خطبة الحاجة .
شرح كتاب الترغيب والترهيب : الترغيب في الحجامة ومتى يحتجم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من احتجم لسبع عشرة من الشهر كان له شفاء من كل داء, رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم . ورواه أبو داود أطول منه قال من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء .
وهذا في الواقع شيء قد يستغربه الناس أي حسن وعلى شرط مسلم فيجب أن يُعلم هذا من الناحية الحديثية يجب أن نعلم أن مراتب الحديث حتى في الصحيحين ليست كلها في مرتبة واحدة في الصحة، ففي الصحيحين ما هو الصحيح لذاته وما هو الحسن لذاته بل وفيهما وصحيح بل وحسن لغيره.
وهذا الحديث من قسم الحسن لذاته ولا شك أن الحديث حسن لذاته هو حجّة عند العلماء بل حتى ولو كان حسنا لغيره، لذلك فهذا الحديث من الأحاديث التي ينبغي الاهتمام بروايتها وبفهمها ثم بتطبيقها لمن لزمه الأمر، ذلك أن في هذا الحديث حضّ على الحجامة في أيام معيّنة، في أيام بعد نصف الشهر الشهر العربي سبعة عشر وتسعة عشر.
وهذا التعيين وكون الحجامة المأمور بها في هذا الحديث أو الذي حضّ عليه في هذا الحديث في هذه الأيام هو بلا شك عبادة وسرّ من أسرار الشريعة، قد أقول قد لا يمكن للمسلم بصورة عامة بل وربما للعلم بصورة خاصة، قد لا يتوصّل لمعرفة كنه وسر هذا التخصيص لفائدة الحجامة في هذه الأيام.
وليس هذا التخصيص بالأمر الغريب الغير معروف في الشريعة فأنتم مثلا تصلون في كل يوم خمس صلوات مختلفة الركعات عددا وكيفية من حيث السر ومن حيث الجهر ومع ذلك فنحن نصلي دون أن نتردد في هذا التطبيق المختلف عدده، كذلك هنا نسمع الرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول ( من احتجم لسبعة عشرة من الشهر كان له شفاء من كل داء ) في الرواية الأخرى رواية أبي دواد ( من احتجم لسبعة عشرة وتسعة عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء ) فهذا التخصيص بهذه الأيام المفردة هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها ولا يجوز أبدا أن ننتظر العلم التجرُبيّ حتى يشهد لهذا الطب النبوي بأنه صحيح وأنه شفاء ومفيد، لا يجوز هذا إسلاميا إطلاقا، ولئن كان بعض ضعفاء الإيمان يترددون في قبول كثير من الأحاديث الصحيحة والتي هي أقوى من حديثنا هذا قد يكون من المتفق عليه بين الشيخين ومما تلقاه علماء المسلمين جميعا للقبول.
إن كان في بعض الشباب اليوم من يشك في مثل هذه الأحاديث فهذا بلا شك ضعف في الإيمان وضعف في العلم بالإسلام، فلا ينبغي مثل هذا التوقّف أبدا لأنه يفتح للمسلم المتوقّف باب الشك ليس في الحديث فقط بل وفي القرأن الذي هو الأصل الأول من أصلي الشريعة الإسلامية، لأنكم تعلمون جميعا أن القرأن الكريم لا يُمكن فهمه إلا من طريق السنّة فإذا بدأ الشك في إنسان ما، في هذه السنّة لا شك أنه واصل إلى الشك في القرأن نفسه لأنه أولا لا يُمكن فهم القرأن كما قرّرنا ذلك مرارا وتكرارا إلا من طريق السنّة، فإذا شك شاك ما في سنّة ما أودى ذلك به إلى أن يشك في نفس القرأن الذي لا يُفسّر إلا بالسنّة وثانيا لأن في القرأن أمورا فوق العقل ولا أقول مخالفة للعقل، فوق العقل بحيث أن العقل لا يستطيع أن يُحيط به ويعجز عن إدراك السر فيه.
