متفرقات للألباني-198
خطبة الحاجة .
الشيخ : إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد،
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد،
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
السبب الباعث لالقاء هذه الكلمة .
الشيخ : لم يكن بِودّي في هذه الليلة أن أتكلم بشيء لأننا رغبنا أن نسمعكم صوتا جديدا من أخ لنا قديم من إخواننا السلفيين الذين استجابوا لله والرسول حين دعاه وإخوانه إلى اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، أردنا أن نعطيه هذا الوقت ليتكلّم بما يبدو له مما ينفع الناس جميعا والسلفيّين بخاصة وكنت رأيت أنه إن بقي عندنا شيء من الوقت المعتاد أن نجيب عن الأسئلة التي يوجهها إخواننا عادة.
ذكر الشيخ لقصة وقعت مع أحد الإخوة الزائرين .
الشيخ : ولكن بدا لي وأنا داخل إلى هذا المكان أن أتكلم بكلمة على الرغم من ذلك، ذلك لأنه جاءت أيضا مناسبة وهي أن أخا لنا في الغيب لا نعرفه من قبل زارنا قبل أيام ثم زارنا في هذه الليلة ولاحظ في مجلسنا شيئا من الحرية من إخواننا معي باعتباري شيخا لهم عند هذا الزائر الكريم، فحدثته بأننا نحن لسنا كما تعلم مع إخواننا من المشايخ مع مريديهم وتلامِذَتِهم، وأردت أن ألفت نظره بأننا سندخل الأن إلى المجلس فقد ترى شيئا أيضا لا يعجبك، قال ماذا؟ قلت ستراني دخلت ولا أحد يتحرّك إطلاقا، فأجاب كما هو بالطبع متعلّم وعاش على ذلك مدة من الزمن أجاب لهم أن لا يقوموا ولهم أن يقوموا وباعتباره زائرا وقد لا تُتاح لي هذه الفرصة أن أتكلم معه بهذه المسألة في جلسة خاصة من جهة، فخشية أن يفوتني هذه الفرصة وأن يفوتني هذا الصيد المُثمن المُدهن، هذا من جهة ومن جهة أخرى أنني أعلم أنه يحضر جلستنا هذه كثيرا من الإخوان الطيبين والذي تثقفوا بثقافة يظنونها أنها من الإسلام وهي ليست من الإسلام في شيء إنما هي تقاليد تسرّبت إلينا منذ القديم من تقاليد فارس والروم.
ذكر الشيخ لحديث جابر رضي الله عنه الذي رواه مسلم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الظهر جالسا ..... ) الحديث والكلام عليه .
الشيخ : ولقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم صلى ذات يوم صلاة الظهر بهم جالسا فصلى أصحابه خلفه قياما فأشار وهو في صلاته أن اجلسوا فجلسوا وحينما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال لهم ( إن كدتم لتفعلن أنفا فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) الشاهد من هذا الحديث هو أن من عادة الأمم أن يأخذ بعضها عن بعض وأن يقلد بعضها بعضا، وإنما يأخذ الضعيف من القوي، وإنما يقلد الضعيف القوي كما هو واقعنا اليوم تماما، فقد أصبحنا على الرغم من ديننا وإسلامنا بسبب بعدنا عن إسلامنا أصبحنا أمة ضعيفة تقلّد الأقوياء في المادة ليتهم كانوا أقوياء في الدين وفي العقيدة و في الخلق.
أصبحنا نقلّدهم لأننا ننظر إليهم بعين الإجلال والإكبار والتعظيم، هذه هي عادة الأمم ضعيفها مع قويها وحقيرها مع عظيمها.
أصبحنا نقلّدهم لأننا ننظر إليهم بعين الإجلال والإكبار والتعظيم، هذه هي عادة الأمم ضعيفها مع قويها وحقيرها مع عظيمها.
4 - ذكر الشيخ لحديث جابر رضي الله عنه الذي رواه مسلم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الظهر جالسا ..... ) الحديث والكلام عليه . أستمع حفظ
من المقاصد والقواعد التي جاء بها الاسلام النهي عن التشبه بالكفار والحكمة من ذلك .
الشيخ : لذلك جاء الإسلام في جملة ما جاء به من المقاصد والقواعد أن نهى المسلمين أن يتشبهوا بالكافرين ذلك لأن التشبه هو مدعاة لإضاعة شخصية الأمة ولتمييعها في شخصية أمة أخرى فطالما جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم تترى بعبارات متنوعة شتى كلها تؤدي إلى حقيقة واحدة ألا وهي حافظوا على شخصيّتكم المسلمة ولا تقلّدوا الكفار في شيء من تقاليدهم ومن عاداتهم، لست أريد الخوض في شيء من التفصيل في هذا كأصل من تلك الأصول التي ألمحت إليها أنفا فقد كنت تحدثت بشيء من التفصيل عن ذلك في كتابي "حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة".
الكلام على مسألة القيام للغير وذكر الشيخ لبعض الأحاديث الواردة في ذلك مع الكلام عليها وذكر موقف الصحابة وبعض تأويلات المجيزين والرد عليها .
الشيخ : وإنما أردت أو عزمت على الكلام على جزئية من الجزئيات التي فشت اليوم في مجالس المسلمين، وبناء على كلمة الأخ المشار إليه سابقا أن الشيخ إذا دخل المجلس فللناس الجالسين أن يجلسوا، أن يظلوا جالسين وأن يقوموا فنحن نقول إذا دخل الشيخ مجلسا فليس لأحد أن يقوم له لأن هذا الشيخ مهما سما وعلا فلن يكون من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم شيئا مذكورا، وقد علمنا من السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم هو سيد البشر وأن أصحابه عليه الصلاة والسلام هم أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل، فإذًا هم أعرف الناس بما يستحقه أعظم الناس وسيد الناس وهو رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم من التبجيل والإكرام والتعظيم، كيف لا؟ وقد سمعوه عليه الصلاة والسلام يقول لهم مرارا وتكرارا ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) ، هذا حديث رواه إمام الأئمة محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه "الأدب المفرد" من طرق عديدة وعن جماعة من الصحابة، ومما روى أيضا ( أن من إجلال الله - من تعظيم الله - إجلال ذي الشيْبة المسلم ) .
فإذًا هؤلاء الصحابة الذين تأدّبوا بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخرجوا من مدرسته وصاحبوه ما شاء الله عز وجل من السنين كلّ بحسبه، ما كان لهم أن لا يعظموا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم التعظيم الذي يستحقه، ما كان لهم إلا أن يعظموا الرسول عليه السلام التعظيم الذي يستحقه، فهل كان من ذلك أنه إذا دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم في مجلس كهذا - وبدون تشبيه كما يقولون - هل كان أحد منهم يقوم له؟
إذا رجعنا إلى السنّة الصحيحة وجدنا الجواب صريحا بالنفي وذلك أيضا مما رواه إمام الأئمة في الكتاب السابق الذكر "الأدب المفرد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك " .
فإذًا أصحاب الرسول صلى الله عليه وأله وسلم كانوا لا يقومون لسيّدهم بل سيد الناس جميعا، ترى أهذا استهتار منهم ولا مبالاة بتعظيم الرسول عليه السلام وإكرامه الإكرام الذي يليق ويجوز شرعا أم هو تجاوب منهم مع نبيهم صلى الله عليه وأله وسلم الذي أفهمهم بأن هذا القيام هو من عادة الأعاجم وقد نهوا كما أشرنا في مطلع هذه الكلمة في أحاديث جمّة عن التشبّه بالأعاجم يعني الكفار؟ لا شك أن عدم قيامهم للرسول صلى الله عليه وأله وسلم إنما كان من احترامهم له وتعظيمهم له لأن الله عز وجل يقول (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ، فاتباع الرسول صلى الله عليه وأله وسلم حق الاتباع وذلك يستلزم أن يُعرِض الإنسان عن أهواءه وعن عواطفه تجاه أمر نبيه صلى الله عليه وأله وسلم وسنته، لذلك كان أصحاب الرسول عليه السلام لا يقومون له، لماذا؟ الجواب في نفس الحديث لما يعلمون من كراهيته لذلك.
