امرأة امتعنت عن زوجها وحلفت بأن لا يقربها طاعة لأمها وتقول لزوجها : إن كنت تحب الله ورسوله فلا تأت إلى البيت، وإذا ذكرها زوجها بحديث ترفض، فهل يأثم الرجل إذا أتى أهله وجاء بيته، وهل للزوجة أن تبر أمها بذلك ؟
الجواب بالنسبة للشطر الأول هل يأثم إذا أتى أهله وجاء بيته؟ نحن نقول بكل صراحة يأثم على خلاف ذلك، يأثم إذا برّ يمينها فلم يتمتّع بها ولم يأت البيت من أجلها هذا هو الإثم، فإن قيل حلَفَت عليه بالله عز وجل، نقول نعم هي آثمة في هذا الحلف لأنها تريد أن تُحرِّم ما أحلّ الله عز وجل بل ما أوجب الله على الرجل للمرأة ولنفس الرجل من حيث التمتّع وقضاء الوطر وصيانة النفس، نفسه ونفسها لكن النساء بسبب كفْرهن وجهلن لا يبالين بعاقبة أمرهنّ إلا بعد أن تقع الواقعة وتنزل عليهن الصاعقة حينذاك وكما يقال " بعد خراب البصرة " ينتبهن ل ... السابق.
الخلاصة يجب على هذا الزوج أن لا يبرّ زوجته في يمينها وله أولا بل عليه أولا أن يأتيَ البيت ولا يدع البيت وله بل عليه ثانيا أن يجبرها على الفراش ليقضيَ وطره منها حتى يصون نفسه ولا تقع نفسه فيما حرّم ولاتشتهي نفسه أيضا ما حرّم الله، أما الزوجة هذه إذا كانت تفعل هذه الأفاعيل إطاعة لأمها و ... من هذه الأم لصهرها فهي آثمة أيضا اثنين اثنين، لأنها من ناحية تطيع الأم في معصية الله ومن ناحية أخرى تعصي زوجها بسبب ذلك.
لكني أريد بعد هذا الجواب الواضح البيّن أن أذكّر الرجال بأنه يجب عليهم أن لا ينسوا أنفسهم وما عليهم من حقوق وواجبات تجاه النساء في حدود الشرع، فإننا نعلم بالتجربة وبما يأتينا من أخبار أن كثيرا ما يكون نشوز النساء وخروجهن عن طاعة الزوج إنما السبب هو الزوج نفسه، إما أن يكون شديدا، يكون غليظ الطبع لا يقوم بواجب الإنفاق في حدود استطاعته أو يقصّر معها فيما يجب لها عليه من حقوق، فهي بالتالي تقابله بالمثل، لذلك فينبغي أن لا ننسى نحن الرجال أنفسنا ولا نلقي اللائمة دائما وأبدا على زوجاتنا لأنه في كثير من الأحيان يكون السبب نابع من أنفسنا نحن، هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
عيد عباسي : من الأسئلة السؤال التالي.
1 - امرأة امتعنت عن زوجها وحلفت بأن لا يقربها طاعة لأمها وتقول لزوجها : إن كنت تحب الله ورسوله فلا تأت إلى البيت، وإذا ذكرها زوجها بحديث ترفض، فهل يأثم الرجل إذا أتى أهله وجاء بيته، وهل للزوجة أن تبر أمها بذلك ؟ أستمع حفظ
ما حكم تقبيل يدي الوالدين ؟ وشرح قاعدة : الأصل في العبادات الوقف والأصل في المعاملات الإباحة .
الشيخ : أقول والله المستعان هذه الشبهة قائمة على جهل بالإسلام مع الأسف، هذا الإسلام الذي من قواعده ما يقرّره شيخ الإسلام ابن تيمية بأوجز عبارة حين يقول " الأصل في العبادات المنع إلا لدليل والأصل في العادات الجواز إلا لدليل " وهذا طبعا لم تكن هذه الجملة قاعدة إلا لأن الأدلة الشرعية تواردت عليها، ولهذا فكل من يريد أن يستحسن أمرا بزعم أن الناس تعارفوا عليه أو اصطلحوا عليه ولم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وأله وسلم فعليه أن يستحضر هذه القاعدة وبناء عليها ينبغي أن ينظر أن هذا الأمر المستحدث المتعارف بين الناس هل المقصود فقط القول بجوازه لأنه لم يأت نهي صريح عنه أم المقصود أكثر من ذلك وهو القول باستحبابه؟ فإن كان الأمر الأول أعود الأن إلى السؤال إن كان السائل يقصد القول بجواز تقبيل يد الوالدين جوازا لا يقترن معه ترجيح وتفضيل له على العكس وهو الترك، إن كان يعني هذا فكلامه الذي يشبه كلام الفقهاء وارد ها هنا، إن كان يعني بهذا الكلام أن هذا أمر جائز والأمر الجائز في الفقه هو مستوي الطرفين فعلا وتركا، أي من فعل لا يُلام ومن ترك لا يُلام، فهل أولا هل السائل يقصد هذا؟ الجواب عندي لا، ثانيا هل التقبيل شرعا هو أمر عادي أم هو أمر تعبّدي يُفعل حيث جاء ويُترك حيث لم يجئ ولم يأت؟ أما أن السائل لا يقصد فقط القول بأن هذا التقبيل ليد الوالدين هو أمر جائز مستوي الطرفين فذلك واضح لأنه استدل بالأية والأية أقل ما تفيد استحباب الخضوع للوالدين (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا )) (( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )) هذا أمر هذا أمر وأقل ما يفيد هذا الأمر بخفض الجناح للوالدين هو الاستحباب لا شك ولا ريب، فإذ هو استدل بالأية فإنما يعني بذلك أن يُثبِت أن تقبيل يد الوالد أو الوالدة إنما هو أمر مستحب وليس أمرا جائزا فقط، وحينذاك نقول له إن العُرْف الذي يستدلّ به على تجويزه بل استحبابه لهذه العادة لا يصلح أن يكون مُشرّعا لا سيما إذا كان هذا العرف أمرا طارئا حادثا مبتدعا كما هو الشأن في حياتنا اليوم.
