتثبت ولا يقل له حرام حلال لأنه هو درس في كتاب الله أنه حرام أو حلال فذلك المفتي الرسمي الموظف أولى وأولى أن لا يفتي الناس بدون رشد وبدون بينة وحجة والقضاء أولى وأولى أن لا يحكم القضاة في قضائهم إلا بما جاء في كتاب الله وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولخطورة القضاء على الكتاب والسنة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ) لأنه قضى بجهل .
إذن يجب القضاء بالكتاب والسنة فإذا قضى بالكتاب والسنة فهو الناجي وإذا قضى بخلاف ما عرف من الكتاب والسنة فهو أثم وإذا قضى بجهل أي بالكتاب والسنة وبجهل ما عارف المذهب الحنفي أو المذهب الشافعي لأنه هذا هو العلم لذلك قال بن القيم رحمه الله وبكلامه أختم درسنا هذا قال
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التعطيل والتشبيه " والحمد لله رب العالمين .
من أفتى بناء على قول فلان وهو يعلم أن المسألة فيها قولان فأكثر فهل أفتى بثبت بحجة وبينة ؟ الجواب لا لأنه حينما تكون المسألة من المسائل الخلافية فقد صدر للعلماء فيها قولان فأكثر فهو أفتى بقول من القولين دون أن يدعم فتواه ولو في نفسه على الأقل بآية من كتاب الله أو بحديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يكون قد أفتى عن ثبت وعن حجة وعن بينة فيكون فتواه بهذا الخطأ لا يتعلق إثمه على المستفتي وإنما على المفتي فإثمه عليه . إذن على كل مستفت أن يتثبت في فتواه أي أن يستند في فتواه إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعنى هذا الكلام العلمي بعبارة واضحة بينة أن المستفتى أن العالم إذا استفتي في مسألة ما لنضرب على ذلك مثلا .
رجل سأله خروج الدم ينقض الوضوء ؟ قال نعم وهو يعني أنه مذهب الحنفي هكذا يفتي فإذا نحن رجعنا إلى هذا الحديث نفهم أن هذا الجواب إثمه عليه ليس على المستفتي ليه ؟
لأنه في قولين آخرين في هذه المسألة فالمذهب الحنفي يحكم ببطلان الوضوء بمجرد خروج الدم عن مكانه، المذهب الشافعي يقول لا ينقض الدم الوضوء مطلقا مهما كان كثيرا، مذهب الإمام مالك وأحمد يفصل فيقول إن كان الدم كثيرا نقض وإلا فلا .
فالذي أفتى قال ينقض وين الحجة ؟ والمسألة فيها خلاف والله عز وجل يقول (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) ولذلك فلا يجوز للمسلم المتمذهب بمذهب واحد إذا استفتي في مسألة أن يفتي على مذهبه لأنه هناك مذاهب أخرى فهذا يجب أن يمسك عن الفتوى فإن أفتى فهو أثم بدليل هذا الحديث وهو قوله عليه السلام ( ومن أفتى فتيا بغير ثبت ) أي بغير سند وحجة ( فإثمه على من أفتاه ) فالذي يقول خروج الدم ناقض للوضوء أو غير ناقض أو ينقض إن كثيرا ولا ينقض إن كان قليلا أي جواب كان إذا كان لم يستند صاحبه على سند من الكتاب ومن السنة فإثمه عليه وليس على المستفتي لماذا ؟ لأن المستفتي أدى واجبه حينما قال له ربه (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) جاء هذا الذي لا يعلم إلى من يظنه أنه من أهل الذكر فسأله فأفتاه فإثمه على هذا المفتي .
هذا المفتي حينما يسأل عليه أن يراقب الله عز وجل وأن لا يفتي إلا عن ثبت وحجة وسند فإن لم يفعل فهو أثم وقد نبه لهذه الحقيقة الإمام أبو حنيفة رحمه الله حين قال " لا يحل لرجل أن يفتي بقولي ما لم يعلم من أين أخذت دليلي " هذا نص عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أول الأئمة الأربعة يفسر لنا هذا الحديث .
