شرح الشيخ لقوله صلى الله عليه وسلم (..سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعو إلى دينكم ) .
1 - شرح الشيخ لقوله صلى الله عليه وسلم (..سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعو إلى دينكم ) . أستمع حفظ
ذكر الشيخ لبعض الآثار عن السلف في بيان أن الإسلام لايقبل تغيرا زيادة ونقصا .
بيان معنى العمل الصالح المذكور في قوله تعالى : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بربه أحدا ) .
3 - بيان معنى العمل الصالح المذكور في قوله تعالى : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بربه أحدا ) . أستمع حفظ
شرح الشيخ للشرط الأول من شروط العمل الصالح وهو ( أن يكون موافقا للسنة ) والكلام على اهتمام العلماء بالسنة .
فإذا تذكرتم الآية السابقة مع تفسيرها عرفتم أن هذا الزعم مردود على صاحبه لأن الإخلاص في العمل شرط واحد من شرطين وليس كل الشرط لأن الشرط الآخر أن يكون عمله موافقا للسنة ولكي يعرف المسلم أن عمله موافق للسنة لا بد له من أحد أمرين إما أن يكون عارفا بالكتاب والسنة وإما أن يكون سائلا لمن كان عالما بالكتاب والسنة والواقع المؤسف اليوم أن العلم بالكتاب والسنة أصبح في هذا العدد الضخم من عدد المسلمين عددا محصورا مذكورا فقد أعرض جماهير العلماء فضلا عن غيرهم عن العناية بالسنة بصورة خاصة وذلك يستلزم أن اشتغالهم بغير السنة ولو كان هذا الاشتغال ... بتفسير كلام أن ذلك لا يفيدهم شيئا كبيرا لأن القرآن الكريم فهمه قائم على السنة كما بيّن ذلك ربنا تبارك وتعالى في مثل قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فالله عز وجل قد صرح في هذه الآية أن هناك قرآنا منزلا وأن هناك بيانا لهذا القرآن المنزل فهذا البيان هو كلام الرسول عليه الصلاة والسلام (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فإذا لم يكن العالم مطلعا على السنة لم يستطع أن يفهم القرآن لأن القرآن وحده دون الاستعانة على فهمه بالسنة لا سبيل إلى فهمه لذلك اجتمع أهل السنة على أن المصادر التي ينبغي الرجوع إليها في شريعة الإسلام إنما هما مصدران فقط القرآن والسنة وما أجمعوا على ذلك إلا لأن القرآن كما ذكرنا لا سبيل لفهمه إلا بالسنة ولكن مع هذا الإجمال لم يقم أكثر أهل العلم بما يجب عليهم من العناية بخدمة السنة فقد تفرد بذلك طائفة من علماء الحديث قديما وأفراد قليلون جدا في العصور المتأخرة بل إن علماء الحديث الذين خدموا السنة قديما جلهم خدموها من حيث ... إنما القليلون منهم جدا الذين خدموا السنة في تحقيق وتمييز ما صح منها مما لم يصح وفي مقدمة هؤلاء الأئمة الإمام البخاري والإمام مسلم ولكن بقيت هناك أكثر الأحاديث تحتاج إلى تنقية وتحتاج كما يعبر علماء مصطلح الحديث إلى تفتيش وإلى تحقيق ليتميز منها الصحيح من الضعيف فالذين اشتغلوا بالتفسير لم يعنوا العناية الواجبة بالسنة من حيث تمييز صحيحها من ضعيفها لذلك نجد في كتب التفسير كثيرا من الأحاديث التي تنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي ليست من الصحة في شيء ولست الآن في صدد ضرب الأمثلة على هذا لأنني أعتقد أنه لا يخلو أن يكون في أذهانكم بعض تلك الأمثلة إنما الغرض أن أذكر بوجوب الرجوع لفهم الدين الذي جعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دواء لهذا المرض الذي ألم بالمسلمين إنما يكون هذا الدين بالمفهوم السلفي الأول الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان عليه أصحابه الكرام ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا من طريق السنة .
