تتمة القصة التي وقعت للألباني مع رجل يدعى فيه الولاية .
الشيخ : هذا الإنسان إذا بصاحب البيت يعتقد فيه الولاية ولذلك احتفى به احتفاء بالغا والرجل لما دخل وفوجئ بي تظاهر بأنه أبله أو مجنون أو مأخوذ كما يقولون فأخذ يركع ويسجد بدون وعي ويذكر كلام كما يقول النحاة جملة غير تامة لكن كلمات غريبة بيض و باذنجان وهيك كلمات بس ما ذكر أي شيء بس هيك خلط كلمات حينئذ افتتحت كلمة بقوله تعالى (( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) من هم ؟ (( الذين آمنوا وكانوا يتقون )) لهم البشرى الذي آمنوا وكانوا يتقون علقت على كلمة الإيمان والتقوى ولستم بحاجة إلى مثل هذا التعليق إذن الخلاصة أن الولي لله عز وجل هو المؤمن بالله إيمانا جازما بما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة والعامل بأحكام الشريعة أمرا واجتنابا، وبلا شك ما ابتدأت الكلام بمثل هذا إلا لأصل إلى ضيفنا هذا لأقول أن هناك ناس يتظاهرون بالولاية وقد يأتون بأمور خارقة للعادة فيظنها بعض الناس كرامات وإنما هي إهانات وتكلمت طويلا في هذا الصدد ثم سكت ففوجئت بكلام المضيف رجل عاقل قال والله يا أستاذ نحن كنا نعتقد هكذا مثل ما تقول أن الكرامة والولاية هي العمل بالكتاب والسنة الشاهد ليس هنا الشاهد فيما يحكيه هذا الرجل كيف طوّر عقيدته الصحيحة إلى العقيدة الباطلة بمجيء رجل كان من أهل القرية وعاش في الأزهر الشريف عشرين سنة أو نحو ذلك يرجع إليهم ويعلمهم خلاف الإسلام أن المهابيل هؤلاء أولياء الله ... قال كنا نعتقد أن هذا هو الإيمان وهذا هو الإسلام كما ذكرت حتى جاءنا هذا الشيخ قال فأخذ يحدثنا بحكايات وقصص تتلخص أن الله عز وجل له أشخاص سرّه فيهم إذا نظرتم إليهم ما يعجبكم لا عملهم ولا أقوالهم ولا أفعالهم لكن هؤلاء من كبار الأولياء هؤلاء الذين ترونهم هنا تاركين للصلاة لكن الصلوات الخمس بيصلوها في المسجد الحرام هذه كرامة لهم بتشوفوهم مفطرين يأكلون في رمضان لكن الحقيقة صائمين أنتم تشفوهم مفطرين من هذه المخاليق والأكاذيب لكن المهم القصة الآتية التي حكاها الشيخ الأزهري للجماعة فقلب أهل القرية إلى أمثال هؤلاء يؤمنون بالخرافات والأباطيل المخالفة للشريعة شو هذه القصة قال الشيخ الأزهري لأهل القرية في مجالسه كان هناك في ما مضى من الزمان رجل عالم فاضل وكان آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر وكان يحتسب فينزل إلى السوق فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى وقف ذات يوم على عطار وهو يبيع الحشيش المخدّر المحرّم فأنكر عليه ... قال الشيخ الأزهري لأصحابه فما كاد الشيخ ينكر على بائع الحشيش حتى سلب عقله وعاد كأنه بهيمة لا يفهم شيئا وكان أتباعه وتلميذته من حوله فأخذوه إلى داره وهو لا يعي شيئا كالدابة لكنهم أهمهم الأمر فأخذوا يتساءلون كيف العلاج من نسأل من نطلب معالجته إلخ ، قال فدلوا على رجل ذو الجناحين وهذه تساوي طامتها طامّتين ذو الجناحين يعني يعلم بالشريعة والحقيقة يعني علم الظاهر وعلم الباطن وهذا من الدسائس التي أدخلت في الإسلام ليتسن لأعداء الإسلام ... من الإسلام باسم الإسلام، شو هذا يا أخي؟ هذه حقيقة، الحقيقة شيء والشريعة شيء، شو هذا؟ هذا من علم الباطن، علم الباطن شيء وعلم الظاهر شيء فدلوا على رجل ذو الجناحين زعموا فجاؤوا إليه وقصوا عليه قصة العالم فسرعان ما قال لهم هنا العبرة ذاك بائع الحشيش هو رجل من كبار الأولياء ولذلك فعالمكم أصيب بسبب اعتراضه على ذلك الولي فأنا أجمع ... متناقضات في وصفه بالولي الحشاش بائع الحشيش هذه حقيقة أمره هو ولي وبائع حشيش فهذا الولي الحشاش هو من كبلر الأولياء عند هؤلاء الناس لذلك ذو الجناحين نصح طلبة العالم بأن يأخذوه و ... كالدابة إلى ذلك الولي الحشاش وأن يطلبوا منه العفو والمغفرة لعالمهم ويعتذرون عنه بالنيابة حتى تطيب نفسه وهكذا فعلوا وما كاد يطيب قلب الولي الحشاش على العالم العامل بعلمه ومثل اإنسان كان نايم واستفاق، ثم عرف العالم بطبيعة الحال مصيبته فاعتذر هو بدوره للولي الحشاش هذه قصة حكاها لي صاحب الدار عن شيخه شيخ القرية وأن مثل هذه القصص جعلت القرية تؤمن بمثل هذه الطامات هذه الخرافات.
