الشيخ : إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ))(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار .
كلام الشيخ على حديث أبي هريرة في الفتن الذي رواه مسلم ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها ........) .
الشيخ : الحديث الذي يليه و هو أيضا في مسلم لكن في كتاب الفتن و هو أيضا من رواية أبي هريرة و هو قوله و عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم
تنبيه الشيخ على الفائدة اللغوية وهي مجيء (أو) بمعنى الواو .
الشيخ : في هذا الحديث فائدة لغوية قد تخفى على بعض الناس و هي مجيء " أو " بدل الواو العاطفة وقوله عليه السلام هنا أو الدخان هي بمعنى و الدخان أو الدجال هي بمعنى و الدجال أو الدآبة إلى آخره فهذا الحديث كالحديث السابق من حيث أن النبي صلى الله عليه و سلم يحث فيه المسلمين على أن يبادروا أشراط الساعة بالأعمال الصالحة بما سبق بيانه في الحديث السابق لكن هذا الحديث يفصّل بعض الأشراط التي لم يشر إليها في الحديث الأول فيقول عليه الصلاة والسلام ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها )
كلام الشيخ على العلامة الأولى من علامات الساعة الكبرى وهي طلوع الشمس من مغربها .
الشيخ : طلوع الشمس من مغربها مما جاء ذكره في القرآن الكريم كما هو معلوم وأما يوم تطلع من مغربها يومئذ لا تنفع نفس إيمانها لم تكن قد آمنت من قبل و هذا بلا شك يحتاج إلى كثير من الإيمان لا سيما عند الناس الذين يدرسون العلم الحديث و علم الفلك و نحو ذلك والذين يغلب عليهم إلا من يشاء الله منهم التمسك بالنظم و بالسنن التي يسمونها بالسنن الكونية أو الطبيعية ثم ينسون و بعضهم يجحدون الذي سنها والذي نظمها هذا التنظيم البديع فطلوع الشمس من مغربها معنى ذلك قلب نظام هذا الكون بلا شك هذا القلب لا يتسع للإيمان به إلا قلب كل مؤمن آمن بربه عز و جل و أنه فعال لما يشاء و لما يريد و خلاق كما يشاء و كما يريد كما قال عز و جل (( وربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحانه و تعالى عما يشركون )) على أن طلوع الشمس من مغربها هو ... نظام هذا الكون من أصله كما جاء في كثير من الآيات الكريمة (( إذا الشمس كورت و إذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت )) هذا كله إشارة إلى أن هذا الكون المنظم بهذا التنظيم سيتصرف فيه رب العالمين تصرفا يغيّر في هذا الكون ما يشاء من تغيير كما قال (( يوم تبدل الأرض غير الأرض و السماوات و برزوا لله الواحد القهار )) فمن أوائل الإشارة إلى هذا التغيير الجذري إنما هو طلوع الشمس من مغربها الذي يطلعها كل يوم من مشرقها ليس بعاجز أن الله عز و جل يطلعها من مغربها إيذانا بأن هذه الدنيا انتهت و لذلك جاء الوصف السابق بأن يوم تطلع الشمس لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل هذا أول شروط الساعة و التي اصطلح العلماء على تسميتها بشروط الساعة الكبرى فالرسول صلوات الله و سلامه عليه يقول هنا ( بادروا بالأعمال ستا أولها طلوع الشمس من مغربها ) ذلك لأن الأمر حين ذاك خطير المسلم المذنب إذا لم يتب قبل طلوعها لا تنفعه توبته ، الكافر إذا لم يتب من كفره لم تنفعه توبته و هكذا ، فهنا تجب المبادرة إلى التوبة من الأعمال الصالحة و بالأولى و الأحرى أن يبادر الكفار و المنافقون أن يعودوا إلى ربهم و يؤمنوا بإسلامهم .
كلام الشيخ على العلامة الثانية وهي الدخان وما يتعلق به وبماهيته .