4 - شرح الشيخ للشرط الأول من شروط العمل الصالح وهو ( أن يكون موافقا للسنة ) والكلام على اهتمام العلماء بالسنة . أستمع حفظ
كلام الشيخ على كيفية تميز صحيح السنة من ضعيفها وأن ذلك لايتحقق إلا بتعلم علمين أساسيين وهما علم مصطلح الحديث وعلم تراجم الرواة .
5 - كلام الشيخ على كيفية تميز صحيح السنة من ضعيفها وأن ذلك لايتحقق إلا بتعلم علمين أساسيين وهما علم مصطلح الحديث وعلم تراجم الرواة . أستمع حفظ
تحذير الشيخ من الكذب على النبي صلى الله عليه مع ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك .
استدلال الشيخ على أنه ينبغي التمسك بمنهج السلف الصالح وأنه أمر مهم جدا .
رد الشيخ على الطائفة القاديانية .
تنبيه الشيخ على بعض مصائب الخلف التي منها أنهم عكسوا فهم كثير من النصوص .
والآن وقد شعرت في كلمتي السابقة بأن كثيرا من إخواننا عندهم أسئلة متكاثرة فلا بد من إفساح المجال ليسأل من كان عنده سؤال ويتولى الأستاذ البنا إن شاء الله توجيه الأسئلة حتى نتحاشا الإضطراب والفوضى .
ما حكم تكفير أصحاب المعاصي ؟
الشيخ : يحب أن نعلم أن الكفر كفران كفر اعتقادي وهو الذي يرتد به صاحبه عن الدين والكفر الآخر كفر عملي وهو الذي أثم به صاحبه ولكن إذا لم يقترن مع هذا الكفر الكفر الاعتقادي لا يخرج به عن الملة والصحيح أن هناك أحاديث كثيرة فيها من فعل كذا فقد كفر ولكن العلماء وهنا يأتي المثال في البحث السابق العلماء لما درسوا الكتاب والسنة ودرسوا ألفاظهما ودلالاتهما وجدوا أن لفظة الكفر مثلا إذا ما أطلقت لا تعني دائما وأبدا ما يساوي الردة بل الكفر يأتي إجمالا على معنى الردة تارة وعلى معنى الكفر العملي تارة أخرى أما الكفر بمعنى الردة فهذا لا يحتاج إلى بيان وشرح أما الكفر بمعنى الكفر العملي فلماذا سمي كفرا عمليا ؟ أي لأن صاحبه وإن كان معتقدا بكل ما جاء في الكتاب والسنة فهو حينما وقع في تلك المخالفة التي أطلق فيها الرسول عليه السلام على المخالف لفظة الكفر فقد فعل فعل الكفار وعمل عمل الكفار لذلك اصطلح العلماء على تسمية هذا النوع من الكفر بالكفر العملي أي أنه يعمل عمل الكفار ولكن لا يلحق بهؤلاء الكفار حتى يتحقق فيه ما تحقق في الكفار من الكفر الاعتقادي لذلك رأينا العلماء يفسّرون مثل هذا النص بإما هكذا وإما هكذا فمثلا ( فقد كفر بما أنزل على محمد ) إما أن يفسر جحد وحينئذ فهذا كفره كفر ردة وخرج عن الملة وإما أن يفسر بأنه عمل عمل من جحد ملة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأولئك هم الكفار ، لكن العمل بعمل الكفار إذا لم يقترن به عقيدة الكفار كما ذكرنا آنفا فهو لا يلحق بالكفار يعني ( سباب فسوق وقتله كفر ) وهذا القتال يقع قديما وحديثا بين المسلمين فلا نقول إن هذا الذي يقاتل المسلم كفر بمعنى ارتد أو ما ارتد لأنه هذا يتعلق بالقلوب ولكننا نفسر فنقول من قاتل مسلما بغير حق إن كان مستحلا ذلك بقلبه فذلك هو الردة وهو الكفر الاعتقادي وإن كان لم يستحل ذلك فكفره كفر عملي هذا يقال في كل الأعمال التي جاء فيها إطلاق لفظة الكفر ما دامت المخالفة وقفت عند العمل ولم تتعده إلى العقيدة .