الشيخ : إذا ... التصديق بمثل هذه الطامات والضلالات تصدر من ناس يفعلون شرا لكن هذا في الظاهر هذا فتح باب لأمثال هؤلاء الناس أنه إذا بعث فيهم الدجال أن يؤمنوا به لماذا لأنه يأتيهم بالكرامات بزعمهم ما حكوها عن أحد من أوليائهم يقول للسماء أمطري فتمطر شو بدّكم كرامة أعظم من هذه؟ نحن لا نسميها كرامة هذا أمر خارق للعادة لكن لما رأينا هذا الرجل يدّعي الربوبية كان ما صدر منه مما هو من خوارق العادات كان ذلك دليلا على أن هذه ليست كرامات وإنما هي مخابيل وتدجيل منه على الناس إذا الحكم الفصل بين الكرامة وبين الأمر الخارق للعادة الذي هو ... للناس أن ينظر للمصدر فمن كان مصدره وليا صالحا فهذا نؤمن بكرامته وهناك كرامات صحيحة وثابة عن بعض الصحابة وبعض السلف لا ننكرها أبدا لكن نحن ننكر مثل هذه الكرامات التي هي في الحقيقة إهانات أما أصل ثابت فنحن نؤمن بها وهي فصل من فصول خوارق العادات يشترك في الخوارق الصلح والطالح والمميز هو العمل الصالح فمن كان ذا عمل صالح فما صدر منه من خوارق فهي كرامة ومن كان عمله طالحا فما صدر منه من خوارق فهي ليست كرامة بل هي إهانة وحسبكم دليل على هذا ما ذكرنا لكم من خوارق العادات التي يجريها الله تبارك وتعالى على يدي الدجال والآن نقف هاهنا فقد طال الحديث وموعدنا في بقية الكلام على الفقرات من الحديث في الدرس الآتي إن شاء الله.
تتمة شرح حديث أبي هريرة الوارد ذكره في الترغيب والترهيب للمنذري من كتاب التوبة والزهد : وهو قوله : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم ". الكلام على قوله : (...أو الدابة ) .
الشيخ : لا نزال في حديث ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) تكلمنا على ... المتقدّمة طلوع الشمس من مغربها و الدخان و الدجال ثم قال عليه الصلاة والسلام ( أو الدابة ) ودابة الأرض هذه التي جاء ذكرها في القرآن الكريم (( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون )) هذه الدابة لم يأتِ في السنة الصحيحة شيء أكثر مما تضمنه هذا الحديث مع الآية المذكورة وجامع ذلك أنها آية من آيات قيام الساعة أما ما يذكر في بعض الكتب التي تجمع ما هب ودب من الحديث ما لم يصح منه وما يصح فلا ينبغي الإعتماد على شيء من ذلك فهاهنا مثلا في شرح للترغيب والترهيب في العصر الحديث يذكر أوصافا غريبة بناء على أحاديث ضعيفة مثلا يقول لها أربع قوائم وريش وجناحان وقيل لها رأس ثور وإلى آخره فكل هذه الأوصاف لا يصح شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما ألمحت إليه آنفا أنها من أشراط الساعة من ذلك مثلا ما صح عن النبي صلّى الله عليه وسلم ( ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها ولم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا طلوع الشمس من مغربها والدخان ودابة الأرض ) أيضا ليس في هذا الحديث أكثر من أنها أشراط الساعة الكبرى وفي حديث آخر جاء في ذكر طلوع الشمس والدآبة جاء فيه هذه الفائدة قال عليه الصلاة والسلام ( فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا ) فإن طلعت الشمس من مغربها قبل خروج الدابة فالدابة تتلوها أو العكس إن خرجت الدابة قبل طلوع الشمس فعقبها تطلع الشمس من مغربها هذا كل ما يمكن أن يقال في دابة الأرض وما سوى ذلك فهو رجم وظن لا يغني من الحق شيئا.