في القرأن شيء من هذا شيء كثير لا سيما مما يتعلق بالأمور الخارقة للطبيعة وبالتعبير الأحسن المخالفة للسنن الكونية التي وضعها الله عز وجل وعرّفنا بها فتأتي بعض الأمور على خلاف هذه السنن فإن لم نؤمن بها على اعتبار أن الله عز وجل أخبر بها في القرأن الكريم فقد دخل الشك في القرأن ومعنى ذلك هو الكفر بعينه في القرأن.
لذلك فباب الشك في القرأن هو الشك في السنّة ولا أتصوّر مسلما مؤمنا كامل الإيمان لا يشك بشيء من نصوص القرأن وفي الوقت نفسه يشك في كثير من نصوص السنّة، هذان أمران لا يجتمعان أبدا، فكل من شك في السنّة من الناحية العقلية من الناحية المنطقية فلا شك أن ذلك يوصله إلى الشك في القرأن نفسه.
وأكبر مثال على ذلك ما أشرت إليه أنفا من ما يعرف عند العلماء بالمعجزات والمعجزات هي من الأمور الخارقة للعادة أي إن العادة لم تجر على ذلك، الناس يشكون فيها إلا من كان مؤمنا بالله عز وجل حقا، كثير من الناس قديما وحديثا لما كانت تضيق عليهم عقولهم بالإيمان بمثل هذه النصوص التي تتضمّن أمورا خارقة للعادة كانوا ولا يزال أمثالهم يحاولون تأويلها، مثلا معجزة شق البحر لموسى عليه الصلاة والسلام ومروره هو مع جنده من بني إسرائيل كأنهم ينطلقون في أرض معبّدة حتى إذا ما خرج أخر رجل من بني إسرائيل للشط الثاني عاد البحر فانطبق على فرعون وجنده، هذه من الأمور الخارقة للعادة جدا جدا لا مثيل لها ولا يُعرف لها مثال في الدنيا، بماذا تأوّله المنكرون بمثل هذه المعجزة، قالوا هذا عبارة عن عملية المد والجزر للبحر الطبيعي.
فكل إنسان يعرف أن المد والجزر للبحر لا يصير بهذا النظام وبهذه السرعة، الأن كان البحر على سجيته سطح من الماء في لحظة واحدة انفلق فلقتين ويجري هذا الجيش العرمرم وما يخرج كما قلنا أخر جندي إلا ينطبق على جنود فرعون، هذا ليس أمرا طبيعيا فيما إذا أردنا أن نعامله بالجزر ومد البحر، لما دخل الجيش جيش موسى عليه السلام انجزر ولما خرج أخر رجل من بني إسرائيل مد وعاد، هذا أيضا أمر غير طبيعي.
لذلك فلا مجال من التسليم بكل أمر خارق للعادة ثبت النص بهذا الشرط لا مناص ولا مجال من التسليم بكل أمر خارق للعادة ثبت النص به إما بالكتاب أو في السنّة الصحيحة حتى يكون المسلم مؤمنا أول شرط من شروط الإيمان كما قال الله عز وجل في القرأن (( هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب )) هذا أول شرط أن تؤمن بكل ما غاب عن عقلك، سواء كان أمر مادي طبيعي كهذه الأمثلة الخارقة للعادة أو كان القضية علمية كهذا المثال الذي نحن فيه، أن الشفاء اليوم التاسع عشر مثلا هذا فيه شفاء أيام فيه شفاء من كل داء وسنشرح الداء هنا، أي هذا أمر لا يعرفه العقل أولا ولم يدخل في التجربة العلمية الطبية الأن فيما علمت أنا.
ولذلك فنحن بصفتنا مسلمين يجب علينا أن نؤمن بهذا الذي أخبر به الرسول عليه السلام لأنه كما قال (( لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) .
( من احتجم لسبعة عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء ) فسر العلماء هاهنا الداء تفسيرا يخصصه بما كان سببه هو هيجان الدم وانحباسه في البدن، فلا يُفهم الحديث هنا ( شفاء من كل داء ) كما هو في شأن بعض الأحاديث التي أخبر فيها الرسول عليه السلام مثلا كالحبة السوداء فيها شفاء من كل داء، فهذا على الإطلاق وعلى عمومه، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم تأكيدا لهذا العموم في الحبة السوداء استثنى فقال إلا السام إلا الموت ( الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا الموت ) أما هنا فقال ( شفاء من كل داء ) ففهم العلماء أن الداء الذي تُفيد فيه الحجامة وبصورة خاصة في هذه الأيام المفردة فإنما هو الداء الذي سببه كثرة الدم وتهيّجه في صاحبه.
