ما هو العدد الذي تنعقد به صلاة الجمعة ؟
إذًا لم يثبت اشتراط عدد الأربعين بصورة خاصة حديث تقوم به حجّة، على أننا نكتفي بإطلاق قول الله عز وجل عن اشتراط أي عدد (( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله )) الذي يُنادي شخص والإمام شخص و رجل ثالث شخص فهم ثلاثة و هذا جمْع على أن بعض العلماء يقولون اثنان فما فوقهما جماعة وإن كان رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ولكنه إسناده ضعيف، تفضل.
السائل : ... .
الشيخ : أه عفوا أنا ما فهمت ... سؤال السائل، تفضل.
متى يبدأ وقت صلاة الضحى ؟
الشيخ : صلاة الضحى قال عليه الصلاة والسلام ( صلاة الأوابين حين ترمد الفصال ) وقت صلاة الضحى يبدأ من بعد ذهاب وقت كراهة الصلاة بعد طلوع الشمس يعني بنحو ثلث ساعة نصف ساعة يدخل وقت صلاة الضحى لكن الأفضل أن تُصلّى صلاة الضحى حينما تشتدّ حرارة الأرض كما أشار الرسول عليه السلام في هذا الحديث ولكن ..
السائل : الساعة التسعة.
الشيخ : نعم الساعة تاسعة يكفي في هذا ( صلاة الأوبين حين ترمض الفصال ) ، غيره.
ما حكم الجهر بالإستغفار دبر كل صلاة ؟ و فيه الكلام على بدعية الاجتماع على الذكر وتقسيم البدع إلى إضافية وحقيقية وذكر الأمثلة لهما.
الشيخ : عفوا
السائل : بعد كل فرض الجماعة تستغفر ثلاثة مرات، في بعض ناس ... فهل هذا في ... تشويش على المصلين؟
الشيخ : أي نعم، الاستغفار بعد الصلاة سنّة من سنن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وقد جاء في صحيح مسلم من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان إذا سلّم من الصلاة قال ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) وفيه أيضا في صحيح مسلم الحديث لعله من حديث أبي ذر أو غيره من الصحابة أن الرسول عليه السلام كان إذا سلّم من الصلاة استغفر الله ثلاثا ثم قال ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) قيل لأحد رواة الحديث وهو سفيان الثوري كيف الاستغفار؟ قال أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، يعني استغفار الرسول عليه السلام لم يكن مطوّلا وإنما كان مختصرا كما سمعتم، فالاستغفار المسؤول عنه هو أوّلا سنّة وسنّة على وجه الاختصار ثم لا يشرع في هذا الاستغفار الجماعة يعني ... ورفع الصوت لأن ذلك لم يكن من عمل السلف الصالح، وكما أهل العلم " وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف " ، والاجتماع على الذكر بعد الصلاة بصورة خاصة أو في أي وقت بصورة عامة هو من البدع الإضافية بتعبير الإمام الشاطبي في كتابه العظيم "الاعتصام" البدع تنقسم إلى قسمين وهذا التقسيم يجب أن يعيه طلاب العلم لأن به تزول من أذهانهم مشكلات كثيرة حول ما يجري خلاف بين أفراد أو جماعات المسلمين.
البدع يقسّمها الإمام الشاطبي إلى قسمين، بدعة حقيقة وبدعة إضافية، يقول في تعريف البدعة الحقيقة " هي التي لا أصل لها مطلقا في الكتاب أو في السنّة " ويضرب على ذلك بدعة القول بالجبر والاعتزال إنكار القدر وتكفير مرتكب الكبيرة و نحو ذلك، هذه بدعة حقيقة.
القسم الثاني وهو الأهم من القسمين الأمر لأن الأمر الأول واضح لدى جميع الناس أما القسم الثاني فهو الذي يخفى على كثير من أهل العلم فضلا عن غيرهم، البدعة الإضافية يقول " هي التي إذا نظر إليها من جانب وجدتها مشروعة وإذا نظرت إليها من جانب أخر وجدتها مخالفة للسنّة " ويضرب على ذلك أمثلة منها السؤال الوارد، الذكر بعد الصلاة برفع الصوت جماعة والدعاء بعد الصلاة جماعة، الإمام يدعو والناس يؤمّنون على دعاءه يقول هذا وهذا من البدع الإضافية، لماذا؟ لأن الذكر بعد الصلاة ثابت في السنّة وقد ذكرنا لكم أنفا استغفار الرسول ثلاثا وقوله ( اللهم أنت السلام ومنك السلام ) إلخ، ولكن طرأ على هذا الذكر ما لم يكن. فبهذا الاعتبار دخلت في البدعة الإضافية و هذا لا يشكلنّ على أحد منكم لأننا لو رأينا إنسانا يجهر مثلا بالقراءة في الركعة الثالثة من صلاة المغرب لبادرنا إلى الإنكار عليه، لماذا؟ لأنه خالف سنّة الرسول صلى الله عليه وأله وسلم، طيب خالف سنّة الرسول مخالفة جذرية؟ لا مخالفة شكلية، الرسول قرأ بلا شك في الركعة الثالثة ولكن كيف قرأها؟ سرا، فهو إذا جهر بها فقد خالف السنّة في الجهر بها، فهذه تسمّى بدعة إضافية لأنه من حيث القراءة، فالقراءة سنّة من حيث الجهر، فالجهر بدعة لأنه السنّة فيها الإسرار.
كذلك الاستغفار بعد الصلاة سنّة ولكن السنّة فيها الإسرار فالجهر بها بدعة لكنها بدعة إضافية، كذلك كان يدعو الرسول عليه السلام بعد الصلاة دعاء مختصرا ( اللهم أنت السلام ) مثلا، كان أيضا يقول ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عذابك ) كان يقول لمعاذ ( يا معاذ إني أحبك فلا تدعنّ أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسنك وعبادتك ) ولكن الأصل في هذ الذكر هو السر فالجهر يكون بدعة إضافية.
