حديث : ( اليدان تزنيان وزناهما المس والعينان تزنيان وزناهما النظر ) هل النظر من الكبائر ؟
الشيخ : زنا الفرج هذا مش ... على كل الناس لأن هذا من المحرمات ومن الكبائر كذلك هناك أحاديث كثيرة تشير أيضا إلى أن هذه الوسائل من النظر والسمع والمس ونحو ذلك هي ليست من الكبائر في ذلك حديث ذلك الرجل الذي انطلق ليصلي فنظر امرأة في الطريق واصطدم رأسه بالجدار وهو ينظر إليها ثم ذكر للرسول عليه السلام بعد الصلاة ما فعل فقال ( هل صليت معنا قال نعم ) فأنزل الله عز وجل (( إن الحسنات يذهبن السيئات )) وغير ذلك من نصوص لا أستحضرها الآن، فالنظر ونحو ذلك هو من الصغائر وليس من الكبائر أما الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة هذا أمر يقال ويورد في بعض النصوص والأحاديث ولكن ليس هناك حديث صحيح يمكن أن نجعله حجة في هذه الدعوة ولذلك فنحن لا نقول إن الإصرار على الصغيرة تتحول هذه الصغيرة بسبب ذلك كبيرة لا نستطيع أن نقول هذا لكن من الناحية النفسية الناحية النفسية ممكن أن الإصرار على الصغيرة يؤدي إلى الكبيرة هذا من باب ربط الوسائل بالغايات هذا ممكن إنه يؤدي إلى الكبيرة أما إنسان استمر طيلة حياته ينظر ويسمع و وإلى آخره لكنه جاهد نفسه ومنعها أن يقع في الجرم الأكبر فيموت هذا مرتكبا للكبيرة هذا ما لا نص فيه كما قلنا والله أعلم.
ما صحة حديث وفد عبد القيس لما قدموا كان فيهم غلام ظاهر الوضاءة فأجلسه خلف ظهره وقال إنما كانت خطيئة داود النظر , وأثر عمر لما رأى رجلا يجلس إليه المردان فنهى عن مجالسته ؟
السائل : ما يتعلق بذلك قال روى الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم كان فيهم غلام ظاهر الوضاءة فأجلسه خلف ظهره وقال إنما كانت خطيئة داود النظر عن الفتاوى الكبرى وروي أن رجلا كان يجلس إليه المردان فنهى عمر رضي الله عنه عن مجالسته ولقي عمر شابا فقطع شعره لميل بعض النساء إليه ما صحيح هذه الأخبار؟ الشيخ : يهمنا من هذه الأخبار ما نسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وهو الحديث الأول أو الخبر الأول " إنما كانت خطيئة داود من النظر " فهذا الحديث موضوع لا أصل له وهو من حصة كتابي سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ويكفي مبدئيا أن يعلم طالب العلم عدم صحة هذا الحديث هو أنه وقف راويه أو مسنده فيه على الشعبي والشعبي ليس صحابيا وإنما هو تابعي فإذا روى التابعي حديثا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وافترضنا أن السند إلى التابعي صحيح لا يكون الحديث إلا ضعيفا، ذلك لأن من شرط الحديث الصحيح عند علماء الحديث أن يكون متصل الإسناد وواضح جدا أن قول التابعي قال رسول الله أنه ليس كذلك وإنما هو منقطع على أن في السند إلى الشعبي ضعف أو أكثر من ضعف بطبيعة الحال لا أستحضره الآن وإنما التفصيل حيث أشرنا إليه آنفا ثم هذا الحديث مع ضعفه وبطلانه يشير إلى تلك القصة الإسرائيلية التي نستعظم أن تنسب إلى مسلم عادي فضلا عن أن ينسب إلى نبي كريم هو داود عليه الصلاة والسلام تلك القصة التي نقرأها في كتاب قصص الأنبياء وغيره اللي تتلخص إنه داود عليه السلام كان له قصر جميل وكان هناك في بستانه بحيرة وإذا به يرى امرأة تغتسل هناك فرأت المرأة ظل داود عليه السلام يطل على البحيرة فغطت بدنها بشعرها فازدادت جمالا على جمال فعشقها داود عليه السلام فدفعه عشقه إلى أن يسأل عن زوجها قيل له فلان القائد في جيشه فأرسل جيشا لقتال الأعداء زعموا وأمر هذا الزوج زوج المرأة ويزعمون أن اسمها أوريا أمر على ذلك الجيش زوج تلك المرأة فذهب وجاهد ورجع منصورا فلم يزل يرسله المرة بعد المرة حتى قتل وخلا له الجو وتزوجها إلى آخر القصة مصنوعة طبعا قصة خيالية لكن لا يخفاكم ما فيها من نسبة ما لا يليق بمثل هذا النبي الكريم فلو ربطنا بين هذه القصة وبين هذا الحديث لوجدنا أن المبطل واحد لذلك فلا يصح هذا الحديث أما الآثار التي ذكرها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهي آثار وذكرت لكم مرارا وتكرارا ليس هناك مجال لدراسة كل الآثار التي تروى عن كل الصحابة على طريقة علماء الحديث لأننا نحن وأعني بنحن يعني المشتغلين بعلم الحديث منذ القرون الأولى إلى اليوم ما فرغنا بعد من تصفية الأحاديث الصحيحة من الضعيفة والضعيفة من الصحيحة حتى نتوجه إلى تصفية الآثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم ولكن يمكن أن يقال أن هذه الآثار معانيها مقبولة ومعانيها تنسجم مع قاعدة مشروعة وهي قاعدة سد الذريعة فإذا افترضنا أن هناك شاب جميل وضيء الوجه وله شعر جمة يعني طواليه شاليش وبيسرحوا وبيعتني في نفسه فبيفتتنوا فيه النساء ممكن أن يتخذ الحاكم بالشرع مش الحاكم بالهوى ممكن يتخذ معالجة لمشكلة قد تقع بسبب رؤية النساء لمثل هذا الشاب هذا ممكن لأنه باب سد الذريعة باب واسع جدا أما هل وقع هذا أو لم يقع فالله أعلم. سائل آخر : يمكن الجزم بنسبته إلى الصحابة؟ الشيخ : ممكن إيش؟ سائل آخر : الجزم بنسبة هذا الأمر. الشيخ : لا لا يمكن الجزم بس نريد أن نصلي مين يؤذن
الشيخ : أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر رواه البخاري ومسلم في حديث تقدم في المسألة ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة مختصرا : ما رزق الله عبدا خيرا له ولا أوسع من الصبر . وقال صحيح على شرطهما .