الشيخ : طلوع الشمس من مغربها أو الدخان ، الدخان أيضا من أشراط الساعة و لكن يجب أن نلاحظ هنا شيئين اثنين الشيء ، الأول أنه لم يأت في السنة الصحيحة كبير شيء يذكر في وصف هذا الدخان الذي يكون من أشراط الساعة لكن الظاهر أنه دخان يعم الناس جميعا يعني كما لو تصورنا يعني أن غازا مخنقا من هذه الغازات التي يتضارب بها الكفار اليوم و الإستكثار منها إرهابا لأعدائها و قد يتصورون أنه إذا ألقي منها بعض القنابل لأهلكت الحرث و النسل فهذا الدخان يكون من الله عز و جل و ليس بواسطة أي إنسان كطلوع الشمس من مغربها و الظاهر أن هذه الآية الدخان يكون عاما و شاملا لأهل الأرض و لكن الله عز و جل يعامل المؤمنين به معاملة خاصة كمثل ما يعاملهم يوم يأذن بإقامة الساعة على أهل الأرض و قد جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ) و في حديث آخر قال ( لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من يقول الله الله ) عرفتم من هذ الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم لما ذكر الدخان فهمنا منه أنه بلاء كبير يحيط بأهل الأرض جميعا لكن لا نستبعد أن يعامل الله عز و جل عباده حين ذاك بمعاملة يستثنيهم مما يصيب الكفار من ضنك العيش و الحياة و الشدة و العذاب بسبب هذا الدخان كما جاء في بعض الأحاديث السابقة أن الله عز و جل إذا أراد أن يقيم الساعة أرسل ريحا طيبة فقبضت روح كل مسلم على وجه الأرض فلا يبقى إلا شرار الخلق و عليهم تقوم الساعة و لعلي في فرصة أخرى و قد ذكر الحافظ بن كثير في آية (( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم )) قد ذكر في تفسير هذه الآية بعض الأحاديث الواردة في الدخان التي هي شرط من أشراط الساعة إلا أن هذه الأحاديث لا تخلو من ضعف و إن كان هو أعني الحافظ بن كثير قد ذهب إلى تقوية و تجويد بعضها لكني تبين بدراسة عاجلة أنه غير مصيب في ذلك و لكن يحتاج الأمر بعد إلى زيادة تحقيق في تلك الأسانيد و لعلي آتيكم بالجواب في درس آخر إن شاء الله .
تنبيه الشيخ على الفرق بين الدخان الوارد في قوله تعالى: ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) وبين ما ورد في الحديث .
الشيخ : و قبل أن ننهي الكلام على هذه الآية من الآيات الستة ألا و هو الدخان أريد أن أذكر أن الآية السابقة (( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين )) الظاهر أنها لا تعني الدخان الذي هو شرط من أشراط الساعة فقد ثبت في الصحيحين من حديث بن مسعود رضي الله عنه أن الدخان المذكور في الآية أصيب به المشركون في عهد النبي صلى الله عليه و سلم فالدخان المذكور في الحديث إذن هو غير الدخان المذكور في الآية ، و نقف هنا لنتم التعليق إن شاء الله في الدرس الآتي على بقية الحديث .
مواصلة الشيخ لشرح حديث أبي هريرة في مجلس آخر وتتمة كلامه على العلامة الثانية وهي الدخان .
الشيخ : كان في درسنا الماضي آخر حديث فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم ، و كنا تكلمنا على بعض الفقرات وصلنا إلى الدخان و ذكرنا أن هذا الدخان المذكور في هذا الحديث هو غير الدخان المذكور في الآية التي ذكر فيها الدخان و هذا على قول بعض العلماء و المهم أن هذا الدخان المذكور في هذا الحديث هو علامة من علامات الساعة فذكرنا أنه لم يرد في السنة الصحيحة شيء من صفات هذا الدخان وحينما أقول الصحيحة يعني أن هناك روايات فيها ضعف من حيث إسنادها فيها تفصيل لهذا الدخان و أنه يأخذ بقلوب الكفار و يموتون خنقا بخلاف المؤمنين فإنه لا يؤثر فيهم .
كلام الشيخ على العلامة الثالثة وهي خروج الدجال وبيان ما ورد فيه من الأحاديث وما فيها من صفاته .
الشيخ : أما الخصلة التي تلي الدخان و هي الدجال فالواقع أن أحاديث الدجال كثيرة و كثيرة جدا حتى بلغت مبلغ التواتر و في كل حديث أو في كثير من هذه الأحاديث صفات و بيانات تتعلق بالدجال غير الصفات و البيانات التي يرد ذكرها في الأحاديث الأخرى و مجموع هذه الأحاديث يأخذ منها الباحث القطع أن هذا الدجال هو شخص إنسان من خلق الله عز و جل و أن له مخاريق و له خوارق عادات يفتتن بها الناس ليس كل الناس و إنما الذين ليس في قلوبهم إيمان قوي و علم صحيح ... بعد ما رأيت هل تؤمن قال ما ازددت إلا إيمانا بأنك أنت الدجال الأكبر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم و يقول الرسول في هذا الحديث أنه لا يستطيع أن يسلط عليهم مرة أخرى و ذلك ليظهر عجزه في زعمه ادعاء الربوبية فهذه من صفات الدجال مما يتعلق بخوارقه لكن من صفاته البدنية ... و التي لا تليق بالرب تبارك و تعالى أنه أعور و اختلفت الروايات في تعيين اليمنى أو اليسرى لكن اتفقت كلها على أنه أعور و يقول الرسول صلى الله عليه و سلم للصحابة و هو يصف لهم هذا الدجال ( إنه أعور و إن ربكم ليس بأعور ) و يزيد في تنبيه المؤمن على أن هذا الدجال يستحيل أن يكون هو الرب قال عليه السلام ( وإن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت ) فكيف يكون ربكم هذا و أنتم ترونه و لن يرى أحدكم ربه حتى يموت ثم ترونه أعور و هذا عيب و نقص و الله عز و جل له كل صفات الكمال و مما يتعلق بالدجال وصفا له أن الله عز و جل حرم عليه مكة و المدينة فلا يتمكن من دخولهما هذه الصفات كلها تعطي للمطلع عليها أنه شخص مخلوق .
