شرح أحاديث من الترغيب والترهيب للمنذري من كتاب التوبة والزهد : قال المصنف رحمه الله : وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم
الشيخ : درسنا الليلة في كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري الحديث الثامن والعشرين قال وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم وهذا الحديث إنذار من الرسول صلوات الله وسلامه عليه لأمته ... لا يتصورها عقل إنسان فتن عظيمة كقطع الليل المظلم يفتتن فيها المسلم فيصبح مؤمنا ويمسي كافرا والعكس بالعكس تماما وقوله عليه السلام ( بادروا بالأعمال ) إنما يعني الأعمال الصالحة فهو عليه الصلاة والسلام يحض أمته لا سيما في الأزمنة المتأخرة التي كل ما تأخر بنا الزمن كلما كثرت فينا الفتن وكلما اقتربنا من أشراط الساعة الكبرى فيأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح أن نبادر هذه الفتن بالأعمال الصالحة أي أن نستقبلها بالأعمال الصالحة حتى إذا ما فوجئنا بها نكون قد تدرعنا وتسلحنا بهذه الأعمال الصالحة فتحول بيننا وبين أن نقع في مثل هذه الفتن التي هي كقطع الليل المظلم، فحصانة المسلم من أي فتنة من هذه الفتن التي ذكرت بصورة عامة في هذا الحديث أو من الفتن الأخرى سيأتي ذكر بعضها في حديث تالٍ فالمخرج من هذه الفتن كلها إنما هو العمل الصالح فبالأعمال الصالحة يتدرع المسلم ويتحصن من أن يمر في هذه الأطوار الغريبة التي يصفها الرسول عليه السلام لقومه ( يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ) والسبب؟ أوضح ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله ( يبيع دينه بعرض-حقير من حطام- من الدنيا ) ومثل هذا الحديث لا يحتاج فهم كبير فنحن نرى الناس وكيف يفتنون بسبب الدنيا هذه من مناصب وجاهات ومراتب ونحو ذلك، فإذا على المسلم أن يتدرع بالعمل الصالح ولا شك ولا ريب أن العمل الصالح كما ذكرنا لكم مرارا وتكرارا لا يصيب صاحبه شيئا مطلقا إلا بأن يقترن هذا العمل الصالح بالإيمان الصحيح والإيمان الصحيح لا يكون إلا بالإيمان بما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبالمفهوم الصحيح المطابق لما كان عليه سلف هذه الأمة وفيهم الأئمة الأربعة فلا يجوز للمسلم أن يقبل على العمل الصالح يبتغي بذلك يوم القيام وفي الوقت ذاته يهمل إصلاح عقيدته فإنه والحالة هذه يذهب عمله الصالح هباءً منثورا كما قال ربنا تبارك وتعالى في كتابه في حق الذين أشركوا بربهم (( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )) لذلك فيجب أن نتذكر دائما وأبدا حينما تمر بنا ذكر الأعمال الصالحة أن نقرن معها دائما وأبدا الإيمان الصالح أيضا ولذلك ما من آية إلا وتبدأ بذكر الإيمان ثم تثني بذكر الأعمال الصالحة كقوله تعالى (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) أقول هذا لأننا في زمن كثرت فيه الأهواء والبدع بعضها ورثناها من قرون طويلة مديدة وبعضها تذرّ قرنها في العصر الحاضر ولذلك فأهم شيء يجب على المسلم أن يعنى به إنما هو تصحيح عقيدته ثم أن يضم إلى ذلك الإكثار من العمل الصالح لأن الإيمان ليس هو الإعتقاد الصالح فقط بل من الإيمان أيضا العمل الصالح فالرسول صلوات الله وسلامه عليه حينما يحضنا هنا على أن نبادر تلك الفتن بالأعمال الصالحة إنما يحضنا على ذلك ليجعل بيننا وبين هذه الفتن وقاية وحصنا حصينا تمنعنا هذه الأعمال الصالحة من أن نقع في مثل هذه الفتن المظلمة التي ( يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ) هذا هو الحديث الأول الذي رواه مسلم في صحيحه.
فائدة إسنادية حول تخريج الإمام مسلم لحديث أبي هريرة .
الشيخ : وهنا لابد من التنبيه أي من الناحية الحديثية أن هذا الحديث قد تردد بعض العلماء المتأخرين في صحة نسبته إلى الإمام مسلم، ... في ذلك واضح بين وهو أن الحديث له علاقة بالفتن التي تكون بين يدي الساعة فهو في ذلك كالحديث الذي يليه تماما فرجع المشار إليه إلى كتاب الفتن من صحيح مسلم فلم يجد الحديث في كتاب الفتن ففكر أن يكون هذا الحديث في صحيح مسلم لكن الواقع أن هذا العزو من المصنف وغيره لهذا الحديث للإمام مسلم هو عزو صحيح لكن كل ما في الأمر أنه أخرجه في مكان ليس هو مظنة إراده فيه ذلك أنه أخرجه في كتاب الإيمان وهو أول كتاب في كتب الإمام مسلم في صحيحه بينما الكتاب الآخر الذي يظن أن يوجد فيه هو آخر كتاب في صحيح مسلم وهو كتاب الفتن فلما لم يجد بعض الباحثين هذا الحديث في كتاب الفتن من صحيح مسلم ظن أن عزوه لمسلم خطأ وظنه هو الخطأ فقد أخرجه الإمام مسلم كما قلنا في كتاب الإيمان من أول صحيحه وهو في الطبعة الإٍسطنبولية القديمة والتي صورّت منذ بضع سنين في مصر في المجلد الأول في الصفحة السادسة والسبعين.