فرسول الله صلى الله عليه وأله وسلم كان يكره من أصحابه أن يقوموا له، تُرى لماذا؟ بعض الناس ممن اعتادوا مخالفة هدي السنّة ممن يقومون لغيرهم وممن يقام لهم يتأوّلون هذا الحديث بغير تأويليه ومع ذلك فتأويلهم هذا يعود عليهم ولا يرجع إليهم، يقولون "لما يعلمون من كراهيته لذلك" أي الرسول عليه السلام كان متواضعا، كان أشد الناس بلا شك تواضعا، فمن تواضعه أنه لا يحب أن يقوم الصحابة له، نحن لا نسلّم بهذه العلة، نحن نسلّم أن الرسول عليه السلام بلا شك أشد الناس تواضعا لكن لا نسلّم أبدا بأن هذه العلة وسنذكر ما هي العلة لكن نقول لهؤلاء المتأولين بهذا التأويل فما بالكم أنتم لا تتواضعون تواضع الرسول عليه السلام؟ أليستم أنتم أولى بأن تتواضعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم، الرسول صلى الله عليه وأله وسلم إذا قال للناس ( صلوا عليّ ) - وكلام يجُرّ كلام كما يقولون - ( صلوا عليّ ) تدرون ما معنى؟ يعني أدعو لي بأنه الله بيزدني شرفا ومجدا و و ومنزلة، هذا قد يخالف التواضع لكن نحن نقول حينما يأمر الناس بأن يصلوا عليه إنما يأمرهم بأمر الله له أن يأمرهم بأن يصلوا عليه لأن ذلك أقل ما يستحقه الرسول عليه السلام بسبب أنه كان هداية للناس كما قال تعالى في القرأن (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )) ، فإذا كان الرسول عليه السلام لم يتواضع هذا التواضع فلا ضير عليه لكن أنتم عليكم الضير كله لأنه يُخشى عليكم الفتنة يُخشى عليكم أنكم إذا اعتدتم من الناس أن يقوموا لكم أن يدخل الشيطان والشيطان يجري من ابن أدم مجرى الدم أن يدخل فيكم الشيطان دخولا خاصا فيغيّر من أخلاقكم ومن عاداتكم وأطباعكم فيصبح أحدهم إذا دخل المجلس ولا يقوم واحد من المجلس وكأنما كفر بالله ورسوله، ماذا فعل هذا الإنسان؟ أقل ما يقال كما سمعتم حكاية منا أنفا أنه له أن يقوم وله أن لا يقوم، فهذا ما قال، لماذا قامت عليه القيامة؟ لأنهم فهموا أن هذا القيام دليل احترام وتركه دليل إهانة وعدم الإكرام، تُرى الصحابة هذا كانوا مع الرسول عليه السلام؟ كانوا لا يكرمونه؟ كانوا يهينونه بترك القيام؟ حاشا وكلا لكن لما انحرف الفهم الصحيح لهذا الحديث كراهية الرسول عليه السلام بذلك لما يعلمون من كراهيته، لذلك انحرف بهم الأمر فقالوا الإكرام للقيام لا بأس به، لماذا كان أصحاب الرسول لا يقومون للرسول؟ تواضعا منه هكذا يقولون، نقول تشبّهوا برسول الله واقتدوا به وتواضعوا تواضعه ولا تطلبوا من أصحابكم أن يقوموا لكم بل أشيعوا بينهم أنكم تكرهون هذا القيام، فماذا تكون النتيجة والعاقبة؟ كما كان الأمر بين الرسول عليه السلام و بين الصحابة، يدخل الرسول المجلس لا أحد يقوم، إهانة له؟ حاشا، لماذا؟ إكراما له عليه السلام لأنه كره منهم ذلك بذلك، فلو أننا نحن الذين ننتمي إلى العلم وننتمي إلى التمشيخ، سلكنا سبيل الرسول عليه السلام في كل شيء، ومن ذلك نكره ما كرهه عليه السلام خاصة من مثل هذه الأداب الإجتماعية التي تُفسد القلوب وتُفسد الأخلاق، كنا في مجتمع ليس كهذا المجتمع، كنا في مجتمع ليس فيه تقاليد الأعاجم الكفار.
أما الجواب الصحيح لقول أنس بن مالك السابق الذكر "لما يعلمون من كراهيته ذلك" كراهية شرعية، الرسول يكره هذا القيام، لماذا؟ لأنه من عادة الأعاجم، وقد سمعتم أنفا حديث جابر، وهم وقفوا خلف الرسول عليه السلام قياما، لمن؟ ولماذا؟ تحقيقا لنص القرأن الكريم (( وقوموا لله قانتين )) .
إذًا ما قاموا لمحمد عليه السلام القاعد في صلاته مضطرا، وإنما قاموا لله رب العالمين أي نيتهم تعظيم الله عز وجل لا غير، ماذا فعل معهم الرسول عليه السلام؟ ما صبر حتى انتهى من صلاته وإنما عجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأشار إليهم في الصلاة بيده أن اجلسوا، بعد الصلاة شرح لهم بلسانه وبيانه فقال ( إن كدتم لتفعلن أنفا فعل فارس بعظماءها يقومون على رؤوس ملوكهم ) .
فإذًا هؤلاء الصحابة الذين تأدّبوا بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخرجوا من مدرسته وصاحبوه ما شاء الله عز وجل من السنين كلّ بحسبه، ما كان لهم أن لا يعظموا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم التعظيم الذي يستحقه، ما كان لهم إلا أن يعظموا الرسول عليه السلام التعظيم الذي يستحقه، فهل كان من ذلك أنه إذا دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم في مجلس كهذا - وبدون تشبيه كما يقولون - هل كان أحد منهم يقوم له؟
إذا رجعنا إلى السنّة الصحيحة وجدنا الجواب صريحا بالنفي وذلك أيضا مما رواه إمام الأئمة في الكتاب السابق الذكر "الأدب المفرد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك " .
فإذًا أصحاب الرسول صلى الله عليه وأله وسلم كانوا لا يقومون لسيّدهم بل سيد الناس جميعا، ترى أهذا استهتار منهم ولا مبالاة بتعظيم الرسول عليه السلام وإكرامه الإكرام الذي يليق ويجوز شرعا أم هو تجاوب منهم مع نبيهم صلى الله عليه وأله وسلم الذي أفهمهم بأن هذا القيام هو من عادة الأعاجم وقد نهوا كما أشرنا في مطلع هذه الكلمة في أحاديث جمّة عن التشبّه بالأعاجم يعني الكفار؟ لا شك أن عدم قيامهم للرسول صلى الله عليه وأله وسلم إنما كان من احترامهم له وتعظيمهم له لأن الله عز وجل يقول (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ، فاتباع الرسول صلى الله عليه وأله وسلم حق الاتباع وذلك يستلزم أن يُعرِض الإنسان عن أهواءه وعن عواطفه تجاه أمر نبيه صلى الله عليه وأله وسلم وسنته، لذلك كان أصحاب الرسول عليه السلام لا يقومون له، لماذا؟ الجواب في نفس الحديث لما يعلمون من كراهيته لذلك.