رد الشيخ على كثير من الكتاب اليوم الذين يزعمون أن الدجال هو كثرة الشر ومنهم الدجال ميرزا غلام القادياني .
الشيخ : و مع ذلك كله ستجد كثيرا من الكتاب قديما و حديثا و بخاصة اليوم ينكرون هذه الحقيقة التي تواردت على إثباتها الأحاديث المتواترة فيقولون إن الدجال ليس شخصا و إنما هو رمز للشر ... التي يظهر في آخر الزمان و هذه الدعوة ادعاها قبل هؤلاء الكتاب ذلك الدجال السابق الذكر هو ميرزى غلام أحمد القادياني فزعم بأن الدجال هو الشر و ليس الإنسان كما أنه زعم في الأحاديث التي لا تقبل التأويل في نزول موسى عليه السلام لأنه ليس يعني نزول شخص عيسى وإنما يعني نزول الخير و السلم و نحو ذلك من الصفات التي تقابل الشر الذي يرمز إليه الدجال و هذا الدجال القادياني تأول أحاديث نزول عيسى بالخير و تأول أحاديث خروج الدجال بالشر فقلده و تبعه على هذ التأويل كثير من الكتاب الإسلاميين اليوم مع الأسف الشديد و قد يكون فيهم من يؤسفنا جدا جدا أن يتأول هذا التأويل لأننا نعتبره في مقدمة العلماء الباحثين المحققين الذين كان لهم عناية خاصة في الدعوة إلى السنة و إلى نشرها و أعني بذلك الشيخ السيد محمد رشيد رضا رحمه الله و لكن مع الأسف الأمر كما قيل لكل عالم زلة و لكل جواد كبوة هذا من كبوات هذا الإنسان العالم حيث تأول مع المتأولين أحاديث الدجال و غيرها لا يمكن للمسلم المتجرد عن الهوى إلا أن يؤمن بحقائق أحاديث الدجال وهي تؤدي إلى ما قدمنا لكم آنفا شيئا من خلاصتها وهي كلها تنتهي إلى أنه رجل مخلوق ربنا عز و جل يسخر له بعض المخلوقات كالمطر و نحو ذلك ليرتج بذلك عباده فإما الإيمان بهذه الحقائق و إما إنكار الأحاديث من أصلها لأن التأويل هو في الحقيقة إنفاء للمعنى الذي تضمنته النصوص يتأولون مثلا الدجال بأنه الشر فكيف يوصف الشر بأنه أعور و ربكم ليس بأعور و كيف يوصف بالشر بأنه لا يدخل مكة و المدينة و نحن مع الأسسف الشديد نرى اليوم قد دخل مكة و المدينة شر كبير جدا من الخلاعة و من الفتنة بالمال و نحو ذلك و الأحاديث تصرح بأن الدجال لا يدخل مكة و المدينة لكن الشر قد دخل هاتين البلدتين المقدستين لذلك يجب الإيمان بأن الدجال لابد أنه سيخرج في آخر الزمان و أنه يفتتن به كل ضعيف الإيمان و قد جاء في الأحاديث الصحيحة أن من اعتاد على قراءة العشر الأول من سورة الكهف أمن فتنة الدجال و من خطورتها كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يستعيذ منها في صلاته و يأمر بذلك كل مصلّ فكان عليه الصلاة و السلام يقول ( إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير فليستغذ بالله من أربع يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم و من عذاب القبر و من فتنة المحيا و الممات و من شر فتنة المسيح الدجال ) فاستعاذة الرسول عليه السلام و أمره بهذه الإستعاذة دليل على خطورة هذه الفتنة لذلك فإذا كنا نتصور أن الدجال الأكبر بعيد عنا الآن فذلك لا يسوّغ لنا أن لا نؤمن بخروجه إيمانا منا و تصديقا بالمخبر به ألا و هو رسول الله صلى الله عليه و سلم و يجب أن نتذكر في هذه المناسبة أن تأويل الدجال أو الدابّة أو طلوع الشمس من مغربها بتآويل تلتقي مع مفاهيم الناس جميعا يجب أن نعلم أن الذي يحمل الناس على مثل هذا التأويل