إذًا إذا أردت أن نحقق فينا قول الله عز وجل (( إن كنتم تحبون الله )) فعلينا أن نحقّق تمام الأية (( فاتعبوني يحببكم الله )) واتباع الرسول صلى الله عليه وأله وسلم يجب أن يكون اتباعا مطلقا كاملا ليس فيه شيء من الفلسفة، من المنطق الخاص فيقال كما يقول كثير من الناس "يا أخي شو فيها" "شو عليّ إذا علمنا كذا وكذا" "شو عليّ إذا جهرنا بالذكر"، يكفي أن تعلم أيها المسلم جواب سؤالك "شو فيه شو عليها؟" عليها أنك خالفت الرسول عليه السلام الذي كل عمله هو من وحي السماء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومن الأمثلة الواضحة والمقرِّبة لهذا الذي نقول، لا يزال المسلمون حتى اليوم، لا يزالون لا يؤذّنون لغير الصلوات الخمس ولعلي أضطر إلى تخصيص كلامي السابق حين أقول لا يزال المسلمون فأقول أعني علماءهم وإلا فستسمعون استثناء لهذا، لا يزال المسلمون حتى اليوم لا يؤذنون إلا للصلوات الخمس، فهم لا يؤذنون مثلا لصلاة الاستسقاء، ولا لصلاة الكسوف، ولا لصلاة العيدين ولا لصلاة الجنازة، لماذا؟ لو أن مخترعا أو بالأحرى مبتدعا في قرية ليس فيها أهل العلم قال يؤذن لصلاة العيد فأنكر عليه أحد طلبة العلم قال يا أخي هذا ما سمعنا به لا عن الرسول لا عن الصحابة لا عن الأئمة وهذه كتبهم كلها مطْبقة أنه صلاة العيد ليس لها أذان فأجاب بمثل جواب المحكي سابقا "شو فيها يا أخي ذكر الله الله أكبر الله أكبر" فيها كما قال الإمام مالك رحمه الله ورضي عنه لما جاءه رجل وهو في المسجد النبوي يستفتيه، يقول له أريد أن أحرم بالعمرة من مسجد الرسول عليه السلام، أي لا من الميقات من ذي الحليفة أو المكان الذي يسمّيه العامة اليوم أبيار علي وهذه التسمية لا أصل لها.
(رفع الأذان وردد الشيخ رواءه الله أكبر الله أكبر)
قال وأنهي الكلام بهذا، قال أريد أن أحرم من مسجد الرسول عليه السلام، قال إني أخشى عليك الفتنة، قال وأيّ فتنة؟ هذه إنما هي خطوات، أزيدها قال ... فتنة أكبر من أن تظنّ أنك أهدى من الرسول صلى الله عليه وأله وسلم بهذه الخطوات التي تزيدها على الرسول، فإما الرسول نقص وأنت استدركت عليه، وإما هو كان غافلا ضالا وأنت اهتديت إليه، فأي فتنة أكبر من هذا؟ هذه الكلمة في الواقع يجب أن تسجل في أذهان كل المسلمين حتى يعرفوا خطورة الابتداع في الدين ولو في أبسط الأشياء وأتفه الصور كما كنا نحن نتكلّم أنفا بالجهر بالاستغفار بعد الصلاة وفي الأذكار بصورة عامة التي لم يشرع الرسول عليه الصلاة والسلام الجهر فيها وبهذا القدر كفاية وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
3 - ما حكم الجهر بالإستغفار دبر كل صلاة ؟ و فيه الكلام على بدعية الاجتماع على الذكر وتقسيم البدع إلى إضافية وحقيقية وذكر الأمثلة لهما. أستمع حفظ
شرح قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) وذكر فوائدها .
الشيخ : ما أدري إذا كان إخواننا مخصّصين شيء من التنظيم ... قد نكون مربوطين بمواعيدهم ... .
السائل : ... أنا ... في تفسير الأية يعني ... .
الشيخ : الأن أو بعد الصلاة؟
السائل : ... .
الشيخ : جاء في صحيح البخاري قول ... قصة مهمة تُبيّن عظمة هذه الأية من حيث ما تضمنّته من هذا الفرض الإلهي الذي تفضّل الله به على المسلمين حيث أتمّ لهم الدين كما صرّح في هذه الأية الكريمة، ذلك أن رجلا من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب في خلافته فقال يا أمير المؤمنين أية في كتاب الله لو علينا معشر يهود نزلت لاتخذنا يوم نزولها عيدا، أية في كتاب الله يعني القرأن لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا يوم نزولها عيدا، قال ما هي قال (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فقال عمر رضي الله عنه لقد نزلت في يوم عيد، لقد نزلت على رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم في يوم جمعة وهو على عرفات، عيد في عيد وليس عيد واحد فقط، يوم جمعة ويوم عرفة، فالعبرة من هذه القصة هو أن أعداء الإسلام مع الأسف الشديد عرفوا أهمية بعض النصوص التي عندنا حيث غفل كثير منا عن ذلك، فهذه الأية يقول هذا اليهودي "لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا" أما المسلمون فهذه الأية يتلونها ولا يشعرون أبدا بخطورتها وما تضمّنت من عظمة هذه المنّة التي يمتنّ بها ربنا على عباده في قوله (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) ، ذلك لأننا لا سيما في هذا الزمن نشعر تخبّط الدول والأمم التي تزعم لنفسها الوعي والثقافة و والعلم إلى أخره، ففي كل يوم يأتون بدساتير جديدة فضلا عن قوانين، في كل يوم تتبدل وتتغيّر لماذا؟ لأنها تنبع من الأرض، بل تنبع من الأهواء والشهوات المتباينة المتناقضة، أما كتاب الله فقد نزل من ربنا تبارك وتعالى بوحي السماء الذي يعلم ما تحتاجه كل الأمم في كل عصر في كل زمان ومكان، وبذلك كفى الله عز وجل عباده المؤمنين أن يأتوا في كل يوم بقوانين وتشاريع جديدة يتخبّطون فيها سنين طويلة حتى يتبيّن لهم بعد هذه التجارب أنما كانوا فيه إنما كانوا في ضلال مبين، فحينما يؤمن المسلم أن الله عز وجل أكمل الدين وأتم النعمة على عباده يستريح من الابتداع والاختراع في الدين ثم يوجّه قدرته وملكاته إلى الابتداع في الدنيا بما ينفعه في الدنيا، فقدرة الإنسان وطاقته كما نعلم جميعا هي محدودة وإذا صرَففَها الإنسان في جهة بقدر ما اتجه إليها نقص من الاهتمام بالجهة الأخرى، فالمسلمون اليوم لو أحصِيَت البدع التي ابتدعوها على مر القرون والعصور لبلغت الألوف المؤلفة.
وفي الواقع كنت شرعت منذ عشرين سنة في مشروع واسع جدا ثم حالت بيني وبينه المشاريع العلمية الكثيرة، مشروع سمّيته بقاموس البدع لأنها كثيرة و كثيرة جدا وزوّرت في نفسي التصنيف على الأبواب الفقهية بدع الطهارة بدع الصلاة الزكاة إلى أخره، ففي كل عبادة تجد فيها مئات البدع، عندنا مثلا كتاب "أحكام الجنائز وبدعها" كتاب مطبوع، ذكرت بدع الجنائز تجاوزت أو بلغت تقريبا نحو مائتين بدعة وهذا طبعا ليس على طريقة الإحصاء والاستقصاء، فالشاهد هذه الجهود التي صُرِفت إلى الابتداع في الدين وقد كفانا ربنا المؤنة بأنه أتم علينا النعمة بإكمال الدين، فلو وجّهنا هذه الهمم إلى ما قال الرسول عليه السلام لنا صراحة ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) لكنا حينئذ سادةً ليس في الدين فقط بل وفي الدنيا أيضا ولم نكن عالة على أعداءنا في السلاح الذي نريد أن نقاتل به أعداءنا، لكُنا نحن الذين نُصدر إلى أولئك الناس السلاح بدل من أن نشحنه منهم ونسأله أيضا.