فرسول الله صلى الله عليه وأله وسلم كان يكره من أصحابه أن يقوموا له، تُرى لماذا؟ بعض الناس ممن اعتادوا مخالفة هدي السنّة ممن يقومون لغيرهم وممن يقام لهم يتأوّلون هذا الحديث بغير تأويليه ومع ذلك فتأويلهم هذا يعود عليهم ولا يرجع إليهم، يقولون "لما يعلمون من كراهيته لذلك" أي الرسول عليه السلام كان متواضعا، كان أشد الناس بلا شك تواضعا، فمن تواضعه أنه لا يحب أن يقوم الصحابة له، نحن لا نسلّم بهذه العلة، نحن نسلّم أن الرسول عليه السلام بلا شك أشد الناس تواضعا لكن لا نسلّم أبدا بأن هذه العلة وسنذكر ما هي العلة لكن نقول لهؤلاء المتأولين بهذا التأويل فما بالكم أنتم لا تتواضعون تواضع الرسول عليه السلام؟ أليستم أنتم أولى بأن تتواضعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم، الرسول صلى الله عليه وأله وسلم إذا قال للناس ( صلوا عليّ ) - وكلام يجُرّ كلام كما يقولون - ( صلوا عليّ ) تدرون ما معنى؟ يعني أدعو لي بأنه الله بيزدني شرفا ومجدا و و ومنزلة، هذا قد يخالف التواضع لكن نحن نقول حينما يأمر الناس بأن يصلوا عليه إنما يأمرهم بأمر الله له أن يأمرهم بأن يصلوا عليه لأن ذلك أقل ما يستحقه الرسول عليه السلام بسبب أنه كان هداية للناس كما قال تعالى في القرأن (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )) ، فإذا كان الرسول عليه السلام لم يتواضع هذا التواضع فلا ضير عليه لكن أنتم عليكم الضير كله لأنه يُخشى عليكم الفتنة يُخشى عليكم أنكم إذا اعتدتم من الناس أن يقوموا لكم أن يدخل الشيطان والشيطان يجري من ابن أدم مجرى الدم أن يدخل فيكم الشيطان دخولا خاصا فيغيّر من أخلاقكم ومن عاداتكم وأطباعكم فيصبح أحدهم إذا دخل المجلس ولا يقوم واحد من المجلس وكأنما كفر بالله ورسوله، ماذا فعل هذا الإنسان؟ أقل ما يقال كما سمعتم حكاية منا أنفا أنه له أن يقوم وله أن لا يقوم، فهذا ما قال، لماذا قامت عليه القيامة؟ لأنهم فهموا أن هذا القيام دليل احترام وتركه دليل إهانة وعدم الإكرام، تُرى الصحابة هذا كانوا مع الرسول عليه السلام؟ كانوا لا يكرمونه؟ كانوا يهينونه بترك القيام؟ حاشا وكلا لكن لما انحرف الفهم الصحيح لهذا الحديث كراهية الرسول عليه السلام بذلك لما يعلمون من كراهيته، لذلك انحرف بهم الأمر فقالوا الإكرام للقيام لا بأس به، لماذا كان أصحاب الرسول لا يقومون للرسول؟ تواضعا منه هكذا يقولون، نقول تشبّهوا برسول الله واقتدوا به وتواضعوا تواضعه ولا تطلبوا من أصحابكم أن يقوموا لكم بل أشيعوا بينهم أنكم تكرهون هذا القيام، فماذا تكون النتيجة والعاقبة؟ كما كان الأمر بين الرسول عليه السلام و بين الصحابة، يدخل الرسول المجلس لا أحد يقوم، إهانة له؟ حاشا، لماذا؟ إكراما له عليه السلام لأنه كره منهم ذلك بذلك، فلو أننا نحن الذين ننتمي إلى العلم وننتمي إلى التمشيخ، سلكنا سبيل الرسول عليه السلام في كل شيء، ومن ذلك نكره ما كرهه عليه السلام خاصة من مثل هذه الأداب الإجتماعية التي تُفسد القلوب وتُفسد الأخلاق، كنا في مجتمع ليس كهذا المجتمع، كنا في مجتمع ليس فيه تقاليد الأعاجم الكفار.
أما الجواب الصحيح لقول أنس بن مالك السابق الذكر "لما يعلمون من كراهيته ذلك" كراهية شرعية، الرسول يكره هذا القيام، لماذا؟ لأنه من عادة الأعاجم، وقد سمعتم أنفا حديث جابر، وهم وقفوا خلف الرسول عليه السلام قياما، لمن؟ ولماذا؟ تحقيقا لنص القرأن الكريم (( وقوموا لله قانتين )) .
إذًا ما قاموا لمحمد عليه السلام القاعد في صلاته مضطرا، وإنما قاموا لله رب العالمين أي نيتهم تعظيم الله عز وجل لا غير، ماذا فعل معهم الرسول عليه السلام؟ ما صبر حتى انتهى من صلاته وإنما عجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأشار إليهم في الصلاة بيده أن اجلسوا، بعد الصلاة شرح لهم بلسانه وبيانه فقال ( إن كدتم لتفعلن أنفا فعل فارس بعظماءها يقومون على رؤوس ملوكهم ) .
6 - الكلام على مسألة القيام للغير وذكر الشيخ لبعض الأحاديث الواردة في ذلك مع الكلام عليها وذكر موقف الصحابة وبعض تأويلات المجيزين والرد عليها . أستمع حفظ
الفرق بين ملوك كسرى وموقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في الصلاة .
الشيخ : هناك فرق كبير كما يبدو لكل إنسان يسمع هذا الحديث، بين ملوك فارس، كسرى يجلس على عرشه المطنطن المفخم وحوله حاشيته ووزراءه قياما، هو يجلس تعاظما وهم يقومون تعظيما له، أين هذه الظاهرة من جلوس الرسول عليه السلام في الصلاة وليس خارج الصلاة، ومضطرا وليس اختيارا وقيام الصحابة أيضا في الصلاة وليس في المجلس، أيضا مضطرين إطاعة لرب العالمين يقومون لله قانتين، أين هذه الظاهرة من تلك؟ شتّان ما بينهما، مع ذلك قال لهم عليه الصلاة و السلام أنتم شو ... ح تساووا مثل ما بيساووا جماعة الأعاجم مع ملوكهم، يقومون على رؤوس ملوكهم، يا رسول الله هم يقومون تعظيما لمَلِكِهم مش للعبادة لكنهم يفهمون أن هناك أمور محرمة وأمور أخرى محرمة لغيرها لأنها تؤدي إلى شيء محرم، من ذلك تبنّي المسلمين العادات عادات الأجانب وعادات الأعاجم.
سبب إبتلاء جماهير المسلمين اليوم بهذا القيام .
الشيخ : فمن هذه العادات هذا القيام الذي ابتلي به جماهير المسلمين اليوم والسبب تعرفونه جميعا وهو الإبتعاد عن السنّة وعن الإهتداء بهدي السلف الصالح، وهذا بحث طويل وأنا أريد أيضا الإستمرار فيه لنُفْرِغ المجال لضيفنا الكريم ليُلقي ما شاء الله عز وجل أن يلقي عليكم من الفوائد.
ختم الشيخ لهذه الكلمة بذكره لقصة يذكرها أهل العلم في ترجمة ابن بطة تتعلق بمسألة القيام .
الشيخ : وإنما أختم هذه الكلمة بقصة فيها علْم وفيها طرافة وفيها فائدة، يَذْكُرُ أهل التاريخ في ترجمة أبي عبد الله بن بطة، من كبار علماء الحديث والحنابلة أنه كان يكره أشد الكراهة هذا القيام الذي اعتاده الناس اليوم وقبل اليوم بمئات السنين، فخرج ذات يوم مع صديق له شاعر إلى السوق فمرا برجل عالم جالس في محله وهذا من أدب العلماء قديما كانوا يعتمدون في تحصيلهم لرزقهم على كدّ يمينهم وعرق جبينهم فمرّوا بهذا العالم مُسلِّمين فقام هذا العالم لابن بطة فقال ابن بطة لصاحبه الشاعر، قبل ذلك قام العالم وهو يعلم أن ابن بطة يكره هذا القيام، على نحو ما تسمعون الأن فاعتذر إليه ببيتين من الشعر قال له :
لا تلمني على القيام حقي *** حين تبدو ألّا أمل القيام.