هو قلة إيمانهم أو ضعف إيمانهم لأن هذه أمور غيبية ثم كثير منها هي من خوارق العادة و الناس قد ألفوا العادات فيصعب عليهم الخروج منها ليس فقط عملا بل و فكرا و اعتقادا فمجيء الإنسان كهذا الدجال الأكبر يقول للسماء أمطري فتمطر إلى آخر المخاريق التي أشرنا إليها آنفا هذا أمر غير معتاد لدى الناس جميعا و لذلك لا تتسع عقولهم المادية للإيمان بهذه الأخبار الشرعية فيجب أن نتذكر أن عدم الإيمان بها بعد ثبوتها إما كتابا كطلوع الشمس من مغربها كتابا و سنة و إما كخروج الدجال الأكبر و قد تواترت الأحاديث الصحيحة فيه ، عدم الإيمان بهذه الحقائق هو دليل فقدان الإيمان كلا أو جلا و قد قال الله عز و جل في وصف عباده المؤمنين المتقين أول ما وصفهم به هو الإيمان بالغيب فقال (( آلم ذلك الكتاب لا ريب فبه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب و يقمون الصلاة )) فأول شرط الإيمان هو الإيمان بالغيب فكلما اتسع إيمان المسلم بما جاء في الكتاب و السنة و السنة الصحيحة كلما كان أقرب إلى الله تبارك و تعالى و كلما ضاق أفق تفكيره و قلبه عن أن يؤمن بآيات ربه و أحاديث نبيه كان ذلك أقرب أن يكون إلى الكفر منه إلى الإيمان فيجب أن نعرف أن من عقائد المسلمين الإيمان بخروج الدجال في آخر الزمان و من صفاته الصحيحة أن عيسى عليه الصلاة و السلام هو الذي يقتله و يقتله بأمر أيضا خارق للعادة لا يقتله لا بالرصاص المعروف اليوم و لا بالقنابل اليدوية أو المدفعية أو نحو ذلك من الوسائل الحديثة القاتلة و إنما بحربة ثم إنما هو حينما يرميه بالحربة يذوب كما يذوب الملح كل هذه الأشياء أمور خارقة للعادة .
كلام الشيخ على أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق وكما ورد في الحديث ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله ) .
الشيخ :( أن الساعة لا تقوم حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول الله ) و معنى هذا لا يبقى على وجه الأرض من يعرف التوحيد ... بجانب السنة فعلا و بهذه المناسبة نذكر بأن بعض الناس و بعض المشايخ يسيئون تفسير هذا الحديث ( لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من يقول الله ) ليس معنى الحديث من يقول في الذكر الله الله هيك ليأخذه الحال زعم لا ، هذا لا أصل له في السنة و إنما معنى الحديث كما جاء في رواية صحيحة للإمام أحمد في المسند ( لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله ) و هذا يبين لكم أن الساعة لا تقوم على الموحدين و لو لم يكن للموحدين فضيلة إلا هذه فقط لكفتهم أي أن الأرض تظل عامرة ما وجد فيها موحد واحد فلا تقوم الساعة إلا على المشركين كما قال عليه السلام ( لا قوم الساعة إلا على شرار الخلق ) و شرار الخلق هم الكفار و كل كافر مشرك كما شرحنا لكم ذلك أيضا مرارا و تكرارا .
الشيخ : إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ))(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء واتقوا الله الذي تساءلون به الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار .
شرح الشيخ لباب البخل من كتاب الأدب المفرد وتحته حديث جابر مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سيدكم يا بني سلمة............