هذا الحديث يقول من أفتى من غير ثبت فإنما إثمه عليه وليس على المستفتي ، فيقول الإمام أبو حنيفة رحمه الله " لا يحل لرجل أن يفتي بكلامي ما لم يعلم من أين أخذت دليلي " فهذا الحنفي الذي سئل الدم إذا خرج ينقض الوضوء فأجاب نعم، لا يجوز له هذا بحكم هذا الحديث وبحكم قول الإمام السابق لأنه لم يعرف دليله ومعنى هذا أو حصيلة هذا الحديث هو وجوب دراسة الكتاب والسنة لكي يتمكن المفتي من أن يفتي بالدليل من الكتاب والسنة فلا يلحقه إثم حتى ينجوَ مما لو أخطأ في الفتوى لأنه ليس معنى من أفتى معتمدا على الكتاب والسنة أنه معصوم عن الخطأ، لا.
ولكن إذا اجتهد وأفتى بما فهم من الكتاب والسنة فله حالتان إما أن يكون أصاب فله أجران وإما أن يكون أخطأ فله أجر واحد لكن هذا إنما هو أي الأجران إذا أصاب والأجر الواحد إذا أخطأ إنما هو للذي يفتي اعتمادا على الكتاب والسنة أما الذي يقلد والتقليد جهل باتفاق العلماء ولا يتبصر في الفتوى فهذا ليس له أجر حتى ولا أجر واحد بل عليه وزر لأنه أفتى بغير ثبت وبغير بينة وحجة .
حصيلة هذا الحديث هو وجوب الرجوع على العالم في كل ما يفتي إلى الكتاب والسنة، ومن هنا ننتهي إلى مسألة خطيرة جدا وهي ما وقع فيه كثير من البلاد الإسلامية اليوم أعني بالبلاد الإسلامية التي وقعت في هذه القضية المشكلة البلاد السورية مثلا والمصرية حيث أنهم ألزموا القضاة والحكام بأن يقضوا ويفتوا بناء على مذهب معين إما على المجلة سابقا وإما على القوانين التي وضعت حديثا بشيء من التعديل ... المجلة سابقا هذا بالنسبة للقضاة وبالنسبة للمفتي فعليه أن يفتي ملتزما المذهب الحنفي وهذا إلزام بما لا يلزم أولا بل هذا أمر بنقيض ما أفاده هذا الحديث فإن المفتي إذا استفتي فعليه أن يرجع إلى الكتاب والسنة لا ينظر إلى مذهبه الذي قال فيه إمامه لا يحل له أن يفتي حتى يعرف دليله وهذا المفتي المتقيد بالإفتاء بمذهبه لا يرجع إلى الأدلة الشرعية فهو يفتي بما جاء بالمذهب وأنا أضرب على هذا مثلا صدرت فتوى أنا اطلعت عليها بنفسي من بعض المفتين السابقين في هذه البلاد أنه يجوز للمسلم أن يحفظ لحم الخنزير في البرادات الكبيرة للنصارى لأنه أحد المسلمين الطيبين عنده براد ضخم يحفظ فيه الفواكه واللحوم ونحو ذلك فجاءه رجل أرمني وعرض عليه أجرا باهضا لقاء أن يحفظ له لحوم الخنزير في هذا البراد ، فالمسلم يعني شك قلبه يعني في هذا العمل وهل يجوز في الإسلام للمسلم أن يحفظ لحم الخنزير المحرم فراح سأل المفتي، المفتي قال له تعال بعد أيام، جاء وإذ أعطاه الفتوى والفتوى في الحقيقة مضحكة مبكية في آن واحد لأنها أولا جاءت فتوى على غير ثبت فهي على غير حجة وثانيا جاءت فتوى على أسلوب السياسيين في الكلام المطاط الي ممكن تجيبو هيك وممكن تجيبو هيك حيث أفتى المفتي بأنه جاء في الكتاب الفلاني من المذهب الحنفي الذي هو يفتي به " ولو أن مسلما استأجره ذمي على أن ينقل له الخمر جاز له ذلك وطاب له الأجر " وقال فلان كمان في المذهب جاز لكن مع الكراهة ثم نقل نقلا آخر قال لو أن مسلما بناء فأجّره نصراني على أن يبني له كنيسة جاز وطاب له الأجر نقل مثل هذه النقول المتعارضة في الختام ما قال للمستفتي يجوز