فهذا من أهمية هذه الأية أن نعرف أن الله عز وجل أكمل الدين فنقف عند حدود الله تبارك وتعالى ولا نتعداها ونصرف همة الابتكار والاختراع والابتداع في الدينا وليس في الدين، لأن الدين كامل أما الدنيا فلا تتناهى وفي كل يوم كما ترون جديد وجديد.
والبحث حول هذه الأية له طبعا مجال أوسع وأوسع ولعلنا نتوسّع في مناسبة أخرى وقد تكون قريبة إن شاء الله بعد صلاة العشاء ولعل بهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
4 - شرح قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) وذكر فوائدها . أستمع حفظ
بيان خطورة التفرق في مجلس العلم و عدم التقارب فيه و بيان أن صلاح الظاهر من صلاح الباطن و بيان أنه ينبغي على المسلمين ألا يستيهنوا بهذه الآداب العظيمة التي يسميها بعض المخالفين قشور .
ذلك مما جاء في أحاديث كثيرة منها الحديث المشهور والمخرّج في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ) .
لا تنس تصلي التحية يا سيد، صليت التحية؟ أحسنت.
( وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) فإذن إذا كان القلب صالحا نضح صالحا والعكس بالعكس، من هنا قال العلماء " الظاهر عنوان الباطن " كذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم من هديه وسنته إذا قام إلى الصلاة أمر بتسوية الصفوف وكان في كثير من الأحيان يقول ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ( لتسوون صفوفكم ) فإن لم تفعلوا ضرب الله قلوب بعضكم ببعض، أي كان هذا الاختلاف في الظاهر في تسوية الصف سببا لاختلاف في الباطن، من هذا الباب تماما حديث أبي ثعلبة الخشني أن الرسول عليه السلام قال لهم ( إنما تفرقكم في الوديان والشعاب من عمل الشيطان ) وهذا وين ... هم؟ في البرّية في ال ... ، فكيف بنا إذا جلسنا لذكْر ولعلم فلا يليق بنا أن نجلس هكذا كما.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
كما جاء في صحيح مسلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام دخل يوما على الصحابة في المسجد رآهم متفرقين فقال لهم ( ما لي أراكم عزين ) فهذا التفرّق ولو بالأبدان هذا يُنبئ على التفرق في القلوب والأذهان، فإذا ما نحن ابتعدنا عن التفرّق الذي نهى عنه الشارع الحكيم ولو في الظاهر.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا ابتعدنا عن التفرق في الظاهر الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام كان ذلك من أقوى الأسباب في إيجاد الاتفاق في الباطن، لذلك لا ينبغي للمسلمين أن يستهينوا بالآداب الإسلامية الشرعية التي يعبر عنها بعض الناس اليوم بأنها أمور شكلية تافهة لا قيمة لها، فإن هذه الأمور الظاهرة التي يُعبّرون عنها بأنها تافهة وشكليّة هي لها منزلة في الشريعة الإسلامية وبعضهم يُعبّر عنها بأنها قشور والواجب على المسلم أن يهتم باللباب من الأمور ويغفل هؤلاء أو يتغافلون أن اللب الذي يخلقه الله مباشرة دون سعي من الإنسان وتكليفه يخلقه وحوله قِشر ذلك ليحفظه ويَسْلم من الآفات التي قد تعترض سبيل حياته، هذا في الأمور المادية ففي الأمور الدينية والمعنوية كذلك، أي هذه الأمور التي تسمّى بالأمور الشكلية والقشرية هي أيضا من الأمور التي يجب التمسك بها لأنها بها نستطيع أن نحافظ على ما يسمّونه باللب، القشر لا ينبغي الاستهتار به دون اللب فالله عز وجل قد شرع هذا وشرع هذا، شرع اللب لأنه هو الأصل وشرع القشر على حد تعبيرهم للمحافظة على هذا اللب.
الاجتماع في المجلس هو من هذه الأمور التي حضّ عليها الرسول عليه السلام في قوله السابق ( إنما تفرقكم في الشعاب والوديان من عمل الشيطان ) فالتفرّق في الدرس والابتعاد عن المدرس هذا ليس من الإسلام، ليس من الآداب التي شرعها الرسول عليه الصلاة والسلام وبذلك كان هديه عليه الصلاة والسلام إذا جلس بين أصحابه لا يكاد يُميّز ولا يكاد يُعرف أنه هو الرسول المصطفى من بيننا جميعا وكلكم يعلم أن الأعرابي كان يدخل المجلس أو المسجد فيقول أيّكم محمد؟ عليه الصلاة والسلام ذلك لاقتراب بعضهم إلى بعض ولعدم تميّز الرسول عليه الصلاة والسلام بشيء على سائر إخوانه من الصحابة الكرام.
هذه كلمة بين يدي ذلك التفرّق وابتعاد بعضنا عن بعض.
5 - بيان خطورة التفرق في مجلس العلم و عدم التقارب فيه و بيان أن صلاح الظاهر من صلاح الباطن و بيان أنه ينبغي على المسلمين ألا يستيهنوا بهذه الآداب العظيمة التي يسميها بعض المخالفين قشور . أستمع حفظ
ذكر الشيخ ما الذي ينبغي على الداعية إذا أراد أن ينصح قوما .
إذًا فنستنّ بالأية والحديث ونقول سلوا عما يهمّكم مما أنتم أحسّ به من غيركم، خير فيما يبدو لي من أن نفتتح كلمة حول أي بحث من البحوث الهامة، تفضل.
ما معنى قوله تعالى : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) ؟
الشيخ : هذه الأية نزلت في ترك الجهاد وليس كما يظن الناس في حمل هذه الأية على المخاطرة المشروعة وإنما هذه الأية نزلت حينما ركن الأنصار إلى أرضهم وإلى حرثهم وزرعهم والتهى بعضهم بذلك عن الجهاد في سبيل الله عز وجل فأنزل الله عز وجل هذه الأية أي لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فتشتغلوا بالتجارة والزراعة عن الجهاد في سبيل الله عز وجل فيسيطر عليكم حب الدنيا وبالتالي يتسلط العدو عليكم.
شرح حديث ( إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وأخذتم بأذناب البقر وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) وبيان فوائده و بيان أن بيع العينة تحايل لأكل الربا .