خطأ تفسير الكتاب والمعاصرين للدابة بأنها الجراثيم .
الشيخ : ومن هذا القبيل ما يجنح إليه كثيرا من الكتاب المعاصرين أو المفسرين المعاصرين يفسرون دابة الأرض تفسيرا يتناسب مع ضعف إيمانهم بالأمور الغيبية التي طالما لفتنا النظر إلى أن الإيمان بالغيب هو أول شروط الإيمان هو أول شيء يدل على أن هذا المسلم مؤمن بالله حقا لأنه استسلم لخبره الصحيح عنه كتابا أو سنة ولم ... عقله ولم يتبع هواه وإنما إتبع النص الذي جاءه عن الله ورسوله كثير من ىهؤلاء الكتاب لا يظهر فيهم هذا الإيمان مع الأسف الشديد ولذلك فهم يميلون دائما وأبدا إلى تأويل النصوص الغيبية التي لا تتوافق مع الحوادث الواقعية يميلون إلى تأويلها بأمر عادي فمثلا هذه الدابة أخرجنا لهم دابة هذه الدابة قالوا عبارة عن جراثيم وساعدهم على ذلك أن في الآية السابقة (( تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون )) تكلم الناس فسروا التكليم هنا بالتجريح جرح وهذا صحيح لغة ولكن علماء التفسير أولا والظاهر من النص ثانيا ليس بمعنى التجريح وإنما بمعنى المكالمة على أنه لم يفت بعض المفسّرين الأثريين الذين يعتمدون في تفسير القرآن على القرآن والأثر الصحيح كالحافظ بن كثير الدمشقي لم يفته هذا المعنى الذي ركن إليه بعض الكتاب المعاصرين واعتمدوا عليه وحصروا المعنى فيه تكلمهم يعني تجرحهم هذا المعنى قد ذكره الحافظ بن كثير لكنه قال لا مانع من تفسير التكليم في الآية بالمعنيين كليهما فهي تكلمهم تكليما وتحدثهم تحديثا وهي في الوقت نفسه أي تجرحهم تجريحا فيفسرون الدابة هنا بالجرثوم أو الميكروب لأن هذا أصبح معهودا معروفا يؤمن الناس به لا فرق في ذلك بين المؤمن والكافر، أما أن تبقى الآية والأحاديث التي وردت في أشراط الساعة على ظاهرها فهذا مما لا يتسع قلوبهم للإيمان به فإلى هذا ننبه بأن هذا من الإنحراف الذي أصاب كثير من المسلمين القدامى في تأويلهم لنصوص الكتاب والسنة ما دامت بعيدة عن منطقهم الخاص بهم فهذا خروج عن الوصف الأساسي في المؤمن الذي وصفه الله عز وجل في أول سورة البقرة فقال (( الذين يؤمنون بالغيب )) الإيمان بدابّة الأرض ككل أشراط الساعة يجب الإيمان بها دون أي تأويل الذي يؤدي بصاحبه إلى التعطيل والتعطيل معناه الجحد فالمكروبات موجودة منذ أن لم تعرف قبل أن يعرفها الناس فكيف يتحدث ربنا عز وجل بأن الله عز وجل يخرج للناس دابّة تكلمهم وهذه الدابّة بمعنى المكروب أو الجرثوم دائما تجرح الناس وتؤذيهم وقد تميتهم لذلك يجب أن يبقى هذا اللفظ المذكور في الآية وفي الحديث على ظاهرها فهي دابّة تدب على الأرض أما الأوصاف التي تذكر كما ذكرنا في بعض الكتب فلا يلتفت إليها لعدم ورود الأثر الصحيح فيها.
تتمة شرح حديث أبي هريرة في قوله : (... أو خاصة أحدكم )
الشيخ : ثم قال في الخصلة الخامسة من الستّ قال عليه السلام ( أو خاصة أحدكم ) يعني الموت الذي لا يفر أو لا يستطيع أن يفر منه أحد فهو خاص بكل إنسان ( بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها ... وخاصة أحدكم ) يعني الموت فعلى الإنسان إذا كان يستبعد مثلا لعلامات لم تظهر بعد أن تطلع الشمس من مغربها وأن تخرج الدابة أو الدجال إذا كان يستبعد هذا فهل يستبعد عن الموت وهو أمر لابد منه وقد كتبه الله عز وجل على كل مخلوق لا سيما البشر الذين قدر فيهم أن يكون عمرهم من أوساط الأعمار لا يتجاوز الستين والسبعين فإذاً على المسلم أن لا يتكل على ما قد يستبعده من خروج الدجال أو الدابة أو طلوع الشمس من مغربها فأمامه أمر لا مفر له منه وهو خاصة نفسه الموت لذلك على الإنسان أن يبادر الأعمال الصالحة قبل أن يُفجأ بهذا الموت الذي كتب على كل نفس حية.