ذلك لأن العرف الذي يخالف الآداب الإسلامية المتوارثة في كتب الحديث وكتب أهل العلم المحقّقين منهم لا قيمة له ولا وزن له مطلقا، وقلت إن التقبيل ليس مجرّد عادة وإنما هو إما عبادة مشروعة أو أنها عبادة غير مشروعة، فحينما تكون عبادة مشروعة فهي مستحبة أو فوق ذلك، وحينما تكون عبادة غير مشروعة دخلت في عموم قوله عليه الصلاة والسلام ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) وهذه الكلّية وهذه القاعدة الشرعية الإسلامية مع الأسف الشديد يغفل عنها كثير من العلماء فضلا عن طلاب العلم فضلا عمن ليس لهم من العلم إلا الاسم مع أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يكرّر هذه القاعدة في كل يوم جمعة، بين يدي خطبة الجمعة كما تسمعون بين يدي كل درس اتباعا للرسول عليه السلام يقول ( أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) كان عليه الصلاة والسلام يُكرّر هذه القاعدة في كل يوم جمعة، لماذا؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " قال لترسخ هذه القاعدة في أذهان السامعين فلا يضلّوا عنها، مع الأسف الشديد ضلّ عنها عامة المسلمين بل وكثير من خاصتهم، فها أنتم تسمعون يقول لا يوجد هناك نهي عن تقبيل الولد ليد والده أو والدته، وما وزن هذا الحديث حينذاك عنده وأمثاله من مثل قوله عليه السلام ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
الجهل بهذه القاعدة وأمثالها يؤدي بعض الناس من المتعالمين إلى أن يقولوا في كل أمر حادث يا أخي ما فيه نهي عنه، يا حبيبي الرسول وضع لك قاعدة قال ( كل بدعة ضلالة ) هذا يغنيك عن عشرات المئات بل الألوف من نصوص يقول لك الأمر الفلاني منهي عنه، الأمر الفلاني منهي عنه، يعني هذه البدع التي تحدث في كل يوم بدع لا يمكن حصرها، فجاءك بقاعدة ليريحك من هذه النصوص التي لا يمكن الإحاطة بها ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
الغفلة عن هذه القاعدة يؤدي بهؤلاء الناس إلى أن يستسيغوا كثيرا من البدع بدعوى أن النبي عليه السلام لم ينهى عنها، ونحن نحاججهم بكثير من البدع التي لا نعدَم عشرات من أمثالهم يعترفون معنا بأنها من البدع فنقول لكل منهم أين النهي؟ لا يوجد هناك نهي، ولكن النهي المفهوم عند العلماء هو في هذه القاعدة وأمثالها كما ذكرنا.
السلف الصالح كانوا قد تفقّهوا في الدين حقيقة وفهموا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يرمي إليه بمثل هذه القاعدة ( كل بدعة ضلالة ) لذلك نجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما حج في خلافته ووقف أمام الحجر الأسود يريد أن يقبّله قال "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولو أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبّلتك" .
ماذا يعطينا هذ الكلام من عمر بن الخطاب وهو يصدع به على ملإ من الناس حجّاج و ... يعني أن التقبيل داخل في موضوع الإتباع حيث جاء، وداخل في موضوع الابتداع حيث لم يجئ ولم يأت، هذا معنى كلام الخليفة الراشد، وسبحان الله ما أسرع أمثال هؤلاء الناس إلى الإحتجاج ببعض الأقوال عن الخلفاء الراشدين أو بعضهم إذا كانت لهم في ذاك مصلحة، وما أشد نسيانهم لمثل هذا الإستدلال فيما إذا كان عليهم، فهذا عمر بن الخطاب يقول يُخاطب الحجر الأسود طبعا الحجر الأسود لا يسمع ولكن هذا من باب " الكلام إليك يا كنّة واسمعي يا جارة " يعني اسمعوا أيها الناس، قال أقول للحجر الأسود "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع لكن اعلموا أني ما أقبّله إلا لأني رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّله".
إذًا هذا الحديث وحده يعطينا أن التقبيل لا يمكن حشره في زمرة الأمور العادية التي إذا جرى العرف عليها فالأمر في ذلك واسع، لا، التقبيل عبادة حيث شرعت وبدعة حيث لم تشرع، من هنا نحن نقول إن هذا الإستدلال فيه أولا انصراف عن القاعدة الشرعية السابقة الذكر، نقلتها لكم عن ابن تيمية وذكرت لكم بعض أدلتها ( كل بدعة ضلالة ) ( من أحدث في أمرنا هذا ) ثم فيه غفلة أخرى عن تفقّه بمثل تفقّه الصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب حيث قال "لا أريد أن أقبل الحجر لأنه لا يضر ولا ينفع" لكنه رأى الرسول يقبّله فيستسلم هذا هو شأن المؤمن.
إذًا نحن لو أردنا أن نقتديَ بعمر بن الخطاب فندخل على أبينا وأمّنا فقلنا للأب المحترم والأم المحترمة لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لنا تقبيل يد الوالد أو الوالدة لقبّلت، يعني على عكس إيه؟ موقف عمر، لأنه الموقف هنا يختلف هناك، هناك يعلم أن الرسول قبّل فهو يُقبّل لكن لو علم أنه ما قبّل ما قبّل، فهل نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للصحابة أن يُقبِّلوا أيدي أباءهم وأمهاتهم؟ الجواب لا، هل جاء خبر ولو في حديث ضعيف بل نتنزّل فنقول ولو في حديث موضوع أن أحدا من الصحابة كان إذا دخل على أبيه أو أمه قبّل يده أو يدها؟ كل ذلك لم يكن، فيكف يجوز من كان عنده علم صحيح بعد ذلك أن يستدل في مثل هذا الموضوع بالعرْف الطارئ، بالعرف الحادث؟ ناس تعارفوا هذا، تُرى لو أن الناس تعارفوا بينهم أن يقبّلوا شيئا أخر، وأنا أضرب لكم مثلا حسّاسا مبتلى به هؤلاء الناس، تعارفوا تقبيل القرأن الكريم فماذا يقولون، لا شك سيقولون بمثل ما قالوا بالنسبة لتقبيل يد الوالد لأن يد الوالد أو يد الوالدة ليست مقدّسة أكثر بالنسبة للقرأن الكريم الذي فيه كلام الله القديم.