شرح قول المصنف رحمه الله : " وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم ".
الشيخ : الحديث الذي يليه وهو أيضا في مسلم لكن في كتب الفتن وهو أيضا من رواية أبي هريرة وهو قوله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم في هذا الحديث فائدة لغوية قد تخفى على بعض الناس وهي مجيء أو بدل الواو العاطفة فقوله عليه السلام هنا أو الدخان هي بمعنى و الدخان أو الدجال و الدجال إلى آخره فهذا الحديث كالحديث السابق من حيث أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم يحث فيه المسلمين علي أن يبادروا أشراط الساعة بالأعمال الصالحة بما سبق بيانه في حديث السابق لكن هذا الحديث يفصل بعض الأشراط التي لم يشعر إليها في الحديث الأول فيقول عليه الصلاة و السلام ( بادرو بأعمال ستّا طلوع الشمس من مغربها ... ) طلوع الشمس من مغربها مما جاء ذكره في القرآن الكريم كما هو معلوم و أنها يوم تطلع من مغربها يومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن قد أمنت من قبل و هذا بلا شك يحتاج كثيرا من الإيمان لا سيما عند الناس الذين يدرسون العلم الحديث وعلم الفلك والذين يغلب عليهم إلا ما شاء الله منهم ... بالنظم وبالسنن التي يسمونها بالسنن الكونية أو الطبيعية ثم ينسون وبعضهم يجحدون الذي سنّها والذي نظمها هذا التنظيم البديع فطلوع الشمس من مغربها معنى ذلك قلب نظام هذا الكون للأسف وهذا القلب لا يتسع الإيمان به إلا قلب كل مؤمن آمن بربه عز وجل وأنه فعال لما يشاء و لما يريد وخلاق كما يشاء وكما يريد كما قال عز و جل (( و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحانه و تعالى عما يشركون )) على أن طلوع الشمس من مغربها هو ... نظام هذا الكون من أصله كما جاء في كثير من آيات الكريمة (( إذا الشمس كورت* و إذا النجوم انكدرت* وإذا الجبال سيرت )) فهذا كله إشارة إلي أن هذا الكون المنظم بهذا التنظيم فيتصرف فيه رب العالمين تصرفا يغير في هذا الكون ما يشاء من تغيير كما قال (( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار )) فمن ... الإشارة إلى هذا التغيير الجذري إنما هو طلوع الشمس من مغربها الذي يطلعها كل يوم من مشرقها ليس بعاجز أن الله عز وجل يطلعها من مغربها إيذانا بأن هذه الدنيا انتهت ولذلك جاء الوصف السابق بأن يوم تطلع الشمس (( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل )) هذا أول شروط الساعة والتي اصطلح العلماء على تسميتها بشروط الساعة الكبرى، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول هنا ( بادروا بالأعمال ستا أولها طلوع الشمس من مغربها ) ذلك لأن الأمر حينذاك خطير المخطأ المذنب إذا لم يتب قبل طلوعها لا تنفعه توبته، الكافر إذا لم يتب من قبل لا تنفعه توبته وهكذا فهنا تجب المبادرة إلى التوبة بالأعمال الصالحة وبالأولى والأحرى أن يبادروا الكفار والمنافقون أن يعودوا إلى ربهم و يؤمنوا بإسلامهم طلوع الشمس من مغربها أو الدخان، الدخان أيضا من أشراط الساعة ولكن يجب أن نلاحظ هنا شيئين اثنين الشيء الأول أنه لم يأتِ في السنة الصحيحة كبير شيء يذكر في وقت هذا الدخان الذي يكون من أشراط الساعة لكن الظاهر أنه دخان يعم الناس جميعا يعني كما لو تصورنا أن غازا مخنقا من هذه الغازات التي يتظاهر بها الكفار اليوم بالإستكثار منها إرهابا لأعدائها وقد يتصورون لو ألقي منها بعض القنابل لأهلكت الحرث و النسل ، فهذا الدّخان يكون من الله عزّ وجل و ليس بإرادة أي إنسان كطلوع الشمس من مغربها فالظاهر أن هذه الآية الدخان يكون عاما وشاملا لأهل الأرض ولكن الله عز وجل يعامل بالمؤمنين به معاملة خاصة كمثل ما يعاملهم يوم يأذن بإقامة الساعة على أهل الأرض وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق )
معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة وليس على وجه الأرض من يقول الله الله ) وبيان بدعية ذكر الله بلفظ الله الله مثل فعل الصوفية .