ففي هذا الحديث إشارة إلى أمرين هامين جدا في فهم، الأمر الأول أن من أسباب انحراف المسلمين، هو من أسباب ضعف المسلمين وذلهم هو انحرافهم في فهمهم لبعض أحكام شريعتهم كالعينة مثلا، العينة بيع من البيوع المحرّمة وهي صورتها أن يذهب ذاهب إلى تاجر سيارات مثلا يشتري من التاجر سيارة بألف دينار نسيئة إلى سنة مثلا، وهو في الحقيقة لا يريد الشراء وليس له حاجة في السيارة وإنما حاجته في الدنانير فبعد أن يُجري هذه المعالمة الصورية ويشتري منه السيارة بمائة دينار إلى سنة يعود هذا الشاري إلى البائع فيبيعه السيارة بأقل من السعر السابق نقدا فيبيعها إياه مثلا بثمانمائة نقدا فيستلم الثمانمائة دينار والسيارة لا تتحرّك من أرضها إطلاقا فيُسَجّل عليه ألف دينار على أن يُسلّمها بعد سنة، هكذا كان الاتفاق بالنسبة للسيارة فلما عاد فباع السيارة بالنقد واستلم الثمن كما فيها، معنى ذلك صورة في سبيل استحلال ما حرّم الله من الربا، فبدل ما يقول له أعطني ألف دينار، أعطني ثمانمائة دينار حتى أوفيك إياه ألف دينار بعد سنة، لا هذه معاملة ربوية مكشوفة والجماعة هؤلاء متديّنين ومسلمين ما بيرتكبوا هذا الحرام المكشوف لكن الشيطان زيّن لهم هذا الحرام بواسطة، كما يقول البعض حيلة شرعية، فبيدخّل السيارة وسيطا في استحلال ما حرم الله عز وجل من الربا، هذا صورة بيع العينة، والعينة مشتقّ من العين يعني عين الشيء يباع ويشرى في مكان واحد بثمنين مختلفين، ثمن النقد أقل من ثمن النسيئة.
يقول الرسول صلى الله عليه وأله وسلم ( إذا تبايعتم بالعينة ) أي استحللتم هذا البيع وهو محرّم لأن فيه استحلال ما حرّم الله بأدنى الحيل وقد جاء في بعض الأحاديث التي يُجوِّد إسنادها الحافظ ابن كثير ( لا ترتكبوا المحرمات بأدنى الحيل كاليهود ) فهذا من حيل اليهود الذين ذكر الله عز وجل لنا قصتهم في السبت وما هي بخافية على أحد، ومن ذلك ما قد لا يعلمه الكثير وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) ، معنى الحديث أن الله عز وجل يخبر الرسول عليه السلام أو يدعو عليهم ( لعن الله اليهود ) لماذا؟ ( حرمت عليهم الشحوم ) شحوم الذبائح التي يذبحونها وهي لهم حلال ولكن الأمر كما قال ربنا تبارك وتعالى في حقهم (( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم )) من هذه الطيبات التي كانت حلالا ثم حُرِّمت عليهم شحوم الدّابة يذبحونها فهي لهم حلال إلا ما فيها من شحم، بظلمهم حُرِّم هذا عليهم، فلم يصبر اليهود على هذا التحريم فاحتالوا عليه ففعلوا ماذا؟ أخذوا هذه الشحوم ووضعوها في القدور وأوقدوا النار من تحتها فسالت وذابت وأخذت شكلا أخر ... مستوي بعد ذوبان، فبظنهم وزعمهم أن هذه الصورة غيّرت من حكم الشرع في هذا الشحم فكان حراما من قبل وصار بزعمهم حلالا من بعد، فلُعِنوا بسبب هذا واحتيالهم في السبت وغير ذلك من الصور التي كانوا يرتكبونها في استحلال ما حرّم الله عليهم.
وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن هذه الأمة ستحذوا حذو اليهود والنصارى حذو القذة بالقذة كما قال ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراع بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) وفي حديث أخر في سنن الترمذي وغيره ( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك ) ( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه ) يجامع أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فها هؤلاء المسلمون هم يرتكبون الحِيل كما فعل اليهود تماما، يستحلون الربا بأسماء يسمونها ما أنزل الله بها من سلطان كما قال عليه الصلاة والسلام في مسألة أخرى ( سيكون في أمتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها ) .
فأولئك غيّروا شكل الشحم فاستحلوه وهؤلاء أيضا يغيّرون صورة المعاملة الربوية إلى معاملة ظاهرة بيع وشراء يريدون من وراء ذلك إحلال ما حرّم الله، من ذلك بيع العينة فيقول الرسول صلى الله عليه وأله وسلم ( إذا تبايعتم بالعينة ) أي إذا انحرفتم في فهمكم لبعض الأحكام الشرعية بارتكابكم الحيل التي ارتكبتها اليهود فاستحللم ما حرم الله بأدنى الحيل كاستحلال العينة ( وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع ) أي تكالبتم على الدنيا وانشغلتم بها عن القيام بما تعلمونه واجبا ألا وهو الجهاد في سبيل الله، فإنما جزاؤكم حين ذاك أن يُسلِّط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم.
فكل المسلمين اليوم يشْكون ولا شك هذا الذل والهوان الذي أصابهم في عقر دارهم باحتلاله من أذل الناس سابقا، كل المسلمين يشكون هذا ولكن هؤلاء المسلمون مع الأسف الشديد لا يزالون يختلفون ويضطربون أشد الاضطراب في الطريق الذي يجب عليهم أن يسلكوه ليرفعوا هذا الذل الذي نزل في عقر دارهم (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) .
فرسول الله صلى الله عليه وأله وسلم في هذا الحديث كما أعتقد يضع لنا الخطة لمعالجة هذا الأمر النازل بنا من الذل فهو يقول لنا ( لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) وإذا عرفنا أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم ضرب في الطرف الأول من الحديث مثلا لبعض الأنواع من المعاملات.
... كل منهما سبب في أن يُذَلّ المسلمون ثم كل من المثالين ليس قد ذُكِر في الحديث على سبيل التحديد وإنما ذكر الرسول عليه السلام كُلا منهما على سبيل التمثيل فبيع العينة ضرب به مثلا لأنواع من الحيل التي يرتكبها المسلمون وينطبق عليهم مثل قوله تبارك وتعالى (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) فهذا الذي يستحل بيع العينة يتعامل بالربا وهو يظن أن لا شيء عليه، يقبض ثمانمائة ويدفع ألفا وهذا حلال بطريق السيارة، وسيط السيارة.
هذا ذكره الرسول عليه السلام على سبيل التمثيل لأنواع الحيل لا على سبيل التحديد، كذلك ذكر الأخذ بأذناب البقر والضرب في الأرض واللالتهاء بذلك عن الجهاد في سبيل الله لأمثلة أخرى من الأحكام التي لا يزال المسلمون الحمد لله على علم بها ولم ينحرفوا في فهمها كما وقع في بيع العينة ونحو ذلك ولكن هذا الذي لم ينحرفوا فيه فهما كما هو الشأن في بيع العينة انحرفوا فيه عملا فهم يعلمون أن الجهاد الواجب ويعلمون أن الانكباب على الدنيا بحيث أنه يضيّع الواجبات الأخرى التي فرضها الله على الأمة، يعلمون أنه هذا لا يجوز ومع ذلك فهم يُعرضون عما يعلمون، فالرسول عليه السلام ذكر بيع العينة مثالا لأمثلة عديدة من الانحراف عن فهم الشريعة بطريق الحيلة وذكر الانشغال بالزرع والضرع كمثال للأمثلة الأخرى التي يعرفها المسلمون ثم يخالفونها.