أنت من أكرم البرية عندي *** ومن الحق أن أجل الكرام.
كلام العالم بعضه صحيح، من حقه يجل الكرام، قد ذكرنا حديثا بل حديثين أنفا، من حق المسلم إجلال الرجل الكبير ولكن هل يكون الإجلال بغير السنّة؟ بمخالفة السنّة؟ هل مثلا يكون الإجلال بالسجود؟ لا.
لا تلمني على القيام حقي *** حين تبدو ألّا أمل القيام.
أنت من أكرم البرية عندي *** ومن الحق أن أجل الكرام.
كلام العالم بعضه صحيح، من حقه يجل الكرام، قد ذكرنا حديثا بل حديثين أنفا، من حق المسلم إجلال الرجل الكبير ولكن هل يكون الإجلال بغير السنّة؟ بمخالفة السنّة؟ هل مثلا يكون الإجلال بالسجود؟ لا.
9 - ختم الشيخ لهذه الكلمة بذكره لقصة يذكرها أهل العلم في ترجمة ابن بطة تتعلق بمسألة القيام . أستمع حفظ
ليس كل المشايخ يقولون بأن السجود لغير الله لا يجوز .
الشيخ : كل الناس كل المشايخ يقولوا لا السجود لغير الله لا يجوز، عفوا لقد قلت كل المشايخ يقولون بأنه لا يجوز السجود لغير الله، كنت أتمنى أن أكون موفّقا للصواب حينما قلت كل المشايخ لكن أسف ومُضطر أن أقول ليس كلهم يقولون كذلك، فهناك في بعض الطرق من تقاليدهم أن المُريد حينما يريد أن يأخذ الإذن من الشيخ بأن يطوف في المجلس، فيسجد للشيخ، ويقولون هذا السجود تعظيم وليس سجود عبادة، نحن قرأنا هذا في كثير من المسائل، فهل يعظم المسلم بالسجود؟ الجواب والحمد لله لا، على الأقل عند الجمهور وأما أولئك فهم شذاذ.
ذكر الشيخ لحديث معاذ بن جبل الذي فيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم له عن السجود له .
الشيخ : وعندنا حديث معاذ بن جبل لما جاء إلى هذه البلاد قبل فتحها بالإسلام ورجع للمدينة فأول ما وقع بصره على النبي صلى الله عليه وأله وسلم هوى ليسجد له، قال له ( مه يا معاذ ) قال يا رسول الله إني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسّيسهم وعظمائهم فرأيتك أنت أحق بالسجود منهم، هذا الكلام صحيح، لو كان السجود لغير الله جائزا فهو أحق من أن يسجد له من أن يسجد القسيسون والرهبان لعلماءهم، قال عليه الصلاة والسلام ( لو كنت أمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعِظَمِ حقه عليها ) ، في أحاديث أخرى ( لكن لا يصلح السجود إلا لله تبارك وتعالى ) إذًا لا يجوز تعظيم المسلم بالسجود لأن هذه الخصوصية لله عز وجل.
طيب هل من إجلال المسلم أن نركع له؟ الجواب أيضا لا إلا في بعض الطرق، فهم الذين استجازوا السجود من باب أولى يستجيزون الركوع.
طيب هل من إجلال المسلم أن نركع له؟ الجواب أيضا لا إلا في بعض الطرق، فهم الذين استجازوا السجود من باب أولى يستجيزون الركوع.
ذكر الشيخ لحديث أنس الذي رواه الترمذي ( أحدنا يلقى أخاه أفيلتزمه قال لا....) الحديث .
الشيخ : جاء في حديث أنس بن مالك أيضا في سنن الترمذي وغيره قال السائل يا رسول الله أحدنا يلقي أخاه أفيلتزمه قال ( لا ) قال ( أفينحني له ) قال ( لا ) قال أفيصافحه قال ( نعم ) إذًا الإنحناء أيضا كتحية أجنبية لا تصح من مسلم لمسلم، فذاك العالم لما قال " ومن الحق أن أجِلَّ الكرام " هذا الكلام صحيح لكن عمله ليس صحيحا لأنه ليس وسيلة مشروعة لتعظيم الرجل العالم، لذلك قال ابن بطة لصاحبه الشاعر ويبدو أن هذا الصاحب كان يعرف رأي ابن بطة بدقة وكان فيما يبدو أيضا شاعرا بالفطرة وبالسليقة فعلى الفور وعلى القافية أجابه بقوله :
" أنت إن كنت لا عَدِمْتُكَ تَرى *** لِيَ حقا وتظهر الإعظاما.
فلك الفضل في التقدم والعلم *** ولسنا نريد منك احتشاما " .
الشاهد هنا،
" فاعفني الأن من قيامك أولا *** أفسأجزيك بالقيام قياما.
وأنا كاره لذلك جدا *** إن فيه تملقا وأثاما.
لا تكلف أخاك أن يتلقّاك بما *** يستحِلُّ به الحراما.
كلنا واثق بود أخيه *** ففيما انزعاجنا وعلاما ".
لذلك واجب الدعاة المسلمين المخلصين حقا أن يرجعوا بهذا المجتمع الإسلامي الضخم إلى العهد الأول في كل شيء ليس فقط في العقيدة وليس فقط في العبادة وليس وليس وإنما الإسلام كله ومن ذلك العادات والتقاليد، نحافظ عليها كما ورِثناها عن سلفنا الصالح.
وهذا واضح جدا لو أن المجتمع الإسلامي اليوم كان مُربًّى على ما رَبَّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لم يكن لهذا القيام لا محل له من الإعراب كما يقولون، لماذا؟ قال هذا الشاعر المتفقّه من العالم الفقيه،
" وإذا صحّت الضمائر منا *** اكتفينا من أن نتعب الأجسام.
كلنا واثق بود أخيه *** ففيما انزعاجنا وعلاما " .
لذلك نسعى بما عندنا من علم ونتعاون مع إخواننا المسلمين جميعا على أن نعود إلى هدي الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كما سمعتم أنفا وتسمعون بين يدي كل كلمة نقولها فإن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
" أنت إن كنت لا عَدِمْتُكَ تَرى *** لِيَ حقا وتظهر الإعظاما.
فلك الفضل في التقدم والعلم *** ولسنا نريد منك احتشاما " .
الشاهد هنا،
" فاعفني الأن من قيامك أولا *** أفسأجزيك بالقيام قياما.
وأنا كاره لذلك جدا *** إن فيه تملقا وأثاما.
لا تكلف أخاك أن يتلقّاك بما *** يستحِلُّ به الحراما.
كلنا واثق بود أخيه *** ففيما انزعاجنا وعلاما ".
لذلك واجب الدعاة المسلمين المخلصين حقا أن يرجعوا بهذا المجتمع الإسلامي الضخم إلى العهد الأول في كل شيء ليس فقط في العقيدة وليس فقط في العبادة وليس وليس وإنما الإسلام كله ومن ذلك العادات والتقاليد، نحافظ عليها كما ورِثناها عن سلفنا الصالح.
وهذا واضح جدا لو أن المجتمع الإسلامي اليوم كان مُربًّى على ما رَبَّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لم يكن لهذا القيام لا محل له من الإعراب كما يقولون، لماذا؟ قال هذا الشاعر المتفقّه من العالم الفقيه،
" وإذا صحّت الضمائر منا *** اكتفينا من أن نتعب الأجسام.
كلنا واثق بود أخيه *** ففيما انزعاجنا وعلاما " .