الشيخ : وفي الحديث اللآخر ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله ) فبدهيا جدا أنه ليس المقصود من هذا الحديث أقول هذا دفعا للمفاهيم الخاطئة ليس المقصوم من هذا الحديث الصحيح ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله ) أي يذكر الله ... ما شاء الله من العدد مئة مئتين ثلاث مئة بما ... ليس هذا المقصود إطلاقا أن يقول الله الله الله الله هذا ذكر مبتدع شرعا ولغة، أقول الذكر باللفظ الله الله هذا ذكر مبتدع شرعا ولغة، أما شرعا فلأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأن الصحابة ومن تبعهم بإحسان وفيهم الأئمة الأربعة الكرام كلهم جميعا لم ينقل عن أحد منهم شرعية بمثل الله الله مع كثرة الأذكار التي حظ عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمّته لا سيما وقد قال ( خير الكلام أربع كلمات و لا يضرك بأي بدأت سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلاّ الله و الله أكبر ) هذا أفضل الكلام بعد القرآن هذه الجمل الأربعة وجاءت أحاديث خاصة في بيان أفضلية التهليل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير كتب الأذكار المؤلّفة في هذا الصدد في بيان ما شرعه الله تبارك وتعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بتلك الأذكار شيء لا يكاد يحيط به أعبد الناس وأعلم الناس ولا تجد في شيء من هذه الكتب إطلاقا ولو في حديث موضوع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يجلس هو و أصحابه و يذكرون الله بهذا اللفظ الله الله، لذلك فالذكر بهذا اللفظ المفرد بدعة في الدين لا سيما مع عدم وجوده في الأذكار الواردة كما أشرنا إلى ذلك آنفا أما أنه مبتدعا لغة فقد يكون هذا غريبا على بعض الناس ولكن من كان عنده شيء من العلم بآداب اللغة وبنحوها فهو يعلم أن هذا الكلام ليس له جواب مبتدأ لا خبر له فهذه جملة مبتورة ناقصة الله ما باله لو قيل الله عظيم، الله جليل، الله عزيز، الله كريم، الله عليم، كانت الجملة تامة ثم يبقى النقص من حيث عدم ورودها أما فهذه الكلمة الله فهي جملة ناقصة لم يأتِ خبرها ثم هناك خطأ آخر لا يصح لغة أن يقال الله الله و لكن تقول اللهُ اللهُ الله إذا وقفت أما إذا لم تقف فلا بد من الوقف تقول اللهُ اللهُ الله هذا لو صح من حيث المعنى لكن الآن نتكلم من حيث التعبير فلا يصح الوقوف على متحرك كما أنه لا يجوز التحريك هو ساكن، لا يجوز أن نقول اللهْ اللهْ اللهْ، و إنما اللهُ اللهُ الله إذًا لما قال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله ) الله يعني من يشهد أن الله وحده لا شريك له لا يعني ما على وجه الأرض من يذكر الله بلفظ الله الله لأن هذا أولا كما قلنا غير مشروع وثانيا لو كان مشروعا هل هو ركن من أركان الإسلام والواقع أنه كانت هناك مناقشة بيني و بين بعض المشايخ و قد احتج بهذا الحديث على شرعية ما يسمّونه بالذكر ... فشرطت عليه بما قد سبق بيانه وبالحديث الآخر الذي هو بلفظ ( لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله ) هذه جملة كاملة و هذه مفسرة بالرواية الأولى ( لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من يقول الله ) أي من يقول لا إله إلا الله بعد هذا قلنا لو سلمنا جدلا بأن هذا الذكر مشروع وهو غير مشروع قطعا فهل هو ركن؟ قال لا، يعني ركن من أركان الإسلام ؟ قال لا، فرض من فرائض الإسلام؟ قال لا، واجب من واجبات الإسلام؟ ... قال لا، سنّة مؤكّدة قال لا، ماذا سيكون سيكون سنة مستحبة مندوبة ... خاص قلت لو فرضنا أن أئمة المسلمين ... على عقيدتهم الصحيحة ... على القيام بكل الفرائض والواجبات و السنن كلها لكن تركوا مستحبّا من المستحبات ومنها هذا الذكر الذي نعتقد بأنه مبتدع هل يستحقون أن تقام الساعة عليهم؟ قال لا، قلنا فإذا هذا دليل قاطع على أن تفسير الحديث كما يبدو لبعض الطرقيين ( لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من يقول الله ) أي من يذكر الله الله غير صحيح لأن لو تركنا هذا الذكر ما نكون شرار أهل الأرض و قد قال عليه السلام ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ) فمن هؤلاء شرار الخلق؟ هم الكفار أي الذين هم لا يشهدون لله بالوحدانية و لنبيه صلى الله عليه وسلم بالنبوّة والرسالة هذه جملة معترضة.