2 - ما حكم تقبيل يدي الوالدين ؟ وشرح قاعدة : الأصل في العبادات الوقف والأصل في المعاملات الإباحة . أستمع حفظ
هل يسن تقبيل القرآن الكريم .
هذا له أمثله كثيرة جدا في حياتنا اليوم، أنا أشاهد وأنا أمشي في الطريق نبتلى أن نمر مثلا بقهوة فيها لعب الشطرنج، وفيها الطاولة وفيها النرد المُحرّم وما شابه ذلك إلى أخره، فأول ما يسمع بعضهم مش كلهم، يسمع بعضهم الأذان قاموا، ما هذا القيام تعظيم يا أخي لجلال الله عز وجل والأذان الذي فيه توحيد في الشهادتان إلى أخره، أقنعهم الشيطان أن هذا القيام يُغنيهم عن الذهاب إلى المسجد، هذا تعظيم وانتهى الأمر، بينما القيام الحقيقي هو تسمعه يقول الله أكبر لست على وضوء تنطلق تسمعه وبعد ذلك وأنت على وضوء يقول حي على الصلاة فعلا تذهب وتصلي مع جماعة المسلمين، هذا هو التعظيم الحقيقي لهذ الأذان، فصرف الشيطان هؤلاء المسلمين عن هذا التعظيم الذي جاء به سيد المرسلين إلى تعظيم صوري شكلي، وهذا يمكن أن نجعله مضطردا في جلّ، إن لم أقل كل ما أحدثه الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.
تتمة الجواب عن حكم تقبيل يد الوالدين .
من هنا من مثل هذا المثال والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا نحن نزداد كل يوم إيمانا بأن الحق كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( خير الهدى هدى محمد ) يا جماعة إذا ما دخل بعقلكم هذا الكلام على طريقة العملية الحسابية مثلا التي يشترك في معرفتها جميع الناس فأمنوا خير لكم، أمنوا بأن خير الهدى هدى محمد، أمنوا بأن هذا القيام الذي يعتاده الناس للمشايخ ولغير المشايخ هذا ليس من الإسلام في شيء، وليس من الدين في شيء، وليس من الأمور المستحبة في شيء، ليس من التعظيم والإجلال للمسلم أبدا، أمنوا بأن هذا التقويم الذي يفعله اليوم الناس مع المشايخ فضلا عن آباءهم وأمهاتهم ليس من الإسلام في شيء، فلازم نطوّر حياتنا ونجعلها تختلف كل يوم ولو خطوة خطوة إلى ما كانت عليه الحياة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في عهد خير القرون التي لن تجد الأرض بعد ذلك العهد أطهر وخيرا وأبعد ما يكون عن الشر من ذلك العهد الطاهر.
هذه كلمة حول جواب عن السؤال السابق، تقبيل يد الوالدين ليس عبادة مطلقا، وليس مما تشمله الأية التي ذكرها لأن الأمر لو كان كذلك لكان أسرع الناس مبادرة إلى تنفيذ ذلك هم الصحابة مع أباءهم وأمهاتهم، لاسيما وكما ذكر هو عرضا هذا التقبيل ليس بالأمر الحادث لحتى نقول والله هن ما انتهبوا له، لا التقبيل معروف عادة قديمة وقديمة جدا حتى وصل التقبيل إلى الأحجار، لكن منه ما هو شرع كما سمعتم بالنسبة للحجر الأسود ومنه ما ليس بشرع، وذلك التقبيل كل الأحجار تقبيل ... الأولياء والصالحين قبورهم ونحو ذلك كل ذلك مما يُصرّح بعض العلماء حتى من المتأخرين حتى ممن لا يُعرفون بأنهم مُدققون في علم السنّة والبدعة كالشيخ محمد الغزّالي حيث يذكر أن تقبيل القبور ولمسها من صنيع اليهود والنصارى.
فإذًا التقبيل ليس شيئا جديدا ... لكنه شيء جديد كجعله دين يُثنى على من فعل ثم يذم من ترك، وهنا لا بد أن نذكّر بشيء وننتهي بعد ذلك من هذا الإجتماع إلى اجتماع أخر إن شاء الله، نشاهد أبًا يثور أو أمًّا تثور لأن هناك ولدا صالحا نشأ إلى حد ما على طاعة الله، أقول إلى حد ما لأنه الزمن لا يساعد الشباب -مع الأسف- اليوم أن يكونوا كشباب الصحابة، ثم نشأ أيضا على السنّة أيضا إلى حدما فهو يسمع ويتعلّم فيُقبِّل، لا يُقبِّل يد أبيه أو أمه فيثوران عليه، نعلم من كثير من الأباء يثورون بترك بعض الأبناء شيئا أقلّ ما يقال إنه لم يعص الله ورسوله، مع ذلك يثورون، بينما هناك أبناء أخرون لا يصلون ربما لا يصومون مع ذلك الآباء هم عنهم راضون، لماذا؟ لأنهم لهم ينافقون، يقبّلوا اليد لأنه مثل هذا الذي لا يصلّي ولا يصوم ما بيهموا بقى تقبيل اليد حتى لو كان حرام، ما دام أبوه راضيان عنه، أمه راضيانة عنه فهو سيفعل هذ التقبيل، هذه الفارقة ظاهرة جدا، فهذا الذي لا يصلي ولا يصوم ويُقصِّر في طاعة الله عز وجل في كثير من الأمور لا يقومون عليه شيئا، وهذا الشاب الناشئ في طاعة الله الذي ينبغي أن يُشجّع بأن يستمر على هذه الطاعة وأن يزداد منها، يثور عليه الآباء والأمهات، لماذا؟ لأنه خرج عن العرف السائد وهو تقبيل اليد صباحا مساء، هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
نصيحة للأبناء حول بر الوالدين .
