الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: فإن من المناسب أن يكون لقاؤنا هذا وهو اللقاء الشهري الذي يتم في مساء كل سبت، من السبت الثالث من كل شهر، وهذا هو السبت السادس عشر من شهر جمادى الأولى عام 1417ـ. وكان ما ذكره أخونا الشيخ محمود بن عبد العزيز الصايغ هو موضوع البحث لاستقبال دور العلم للشباب، لكن قد يكون هناك شيء شيء معترض كما يقول النحويون : " هذه جملة معترضة "، والشيء الذي اعترض هو ما حصل قبل الليلة الماضية من كسوف القمر، يقال : كسوف القمر وخسوف القمر ويقال : كسوف الشمس وخسوف الشمس، لكن الأكثر أن يقال في القمر : خسوف، وفي الشمس : كسوف، نحن نعلم جميعاً أن خالق السماوات والأرض هو الله عز وجل، وخالق الشمس والقمر هو الله عز وجل، ومسير الشمس والقمر هو الله عز وجل، يقول الله تبارك وتعالى : (( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا )) محجوب (( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )) فهما، أعني : الشمس والقمر يسيران بأمر الله عز وجل منذ خلقهما الله تعالى وإلى أن يأذن الله تعالى بخرابهما وانتهاء العالم، هذه الشمس تطلع كل يوم، والهلال يهل كل شهر بأمر الله عز وجل هو المدبر لهما، ولهذا لما حاج الرجل إبراهيم في ربه، فقال له إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (( رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ )) فقال له إبراهيم : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ )) فما استطاع أن يرد على هذا الإيراد : (( فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) ولهذا لو اجتمعت الخلائق كلها على أن ترد الشمس عن طلوعها أو تعجل في غروبها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وإنما الذي يقدر على ذلك من ؟ خالقها الله رب العالمين جل وعلا، وإذا أراد الله تعالى أن ينذر عباده خسف القمر وكسف الشمس بأمره جل وعلا، هما آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، هكذا أعلن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أعلن وذلك لأن الشمس كسفت في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، في آخر حياته في اليوم التاسع والعشرين من شهر شوال سنة عشر من الهجرة، وصادف أن ذلك اليوم كان فيه موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال الناس : كسفت الشمس لموت إبراهيم، لأنهم في الجاهلية يقولون : الشمس تكسف إذا مات عظيم، القمر يخسف إذا مات عظيم، فأعلن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بطلان هذه العقيدة وقال : ( إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ) قال : ( لموت أحد ) لأن هذا هو المعتقد في أى زمن ؟ أي زمن يا إخوان ؟ في زمن الجاهلية، ( ولا لحياته ) طرداً للباب، وإلا فلا نعلم أن أحداً من الناس قال : إن الشمس تنكسف أو القمر ينخسف لحياة أحد، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الموت بذكر الحياة طرداً للباب، وأن حياة الناس وموت الناس لا تؤثر في العالم العلوي أبداً .
