سلسلة اللقاء الشهري-14a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة اللقاء الشهري
تتمة كلمة الشيخ في تفسير سورة " ق " .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد، فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في الأحد الثالث من كل شهر، وهو في ليلتنا هذه يوافق الليلة السادسة عشرة من شهر جمادى الأولى عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله تعالى أن يكثر هذه اللقاءات مع أهل العلم ومع عامة الناس لأن فيها فوائد جمة، منها اكتساب العلم، فإن هذه اللقاءات بين العلماء سواء في هذه البلدة أو في غيرها يستفيد به الحاضرون علما جما بحسب ما عند الملاقي، ومنها أن الناس يجتمعون هذا الاجتماع المبارك ليتآلفوا بينهم، ويجتمعوا على الحق، ويدخلوا في عموم الأدلة الدالة على فضل الاجتماع على حلق الذكر، ومنها أنه قد يكون عند الإنسان أشياء مشكلة في نفسه إما في عقيدته وإما في عبادته وإما في أخلاقه وإما في معاملته، وإما في عامة المجتمع وإما في مجتمعات أبعد وأوسع، فيلقي ما في نفسه في مثل هذه اللقاءات حتى ينحل عنه، أو حتى تنحل عنه الإشكالات الكثيرة، التي قد تختلج في صدره، ومنها أن الناس يكتسبون علوما ينفعون بها غيرهم، فإن العلم أبرك بكثير من المال، العلم إذا أبلغته رجلا من الناس ولو مسألة واحدة فانتفع بها ثم نفع بها غيره ثم الثاني نفع ثالثا، والثالث رابعا وهلم جرا، حصل في هذا خير كثير وحصل للإنسان أن يكون ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له )، لا تظن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( علم ينتفع به ) يختص بالعلماء الراسخين في العلم، الواسعي الاطلاع الثاقبي الفهم، لا، حتى لو أنك أبلغت آية من كتاب الله أو جديثا عن رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وانتفع الناس به بعد موتك فإنه يحصل لك أجر قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بلغوا عني ولو آية ) وكان لقاؤنا هذا في هذا المسجد الجامع الكبير بعنيزة نتتبع فيه أولا التفسير، وابتدأنا فيه بسورة (( ق )) لأنها أول المفصل الذي قال العلماء إنه ينبغي للإنسان في صلاته أن يقرأ منه، ففي الفجر يقرأ من طواله، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من أوساطه، طواله من (( ق )) إلى (( عم )) وقصاره من (( الضحى )) إلى آخر القرآن، وأوساطه ما بين ذلك، من أجل أن يكون الناس إذا سمعوا هذه التلاوة من أئمتهم في الصلاة إذا هم قد عرفوا شيئا من معناها، وفضل الله يؤتيه من يشاء، ولكن مع ذلك لا بأس أن نلقي شيئا تدعو الحاجة إلى إلقائه بدلا عن هذا التفسير، مثل أن يكون هناك شيء يحدث يهم الناس أن يعرفوا حكمه وأن يعرفوا منزلته في دين الله فنتكلم عليه بإذن الله عز وجل، لكن هذه الليلة سيكون نصيبنا الكلام على شيء من تفسير سورة (( ق )) .
تفسير قوله تعالى:(( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ))
الشيخ : وتكلمنا فيما سبق إلى قوله تعالى : ((َوالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رزقا للعباد )) حسب ما كلمني فيه الإخوان فإننا وصلنا إلى هذا الجزء من السورة، وهذه الآية (( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ )) معطوفة على قوله تعالى : ((فأنبتنا به جنات وحب الحصيد )) يعني وأنبتنا به النخل باسقات : أي عاليات، (( لها طلع نضيد )) أي منضود، بحيث يكون متراكبا بعضه إلى جنب بعض على أحسن صورة وعلى أحكمها يكون مرتبطا بهذا الشمراخ إلى أن يحين وقت أكله، فإذا حان وقت أكله سهل جدا أن يتناوله الإنسان بدون أن يتأثر هذا الرطب أو هذا التمر .