فإذًا إذا كنا أردنا أن نكون صادقين في تمسّكنا بالكتاب والسنّة مع آباءنا وأمهاتنا وأقاربنا فيجب أن لا يكون هذا محصورا في أمور سلبية، أنا ما أقبله، أنا ما أقبّل يده لكن أنت عم تجيء تسيئ له و تنهر في وجهه وتقل له أف شو هذا ... هذا لا ينبغي أبدا، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حق النساء مع الرجال يخاطب الرجال فيقول ( إنهن عوان عندكم ) النساء كالأسيرات عند إيش؟ الأزواج لأن الله عز وجل جعل لهم السلطة عليهن، فالولد يجب أن يعرف نفسه أنه كالأسير عند أبيه وأمه ماذا يفعل الأسير مع سيده؟ هل يصيح في وجهه؟ هل يتعالى عليه؟ كل ذلك لا يُفعل، يخاف يجب أن تخاف ربك في معاملتك لأبيك وأمك فلا تسيء إليهما ولو أساؤوا إليك، عليك أن تتحمّل ولكن هذا لا يحملك على مخالفة الكتاب والسنّة.
فإذًا هناك أمران يجب أن ... بينهما لا تطع والدك فيما تخالف فيه الكتاب والسنّة ولكن قدّم إليهم شيئا تُظهر لهم أنك أنت تطبق الكتاب والسنّة في الأمور الأخرى التي جاءت في الكتاب والسنّة من ذلك (( ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما )) .
وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين.
بداية الشيخ شرحه بخطبة الحاجة .
(( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد،
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله سلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
شرح أحاديث من الترغيب والترهيب للمنذري من كتاب الصبر على البلاء : قال المصنف رحمه الله : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله ادع الله لي فقال : إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت صبرت ولا حساب عليك قالت : بل أصبر ولا حساب علي ) رواه البزار وابن حبان في صحيحه "
هذه القصة فيها شبه كبير بالقصة التي قرأناه في أخر الدرس الماضي وإنما الخلاف في نوعيّة المرض التي كانت في هذه وفي تلك، فهذه يقول الراوي أنه كان بها لمم، اللمم هو نوع من الجنون الذي ينتاب الإنسان ويصيبه على نوبات وليس جنونا ملازما مطبقا، بينما تلك المرأة كانت تُصاب بالصرع، فهذا خلاف فالظاهر أن قصة هذه المرأة هي غير تلك القصة، وبعض العلماء يتوسّعون فيفترضون أن القصة واحدة وأن التي كانت تصرع هي التي عُبِّر عنها هنا بأنها كان بها لمم، لكن الظاهر هو ليس هناك ما يمنع من القول بأن هناك امرأتين ولكل منهما قصة، فتلك المرأة كانت تصرع والرسول صلى الله عليه وسلم أيضا وعدها إن شاءت أن يدعو لها وإن شاءت أن تصبر ولها الجنة، هنا قال لها إن شئت دعوت فشفاك الله وإن شئت صبرت ولا حساب عليك، فالظاهر من طريق الرواية أنهما قصتان، قصة لمن كانت تصرع وأخرى لمن كان بها نوع من الجنون وهو اللمم، ولكن الثواب واحد لأن قول الرسول عليه السلام ( وإن شئت صبرت ولا حساب عليك ) يساوي قوله عليه الصلاة والسلام لتلك المرأة التي كانت تُصرع قال لها ( وإن صبرت فلك الجنة ) فكل من لا حساب عليه فلا شك أن عاقبة أمره أن يدخل الجنة، وعلى كل حال فهذا الحديث وذاك كل منهما يدل دلالة صريحة واضحة بيّنة على أن عاقبة الصبر إنما هو دخول الجنة.
7 - شرح أحاديث من الترغيب والترهيب للمنذري من كتاب الصبر على البلاء : قال المصنف رحمه الله : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله ادع الله لي فقال : إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت صبرت ولا حساب عليك قالت : بل أصبر ولا حساب علي ) رواه البزار وابن حبان في صحيحه " أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله : " وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ) رواه البخاري وأبو داود ".
هذا الحديث من الأحاديث التي يتجلى فيها فضل الله عز وجل على عباده حيث أنه يصرّح أن المسلم إذا كان له عادة من طاعة الله عز وجل في حالة إقامته وفي حالة صحّته ثم اقتضى له سفر أو حلّ به مرض فصرفه عن تلك العادة من العبادة والطاعة، أما السفر فهو بلا شك مشْغلة، يصرف الإنسان عن كثير من الأمور الهامة ولا جرم أن الله عز وجل بحكمته خفّف عن عباده كثيرا من العبادات بل الواجبات حينما يكونوا مسافرين، فهنا مع هذا التخفيف من الطاعات والعبادات الوجبات على المسافر فإذا كان لهذا المسافر عادة في حالة إقامته من عبادة من طاعة من مواظبة على النوافل مثلا من السنن وغيرها ثم لا يتمكّن إما شرعا وإما قدرا لأنه مسافر، لا يتمكّن من الإتيان بتلك العبادات والطاعات التي كان معتادا عليها، والله عز وجل يكتبها له كما لو أنه فعلها وهو مقيم هذه واحدة، كذلك إذا ابتلِيَ الإنسان بمرض فصرفه مرضه عن ما كان ينشَطُ له من الطاعة والعبادة فالله عز وجل أيضا يتفضّل على هذا المريض فيأمر الملائكة بأن يكتبوا له ما كان يفعله في حالة صحّته ونشاطه (( ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون )) .
فإذًا في هذا الحديث مما يناسب الموضوع الذي نحن في صدده حضّ بليغ جدا على أن يصبر المسلم فيما إذا أصيب بمرض، ومما يحمله على الصبر أن يتذكّر بأن الله عز وجل يُثيبه على كل العبادات والطاعات التي كان يفعلها في حال صحته.