تتمة شرح حديث أبي هريرة في قوله : ( ... أو الدخان ) وبيان معنى الدخان في قوله تعالى : (( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين... ))
الشيخ : أردت من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما ذكر الدّخان فهمنا منه أنه بلاء كبير يحيط بأهل الأرض جميعا لكن لا نستبعد أن يعامل الله عز وجل عباده حين ذاك بمعاملة ... كفار من ضنك العيش والحياة والشدة والعذاب بسبب هذا الدخان كما جاء في بعض الأحاديث السابقة أن الله عز وجل إذا أراد أن يقيم الساعة أرسل ريحا طيبة فقبضت روح كل مسلم على وجه الأرض فلا يبقى إلا شرار الخلق و عليهم تقوم الساعة و لعلي في فرصة أخرى فقد ذكر الحافظ بن كثير (( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم )) قد ذكر في تفسير هذه الآية بعض الأحاديث الواردة في الدخان التي هي شرط من أشراط الساعة ثم إن هذه الأحاديث لا تخلو من ضعف و إن كان هو الحافظ بن كثير قد ذهب إلى تصفية و ... بعضها لكن تبين لي بدراسة عاجلة أنه غير مصيب في ذلك و لكن يحتاج الأمر بعد إلى زيادة تحقيق في تلك الأسانيد و لعلي آتيكم بالجواب في درس آخر إن شاء الله و قبل أن ننهي الكلام على هذه الآية من الآيات الست ألا وهي الدخان و لنذكر أن الآية السابقة (( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين )) الظاهر أنها لا تعني الدخان الذي هو شرط من أشراط الساعة فقد ثبت في الصحيحين من حديث بن مسعود رضي الله عنه أن الدخان المذكور في الآية أصيب بها المشركون في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالدخان المذكور في الحديثين هو غير الدخان المذكور في الآية نقف ههنا لنتم التعليق إن شاء الله في الدرس الآتي علي بقية الحديث. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده و رسوله . (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار . كان درسنا الماضي آخر حديث فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم و قد كنا تكلمنا على بعض الفقرات وصلنا إلى الدخان و ذكرنا أن الدخان المذكور في هذا الحديث هو غير الدخان المذكور في الآية التي ذكر فيها الدخان وهذا على قول بعض العلماء والمهم أن هذا الدخان المذكور في هذا الحديث هو علامة من علامات الساعة وذكرنا أنه لم يرد في السنة الصحيحة شيء من صفات هذا الدخان وحينما أقول الصحيحة أعني أن هناك روايات فيها ضعف من حيث إسنادها فيها تفصيل لهذا الدخان وأنه يأخذ بقلوب الكفار و يموتون خنقا بخلاف المؤمنين فإنه لا يؤثر فيهم.
تتمة شرح حديث أبي هريرة في قوله : (... أو الدجال ) .
الشيخ : أما ... التي تلي الدخان و هي الدجال فالواقع أن أحاديث الدجال كثيرة و كثيرة جدا حتى بلغت مبلغ التواتر، وفي كل حديث أو كثير من هذه الأحاديث صفات وبيانات تتعلق بالدجال غير الصفات والبيانات التي ترد أو يرد ذكرها في الأحاجيث الأخرى و مجموع هذه الأحاديث يأخذ منها الباحث القطع بأن هذا الدجال هو شخص إنسان من خلق الله عز وجل وأنه له مخاريق وله خوارق عادات يفتتن بها الناس و ليس كل الناس و لكن الذين ليس في قلوبهم إيمان قوي وعلم صحيح يدفع الشبهة التي يتظاهر بها هذا الدجال الأكبر و قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جملة ما صح من أحاديث الدجال قوله ( ما بين خلق آدم و الساعة فتنة أكبر من فتنة الدجال ) ففتنة الدجال أكبر فتنة يخلقها الله تبارك وتعالى قبل قيام الساعة اختبارا منه لعباده ففتنة الدجال أكبر فتنة يخلقها الله تبارك و تعالى قبل قيام الساعة اختبارا منه لعباده وله سبحانه وتعالى أن يمتحن عباده بما يشاء من فتن وبلاء، ومن صفات الدجال ومخارقيه أنه يقول للسماء أمطري فتمطر، وللأرض أنبتي نباتك فتنبت و للخربه أخرجي كنوزك فتخرج كنوزها وتنطلق ... له و مثل هذا كثير و أغرب شيء جاء ذكره في الحديث الصحيح أنه يقطع رجلا نصفين ثم يعيده حيا ولكن هذا الرجل هو في الواقع دليل على عجز هذا الإنسان وأنه مخلوق من جان لأنه حين يقتل هذا الإنسان و يقطعه قطعتين إنما يفعل ذالك به لكفره بالدجال و عدم إيمانه بدعواه الكاذية وهي أنه الإله الخالق يدعي الربوبية هكذا جاء في الأحاديث.