تفسير قوله تعالى:(( رِزْقاً لِلْعِبَادِ ))
الشيخ : (( لها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) أي فعلنا ذلك لرزق العباد، لأن العباد محتاجون إلى رزق الله سبحانه وتعالى، وفي الحديث القدسي، حديث أبي ذر الغفاري الذي رواه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ربه أنه قال سبحانه وتعالى : ( يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ) كل العباد جائعون، من يستطيع أن يخرج حبة من الأرض؟ من يستطيع أن يخرج تمرة من شجرة، أو ثمرة من شجرة؟، لايستطيع ذلك أحد، إذا فالذي أخرج لنا هذه الثمرات من هو؟ الله عز وجل : (( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ )) بل أنت يا ربنا الزارع، والله لو بذرنا في الأرض كل حبة، وسقيناه بكل ماء وخدمناه بكل طعم، ما استطعنا أن نخرج حبة واحدة منه، ولكن الله تعالى برحمته وقدرته هو الذي يخرجه، (( أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ )) يعني لو شاء الله عز وجل لجعله حطاما بعد أن يخرج ويبرز ويطيب يرسل الله عليه آفة من السماء فتحطمه بعد أن تتعلق قلوبنا ونفوسنا به يحطمه الله عز وجل، ولكن من رحمته جل وعلا وقدرته ينميه ويغذيه لنا حتى يطيب أكله ويسهل علينا ذلك، يقول : (( رزقا للعباد )) إذا ما نجد من ثمار النخيل وغيرها من الأشجار ونحصده من الزروع كله رزق من الله لعباد الله عز وجل، وقوله تعالى : (( رزقا للعباد )) هل المراد عباد الرحمن المطيعون لأمره أو جميع العباد؟ المراد جميع العباد، ولهذا نجد هذه النخلات وطلعها موجودا عند أكثر عباد الله، لأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ولكني أقول لكم ما يأكله الكفار من تمرة، وما يرفعون إلى أفواههم من لقمة، وما يتجرعونه من شربة ماء فكله يأثمون به، يأثمون به ويعاقبون عليه يوم القيامة، الدليل على هذا قول الله تبارك وتعالى : (( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) إذا هي لغير الذين آمنوا ليست حلالا في الدنيا ولا خالصة يوم القيامة، ولكنها حرام عليهم وهم معاقبون عليها يوم القيامة، وقال تعالى : (( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ))، (( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ))، إذا من لم يؤمن هل عليه جناح فيما طعم؟ أجيبوا؟ نعم عليه جناح فيما طعم، لأن الله يقول : (( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ))، إذا الذين لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات عليهم جناح فيما طعموا، يوم القيامة يحاسبون عليه، يعاقبون عليه، وهذ كما أنه دلالة السمع فهو أيضا دلالة العقل، كيف تتمتع بنعمة الله وأنت تبارز بالعصيان، ما الذي يحلل لك أن تتمتع بنعمه وأنت تكفر به؟ ولهذا قال تعالى : (( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ )) وبهذا نعرف قدر نعمة الله علينا بدين الإسلام، نسأل الله أن يتمها علينا إلى أن نلقاه، آمين آمين، هؤلاء الكفار ما رفعوا من لقمة ولا تجرعوا من شربة إلا وهم آثمون عليه يوم القيامة يحاسبون به، وما لبسوا من ثوب إلا وهم محاسبون عليه يوم القيامة يعاقبون على ذلك، فلا تظنوا أن الجنة التي كتبت لهم في هذه الدنيا لا تظنوا أنها ستكون يوم القيامة ورودا بل ستكون عذابا عليهم يوم القيامة، بخلاف المؤمن، المؤمن هي له في الدنيا خالصة يوم القيامة ولله الحمد وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) سجن المؤمن وجنة الكافر، كيف نشرح هذا الحديث؟ شرحه أن الدنيا نعيمها بالنسبة لنعيم الآخرة سجن، ولذلك إذا مات الإنسان في يومه يشاهد الجنة في يومه إذا دفن، لا بل قبل أن يدفن، إذا أتته الملائكة تبشره تقول لروحه اخرجي أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى رحمة الله ورضوان فتخرج مستبشرة منقادة يسهل عليها أن تفارق هذا البدن الذي سكنت فيه ما شاء الله أن تسكن، لأنها إيش؟ بشرت بما هو خير، فإذا حمله الناس، إذا حمل الناس الجنازة على أعناقهم تقول قدموني قدموني، يعني أسرعوا بي حتى أصل إلى النعيم، فإذا دفن الإنسان، وأجاب الرسل، الملائكة، الذين يسألونه عن ربه ودينه ونبيه فتح له باب إلى الجنة، ووسع له القبر مد البصر، وأتاه من نعيم الجنة وروحها ما لا يكون أكبر نعيم في الدنيا عند هذا شيئا، لا يساوي شيئا، إذا فالدنيا سجن المؤمن لأنه انحبس فيها عما هو أكبر منها نعيما، وأكبر منها ملكا، لكنها بالنسبة للكافر إيش هي؟ جنة، لأنه حبس فيها عن عذاب وهوان وغضب، فإنه إذا أتاه الملكان أولا يبشر عند الاحتضار يبشر بالعذاب والعياذ بالله، يقال لروحه اخرجي إلى غضب الله، فتخرج مكرهة لا تريد الخروج، ثم تقول إذا حملت، يا ويلها أين تذهبون بها، يا ويلها أين تذهبون بها، فإذا نزلت في القبر وجاءتها الرسل الملائكة ولم تجب بالصواب ضيق عليها القبر حتى تختلف أضلاعه، تختلف، يشتبك بعضها ببعض من شدة التضييق، ويفتح له باب إل النار ويأتيه من حرها وسمومها، طيب، إذا الدنيا بالنسبة لهذا العذاب ماذا تكون إيش؟ تكون جنة، جنة، لأنها الراحة، لكن هذا عذاب، ويذكر أن الحافظ ابن حجر رحمه الله صاحب * فتح الباري شرح صحيح البخاري *، كان قاضي القضاة في مصر، قاضي القضاة في مصر مثل رئيس القضاة عندنا أو وزير العدل أكبر شيء في القضاء، وكان يركب عربة تجرها البغال من بيته إلى مكان عمله، وهذا أكبر ما عندهم في ذلك الوقت، فمر ذات يوم برجل يهودي زيات، يعني يبيع إيش؟ الزيت، والزيات تعرفون، ثيابه دنسة، متعب، فقال، لما مر به ابن حجر أوقفه، قال إن نبيكم يقول : ( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) وكيف يكون هذا؟ أنت الآن في نعيم وأنا في عذاب، فكيف كانت لي جنة ولك سجن؟ فقال له ابن حجر نعم، لأن ما أنا فيه من النعيم الآن بالنسبة للجنة في الآخرةة إيش؟ سجن، وما أنت فيه الآن من الشقاء بالنسبة لعذاب الآخرة جنة، معلوم، فقال اليهودي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لأن الواقع انطبق تماما على حاله مع حال ابن حجر رحمه الله، فالمهم أن قوله تعالى : (( والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد )) هو لا يخص المؤمنين، هو رزقا للعبد الكفار وغير الكفار، ولكن ستقولون كيف يكون الكافر عبدا؟ نقول كان عبدا بالعبودية الكونية، لا بالعبودية الشرعية، وهذه العبودية قد دل عليها قوله تعالى : (( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا )) كل الناس عباد الله، ف(( النخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد )) .