مما اتفق عليه المسلمون أن المسلم مجرد أن ينكر شيئا ثابتا في الشريعة ويجحده فهو كافر ولو كان مثلا يصلي ويصوم فهو حينما يصلي وحينما يصوم نعتبره منا وفينا مسلم لكن الله عز وجل إذا علم منه أنه يجحد هذه الصلاة وهذا الصيام وتلك الزكاة مثلا فهو مرتد عند الله وهو في الدرك الأسفل من النار لماذا؟ لأنه جحد بقلبه ما شرع الله فالكفر الاعتقادي لا يقف على العمل وإنما مجرد أن يكون الاعتقاد مخالفا للشريعة فهو كافر وهذا أيضا لا بد من التذكير لأنه لا بد من قيد وهو بعد إقامة الحجة لأن الله عز وجل يقول (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) فمن أقيمت الحجة عليه في فساد اعتقاده ثم أصر على ذلك فهو كأولئك الكفار الذي قال الله فيهم (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم )) فكل من أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة فهو كافر ولو كان يعمل عمل المسلمين لكن ليس كذلك من يعمل عمل المسلمين ويعتقد اعتقادهم ولكنه في بعض الأحيان يتبع هواه فيعمل عمل الكفار الذين اتخذوا إلههم هواهم من دون الله تبارك وتعالى فالمسلم إذا اتبع هواه وهو معترف بأنه مذنب ومقصر مع ربه عز وجل وأنه يرجو عفوه ومغفرته فهذا لا يلحق بالكفار إلا عند فرقة من تلك الفرق الكثيرة التي أشار إليها الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق وهذه الفرقة بالضبط هم الخوارج فهم الذين كانوا يكفرون المسلمين بارتكابهم للذنوب وبعضهم يشترطون فيها أن تكون من الكبائر وبعضهم قد لا يشترطون ذلك هذا غلو وانحراف عن سنة المسلمين الأولين في تكفير المسلمين بمجرد ارتكابهم بعض الذنوب من هذه الذنوب الذهاب إلى الكاهن فإذا ذهب الذاهب إلى الكاهن وهو يستحل ذلك فقد كفر لا شك ولا ريب في ذلك وأي شيء استحله ولو لم يأت فيه لظفة كفر فهو كافر .
ومن هنا يظهر جمود بعضنا اليوم حينما يتمسك ببعض الأحاديث التي فيها لفظة كفر فيقول إذا هو مرتد عن دينه نقول لا ، إلا إن جحد وحينئذ فالجحد ليس من الضروي أن يأتي إنسان فيجحد مثلا شرعية صلاة الوتر ما فيه حديث من ترك صلاة الوتر مثلا فقد كفر لكن هو يقول ما شرع الله إلا الصلوات الخمس و ما فيه صلاة وتر فهذا أيضا كفر أي كفر ردة لماذا لأنه جحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة ومع أنه ليس هناك حديث بأنه من أنكر كذا فقد كفر لكن العلماء يأخذون هذه المعاني ويتوسعون فيها من لفظة (( جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم )) فكل شيء يتيقنه المسلم أنه من الإسلام ثم يجحده فهو كافر ولكن إذا كان يؤمن بكل ما جاء في الإسلام إلا أنه يذنب أحيانا ويعصي الله عز وجل في بعض المعاصي وهو معترف بعجزه وتقصيره مع ربه فهذا لا يجوز تكفيره ويجب أن نلاحظ هنا شيئا يا إخواننا التكفير معناه أن هذا الإنسان أنكر بقلبه شيئا ونحن نفترض أنه ما أنكر نفترض أنه ما أنكر بل اعترف وآمن بكل ما جاء من عند الله عز وجل فكيف نصفه مصاف الكفار الجاحدين المنكرين؟ ثم هذا إنسان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله ويصوم ويصلي وإلى آخره ولكن مثلا يأتي الكهان وقد لا يعلم هذا المسكين بسبب سكوت أهل العلم أن إتيان الكهان هو كفر على التفصيل السابق لاسيما واليوم وجدت وسائل كهانة جديدة والناس يبتلون بها ولا أحد يذكرهم بأنهم أن هذا النوع من أنواع الكهانة التي كانت في عهد الرسول عليه السلام وحرمها أشد التحريم لما جاء في حديث معاوية بن الحكم السلمي سأله قال يا رسول الله إن منا أقواما يأتون الكهان قال ( فلا تأتوهم ) هذا هو الواجب فإذا جاء جاء وأتى آت للكهان وسألهم فإما أن يكون مصدقا لهم ومؤمنا بذلك وعارف بمثل قوله تبارك وتعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فمن زعم أنه هناك سبيلا يمكن الاطلاع به على الغيب لا سيما إذا كان سبيل نهى عنه الرسول ووضحه وبينه كالكهانة فقد كفر فعلا بما أنزل على محمد لأن مما أنزل على محمد (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول ... )) فهذا الكاهن أما أن يعتقد فيه أنه رسول فهذا هو الكفر الصريح وإما أن يعتقد أنه إنسان بشر ولكنه يعلم الغيب فهو أيضا كفر في بعض الآيات الأخرى التي منها قوله تبارك و تعالى (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله )) .