لذلك لو كان هناك مثلا كما ذكرنا في درس مضى لو كان هناك حجّامون لا يزالون يتعاطون هذا الطب النبوي، يُنصَحون بأن ينصحوا زبائنهم بأن يختاروا من أيام الشهر القمري السبعة عشر والتسعة عشر والواحد والعشرين، هذا أنفع من الحجامة في الأيام الأخرى.
ثم هذا الحض في هذا الحديث إنما هو فيما لو أراد الإنسان أن يحتجم من باب ليس الضرورة وإنما من باب الاحتياط لأنه الحجامة على نوعين، حجامة يضطر الإنسان إضطرارا لغلبة الدم وهيجانه في بدنه فيضطر أن يتعاطى الحجامة، هذا في أي يوم فعله فهو جائز ومفيد بإذن الله عز وجل لكن إذا كان ليس هناك ضرورة في الاستعجال فالمستحب أن يختار هذه الأيام لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم خصّها بأنه يحصل الشفاء فيها.
العيد عباسي : يا إخوان ما أمكن قدر المستطاع يا إخواننا.
الشيخ : في نفس هذا الحديث في رواية بل روايتين هما من الأحاديث الضعيفة في ذلك فجنّبناها أو فجنّبناهما فمن كان عنده نسخة من الترغيب فليعلِّم على ذلك.
الأن عندنا حديث أخر وهو أخر حديث ثابت في هذا الباب وفيه بيان أن هناك أياما بعينها مخصصة للشفاء.
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من احتجم لسبع عشرة من الشهر كان له شفاء من كل داء, رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم . ورواه أبو داود أطول منه قال من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء . أستمع حفظ
وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما قال له يا نافع تبيغ بي الدم فالتمس لي حجاما واجعله رفيقا إن استطعت ولا تجعله شيخا كبيرا ولا صبيا صغيرا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة وتزيد في العقل وفي الحفظ واحتجموا على بركة الله يوم الخميس واجتنبوا بالحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد تحريا واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب وضربه بالبلاء يوم الأربعاء فإنه لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء أوليلة الأربعاء رواه ابن ماجه عن سعيد بن ميمون ولا يحضرني فيه جرح ولا تعديل عن نافع وعن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع ويأتي الكلام على الحسن ومحمد . ورواه الحاكم عن عبد الله بن صالح حدثنا عطاف بن خالد عن نافع قال الحافظ عبد الله بن صالح هذا كاتب الليث أخرج له البخاري في صحيحه واختلف فيه وفي عطاف ويأتي الكلام عليهما .
هنا كلام طويل للمصنف والخلاصة أن هذا الحديث مداره على محمد بن جُحادة لو كان هذا الحديث محصورا بطريق واحد طريق مثلا سعيد بن ميمون هذا الذي يقول فيه المصنف لا يحفظ فيه جرحا ولا تعديلا لكان الرجلا مجهولا ولكان الحديث بالتالي ضعيفا لا يحتج به لكن الحقيقة أن هذا الحديث له طرق عديدة إلى محمد بن جُحادة ومحمد بن جُحادة هو في نفسه ثقة احتج به الشيخان وقد تكلّمت على هذه الطرق في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" هناك البيان لقوة هذا الحديث.
بعد ذلك يورد المصنف حديثين أحدهما ضعيف والأخر موضوع ولذلك نتنكّبهما أيضا.
وبهذا الحديث الذي رواه بن عمر ينتهي باب الترغيب على الحجامة وأعيد عليكم الحديث هذا ليستقر على الأقل معناه في أذهانكم ( الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة وتزيد في العقل وفي الحفظ واحتجموا على بركة الله يوم الخميس واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد تحرّيا واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب وضربه بالبلاء يوم الأربعاء فإنه لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء ) الدرس الذي بعده في الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها.