تفسير قوله تعالى:(( وأحيينا به بلدة ميتة كذلك الخروج ))
الشيخ : ثم قال تعالى : (( وأحيينا به بلدة ميتا )) أحيينا به، بماذا؟ بالماء الذي قال : (( ونزلنا من السماء ماءا مباركا)) بالماء، أحيا به الله بلدة ميتا، كيف موت البلدة؟ موتها أن تيبس أشجارها، وأن يهمد حشيشها، وأن تصبح أرضا قاحلة ليس فيها أخضر، فإذا أنزل الله عليها الماء اهتزت وربت، إن الذي أحياها لمحيي الموتى، يحيي الله هذه الأرض بعد موتها، بعد أن لم يكن فيها شجرة ولا ورقة حشيش، إذا هي خضراء تهتز بهذا الماء الذي أنزل الله عليها قال تعالى : (( كذلك الخروج ))، كذلك الخروج، أي مثل هذا الإحياء للأرض يكون خروج الناس من قبورهم، فالقادر على إحياء الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي الناس من قبورهم، بل إنه جاء في الحديث أن ( الله تعالى يمطر الأرض، إذا مات الناس يمطرها مطرا أربعين يوما كمني الرجال فينفذ هذا المطر إلى قاع القبور فتببت الأجساد منه، تنبت الأجساد، فإذا استكملت الأجساد نامية أمر إسرافيل فنفخ في الصور فخرجت كل نفس إلى بدنها الذي كانت تعمره في الدنيا، لا تخطؤه ) ، على كثرة الأرواح لن تضل روح عن جسدها، فتدخل الأرواح في أجسادها، ثم تنشق الأرض عنهم سراعا أحياء، يخرجون من الأرض أحياء كما يخرج الجنين من بطن أمه حيا، سبحان الله (( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ))، (( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ )) وقد وصفهم الله بأنهم الفراش المبثوث، وكالجراد المنتشر، أمم لا يحصيها إلا الله تخرج من قبورها، وربما يكون قبر الإنسان الآن تحته قبور أخرى، من يحصي القبور منذ كانت الدنيا؟ منذ خلق آدم من يحصيها؟ عالم لا يحصيها إلا ربها عز وجل، يخرجون كأنهم جراد منتشر، كالفراش المبثوث، ومع ذلك يخرجون سراعا فإذا هم قيام ينظرون يقول المجرمون : (( يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا )) يعني من قبورنا، يا ويلنا، لأنهم يشاهدون يوما كان على الكافرين عسيرا، فيقول عز وجل هنا : (( كذلك الخروج )) أي مثل إخراجنا، أو مثل إحيائنا هذه الأرض بعد موتها يكون الخروج، البعث بعد الموت، وفي هذا دليل على أن القرآن الكريم يهدي الناس عن طريق القياس، يهدي الناس عن طريق القياس، كيف ذلك في الآية يعني قيسوا إحياء الأموات بعد موتهم على إيش يا إخواني؟ قيسوا إحياء الناس بعد الموت على إحياء الأرض بعد موتها، وأنتم الآن تشاهدون الأرض يابسة قاحلة ليس فيها شجرة ولا ورقة يحييها الله عز وجل بعد موتها، قيسوا الغائب المنتظر على الحاضر المنظور، لأن العقل يقيس، يقيس ما غاب على ما شاهد، ففي هذا أكبر دليل على استعمال القياس، وعلى استعمال الأدلة العقلية في إقناع الخصم، لأن الخصم قد لا يقتنع بالأدلة الشرعية، قد لا يقتنع بالقرآن ولا بالسنة، يحتاج إلى دليل عقلي، ثم بعد ما يوقن عن طريق العقل يسهل عليه أن يوقن عن طريق الشرع، لأننا الآن نخاطب من ليس بمؤمن، أما المؤمن فبمجرد ما يقال له هذا قول الله ورسوله، يقول إيش؟ سمعنا وأطعنا، (( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا )) لكن يأتي إنسان غير مؤمن أو عنده شك ضعف إيمان يحتاج إلى تقوية لابد أن نأتي بأدلة عقلية حتى يقتنع، ولا مانع أن نأتي بذلك، ربما يقول بعض الناس إذا كان هذا لا يقتنع بالكتاب والسنة فلا علينا منه، هذا غير صحيح، إذا لم يقتنع بالكتاب والسنة ايت له بدليل عقلي، اجعله يقتنع لأنك أنت تداوي، تداوي العقول فإذا كنت تداوي العقول استعمل كل دواء يمكن أن يحصل فيه الشفاء، سواء من القرآن أو السنة أو العقل، وإهدار العقول خلاف المعقول، العقول تحتاج إلى إقناع، ورأيتم ربنا عز وجل كيف يقنع هؤلاء الذين ينكرون البعث كيف يقنعهم بقياس الغائب المنتظر على الحاضر المنظور، ولا حرج علينا إذا رأينا شخصا لم يقتنع بالكتاب والسنة أن نقول تفضل نجادلك بالعقل، ولا يعد ذلك خروجا عن طريق المؤمنين والسلف الصالح، بل هذا من طريقة القرآن، بل من طريقة السنة أيضا، ألم تسمعوا أن رجلا أعرابيا جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود، والرجل وامرأته أبيضان، قال امرأتي ولدت غلاما أسود، يعني يعرض بإيش؟ يعرض بزناها، من أين جاء الأسود وأنا أبيض والمرأة بيضاء؟ فاستعمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استعمل معه دليلا عقليا، لم يقل له إن الله على كل شيء قدير، أعرابي يحتاج إلى إقناع عقلي، لو قال إن الله على كل شيء قدير وهو مؤمن، آمن ومشى، لكنه أعرابي يحتاج إلى إقناع بشيء محسوس، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( هل لك من إبل؟ قال نعم عندي إبل، قال ما ألوانها؟ قال ألوانها حمر، حمر جمع إيش؟ جمع حمراء، قال هل فيها من أورق؟ قال نعم، والأورق ) قال العلماء الذي كان لونه بين البياض والسواد مثل الورق أي مثل الفضة، ما هي بيضاء خالصة ولا سوداء، قال : ( أورق، قال من أين أتاها؟ هي حمر فحولها حمر ونوقها حمر، من أين أتاها؟ قال يا رسول الله لعله نزعه عرق،كيف لعله نزعه عرق؟ )، يعني ربما يكون أجداده أو جداته على هذا الوصف أو على هذا اللون، لعله نزعه عرق، قال : ( ابنك هذا لعله نزعه عرق )، ابنك هذا لعله نزعه عرق، صحيح هذا ولا غير صحيح؟ يمكن في أجداده من جهة أبيه أو في جداته من جهة أمه أو من جهة أمه ربما فيهم رجل أسود فنزعه هذا العرق، هل سكت الأعرابي أو جادل؟ نعم؟ سكت، اقتنع اقتناعا تاما، لكن لو قال : الله على كل شيء قدير، يجعل من الأبيض أسود ومن الأسود أبيض، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، على كل حال المؤمن إذا اقتنع بذلك، لكن الأعراب اقتناعهم بالشيء الذي يدركونه بحسهم أكثر من الشيء الذي يدركونه بعقولهم أو بدينهم، فالمهم، أنه لا مانع إذا رأيت من شخص ضعفا في قبول الشرع من الكتاب والسنة فلا مانع أن تقنعه بشيء من أدلة الحس أو أدلة العقل، لأن المقصود الوصول إلى الاقتناع، نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من المؤمنين به وبملائكته وكتيه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ونختم بقية اللقاء في استعراض بعض الأسئلة التي قدمت إلى الشيخ محمود بن عبد العزيز الصايغ .