الشيخ : يأتي الآن باب جديد من أبواب الأدب المفرد للإمام البخاري و هو قوله " باب البخل " يروي أيضا بإسناده الصحيح عن جاير قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من سيدكم يا بني سلمة ) قبيلة من قبائل العرب بني سلمة سأل أهل هذه القبيلة أو بعضها من سيدكم من رئيسكم من هو أعلاكم و هو الذي يقودكم قلنا " جد بن قيس " اسم عربي قالوا هذا هو رئيسنا جد بن قيس لكن جماعة عرب و مسلمون و يصدقون فيما إذا تكلموا فبعد ما ذكروا أن رئيسهم فلان أتبعوا ذلك بقولهم " على أنا نبخله " ذكروا فيه عيبا و على أنا نبخله يعني نجده بخيلا مع أنه رئيسنا و المفروض في الرئيس يكون كريم و يكون سخي لكن هذا على خلاف ذلك على أنا نبخله فرد الرسول عليه السلام بقوله ( و أي داء أدوى ) أصله أدوء ( و أي داء أدوى من البخل بل سيدكم عمرو بن الجموح )
الشيخ : من أهما أن ذكر بني سلمة للرسول عليه السلام في غيبة جدّ بن القيس رئيسهم أنه بخيل هنا فائدة فقهية و هي أنه يجوز استغابة الرجل إذا ترتب من وراء ذلك مصلحة شرعية هذه غيبة قول أهل بني سلمة للرسول عليه السلام لما سألهم عن رئيسهم أو سيدهم فلان على أنا نبخّله ، فتبخيلهم إياه أي وصفهم إياه بالبخل فهذه غيبة لأنه يعرف كل واحد منكم أن الغيبة ... على الآداب الإسلامية ، فقول القائل نبخله يعني نجده بخيلا هذه غيبة لأن الغيبة كما قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) و كلّ منّا إذا ذكر بما فيه من الخلق السيء فهو غيبة بلا شك إذا قلت زيد من الناس بخيل فهذا يكره و لو يعرف حاله أنه بخيل إذا قلت فلان غضوب و هو كان غضوب لكن هذا الشيء يكرهه و على ذلك هذا فقس كله غيبة لأن الرسول عليه الصلاة يقول ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) و قال السائل كأنه يتوهم أن ذكر الإنسان بما فيه لا حرج فيه فلما ذكر الرسول عليه السلام أنه فيه كل حرج قال ( فإذا لم يكن ما ذكرته فيه فقد بهتّه ) بهتان هذا إثم أكبر و أكبر إذا كانت الغيبة ذكرك أخاك بما يكره فكيف وصف أهل بني سلمة رئيسهم و سيدهم بحضرة الرسول عليه الصلاة و السلام بأنه بخيل و أقرهم الرسول على ذلك و ما قال لهم آش بتسوا ليش تغتتابوه كما يفعل بعض المتورعين بل بعض المتنطعين حينما تأتي ... بوصف رجل ما بخلق سيء فيه تحذيرا للناس يقول واحد متورع أو متنطع ... فيجب أن نعرف تفصيل قول في الغيبة و هذا الحديث يعطينا مثالا من أمثلة هذا التفصيل الأصل أن الغيبة محرمة و ضابطها أن المستمع ليس له مصلحة دينية حينما يستغيب المستغاب و إنما هو " تفشيش خلق " أو من باب التسلية .... أو ما شابه ذلك هذا كله غيبة محرمة أما إذا كانت الإستغابة لا يقصد بها الترويح عن النفس و إنما المقصود بها مصلحة إسلامية فهذه تكون غيبة جائزة و هنا طبعا تتنوع بصور شتى ... .
الشيخ : وقد جمعها بعض العلماء في بيتين من الشعر قالوا : " و القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلم و معرف و محذّر ومجاهر فسقا و مستفت و ما *** طلب الإعانة في إزالة منكر " ستة أشياء ... في كل خصلة من هذه الخصال فروع كثيرة جدا لكن ... الست خصال مما أبيحت و استثنيت من الغيبة المحرمة فقال العالم الشاعر " القدح ليس بغيبة في ستة " أوّلها ... .
كلام الشيخ على أول موضع يجوز فيه الغيبة وهو التظلم .