الشيخ : وهو قوله رحمه الله وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( ومن يتصبر يصبره الله ) هكذا الحديث لأنه قطعة ( ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر ) رواه البخاري ومسلم في حديث تقدم في المسألة أي في الزكاة ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة مختصرا ( ما رزق الله عبدا خيرا له ولا أوسع من الصبر ) وقال صحيح على شرطهما هذان حديثان أحدهما من حديث أبي سعيد الخدري وهو متفق عليه بين الشيخين والآخر من حديث أبي هريرة تفرد بإخراجه دونهما الحاكم في المستدرك حديث أبي هريرة هو حديث طويل أو فيه بعض الطول كان أورده المصنف رحمه الله في باب النهي عن المسألة يعني السؤال والشحاتة في كتاب الزكاة وهناك يقول الحديث أن بعض الأنصار جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسألونه أي شيئا من العطاء والمال فأعطاهم الرسول عليه الصلاة والسلام ثم سألوه فأعطاهم أيضا وهكذا في المرة الثالثة سألوه فأعطاهم ثم وعظهم الرسول عليه الصلاة والسلام بما يصرفهم عن أن يعودوا إلى السؤال المذكور مرة أخرى إلا لضرورة ملحة فقال عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة ( من يستعفف يعفه الله ثم قال ومن يتصبر يصبره الله ) فالشاهد أن هذه الفقرة التي ذكرها المؤلف هاهنا من الحديث لها صلة واضحة بباب الترغيب في الصبر.
فائدة خلقية تربوية و هي : أن الأخلاق جبلية فطرية و مكتسبة .
الشيخ : لكن نلاحظ بأن هذا الحديث لم يقل ومن يصبر وإنما قال ومن يتصبر يصبره الله وهنا فائدة شرعية خلقية تربوية كما يقولون اليوم هذه الفائدة هي أن الأخلاق منها ما هي جبلية فطرية ومنها ما هو كسبي وباجتهاد من المكلف ولاشك أن كثيرا من الناس يجبلون ويفطرون على كثير من الأخلاق الطيبة الحسنة كالصبر وكالجود والكرم وكالشجاعة ونحو ذلك من الأخلاق الحسنة الصالحة ولكن ليس معنى ذلك أن القضية متوقفة على الحظ وعلى الفطرة والجبلة فقط وإنما هناك أيضا مجال بأن يكتسب المسلم من هذه الأخلاق مالم يرزق منها فضلا من الله عز وجل وخلقا منه لهذا الإنسان عليها مباشرة فهذا الحديث جاء ليلفت النظر إلى هذه الحقيقة فهو يقول ومن يتصبر يصبره الله أي ومن يتطلق ويتكلف أن يحمل نفسه على الصبر فالله عز وجل يعينه على ذلك ويصبره لذلك لا ييأس الرجل إذا ما لاحظ من نفسه ضعفا ما في خلق ما فيقول إن الأخلاق مقسومة كالأرزاق مثلا لأننا سنقول هذا كلام صحيح لكن ذلك لا ينفي أبدا أن يتعاطى المسلم الأسباب التي يقوي بها في نفسه الأخلاق الحسنة التي أمر الشارع بها ولعل الحديث المشهور والصحيح الإسناد ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) فيه لفتة نظر لطيفة إلى هذه القضية وإلا ما فائدة هذا البعث إذا كانت القضية مربوطة بالأشخاص الذين فطروا وجبلوا فقط هؤلاء الذين فطروا على الأخلاق الحسنة وجماهير الناس يذهبون هكذا سدى وهباء منثورا لأنه لا سبيل لهم إلى أن يتخلقوا بالأخلاق الصالحة الجواب الأمر ليس كذلك فالله عز وجل قد فطر الناس بلا شك على طبائع وعلى أخلاق لكنه تبارك وتعالى لكمال ربوبيته أيضا جبلهم وفطرهم على ما به يتمكنون من إصلاح ما بهم من خلق سيء ولولا هذا لم يكن هناك فائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب لأن كل إنسان سيقول أنا وما فطرت عليه من خير أو شر هذه المسألة تماما لها علاقة بالسعي وتعاطي الأسباب كالمسألة الأخرى والتي هي أهم ألا وهي مسألة القضاء والقدر التي شغلت العلماء قديما وحديثا علماء شرعيين أو فلاسفة دهريين وأمثالهم فكثير من هؤلاء حتى من علماء الشرع فهموا من القدر ما يساوي الجبر وأن الإنسان لا يملك شيئا من