ما قلت لكم في أحاديث في في مو بعد حديث أبي هريرة؟ بعد حديث أبي هريرة، قلت لكم في حديثين من بعد حديث أبي هريرة بدءً عن قوله في رواية ذكرها رزين إلى أخره كلاهما ضعيف.
4 - وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما قال له يا نافع تبيغ بي الدم فالتمس لي حجاما واجعله رفيقا إن استطعت ولا تجعله شيخا كبيرا ولا صبيا صغيرا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة وتزيد في العقل وفي الحفظ واحتجموا على بركة الله يوم الخميس واجتنبوا بالحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد تحريا واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب وضربه بالبلاء يوم الأربعاء فإنه لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء أوليلة الأربعاء رواه ابن ماجه عن سعيد بن ميمون ولا يحضرني فيه جرح ولا تعديل عن نافع وعن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع ويأتي الكلام على الحسن ومحمد . ورواه الحاكم عن عبد الله بن صالح حدثنا عطاف بن خالد عن نافع قال الحافظ عبد الله بن صالح هذا كاتب الليث أخرج له البخاري في صحيحه واختلف فيه وفي عطاف ويأتي الكلام عليهما . أستمع حفظ
الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها والترغيب في دعاء المريض : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس . رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وفي رواية لمسلم حق المسلم على المسلم ست قيل وما هن يا رسول الله قال إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ورواه الترمذي والنسائي بنحو هذه .
5 - الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها والترغيب في دعاء المريض : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس . رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وفي رواية لمسلم حق المسلم على المسلم ست قيل وما هن يا رسول الله قال إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ورواه الترمذي والنسائي بنحو هذه . أستمع حفظ
هل الأخذ من الدم وهو الفصد هو كالحجامة ؟
الشيخ : لا لأنه هذا لا يصح لأنه هذا الأخذ الذي ... به نقله إلى بعض من فقدوا شيئا من دمائهم، هذا تقريبا أخذ عام والحجامة إنما هي للحاجة ومن الأمور التي يذكرها العلماء الدارسون لهذه القضية أن الحجامة إنما يحتاجها أهل البلاد الحارة، أما أهل البلاد الباردة فإن، فقد يحتاجونها في أيام الصيف إذا كان عندهم حر شديد لذلك فسحب الدم كما يُصنع اليوم، هذا أولا ليس له علاقة بالحجامة وثانيا هذا يؤخذ من العرق أي ليس يؤخذ من مجموع العروق وال، ما أدري إيش يسمونها العروق الدقيقة هذه الأطباء؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
السائل : الأوعية.
الشيخ : أوعية نعم، فهذا هذا هو الحَجام، هذا أقرب شيء يكون ما يفعلون اليوم بالفصد والفصد أيضا له علاقة بالطب الذي يسمونه بالطب العربي لكني لا أذكر إن كان جاء في الطب شيء من ذلك فالفصد وهو قص العرق وسحب الدم منه بيُتعاطى في بعض الأمراض الخاصة، فالدم الذي يؤخذ اليوم في سبيل تغذية الأخرين به، هذا أقرب ما يكون الفصد منه إلى الحجامة، لذلك فلا علاقة له بالحجامة مطلقا لكل ... التي ذكرناها.
حديث : ( السلام على النبي... ) في التشهد هل هو من تغيير الصحابة أنفسهم لحديث : ( السلام عليك أيها النبي ) أو هو عن توقيف ؟
العيد عباسي : هنا سؤال في كتاب الصلاة ذكرتم حديث، الحديث المروي عن الصحابة وكيفية تشهد الصحابة وقد غيروا صيغة السلام عليك إلى السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، كيف لنا أن نوفّق الأمر الثاني بالأول علما بأن الدعوة السلفية منهجها الأخذ بالقرأن والسنّة وفهم الصحابة لهما؟
الشيخ : كأن السائل فهم أن الصحابة غيّروا النص الذي تلقّوه من النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الذي هو بصيغة الاختصاص ( السلام عليك أيها النبي ) كأنه فهم أنهم غيّروه من عند أنفسهم، وهذا ما نُبرِّأ به أقل الناس فهما للسنّة حتى لو كان خلفيّا سلفيّا أعني حتى لو كان من الخلف الذين يتبنّوا مذهب السلف، لا نتصوّر رجلا من المتأخّرين يفقه أن الأوراد توقيفية يتجرأ على أن يُغيِّر حرفا واحدا في ورد تلقاه عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم بالأسانيد فكيف نتصوّر صحابيا واحدا كمثل، لا سيما إذا كان مثل ابن مسعود يقدم على تغيير نص تلقاه من النبي صلى الله عليه وأله وسلم مباشرة.