الشيخ : أولها متظلم يعني مظلوم ، فالمظلوم له الحق أن يقول فلان ظالم لم ؟ لأنه تعاطى كل الوسائل الممكنة ليصل إلى حقه من ذلك الظالم فلم يفلح و لم ينجح ما بقي غير يشهره للناس لعله يتحسس قليلا و يقدم الحق لهذا المظلوم و لذلك قد صرح الرسول صلوات الله و سلامه عليه بهذا الحكم ... فقال ( لي الواجد يحل عرضه و عقوبته ) لي الواجد ، اللّيّ هو المماطلة كما في حديث آخر ( مطل الغني ظلم ) و الواجد هو الغني ، لي الواجد أي مماطلة الواجد الغني الذي يجد ما ... عليه الحق يعتبره الشارع الحكيم ظلما فقال عليه الصلاة و السلام في الحديث السابق ( يحل عرضه و عقوبته ) يحل عرضه المقصود يحل النيل منه و الطعن فيه و لكن لا يقال مثلا فلان كذاب إذا كان يعرفه صادقا فيتكلم بما يطعن في عرضه في خصوص ما ... على هذا المظلوم فقط هذا معنى ( لي الواجد يحل عرضه ) و عقوبته ؟ من الذي يعاقبه ؟ الحاكم المسلم الحاكم المسلم يحق له أن يستدعي الظالم الذي يمتنع عن أداء الحق الذي عليه لهذا المظلوم فيعاقبه بنفسه يجلده خمسة ، عشرة ، بحسب على ما يرى في تأديبه حتى لا يعود مرة أخرى إلى الإعتداء على حقوق الناس فهذا الحديث صريح فإباحة استغابة الظالم ( لي الواجد يحل عرضه ) يعني الطعن فيه و عقوبته من الحاكم فأول خصلة مما يستثنى من الغيبة المحرمة هو المظلوم ، متظلم يعني يشكو ظلمته عند الناس يقول فلان ظلمني وهذا الحكم ليس فقط في الحديث بل و في القرآن الكريم حيث قال الله تبارك و تعالى (( لا يجب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم )) من ظلم يجوز له أن يجهر بالكلام السيء بالنسبة لمن ظلمه هذا أول نوع مستثنى من الغيبة المحرمة متظلم .
الكلام على الموضع الثاني الذي يجوز فيه الغيبة وهو المعرف وذكر الدليل على ذلك وبيان أن ما ورد في الحديث منه .
الشيخ : و معرّف هذا الذي بين أيدينا الآن و الأمثلة كثيرة الرسول عليه السلام سأل بعض الصحابة من بني سلمة ( من سيدكم ؟ ) قالوا " جدّ بن القيس " هو يسألهم ليتعرف و هم أجابوه تعريفا له عليه السلام فقالوا " على أنا نبخله " و أوضح من هذا المثال لما جاءت امرأة و قد خطبها رجلان جاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم قالت يا رسول الله فلان و فلان خطباني قال أما هي قالت أبو جهم ... رجل من الصحابة و معاوية بن أبي سفيان كل منهما خطبني فكأنها تقول أنا محتارة يا ترى أوافق على هذا أم على هذا و كأنها تقول للرسول عليه الصلاة و السلام انصحني يا رسول الله قل لي هذا أم هذا الرسول ما قال لها ... لأن النساء أذواقهم و مقاصدهم و غاياتهم مختلفة فما على الرسول عليه السلام إلا أن يصف كلا من الخاطبين للمرأة المخطوبة كل منها لذلك قال عليه السلام ( أما أبو جهم فرجل لا يضع العصا عن عاتقه وأما معاوية فرجل صعلوك ) فنجد هنا رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثنا عن عيب كل واحد من الخاطبين لتلك المرأة حتى تكون على بصيرة و قد ذكر العلماء في تفسير كلام الرسول عليه السلام في أبي جهم وقوله أنه رجل لا يضع العصا عن عاتقه بأن معناه أحد شيئين إما أنه كناية على أنه معروف بظلمه للنساء و ضربه لهن لأن لا يضع العصا على عاتقه أنه مستعد أن يضرب المرأة على أقل خطيئة أو تكاسل أو تهاون أو و ما شابه ذلك و معنى آخر لا يضع العصا على عاتقه أنه كثير الأسفار ... لكن المعنى الأول هو الأصح الذي تبين للعلماء ، أما معاوية رجل صعلوك فمعناه رجل فقير و نحن إذا تأملنا في هذين الوصفين لوجدنا أن كلا من الرجلين لا يرضى أن يذكر خاصة من الرسول عليه السلام بما فيه فأبو جهم ما يريد أن ينفضح أمام النساء لاسيما أمام خطيبته بأنه رجل ضراب للنساء و معاوية كذلك هو ما يناسبه أن يقال و يعرف النساء أنه رجل صعلوك فقير لا جاه له و لا قيمة له في المجتمع هذا غيبة ... و لكن مصلحة النصح كما قال عليه الصلاة و السلام في بيان حق المسلم على المسلم ( و إذا استنصحك فانصحه ) فواحد جاء سأل جاره أو صديقه شو رأيك في فلان خير إن شاء الله ، أنا أريد أن أشاركه الذي يعرف عنه أنه خاين و أنه غشاش و أنه كذا و كذا لازم يذكر ما فيه لأن هذا الدين نصيحة ما يقول هذه غيبة لا هذه ليست من الغيبة المحرمة يا فلان شو رأيك في فلان خير إن شاء وهو خاطب من عندنا فهذا لازم تبين عيوبه حتى إذا صار اتفاق على الخطبة يكونون على بينة من الأمر مش يغشهم و يقول هذه غيبة محرمة هذا الوصف و التعريف و لو تضمن غيبة فليس حراما " القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلم و معرف "
الكلام على الموضع الثالث من مواضع جواز الغيبة وهو المحذر .