8 - شرح حديث ( إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وأخذتم بأذناب البقر وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) وبيان فوائده و بيان أن بيع العينة تحايل لأكل الربا . أستمع حفظ
حكم نكاح التحليل و بيان التحايل فيه .
التيس المستعار لا يخطر له في بال شيء من هذه المعاني العظيمة المذكورة في الأية أو في الحديث وإنما كل ما في نفسه الاحتيال على حكم الشرعي استحلال ما حرّم الله بأدنى الحيل.
هذا مثال والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا قد وُضع له كتب في بعض الكتب الفقهية بباب الحيل على المكشوف، باب الحيل الشرعية فالرسول صلى الله عليه وأله وسلم في ذكر بيع العينة ضرب به مثلا لمعاملات أخرى يُحتال بها على ما حرّم الله منها عقد نكاح التحريم.
بيان تساهل الناس اليوم في أمر خروج النساء متبرجات وذكر الحديث في ذلك .
تتمة شرح الحديث السابق : ( سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) . و بيان حقيقة الخلاف بين أهل العلم .
الاختلاف بين العلماء تارة يكون اختلاف تضاد وهنا يرد قوله تعالى السابق (( فماذا بعد الحق إلا الضلال )) وقول العلماء الحق واحد لا يتعدد، وتارة يكون الاختلاف اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، أما النوع الأول اختلاف تضاد فهو مع الأسف أكثر الخلاف القائم اليوم بين المسلمين هو اختلاف تضاد سواء في المسائل الفكرية أو الاعتقادية أو المسائل العملية، الأحكام الفرعية التي يسمّونها، وبهذه المناسبة أقول إن كثيرا من الناس يزعمون أن الخلاف بين العلماء إنما هو في الفروع دون الأصول وهذه دعوى يخالفها ما في بطون علم الكلام إن كان عند الأشاعرة أو عند الماتوردية أو عند أهل الحديث فقد اختلفوا في الأصول بل في أصل الأصول ألا وهو الإيمان بالله عز وجل الذي هو أول ركن من أركان الإيمان، ولست الأن في صدد تفصيل هذا إلا إن جاء سؤال بعد أن أفرغ من التعليق على هذا الحديث جوابا على السؤال السابق، فالشاهد أن أكثر الاختلاف هو من النوع الأول اختلاف تضاد وهنا الحق واحد أما اختلاف التنوّع فله أمثلة معروفة عند أهل العلم من ذلك مثلا، دعاء الاستفتاح عند الأحناف ( سبحانك اللهم ) عند الشوافعة ( وجهت وجهيَ ) عند أهل الحديث ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ) إلى أخر الحديث، وهذا أهل الحديث هم الذين يتبنّوْنه، فهذا اختلاف تنوّع وليس اختلاف تضاد ولذلك فلا يجوز أن يتعصّب الحنفي لدعاء استفتاحه أو الشافعي لدعائه أو الحديثيّ لدعائه وإنما بأي دعاء دعا في دعاء الإستفتاح جاز لأنه ثبت عن الرسول عليه السلام أنه كان تارة يستفتح بهذا وتارة يستفتح بهذا وتارة يستفتح بهذا فكله شرْع سائغ، كذلك أنواع الأذكار في الركوع وفي السجود وأنواع التشهّدات عند الحنفي والشافعي والمالكي، كل هذ جائز وهذا النوع أمره سهل، لكن النوع الخطير هو ما كان من النوع الأول أي اختلاف تضاد، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وأله وسلم يقول لنا بما مؤدّاه إذا شئت أن يرفع الله عنكم الذل فارجعوا إلى الدين، الدين كلنا نعلم أنه كتاب وسنّة ولكننا نعلم أيضا أن الناس اختلفوا في فهمه، فإلى فهم يجب أن نرجع حتى نستحق به عز الله لنا ونصره إيانا على إعداءنا؟ الجواب عندنا هو ما يُستفاد من قوله عليه الصلاة والسلام ( افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا من هي يا رسول الله؟ قال ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) لذلك إذا أردنا أن نفهم الدين بالمفهوم الذي لا خلاف فيه فعلينا أن نرجع إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم.
ونحن إذا رجعنا سنجدهم قد اجتمعوا على كثير من المسائل التي اختلف الناس فيها من بعدهم وسنجد أنهم اختلفوا في مسائل قليلة وحينذاك لا بد أن نحكّم قول الله عز وجل (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) لذلك قال عليه الصلاة والسلام ( تركتكم على شيئين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) .
إذًا حينما قال الرسول عليه السلام ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) فيعني الدين الذي كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ولا يعني أبدا هذه الاختلافات سواء في المذاهب أو في الطرق التي حدثت من بعد الرسول صلى الله عليه وأله وسلم، فالدين هو ما كان عليه أصحاب الرسول عليه السلام وليس ما حدث بعد الرسول عليه السلام من اختلافات من أي نوع كان، سواء كان في الأصول أو في الفروع فإذا نحن رجعنا إلى الدين بهذا المفهوم الصحيح لا شك أننا استحققنا حين ذاك وعد الله الحق (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) .
إذًا (( لا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة )) معناه لا تنصرفوا بتكالبكم على الدنيا عن الجهاد في سبيل الله عز وجل ولكن الجهاد اليوم لا بد من اتخاذ مقدّمات أساسية بين يدي الجهاد أهمها عندنا ما نستلخصه من هذا الحديث الفهم الصحيح الدين والتربية الصحيحة لأفراد المسلمين، فلا بد من التصفية ومن التربية وهذا جواب ما سألت.
السائل : ... .
الشيخ : نعم.
السائل : ... الجهد ... .
الشيخ : التربية هو كل ما تعلمنا شيئا كما كان أصحاب الرسول.
السائل : ... .
الشيخ : كل ما تعلمنا شيئا كما كان أصحاب الرسول عليه السلام طبّقاناه في أنفسنا، في أهلنا، في ذرياتنا، نعم.
11 - تتمة شرح الحديث السابق : ( سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) . و بيان حقيقة الخلاف بين أهل العلم . أستمع حفظ
ما هو الطريق السليم لعودة المسلمين إلى دينهم ؟ و فيه بيان أن أعظم سبب هو حديث ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) ومعنى ذلك .
الشيخ : نعم.
السائل : لكن كل هذه الجهود تذهب بددا ولا يعود المسلمون ولا يزدادون إلا سوء.