وخلاصة القول وهذا بحث طويل وله شعب كثيرة وكثيرة جدا أنه لا يجوز عند علماء المسلمين سلفا وخلفا أننا إذا رأينا نصا أطلق فيه الرسول عليه السلام أنه كفر أن نلحقه بالمرتدين وأن نأخذه ونقطع عنقه لأنه صدق فيه لفظة كفر نحن نعلم في كثير من المسائل التي أصبح الكفر أن من وقع في الكفر يؤتى به فيستتاب فإن تاب وإلا قتل فلا يجوز أن نبادر إلى تكفير الناس بمجرد أنه صدق فيهم لفظة كفر وإنما يجب أن نتحرى أي المعنيين صدق في هذا الذي نريد أن نطلق عليه لفظة كفر كمثل ما ذكرنا من الحديث السابق ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) هل نقول هذا كفر ردة؟ لا وإنما يكون الكفر ردة إذا استحل ذلك وهكذا الأحاديث كثيرة وكثيرة جدا تقاس بهذا المقياس غذا اقترن مع هذا الذي فعله وصف الشرع أنه كفر كفرا اعتقاديا فهو مرتد عن دينه وإذا لم يقترن فذلك خروج عن جادة المسلمين فعصمنا الله تبارك و تعالى وإياكم من مثله غيره ؟
هل قول كفر دون كفر ينطبق على الشرك أيضا فيكون هناك شرك دون شرك شرك مخرج عن ملة الإسلام وشرك لا يخرج عن ملة الإسلام ومتى يكون شركا اعتقاديا ومتى يكون عمليا ؟
الشيخ : ... المسألة واحدة سواء قلنا كفر اعتقادي أو كفر علمي ... أو قلنا شرك اعتقادي أو قلنا شرك عملي لا بد في الشرك الذي يخرج به صاحبه من الملة أن يقترن به الاعتقاد المخالف للكتاب والسنة والأمثلة من السنة التي هي تبين لنا مثل هذه الحقائق وتجليها كثيرة مثلا لما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر بن الخطاب يحلف بأبيه قال ( لا تحلفوا بآبائكم من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) قال عمر " فما حلفت بعد ذلك بغير الله ذاكرا ولا آثرا "يعني ولو على سبيل الحكاية ما ذكر فلان قال بأبي ما نقل ذلك وهذا من ... رضي الله عنه الشاهد إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سمع عمر يحلف بأبيه ما كفره وما أخرجه عن الدين ويجب أن نعلم أن من لوازم إخراج المسلم عن دينه التفريق بينه وبين زوجه مش مجرد كلمة نقولها هذا كفر وارتدّ في دينه وكل شيء بقى على ما هو عليه هذا له لوزام منها أنه إذا كان متزوجا أنه يفرق الشرع بينه وبين زوجته حتى يتوب ويعود عن شركه وعن كفره إلى الإيمان الصحيح كذلك لما خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وقام رجل ليقول له ما شاء الله وشئت يا رسول الله قال ( أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده ) فنجد ها هنا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يزد على أكثر من الإنكار الشديد على هذا الذي قال له ما شاء الله وشئت لكنه ما رتب ما يترتب من لوازم فيما لو كان ذلك الإنسان أشرك بمعنى ارتد عن دينه وإنما اكتفى بأن بيّن له أن هذا شرك أبدع من هذا وأبعد عن أن يكون مثل هذا شرك ردة أن رجلا من الصحابة رأى في المنام كأنه يمشي في بعض أزقة المدينة فلقي رجلا من اليهود فقال المسلم لليهودي نعم القوم معشر يهود لولا أنكم تشركون بالله فتقولون عزيرا ابن الله فعارضه اليهودي فقال للمسلم ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد ثم استمر في منامه يمشي حتى لقي رجلا من النصارى فقال له نعم القوم أنتم معشر النصارى لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون عيسى ابن الله فقال ذلك النصارني للمسلم ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد ،فلما أصبح الصباح انطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقصّ عليه الرؤيا فقال ( هل قصصت على أحد ؟ ) قال لا فقام الرسول صلوات الله وسلامه عليه خطيبا فيهم ثم قال " لقد كنت أسمع منكم كلمة فيحملني الحياء - هنا الشاهد - فيحملني الحياء على أن لا أنكر ذلك عليكم حتى قص عليّ فلان بأنه رأى كذا وكذا ألا لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد ولكن ليقل ما شاء الله وحده " وفي رواية في هذا الحديث أو الذي قبله ( ولكن ليقل ما شاء الله ثم ما شاء محمد ) الأصل أن يقول ما شاء الله وحده هذا أحسن شيء فإن كان لا بد أن يذكر محمدا فليذكره بحرف " ثم " لأنها تفيد أدنى مرتبة أما الواو فتفيد الشرك لذلك أنكر الرسول عليه السلام على ذاك الذي خاطبه بقوله مباشرة ما شاء الله وشئت وأنكر أيضا ما دلت عليه الرؤيا أن الصحابة يقولون أحيانا ما شاء الله وشاء محمد . موضع الاستشهاد في هذا الحديث أوضح من الاستشهاد بالحديث السابق الذي قبله ذلك أن هذا القول لو كان شرك ردة ما سكت عنه الرسول عليه السلام قيد شعرة ولا لحظة واحدة لأنه كما تعلمون جميعا ما بعث الله الرسل ولا أنزل الكتب إلا لإحلال التوحيد محل الشرك فلا مهاودة في ذلك إطلاقا ولكن هذا النوع من الشرك لما كان شركا عمليا ولم يكن شركا اعتقاديا لم يأذن الله للنبي صلى الله عليه و آله وسلم أن ينبههم إلا حينما رأى ذلك الرأي رؤياه وقصها على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحذرهم من ذلك .
والواقع أني أريد أن أذكر بشيء ربما أكثر الناس عنه غافلون يجب أن نعلم أنه لا فرق في الإسلام بين الكفر والشرك خلاف ما هو الشائع والذايع بين علماء المسلمين فضلا عن غيرهم أي يجب أن نعلم أن كل كفر شرك وكل شرك كفر فليس هناك كفر ليس بشرك كما يتوهم بعض الناس نعم هناك كفر غير الشرك لغة أما شرعا فكل كفر هو شرك وهذا تجدونه صريحا في المحاروة التي قصها الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم بين الكافر صاحب الجنتين وبين صاحبه المؤمن فالمحاروة التي جرت بينهما تدلكم دلالة صريحة على أن من أنكر البعث مثلا فهو مشرك مع أن هذا لا يقال عنه في عرف العلماء أنه مشرك لأنه يؤمن بأن خالق الكون واحد وربما يعبده واحدا ولكنه ينكر البعث فلو تصورنا إنسانا مؤمنا بكل نواحي الإيمان ولكنه أنكر شيئا من الإسلام المعروف عادة أنه بإنكاره كفر هذا كفر لا شك لكنه أيضا أشرك والسر في هذا أو قبل ذلك لعلنا نذكر لكم الآيات الواردة في هذه السورة حيث قال الله عز وجل (( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ... )) هذا في العرف السائد أشرك أم كفر قولوا هذا في العرف السائد أشرك أم كفر ؟
السائل : كفر .
الشيخ : كفر لأنه أنكر البعث والنشور والقيامة ((ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنّه هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ... )) .