وفي الحديث أيضا حضّ غير مباشر للمسلم الصحيح السليم على أن يغتنم صِحّته وشبابه وأن يُكثِر من طاعة الله عز وجل وعبادته لأن للصحة حقّا وللسنّ حقّا فالصحيح لا يظل صحيحا والسليم لا يظل سليما فقد يمرض، كذلك الشاب والكهل لا يظل كذلك، فلا بد من أن يخضع شاء أم أبى لسنّة الله في خلقه عز وجل، من ذلك أن يكون طفلا فيصير صبيا فيصير شابا فيصير كهلا فيصير شيخا، فلا يستطيع في حالة شيخوخته أن يستمر على تلك العبادات والطاعات التي كان ينهض بها في حال شبابه، فينبغي على المسلم الحريص على أخرته أن يتذكّر هذه الحقيقة وأن يهتبلها فرصة فيكثر من العبادة والطاعة حتى ما إذا أسنّ وشاخ أو مرض ولم يستطع أن يقوم بتلك العبادات والطاعات فالله عز وجل يكتبها له لأنه معذور عذرا الله عز وجل بتقديره فرضَه عليه، ليس له إرادة وليس له في ذلك كسب، هذا الحديث يعطينا هذا الحضّ غير المباشر أي أيها القوي السليم احرص على طاعة الله عز وجل في حالة قوّتك وشبابك حتى إذا ما عجزت أو مرضت كتبها الله لك ولو لم تفعل شيئا من ذلك.
8 - قال المصنف رحمه الله : " وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ) رواه البخاري وأبو داود ". أستمع حفظ
شرح حديث عبد الله بن عمرو ونصيحة النبي صلى الله عليه وسلم له في الصيام والقيام وقراءة القرآن .
إذًا،إذا كان المسلم يعرف هذه الحقيقة التي أعلمنا بها رسولنا.
9 - شرح حديث عبد الله بن عمرو ونصيحة النبي صلى الله عليه وسلم له في الصيام والقيام وقراءة القرآن . أستمع حفظ
شرح قول المصنف : " وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما من أحد من الناس يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله عز و جل الملائكة الذين يحفظونه قال اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي ) رواه أحمد واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرطهما وفي رواية لأحمد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه أو أكفته إلي ) وإسناده حسن . قوله أكفته إلي بكاف ثم فاء ثم تاء مثناة فوق معناه أضمه إلي وأقبضه ".
يقول في تخريجه رواه أحمد واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرطهما وفي رواية لأحمد قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك المُوكّل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطْلِقه أو أكفته إليّ ) قيل للملك الموكّل به اكتب له مثل عمله الصالح الذي كان يعتاده وعجز عن القيام به ( مثل عمله إذا طليقا ) أي إذا كان سليما غير مريض، اكتب له أجر ذلك العمل الذي عجَز عنه حتى أطلقه يعني إلى أن أصحّحه وأعافيَه فإذا عاد صحيحا سليما وتابع العمل السابق كُتِب له أيضا أما إن تركه فلم يُكتب، إنما يُكتب له عمله السابق مادام في وِثاق الله عز وجل وفي أسره ومرضه الذي ابتلاه به، هكذا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكّل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه - أي أعافيه - أو أكفته إليّ ) أي أضمه وأرجعه أي أقبضه وأميته، وإسناد هذه الرواية حسن، فسّر قوله ( أكفته إليّ ) بكاف ثم فاء ثم تاء مثنّاة فوق معناه أضمّه إليّ وأقبضه.
10 - شرح قول المصنف : " وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما من أحد من الناس يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله عز و جل الملائكة الذين يحفظونه قال اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي ) رواه أحمد واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرطهما وفي رواية لأحمد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه أو أكفته إلي ) وإسناده حسن . قوله أكفته إلي بكاف ثم فاء ثم تاء مثناة فوق معناه أضمه إلي وأقبضه ". أستمع حفظ
قال المصنف رحمه الله : " وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ابتلى الله عز و جل العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله عز و جل للملك اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل وإن شفاه غسله وطهره وإن قبضه غفر له ورحمه ) رواه أحمد ورواته ثقات ".
وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين، الأن ننظر ما عندنا من أسئلة لنجيب عن بعضها بما يتيسّر.
11 - قال المصنف رحمه الله : " وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ابتلى الله عز و جل العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله عز و جل للملك اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل وإن شفاه غسله وطهره وإن قبضه غفر له ورحمه ) رواه أحمد ورواته ثقات ". أستمع حفظ
ما المراد بالجعل في قوله تعالى : (( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا )) و هل يدل على الجبر ؟ والكلام على الإرادة وبيان قسميها الكونية والشرعية والفرق بينهما .
الشيخ : هذا الجعل هو جعل كوني ولفهم هذا لا بد من شرح الإرادة الإلهية، الإرادة الإلهية تنقسم إلى قسمين إرادة شرعية وإرادة كونيّة، الإرادة الشرعية هي كل ما شرع الله عز وجل لعباده وحضهم على القيام به من طاعات وعبادات على اختلاف أحكامها من فرائض إلى مندوبات وهذه الطاعات والعبادات يريدها الله تبارك وتعالى و يُحبّها، أما الإرادة الكونيّة فهي قد تكون تارة مما شرع الله وأحبّها لعباده، وقد تكون تارة مما لم يشرعها ولكنه قدّرها وهذه الإرادة إنما سُمّيَت بالإرادة الكونيّة اشتقاقا من قوله تبارك وتعالى (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فشيئا اسم نكرة يشمل كل شيء، سواء كان طاعة أو عبادة، إنما يكون ذلك بقوله تبارك وتعالى (( كن )) أي بمشيئته وبقضاءه وقدره، فإذا عرفنا هذه الإرادة الكونية وهي أنها تشمل كل شيء سواء كان طاعة أو كان معصية، حين ذلك لا بد من الرجوع بنا إلى موضوع القضاء والقدر لأن قوله عز وحل (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) معنى ذلك أن هذا الذي قال له (( كن )) جعله أمرا مقدّرا كائنا لا بد منه، حينئذ بحث القضاء والقدر طرقناه مرارا وتكرارا، وقلنا إن كل شيء عند الله عز وجل بقدر، أيضا هذا يشمل الخير ويشمل الشر ولكن ما يتعلّق منه بما نحن الثقلين الإنس والجن المكلّفين المأمورين من الله عز وجل فما يتعلق بنا نحن يجب أن ننظر ما نقوم به نحن به إما أن يكون بمحض إرادتنا واختيارنا وإما أن يكون رغما عنا، هذا القسم الثاني لا يتعلّق به طاعة ولا معصية ولا يكون عاقبة ذلك جنة ولا ونار، وإنما القسم الأول عليه تدور الأحكام الشرعية وعلى ذلك يكون حساب الإنسان للجنة أو النار أي ما يفعله الإنسان بإرادته ويسعى إليه بكسبه واختياره فهو الذي يُحاسب عليه الإنسان إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فهذه حقيقة أي كون الإنسان مختارا في قسم كبير من أعماله هذه حقيقة لا يمكن المجادلة فيها لا شرعا ولا عقلا، أما الشرع فنصوص الكتاب والسنّة متواترة في أمر الإنسان بأن يفعل ما أُمر به وفي أن يترك ما نُهي عنه، هذه أكثر من أن تذكر، أما عقلا فواضح لكل إنسان متجرّد عن الهوى والغرض بأنه حينما يتكلّم، حينما يمشي، حينما يأكل، حينما يشرب، حينما يفعل أي شيء مما يدخل في اختياره فهو مختار في ذلك غير مضطر إطلاقا.