لذلك نسعى بما عندنا من علم ونتعاون مع إخواننا المسلمين جميعا على أن نعود إلى هدي الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كما سمعتم أنفا وتسمعون بين يدي كل كلمة نقولها فإن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
12 - ذكر الشيخ لحديث أنس الذي رواه الترمذي ( أحدنا يلقى أخاه أفيلتزمه قال لا....) الحديث . أستمع حفظ
خطبة الحاجة للشيخ .
الشيخ : إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد،
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد،
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
نرجوا التفصيل في بيان المشابهة المقصودة من أحاديث النهي عن مشابهة الكفار .
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم نرجوا التفصيل في بيان المشابهة المقصودة من أحاديث النهي عن مشابهة الكفار ... ومعرفة هذه المشابهة وجزاكم الله خيرا؟
الشيخ : نقول كل شيء هو من خصائص الكفار ومن عاداتهم التي يتميّزون بها على غيرهم فالمسلم لا يجوز له أن يتزيّ بشيء من تلك الأشياء، ولا شك أن المسألة لا يمكن ضبطها بدقة كما يبدو أن السائل يريد ذلك، ذلك لأن التشبّه مراتب وأنا أضرب لكم على ذلك بعض الأمثلة للتوضيح، لا يزال المسلمون اليوم والحمد لله في أكثر بلادهم يستهجنون أن يلبس المسلم ويضع على رأسه القبعة "البرنيطة" فالقبعة هذه هو شعار للكفار فإذا المسلم وضعها على رأسه يكون قد تشبّه بأبرز صفةأو زيّ خاص بالكفار فلا يبقى هنا شك عند من كان على علم بهذا الحديث وأمثاله أن هذا التزيّ وهذا اللباس لا يجوز، لأن هذا المسلم الذي نفترضه تقبّع إذا صحّ التعبير بهذه القبعة وأخذ يمشي بين المسلمين وهي عليه، لا شك أنه بذلك ضيّع شخصيته المسلمة، ولازم ذلك أنه فك الرباط الوثيق الذي بينه وبين إخوانه المسلمين وذلك يستلزم أن له حقوقا عليهم كما أن لهم حقوقا عليه، فنحن نذْكُر جيدا قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم ( حق المسلم على المسلم خمس ) فذكر أول ما ذكر فقال ( إذا لقيته فسًلّم عليه ) فهذا حينما تلقاه في الطريق وقد تزيّ بهذا الزيّ، لا يتبادر ولا يخطر في بالك إطلاقا أن هذا الذي مرّ بك ومررت به هو رجل مسلم له هذه الحقوق، وإنما تظنه واحد من أولئك الكفار جورج أو ... أو نحو ذلك، فلا تندفع لإلقاء السلام عليه، وذلك من واجبه عليك لأنك مسلم وهو مسلم، لكن الفرق أنه هو ضيّع شخصيته المسلمة بلباسه هذا لباس الكفار فمنع رحمة الله عنه، أقول هذا لأنكم تذْكُرون شرحْتُ لكم أن السلام الذي اختص الله به المسلمين هو اسم من أسماء الله كما جاء في الحديث الصحيح وضعه في الأرض ( فأفشوه بينهم ) فحينما يقول المسلم لأخيه المسلم "السلام عليكم" فهو كأنه يقول بالتعبير الشامي " اسم الله عليك " يعني أنت محاط باسم الله السّلام، فهو بسبب إضاعته لشخصيته المسلمة ... وافتقد هذه النعمة التي خصّ الله بها عباده المسلمين، وهذا طبعا يستلزم أمورا أخرى من التباعد والتقاطع والتدابر لأن هذا اللباس ليس الأمر كما يتوهم الكثير من الناس خاصة أهل العلم والنظر أنه لا تأثير له في أخلاق الناس ولا تأثير له في أطباعهم بل وفي قلوبهم، ليس الأمر ليس كذلك.
الظواهر لها تأثير في البواطن، هذا ثابت في نصوص شرعية كثيرة جدا كنت ألممت بشيء منها في دروس مضت وحسبي أن أذَكِّرَكُم الأن بقول الرسول عليه السلام في حديث النعمان الذي يقول في أخره ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، فلباس الكفار هذا ليس صلاحا إنما هو فساد، وهذا اللباس يؤثِّر في قلب لابسه ويطْبَعُه بطابع أولئك الناس الذين لبس هو لباسهم، وهنا أريد أن أهتبلها فرصة قبل أن أتوسع في الموضوع بأكثر، أريد أن ألفت النظر الأن كيف أن المسلمين شخصيتهم في زوال مستمر، في اضمحلال وانحلال.
لقد ظهرت الأن ظاهرة غريبة جدا عمّت كثيرا من الشباب وهي أنهم يلبسون أقمصة بيضاء إما أن تكون مطبوعة هنا في الصدر ما يشبه الهلال أو ربع قوس بالأحرف الإفرنجية، وكثير منها مُصوَّر عليها صور بشر، وبعضها صور تُمَثِّل بعض الأبطال زعموا من الملاكمين أو المصارعين وما شابه ذلك، وشاهدت قريبا في بعض المساجد وأنا قائم أصلي بين يديّ شاب وأعرفه يصلي ويحافظ على الصلاة كل قميصه فيه صور أمام وخلف والجانبان هكذا الثوب طبع بهذا الطابع، وما هي الصور؟ صور رجل يسبح وهذا السابح اليوم صار من طبيعته أن يكون لباسه هو التبان، في اللغة العربية هو الشورت يعني هو الذي لا يستر إلا السوءتين بل لا يسترهما لأنه يُجسّمهما، فأنا أصلي وبين يدي هذه الصورة، فهذه غفلة شديدة جدا من هؤلاء المسلمين سببه الجهل بإسلامهم.
وهذا معناه أن المسلمين يعني كل ما مضى عليهم عهد، زمن غير قصير كل ما هم يبتعدون عن الإسلام رويدا رويدا، فأين الإعتداد بالعزة الإسلامية و ... والمحافظة على عاداتنا التي ورثناها عن أباءنا وأجدادنا؟ عجب لا ينتهي منه العجب، إنسان يلبس قميص فيه جندي مصوّر فما حلاوة هذه الصورة؟ أصبح كل شيء غريبا علينا نحن أن نتأسّى وأن نقتديَ.
هذا معناه أن المسلمين لم يعودوا يعرفون قيمة التشبّه بالكفار، لذلك كان من رحمة ربنا عز وجل بنا أن أرسل إلينا نبينا محمد صلى الله عليه وأله وسلم بشرْع وصفه ربنا في قوله عز وجل (( اليوم أكلمت لكم دينكم )) الأية، وزاد ذلك بيانا قوله عليه السلام ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا و نهيتكم عنه ) مما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم محافظة على ديننا وعلى شخصيتنا المسلمة أن لا نتشبّه بالكفار، مطلق التشبه لكني ضربت لكم مثلا لا يمكن أن يشك فيه إنسان متجرد عن اتباع الهوى أن وضع القبعة هذه على الرأس هو إضاعة لهذا المسلم لشخصيته و انخلاع منه من هذا المجتمع الإسلامي إذا كان بقي لهذا المجتمع ما يستحق أن يُسَمّى بأنه مجتمع إسلامي.
ولعل من المفيد أن أذْكُر لكم خلاصة قصة لتعرفوا أثر التشبّه، يعرفه الكفار فبالأحرى نحن المسلمين أن نعرف ذلك، كنت مرة في قطار إلى مضايا فاجتمعت مع قسيس ماروني لبناني وجرى بيني وبينه نقاش طويل لسنا الأن في صدده لكنه الرجل أنكر على المسلمين تشدّدهم في ... اللباس وتحريم البرنيطة وكان من تشدّدهم أن أنكروا على مصطفى كمال ذلك الذي لم يرضى لاسمه، لنفسه اسم المصطفى فوضع له اسم أتاتورك، هو يُنكر على المسلمين لماذا أنكروا عليه وضع البرنيطة، وضعه البرنيطة أو فرضه على الشعب التركي لبس البرنيطة، هنا الأن مع الأسف يعيش كثير من الأشخاص بهذا الزيّ الكافر، فناقشته في هذه المسألة وكما قلت أريد أن أقدّم إليكم العبرة من هذه المناقشة، هو يقول أنه هذا لباس عالمي فما الذي يضر المسلمين أن يلبسوا هذا اللباس؟ قلت له إذًا وهو كما تفهمون من وصفي إياه بأنه قسيس ماروني، الماروني يلبس ال، ماذا يسموه هذا الطويل الأسود؟
عيد : الطربوش يعني.