الشيخ : ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما كسفت الشمس وكان كسوفها كلياً، وكان بعد ارتفاعها بمقدار رمح أو رمحين، أي : بعد ثلثي ساعة تقريباً من طلوعها، وكان اليوم شديد الحرارة، فزع النبي عليه الصلاة والسلام فزعاً عظيماً، وقام مسرعاً حتى لحق بردائه، وخرج إلى الناس وأمر منادياً ينادي : الصلاة جامعة. فاجتمع المسلمون رجالاً ونساءً في المسجد ينظرون ماذا يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أنه إذا كان الكسوف كلياً في الشمس فإنه سوف تظلم الدنيا، أظلمت الدنيا، وقيل : الصلاة جامعة. فاجتمع المسلمون وقام بهم النبي صلى الله عليه وسلم قياماً طويلاً، وصلى صلاةً غير معهودة، لماذا ؟ لأنه لما كان الكسوف غير معهود كانت الصلاة غير معهودة، فلهذا قيل : آية شرعية لآية كونية، آية شرعية لآية كونية، ما هي الآية الشرعية ؟ الأخ. إي لا قم آية شرعية لآية كونية، طيب. آية شرعية : الصلاة، لأنه لا نظير لها في الصلوات، لآية كونية : كسوف الشمس الذي حصل، قرأ قراءة طويلة حتى إن الصحابة على قوتهم في دين الله، وشدة أجسامهم، بعضهم صار يخر من الغشي، يغشى عليه، والنبي عليه الصلاة والسلام في آخر عمره ومع ذلك بقي قائماً القيام الأول بمقدار سورة البقرة، كم البقرة ؟ جزآن ونصف تقريباً، ومع ذلك بقي يقرأ عليه الصلاة والسلام، ثم ركع ركوعاً طويلاً طويلاً، ثم قام وقرأ الفاتحة وسورةً طويلة لكنها دون الأولى، وهذا من حكمة النبي عليه الصلاة والسلام، يبدأ الصلاة بالطول ثم يقصرها، لأن الناس إذا ابتدءوها بالطول ربما يلحقهم كسل أو ملل أو عجز وتعب، فصار أول الصلاة طويلاً وآخرها قصيراً، حتى في الصلوات الخمس يطيل الركعة الأولى من الظهر أكثر من الثانية، وكذلك من العصر، وكذلك من الفجر لهذه الحكمة، ثم قرأ قراءةً طويلة دون الأولى، ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الأول، ثم قام وقال : سمع الله لمن حمده، وقام قياماً طويلاً نحواً من ركوعه إلا أنه لم يقرأ، ثم سجد سجوداً طويلاً، ثم جلس بين السجدتين جلوساً طويلاً، ثم سجد سجوداً طويلاً، ثم قام إلى الثانية وصنع كالأولى إلا أنها أخف منها، وانصرف وقد تجلت الشمس، وتعلمون أن الكسوف إذا كان كلياً تطول مدته، لكن الرسول أطال الصلاة .
الشيخ : ولما انتهى من الصلاة قام وخطب الناس خطبةً عظيمةً بليغة، وبين عليه الصلاة والسلام أن الجنة عرضت عليه، والنار عرضت عليه، وأنه تقدم إلى الجنة ليأخذ منها عنقوداً قال : ( ولو أخذت لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ) ولكن الله سبحانه وتعالى صرف همته عنه، وبدا له ألا يأخذ شيئاً، ثم عرضت عليه النار وتأخر، تأخر حتى كاد يبلغ الصف خوفاً من لفحها، ورأى فيها من يعذب، رأى فيها عمرو ابن لحي الخزاعي يعذب يجر قصبه في النار، ما هي القصب ؟ الأمعاء، يجرها في النار، لأنه أول من أدخل الشرك، وسيب السوائب في العرب، ورأى فيها صاحب المحجن، صاحب المحجن : رجل يسرق الحجاج بمحجنه، يأخذ متاع الحاج ويجذبه حتى يسقط من البعير، فإن فطن له الناس قال : علق بالمحجن يعني : هو لم يتقصد، وإن لم يفطنوا له أخذه ومشى، رآه يعذب في النار، ورأى أيضاً امرأةً عذبت في هرة حبستها، لا هي أطعمتها حين حبستها، ولا هي أطلقتها تأكل من خشاش الأرض، فعذبت بسبب هذه الهرة، انظر تعذيب الحيوان يعذب عليه الإنسان، والإحسان إلى الحيوان يثاب عليه الإنسان، امرأة بغي زانية مرَّ بها كلب يأكل الثرى من العطش، ما هو الثرى ؟ التراب الرطب، يأكله من العطش، فنزلت وأخرجت ماءً بخفها وأسقته الكلب فغفر الله لها. قالوا : ( يا رسول الله، ألنا في البهائم أجر ؟ قال: نعم، في كل ذات كبد حراء أجر ) الله أكبر، أنت الآن إذا أطعمت الشاة من العلف وسقيتها من الماء تنمي مالك، والمصلحة لك، ومع ذلك لك أجر عند الله، أنت إذا أطعمت أهلك تبتغي بذلك وجه الله، أثابك الله على ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص : ( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعله في فم امرأتك )، هذه صفة صلاة الكسوف، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته إذا رأوا الكسوف أن يفزعوا إلى الصلاة والدعاء والذكر والتكبير والاستغفار والصدقة والعتق، من أجل أن يندفع الشر الذي انعقدت أسبابه، والكسوف نفسه ليس هو عذاب لكنه منذر بعذاب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( يخوف الله بهما عباده ) ولم يقل : يعاقب الله بهما عباده، تخويف، فالأمر عظيم، يجب الفزع له، ولهذا كان أرجح أقوال العلماء : أن صلاة الكسوف فرض كفاية، لا بد أن تقام في البلد .