الشيخ : أما في بعض الروايات التي لا يمكن الإعتماد عليها فهي تشبه ما تحقق صفته في نبي قاديان المسمى بميرزا غلام أحمد القادياني فإن هذا الرجل أول ما ظهر ظهر مدّعيا للمهدوية أنه المهدي المبشر به أيضا في الأحاديث الصحيحة ثم بعد زمن ارتقى في الدعوى في الضلال فزعم أنه هو عيسى عليه السلام المبشر أيضا بنزوله آخر الزمان وحينما ادعى هذه الدعوى تأول أحاديث النزول بمثل ما يتأول المبتدعة المتأولة لكل أحاديث الشريعة سواء ما كان منها من آيات الصفات أو أحاديث الصفات أو علامات الساعة وسترون كيف تأول بعضهم الدجال في هذا الحديث والدابة أيضا بعدها هذا اللفظ فميرزا غلام أحمد القادياني تأول نزول عيسي بقوله ( لينزلن فيكم عيسى بن مريم ) أي مثيل عيسي بن مريم فجاء بمضاف زعم لينزلن فيكم عيسى لا ليس عيسى و لكن مثيل عيسى هكذا كما يقول المتأولة قديما وحديثا (( وجاء ربك )) أي أمر ربك و نحو ذلك من التآويل ثم ادعى ميرزا غلام أحمد القادياني أن الله عز وجل أوحى إليه بالنبوة وأنه قال له في جملة ما قال في زعمه يا أحمد أنت عندي بمنزلة توحيدي و تفريدي أحمد القادياني عند الله في زعمه بمنزلة التوحيد عند الله عز وجل وهذا لينكشف ضلال هذا الإنسان لمن بقي في قلبه ذرة من إيمان كما تدرج هذا الدجال يقول بعض العلماء أن الدجال الأكبر هكذا يتدرج فيدعي المهدوية ثم العيساوية ثم الربوبية ولكن جاء في الأحاديث أنه يدعي الربوبية فممكن أن يتدرج كما هو شأن جل المبطلين والدجالين ويمكن أن يخرج فورا يدعي الربويية.
الشيخ : الشاهد أن هذا الدجال يظهر بهذه الخوارق للعادات ليمتحن الله عز وجل على يديه من شاء من عباده فمن هؤلاء رجل مؤمن يخرج فيصادفه حرس من حرس الدجال فيلقون القبض عليه ويؤتون به إليه فيسأله هل تؤمن بي يعني أنه الرب يقول لا، أنت خلق من خلق الله فيأمر بقطعه نصفين ثم يقول لأصحابه هل أعيده كما كان يقولون أنت أعظم من ذلك فيعيده كما كان حيا ثم يعيد الإمتحان السابق بعدما رأيت هل تؤمن قال ما ازددت إلا إيمانا بأنك أنت الدجال الأكبر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و يقول الرسول في هذا الحديث أنه لا يستطيع أن يسلط عليه مرة أخرى وذلك ليظهر عجزه في زعمه ادعائه الربوبية فهذه من صفات الدجال فيما يتعلق بخوارقه لكن من صفاته البدنية الشائنة المعيبة والتي لا تليق بالرب تبارك وتعالى أنه أعور واختلفت الروايات في تعيين اليمنى أو اليسرى لكن اتفقت كلها على أنه أعظم و يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه و هو يصف هذا الدجال ( أنه أعور وأن ربكم ليس بأعور ) ويزيد في تنبيه المؤمن على أن هذا الدجال يستحيل هو الرب قال عليه السلام ( وأن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت ) فكيف يكون ربكم هذا و أنتم ترونه و لن يرى أحدكم ربه حين يموت ثم ترونه أعور و هذا عيب ونقص والله عز وجل له كل صفات الكمال.
بيان أن الدجال شخص مخلوق والرد على من أنكر أنه شخص وقالوا هو رمز على الشر يعم البلاد في آخر الزمان و مهنم القادياني .
الشيخ : و مما يتعلق بدجال وصفا له أن الله حرم عليه مكة والمدينة ولا يتمكن من دخولهما هذه الصفات كلها تعطي للمطلع عليها أنه شخص مخلوق ومع ذلك كله ستجد كثيرا من الكٌتاب قديما وحديثا وبخاصة اليوم ينكرون هذه الحقيقة التي تواردت على إثباتها الأحاديث المتواترة فيقولون إن الدجال ليس شخصا وإنما هو رمز للشر الأكبر الذي يظهر ويعم البلاد في آخر الزمان و هذه الدعوى ادعاها قبل هؤلاء الكتاب ذلك الدجال السابق الذكر ميرزا غلام أحمد القادياني فزعم أن الدجال هو الشر وليس إنسانا كما أنه زعم في الأحاديث التي لا تقبل التأويل في نزول عيسى عليه السلام بأنه ليس نزول شخص عيسى و إنما يعني نزول الخير و السلم و نحو ذلك من الصفات التي تقابل الشر الذي يرمز إليه الدجال.