هذا الخاطر يجب أن لا يخطر على بال السائل أو غيره أبدا وإنما يقول العلماء في مثل هذا إن ذلك الذي فعلوه هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ومعنى التوقيف أي أن الرسول عليه السلام هو الذي ألمح وأشار إليهم أن هذا هو في حياتي، أما بعد وفاتي فتتكلّمون بصيغة الغيبة ليس على صيغة الحاضر فتقولون في التشهد السلام على النبي.
ونحن نعرف بُعد الصحابة عن الابتداع بصورة عامة وبعدهم عنه في الأذكار بصورة خاصة وبالأخص منهم عبد الله بن مسعود الذي جاء النص الصحيح في البخاري عنه أنه قال : ( علّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة وكفّي بين كفّيه، كفي بين كفيه ) كناية عن اهتمام المعلم بالمتعلم بتلقينه ما هو في طريق تعليمه إياه.
قال ابن مسعود : ( علمني رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم التشهد وكفّي بين كفّيه التحيات لله ... التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) قال ابن مسعود بعد أن ذكر النص الذي لقّنه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وكفُّه بين كفّي الرسول صلى الله عليه وسلم قال ونحن بين ظهرانيه وهو بين ظهرانينا ) يعني علّمه أن يقول هذا وهو بين ظهرانيهم يعني وهو حيّ معهم عليه الصلاة والسلام قال : ( فلما مات قلنا السلام على النبي )، ما قال هو قلت وحاشاه أن يقول كما قلت لكم أنفا، حاشاه أن يتصرّف في مثل هذا النص الذي تلقّاه من الرسول مباشرة وبهذا الاهتمام الذي عبّر عنه بقوله ( وكفّي بين كفّيه ) وإنما ذلك مما فهمه في أثناء التلقين لذلك قال في هذا الحديث ( وهو بين ظهرانينا فلما مات قلنا ) ما قال قلت، ليس هو يقول من عند نفسه شيئا في وجه فيه نص الرسول عليه السلام وهو يعلم أن تعليم الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو وحي من الله، هو وحي من الله والذين يجهلون هذه الحقيقة أو يغفلون أو يتغافلون عنها هم في الواقع في خطأ كبير جدا، الذين يتقدّمون إلى أوراد الرسول عليه السلام وإلى أذكاره فيزيدون فيها ما شاؤوا من الزيادات لا يتصوّرون أبدا أنهم يزيدون على الوحي، لا يخطر في بالهم هذا.
وهذا في الواقع تفريق خبيث لا يتنبّهون له بين الله ورسوله، تفريق خبيث بين الكتاب والسنّة، بين ما جاء في الكتاب وما جاء في السنّة وإلا هل يجرأ أحد هؤلاء أن يزيد في نص القرأن حرفا واحدا من أجل إشباع نهمته وغلوّه في حبيبه محمد صلى الله عليه وأله وسلم مثلا، هل يقول أحدهم حين قال الله (( محمد رسول الله والذين معه أشداء )) إلى أخره هل يقول أحدهم محمد سيدنا محمد رسول الله ما أحد يقول هذا، إيه ... يقل لك هذه زيادة على القرأن ما بيجوز، إيه وزيادة على ما ليس من القرأن وهو وحي أيضا أيضا لا يجوز لكنهم يفرّقون كما قلت لكم بجهلهم.
كذلك ما يقول أحدهم محمد صلى الله عليه وأله وسلم رسول الله لأنه هذا زيادة على النص فنحن معشر الذين ينتمون إلى السلف لا نفرّق بين الله ورسوله أبدا، لا نفرق بين كتاب الله وحديث رسول الله، بين تعليم الله وتعليم رسول الله كلاهما يصدران من مشكاة واحدة هي مشكاة الوحي من السماء.