ها أنا ذا أتكلم معكم الأن ما أحد يجبرني بطبيعة الحال ولكنه مقدّر فمعنى كلامي هذا مع كونه مقدرا أي إنه مقدّر مع اختياري لهذا الذي أقوله وأتكلّم به، أنا الأن أتابع الحديث ولا أسكت لكن باستطاعتي أن أصمت لأبيّن لمن كان في شك مما أقول إني مختار في هذا الكلام ها أنا أصمت الأن، ولو بضع لحظات لأني مختار.
إذًا فاختيار الإنسان من حيث الواقع أمر لا يقبل المناقشة والمجادلة وإلا بيكون الذي يجادل في مثل هذا إنما هو هو يعني يُسفسط و يشكّك في البدهيات وإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة انقطع معه الكلام.
إذًا فأعمال الإنسان قسمان اختيارية واضطرارية، الاضطرارية ليس لنا كلام لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية الواقعية، إنما الشرع يتعلّق بالأمور الاختيارية، هذه الحقيقة إذا ما ركّزناها في ذهننا استطعنا أن نفهم مثل الأية السابقة (( جعلنا على قلوبهم أكنّة )) هكذا الأية.
عيد عباسي : أي نعم.
سائل آخر : (( على قلوبهم )) .
الشيخ : (( على قلوبهم أكنّة )) هذا الجعل كوني يجب أن تتذكّروا الأية السابقة (( إنما أمره إذا أراد شيئا )) كوني ولكن ليس رغما عن هذا الذي جعل الله على قلبه أكنة ليس رغما له، هذا مثاله من الناحية المادية، الإنسان حينما يُخلق يُخلق ولحمه غضّ طري ثم إذا ما كبر وكبر وكبر يقسى لحمه ويشتد عظمه ولكن الناس ليسوا كلهم في ذلك سواء، ففرق كبير جدا بين إنسان منكب على نوع من الدراسة والعلم، فهذا ماذا يقوى فيه، يقوى عقله، يقوى دماغة في الناحية التي هو ينشغل بها وينصبّ بكل جهوده عليها، لكن من الناحية البدنية جسده لا يقوى، عضلاته لا تنمو، والعكس بالعكس تماما، شخص منصب على الناحية المادية فهو في كل يوم يتعاطى تمارين رياضية كما يقولون اليوم فهذا تشتدّ عضلاته ويقوى جسده ويصبح له صورة كما نرى ذلك أحيانا في الواقع وأحيانا في الصور، فهؤلاء الأبطال تصبح أجسادهم كلها عضلات، هل هو خُلِق هكذا أم هو اكتسب هذه البنية القوية ذات العضلات الكثيرة؟ هذا شيء وصل إليه هو بكسبه وباختياره، ذلك هو مثل الإنسان الذي يظل في ضلاله وفي عناده وفي كفره وجحوده فيصل إلى الران، إلى هذه الأكنّة التي يجعلها الله عز وجل على قلوبهم لا بفرض من الله واضطرار من الله لهم وإنما بسبب كسبهم واختيارهم.
فهذا هو الجعْل هو الجعْل الكوني الذي يكتسبه هؤلاء الناس الكفار فيصلون إلى هذه النقطة التي يتوهّم الجهال إنها فُرِضت عليهم والحقيقة أن ذلك لم يُفرض عليهم وإنما ذلك بما كسبت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد.
12 - ما المراد بالجعل في قوله تعالى : (( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا )) و هل يدل على الجبر ؟ والكلام على الإرادة وبيان قسميها الكونية والشرعية والفرق بينهما . أستمع حفظ
على ما استقر رأيكم في مسألة الأضحية أواجبة هي أم سنة ؟ فإن كانت سنة فكيف نصنع بحديث أم سلمة في مسلم ولفظه ( إذا دخل العشر من ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ..) ؟
الشيخ : الواقع أنه هذه شبهة ليس لها قيمة من ناحية النصوص الشرعية ( و أراد أحدكم أن يضحي ) نحن نقول نسبة الأمر إلى إرادة الإنسان له علاقة كبيرة جدا بموضوعنا ال ... أي أن الإنسان مكلّف بعبادة وبطاعة فهو عليه أن يريدها وأن يعملها وأن ينهض بها، فإذا لم يردها فليس الله عز وجل بالذي يفرض ذلك عليه فرضا ويقْصِره على ذلك قصرا، لا فالنكتة في أنه نسب حكم من أراد أن يضحّي إلى إرادة الإنسان هو هذه الناحية، وهذا واضح جدا في نفس القرأن الكريم (( لمن شاء منكم أن يستقيم )) إذًا الاستقامة على هذا الفهم مع الأسف يعني أنه نُسب هذا الفهم إلى بعض الأئمة، ينتج قياسا على هذا الفهم أنه الاستقامة غير واجبة، ليه؟ لأن الله عز وجل نسبها إلى مشيئتنا، كل شيء أمرنا به فلا بد للقيام به من مشيئتنا وإرادتنا في ذلك وهنا، لذلك قلنا قبل أن نعرف ما ادّخر لنا وما خُفِي لنا من مثل هذا السؤال قلنا أنه الإرادة قسمان إرادة كونية وإرادة شرعية فالبحث ليس في الإرادة الكونية وإنما في الإرادة الشرعية، يجب أن تفعل فإذا لم تفعل انتقل الأمر من الإرادة الشرعية إلى الإرادة الكونية لأنه لا يقع شيء في هذا الكون ... عن الله عز وجل، فهنا لما قال الله عز وجل (( لمن شاء منكم أن يسقيم )) لماذا نسب الاستقامة إلى المشيئة لأن بها رُبطت التكاليف الشرعية كلها، ومثال على هذا الذي نقوله وإن كانت الأية كافية في ذلك وشافية لكن على سبيل التفريع قال عليه الصلاة والسلام ( من أراد الحج فليعجِّل ) أيضا نسب الإرادة هنا للإنسان في ماذا؟ في الحج الذي هو من أركان الإسلام الخمسة، فهل معنى ذلك أن الحج ... واجب، الجواب لا لكن كل واجب لا بد له من إرادة تصدر من هذا الإنسان ليصبح مكلّفا وإلا إذا كان لا إرادة له فلا تكليف عليه، لذلك رفع القلم عن ثلاث كما تعلمون في الحديث الصحيح ( عن النائم حتى يستقيظ وعن المجنون حتى يفيق وعن الصبيّ حتى يبلغ ) ، غيره.