الشيخ : نعم.
السائل : ومشاكلهم تزداد عام بعد عام سواء كان هذه المشاكل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو وحدوية على أساس من الدين، فما الطريق السليم لعودة المسلمين إلى دينهم؟
الشيخ : هذا الذي كنا ندندن حوله بارك الله فيك، لقد ذكر الرسول عليه السلام في هذا الحديث العلاج صراحة ولكن الناس لا يدقّقون في المقصود من الدين ( إذا تبايعتم بالعينة ) وقد تبايعنا بالعينة أليس كذلك؟
السائل : بلى.
الشيخ : ونكاحنا نكاح التحريم واستحللنا ما حرّم الله فكثيرا من علماء المسلمين اليوم يستحلّون ألات المعازف، علماء المسلمين فضلا عن غيرهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ليكوننّ في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف يمسون في لهو ولعب ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير ) .
السائل : لكن لا شك أنه في علماء ..
الشيخ : لكن إذا سمحت، إذا سمحت، إذا سمحت، فالرسول صلى الله عليه وأله وسلم يقول في هذا الحديث ( إذا تبايعتم بالعينة ) وقد تبايعنا بالعينة وبغيرها بما استحللنا به ما حرّم الله بأدنى الحيل ( وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع ) فقد أخذنا أذناب البقر ورضينا بالزرع، وهذا طبعا له مجال وتفصيل أخر فالرسول عليه السلام مثلا يقول ( إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال ) من يُنكر هذه الحقيقة النبوية؟ فتنة الأمة اليوم المال وبعض البلاد الإسلامية التي أنعم الله عليها بالمال وأغرقها في هذا المال بحيث لا تدري كيف تتصرف في هذا المال وتنسى حق الشعوب الإسلامية الأخرى في هذ المال، قد كان هذا المال فتنة، الشاهد ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم البقر ورضيتم بالزرع ) كل هذا وقع ( وتركتم الجهاد في سبيل الله ) قد وقع هذا قبل هذا الوقت لأنكم تعلمون أن الجهاد على قسمين، فرض عين وفرض كفاية، ففرض الكفاية هو الجهاد في سبيل نقل الدعوة وهذا ترك منذ القديم، وفرض العين هو الأن ها نحن مقصرون في القيام به، كل الأمة الإسلامية أثمة الأن ( وتركتم الجهاد في سبيل الله ) فماذا يكون عقاب هذه الأمة؟ ( سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) الرجوع إلى الدين، كل الخطباء، كل الوعاظ والمرشدين و و وإلى أخره يقولون إنما ذل المسلمون لأنهم تركوا الكتاب والسنّة ولكنك سرعان ما تفهم من هذا الخطيب أنه يخالف الكتاب والسنّة أول من يخالف هو لماذا؟ لشبهة قامت في نفسه، لانحراف استقر في فكره وعقله فكان هو من جملة أسباب إيش؟ هذا الذل الذي أصاب المسلمين.
إذًا العلاج يقول الرسول عليه السلام إذا فعلتم هذا وهذا ( سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فقل لي يا فضيلة الشيخ من الذي يدعو المسلمين اليوم كتابة وخُطَبًا ومواعظ وإذاعة إلى وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة، وإلى وجوب تحكيم الكتاب والسنّة في كل ما اختلفوا فيه، بين أنفسهم وبين شعوبهم وبين حكوماتهم، هذه الدعوة مثلا التي هي التي تحقّق السبب الذي به يستحقون رفع الذل وهو الرجوع إلى الدين بالمفهوم الذي كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين، هؤلاء صحيح كما قلتم، يعملون العلماء على مختلف اختصاصاتهم ولكنهم لا يلتقون على كلمة سواء وهو أن يرجعوا إلى الكتاب والسنّة حينما يختلفون والاختلاف كما نعلم جميعا هو من أسباب الضعف وانهيار الأمة (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) .
فإذًا يجب على أهل العلم خاصة أن يدعو إلى الإسلام الذي كان هو السبب في قلْب حياة العرب الأولين وسيكون هو السبب بلا شك والتاريخ يعيد نفسه إلى قلب حياة العرب وسائر المسلمين من هذا الذل إلى العز الذي هو طبيعة المسلمين (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )) فهذا الذي نراه نحن سبب عدم ظهور فائدة هذه الحركات و هذه الدعوة لأنهم باختصار لا يلتقون على كلمة سواء.
السائل : أهل الغيرة على الإسلام في حيرة، كيف الخلاص؟
الشيخ : هذا هو الطريق.
السائل : ... رجال الدين هم من يقومون ... وقتل المسلمين لا ... ولا شيء.
الشيخ : هذا شيء أخر نحن يجب أن نعرف الطريق ( حتى يرجعوا إلى دينهم ) الدين له مفهومان، مفهوم خاطيء في بعض النواحي فيجب أن يصحّح، مفهوم واضح وصحيح فيجب أن يُطبّق فأنت دعك من أهل العلم، انظر نفسك هذا الدين الذي عرفته هل تُطبّقه في نفسك وفي أهلك؟ لا، طبّقه إذًا، النوع الأخر الذي فهمته خطأ كبعض الأسئلة التي ذكرتُها أنفا، وهناك أمثلة أقرب وأمسّ بحياة أفراد المسلمين لكثير وكثير ولعلي أذكّر بهذه الأمثلة قريبا إن شاء الله، فصحّح هذه المفاهيم وطبّقها في نفسك حينئذ يأتيك المدد من السماء ويأتيك النصر من الله تبارك وتعالى، أما مادمت أنت وأنا وفلان وفلان ما نفهمه خطأ نُصر عليه ولا نرجع في فهمه إلى ما كان عليه السلف الصالح وما نفهمه صوابا لا نُطبّقه ولانحمل أنفسنا عليه فمن أين يأتي نصر الله؟ فالأمر كما يقول العامة عندنا " دود الخل منه وفيه " العلة منا وفي أنفسنا ولكن يجب أن نعرف، إذا عرف الطبيب علة المريض فربما استطاع وصف العلاج، أما إذا لم يعرف العلة فسوف لا يعرف العلاج، أكثر علماء المسلمين اليوم، أقول علماء ولا أعني من دونهم، لا يعرفون علة المسلمين، كلهم مطبقون على القول تركوا الإسلام، لا يا سيدي ما تركوا الإسلام ولكن فهموه مقلوبا، خذ مثلا عقيدة القضاء والقدر، عقيدة القضاء والقدر حينما فهمها الصحابة انطلقوا في سبيل الله يجاهدون ويبيعون أعز شيء لديهم من أنفسهم وأموالهم وأولادهم، كل ذلك رخيصا في سبيل الله، لماذا؟ لأنهم فهموا أن القدر ليس معناه ترك العمل وإنما على العكس من ذلك، أن المقدّرات مربوطة بأسبابها، فأنت مثلا إذا عملت صالحا دخلت الجنة وإذا عملت طالحا دخلت النار، فانقلب هذا المفهوم "يا سيدي إن الله غفور رحيم" "وما هو مكتوب على الجبين لا بد ما تشوفوا العين".