أي لا أشرك بربي أحدا أي كما أشركت أنت أين الشرك ؟ سأشرحه لك ثم نتابع الآيات (( ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ... )) إذا هو هذا الرجل الذي أنكر البعث والقيامة اعترف بنفسه أنه أشرك مع ربه وشهد عليه بذلك صاحبه المؤمن لكنه هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا كما أشرت أمس أين الشرك في القضية الشرك هو يكمن في أن كل من أنكر ما جاء في الشرع فقد اتخذ علقه إلاهه وحكمه في كل ما يقر أو ينكر فمن هنا جاء الشرك بالنسبة لكل من يكفر لذلك فيبقى السؤال في السابق ولو أننا أجبنا عليه مجاراة للعرف السائد يبقى السؤال صوريا شكليا يعني هل الشرك أيضا فيه شرك اعتقادي وشرك عملي هذا سؤال صوري لأنه لا فرق في الشرع بين الشرك وبين الكفر فكل مشرك كافر وكل كافر مشرك ولكن لا بد من التفريق في الكفر أو الشرك فهما لفظان مترادفان شرعا لا بد من التفريق بينما كان منه قد استقر في قلب صاحبه هو مرتد عن وتجري عليه أحكام الردة وبين أن يكون قد استقر في قلبه الإيمان ولكنه يخالط هذا الإيمان ببعض الأمور فيعصي الله عز وجل ولو لا هذا التفصيل لم ينج مسلم من الكفر إذا كان الكفر كفرا واحدا لماذا يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) أي أن من طبيعة الإنسان أنه يذنب وإذا كان أذنب وقد كفر فالقضية مشكلة وإذا كان جاهل أو أتى آت بتفريق فأي تفريق جاء به فهو مردود عليه إذا قال نحن نحكم بالكفر على من جاء من جاز إطلاق لفظة الكفر عليه ما أظن أنه يستطيع أن يطّرد ذلك وهذا أحد الأمثلة الكثيرة جدا وقتال المسلم كفر لا يقول المسلمون أجمعوا بعد رأي ابن عباس تفرد به ثم رجع عنه أن القاتل المؤمن كافر ولا توبة له فالمسملون مجمعون أن القاتل حكمه إلى الله إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له وهذا صريح القرآن الكريم أيضا في الآية المشهورة (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) انظروا الآن كيف تتجاوب نصوص الشريعة بعد فهمها فهما صحيحا (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) إذا فرّقنا بين الكفر والشرك فهناك اليوم في أوروبا ديانة يسمونها بالديانة الطبيعية يعني هؤلاء لا يؤمنون بالكتب والرسل وإنما دروسهم وبحوثهم أودى بهم إلى الإيمان بأن لهذا الكون خالقا واحدا لا شريك له لكن لا يؤمنون بكل ما جاء في شرعنا بصورة خاصة هل الله يغفر لهؤلاء ؟ إذا فسرت الآية (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) يمكن أن يغفر الله لمثل هؤلاء لأنهم ليسوا مشركين لأنهم يؤمنون بالله واحدا لا شريك له وأنا فعلا رأيت أحد كبار العلماء المصريين قد استدل بهذه الآية أنه يجوز أن الله عز وجل لا يعذب هؤلاء الكفار الذين آمنوا بوجود الله عز وجل لأنهم ليسوا مشركين ! هذا جاءه بسبب التفريق بين الشرك والكفر لكننا إذا فهمنا أن الشرك كفر وأن الكفر شرك حينئذ تكون الآية واضحة الدلالة أن كل من كفر بالله عز وجل لا نقول الآن لفظة أشرك كل من كفر بالله عز وجل أي نوع من أنواع الكفر الاعتقادي فلا يغفره الله تبارك وتعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) أي ما دون ذلك من الكفر الكبير الذي لا كفر بعده فالله عز وجل يغفره ونحن حينما نشرح هذا الشرح واستفدناه من الآيات والأحاديث وتبيين أئمة الإسلام لها .
11 - هل قول كفر دون كفر ينطبق على الشرك أيضا فيكون هناك شرك دون شرك شرك مخرج عن ملة الإسلام وشرك لا يخرج عن ملة الإسلام ومتى يكون شركا اعتقاديا ومتى يكون عمليا ؟ أستمع حفظ
رد الشيخ على من يقول من أين جاء ابن عباس رضي الله بقوله في تفسير الآية المشهورة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون ) ليس بالكفر الذي تذهبون إليه وإنما هو كفر دون كفر .