تتمة شرح حديث أبي هريرة في قوله : (... أو أمر العامة )
الشيخ : وأخيرا الخصلة السادسة في هذا الحديث ( أو أمر العامة ) أمر العامة هو الموت الذي يشمل عامة الناس ألا وهو كناية عن قيام الساعة فقيام الساعة تأتي بعد تلك الخصال التي ذكرت في الحديث بإستثناء الموت الخاص بالإنسان فهذا يأتيه قبل أن تقوم الساعة إن بعض الوعّاظ يقولون إن من مات فقد قامت قيامته وهذا صحيح لأنه بموته انتهى كل شيء فإما أن يكون سعيدا وسيلقى جزاء عمله الصالح أو شقيا على العكس من ذلك. الخلاصة من هذا الحديث واضح جدا وهو أن لا يركن الإنسان إلى هذه الدنيا وأن لا يفتتن به وأن لا يلتهي بها على ما يجب أن يتدارك نفسه قبل أن يفجأ بشيء من هذه الأمور الستة وأقربها إليه الموت الذي سمي في القرآن باليقين.
شرح قول المصنف رحمه الله : " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه : ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك ) رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما ".
الشيخ : وفي نحو هذا الحديث حديث ابن عباس وهو بعد حديث ذكره المصنف وهو ضعيف أما حديث ابن عباس فهو صحيح وهو قوله وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ) رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما في هذا الحديث نصائح عظيمة جدا الفقرة الأخيرة منها هي أقرب ما تكون لما نحن فيه حيث قال عليه السلام ( وحياتك قبل موتك ) فإذا جاء الموت انقطع العمل كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( إذا مات ابن آدم -وفي رواية- الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فالمسلم السعيد الذي يتعظ بما وعظه به رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفيد ذكرى من مواعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يكون غافلا عنها كلها أو جلها أو بعضها فاسمعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يعظنا بقوله ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك ... ) نحن نجد مع الأسف الشديد عامة الشباب اليوم لا يعملون بهذه النصيحة بل يعكسونها ويقلبونها إنهم يأملون أن يعيشوا حياة طويلة وأن يتداركوا في كهولتهم بل في شيخوختهم ما يفوتهم من الطاعة ومن القيام بالواجبات في حالة شبابهم وأصبح أمرا معتادا أن يسمع أحدنا الشخص يقول للآخر بكير عليك ... خاصة فيما إذا تلحى باللحية التي فرضها الله عز وجل على كل مسلم فيبادرونه ويثبطونه ويصرفونه على المبادرة إلى طاعة الله في مثل هذا الأمر هذا أمر ظاهر لكن هناك أشياء أخرى نعرف آباء كثر يجدون بعض أبنائهم يبادرون إلى الصلاة وإلى المساجد وهم بعد لم يبلغوا سن التكليف أنت صغير أين ذاهب الدنيا مطر فبيثبطوه تثبيطا فظيعا جدا ولولا قوة إيمان هذا الشاب لاستجاب لتثبيط أبيه هو صغير هكذا يفعلون اليوم أما الذين استجابوا لموعظة الرسول عليه السلام حين قال ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك ) فقد كانوا على عكس ما نحن عليه اليوم تماما.
ذكر قصة عبد الله بن عمرو بن العاص التي تدل على زهده وشدة عبادته، والنهي عن الغلو في الدين .