الشيخ : طربوش طويل أسود هذا خاص بالمارونيين هؤلاء، قلت له إذًا لا بأس عليك من أن تنزع هذه القلنسوة السوداء وتضع بدلها العمامة البيضاء على ... الأحمر وهو لابس جبة سوداء بطبيعة الحال ... زي ... أول ما قلت له هذا قال لا، نفر من هذا - هنا الشاهد - قلت له لم؟ قال نحن ما يجوز نحن رجال دين، فأخذته من هذه الكلمة، قلت هذا هو الفرق بيننا نحن معشر المسلمين وبينكم معشر النصاري، أنتم جعلتم أنفسكم طائفتين رجال دين ورجال لا دين، فرجال الدين لهم أحكام خاصة منها أن لهم لباسهم الخاص فأنت لماذا فررت من أن تتشبّه بالإسلام؟ لأنك تريد أن تحافظ على شخصيتك النصرانية، نحن كل مسلم عندنا أصغر مسلم عندنا كأكبر مسلم يجب عليه ما يجب على أكبر شيخ عندنا ويجوز له ما يجوز على أكبر شيخ عندنا، فكما لا يجوز لك أن تتشبّه بالمسلم كذلك لا يجوز عندنا لأي مسلم مش للشيخ المسلم اللي هو رجل دين عنده، وإنما لأي مسلم لا يجوز التشبّه بالكافر.
فأيضا موضوع التشبّه ما هو موضوع تعبدي موضوع علمي نفسي دقيق جدا وعلماء الفلسفة والإجتماع كما يقولون اليوم يقولون الأمم بقاءها بمحافظتها على عاداتها، بمحافظتها على لغتها، بمحافظتها على تاريخها، المسلمون مع الأسف رويدا رويدا يختارون ويضيّعون هذه الأسس التي بها تقوم شخصيتهم، فالتشبه بالكفار أصبح أمرا سهلا جدا، فضربت لكم مثلا خلاصة بالبرنيطة، ننزل درجة فوضع العقدة هذه التي يسمّونها الكرافيت، هذه ما المقصود منها يا ترى؟ لا شيء أبدا إلا أنه هذا زيّ كافر نقله الكفار حينما استحلوا بلادنا فزيّن الشيطان لنا ذلك الزيّ فقلدناهم تشبهنا به، وإلا يكفي أن يستحضر العاقل الوقت اللي بيضيعه هذا ... إن صحّ التعبير، أن يقف أمام المرأة ويضيع كذا دقائق من الساعات حتى يزيّنها ثم هو يتضايق فعلا كما يتضايق كل واحد منكم مبتلى بلباس هذا البنطلون ... فالخلاصة فهذا أيضا لا يراد به إلا التشبّه فقط ولكن لا مجال لإنكار أن هذا الذي يلبس الكرافيت تشبّهه بالكفار ليس كذاك الذي تشبّه بوضع البرنيطة بأن كما كنا نسمع بعض المشايخ هنا من بني قومي كانوا يسألون أنه هذا الذي وضع البرنيطة على رأسه معناه وضع الغطاء انتهى يعني أعلن أن الرجل ليس مسلما، ثم ننزل إلى مراتب أخرى هذا اللباس الذي ابتلي به جماهير الشباب المسلم اليوم بلبس البنطلون والقميص لاسيما البنطلون التي نلاحق المبتدعين هؤلاء بالموضات اللي شو يسمّوها كل ما جتنا موضة بنكون نحن راكضين وراها، مما يذكرني بنكتة كانت تقال في النساء فأصبحت تقال في الرجال، قرأت مرة أن رجلا رأى صديقه يحمل في ذراعه شيئا وهو يركض قال وين يا أخي؟ ليش مستعجل؟ قال له والله هذا فستان أخذه لزوجتي راح أسلمه لها إياه قبل ما تطلع موضة جديدة باضطر أشري لها غيره، فأصبحت الموضة وتجددها مو بس خاصة بالنساء مع الأسف حتى في الشباب، هذا كله يدل ويؤكد لنا أن المسلمين أصبحت عقولهم مع غيرهم وليت هؤلاء كانوا مسلمين أمثالهم.
أخيرا المراتب لا تنحصر إطلاقا لكن حسب المسلم أن يُحاسب نفسه ليعلم أن التشبّه هو كل شيء جاءنا من الكفار ولا فائدة فيه مطلقا سوى التقليد فهو تشبّه، على أن هناك مرتبة أخرى إذا ما تذكّرها المسلم أعتقد حينذاك لم يبق هناك ضرورة لمثل ذاك السبب الذي يطلب تفصيل التشبّه ومراتب الدرجات، ذلك هو تقصّد مخالفة الكافر، فالتشبّه أن تفعل فعل الكافر وهذا كما رأيتم مراتب ودرجات، لكن هناك شيء في الشرع يطالبك أن تتعاطى أعمالا تصدر منك تقصد بها مخالفة الكفار حتى في شيء ليس من منسك ولا من ... ذلك ما أفادنا إياه الرسول صلوات الله وسلامه عليه في حديث البخاري ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم ) إذا ما شابت شعورهم فاقصدوا أنتم مخالفتهم بصبغكم لشعوركم.
الإنسان يشيب سنّة الله في خلقه (( ولن تجد لسنة الله تبديلا )) لا فرق بين مسلم وكافر، بين صالح وطالح كلهم لا بد من أن يمروا في هذا الطريق وهو الشيب، والرسول الله صلى الله عليه وسلم قد شاب كما نعلم وله من الشيب لم يعمّ لحيته عليه الصلاة والسلام، فها، مع هذا كله يقول الرسول عليه صلى الله عليه وأله وسلم ( إذا شاب أحدكم فليصبغ شعره ) لماذا؟ ( ليخالف اليهود والنصارى الذين لا يصبغون شعورهم ) .
إذًا نحن لسنا منهيّين فقط عن التشبّه بالكفار بل نحن مأمورون بأن نقصد مخالفتهم أي إذا لبسوا لباس فعلينا نستقصد أن نلبس غير لباسهم وأن نجعل حياتنا كلها جملة وتفصيلا غير حياة الكفار، وهذا كما قلت لكم أنفا ليس أمرا عبثا، الظواهر تؤثّر في البواطن إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر ولعل في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
السائل : ... .
الشيخ : سواح.
السائل : ... .
الشيخ : طبعا ... ولكنها مشروعة ... ولذلك تجدهم يصنعون شيئا المتبرنطون يدخلون المساجد فيخلعون ما على رؤوسهم كما يخلعون ما على أرجلهم، فيه أحد له سؤال حول الموضوع السابق؟
السائل : ... .
الشيخ : لا.
السائل : ... .
الشيخ : حول الموضوع السابق؟ تفضل.
السائل : ... .
الشيخ : العمائم هو لباس من لباس العرب، فمن لبسه كعادة عربيّة فذلك أمر حسن لكن ليست سنّة تعبّديّة، ليس كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة " أنه صلاة في العمامة تفضل سبعين صلاة بغير عمامة " فهو من أزياء العرب ولا يزالون يستعملونها ولكن لا يظنّن ظان أن هذه العمامة هي هذه التي تكوّر على الرأس طبقات ودرجات ولكل درجة ... في الجنة درجة، هذا شيء لا أصل له، العمامة هو هذه، هذه الحطّة اللي نضعها على رؤوسنا، نصوّرها أحيانا من البرد أو من الحر وهكذا والسلام عليكم.