خلاصة القول الكفر أو الشرك لفظان مترادفان أحدهما كفر اعتقادي وهذا محله القلب والآخر كفر عملي وذلك محله في الجوارح فإذا استقل القلب بالكفر فهو الردة أما إذا استقر الإيمان في القلب وخالطه شيء من المعصية بالجوارج فهذا ليس بالكفر وهذا مذهب أهل السنة والحماعة .
12 - رد الشيخ على من يقول من أين جاء ابن عباس رضي الله بقوله في تفسير الآية المشهورة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون ) ليس بالكفر الذي تذهبون إليه وإنما هو كفر دون كفر . أستمع حفظ
ما رأيكم فيمن يقول: إن من قال كفر دون كفر أو شرك دون شرك أو هناك شرك أصغر وشرك أكبر وشرك ينقل عن الملة وكفر لاينقل عن الملة وهكذا فقد ابتدع في دين الله مالم ينزل به سطانا وإنما الكفر واحدفهل هذا القول له نصيب من الصحة وهل نستطيع أن نقول أنه تكذيب لمذهب السلف الصالح في تفسير وتقسيم الكفر إلى كفرين ؟
السائل : تكملة للسؤال هو قول بعض العلماء اليوم في كثير من المحضرات والخطب أن من قال كفر دون كفر أو شرك دون شرك أو هناك شرك أصغر وشرك أكبر وشرك ينقل عن الملة وكفر لاينقل عن الملة هكذا فقد ابتدع في دين الله مالم ينزل به سلطانا وإنما الكفر واحد شرك أصغر شكر أكبر فهو اسمه شرك كفر أكبر كفر أصغر فكله كفر فهل هذا القول له نصيب من الصحة ونستطيع أن نقول أنه تكذيب لمذهب السلف الصالح في تفسير وتقسيم الكفر إلى كفرين ؟
الشيخ : لا شك أن هذا رد لمذهب السلف الصالح لكن في الواقع لنتبين الشيء الذي يرمي إليه هؤلاء بالضبط يجب أن نسألهم حينما يريدون أن لا تفرقوا بين شرك الأكبر والشرك الأصغر أو بين شرك اعتقادي وشرك عملي هل تعنون أنه بمجرد ما يقول الإنسان ... أنه ارتد في دينه هذا ... ولذلك فأنا من ديدني أن أكون حريصا مع أنني أبحث معهم أريد أمن أفهم منه ما الذي يعني من وراء كلامه فهو إذا كان ينكر فقط هذا الاصطلاح اللفظي فيكون إنكاره شكلي وصوري لا قيمة له ، لكن يبقى لهذا الإنكار له قيمة كبرى وله خطورته العظمى فيما لو ألحق من قال وما أكثر من يقول من المسلمين اليوم في أثناء كلامي خاصة في سوريا في فلسطين في مصر عندكم يحلفون بشرفهم برأس أبيهم بـجدهم إلى آخره فهل هذا ارتد عن دينه وأجرينا عليه أحكام الردة ما أظن مسلما يعقل ما يقول ما يخرج من فمه يعني هذا ! فإذا كانوا لا يعنون هذا فيبقى هذا الإنكار شكلي لا قيمة له وأنا ما سمعت هذا في الواقع من أحد يعني يمكن أن يقال إنه يحسن الكتابة ولو سمعته لأقمت عليه الحجة من كلامه لأني لا أتصور وخاصة وأن هؤلاء الكتاب اليوم كثير منهم يريد أن يوسع على الناس ولا يضيق عليهم فأنا سألتهم مثل هذا السؤال هل مجرد ما قال أحد ههؤلاء العامة وما أكثرهم في هذا الزمان بشرفي كفر وارتد عن دينه أنت تتصور يقول هذا ؟
السائل : أنا ما أتصور لكن هم قالوا ذلك ... قيل بل لهم حجة في ذلك وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال لسعد بن عبادة أو لعمر بن الخطاب عندما حلف بأبيه أو بالكعبة أو باللات تقريبا فقال له قل لا إله إلا الله فقالوا أن لا إله إلا الله هنا عودة له إلى الإسلام بعدما ارتد عن دينه لأنه ارتد ولا إله إلا الله مدخل إلى الإسلام ... ؟