الشيخ : وهنا مسائل، المسألة الأولى : الأفضل في صلاة الكسوف أن يجتمع الناس عليها، لأن هذا هو الذي حصل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يتفرق الناس في مساجدهم، ولأن الناس إذا اجتمعوا كانوا أقرب إلى القبول ورفع الإنذار بالعذاب عنهم، وأيضاً إذا اجتمعوا على إمام واحد فقد يكون عند الإمام من الموعظة ما يلين القلوب بخلاف ما إذا تفرقوا، المسألة الثانية : إذا جاء المأموم وقد رفع الإمام من الركوع الأول في الركعة، فهل يكون أدرك الركعة ؟ الجواب : لا، يعني : لو دخلت مع الإمام وقد ركع الركوع الأول فقد فاتتك الركعة، ولنضرب لهذا أربعة أمثلة : المثال الأول : رجل دخل مع الإمام قبل أن يركع الركوع الأول فهذا نقول : إنه إيش ؟ أدرك الركعة، وبعد أن ركع الركوع الأول لكنه يقرأ للركوع الثاني، ماذا نقول ؟ فاتته الركعة، رجل ثالث : دخل مع الإمام في قراءة الركوع الأول من الركعة الثانية فهذا فاتته الركعة الأولى وأدرك الركعة الثانية، الرجل الرابع : دخل مع الإمام بعد أن رفع من الركوع الأول في الركعة الثانية، إيش ؟ فاتته الصلاة كلها، فإذا سلم الإمام أتى بما فاته على صفته، أي : يركع ركوعين في كل ركعة، كم مسألة ذكرنا ؟ المسألة الخامسة : لو انجلى الكسوف قبل أن يتم الصلاة فماذا يصنع ؟ يتم الصلاة، ولكن يخفف، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( صلوا حتى ينجلي ) فإذا انجلى والإمام في أثناء الصلاة فإنه يخففها ويتممها، المسألة السادسة : لو انجلى الكسوف قبل أن يصلوا، فماذا يفعلون ؟ لا يصلون، لأنه انجلى وفات وقته، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( صلوا حتى ينجلي )، المسألة السابعة : لو حصل الكسوف كما حصل في شهرنا هذا يعني : عند طلوع الفجر، فنقول : إن علموا به قبل الأذان صلوا الكسوف، لأنهم علموا به ولا ينبغي أن يؤخروا الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( افزعوا ) يعني : صلوا بسرعة كالفزع من الخوف، طيب فإذا صلوا وطلع الفجر، وخافوا أن تطلع الشمس قبل أن ينتهوا من صلاة الفجر فماذا يصنع ؟ يخفف الصلاة، أي : صلاة الكسوف من أجل صلاة الفجر، المسألة الثامنة : إذا طلع الفجر قبل أن يصلوا صلاة الكسوف، فماذا يصنعون ؟ يبدءون بالفريضة قبل صلاة الكسوف، لأن الفريضة صلاة، فتدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( افزعوا إلى الصلاة ) ولأنها فريضة والفريضة أحب إلى الله من النافلة، لقول الله تعالى في الحديث القدسي: ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) ولأنه إذا صلى الفريضة صار الناس في سعة، يستطيع الإنسان أن يخرج إذا كان له شغل أو يخرج إذا كان يريد قضاء حاجته، بخلاف ما إذا كانت صلاة الفجر هي المؤخرة، فالمهم أنه متى صار الكسوف بعد دخول وقت الصلاة المفروضة فإنه يبدأ بالصلاة المفروضة، هذه مسائل تتعلق بالكسوف، ونسأل الله تعالى أن يعاملنا جميعاً بعفوه، إنه على كل شيء قدير .