الشيخ : ولعل الكثيرين منكم يذكر قصة عبد الله بن عمرو بن العاص حينما زوجه أبوه، عبد الله بن عمرو بن العاص كان شابا لما زوجه أبوه عمرو بفتاة من قريش وذات يوم يسأل ولده كنته زوجة ابنه عن حالها مع زوجها فقالت له بعبارة لطيفة قالت إنه لم يطئ لنا بعد فراشا يعني أنه تزوج لكنه ما تزوج لأنه فراشنا ما وطئه بعد لماذا؟ لأنه يصوم الدهر ويقوم اليل فمتى يتفرغ لزوجته ولاشك أن مثل هذا الخبر يزعج الوالد سواء من الناحية الدينية أو من الناحية الشخصية لأنه زوجه ليحصنه وأن يريحه ومن الناحية الشرعية لا يجوز للمسلم أن يهتم بالعبادة أكثر مما شرع الله عز وجل وأن ذلك غلو في الدين وقد قال رب العالمين في كتابه الكريم (( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق )) لا تغلوا وقد وصف الرسول عليه السلام شيئا من الغلو في حال كأن المسلمين فهموا من ذلك الوصف عكس ما أراد الرسول عليه السلام ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج حجة الوداع واقترب في إفاضته من المزدلفة إلى منى من منى قال لابن عباس ( التقط لي سبع حصايات مثل حصى الخذف ) وأشار ويقول العلماء أن ذلك مثل الحمصة الكبيرة وقال عليه السلام بهذه المناسبة لابن عباس ( وإياكم والغلو في الدين إنما أهلك الذين من قبلكم غلوهم في دينهم ) فماذا يفعل الناس اليوم حينما يرمون الجمرات؟ نرى العجب العجاب! الرسول صلى الله عليه وسلم وجه المسلم أن يلتقط حصايات صغار لأن المقصود ليس هناك محاربة مادية وإنما هي محاربة معنوية روحية فلذلك أوصى بعدم تكبير الحصاة ثم لعلها تصيب رؤوس كثير من الذين اجتمعوا حول الجمرة وهذا يقع كثيرا فإذا كانت الحصاة كبيرة فقد تؤذي من أصابته اليوم نرى حول الجمرة النعال متراكمة بعضها فوق بعض لأن الجهال من المسلمين لم يتأدبوا بأدب الدين فهم يتصورون أن هناك شيطان فعلا واقف ينتظرهم ليرجموه وإن الحقيقة ليس كذلك وإنما هناك مكان خرج فيه الشيطان لأبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام فرماه في الجمرة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر المسلمين من الغلو في الدين حتى في تكبير الجمرة ففي العبادة قيام الليل وصيام الدهر هذا من باب أولى أن ينهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فلما سمع عمرو من كنته ما سمع شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمرو فإما لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما أرسل إلي قال ( بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء ، قال: فقد كان ذلك يا رسول الله قال فإن لنفسك عليك حقا ولجسدك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك -أي الذي يزورك- ولضيفك عليك حقا ) ثم أخذ عليه الصلاة والسلام يضع له منهاج يلتزمه في حياته كلها لا يزيد على ذلك فهو كان يصوم الدهر كله قال له ( صم من كل شهر ثلاثة أيام والحسنة بعشر أمثالها فكأنما صمت الشهر كله ) فماذا كان الجواب هنا الشاهد قال " يا رسول الله إني شاب إن بي قوة إني أستطيع أكثر من ذلك " هو يقول عكس ما يقول الناس اليوم تماما يقول حرمتني في شبابي أن أضيع وقتي في أقل من هذه العبادة التي أنا قائم بها ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام يرى ما لا نرى كما قالت السيدة عائشة له حينما قال لها عليه السلام ( يا عائشة هذا جبريل يقرؤك السلام قالت وعليه السلام يا رسول الله ترى ما لا نرى ) أنت تقول لي هذا جبريل يقرؤك السلام وعليه السلام ونصدقك بما تقول لأنك ترى ما لا نرى فإذا كان الرسول عليه السلام يرى بالبصر ما لا نرى فهو أولى أن يرى بالبصيرة ما لا نرى بها ولذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يرى عاقبة مبالغة عبد الله بن عمرو في عبادته وقد حدث ذلك فعلا فلما قال بن عمرو " إني شاب إن بي قوة إني أستطيع أكثر من ذلك " قال له عليه الصلاة والسلام صم كذا حدد له نظاما آخر قال إني شاب أستطيع أكثر من ذلك يعيد نفس الكلام السابق وأخيرا قال له عليه الصلاة والسلام ( صم يوما وأفطر يوما فإنه أفضل الصيام وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام وكان لا يفر إذا لاقى قال: يا رسول الله إني أريد أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك ) هذا من حيث صيام الدهر لم يرضه له الرسول علسه الصلاة والسلام وإنما أعطاه صياما هو يساوي فعلا نصف الدهر وأجرا كل الدهر وهذا هو الكسب الحقيقي ومن حيث إحياء الليل كله الذي كان يفعله قال له عليه الصلاة والسلام ( إقرئ القرآن في كل شهر مرة ) فعاد إلى كلمته السابقة قال يا رسول الله إني شاب إن بي قوة إني أستطيع أكثر من ذلك حتى قال له عليه الصلاة والسلام أخيرا ( اقرئ القرآن في ثلاث ) في ثلاث ليالي ( فمن قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه ) وعلى هذا انفصل بن عمرو من النبي صلى الله عليه وسلم وهو من الناحية العاطفية الدينية غير راضٍ لكنه يعلم قول ربنا في القرآن الكريم (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) فسلّم ثم أخذت الأيام تمضي وتمضي حتى أسن وشاخ فكان يقول يا ليتني كنت قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي اقرأ القرآن في كل شهر مرة يا ليتني قبلت منه أول مرة قال لي بالنسبة للصيام صوم من كل شهر ثلاث أيام ولي صيام الشهر كله من حيث الأجر يا ليتني قبلت ذلك منه، هكذا كان السلف الصالح الذين ندعوا نحن دائما إلى الإقتداء بهم لأنهم كانوا استجابوا لله وللرسول بحق أما نحن فخيرنا من لا يساوي أقلهم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) وما ذلك إلا لإخلاصهم لله عز وجل وطاعتهم واستسلامهم استسلاما كاملا وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
شرح أحاديث من الترغيب والترهيب للمنذري من كتاب التوبة والزهد : قال المصنف رحمه الله : " وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقتربت الساعة ولا تزداد منهم إلا بعدا ) رواه الطبراني ورواته محتج بهم في الصحيح والحاكم وقال صحيح الإسناد ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعدا ) ".