التصرف إطلاقا وإنما هو القدر أي بزعمهم الجبر الأمر ليس هكذا وإنما هناك سعي من الإنسان وإرادة وكسب بهذه الإرادة وهذا الكسب جاءت الأحكام الشرعية لتقول افعل ولا تفعل ومن ذلك اصبر (( فاصبر وما صبرك إلا بالله )) فلو كان الإنسان لا يستطيع مثلا أن يصبر إلا إذا كان قد فطر وجبل على الصبر لم يكن لمثل هذا الأمر فائدة بل كان ذلك من باب من تكليف مالا يطاق وتكليف مالا يطاق هو باب مغلق ليس له أصل في الشرع إلا بعض الناس الذين انحرفوا في العقيدة فتصوروا ربهم تبارك وتعالى في عزته وفي كبريائه جبارا يفعل ما يشاء دون حكمة ودون أي عدل هكذا تصوّروه وأهل السنة الذين وفقهم الله تبارك وتعالى لفهم هذه المسألة الخطيرة مسألة القضاء والقدر فهما لا يتعارض مع النصوص ولا مع مبادئ الأخلاق يقولون إن الله عز وجل بلا شك (( فعال لما يريد ))(( لا يسأل عما يفعل )) ولكن هذا لا ينبغي تفسيره أن يقال (( فعال لما يريد )) أي يظلم لأنه (( فعال لما يريد ))(( لا يسأل عما يفعل )) لأنه جبار ليس فوقه من يأخذ بيده ويمنعه عن تصرفه ليس تأويل مثل هذه الآيات سبيله هذا التأويل وإنما معنى (( فعال لما يريد )) ولا يريد بعباده إلا الخير ولايريد لهم إلا الإيمان كما قال في صريح القرآن (( ولا يرضى لعباده الكفر )) كذلك قوله عز وجل (( لا يسأل عما يفعل )) ليس معنى ذلك أنه لأن لا أحد يستطيع أن يعترض سبيله لكن الحقيقة أن الله عز وجل لأنه في كل ما يفعل ففعله لا يتجرد عنه سائر صفاته ومنها الحكمة فهو حينما يفعل شيئا فالحكمة مقترنة بهذا الفعل كذلك العدل وتنزه الله عن الظلم كل ذلك يقترن أيضا بتصرفاته تبارك وتعالى وأفعاله بعباده فحين ذاك معنى قوله عز وجل (( لا يسأل عما يفعل )) أي ليس هناك مجال يسأل سبحانه وتعالى عما فعل لأنه ما فعل إلا عين الحكمة وعين العدالة فمثل ما يقال في موضوع القضاء والقدر يقال أيضا في موضوع الأخلاق فلا يجوز أن نتصور أن التربية الأخلاقية لا تفيد شيئا لأن القضية تعود إلى الفطرة وإلى الجبلة فقط وإلا معنى هذا كمعنى فهم الجبر من القدر تعطيل فائدة إرسال الرسل وإنزال الكتب، إذا قيل الإنسان مجبور إذا لماذا يقال إن الله عز وجل لكل العباد افعل لا تفعل والإنسان مجبور كذلك لماذا نؤمر بأن نتخلق بالأخلاق الحسنة ومنها الصبر إذا افترضنا ألا سبيل إليه إلا من فطر عليه فجاء هذا الحديث لتأكيد هذه القاعدة الأخلاقية وهي أن الإنسان باستطاعته أن يخلّق نفسه بالأخلاق الصالحة ومن هذا القبيل أيضا الحديث المشهور وهو حديث حسن لغيره وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) كل هذا يدخل في هذا الباب هنا يقول ( ومن يتصبر يصبره الله ) وهناك يقول ( إنما الحلم بالتحلم ) أي لا ييأس الإنسان إذا لم يرزق حلما أنه لا سبيل له إلى هذا الحلم لأنه من الممكن بالتريض ومعالجة الإنسان لنفسه أن يخلّق نفسه ببعض الأخلاق الصالحة التي لم يفطر ولم يجبل عليها ومن هذا المبدأ المدعم بالقرآن وبالسنة كما ترون نستطيع أن نفهم بطلان حديث من حيث إسناده وإن كان من حيث متنه وإن كان من حيث إسناده ضعيفا ذلك الحديث الذي يقول " إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوا " لو كان هذا الحديث صحيحا لعطل تنزيل الكتب وإرسال الرسل والأمر بالتخلق بالأخلاق الحسنة وبالتصبر وبنحو ذلك من الأخلاق ما دام أن الأمر صدقوا إذا سمعتم بزوال جبل من مكانه ولا تصدقوا إذا زال رجل عن طبعه وعن خلقه إذا كل المبادئ وكل الشرائع لا قيمة لها وحاشاه أن يكون الأمر كذلك فإذا في هذا الحديث لفتة نظر كريمة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا المبدأ الخلقي وهو أن المسلم ولو لم يكن صبورا فطرة فباستطاعته