الشيخ : و محذّر هذه الخصلة الثالثة أنا شايف فلان يعاشر فلان يجي يقول له اصح تمشي مع فلان خير إن شاء الله هذا أخلاقه كذا كذا بس غيبه ليش لأن هذا المقصود فيه تحذير الشاب الصالح نحذره من أن يخالط الشاب الفاسد ، الشاب ذو الخلق الحسن ينهى أن يخالط الشاب ذو الخلق السيء لم ؟ لأن طبيعة الناس أنها تنعدي مثل الفواكه الجميلة إذا وضعت بجانب الفاكهة الفاسدة أفسدتها و سرت لها العدوى سنة الله في خلقه و لن تجد لسنة الله تبديلا و من أجل ذلك حذر الرسول عليه السلام من رفقة السوء فقال ( مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك إما أن يحذيك ) أي يعطيك بالمجان ( و إما أن تشتري منه و إما أن تشم منه رائحة طيبة ) فالجليس الصالح على كل حال كسبان مثله كمثل الذي يجالس العطار إما أن يعطيه مجانا و إما أن يشتري منه بالمصاري و إما على الأقل يكتفي بشم الرائحة الطبية أما مثل الجليس السوء فهو قال عليه السلام في بقية الحديث ( كمثل الحداد إما أن يحرق ثيابك و إما أن تشم منه رائحة كريهة ) هذا و ذاك مثل الجليس الصالح و مثل جليس السوء فإذا رأينا إنسانا صالحا يخالط إنسانا طالحا فنحن نحذره نقول فلان لا تمشي معه يقول كذا و بيعتقد كذا أو نتورع و نقول نحن لا نحن لا نغيب الناس هذه ما هي غيبة مكروهة بل غيبة واجبة مش بس جائزة هذا تحذير إياك أن تمشي مع فلان لأنه كذا و كذا فهذا واجب إذًا صار معنا الآن ست خصال متظلم و معرف و محذر
الكلام على الموضع الرابع من مواضع جواز الغيبة وهو المجاهر بالفسق .
الشيخ : الخصلة الرابعة و مجاهر فسقا واحد يشرب خمر علنا لا هو يخشى الله و لا يستحي من عباده هذا هو الفاسق المجاهر بفسقه فهذا يستغاب يقال فلان يشرب الخمر ما يستحي من الناس إطلاقا هذا داخل في النص العام ذكرك أخاك بما يكره من حيث المعنى داخل لكن من حيث الأدلة المخصصة استثنى هذا النوع من ذاك النص العام هذا هو الفاسق المعلن فسقه و فجوره فلان مثلا فاتح بار ، فاتح محل خمور هذا ليس من الغيبة المحرمة أبدا ، هذا يستثنى من الغيبة المحرمة .
الكلام على الموضع الخامس من مواضع جواز الغيبة وهو المستفتي وذكر الدليل عليه من حديث هند رضي الله عنها .
الشيخ : النوع الخامس بعد أن قال و مجاهرا فسقا قال ومستفتٍ هذا القسم الخامس من الغيبة المستثناة من التحريم و مستفت ، المستفتي له أمثلة و وقائع و أنواع كثيرة جدا يأتي الرجل إلى العالم فيقول زوجتي تفعل كذا و كذا ... أو المرأة تأتي إلى العالم و تقول زوجي يفعل كذا و كذا و كل منهما يصف الآخر بوصف غيبة فهذا جائز أم حرام ؟ هذا جائز بل مستثنى من الغيبة المحرمة و الدليل على ذلك قصة هند لما جاءت إلى الرسول عليه الصلاة و السلام و قالت " يا رسول الله إن زوجي رجل شحيح " ، مثل نبّخله رجل شحيح أي بخيل أي يعني ما هو قائم بواجباته تجاه زوجته و أولاده " أفيجوز لي أن آخذ من ماله ما يكفيني أنا و أولادي " قال عليه السلام ( خذي من ماله ما يكفيك أنت و ولدك بالمعروف ) هذا هو الحديث و ليس الحث فيه و إنما بمقدار ما يناسب ما نحن فيه و هو قول المرأة زوجي شحيح كيف سكت الرسول عن هذه الغيبة لأنها غيبة جاءت بمناسبة الإستفتاء فزوجي بخيل ما هو قائم بواجب الإنفاق علينا فهل يجوز أن آخذ من ماله بدون شعوره و علمه قال لها يجوز و لكن بشرط واحد أو بالأحرى شرطين اثنين ، الشرط الأول كأنه يقول لها إن كنت صادقة أنه بخيل و أنه ما يقوم بواجب الحق حق النفقة فيجوز أن تأخذي أنت من ماله ما يكفيك و ولدك لكن بشرط بالمعروف يعني بما يعرف عادة أن هذا المقدار الذي تأخذيه أنت كافي كأن الرسول عليه السلام يقول لها لا تستغلي سماح الشرع لك أن تأخذي من مال زوجكي البخيل المقصر في حق النفقة لك و لأولادك لا تستغلي سماح الشرع لك أن تأخذي بمقدار ما يكفيك أنت و ولدك ... لا ، خذي من ماله ما يكفيك أنت و ولدك بالمعروف هذا مثال مما دل على جواز الاستغابة في سبيل استفتاء زوجي رجل شحيح إذا قال الرسول ما دام الأمر كذلك فخذي ما يكفيك أنت و ولدك بالمعروف
الكلام على الموضع السادس من مواضع جواز الغيبة وهو من طلب الإعانة في إزالة منكر .