الشيخ : نقول كل شيء هو من خصائص الكفار ومن عاداتهم التي يتميّزون بها على غيرهم فالمسلم لا يجوز له أن يتزيّ بشيء من تلك الأشياء، ولا شك أن المسألة لا يمكن ضبطها بدقة كما يبدو أن السائل يريد ذلك، ذلك لأن التشبّه مراتب وأنا أضرب لكم على ذلك بعض الأمثلة للتوضيح، لا يزال المسلمون اليوم والحمد لله في أكثر بلادهم يستهجنون أن يلبس المسلم ويضع على رأسه القبعة "البرنيطة" فالقبعة هذه هو شعار للكفار فإذا المسلم وضعها على رأسه يكون قد تشبّه بأبرز صفةأو زيّ خاص بالكفار فلا يبقى هنا شك عند من كان على علم بهذا الحديث وأمثاله أن هذا التزيّ وهذا اللباس لا يجوز، لأن هذا المسلم الذي نفترضه تقبّع إذا صحّ التعبير بهذه القبعة وأخذ يمشي بين المسلمين وهي عليه، لا شك أنه بذلك ضيّع شخصيته المسلمة، ولازم ذلك أنه فك الرباط الوثيق الذي بينه وبين إخوانه المسلمين وذلك يستلزم أن له حقوقا عليهم كما أن لهم حقوقا عليه، فنحن نذْكُر جيدا قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم ( حق المسلم على المسلم خمس ) فذكر أول ما ذكر فقال ( إذا لقيته فسًلّم عليه ) فهذا حينما تلقاه في الطريق وقد تزيّ بهذا الزيّ، لا يتبادر ولا يخطر في بالك إطلاقا أن هذا الذي مرّ بك ومررت به هو رجل مسلم له هذه الحقوق، وإنما تظنه واحد من أولئك الكفار جورج أو ... أو نحو ذلك، فلا تندفع لإلقاء السلام عليه، وذلك من واجبه عليك لأنك مسلم وهو مسلم، لكن الفرق أنه هو ضيّع شخصيته المسلمة بلباسه هذا لباس الكفار فمنع رحمة الله عنه، أقول هذا لأنكم تذْكُرون شرحْتُ لكم أن السلام الذي اختص الله به المسلمين هو اسم من أسماء الله كما جاء في الحديث الصحيح وضعه في الأرض ( فأفشوه بينهم ) فحينما يقول المسلم لأخيه المسلم "السلام عليكم" فهو كأنه يقول بالتعبير الشامي " اسم الله عليك " يعني أنت محاط باسم الله السّلام، فهو بسبب إضاعته لشخصيته المسلمة ... وافتقد هذه النعمة التي خصّ الله بها عباده المسلمين، وهذا طبعا يستلزم أمورا أخرى من التباعد والتقاطع والتدابر لأن هذا اللباس ليس الأمر كما يتوهم الكثير من الناس خاصة أهل العلم والنظر أنه لا تأثير له في أخلاق الناس ولا تأثير له في أطباعهم بل وفي قلوبهم، ليس الأمر ليس كذلك.
الظواهر لها تأثير في البواطن، هذا ثابت في نصوص شرعية كثيرة جدا كنت ألممت بشيء منها في دروس مضت وحسبي أن أذَكِّرَكُم الأن بقول الرسول عليه السلام في حديث النعمان الذي يقول في أخره ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، فلباس الكفار هذا ليس صلاحا إنما هو فساد، وهذا اللباس يؤثِّر في قلب لابسه ويطْبَعُه بطابع أولئك الناس الذين لبس هو لباسهم، وهنا أريد أن أهتبلها فرصة قبل أن أتوسع في الموضوع بأكثر، أريد أن ألفت النظر الأن كيف أن المسلمين شخصيتهم في زوال مستمر، في اضمحلال وانحلال.
لقد ظهرت الأن ظاهرة غريبة جدا عمّت كثيرا من الشباب وهي أنهم يلبسون أقمصة بيضاء إما أن تكون مطبوعة هنا في الصدر ما يشبه الهلال أو ربع قوس بالأحرف الإفرنجية، وكثير منها مُصوَّر عليها صور بشر، وبعضها صور تُمَثِّل بعض الأبطال زعموا من الملاكمين أو المصارعين وما شابه ذلك، وشاهدت قريبا في بعض المساجد وأنا قائم أصلي بين يديّ شاب وأعرفه يصلي ويحافظ على الصلاة كل قميصه فيه صور أمام وخلف والجانبان هكذا الثوب طبع بهذا الطابع، وما هي الصور؟ صور رجل يسبح وهذا السابح اليوم صار من طبيعته أن يكون لباسه هو التبان، في اللغة العربية هو الشورت يعني هو الذي لا يستر إلا السوءتين بل لا يسترهما لأنه يُجسّمهما، فأنا أصلي وبين يدي هذه الصورة، فهذه غفلة شديدة جدا من هؤلاء المسلمين سببه الجهل بإسلامهم.
وهذا معناه أن المسلمين يعني كل ما مضى عليهم عهد، زمن غير قصير كل ما هم يبتعدون عن الإسلام رويدا رويدا، فأين الإعتداد بالعزة الإسلامية و ... والمحافظة على عاداتنا التي ورثناها عن أباءنا وأجدادنا؟ عجب لا ينتهي منه العجب، إنسان يلبس قميص فيه جندي مصوّر فما حلاوة هذه الصورة؟ أصبح كل شيء غريبا علينا نحن أن نتأسّى وأن نقتديَ.
هذا معناه أن المسلمين لم يعودوا يعرفون قيمة التشبّه بالكفار، لذلك كان من رحمة ربنا عز وجل بنا أن أرسل إلينا نبينا محمد صلى الله عليه وأله وسلم بشرْع وصفه ربنا في قوله عز وجل (( اليوم أكلمت لكم دينكم )) الأية، وزاد ذلك بيانا قوله عليه السلام ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا و نهيتكم عنه ) مما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم محافظة على ديننا وعلى شخصيتنا المسلمة أن لا نتشبّه بالكفار، مطلق التشبه لكني ضربت لكم مثلا لا يمكن أن يشك فيه إنسان متجرد عن اتباع الهوى أن وضع القبعة هذه على الرأس هو إضاعة لهذا المسلم لشخصيته و انخلاع منه من هذا المجتمع الإسلامي إذا كان بقي لهذا المجتمع ما يستحق أن يُسَمّى بأنه مجتمع إسلامي.
ولعل من المفيد أن أذْكُر لكم خلاصة قصة لتعرفوا أثر التشبّه، يعرفه الكفار فبالأحرى نحن المسلمين أن نعرف ذلك، كنت مرة في قطار إلى مضايا فاجتمعت مع قسيس ماروني لبناني وجرى بيني وبينه نقاش طويل لسنا الأن في صدده لكنه الرجل أنكر على المسلمين تشدّدهم في ... اللباس وتحريم البرنيطة وكان من تشدّدهم أن أنكروا على مصطفى كمال ذلك الذي لم يرضى لاسمه، لنفسه اسم المصطفى فوضع له اسم أتاتورك، هو يُنكر على المسلمين لماذا أنكروا عليه وضع البرنيطة، وضعه البرنيطة أو فرضه على الشعب التركي لبس البرنيطة، هنا الأن مع الأسف يعيش كثير من الأشخاص بهذا الزيّ الكافر، فناقشته في هذه المسألة وكما قلت أريد أن أقدّم إليكم العبرة من هذه المناقشة، هو يقول أنه هذا لباس عالمي فما الذي يضر المسلمين أن يلبسوا هذا اللباس؟ قلت له إذًا وهو كما تفهمون من وصفي إياه بأنه قسيس ماروني، الماروني يلبس ال، ماذا يسموه هذا الطويل الأسود؟
عيد : الطربوش يعني.