أن يصبر نفسه فلا يتعلل بقوله والله أنا ضيق الصدر هيك الله خلقني إي الله خلقك هيك ما خلقك لتبقى هكذا وإنما خلقك لتجاهد نفسك كما أن الإنسان من الناحية المادية ممكن أن نضرب على هذا مثلا من الناحية المادية لو أن الإنسان ترك نفسه كما خلقه الله عز وجل فالله عز وجل فرض على الإنسان نوعا من الحياة لكن هناك أشياء ما هي مفروضة عليه أريد أن أقول أن الإنسان يأتي من بطن أمه صغيرا لا يدري شيئا ثم ينشئ ويكبر ويكبر هذا مفروض عليه شاء أم أبى ولكن نجد الناس بمحض اختيارهم كل فرد منهم ينحوا منحى في هذه الحياة يختار مهنة أو صنعة أو نحو ذلك مما هو مباح وأحيانا مما ليس مباحا فنجد رجلا مثلا قوي العضلات وآخر هزيلها فنحن لا نستطيع أن نقول أنّ الأول هكذا خلقه الله على العكس من ذلك الأول كالثاني تماما كلاهما خلقوا على وتيرة واحدة وعلى طبيعة واحدة لم يلد مولود وله عضلات ولا كبر الولد وصار عمره أربع خمس سنوات وله عضلات وإنما لما بيبدأ بيعقل الحياة وبيعقل فوائد الرياضة مثلا والتمارين والحركة والذهاب والمشي وإلى آخره فبعض الناس يتخذون هذه الوسائل ولاسيما وهي مباحة فيقوى بذلك جسمهم ويصبح هذا الجسم منيعا أمام كثير من الأمراض والأوباء على خلاف الشخص الآخر وهو مثل الأول من حيث الجبلة يبقى من حيث جسده هزيلا ضعيفا ليس عنده من الصبر ما عند ذاك من تحمل المشاق والأمراض ونحو ذلك فكيف هذا؟ الأول تعاطى الأسباب فتقوى بها جسده والآخر أهمل هذه الأسباب فبقي كما هو هذا مثال تقريبي كيف يمكن للمسلم أن يقوي أيضا فيه النواحي الأخلاقية بأن يمرن نفسه على ذلك لهذا قال عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث ( ومن يتصبر يصبره الله تبارك وتعالى ) وإذا لاحظنا سبب ورود الحديث الذي أحال المصنف عليه في كتاب الزكاة وذكرناه لكم آنفا فهو يقول لهؤلاء الذين سألوه أول مرة فأعطاهم وثاني مرة فأعطاهم وثالث مرة فأعطاهم يقول لهم لو أنكم صبرتم لكان خيرا لكم ماذا سيصيبكم لو لم تسألوني المرة والمرة الثانية والثالثة هل تموتون جوعا؟ لا إذا من يستعف يعفه الله أي قد لا يكون الإنسان بطبيعته عفيفا هذه أيضا خصلة جميلة وحسنة في الإنسان لكن ما كل إنسان يرزقها فإذا ما جاهد نفسه وعفها عن السؤال بغير ضرورة فالله عز وجل يعفه أي يساعده على أن يصبح مع الزمن عفيفا كذلك ومن يتصبر يصبره الله تبارك وتعالى أي يتكلف هو الصبر عن مثل هذا السؤال لأن السؤال كما كان مضى معنا قديما في كتاب الزكاة ليس مستحسنا إلا للضرورة فلعل الكثير منكم يذكر أن أفرادا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم أبوبكر منهم أبو الدرداء أو أبوذر بايعوا الرسول صلوات الله وسلامه عليه على أن لا يسألوا الناس شيئا على ألا يسألوا الناس شيئا مطلقا ذلك لأنه كما يقال في بعض الأخبار " السؤال ذل ولو أين الطريق " لذلك كان هؤلاء الصحابة الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ألا يسألوا الناس شيئا كان أحدهم إذا كان راكبا على ناقته فسقط السوط من يده ورجل أمامه يمشي معه في الطريق صدفة أو على اتفاق سابق لا يقول له من فضلك ناولني السوط أعطني الكرباج وإنما ينيخ ناقته لو أنه راكب حمار صغير أو غير ذلك ... أن يقول لصاحبه ناولني السوط فأولى وأولى ألا يسأل أمثال هؤلاء الذين بايعوا الرسول صلوات الله وسلامه عليه على هذه الخصال من الأخلاق الكريمة أن يأتوا إلى الملك أو الرئيس فأعطنا مئة ورقة ألف ورقة عشرة آلاف ورقة أنا بحاجة أنا كذا إلى آخره ( من يستعف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله ) هكذا يربي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمته على هذه الأخلاق الحسنة.