الشيخ : النوع السادس و الأخير قال و من طلب الإعانة في إزالة منكر كما الإنسان يجد في حارته مثلا إنسان ... فاتح بيته عامله خمارة مثلا أو عامله ماخور أو ما شابه ذلك و الإنسان قوي لأخيه فهو وحده لا يستطيع أن يعمل شيء يأتي إلى جاره فلان و جاره علان إلى آخره أن فلان يعمل كذا و كذا دعنا نتعاون بالتي هي أحسن نكلمه أو مثلا نكتب في شأنه عريضة أو شابه ذلك فأيضا ذكر هذا الإنسان و لو كان متسترا هذا ما هو فاسقا معلن فسقه حتى يدخل في أحد الأقسام السابقة هو متستر لكن رائحته طلعت ... لذلك فيجوز لمن يريد أن يستعين بأهل الخير و الصلاح لقطع شر هذا الإنسان أن يقول كان يعمل كذا و كذا و هذه كلها غيبة من الناحية اللغوية لكن ليس غيبة من الناحية الشرعية ففي هذا الحديث الذي نحن الآن في صدده جاء مثال لنوع من الأنواع الستة و هو جواز ذكر الإنسان بما فيه إذا لم يكن الغرض منه " تفشيش الخلق " كما يقال اليوم و إنما كان القصد وصفه و بيان حاله للرسول عليه الصلاة و السلام حينما سألهم بقوله ( من سيدكم يا بني سلمة ؟ ) قلنا " جدّ بن قيس على أنا نبخله "
الشيخ : و قد جاء في ترجمة هذا الجِد ما يبدو أنه كان من الصحابة و لكن كان فيه شك في إسلامه يعني يظل حتى اليوم في كتب التراجم أنه كان يوصف بالنفاق و قيل بأنه في آخر حياته حسن إسلامه هذا جد بن القيس و سواء كان هذا أو هذا فيبدو أنه لم يكن من الصحابة المشهورين المعروفين بالإسلام و الصلاح فلذلك فكونه كان سيد بني سلمة على كونه بخيلا ... .
كلام الشيخ عن كفارة الغيبة وهل تحصل بالاعتذار من الذي وقعت عليه الغيبة .
الشيخ : الشارع و هو كفارة الغيبة الإعتذار لمن اغتبته هذا ليس له أصل في الشريعة و هو أن الذي اغتبته إذا أردت أن تتتوب توبة نصوحة فعليك أن تعتذر منه هذا لا دليل عليه و يكفي المستغيب أن يتوب إلى الله عز و جل باستغابته لأخيه إما أن يدعو للأخ المستغاب بالغيب أن يدعو له إذا كان يعلم إن اعتذر إليه زادت المشاكل و هناك حديث صريح في هذا الموضوع لكننا نذكره مع بيان ضعفه و لا نحتج به لأنه ضعيف الإسناد " كفارة من اغتبته أن تستغفر له " و لو كان هذا حديث صحيح لكان حجة قاطعة في هذا الموطن و لكن إسناده ضعيف فلنعتمد إذا على ما يقتضيه النظر الصحيح من الابتعاد عن إثارة المشاكل بسبب خطأ وقع منك لأخيك المسلم إذا ما اعتذرت إليه وجها لوجه فليتب المستغيب إلى الله و ليدعو للمستغاب لما يعتقد أن الله عز و جل يغفر له ذنبه معه .