لك ادخار لحوم الخنزير أو لا يجوز، حل لك الأجر أو ما حل لك الأجر وإنما قال ومما سبق تعرف جواب سؤالك !! فالجواب فيه خطيئتان، الخطيئة الأولى ما قال له قال الله قال رسول الله أبدا مع أنه المسألة من أوضح المسائل بالنسبة لمن كان على علم وفقه في الكتاب والسنة والمسألة الأخرى أنه حيره أتى له بقولين طاب لك الأجر لكن قول ثاني يكره والكراهة في المذهب الحنفي إذا أطلقت فإنما هي للتحريم فلو رجع هذا المفتي كما أوجب عليه هذا الحديث أن يفتي المستفتي على ثبت وبينة ورشد لو رجع إلى الكتاب والسنة لوجد مثلا في القرآن الكريم (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) فهذا تعاون على العدوان ومعصية الرحمن تبارك وتعالى ولوجد في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) فلعن كل من يساعد على أكل الربا وكذلك في الحديث الصحيح ( لعن الله في الخمر عشرة ) عشرة أجناس ابتداء من الشارب وانتهاء إلى حامل الخمر ذلك لأنهم كلَّهم يتعاونون على شرب الخمر الذي هو المعصية في الأصل شرب الخمر لكن شرب الخمر لا يمكن أن يحصل بدون بيع الخمر وبيع الخمر ما يمكن أن يحصل بدون شراءه وشراء الخمر لا يمكن أن يحصل بدون شراء العنب وشراء العنب ما يمكن أن يصبح خمرا إلا بعصره وهذا العصير لا يمكن أن يصبح خمرا لأنه قد يمكن أن يصير خلا إلا بتعاطيه بطريقة فنية حتى يصير خمرا فإذا صار خمرا لا يمكن شربه من الدكاكين والحوانيت إلا بأن ينقل من العصارة من المخمرة إلى بائع الخمر وهكذا فلأن هؤلاء كلهم يساعد على، شارب الخمر على شرب الخمر لعنوا جميعا فكيف يخفى هذا على من كان على علم بالكتاب والسنة فيفتي لذلك المستفتي بأنه يجوز ادخار لحم الخنزير، فإذا المصيبة اليوم هي أن الفتوى مفروضة أن يفتي من كتاب ليس هو الكتاب والسنة والقضاة يجب عليهم أن يفتوا من القوانين وليتها كانت قوانين شرعية محضة كما كان الأمر في زمن المجلة حيث كلها طبقت أو جلها من المذهب الحنفي فأصبح اليوم فيها قوانين وضعية لم تنزل من السماء وإنما نبعت من الأرض ففرضت هذه الأحكام على القضاة المسلمين ليقضوا بها بين المسلمين هذه مصيبة حلت بالبلاد السورية والبلاد المصرية وربما في بلاد أخرى لا نعرف حقيقة الأمر فيها والآن فيه دعاة يدعون إلى تقنين الأحكام أي إلى الإقتداء بالدولة السورية والدولة المصرية وفرض آراء وأفكار معينة على القضاة الذين يحكمون هناك بالكتاب والسنة فهذه مصيبة مصيبة جديدة ونرجو الله عز وجل أن لا تتحقق في تلك البلاد ولكن يجب على كل مسلم أن يعرف هذه الحقيقة وهي أنه لا يجوز الإفتاء إلا من كتاب الله وحديث رسول الله كما لا يجوز القضاء إلا استنباطا من كتاب الله أو حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ففي هذا الحديث إذن تنبيه لأمور تتعلق بنا نحن وتتعلق بالأمة التي تنصب مفتين وقضاة يحكمون بغير ما أنزل الله ويتناسى هؤلاء جميعا الوعيد الشديد المذكور في ثلاث آيات من القرآن الكريم (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) (( فأولئك هم الفاسقون )) (( فأولئك هم الظالمون )) هذه آيات صريحة لذم بل بالحكم بالكفر على من لم يحكم بما أنزل الله ولكن