شرح قوله : ( وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر ) .
الشيخ : ثم قال عليه السلام بيانا لفضيلة الصبر ( وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر ) لو ربطنا هذا الحديث بفقرة من حديث السابق الدرس الماضي الطهور شطر الإيمان ثم قال عليه الصلاة والسلام ( والصبر ضياء ) وقلنا يومئذ عن السر أو الحكمة في أن الرسول عليه السلام قال عن الصبر إنه ضياء وعن الصلاة إنها نور فذكرنا أن النور يستمد قوته ونوره من الضياء ففي ذلك إشارة إلى أن الصلاة من الصبر فمن لا يصبر على طاعة الله عز وجل لا يطيعه ولا يصلي له من هنا نفهم أن الإنسان لم يعطى شيئا خيرا له من الصبر لأن هذا الصبر هو الذي يمده بالقوة وبالطاقة على أن يأتمر بما أمر الله به وأن ينتهي عما نهى الله عنه مثل ذلك حديث الثاني وهو حديث أبي هريرة ( ما رزق الله عبدا خيرا له ولا أوسع من الصبر )
وعن علقمة قال قال عبد الله الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله . رواه الطبراني في الكبير ورواته رواة الصحيح وهو موقوف وقد رفعه بعضهم .
الشيخ : بعد هذا الحديث حديثان أولهما موضوع والثاني ضعيف جدا أما الذي بعدهما فهو حديث موقوف وصحيح الإسناد إلى راويه وهو قوله وعن علقمة قال قال عبد الله ( الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله ) رواه الطبراني في الكبير ورواته رواة الصحيح وهو موقوف وقد رفعه بعضهم.
الشيخ : الصواب في هذا الحديث أنه من كلام عبد الله وهو هنا عبد الله بن مسعود وهذه نكتة حديثية إذا أطلق عبد الله في الصحابة فالمراد به هو هذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه لاسيما وهنا قرينة وهي أن الرواي لهذا الأثر عن عبد الله هو علقمة فهذا الإسناد علقمة عن عبد الله يقينا هو عبد الله بن مسعود ولعل المصنف رحمه الله إنما ذكر على خلاف عادته تابعي هذا الحديث فأنتم ترون أنه يبدأ دائما باسم الصحابي لا يذكر التابعي بينما هنا قال عن علقمة عن عبد الله ذلك ليلفت النظر إلى هذا الذي ذكرناه وهو أن عبد الله هذا هو عبد الله بن مسعود لأن علقمة إنما يروي عنه فعلقمة يروي عن عبد الله أنه قال " الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله " قلنا إن الصحيح كما قال المصنف أن هذا حديث موقوف يعني من كلام ابن مسعود ورفعه بعضهم لكن من رفعه هو ضعيف في نفسه ثم هو واهم لأنه خالف الثقة الذي أوقفه على عبد الله بن مسعود.
الشيخ : لكن هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود فيه ما يشعرنا بأنه مقتبس من مجموعة من أحاديث الرسول عليه السلام وخاصة فيما يتعلق بالشطر الأول من قوله الصبر نصف الإيمان ذلك لأن الصبر عرفتم فضله في الحديثين السابقين حديث أبي سعيد الخدري وحديث أبي هريرة والحديث السابق وهو أو الأسبق وهو أن الصبر ضياء فحينما يقول هنا ابن مسعود أن " الصبر نصف الإيمان واليقين هو الإيمان كله " فهو جعل الشرع قسمين ما كلف به الإنسان قسمين قسم اعتقادي وقسم عملي هذا القسم العملي لابد كما شرحنا في الدرس السابق من الصبر لأن بالصبر به يستطيع الإنسان أن ينهض بكل ما كلف به شرعا لذلك قال ابن مسعود " إن الصبر نصف الإيمان " يعني هو العمل وعمل بدون صبر لا يتصور وكل ما كان المؤمن شديدا قويا في صبره كلما كان قويا في طاعته لربه عز وجل ثم لا يبقى هناك بعد ذلك إلا الشطر الثاني ألا وهو اليقين وهو الإيمان الجازم المقطوع به بكل ما جاء في الإسلام من أمور غيبية سواء كانت هذه الأمور جاءت منصوصا عليها في القرآن الكريم أو في السنة الصحيحة فكل ذلك يجب الاعتقاد به دون تأثر بالفلسفة الاعتزالية القديمة التي دخلت في عقيدة كثير من المسلمين وصارت من العقائد التي يدينون الله بها ويردون كثيرا من الأحاديث الصحيحة بسببها ألا وهي قولهم " إن العقيدة لا تثبت إلا بدليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة " فإذا اختل أحد الشرطين المذكورين كأن يكون قطعي الثبوت غير قطعي الدلالة أو أن يكون قطعي الدلالة غير قطعي الثبوت حين ذلك المسلم له الخيرة أن لا يأخذ بمثل هذه العقيدة هكذا زعموا بل بالغ بعض المعاصرين اليوم فقالوا لا يجوز نحن قلنا قالوا له الخيرة أن يأخذ بهذه العقيدة أو لا لكن غلا بعضهم فقالوا لا يجوز أن يأخذ المسلم بحديث صحيح ولو كان قطعي الثبوت إذا كان غير قطعي الدلالة أو كان قطعي الدلالة لكن كان غير قطعي الثبوت هذه فلسفة دخيلة في الإسلام بلاشك لا يعرفها الصحابة ولا يعرفها التابعون الذين تلقوا أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام بواسطة هؤلاء الصحابة وكذلك الجيل الثالث أتباع التابعين لا يعرفون هذه المسألة أو هذه الفلسفة وهم أيضا تلقوا بدورهم أحاديث الرسول عليه السلام عن من سبقهم من التابعين وهؤلاء عن الصحابة كما ذكرنا هذه السلسلة في رأي تلك الفلسفة يعني تابع تابعي عن تابعي عن صحابي هذا لا يفيد إلا الظن ولو كانت دلالة الرواية قطعية قطعية الدلالة فهل كان كذلك الصحابة عفوا الصحابة ربما فيه شيء من التسامح وإن كان هناك بعض الصحابة يروون عن بعضهم أي لم يسمعوا الحديث عن الرسول مباشرة فحين ذاك حتى بعض الصحابة أحيانا يكون الحديث بالنسبة إليهم غير قطعي الثبوت ليه؟ لأن عمر ما سمع الحديث من الرسول عليه السلام وإنما سمعه من أبي بكر الصديق حينئذ هذا الحديث يدخل في باب الظنون عند هؤلاء المتفلسفين ويقولون هذا الحديث لا يؤخذ به في العقيدة الإسلام كله يجب أن يؤخذ قرآنا وسنة عقيدة وحكما وخلقا جزء لا يتجزأ سواء جاء بدليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة أو اختل أحد الشرطين لأن هذا شرط ما جاء له ذكر في كتاب الله ولا في حديث رسول الله بل وما كان كذلك فهو باطل لقوله عليه الصلاة والسلام ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مئة شرط ) لذلك فالمسلم حينما يأتيه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحا فيجب أن يتبناه وأن يؤمن به وألا يأخذه على الشك والريب هذا الشك والريب هو الذي لا يجوز الأخذ به أما الظن الغالب فالعلماء يشهدون بأن أكثر الأحكام الشرعية إنما هي قائمة على هذا الظن الغالب ومن تحريف القرآن الكريم وسوء تأويله أن تحمل النصوص القرآنية أو الحديثية التي فيها ذم الظن والنهي عن الأخذ به أن تحمل هذه النصوص على الظن الراجح الذي اتفق علماء المسلمين إلا من شذ منهم أيضا على أن الظن الراجح يجب الأخذ به وإلا تعطلت أحكام الشريعة مثلا لما قال ربنا عز وجل (( إن الظن لا يغني من الحق شيئا )) وقال في حق المشركين (( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس )) وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) حملوا هذه النصوص على الظن الراجح إذا لا يجوز الأخذ بحديث الآحاد حسب فلسفتهم حتى في الأحكام الشرعية لأن هذه النصوص عامة في الأخذ بالظن فهي تشمل الأخذ بالظن في الأحكام كالأخذ به في العقيدة لكن المسلمين جميعا حتى هؤلاء المتفلسفين الذين يقولون لا يؤخذ بحديث الآحاد في العقيدة يقولون يجب الأخذ بحديث الآحاد في الأحكام إذا كيف تستدلون بهذه الآيات الجواب الظن الوارد في هذه النصوص آيات وأحاديث إنما يراد به ما يقابل الوهم وأعلى من الوهم هو الظن المستوي الطرفين ليس عنده أرجحية من جانب إلى جانب آخر هذا هو الذي لا يجوز به باتفاق العلماء أما إذا ترجح أحد طرفي التردد فحينئذ لم يبق ظنا يشمله تلك النصوص المذكورة وإنما هو حكم شرعي يجب الأخذ به نحن نعلم أن في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول ( إنكم لتختصمون إليّ وإن أحدكم ألحن بحجته من الآخر فإذا قطعت له من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار ) ما معنى هذا الحديث؟ أن الرسول عليه الصلاة والسلام المتصل بوحي السماء في كل لحظة ودقيقة حينما كان يحكم بين الناس كان يحكم بينهم فيما يظهر يسمع من كل من المدعي والمدعى عليه فبدى له أن فلانا ظلم فلانا فيأمر الظالم بأن يعطي الحق للمظلوم يقول الرسول عليه الصلاة والسلام أنا أحكم بما أسمع منكم فقد يكون أحدكم ألحن بحجته أقوى بإبداء وبدعم رأيه من الآخر فأسمع منه فأحكم بما سمعت وقد يكون حكمت بما ليس له وأعطيته من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكم بأنه قد يكون أعطى الحق لغير صاحبه فماذا نقول عن غيره من الحكام؟ لاشك أنهم قد يقعون في الخطأ لكن يجب على الحاكم أن يحكم بما يغلب على ظنه لا يتبع الهوى لذلك ربنا عز وجل لما ذم المشركين في بعض الآيات قال بيانا لهذه الحقيقة (( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس )) أليس الظن المذكور في هذه النصوص هو الظن الراجح الذي يجب العمل به عند علماء المسلمين فإذا حينما يقول ابن مسعود رضي الله عنه الصبر نصف الإيمان يعني العمل بالإسلام واليقين هو الإيمان كله فإذا هناك شطران شطر عملي وشطر اعتقادي فكما يجب على المسلم أن يحسن اعتقاده كله وأن يجعله يقينا لاشك ولاريب فيه فكذلك عليه أن يحسن الشطر الثاني وأن ينهض به وذلك لا يكون إلا بالصبر فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الصابرين.
