سلسلة اللقاء الشهري-07-2a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة اللقاء الشهري
كلمة للشيخ أنه ليس في العمر إجازة إلا بالموت.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد : فإن لقاءنا هذا ، هذه الليلة الأحد السابع عشر من شهر رجب عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف يصادف استقبال الإجازة الربيعية وكنا بصدد أن نتكلم على تفسير سورة (( ق والقرآن المجيد )) كما وعدنا بذلك، ولكن نظرا إلى أن هذه الإجازة تحتاج إلى كلام يبين عمل الناس فيها ، ماذا يعملون ، أيبقون في بلدانهم أم يسافرون ؟ وإذا سافروا فهل يسافرون إلى خارج البلاد أو إلى داخل البلاد أم ماذا ؟ المسألة تحتاج في الواقع إلى نظر وإلى تأمل وإلى توجيه ، فنقول أولا ليس في العمر إجازة ، ليس في العمر إجازة العمر كله عمل ، لا إجازة إلا بالموت لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فلن يجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاطعا للعمل إلا هذا الشيء الواحد وهو الموت إذا لابد أن يعمل الإنسان دائما وأبدا، ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) إذا كل الدنيا عمل إذا فرغنا من الدراسة النظامية فلا بد أن نعمل عملا آخر، ما هذا العمل ؟ يجب أن يكون هذا العمل من ثمرات هذه الدراسة وخصوصا للشباب والطلبة المعنيين بما تحملوه من العلم لأن الله إذا من عليك بالعلم فلا تظن أن المسألة دسم على قرص من الخبز المسألة مسألة عظيمة، تحمل وتحميل (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ )) هل أحد منا يشعر بأنه جرى بينه وبين الله عهد ومبثاق حين تعلم العلم ؟ الجواب : لا، لا نشعر بذلك لا في زمان ولا في مكان، لا نشعر بأننا عاهدنا الله في المكان الفلاني أو في الوقت الفلاني على أن نبين العلم ولكن مجرد ما يؤتي الله الإنسان العلم فهذا هو العهد، مجرد ما يؤتيك الله العلم فهذا هو العهد، لماذا أعطاك العلم وحرمه غيرك ؟ من أجل أن تقوم به، تبينه للناس، بالقول وهو التعليم، وبالفعل وهو المنهج والهدي، لأن العلماء عليهم مسؤوليتان، المسؤولية الأولى : التعليم بالقول وسواء كان عن طريق اللسان أو عن طريق الكتابة والثاني : التعليم بالمنهج والسيرة، فكم من عالم اقتدى الناس بعمله ومنهجه وسيرته أكثر مما يقتدون بتعليمه وقوله، وهذا مشاهد ، لهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون الناس كيف يتوضأ الرسول عليه الصلاة والسلام، يعلمونهم بالقول ويعلمونهم بالفعل، حتى الخلفاء منهم، عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بإناء من ماء وجعل يتوضأ أمام الناس من أجل أن يهتدوا بهديه، وقال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) إذا علينا نحن الذين وهبنا الله العلم من شباب وكهول وشيوخ أن نبينه للناس بالقول وبالعمل، هذا أولا.