عيد عباسي : بالإضافة إلى ما سبق أن الحديث هذا ( وأراد أحدكم أن يضحى )) ليس مُساقا أو مَسوقا ل.
الشيخ : نعم.
عيد عباسي : بيان حكم الأضحية وإنما لبيان شيء أخر وهو أن لا يأخذ من رأسه ولا من أظافره شيئا، أما ما هو مسوق من أجله خاصة فهو حديث مثلا ( من وجد سعة ولم يضحّ فلا يقربنّ مصلانا ) هنا بيان للحكم بينما ذلك بيان لحرمة أن يأخذ من أظفاره أو شعره شيئا.
الشيخ : صح.
عيد عباسي : ما هي السن المجزئة في الأضحية مع تفسير الجذعة؟
13 - على ما استقر رأيكم في مسألة الأضحية أواجبة هي أم سنة ؟ فإن كانت سنة فكيف نصنع بحديث أم سلمة في مسلم ولفظه ( إذا دخل العشر من ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ..) ؟ أستمع حفظ
ما هي السن المجزية في الأضحية مع تفسير الجزعة أي ما سنه ؟
الشيخ : الجذعة في الغنم هي ما بلغت ستة أشهر فزيادة، على خلاف أيضا منهم من يقول سنة ودخلت في السنة الثانية، وبعض الناس يقولون يختلف الأمر باختلاف سِمَن الدابة، فإذا كانت فارهة و ... وملحمة فيكفي في ذلك أن تكون دخلت في، تجاوزت نصف السنة وإلا فلا بد من سنة، المسألة فيها خلاف والمهم أنه الإنسان يحتاط لدينه، فلا يذبح إلا من دخلت في السنة الثانية، هذه هي الجذعة.
هل يسن التكبير لسجدة التلاوة مع الإشارة إلى حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر لها ؟
الشيخ : الحديث هذا في إسناده رجل مُضعّف عند علماء الحديث وهو عبد الله بن عمر العمري وهما رجلان بل أخوان، أحدهما هذا عبد الله بن عمر والأخر أخوه مُصغّر عبيد الله بن عمر، عبيد الله ثقة عبد الله ضعيف بسبب سوء حفظه وهذا الحديث رواه الأخوان أما الثقة فلم يذكر التكبير، تكبير الرسول عليه السلام لسجود التلاوة أما عبد الله المُكبّر هكذا يعبّرون عنه السيء الحفظ فجاء بهذه الزيادة فلذلك كانت زيادته ضعيفة بل منكرة، ولذلك فكل الأحاديث التي جاءت تتحدّث عن سجدة الرسول صلى الله عليه وأله وسلم سجدة التلاوة لا يذكر فيها شيء من التكبير أو التسليم وإنما ذُكِر التكبير في هذا الحديث فقط، فمع ضعف عبد الله بن عمر هذا العمري المُكبّر فقد خالف كل تلك الأحاديث الصحيحة وما كان من الحديث كذلك يكون حديثا منكرا.
15 - هل يسن التكبير لسجدة التلاوة مع الإشارة إلى حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر لها ؟ أستمع حفظ
هل يجزئ في صبح يوم الجمعة أن يقرأ بعض آيات من سورة السجدة وسورة الإنسان ؟
الشيخ : أما الإجزاء فيجزئ أن يقرأ الفاتحة فقط، أما السنّة فلا تحصل إلا بقراءة سورة السجدة بتمامها في الركعة الأولى وسورة الدهر بتمامها في الركعة الأخرى.
بل أقول شيئا، إن تقَصُّد قراءة شيء من سورة السجدة بزعم أن سورة السجدة إنما شُرعت تلاوتها في صبح الجمعة لأن فيها سجدة فهذا يكون من مُحدثات الأمور أي لا يجوز الإنسان أن يتقصَّد قراءة القسم الذي فيه السجدة ولو مثلا قسم السورة ركعتين ويكون أتى ولا بد بالسجدة، لا يجوز هذا القصد لأننا لا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قرأ سورة السجدة لأن فيها سجدة بل الأقرب كما يقول ابن القيم الجوزية وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قرأ هذه السورة وتلك لما فيها من تذكير بالأخرة والبعث والنشور ونحو ذلك.
ولذلك فالإمام إما أن يأتي بالسنّة بتمامها أي يقرأ كل سورة في ركعتها وإما أن يقرأ ما تيسّر من القرأن بعد الفاتحة والأمر كما قلنا واسع، لو قرأ الفاتحة فقط فقد أجزأته صلاته، أما إذا كان المقصود السنّة فالسنّة أن يقرأ السورتين المعروفتين.