السائل : هناك أحاديث تتعلق بفضل صيام شهر رجب ما مدى صحتها مثل من صام اليوم الأول من رجب فله كفارة ذنوب عن ثلاث سنوات إلى آخره ثم إذا كان هناك أحاديث صحيحة فما هي؟ الشيخ : الأحاديث الواردة في صيام رجب تدور بين ضعيف وموضوع ومن قسم الموضوع هذا الحديث المسؤول عنه فلا يوجد حديث ثابت إطلاقا في الحض على الصيام في رجب وهناك عبارة متداولة عند المتأخرين يقولون " قال الحافظ بن رجب لا يصح شيء في رجب " الحافظ بن رجب من كبار علماء الحنابلة في القرن الثامن وهو من المشتغلين بالحديث وله باع طويل واطلاع كثير في طرق الحديث وأسانيده فهو ذكر في كتاب له في وظائف الأيام والليالي هذه الحقيقة أنه لا يصح شيء في فضل رجب وفي الصيام فيه كل ما في الأمر أن شهر رجب هو من الأشهر الحرم فإذا كان للمسلم نظام أو عادة أقامها على السنة كأن يصوم مثلا من كل أسبوع يوم الإثنين ويوم الخميس أو يصوم يوما ويفطر يوما صيام داود عليه الصلاة والسلام فلما دخل رجب يستمر على هذا النظام ويستمر على هذه العبادة لأنه لم يتقصد بها شهر رجب هذا أما أن يستمر الإنسان على إهمال هذه الطاعات وهذه الفضائل فإذا ما دخل شهر رجب تنشط وتفرغ للصيام فيه يوما أو أكثر فهذا مما يدخل في الصيام المبتدع غير المشروع لا يثاب عليه صاحبه بل ترد عليه بدعته كما تعلمون ذلك من الأحاديث الواردة في المسألة فإذا يصوم الإنسان عادته من الصيام في شهر رجب ولا يخصه بشيء من الصيام والطاعة والعبادة غيره.
ما درجة حديث : ( يا معشر المسلمين اتقوا الزنا فإن فيه ستة خصال ثلاثة في الدنيا وثلاثة في الآخرة.... ) ؟
السائل : ما درجة هذا الحديث " يا معشر المسلمين اتقوا الزنا فإن فيه ستة خصال ثلاثة في الدنيا وثلاثة في الآخرة فأما التي في الدنيا فذهاب بهاء الوجه وقصر العمر ودوام الفقر وأما التي في الآخرة فسخط الله تبارك وتعالى وسوء الحساب وعذاب النار " الشيخ : هذا الحديث لا يصح ولا أذكر الآن مرتبته فهو بين ضعيف وموضوع.
هل يجوز استعمال الطيب إذا مزج بكحول وهل يستعمل كمطهر وهل هو نجس ؟
السائل : هل يجوز استعمال الطيب إن مزج بالكحول واستعمال الكحول كمطهر وهل هو نجس؟ الشيخ :( ومن يتصبر يصبره الله ) ذكرنا هذه المسألة أكثر من مرة وقلنا إن الطيوب الذي خلط فيها شيء من الكحول ينظر إليها من ناحيتين، الناحية الأولى من حيث صنعها والأخرى من حيث استعمالها أما صنعها عندنا نحن المسلمين فلا يجوز صنع هذه الطيوب وإدخال الكحول فيها ذلك أن الأمر يسلتزم صنع الخمر عصر الخمر وهذا تعلمون جميعا أنه من المحرمات وهناك الحديث الذي يقول ( لعن الله في الخمرة عشرة ) فذكر في جملة من ذكر عاصرها ومعتصرها وبايعها وشاريها و وإلى آخره فهذا الذي يريد أن يصنع الطيوب بالكحول فإما أن يعصرها وإما أن يشتريها فهو إذا مخالف لهذا الحديث الصريح ولذلك يحرم عليه أن يصنع هذه الطيوب أما الناحية الأخرى من حيث الاستعمال فإذا كانت هذه الطيوب تأتي من خارج البلاد الإسلامية ليست صنع البلاد ولعل واقعها كذلك حينئذ ينبغي النظر في هذه الطيوب إذا كانت نسبة الكحول فيها كثيرة بحيث تجعل هذا الطيب مسكرا فيما لو شربه شارب كما يقع مع الأسف في بعض البلاد الإسلامية حينما يفقدون الخمر المسكر يلجؤون إلى استعمال الكلونيا مثلا بعد مزجه بشيء من الماء أو غيره من الملطفات فإذا كانت نسبة الكحول في هذا الطيب أو الكلونيا كما يقولون اليوم تجعل هذا التطيب مسكرا فلا يجوز التطيب به ومن هذا القبيل إسبيترو الذي ابتلي به أطباؤنا المسلمون اليوم إسبيترو هو أم الكحول كما هو معروف أصل الخمر فلا يجوز صنع الكحول هذه ولا بيعها ولا شرائها كما ذكرنا ولذلك فالواجب على الأطباء المسلمين الغيورين على دينهم أن يجدوا مخرجا من هذه المخالفة الشرعية بأن يوجدوا بديلا لهم من المعقمات والمطهرات التي تغنيهم عن استعمال المسكر ولا يقال إنهم لا يستعملونه مسكرا لأننا نقول نحن نعرف ذلك ولكن