الشيخ : هذا يضطرني إلى بحث جديد وتفصيل طريف نحن قسمنا آنفا الكفر إلى قسمين أو الشرك كفر اعتقادي وكفر عملي، الآن لا بد من توضيح الحقائق للناس من تقسيم آخر فنقول الكفر كفران كفر قلبي وكفر لفظي فالذي يرتد به المسلم عن الدين هو الكفر القلبي أما الكفر اللفظي فلا يرتد به عن دينه و أنا ذكرت آنفا حديث عمر في الصحيحين لما سمعه الرسول عليه السلام يحلف بأبيه قال له ( لا تحلفوا بآبائكم ) ما أمره بأن يقول لا إله إلا الله ولا أعني بهذا أن الحديث الذي ذكرته ليس بصحيح هو صحيح وسأجيب عنه على ضوء هذا التفصيل ، الكفر كفران كفر قلبي وكفر لفظي ما المقصود بالكفر اللفظي ؟ يعني لم يقصد المتلفظ بالكفر الكفر بقلبه وأكبر شاهد على ذلك ما جاء في التفسير في كتب التفسير في تفسير قوله تعالى (( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان )) أنها نزلت لما أخذ المشركون عمار بن ياسر وعذبوه عذابا شديدا كبلال الحبشي رضي الله عنهما ثم عرضوا عليه إذا أراد أن يتخلص من عذابهم أن ينال من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسبه وأن يشتمه وكأنهم آنسوا منه ضعفا فقالوا له قل محمد كذاب ، ساحر ، شاعر ونحن نطلق سبيلك فقال ذلك وفعلا أطلقوا سبيله لكنه ما كاد أن يشعر بشيء من الراحة حتى عاد إليه نفسه ... وعاد يفكر ماذا جنى على نفسه بسبه لنبيه الذي به أنجاه الله عز وجل من الكفر والضلال فما كان منه إلا أن سارع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقص عليه القصة بتفاصيلها فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال له ( كيف تجد قلبك ؟ ) قال أجده مطمئنا بالإيمان قال ( فإن عادوا فعد ) فإن عادوا إلى تعذبيك هذا العذاب الشديد الذي لا طاقة لك بتحمّله فعد أنت بالخلاص منه بأن تسبني لفظا ما دام أن قلبك عامر بالإيمان فمن هذا الحديث وأمثاله وقد سبق بعضها أخذ العلماء أن ليس كل من تكلم بكلمة الكفر فهو كافر كفر ردة لأنه قد يقول كلمة الكفر ولا يدري ما هي وقد يدري ما هي ولكنه يكون مكرها كما فعل عمار رضي الله عنه وهكذا اليوم عامة المسلمين خاصة في غير هذه البلاد التي عمّرها الله عز وجل بالتوحيد عامة المسلمين ما فيهم واعظ يقول لهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) ما يسمعون هذا التذكير إطلاقا إلا في بلاد قليلة ... فهم يحلفون بآبائهم وأبنائهم وشرفهم ولا شرف عندهم و و و إلى آخره هل يقال هؤلاء كفروا كفر اعتقاد ؟ وأنا أقول تفصيلا في مسألة الحلف بغير الله هل من حلف بغير الله ارتد عن دينه ؟ أنا أقول له حالة من حالتين إذا حلف بغير الله حلف بأبيه أو برئيسه أو بمليكه معظما له بذلك تعظيمه لربه فقد ارتد عن دينه لماذا ... .
13 - ما رأيكم فيمن يقول: إن من قال كفر دون كفر أو شرك دون شرك أو هناك شرك أصغر وشرك أكبر وشرك ينقل عن الملة وكفر لاينقل عن الملة وهكذا فقد ابتدع في دين الله مالم ينزل به سطانا وإنما الكفر واحدفهل هذا القول له نصيب من الصحة وهل نستطيع أن نقول أنه تكذيب لمذهب السلف الصالح في تفسير وتقسيم الكفر إلى كفرين ؟ أستمع حفظ