عيد عباسي : ليس في الإمكان ... .
الشيخ : نعم؟
عيد عباسي : ليس في الإمكان.
الشيخ : " ليس في الإمكان في كتب علم الكلام " " ليس في الإمكان أحسن مما كان " إلى أخر، ففهمنا، فهمنا فكرة القضاء والقدر وهو إيش؟ من شروط الإيمان من أركان الإيمان مطلوبا تماما وما أبدع المثال الذي مثّل بهذا الموضوع فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما جاء من المدينة إلى الشام فسمِع بالطاعون قد نزل في أرض الشام، فعقد مجلسا استشاريا، ماذا تقولون نقدم على الطاعون أم نرجع؟ فاختلف أصحابه على قولين، منهم من يقول ندخل ونتوكل على الله ومنهم من يقول لا نرجع، ولم يستقر رأي عمر على شيء لأن أصحابه اختلفوا حتى دخل عليهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فلما فهِم نقطة الخلاف قال عندي علم من ذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم يقول ( إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها وإذا وقع الطاعون بأرض أنتم فيها فلا تخرجوا منها ) فرجع عمر بن الخطاب لما سمع الحديث وكان وقّافا عند كتاب الله وعند حديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.
لما رجع اعترض سبيله رجل يمثّل أفكار جماهير المسلمين اليوم، من هؤلاء الاتكاليين لا المتوكّلين، قال له يا عمر أفِرار من قدر الله قال له نعم فرارا من قدر الله إلى قدر الله، وضرب له مثلا على ذلك من أبدع الأمثلة قال أرأيت إن كان لك ماشية بين عُدْوتي الوادي وكانت إحدى العدْوتين مخضرّة والأخرى مجْدبة، أكنت تراعاها في المجدبة أم في المخضرة؟ قال لا قد كنت أرعاها في المخضرة، قلت قال فأنت إن رعيتها في المجدبة فبقدر الله وإن رعيتها في المخضرة المخصبة فبقدر الله، فنحن نفرّ من قدر الله إلى قدر الله، لذلك هذا عمر الذي فهم هذه الحقيقة لما قال الرسول عليه السلام حينما سُئِل سموا هذا الذي يعمل الناس فيه من سعادة وشقاء، هل هو بما سبق أم الأمر أنف، قال ( إنما الأمر فيما سبق ) قال ففيم العمل؟ قال عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار ) فهم عمر أن الله عز وجل بحكمته ربط المسببات بأسبابها، وأنه جعل لكل شيء سببا فمادام أنه الجنة سببها العمل الصالح والإيمان كما قال تعالى (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) .
إذًا نعمل عملا صالحا إذا بدنا نكون من أهل الجنة نعمل عملا صالحا وإلا فنعمل عملا طالحا، فماذا كان جواب عمر لما قال الرسول عليه السلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له فإن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل هل الجنة ) قال إذًا نجتهد، إذًا نجتهد، المسلمون اليوم لا يفهمون هذا، بل لسان حالهم يقول إذًا نتواكل مادام فريق في الجنة وفريق في السعير، إن كنت من السعداء فلا يُضرني العمل السيّء وإن كنت من الأشقياء فلن ينفعني العلم الصالح، هذا مثله مثل من يجوع ويعطش حتى يكاد يموت، يقول إن كان الله عز وجل كتب لي الموت فما فيه فائدة أكلت أو شربت، هذه مكابرة لأنه يعلم أن الله عز وجل جعل ترك الأكل والشرب سبب للهلاك والدمار والموت وبالعكس جعل كما قال تعالى (( وجعلنا من الماء كل شيء حي )) فجعل الماء سبب الحياة، فالذي يترك الأخذ بأسباب الحياة يموت وليس له أن يحتج بالقدر لأنه من تمام القدر كما أشار عمر الأخذ بأسباب الحياة والنجاة.
المسلمون اليوم هذه العقيدة عقيدة القضاء والقدر التي كانت حافزة في السلف الأول على العمل كما سمعتم من عمر بجواب للرسول أولا إذًا نجتهد وكما قال للسائل أفرارا من قدر الله قال نفر من قدر الله إلى قدر الله، هكذا فهم السلف الصالح أما الخلف الطالح فعكسوا هذا المفهوم الصالح إلى أنه ما فيه حاجة للعمل وإنما هو القدر.
إذًا نحن بحاجة إلى تصحيح المفاهيم التي أساء فهمها جماهير المسلمين.
12 - ما هو الطريق السليم لعودة المسلمين إلى دينهم ؟ و فيه بيان أن أعظم سبب هو حديث ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) ومعنى ذلك . أستمع حفظ
معنى كلمة الإخلاص ( لا إله إلا الله ) وبيان شروطها و اختلاف الناس في فهمها .
إذًا فالمشركون أمنوا من جهة وكفروا من جهة، أمنوا بتوحيد الربوبية لا رب إلا الله وكفروا بتوحيد الألوهية فقال تبارك وتعالى (( إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون )) وقالوا (( أجعل الألهة إله واحدا إن هذا لشيء عجاب )) .
إذًا هم لا يفهمون من معنى لا إله إلا الله لا رب إلا الله بس، لا يفهمون لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله، وهم لا يؤمنون بهذا، ومن هنا نشأت العداوة بين الرسول عليه السلام وبين المشركين، فهم يؤمنون بأنه لا رب إلا الله ولكنهم لا يؤمنون بأنه لا إله إلا الله.
فإذًا يفرقون بين الرب وبين الإله، الإله هو المعبود فهم عبدوا مع الله غيره وهذا هو الشرك الذي يسمّى بشرك الألوهية عند العلماء.
كثير من المسلمين اليوم حتى بعض الخاصة وقد رأيت رسالة عندنا في الشام طُبعت لبعض المعاصرين فسّر لا إله إلا الله لا رب إلا الله وهذا التفسير إذا قاله المشرك لا يصبح موحّدا لأن المشركين كانوا يقولون لا رب إلا الله ولكنهم كانوا لا يقولون لا إله إلا الله لأنهم يُفرّقون بسليقتهم العربية بأن معنى الإله هو المعبود الذي تخضع له القلوب وحده لا شريك له، وهم كانوا يشركون مع الله معبودات أخرى ولذلك كان من ضلالهم أنهم يصرّحون في طوافهم حول بيت ربهم فكان قائلهم يقول "لبّيك اللهم لبّيك لا شريك لك إلا شريكا تملكه وما ملك"، أعطوا رب العالمين الربوبية بحذافيرها فلا خالق معه ولا رازق معه ولكن يعبدون مع الله ألهة أخرى، هم أمثالهم كما قال تعالى (( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا )) دعاءكم (( ما استجابوا لكم )) (( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم )) فهم يعرفون هذا ويذكّرهم الله بما يعرفون ليُثبت عليهم ضلالهم فما موقف المسلمين من شهادة لا إله إلا الله؟ يُفسّرونها لا رب إلا الله فقد انحرفوا في فهم هذه الشهادة ولقد سمعت أحد الخطباء هناك في بلادنا وقد جرى نقاش بيننا وبينه حول توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، قلت له ماذا تقول فيمن ينادي غير الله عند الشدائد؟ يستغيث بالجيلاني عندنا وبالباز وبينه وبين المستغاث نحو ألفي كليومتر، ولو كان حيا ما سمعه فقال هذا أمر جائز ويسمّيه توسّلا، فقلت له هذا الذي يستغيث بذاك الرجل الصالح لو كان يعتقد أنه لا يسمعه فهل يناديه؟ هل ينادي إنسان عاقل هذا الجدار؟ فيقول يا جدار أغثني أعني، طبعا لا.