ذكرتم وفقكم الله، أن المسلم لا يحاسب عما يأكل، والكافر يحاسب، والرسول صلى الله عليه وسلم حين أخرجه الجوع ولقي أبا بكر و عمر ثم ذهبوا وأكلوا ذلك الطعام، قال عليه الصلاة والسلام: ( لتسألن عن هذا النعيم ) فكيف الجمع بين هذا وما قلت.؟
السائل : فضيلة الشيخ ذكرتم وفقكم الله بأن المسلم لا يحاسب بما يأكل، والكافر يحاسب، والرسول صلى الله عليه وسلم حين أخرجه الجوع ولقي أبا بكر وعمر ثم ذهبوا وأكلوا ذلك الطعام، قال عليه الصلاة والسلام : ( لتسألن عن هذا النعيم ) فكيف الجمع بين هذا وما قلت.؟
الشيخ : المؤمن لم نقل إنه لا يحاسب، تعرضنا للعقوبة، قلنا إن الكافر عليه عقوبة وإثم، وأما المحاسبة، فإن المؤمن يحاسب لكنه ليس حساب مناقشة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نوقش الحساب هلك أو قال عذب ) لكنه عرض، وأما قوله تعالى : (( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )) أي عن شكر هذا النعيم، هل قمتم به أم لم تقوموا به هذا هو معنى الآية الكريمة،
نعم .
الشيخ : المؤمن لم نقل إنه لا يحاسب، تعرضنا للعقوبة، قلنا إن الكافر عليه عقوبة وإثم، وأما المحاسبة، فإن المؤمن يحاسب لكنه ليس حساب مناقشة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نوقش الحساب هلك أو قال عذب ) لكنه عرض، وأما قوله تعالى : (( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )) أي عن شكر هذا النعيم، هل قمتم به أم لم تقوموا به هذا هو معنى الآية الكريمة،
نعم .
5 - ذكرتم وفقكم الله، أن المسلم لا يحاسب عما يأكل، والكافر يحاسب، والرسول صلى الله عليه وسلم حين أخرجه الجوع ولقي أبا بكر و عمر ثم ذهبوا وأكلوا ذلك الطعام، قال عليه الصلاة والسلام: ( لتسألن عن هذا النعيم ) فكيف الجمع بين هذا وما قلت.؟ أستمع حفظ
كيف التوجيه بين ما ورد في النصوص من الوعيد عن كلمة قاضي القضاة وبين ما يوجد في تراجم العلماء كابن حجر أنه كان قاضي القضاة .؟
السائل : فضيلة الشيخ أقرأ كثيرا عن النهي عن قول " قاضي القضاة " مع أنني أقرأ في بعض تراجم العلماء وكما ذكرتم عن ابن حجر أنه قاضي القضاة فما التوجيه؟
الشيخ : نعم، يجب أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله ) أخنع اسم، يعني أوضعه، أوضع اسم عند الله هذا الرجل الذي تسمى، إما بتسمية نفسه أو برضاه بهذه التسمية ملك الأملاك، من الذي يستحق هذا الوصف ملك الأملاك؟ لا يستحقه إلا الله، لأنه ما من ملك في الدنيا إلا وفوقه ملك، ويوم القيامة يزول ويتلاشى كل الأملاك، إلا ملك الله عز وجل فملك الأملاك هو الله، ومن تسمى.
الشيخ : نعم، يجب أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله ) أخنع اسم، يعني أوضعه، أوضع اسم عند الله هذا الرجل الذي تسمى، إما بتسمية نفسه أو برضاه بهذه التسمية ملك الأملاك، من الذي يستحق هذا الوصف ملك الأملاك؟ لا يستحقه إلا الله، لأنه ما من ملك في الدنيا إلا وفوقه ملك، ويوم القيامة يزول ويتلاشى كل الأملاك، إلا ملك الله عز وجل فملك الأملاك هو الله، ومن تسمى.
اضيفت في - 2009-05-19