بيان ما وقع فيه محمد رشيد رضا من التقليد للقادياني في مسألة تأويل أحاديث نزول عيسى بالخير و أحاديث خروج الدجال بالشر .
الشيخ : وهكذا هذا الدجال القادياني تأول أحاديث نزول عيسى بالخير وتأول أحاديث خروج الدجال بالشر فقيّده وتبعه على هذا التأويل كثير من الكتاب الإسلاميين اليوم مع الأسف الشديد وقد يكون فيهم من يؤسفنا جدا جدا أن يتأول هذا التأويل لأننا نعتبره في مقدمة العلماء الباحثين المحققين الذين كان لهم عناية خاصة في الدعوة إلى السنة وإلى نشرها أعني بذلك السيد محمد رشيد رضا رحمه الله ولكن مع الأسف الأمر كما قيل " لكل عالم زلة ولكل جواد كبوة " فهذا من كبوات هذا الإنسان العالم حيث تأول مع المتأولين أحاديث الدجال وغيرها، لا يمكن للمسلم المتجرد عن الهوى إلا أن يؤمن بحقائق أحاديث الدجال وهي تؤدي إلى ما قدمنا إليكم آنفا شيئا من خلاصتها وهي كلها تنتهي إلى أنه رجل مخلوق ربنا عز وجل يسخر له بعض المخلوقات كالمطر والأرض ونحو ذلك ليبتلي بذلك عباده فإما الإيمان بهذه الحقائق وإما إنكار الأحاديث من أصلها لأن التأويل هو في الحقيقة ... لمعنى الذي تضمنته النصوص يتأولون مثلا الدجال بأنه الشر فكيف يوصف الشر بأنه أعور ويتبع أن ربكم ليس بأعور وكيف يوصف بالشر لأنه لا يدخل مكة والمدينة ونحن مع الأسف الشديد نرى اليوم قد دخل مكة والمدينة شر كبير جدا من الخلاعة ومن الفتنة بالمال ونحو ذلك والأحاديث تصرح بأن الدجال لا يدخل مكة والمدينة لكن الدجال قد دخل هذين البلدتين المقدستين.
بيان أسباب النجاة من فتنة الدجال و بيان وجوب الإيمان بعلامات الساعة كما وردت في السنة الصحيحة و عدم تأويلها .
الشيخ : لذلك فيجب الإيمان بأن الدجال لابد أنه سيخرج في آخر الزمان وأنه يفتتن به كل ضعيف الإيمان وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن من اعتاد قراءة العشر الأول من سورة الكهف أمن فتنة الدجال ولخطورتها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ منها في صلاته ويأمر بذلك كل مصلّ فكان عليه الصلاة والسلام يقول ( إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير فليستعذ بالله من أبع يقول اللهم إني إعوذ بك من عذاب جهنم ومن فتنة القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ) فاستغاذة الرسول عليه السلام وأمره بالإستعاذة دليل على خطورة هذه الفتنة لذلك إذا كنا نتصور أنّ الدجال الأكبر بعيد عنا الآن فذلك لا يسوغ لنا أن لا نؤمن بخروجه إيمانا منا وتصديقا بالمخبر به ألا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجب أن نتذكر بهذه المناسبة أن تأويل الدجال أو الدابّة أوطلوع الشمس من مغربها بتآويل تلتقي مع مفاهيم الناس جميعا يجب أن نعلم أن الذي يحمل الناس على مثل هذا التأويل هو قلة إيمانهم أو ضعف إيمانهم لأن هذه الأمور غيبية ثم كثير منها هي من خوارق العادة والناس قد ألفوا العادات فيصعب عليهم الخروج منها ليس فقط عملا بل وفكرا واعتقادا فمجيء إنسان كهذا الدجال الأكبر يقول للسماء أمطري فتمطر إلى آخر المخاريق التي أشرنا إليها آنفا هذا أمر غير معتاد لدى الناس جميعا ولذلك لا تتّسع عقولهم المادية للإيمان بهذه الأخبار الشرعية فيجب أن نتذكر أن عدم الإيمان بها بعد ثبوتها إما كتابا كطلوع الشمس من مغربها كتابا وسنة كهذه الآية وإما كخروج الدجال الأكبر وقد تواترت الأحاديث الصحيحة فيه عدم الإيمان بهذه الحقائق هو دليل فقدان الإيمان كلا أو جلا وقد قال الله عز وجل في وصف عباده المؤمنين المتقين أول ما وصفهم به هو الإيمان بالغيب فقال (( آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة )) فأول شرط الإيمان هو الإيمان بالغيب فكل ما اتسع إيمان المسلم بما جاء في الكتاب والسنة والسنة الصحيحة كلما كان أقرب إلى الله تبارك وتعالى وكل ما ضاق أفق تفكيره وقلبه عن أن يؤمن بآيات ربه وأحاديث نبيه كان ذلك أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان فيجب إذا أن نعرف أن من عقائد المسلمين الإيمان بخروج الدجال في آخر الزمان.