الشيخ : قال المصنف رحمه الله والحديث هو الخامس والعشرون وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقتربت الساعة ولا تزداد منهم إلا بعدا ) رواه الطبراني ورواته محتج بهم في الصحيح والحاكم وقال صحيح الإسناد ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعدا ) هذا الحديث حديث حسن وله لفظان كما رأيتم واللفظ الثاني هو أتم من اللفظ الأول لفظا ومعنى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقتربت الساعة ) وهذه الجملة كما تعلمون جميعا مأخوذة من نص القرآن الكريم (( اقتربت الساعة وانشق القمر )) وسيأتي في حديث لاحق إن شاء الله هذه الآية بتمامها (( اقتربت الساعة وانشق القمر )) لكن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر هنا الجملة الأولى من الآية فقال ( اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعدا ) إذا كان أحدكم عنده ... ولا يزدادون أي الناس الذين ذكروا صراحة في سياق الحديث حيث قال عليه السلام ( اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعدا ) والقصد من الحديث واضح وهو أن مع كون الساعة قد اقتربت كما أخبر به ربنا عز وجل في الآية الناس على خلاف هذا الإنذار الذي أنذرهم الله عز وجل به حين قال (( اقتربت الساعة )) فهم بدل أن يهتموا بوقوع قيام الساعة وهذا الإهتمام يجب الإستعداد للموت قبل نزوله وبدل هذا الإٍستعداد ماذا يفعل الناس لا يزدادون على الدنيا إلا حرصا أي كأنما الساعة ابتعدت عنهم ولم تقترب منهم ولذلك في الرواية الأولى حين قال ( اقتربت الساعة ولا تزداد منهم إلا بعدا ) يعني في تصرفهم في عدم استعدادهم لقيام الساعة وكأنما الساعة عندهم لا تزداد إلا بعدا لذلك هم لا يهتمون وإنما يهتمون على عكس ما يستلزمهم هذا الإنذار الرباني في قوله (( اقتربت الساعة )) من الإستعداد للموت بالعمل الصالح فهم على خلاف ذلك لا يزدادون إلا حرصا على الدنيا وجمعا لها وتكالبا عليها وبذلك فهم لا يزدادون من الله إلا بعدا فيجب أن يعلم كل مسلم أن الله عز وجل حينما يخبرنا باقتراب الساعة ودنو أشراطها الصغرى فضلا عن الكبرى فإنما يعني من ذلك إنذار الأحياء أن تدركهم الساعة قبل أن يتوب التائب منهم وقبل أن يرجع التقي عن عمله الطالح إلى العمل الصالح فمعنى قول الله عز وجل (( اقتربت الساعة )) بمعنى استعدوا لها فالساعة قريبة لكن الناس أي أكثر الناس كما جاء في هذا الحديث ( إقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعدا ) هذا حديث حسن كما قلنا.
شرح قول المصنف رحمه الله : " وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) رواه البخاري وغيره ". وبيان المراد بإطلاق عبد الله في السند وأنه ابن مسعود.