إذًا هؤلاء المسلمون الذين قد يكونون أشد عبادة لله من أمثالي أنا يقومون الليل ويصومون النهار ولكن الله يقول في صريح القرأن (( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )) .
ما فائدة هذه العبادة إذا قامت على أساس الشرك لله عز وجل، فهؤلاء ينادون البعيد، من مسافة بعيدة كما قلنا لو كان حيا ما استطاع أن يستجيب لهم، فلولا أنه يعتقد أنه يسمع ما نداه، لو كان أنه يعتقد أنه لا ينفع ولا يضر ما طلب منهم النفع والضر، قال لا هو لا يعتقد أنه ينفع ويضر واعتقاده أن النافع والضار هو الله تبارك وتعالى، فصنّفت له السؤال الأتي وهنا العبرة يا إخواننا، قلت له إذًا لو قال هذا المستغيث عبّر عن الذي تقول أنت إنه في نفسه، أنت تقول إنه يعتقد أنه لا ينفع ولا يضر فلو ناداه قائلا يا فلان يا من لا ينفع ولا يضر أغثني يجوز؟ قال يجوز، هذا مش جاهل أمّي عامّي.
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
متناقض أشد التناقض لكن هذا التناقض في ماذا؟ في فرع أم في أصل؟ في أصل الأصول، في شهادة أن لا إله إلا الله وهذا مع الأسف الشديد يسيطر على كثير ..
السائل : ... (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )) .
الشيخ : بارك الله فيك، هذا نص في القرأن الكريم.
إذًا كيف نَنْشد الخلاص من هذا الذل ونحن ما حققنا بعد الشهادة الأولى؟ الركن الأول من الإسلام والركن الأول من الإيمان، لا إله إلا الله فهمناها فهما معكوسا فاتخذنا الأنداد من دون الله عز وجل وهذا بحث طويل وطويل جدا.
فإذًا يا فضيلة الشيخ يجب أن نتفق على كلمة سواء، يجب أن نُفهم المسلمين دينهم في حدود الكتاب والسنّة فحينما يجتمعون على ذلك فكريا ويتعاونون ..
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : كنت في هذا البحث.
السائل : ... التعدد في هذا الموضوع، نشرح قول الله عز وجل (( قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون )) في التعليق على حديث ( بُنِي الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله ) بارك الله فيكم ..
الشيخ : إيه الله يحفظكم، أنا أعتقد أنه هذا هو الذي يجب أن يشتغل فيه الدعاة الإسلاميون لأن هذا أسّ الإسلام وما بعده أهون، فإذا صح الإيمان والإسلام صح ما بعده وإلا كما سمعتم قوله تعالى (( لئن أشركت ليحبطن عملك )) ، نعم.
السائل : أستاذ من يعتقد أنه الربوبية ... لو سمحت شو معنى ... معناها ... يعني ... .
الشيخ : ... أن لا يتقرب الإنسان إلى الله إلا بما شرع الله ونحن نُفسّر الشهادتين هذه بيعني تفاسير أخرى لعلها جواب لما تسأله عنه، نحن أشرنا إلى أن كثيرا من المسلمين لا يحقّقون معنى لا إله إلا الله في أنفسهم، فلو فرضنا أن مسلما فهِم معنى هذه الشهادة وهذه الكلمة الطيبة وأنها تعني " لا معبود بحق في الوجود إلا الله عز وجل " وهو حقيقةً لا يعبد إلا الله عز وجل ولكنه يتّبع في دين الله من لم يأت على ما يذهب إليه بدليل من الكتاب والسنّة، فيتخذه متبوعا له والله عز وجل يقول في حق اليهود والنصارى أو بالأحرى النصارى (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )) وجاء حديث عدي بن حاتم نعم، قال لما نزلت الأية والله يا رسول الله فيما يظن هو ما اتخذناهم أربابا من دون الله قال عليه الصلاة والسلام ( ألستم كنتم إذا حرّموا لكم حلالا حرّمتموه وإذا حلّلوا لكم حراما حلّلتموه؟ ) قال نعم قال عليه السلام ( فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله ) .
السائل : ( تلك عبادتهم ) .
الشيخ : نعم؟
عيد عباسي : ( تلك عبادتهم ) .
الشيخ : نعم، فاليوم المسلمون إذا قلت لأحدهم ولا أعني العامة لأنه العامة غير مسؤولين، مسؤليتهم على الخاصة إذا قلت له قال الله قال رسوله جابهك بقوله قال الإمام أو قال المذهب أليست هي هذه؟
السائل : أو قال ... هذا ... .
الشيخ : هذا ما فيه إشكال.
السائل : ... .
الشيخ : لا هذا واضح يا أستاذ لكن المشكلة ..
السائل : ... الشيخ.
الشيخ : المشكلة تنطوي حول تقديس أئمتنا فوق القداسة التي تجب لهم علينا، أما ماركس ولينين وستالين إلى أخره أئمة الطواغيت والكفر، هذا كفر مكشوفا.
فإذًا تحقيق معنى لا إله إلا الله هو ألا يتخذ قول أحد من عباد الله شريعة له لأن الله عز وجل يقول (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله )) لذلك يقول الفخر الرازي في تفسير الأية السابقة إنه هذه الأية تنطبق على المقلّدين الذين اتخذوا المذهب أصلا والقرأن فرعا، فما وافق من الكتاب والسنّة المذهب أخذوا به وما لا تأوّلوه كما نصّ إمام من أئمة الأصول قال إذا كان في الأية أو الحديث مخالفا للمذهب.
السائل : هذا منسوخا.
...
الشيخ : أي نعم، في نص كلامه؟
عيد عباسي : كل أية خلاف قول أصحابنا فهي فهي مؤولة أو منسوخة وكل حديث كذلك مؤول أو منسوخ.
الشيخ : جعلوا الأصل المذهب وتبع الأصل هذا القرأن.