أما بعد : فإن لقاءنا هذا ، هذه الليلة الأحد السابع عشر من شهر رجب عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف يصادف استقبال الإجازة الربيعية وكنا بصدد أن نتكلم على تفسير سورة (( ق والقرآن المجيد )) كما وعدنا بذلك، ولكن نظرا إلى أن هذه الإجازة تحتاج إلى كلام يبين عمل الناس فيها ، ماذا يعملون ، أيبقون في بلدانهم أم يسافرون ؟ وإذا سافروا فهل يسافرون إلى خارج البلاد أو إلى داخل البلاد أم ماذا ؟ المسألة تحتاج في الواقع إلى نظر وإلى تأمل وإلى توجيه ، فنقول أولا ليس في العمر إجازة ، ليس في العمر إجازة العمر كله عمل ، لا إجازة إلا بالموت لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فلن يجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاطعا للعمل إلا هذا الشيء الواحد وهو الموت إذا لابد أن يعمل الإنسان دائما وأبدا، ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) إذا كل الدنيا عمل إذا فرغنا من الدراسة النظامية فلا بد أن نعمل عملا آخر، ما هذا العمل ؟ يجب أن يكون هذا العمل من ثمرات هذه الدراسة وخصوصا للشباب والطلبة المعنيين بما تحملوه من العلم لأن الله إذا من عليك بالعلم فلا تظن أن المسألة دسم على قرص من الخبز المسألة مسألة عظيمة، تحمل وتحميل (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ )) هل أحد منا يشعر بأنه جرى بينه وبين الله عهد ومبثاق حين تعلم العلم ؟ الجواب : لا، لا نشعر بذلك لا في زمان ولا في مكان، لا نشعر بأننا عاهدنا الله في المكان الفلاني أو في الوقت الفلاني على أن نبين العلم ولكن مجرد ما يؤتي الله الإنسان العلم فهذا هو العهد، مجرد ما يؤتيك الله العلم فهذا هو العهد، لماذا أعطاك العلم وحرمه غيرك ؟ من أجل أن تقوم به، تبينه للناس، بالقول وهو التعليم، وبالفعل وهو المنهج والهدي، لأن العلماء عليهم مسؤوليتان، المسؤولية الأولى : التعليم بالقول وسواء كان عن طريق اللسان أو عن طريق الكتابة والثاني : التعليم بالمنهج والسيرة، فكم من عالم اقتدى الناس بعمله ومنهجه وسيرته أكثر مما يقتدون بتعليمه وقوله، وهذا مشاهد ، لهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون الناس كيف يتوضأ الرسول عليه الصلاة والسلام، يعلمونهم بالقول ويعلمونهم بالفعل، حتى الخلفاء منهم، عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بإناء من ماء وجعل يتوضأ أمام الناس من أجل أن يهتدوا بهديه، وقال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) إذا علينا نحن الذين وهبنا الله العلم من شباب وكهول وشيوخ أن نبينه للناس بالقول وبالعمل، هذا أولا.
استغلال الإجازة في زيارة الحرمين الشريفين.
الشيخ : ثانيا : الناس في هذه الإجازة لهم مناحي شتى، كل واحد ينحى نحوا، منهم من يذهب إلى الحرمين النبوي والمكي ليقضي الإجازة هناك مع أهله وفي أشرف بقاع الله، الصلاة في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيغتنمون هذه الفرصة ويغتنمون أيضا فرصة أخرى وهي الدفء، لأن الحرمين ولاسيما مكة أشد دفئا من نجد كما هو مشاهد معلوم، فيغتنمون هذه الفرصة، وهؤلاء نتكلم ماذا يلزمهم إذا ذهبوا هذا المذهب ونحوا هذا المنحى ؟ نقول أيهما تريد البداءة به أبمكة أم بالمدينة ؟ الجواب على هذا السؤال ينبني على أيهما أفضل العمرة أم زيارة المسجد النبوي ؟ والجواب العمرة أفضل من زيارة المسجد النبوي، وعلى هذا فالقاعدة أن نبدأ بالأفضل قبل المفضول، نبدأ بالعمرة ثم بالزيارة، زيارة المسجد النبوي، ولكن قد لا يتسهل للإنسان أن يبدأ بالعمرة قبل زيارة المسجد النبوي من حيث الطريق، قد يقول إن طريق المدينة أسهل علي إذا كنت في القصيم، والإنسان مطلوب في حقه أن يتبع الأسهل، وسأحصل العمرة لكن في ثاني الحال فنقول إن الأمر واسع إن بدأت بهذا أو بهذا، ولكن ينبغي أن نعلم أحكاما في العمرة وأحكاما في الزيارة.
أحكام العمرة.