الشيخ : أما الذي بعده فهو حديث حسن وهو قوله وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) رواه البخاري وغيره عبد الله هنا هو عبد الله بن مسعود وهي في الغالب قاعدة إذا أطلق عبد الله في كتب الحديث المتأخرة المقصود به ابن مسعود من بين العبادلة الأربعة المشهورين من الصحابة على رأسهم هذا عبد الله بن مسعود ثم عبد الله بن عمر بن الخطاب ثم عبد الله بن عمرو بن العاص ثم عبد الله بن عباس فأكبرهم سنا وقدرا وفقها وعلما هو عبد الله بن مسعود من أجل ذلك اصطلحوا على أنهم إذا أطلقوا عبد الله فالمقصود به بن مسعود لكن هذه القاعدة لا ينبغي التزامها في كتب الحديث التي هي أصول السنة والتي هي تروي الأحاديث بأسانيدها إلى الصحابة القاعدة هنا تختل ولا تطرد بل ولا نظام لها وإنما يتميز عبد الله من هؤلاء الأربعة بالنظر إلى الراوي عن أحدهم فإذا كان الراوي مثلا عن عبد الله مطلق في الراوية مثل علقمة أو بن الأسود أو غيرهما من الكوفيين فهو عبد الله بن مسعود وإذا كان الراوي مثلا عن عبد الله مطلق في إسناد آخر أو حديث آخر مثل نافع مثل سالم ... ذلك عبد الله بن عمر لأن نافع يكون مولاه وسالم يكون ابنه وإذا كان الراوي عن عبد الله غير هؤلاء مثل عطاء بن أبي رباح المكي وغيره فهو عبد الله بن عباس وهكذا يعرف عبد الله في الأسانيد بالنظر إلى الراوي عنه أما حينما يأتي علماء الحديث فيقتصرون الأسانيد ويجمعون الأحاديث في الكتب المختصرة فإذا قالوا عن عبد الله فإنما يعنون به بن مسعود ابن مسعود هذا رضي الله عنه روى لنا هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) هذا ... الذي كان قريب من الجنة وقريب من النار قريب من الجنة بعمله الصالح وقريب من النار بعمله الطالح وقد فسر بعض العلماء هذا القرب باعتبار أن العمل صالحا كان أو طالحا فإنما هو صفة قائمة بذات الإنسان فصحيح حين ذاك أن هذا السبب الذي هو العمل الصالح أو ضده هو أقرب منه من شراك نعله وشراك النعل لعله لا يخفى عليكم جميعا المقصود به سير النعل هكذا فسره بعض الشراح لكن يبدو لي أن لا حاجة بنا إلى مثل هذا الشرح لأنه في ظني أن الأحاديث تفسر بعضها بعضا هناك الحديث الصحيح في البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) هذا القرب هو الذي أشار الرسول عليه السلام في هذا الحديث الذي نحن الآن في صدد التعليق عليه وقريب منه حديث قد يفيد كثيرا أو قليلا من الحاضرين الذين يكون حالهم عادة بعد انصرافهم أو بعد سلام إمامهم من صلاة الفرض أن ينصرفوا فورا مسرعين خارجين من المسجد على طريقة كثير من الناس ممن يمثلهم ذلك الأعرابي الذي جاء للرسول صلى الله عليه وسلم يسأله عما فرض الله عليه فلما أخبره بالصلوات الخمس المفروضة وصوم رمضان قال " هل علي غير ذلك؟ " قال ( لا، إلا أن تطوع ) قال " يا رسول الله والله لا أزيد عليهن ولا أنقص " قال ( أفلح الرجل إن صدق )( دخل الجنة إن صدق ) فكثير من الناس يقنعون بمثل هذا الإقتصاد وهذا الإقتصار في العبادة لله عز وجل على الفرائض فقط دون السنن ودون النوافل المستحبات فيجب أن نعلم أن هذا وإن كان جائزا شرعا فهو طريق القانعين المقتصدين بأقل العمل من جهة ثم ينبغي أن يكون حريصا على أداء هذه الأعمال الفريضة المقصورة القليلة على وجه التمام والكمال بحيث أنه لا يكون قد قصّر في شيء منها فيخشى في نهاية المطاف عليه لأنه ما أدّى الفرائض التي أوجبها الله عليه إذا كان قد قصر في بعض أركانها وشروطها لذلك كان من السنة حث الناس جميعا على الإعتناء بالسنن أيضا ليس فقط الفرائض على مذهب ذلك الأعرابي لأن ليس الناس ممكن أن ... عليهم أنهم إذا قالوا قولا وفوا به وإذا عاهدوا عهدا أيضا وفوا به فقد يخلون فلابد أن يكون عندهم شيء من الإحتياطي يسد مسد تلك الفائت من الفرائض وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه حقيقة التي يجب على شبابنا اليوم بصورة خاصة أن يتنبهوا لها وأن يعدوا عدتها حينما قال ( أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإذا تمت فقد أفلح وأنجح وإذا نقصت فقد خاب وخسر ) وفي حديث أبي هريرة ( فإذا نقصت قال الله عز وجل لملائكته انظروا هل لعبدي من تطوع فتتموا له به فريضته ) الفريضة قد تكون ناقصة كما أو كيفا فيسدد هذا النقص على حساب هذا الفرض التطوع الذي هو من العبادات الإحتياطيّة لذلك لا يحسن بنا أن نكون متسرعين في الخروج أو في الإنصراف بعد سلام الإمام من الصلاة وإنما علينا أن نأتي بكثير أو قليل من أذكار والأوراد التي جاءت فيها فضائل خاصة من ذلك ما كنت في صدد أن أورد لكم كتفسير من بعض الأحاديث الأخرى لحديث ... قال عليه الصلاة والسلام ( من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه أن يدخل الجنة إلا أن يموت ) ما معنى هذا الحديث أي سيدخل الجنة ما فيه شيء يمنعه من دخول الجنة إلا بقاءه حيا فإذا مات دخل الجنة هذا الحديث كتفسير لحديثنا هنا ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) إذا بيت القصيد من هذا الحديث في فقرتيه إنما هو الحث على العمل الصالح ففيه يدخل الإنسان إلى الجنة والنهي عن العمل الطالح فبه يدخل صاحبه النار والعياذ بالله تعالى الحديث الذي بعده وهو حديث حسن عن سعد بن أبي وقاص السائل : ... . الشيخ : حسن الذي قبله وحسن الذي بعده
شرح قول المصنف رحمه الله : " وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أوصني قال : ( عليك بالإياس مما في أيدي الناس وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر وصل صلاتك وأنت مودع وإياك وما يعتذر منه ) رواه الحاكم والبيهقي في الزهد وقال الحاكم واللفظ له صحيح الإسناد ".
الشيخ : وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله أوصني قال ( عليك بالإياس مما في أيدي الناس وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر وصل صلاتك وأنت مودع وإياك وما يعتذر منه ) هذا الحديث فيه حكم عديدة يقول في تخريجه رواه الحاكم والبيهقي في الزهد وقال الحاكم واللفظ له صحيح الإسناد هذا رجل جاء للنبي صلى الله عليه وسلم يستوصه يطلب منه وصية تبقى في ذهنه أبد حياته وفي بعض الروايات قال له وأوجزني بوصية وهذا رجل عاقل فأوجز له الرسول عليه الصلاة والسلام في الوصية فقال له ( عليك بالإياس مما في أيدي الناس ) يعني يجب على المسلم أن يكون تعلقه دائما بالله تبارك وتعالى وأن يكون راضيا فيما عنده من خير وأن يقطع أمله من الناس أن ... أو أن يغنوه فإن الله عز وجل هو وحده الغني الحميد هذا بطبيعة الحال لا يعني أن لا يتخذ الإنسان الأسباب ولكن يعني شيئا طالما غفل الناس اليوم لغلبة المادية الأوروبية الغازية للمسلمين في عقر دارهم وهو أنهم يهتمون بالأسباب أكثر من اهتمامهم بتوكلهم على رب الأرباب سبحانه وتعالى فيظل الإنسان اليوم إلا من شاء الله وقليل ماهم يهتم بالأسباب كأنه هو الكل في الكل لا يفكر في باله أبدا أن هذه الأسباب قد لا تفيده شيئا وبالأولى والأحرى أنه لا يفكر في باله أنه هو حينما يتخذ الأسباب يتخذها لأن الله عز وجل أمر بها وليست لأنها سببا فقط ويجب أن نفرق بين الأمرين هناك فرق واضح بين من يتخذ السبب الذي هو موصل إلى المسبب عادة لأنه سبب وبين من يتخذ السبب سببا لأن الله عز وجل أمره بالأخذ بذلك السبب فرق كبير جدا الأمر الأول عادة الماديين الكفار أو أشباههم من الضالين والمنحرفين من المسلمين الأمر الآخر هو طبيعة المسلم يأخذ بالسبب إذا كان الله عز وجل أمر به أو على الأقل أذن له به ليس لأنه سببا فقط وما حصيلة هذا التقرير ذلك لأن الأسباب من حيث كونها أسبابا لمسببات تنقسم شرعا إلى قسمين أسباب مشروعة وأسباب غير مشروعة المسلم حينما يجد هناك سببا ... لكنه يعلم أن الله عز وجل نهى عنه فهو لا يتخذه سببا ولو كان هو في واقع الأمر سببا كونيا ولكنه ليس سببا شرعيا هذا التقرير مع أن الأمر واضح من الناحية العلمية الشرعية ولكنه مع الأسف الشديد أمر يكاد يكون ... .