لابد أن أحدهم يقع في مخالفة من العشر مخالفات لابد من أن يشتري والرسول قال لعن الله الشاري والبايع و وإلى آخره لذلك نصيحتي الخاصة الابتعاد عن استعمال الكلونيا لأنه ليس من السهل أن نضع لكل إنسان ميزان يستطيع أن يعرف إنه هالكلونيا هي مسكرة وإلا غير مسكرة فإذا كان مكتوب فيها نسبة الكحول وهذا موجود فيما علمت وأخبرت كمية كبيرة فالحق فيه واضح وهو التحريم وإذا كان ذلك غير مذكور فيأتي هنا حديث الرسول عليه السلام وهو قوله ( دع مايريبك إلى مالا يريبك ) وقوله ( إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) غيره؟ سائل آخر : فيه سؤال في هناك ... من دواء ما هيك الشيخ : نعم الكلام على الدواء هو نفس الكلام على الطيب نعم.
السائل : هل شراء بعض اللوازم البيتية بالتقسيط يعتبر ربا؟ الشيخ : هذه أيضا مسألة تكلمنا فيها كثيرا وبالتفصيل وعليكم أن تحفظوا قول الرسول عليه السلام لتستريحوا ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أنقصهما ثمنا أو الربا إذا أخذ الثمن الزائد وقد يسأل سائل سؤالا ما معنى بيعتين في بيعة الجواب في نفس الحديث الآخر حديث الآخر يرويه الإمام أحمد في المسند من طريق سماك بن حرب عن ابن مسعود قال ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صفقتين في صفقة ) وفي رواية ( عن بيعتين في بيعة ) قيل لسماك راوي الحديث ما بيعتين في بيعة؟ قال أن تقول أبيعك هذا بكذا نقدا وبكذا وكذا نسيئة المسألة واضحة لكن مع الأسف أكثر العلماء ذهبوا إلى خلاف هذين الحديثين وصرح بعضهم بأن للأجل ثمنا ولولا ثقتنا بهؤلاء العلماء وحسن ظننا بهم لقلنا كلمة ثقيلة هذا كلام المرابين لما بتقله ليش أنت بتدفع عشرة وبتأخذ إحدى عشر بيقلك يا أخي أنا عطلت مالي أنا عم أصبر على صاحبي هذا إذا للأجل قيمة وثمن هذا هو حجة المرابي لكن الظاهر أنهم ما بلغتهم هذه الأحاديث أو بلغتهم ما صحت والأعذار التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله للعلماء الذين يقعون في بعض الأحيان في مخالفة بعض الأحاديث كثيرة في رسالته شو اسمها " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " أما المكلف طالب العلم فيجب عليه أن يقف عند ما بلغه من الحديث والعذر يبقى لأولئك الذين لم يبغلهم أما النقل بالاتباع فبدلا أن نتبع الرسول عليه السلام نتبع الذي خالف حديث الرسول عليه السلام هذا لا يجوز للمسلمين. غيره؟
كيف التوفيق بين حديث : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ) وحديث : ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال الله ) ؟
السائل : كيف نوفق بين حديث ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ) وحديث ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال الله )؟ الشيخ : ما فهمت المخالفة؟ السائل : يعني ظن لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق أنهم يستمرون حتى تقوم الساعة. الشيخ : إي هو كذلك السائل : والحديث الذي يقول لا تقوم الساعة حتى لا يقال الله الشيخ : إي يعني السائل : لا تبقى طائفة مؤمنة إنه هكذا يظن الشيخ : إيه هو كذلك لكن هو شو متصور بأى الموضوع لعله إذا شرحنا كيف تقوم الساعة من زاوية معينة يزول إشكال غير واضح من السؤال الأمر طبيعي جدا وأنه لا اختلاف بين هذا الحديث وذاك لا تقوم الساعة قال عليه الصلاة والسلام ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله ) ولفظ أحمد مفسر لهذا اللفظ المجمل ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله ) إذا حين تقوم الساعة ليس هناك موحدون يوحدون الله عز وجل من هؤلاء الموحدون هم الذين ذكروا في الحديث الأول ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ) ينتظر موحدين وليس فقط موحدين وأكثر من ذلك فما دام هؤلاء على وجه الأرض لا تقوم الساعة فإذا شاء الله عز وجل أن يقيم الساعة أرسل ريحا طيبة ... .