الشيخ : طربوش طويل أسود هذا خاص بالمارونيين هؤلاء، قلت له إذًا لا بأس عليك من أن تنزع هذه القلنسوة السوداء وتضع بدلها العمامة البيضاء على ... الأحمر وهو لابس جبة سوداء بطبيعة الحال ... زي ... أول ما قلت له هذا قال لا، نفر من هذا - هنا الشاهد - قلت له لم؟ قال نحن ما يجوز نحن رجال دين، فأخذته من هذه الكلمة، قلت هذا هو الفرق بيننا نحن معشر المسلمين وبينكم معشر النصاري، أنتم جعلتم أنفسكم طائفتين رجال دين ورجال لا دين، فرجال الدين لهم أحكام خاصة منها أن لهم لباسهم الخاص فأنت لماذا فررت من أن تتشبّه بالإسلام؟ لأنك تريد أن تحافظ على شخصيتك النصرانية، نحن كل مسلم عندنا أصغر مسلم عندنا كأكبر مسلم يجب عليه ما يجب على أكبر شيخ عندنا ويجوز له ما يجوز على أكبر شيخ عندنا، فكما لا يجوز لك أن تتشبّه بالمسلم كذلك لا يجوز عندنا لأي مسلم مش للشيخ المسلم اللي هو رجل دين عنده، وإنما لأي مسلم لا يجوز التشبّه بالكافر.
فأيضا موضوع التشبّه ما هو موضوع تعبدي موضوع علمي نفسي دقيق جدا وعلماء الفلسفة والإجتماع كما يقولون اليوم يقولون الأمم بقاءها بمحافظتها على عاداتها، بمحافظتها على لغتها، بمحافظتها على تاريخها، المسلمون مع الأسف رويدا رويدا يختارون ويضيّعون هذه الأسس التي بها تقوم شخصيتهم، فالتشبه بالكفار أصبح أمرا سهلا جدا، فضربت لكم مثلا خلاصة بالبرنيطة، ننزل درجة فوضع العقدة هذه التي يسمّونها الكرافيت، هذه ما المقصود منها يا ترى؟ لا شيء أبدا إلا أنه هذا زيّ كافر نقله الكفار حينما استحلوا بلادنا فزيّن الشيطان لنا ذلك الزيّ فقلدناهم تشبهنا به، وإلا يكفي أن يستحضر العاقل الوقت اللي بيضيعه هذا ... إن صحّ التعبير، أن يقف أمام المرأة ويضيع كذا دقائق من الساعات حتى يزيّنها ثم هو يتضايق فعلا كما يتضايق كل واحد منكم مبتلى بلباس هذا البنطلون ... فالخلاصة فهذا أيضا لا يراد به إلا التشبّه فقط ولكن لا مجال لإنكار أن هذا الذي يلبس الكرافيت تشبّهه بالكفار ليس كذاك الذي تشبّه بوضع البرنيطة بأن كما كنا نسمع بعض المشايخ هنا من بني قومي كانوا يسألون أنه هذا الذي وضع البرنيطة على رأسه معناه وضع الغطاء انتهى يعني أعلن أن الرجل ليس مسلما، ثم ننزل إلى مراتب أخرى هذا اللباس الذي ابتلي به جماهير الشباب المسلم اليوم بلبس البنطلون والقميص لاسيما البنطلون التي نلاحق المبتدعين هؤلاء بالموضات اللي شو يسمّوها كل ما جتنا موضة بنكون نحن راكضين وراها، مما يذكرني بنكتة كانت تقال في النساء فأصبحت تقال في الرجال، قرأت مرة أن رجلا رأى صديقه يحمل في ذراعه شيئا وهو يركض قال وين يا أخي؟ ليش مستعجل؟ قال له والله هذا فستان أخذه لزوجتي راح أسلمه لها إياه قبل ما تطلع موضة جديدة باضطر أشري لها غيره، فأصبحت الموضة وتجددها مو بس خاصة بالنساء مع الأسف حتى في الشباب، هذا كله يدل ويؤكد لنا أن المسلمين أصبحت عقولهم مع غيرهم وليت هؤلاء كانوا مسلمين أمثالهم.
أخيرا المراتب لا تنحصر إطلاقا لكن حسب المسلم أن يُحاسب نفسه ليعلم أن التشبّه هو كل شيء جاءنا من الكفار ولا فائدة فيه مطلقا سوى التقليد فهو تشبّه، على أن هناك مرتبة أخرى إذا ما تذكّرها المسلم أعتقد حينذاك لم يبق هناك ضرورة لمثل ذاك السبب الذي يطلب تفصيل التشبّه ومراتب الدرجات، ذلك هو تقصّد مخالفة الكافر، فالتشبّه أن تفعل فعل الكافر وهذا كما رأيتم مراتب ودرجات، لكن هناك شيء في الشرع يطالبك أن تتعاطى أعمالا تصدر منك تقصد بها مخالفة الكفار حتى في شيء ليس من منسك ولا من ... ذلك ما أفادنا إياه الرسول صلوات الله وسلامه عليه في حديث البخاري ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم ) إذا ما شابت شعورهم فاقصدوا أنتم مخالفتهم بصبغكم لشعوركم.
الإنسان يشيب سنّة الله في خلقه (( ولن تجد لسنة الله تبديلا )) لا فرق بين مسلم وكافر، بين صالح وطالح كلهم لا بد من أن يمروا في هذا الطريق وهو الشيب، والرسول الله صلى الله عليه وسلم قد شاب كما نعلم وله من الشيب لم يعمّ لحيته عليه الصلاة والسلام، فها، مع هذا كله يقول الرسول عليه صلى الله عليه وأله وسلم ( إذا شاب أحدكم فليصبغ شعره ) لماذا؟ ( ليخالف اليهود والنصارى الذين لا يصبغون شعورهم ) .
إذًا نحن لسنا منهيّين فقط عن التشبّه بالكفار بل نحن مأمورون بأن نقصد مخالفتهم أي إذا لبسوا لباس فعلينا نستقصد أن نلبس غير لباسهم وأن نجعل حياتنا كلها جملة وتفصيلا غير حياة الكفار، وهذا كما قلت لكم أنفا ليس أمرا عبثا، الظواهر تؤثّر في البواطن إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر ولعل في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
السائل : ... .
الشيخ : سواح.
السائل : ... .
الشيخ : طبعا ... ولكنها مشروعة ... ولذلك تجدهم يصنعون شيئا المتبرنطون يدخلون المساجد فيخلعون ما على رؤوسهم كما يخلعون ما على أرجلهم، فيه أحد له سؤال حول الموضوع السابق؟
السائل : ... .
الشيخ : لا.
السائل : ... .
الشيخ : حول الموضوع السابق؟ تفضل.
السائل : ... .
الشيخ : العمائم هو لباس من لباس العرب، فمن لبسه كعادة عربيّة فذلك أمر حسن لكن ليست سنّة تعبّديّة، ليس كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة " أنه صلاة في العمامة تفضل سبعين صلاة بغير عمامة " فهو من أزياء العرب ولا يزالون يستعملونها ولكن لا يظنّن ظان أن هذه العمامة هي هذه التي تكوّر على الرأس طبقات ودرجات ولكل درجة ... في الجنة درجة، هذا شيء لا أصل له، العمامة هو هذه، هذه الحطّة اللي نضعها على رؤوسنا، نصوّرها أحيانا من البرد أو من الحر وهكذا والسلام عليكم.
اضيفت في - 2008-06-18