الشيخ : العمرة يحرم الإنسان بها من الميقات، إن كان عن طريق الطائف فمن قرن المنازل الذي يسمى الآن السيل الكبير، وإن كان من طريق المدينة فمن ذي الحليفة الذي يسمى الآن أبيار علي، وعند الإحرام يسن للإنسان أن يغتسل حتى المرأة الحائض والنفساء تغتسلان لأن أسماء بنت عميس زوج أبي بكر رضي الله عنهما نفست في ذي الحليفة فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذا أصنع ؟ قال : ( اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي )، فالاغتسال سنة للرجال والنساء عند إرادة الإحرام وليس بواجب، لو تركه الإنسان فلا إثم عليه ولا فدية عليه، لكنه أفضل وأكمل، ثم يلبس الرجل إزارا ورداء أبيضين نظيفين أو جديدين، أما المرأة فليس لها ثياب معينة في الإحرام تلبس ما شاءت إلا أنها لا تتبرج بالزينة، لأنها منهية عن التبرج بالزينة، ثم يتطيب الرجل بما طاب ريحه، والمرأة بما حسن لونه دون ريحه، لأن رائحة الطيب في المرأة فتنة، ورائحة الطيب في الرجل سنة، يتطيب الرجل فيضع الطيب على رأسه وعلى لحيته بعد أن يغتسل ثم يلبس ثياب الإحرام، وبعد هذا هل يصلي ركعتين للإحرام كما هو مشهور أو لا يصلي ؟ جوابنا على هذا أن نقول ليس للإحرام سنة، السنة للوضوء، لكن إن كنت قريبا من وقت الفريضة فاجعل الإحرام بعد الفريضة، مثلا لو كنت وصلت للميقات الضحى واغتسلت وتطيبت، وليس عندك نية أن تمشي قبل الظهر فاجعل الإحرام قبل صلاة الظهر لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحرم بعد صلاة الفرض، وإذا صليت تلبي بالعمرة، ماذا تقول ؟ تقول : لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ولكن هل تشترط فتقول : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو لا تشترط ؟ تحرم، تجزم وتعتمد على الله ولا تقدر شيئا يمنع ؟ الجواب : أن الأفضل أن لا تشترط، اعتمد على الله، لا تشترط إلا إذا خفت أن يحدث لك مانع من إتمام النسك فاشترط، ومن ذلك لو خافت المرأة أن تحيض في أثناء النسك ولا تطهر قبل أن تسافر ففي هذه الحال ينبغي لها أن تشترط فتقول : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، من أجل إيش ؟ أنها إذا حاضت تحللت من الإحرام ولا شيء عليها، وتسير متجها إلى مكة وتكثر من التلبية فإذا وصلت المسجد الحرام وشرعت في الطواف فاقطع التلبية، وفي هذا الطواف يسن للرجل أن يفعل شيئين، الأول الاضطباع والثاني الرمل، فالاضطباع أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، وهذا الاضطباع لا يسن إلا في الطواف، انتبهوا، كثير من العوام من حين أن يحرموا يضطبع، هذا خطأ، بدعة، الاضطباع إنما هو في الطواف فقط، وهذا سنة للرجل، المرأة تضطبع؟ لا تضطبع، لأن ثيابها ثياب معتادة، يسن له أيضا شيء آخر أن يرمل، لكن الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط لا في كل الطواف، والرمل أن يسرع في المشي بدون أن يمد الخطا، أن يسرع بدون أن يمد الخطا، يعني الخطا تكون متقاربة ويسرع، وبدون أن يهز كتفيه، نشاهد بعض الناس في الرمل يمشي ولكن يهز الكتفين، هكذا، هذا غير صحيح، بلا هز الكتفين، في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، أما بقية الأشواط وهي أربعة فإنها لا رمل فيها، بماذا يبتدأ ؟ الطواف، يبتدأ بالحجر الأسود، وقد وضعت الحكومة وفقها الله خطا بنيا يمتد من قلب الحجر الأسود إلى منتهى المطاف فهذا هو مبتدا الطواف، تستقبل الحجر وتشير إليه، وتقول : بسم الله والله أكبر، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء لعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وإن تمكنت أن تصل إلى الحجر بدون مشقة عليك ولا على غيرك وتمسحه وتقبله فهذا أفضل، فإن لم تستطع التقبيل فامسحه بيدك وقبل يدك فإن لم تستطع فأشر إليه إشارة هذا هو السنة، وليس من السنة أن تزاحم، أما في بقية الطواف فتقول ما شئت من ذكر ودعاء وقرآن إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود فإنك تقول : (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )) وتقتص، أما الذين يقولون : وأدخلنا الجنة مع الأبرار فهذه الزيادة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الركن اليماني هل يفعل فيه كما يفعل في الحجر الأسود من التقبيل والاستلام والإشارة عند التزاحم؟ لا، الركن اليماني للاستلام فقط، يمسح هكذا باليد اليمنى ولا يقبل ولا يشار إليه إذا لم يمكن الاستلام، طيب الركن الغربي، والركن الشمالي هل يمسحان ؟ لا، لا يمسحان، لماذا ؟ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، ليسا على قواعد إبراهيم، كيف ؟ نعم ليسا على قواعد إبراهيم، كانت الكعبة أطول من هذا نحو الشمال تستوعب من الحِجر حوالي ستة أذرع ونصف، لكن لما انهدمت في عهد قريش في الجاهلية قالوا : لا تبنون الكعبة إلا في حلال طيب، انظر يا إخواني، كفار جهال يقولون لا تبنون الكعبة إلا بمال طيب، وهذا من حماية الله للكعبة، يعني لا تبنونها من الربا، ولا من الميسر ولا من الظلم، لا تبنونه إلا بمال طيب، اتفقوا على هذا فلما شرعوا في البناء وجدوا أن النفقة لا تكفي، وجدوا أن النفقة لا تكفي، فماذا صنعوا ؟ قالوا : يبنى بعض البيت، ما لا يدرك كله لا يترك كله، يؤخذ ببعضه، ابنوا بعض البيت، ابنوا بعض البيت، طيب ومن أي جهة يكون النقص ؟ قالوا من الجهة الشمالية التي ليس فيها الحجر، لا يمكن أن يكون النقص من الجهة التي فيها الحجر، ففعلوا ، فبنوا الكعبة على ما هي عليه، ووضعوا حائطا يسمى الحِجر، ويسمى الحطيم من أجل أن يكمل الناس الطواف، وبقيت الكعبة على هذا، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة قال لعائشة : ( لولا أن قومك حديثوا عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم ولجعلت لها بابين بابا يدخل منه الناس وبابا يخرج منه الناس ) ولكنه ترك ذلك صلى الله عليه وآله وسلم تأليفا لأصحابه حتى لا ينفروا ويقولوا هذا أحدث في بيت الله ما أحدث، ولكني أقول لكم إنه من نعمة الله وفضل الله أن ما أراده االنبي صلى الله عليه وآله وسلم حصل، حصل بالمعنى، الآن الكعبة لها بابان بابا يدخل منه الناس وبابا يخرج منه الناس، صحيح ؟ كيف ؟ الحجر من الكعبة وفيه باب يدخل منه الناس وبابا يخرج منه الناس مع الهواء الطلق، أرأيتم لو كانت مسقوفة ولها بابان باب يدخل منه الناس وباب يخرج منه الناس ماذا يكون ؟ يكون هلاكا، يكون هلاكا، نشاهد عند جمرات مع الهواء الطلق يموت الناس في التزاحم فكيف بالكعبة؟ لكن من نعمة الله وتحصيل مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن جعل البناء على ما هو عليه الآن، ولما تولى ابن الزبير رضي الله عنه، تولى الحجاز، هدم الكعبة وبناها على قواعد إبراهيم، بناء على ما حدثته به خالته عائشه، فبناها على قواعد إبراهيم، وجعل لها بابين، فلما تولى بنوا أمية، وقتل ابن الزبير رضي الله عنه على يد الحجاج بن يوسف الثقفي ردها الحجاج وبناها على ما كانت عليه في عهد الجاهلية، وبقيت على ما كانت عليه اليوم، ولما تولى الرشيد أراد أن يهدمها ويبنيها على قواعد إبراهيم، فأشار عليه مالك بن أنس رحمه الله وقال له : " لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك، كلما تولى ملك هدمه وبناه على قيد البناء السابق " فتركه وبقي إلى الآن، نرجع عودا على بدء إلى الطواف إذا أتم الإنسان سبعة أشواط فإنه يتقدم إلى مقام إبراهيم يتلو قول الله تعالى : (( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى )) فيصلي فيه ركعتين، انتبهوا، يصلي فيه ركعتين، هاتان الركعتان تتميزان بأنهما خفيفتان لا يطيل فيهما، السنة أن يخفف، ويقرأ فيهما ب(( قل يا أيها الكافرون )) في الركعة الأولى مع الفاتحة وب(( قل هو الله أحد )) في الركعة الثانية مع الفاتحة، ثم ينصرف ولا يدعو بعدهما، متجها إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا فليقرأ قول الله تعالى : (( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) أبدأ بما بدأ الله به، كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم متى يقرؤها ؟ إذا صعد الصفا أو إذا دنا منه ؟ إذا دنا منه قبل أن يصعد، يقرأ : (( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )) ولا يعيدها مرة ثانية، لا تقرأ عند المروة ولا تقرأ عند الصفا في المرة الثانية لا تقرأ إلا مرة واحدة إذا دنا من الصفا أول مرة، فإن هذه هي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فإذا صعد الصفا اتجه إلى القبلة ورفع يديه يدعو، لكنه يكبر ثلاثا قبل الدعاء ويحمد الله، ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما شاء، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة ثم ينزل متجها إلى المروة يمشي مشيا معتادا حتى يصل إلى العلم الأخضر، العلم الأخضر يعني العمود الأخضر، والآن ولله الحمد فيه عمود أخضر وفيه نجفات خضراء فإذا وصل إلى ذلك المكان فليسع، يسعى يعني يشتد بالمشي، وقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يسعى ويشتد في السعي حتى إن إزاره لتدور به من شدة السعي، وهنا السعي هنا ليس كالرمل في الطواف، الرمل في الطواف ليس سعيا بل ... المشي فقط، أما هذا فهو سعي شديد يسعى شديدا، ما لم يكن هناك زحام يتأذى به أو يؤذي غيره فليمش حسب الزحام، فإذا وصل إلى المروة فليصعد عليها وليتجه إلى القبلة وليفعل كما فعل على الصفا، وهل يقول إذا دنا من المروة (( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ))؟ لا، فإذا أتم سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا راجعا شوط آخر، فسيكون اختتامه بالصفا أم بالمروة ؟ سيكون اختتامه بالمروة، فإذا اختتمت بالصفا فاعلم أنك أخطأت، لا يمكن أن تختتم بالصفا لأنها سبعة أشواط، لا بد أن يكون اختتامك بالمروة، فإذا أتممت سبعة أشواط فاحلق الرأس أو قصره كلاهما جائز لكن الحلق أفضل، لكن الحلق أفضل، أما المرأة فلا حلق في حقها وإنما تقصر من أطراف شعرها قدر أنملة وبذلك تمت العمرة، فتخلع ثياب الإحرام، وتلبس الثياب العادية وتبقى حلا إلى أن ترجع إلى بلدك، ولا ينبغي أن يكرر الإنسان العمرة مرة أخرى، لا لنفسه ولا لوالديه، لأن ذلك لم يكن من هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا من هدي أصحابه فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقي في مكة بعد الفتح تسعة عشر يوما ما اعتمر مرة واحدة، لأنه دخل مقاتلا ولما استتب الأمن لم يخرج إلى التنعيم ليحرم منه، وفي عمرة القضاء مكث ثلاثة أيام، اعتمر أول ما قدم، ولم يعد العمرة مرة أخرى ولم يعد العمرة أحد من الصحابة إلا عائشة رضي الله عنها لسبب معين فإن عائشة أحرمت بالعمرة وحاضت قبل أن تصل إلى مكة، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تدخل الحج على العمرة، فلما فرغ الناس من الحج طلبت من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن تأتي بعمرة مستقلة فأذن لها، وفي مكة ينبغي للإنسان أن يحرص على الصلاة في المسجد الحرام بقدر ما يستطيع لأن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، أما المرأة فتصلي في بيتها فإنه أفضل لها.
اضيفت في - 2009-05-19