لذلك لما علّم النبي صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب وِرْد الاضطجاع حين النوم ( اللهم إني أسلمت نفسي إليك ) من ذلك لما علّم النبي صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب ورد الاضطجاع حين النوم ( اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك أمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيّك الذي أرسلت قال له إذا أنت قلت ذلك ومت من ليلتك مت على الفطرة ) فهذا الدعاء البراء بن عازب بين يدي الرسول عليه السلام ليتمكّن من حفظه، لما وصل إلى قوله الأخير ( أمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك ) إيش قال هو "وبرسولك الذي أرسلت" بدل أن يقول ( وبنبيك الذي أرسلت ) قال "وبرسولك الذي أرسلت" فصده الرسول عليه السلام ورده عن ذلك وقال له قل ( وبنبيك الذي أرسلت ) لو سألنا هؤلاء المغيّرين المبدّلين في أذكار الرسول عليه السلام، هل هناك فرق يُفقد المعنى الذي جاء به الرسول عليه السلام في هذا الوِرد بين تعليم الرسول الذي هو ( وبنبيك الذي أرسلت ) وبين ما أخطأ فيه براء فقال "وبرسولك الذي أرسلت" هل هناك فرق؟ لو لم يكن محمدا عليه السلام رسولا وكان نبيّا فقط ففي تغيير المعنى لأنه الرسول أعمّ من النبي، كل رسول نبي وليس كل نبيّا رسولا لكن نبيّنا عليه الصلاة والسلام هو ليس فقط رسول بل هو خاتم الأنبياء والرسل جميعا، فحينما قال البراء "وبرسولك الذي أرسلت" ما خالف الواقع أبدا لكنه خالف التعليم النبوي، يا إخواننا انتبهوا لهذا، كل شيء هو أنه خالف تعليم الرسول إياه، أما المعنى فما فيه تغيير تماما.
لذلك قال له قل ( وبنبيك الذي أرسلت ) على هذا جرى الصحابة وذكرتُ لكم مرارا بمثل هذه المناسبة عن كثير من الصحابة كيف كانوا يفرّون من أن يعدِل الرجل عن لفظ الرسول إلى لفظ من عنده، فهناك مثلا في مسند الإمام أحمد أن سعد بن أبي وقاص سمع رجلا يقول في تلبية الحج " لبيك ذا المعارج " قال له وهذا من حكمة الصحابة أيضا في إنكار المنكر قال إنه لذو المعارج ولكن ما هكذا كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كنا نقول ( لبيك اللهم لبيك ) إلى أخر التلبية المعروفة، قال له لبيك ذي المعارج هو ذي المعارج لكن التلبية ما كانت في عهد الرسول عليه السلام، وأبدع من هذا أيضا في أسلوب الإنكار قصة ابن عمر التي ذكرتها لكم أكثر من مرة أيضا سمع رجلا عطس فقال الحمد لله والصلاة على رسول الله، قال وأنا أقول معك الحمد لله والصلاة على رسول الله ولكن ما هكذا علّمنا رسول الله قل الحمد لله رب العالمين، كأنه القضية الأن تتكرّر تماما لكن مع الأسف دون أن يكون هناك متجاوبين مع مُنكرين، هذه الزيادة اليوم في عباداتنا تأتي بصور عديدة وأشهرها الزيادة في الأذان، الصلاة على الرسول عليه السلام كما قال ابن عمر وأنا أقول معك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن ما هكذا علّمنا، فهكذا الصحابة والأثار عنهم كثيرة جدا جدا كانوا يتورّعون أن يأتوا بتغيير للفظ الرسول عليه السلام.
ومن أشهرهم في ذلك وأدقّهم صاحبنا صاحب حديث التشهد الذي علّمه الرسول إياه وكفّه بين كفّيه ألا وهو عبد الله بن مسعود حيث روى الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح معاني الأآثار بالسند الصحيح عن ابن مسعود أنه كان إذا علّم أصحابه التشهّد يأخذ عليهم بالحرف الواحد يعني إذا مثلا زاد حرف أو نقص حرف يقل له لا ارجع وقلها كما تلقّيتها عن الرسول عليه السلام.