هاهنا كلمة قصيرة أن الحكم بما أنزل الله منه حكم يرادف في الردة ومنه حكما لا يلزم منه الردة . التفصيل الذي ذكرناه في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا لا بد من استحضاره في تفسير هذه الآيات الثلاث (( ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الكافرون )) قال بن عباس " كفر دون كفر " (( ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الكافرون )) قال في تفسير الكافرون في هذه الآية كفر دون كفر أي إن الكفر نوعان كفر اعتقادي قلبي وكفر عملي وهذا ما يجهله كثير من المسلمين اليوم وخاصة منهم الشباب الناشئ فإنهم يتوهمون أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو مرتد عن دينه وليس كذلك بل يجب أن ينظر إلى الحاكم الذي يحكم بغير بما أنزل، بغير ما أنزل الله فإن كان يحكم بغير ما أنزل الله مستحلا له بقلبه مؤثرا له على حكم الله وحكم نبيه فهذا هو الذي يرتد به عن دينه أما إن كان في قرارة قلبه يعتقد بأن الحكم بما أنزل الله هو الصواب وهو الواجب لكن الله يعيننا على البشر شلون بدنا نسوقهم يعني بيلاقي له عذر ولو أنه عذر غير مقبول إنما اعتذاره بهذا العذر يدل على أنه يؤمن بحكم الله وحكم رسوله أنه هو الصواب لكن انحرف عن هذا الحكم كما ينحرف كثير من الناس الذين يظن بهم خيرا . الحاكم المسلم الذي يحكم بكتاب الله وبحديث رسول الله ليس معصوما فقد يضل في حكم ما أي يرشى مثلا فيحكم بغير ما أنزل الله فهذا ينطبق عليه قوله تعالى (( فأولئك هم الكافرون )) ولكن بأي معنى أولئك هم الكافرون كفر ردة أم كفر معصية ننظر إذا كان حينما ارتشى وحكم للراشي بما ليس له إن كان يعتقد أنه آثم في نفسه كما يعتقد الغاش والسارق والزاني إلخ فهو أثم وليس بكافر وهذا معنى كفر دون كفر وإن كان يقول كما يقول كثير من الشباب الذي تثقف الثقافة الأجنبية ولما يدخل الإيمان في قلبه يقول بلا إسلام بلا إيمان بلا رجعية بلا ... إلخ فهذا وضع الغطاء على رأسه بالكفر فهو إلى جهنم وبئس المصير .
فإذن يجب أن نعرف أن الواجب على المسلم أن يحكم بما أنزل الله وبما فسره وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان مفتيا عاديا، يعني واحد يمشي بالطريق يجي إنسان بيسأله فلازم يتثبت ولا يقل له حرام حلال لأنه هو درس في كتاب الله أنه حرام أو حلال فذلك المفتي الرسمي الموظف أولى وأولى أن لا يفتي الناس بدون رشد وبدون بينة وحجة والقضاء أولى وأولى أن لا يحكم القضاة في قضائهم إلا بما جاء في كتاب الله وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولخطورة القضاء على الكتاب والسنة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ) لأنه قضى بجهل .
إذن يجب القضاء بالكتاب والسنة فإذا قضى بالكتاب والسنة فهو الناجي وإذا قضى بخلاف ما عرف من الكتاب والسنة فهو أثم وإذا قضى بجهل أي بالكتاب والسنة وبجهل ما عارف المذهب الحنفي أو المذهب الشافعي لأنه هذا هو العلم لذلك قال بن القيم رحمه الله وبكلامه أختم درسنا هذا قال
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التعطيل والتشبيه " والحمد لله رب العالمين .
اضيفت في - 2008-06-18