الشيخ : ومن صفاته الصحيحة أن عيسى عليه الصلاة والسلام هو الذي يقتله ويقتله أيضا يأمر خارق للعادة لا يقتله لا بالرصاص المعهود اليوم ولا بالقنابل اليدوية أو المدفعية أو نحو ذلك من الوسائل الحديثة القاتلة وإنما بحربة ثم هو حينما يرميه بالحربة يذوب كما يذوب الملح كل هذه الأشياء خارقة للعادة فلا يسع الإنسان إلا أن يؤمن بها أو أن يكفر بها والكفر هو الكفر وهو الهلاك بعينه.
ذكر أقسام خوارق العادات : أولا : معجزة وكرامة ، وثانيا : فتنة لصاحبه، والفرق بينهما . و ذكر أمثلة على ضلالات الصوفية في هذا .
الشيخ : وقبل أن أنتقل بعض ما يتعلق بالدجال وأوصافه إلى الدابة أريد أن أهتبلها فرصة لأذكر كثير من الناس اليوم مممن يؤمنون بخوارق عادات من نوعية أخرى ويعتبرونها كرمات للأولياء لا لشيء إلا لأنها خوارق عادات فيجب أن نعلم أيضا هذه الحقيقة الشرعية ألا وهي أن خوارق العادات تنقسم إلى قسمين معجزات للأنبياء أو كرامات للأولياء هذا هو القسم الأول والقسم الآخر خوارق عادات إبتلاء من الله عز وجل لأصحابها وليست هي معجزة ولا كرامة لأهلها إنما هي فتنة كما رأيتم بالنسبة للدجال الأكبر، هذان القسمان أمر متفق عليهم بين علماء المسلمين الأمر الخارق للعادة تارة يكون معجزة أو كرامة وهذا طبعا شيء جميل وتارة يكون فتنة لمن يصدر منه ذلك الأمر الخارق للعادة وتمييز هذا النوع من ذاك النوع، أو هذا القسم من هذا القسم إنما هو بالنظر إلى أي مصدر أي نوع من النوعين فإن كان مصدره رجلا مؤمنا نبيا أو صالحا فهو معجزة أو كرامة أما إن كان مصدره إنسان تراه لا يصلي لا يصوم بل قد تسمع منه كفريات يتأولها بعض الناس بتسميتها شطحات فهذا ليس كرامة لأن الذي صدرت منه هذه الكرامة المزعومة لا يوصف بأنه صالح فضلا عن أن يوصف بأنه نبي إذا عرفنا هذا فما نسمع من كثير من الناس من أنه فلان كان يمشي عاريا و... ومع ذلك صدرت منه خوارق عادات فهي له كرامات هذا لا يجوز أن ينسب إلى الإسلام إطلاقا وإنما هذه إما عبارة عن حيل و ... ودجل من بعض هؤلاء الناس أو هو إبتلاء من الله عز وجل كما ذكرنا وهذا مذكور في القرآن الكريم (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )) فالإبتلاء بالخارق للعادة يكون خيرا تارة وفتنة تارة أخرى ومثل هذه الكرامات التي أحق بتسميتها بالإهانات قد امتلأت بطون كتب كثير مما يتعلق بتراجم رجال ينتسبون إلى التصوف وإلى ... .
ذكر الشيخ لبعض الضلالات التي ذكرها الشعراني عن الصوفية في كتابه الضال المسمى طبقات الأولياء .