هل يشرع القيام جماعة في الليلة التي يكون عقبها نهار أول رمضان أو في ليلة العيد ؟
الشيخ : الاجتماع في صلاة الليل لا يجوز إلا في صلاة التراويح في رمضان، والليلة الأولى إذا ثبت رمضان بعد صلاة المغرب مباشرة مثلا، بحيث أنه صرنا مكلّفين أن نصوم غدا، فهذه الليلة يُشرع قيامها تبعا للتراويح، وليس كذلك أخر ليلة من رمضان حيث ثبت لدينا أن غدًا العيد، فليلة العيد هذه لا يُشرع إحياؤها فرادى فضلا عن أنه لا يشرع إحياؤها جماعة، غيره.
ما حكم زواج المسلم الذي يدرس في بلاد الغرب من الكتابيات ؟
الشيخ : لا شك أن الحكم في هذا معروف بنص القرأن (( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم )) فيحلّ ذلك وهذا رأي علماء المسلمين قديما وأجمعوا أخيرا على ذلك، إلا أن الحكم المباح شرعا قد يعتوِره ويحيط به ما يجعله ممنوعا في بعض الأحيان، وأرى أن هذا النوع من الزواج هو من هذا القبيل، والسبب في ذلك يعود إلى جنس المسلمين الذين يتزوّجون بالكتابيّات من جهة، ويعود أيضا إلى جنس الكتابيّات من جهة أخرى، أعني أن هؤلاء المسلمين الذين يذهبون إلى تلك الديار ديار الكفر والضلال هم في الغالب، في الغالب ونحن لا نخصّ شخصا أو أشخاصا، هم في الغالب لا يكونون محصّنين بالأخلاق الإسلامية بل ولا بالعقيدة الإسلامية التي إذا تجرّد الإنسان عن أي شيء فممكن نغض النظر إلا عن العقيدة، لأنه العقيدة بها النجاة من الخلود في النار أما ما دون ذلك فهو كمال الإنسان، فكثير من هؤلاء الشباب الذين يذهبون إلى تلك البلاد لم يتثقّفوا الثقافة الإسلامية الصحيحة بل حتى ربما يجوز لنا أن نقول الثقافة الإسلامية حتى غير الصحيحة لأنهم لا يدرسون الإسلام مطلقا سواء ما نسمّيه بالإسلام التقليدي أو بالإسلام القائم على الكتاب والسنّة، فهُم يدرسون نوع من الدراسات العلمية العلمانية اليوم ثم ينطلقون إلى تلك البلاد لإتمام دراستهم، فهُم غالبا لا يكونون مسلّحين بهذا السلاح من الثقافة الإسلامية الصحيحة، ونادر منهم من يكون متخلّقا بالأخلاق الإسلامية الصحيحة أي يعيش في جوّ عائلي لا يزال يحتفظ بالعادات الإسلامية كلها، هذا نادر جدا في بلادنا ولذلك فهؤلاء الشباب حينما يذهبون إلى تلك البلاد ويريدون أن يضُمّوا إلى أنفسهم زوجة من تلك البلاد النصرانية مثلا، أما اليهودية الأن فضُرِب عليها صفحا لأن الناس يتأثّرون بالواقع كثيرا وكثيرا جدا، مع أنه في الواقع من الناحية الإسلامية لا فرق بين النصرانية وبين اليهودية، وإذا كان اليوم الذهن المسلم العام قد نبا وانصرف ونآ عن التفكير بأن يتزوّج يهودية لأن اليهود احتلوا قسما عزيزا من بلادنا الإسلامية، هذا التفريق لم يراعى فيه العلم وإنما الواقع الطارئ، ما الفرق بين اليهودية والنصرانية من الناحية الإسلامية؟ لا فرق أبدا، ما الفرق بين اليهود والنصارى من حيث أنهم كلهم أعداء للمسلمين كما قال رب العالمين (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ))؟ وعُرِف ما اتخذ من قرار من كثرة اليهود من إثم قتل وصلب عيسى عليه السلام زعموا، فكل هؤلاء هم أعداء الإسلام لا فرق بين يهودية ونصرانية إطلاقا لكن مع الأسف لا يزال الناس ينظرون إلى النصارى نظرة غير نظرتهم إلى اليهود، فهؤلاء الذين يذهبون إلى تلك البلاد يريدون أن يتزوّجوا بنصرانية أولا هذه النصرانية ليست بالوصف الذي وصفها الله حين قال (( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبكلم )) أين المحصنات اليوم في بلاد الكفر؟ فقد انتشر فيها الفساد والفحش والزنا وإلى أخره ولا أنسى وأنا بعد شاب يمكن من أربعين سنة كان يتردّد على دكاني ضابط تركي ممن حاربوا في رومانيا في زمن الأتراك دخلوها تلك البلاد في قتال قام به المسلمون والروم والرومان قال ودخلنا بعض البلاد وأقمنا فيها شهورا فعلِم من بعض النصارى هناك أن من عادة الدايات في تلك البلاد أن الجنين أول ما يسقط من بطن الأم فإذا رأتها الداية بنتا فضّت بكارتها في تلك اللحظة، لماذا؟ لأن المجتمع هو كله قائم على فحش فإذا ما بلغت البنت سن الزواج وتزوجها الشاب كان قد لُقِّن سلفا أن هذه بالتعبير الشامي " مبعوصة " من ساعة إيش؟ وقعت من بطن أمها فيستسهلون ذلك ولا شيء في ذلك إطلاقا، فأمة بلغ بها الأمر إلى هذا الحضيض، من أين يجد هذا المسلم هذه الفتاة النصرانية المحصنة لا يجدها ثم إن وُجدت وهذا نادر جدا والنادر لا حكم له، هل هو عنده هذه الشخصية المسلمة القوية التي تساعده على أن يجلبها إليه وأن تُربِّيَ أولاده حسب دينه وحسب أصول تربية إسلامه أم سيكل الأمر إليها وتربّي أطفالها واولادها على التربية الأوروبية؟
نحن ... نربي أطفالنا في بلاد الإسلام تربية غير إسلامية فكيف إذا قام على هذه التربية امرأة غير مسلمة؟ لهذه الأسباب ولأسباب أخرى لا نرى أن يتمتّع المسلم بهذا الحكم الذي أباحه الله عز وجل في نص كتابه لأنه أقل ما يقال إنه شرط أن تكون محصنة أي عفيفة محفوظة وهذا نادر و النادر لا حكم له.
السائل : ... .
الشيخ : ولعل في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.