فهل نتصوّر مثل هذا الصحابي لو كان وحده هل نتصوّره يأتي إلى التعليم الذي لقّنه الرسول عليه السلام إياه مباشرة ( السلام عليكم أيها النبي ) فيأتي ويعدل منه إلى السلام على النبي دون أن يكون عنده تعليم وتوجيه من الرسول عليه السلام ... حاشاهم من ذلك ... وليس هو في الميدان وحده، هو ... وإلا لا فيقول فلما مات الرسول صلوات الله وسلامه عليه قلنا يعني نحن معشر الصحابة ( السلام على النبي ) فلذلك تأكيدا لهذا المعنى الذي رواه لنا ابن مسعود بصورة الجمع قلنا السلام على النبي، جاء هذا التشهد مع اختلاف الألفاظ كما هو مذكور في كتاب الصلاة عن السيدة عائشة ب"السلام على النبي"، جاء عن عمر بن الخطاب في موطأ مالك "السلام على النبي" وهكذا.
ومن هذا نقول هو كتاب وإجماع من الصحابة ذهبوا إليه ليس استيرادا منهم وتغييرا للنص كما يتبادر من سؤال السائل وإنما هذا من توقيف من الرسول صلوات الله وسلامه إياهم.
وما أبدع هذا الأمر حين إذا عرفنا اليوم غلوّ الناس في دعاء المرتى والاستعانة بغير الله عز وجل وكأن النبي صلى الله عليه وسلم أومأ وأشار إلى هؤلاء الصحابة من باب سدّ الذريعة إنه أنا إذا مت قولوا "السلام على النبي" ذلك لأن كثيرا من الناس اليوم يتوهّمون أوهام كثيرة منها أن الموتى يسمعون الموتى جميعا، يتوهّمون، كثير من الناس اليوم إذا ما قلنا جلّهم أن الموتى يسمعون، فمن باب أولى تمييزه سيّد المسلمين جميعا محمد عليه السلام يسمع من باب أولى فما بالكم إذا كان الرسول هو لا يسمع، هو لا يسمع حتى الصلاة عليه وهو أفضل ما يقال في حقّه عليه السلام أن يسمع استغاثة المستغيثين به من دون الله عز وجل أن يسمع توسّل المتوسّلين به من دون الله عز وجل، الصلاة على الرسول لا يسمعها هو وقد يستغرب بعضكم ممّن لم يطرق سمعه مثل هذا الكلام من قبل، كيف الرسول عليه السلام لا يسمع الصلاة عليه؟ نعم اسمعوا حديث الرسول عليه السلام الذي قد تسمعونه وهو ( أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني ) اسمعوا قال ( فإن صلاتكم تبلغني ) ما قال اسمعها، قالوا كيف ذاك وقد أرمت؟ قال ( إن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) ويُوضِّح هذا التبليغ ( فإن صلاتكم تبلغني ) وفي حديث أخر ورُوِيَ أيضا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( إن لله ملائكة سيّاحين يبلّغوني عن أمتي السلام ) ( يبلّغوني عن أمتي السلام ) فإذًا الرسول عليه السلام إذا صلّى أحدنا عليه لا يسمع هذا الكلام كما يتوهّم جميع الناس تقريبا وإنما هناك ملائكة مخصّصين موظّفين من رب العالمين لينقلوا سلام المصلّين عليه إليه صلوات الله وسلامه عليه.
فإذا كان عليه الصلاة والسلام لا يسمع فإذًا نحن نخطابه حيث جاء الخطاب فقط كما نخاطب الموتى نقول الأن ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ) لكن إلى أخر الدعاء المعروف، لكن هذا لا يعني أننا نخاطب من يسمع، الموتى لا يسمعون بنص القرأن ونصّ السنّة.
ولقد شرحت هذا شرحا وافيا في مقدمتي لكتاب " الأيات البيّنات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات " نقدّم ... هناك فمن شاء منكم رجع إليها للتوسّع في هذا الموضوع.
خلاصة القول " السلام على النبي " هذا توقيف من النبي للصحابة وليس تغييرا منهم وحاشاهم من مثل ذلك وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.