الشيخ : ومن شاء أن يرى العجب العجاب في هذا المجال فعليه أن يرجع إلى كتاب طبقات الأولياء للشعراني الذي أعيد طبعه مرات ومرات لم يعد مثل عدد طباعته مثل صحيح البخاري ومسلم لأنه محشو بالأضاليل والأباطيل تحت عنوان الكرامات فهناك مثلا رجل يترجم وكل رجل هناك يترجم تبتدأ ترجمته بقوله ومنهم فلان بن فلان رضي الله عنه كل شخص يترجم هناك يترضى عنه ومنهم فلان بن فلان رضي الله عنه كان كذا وكذا ففي بعض هؤلاء المترجمين يقول وكان يقول تركت قولي للشيء كن فيكون عشرين سنة أدبا مع الله ناقض و منقوض الرجل أولا في ظاهر العبارة وصل مرتبة الربوبية وليس الألوهية فقط وإنما الربوبية حيث يقول للشيء كن فيكون وهذه الصفة لم يكفر بها العرب في الجاهلية الأولى كانوا يعتقدون أن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الله وحده لا شريك له ولكنهم أشركوا معه حينما عبدوا غيره أم نحن ففي كتبنا حتى اليوم هذه العبارة من كرامات ذلك الإنسان أنه كان يقول تركت قولي للشيء كن فيكون عشرين سنة أدبا مع الله فترى حينما كان يقول بزعمه للشيء كن فيكون كان مخلا بالأدب مع الله فما بال هذا الولي تارة يتأدب وتارة لا يتأدب لو لم يكن في هذا الكلام شيء من الكفر الصريح لكفى أنه ينقض بعضعه بعضا لأن الولي يتأدب مع الله في كل السنين أما هو فمرة يقول للشيء كن فيكون عشرين سنة ترك ذلك عشرين سنة أدبا مع الله وقبل ذلك وبعد ذلك كان غير متأدب مع الله! هذا فيما ذكر في كرامات هذا الإنسان وإنسان آخر يحكيه مؤلف الكتاب نفسه عن نفسه قال ذهب لزيارة رجل من الأولياء أدركه هو فوقف على الباب وإذا به يسمع صوتا من صوت من شرفة كأنه تلاوة قرآن فأصغيت إليه قال فإذا هو يقرأ قرآن غير قرآننا وختم ذلك بقوله اللهم أجعل ثواب ما تلوته من كلامك العزيز إلى شيخي فلان وشيخي فلان وإلى آخره فمن هذه الختمة أو هذه الجملة تأكد الشيخ نفسه أن هذا القرآن غير القرآن الذي بين أيدي المسلمين هذا يا جماعة مطبوع يطبع في مصر حيث هناك الأزهر الشريف طبع مرارا وتكرارا وماذا أحدثكم هذا مجال واسع واسع جدا ولو أن هذا صار في خبر كان لما كان لي أن أحدثكم بشيء من ذلك نقول انتهى أمره الحمد لله لكن يا إخواننا من عرف منكم فقد عرف ومن لا فنحن نعرف أن هذه الطامات لا تزال تمشي في عروق جماهير المسلمين اليوم وفيهم الخاصة وفيهم المشايخ .
ذكر قصة حول سخافات و خزعبلات الصوفية و كراماتهم وقعت في حلب .
الشيخ : كان هناك في حلب رجل فاضل أرادوا أن يوظفوه إمام مسجد فأرسلوا إليه لاختباره فسأله المختبر هل أنت تؤمن بكرامات الأولياء؟ سأل هذا السؤال لأنه تسرب إلى مسامعه أن هذا الإمام أو هذا المرشح للإمامية رجل كما يقولون اليوم وهابي يعني لا يؤمن بالكرامات المزعومة فأراد أن يمتحنه فكان لبيبا هذا الممتحن قال له مثل ماذا؟ قال له مثل ما حدثنا به شيخنا أن خطيبا صعد على المنبر فبينما هو يخطب فإذا به يكاشف تلميذا له بأنه حاقن يعني ... وهو جالس يسمع خطبة الشيخ وهو مخجول أنه ينسحب بين الملأ جميعا فيلفت أنظار الناس فما كان من الشيخ الخطيب إلا أن مد له يده هكذا وتعرفون جبب المشايخ واسعة وأشار له هكذا يقول فدخل التلميذ من كم الشيخ وإذا به يجد هناك بستانا وفيه مكان بيت الخلاء يعني فقضى حاجته ثم رجع وهو في مكانه قال له فأما هذه الكرامة والله لا أؤمن بها فهذا رجل فاضل الذي يمتحنه بهذه السخافة.
ذكر القصة التي وقعت للألباني مع رجل يدعى فيه الولاية .
الشيخ : أما أنا فأحدثكم عن قضية جرت لنفسي كنت منذ ثلاثين سنة أو أربعين سنة في دير عطية في حلب كنت هناك سامرا ساهرا وإذا بنا نسمع طرق النافذة لا الباب فخرج المضيف صاحب الدار لينظر من الطارق فنسمع إحتفاء ومبالغة في الإحتفاء بالرجل الطارق ولما نراه بعد أهلا وسهلا بأبو فلان فأنا والمجلس طلعنا نريد أن نرى من هذا الضيف الكريم فكانت مفاجأة لي منه ومني له لأنه الضدان اجتمعا الرجل أعرفه وممكن بعض الحاضرين الآن يشاركوني في المعرفة من أهل محلة العمارة هذا الذي دخل كان يجلس دائما وأبدا بجانب الركن الجنوبي الغربي من مسجد جامع الجوزي هي الساحة التي أمام دكانتي في رمضان يشرب الدخان علنا ثيابه رثة عيناه جاحظتان محمرتان الله أعلم من شرب الحشيش والدخان هذا الإنسان إذا بصاحب البيت يعتقد فيه الولاية ولذلك احتفى به احتفاءً بالغا والرجل لما دخل وفوجئ بي تظاهر بأنه أبله أو مجنون أو مأخوذ كما يقولون فأخذ يركع ويسجد بدون وعي ... .