الشيخ : أما موضوع اللقاء قبل أن يأتي هذا العارض فهو " إرث الأنبياء " الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون، لو تركوا أموالاً عظيمة لا يرثها أقاربهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة ) وهذا من حكمة الله، لأنه لو كان النبي يورث لقال المفترون الكاذبون : إن هذا يريد أن يجمع المال ليورث من بعده، لكنهم لا يورثون، وأما قوله تعالى : (( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ )) فالمراد : إرث العلم والنبوة، بدليل قوله : (( وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ )) ومعلوم أن الإنسان لا يرث ميراث المال إلا من أبيه، فهذا ميراث العلم .
الشيخ : الأنبياء ورَّثوا شيئاً واحداً وهو العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، ولكن يجب على العلماء الذين ورثوا الأنبياء في علمهم أن يرثوا الأنبياء في أولاً : عباداتهم، ثانياً : دعوتهم إلى الله عز وجل، ثالثاً : أخلاقهم، لا بد. فالعالم يجب عليه أولاً أن يكون من أسبق الناس إلى عبادة الله، لأنه يدعو الناس إلى العبادة فكيف يدعوهم وهو معرض عنها، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي حمله الله أعظم رسالة، كان أخشى الناس وأتقاهم لله عز وجل، حتى إنه يقوم يتهجد فتتورم ساقاه وقدماه من طول القيام.، قام معه مرة حذيفة بن اليمان، وهو أشب من الرسول عليه الصلاة والسلام، يقول : فقرأ البقرة، فقلت : يقف عند المائة أي : مائة آية، فاستمر عليه الصلاة والسلام، حتى أتم البقرة، ثم شرع في النساء فأتمها، ثم في آل عمران فأتمها، ثلاث سور تبلغ كم جزءا ؟ خمسة أجزاء وربع، ويقول حذيفة : ( كان لا يمر بآية تسبيح إلا سبح، أو آية رحمة إلا سأل، أو آية وعيد إلا تعوذ ) فسيكون قيامه طويلاً، ابن مسعود أيضاً صلى معه وأطال القيام عليه الصلاة والسلام، قال ابن مسعود : ( حتى هممت بأمر سوء ) وابن مسعود صغير قالوا : ( ماذا هممت ؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه ) . فأقول: إن وارث الأنبياء الذي منَّ الله عليه بالعلم يجب أن يرثهم في العبادة أيضاً فيكون من أعبد الناس لله عز وجل .
من إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدعوة إلى الله.
الشيخ : يجب أن يرثهم في الدعوة إلى الله عز وجل الدعوة إلى الله عز وجل سراً وعلناً، عموماً وخصوصاً، ولكن يجب أن يكون على بصيرة، يكون على بصيرة بإيش ؟ بالعلم، يكون عنده علم حقيقي، لا يأخذ يتناوش العلم تناوشاً ثم يقول : أنا من أنا، بعض طلبة العلم يأخذ العلم تناوشاً وإذا أدرك منه مسألةً واحدة قال : أنا من أنا، ثم صار يفتي ويتكلم ويقول ويزمجر، ومعلوم أن مثل هذا إذا جلس عند العامة فهو عندهم إيش ؟ شيخ كبير عالم، لأن العامي لا يعرف شيئاً، لذلك يجب أن يكون عند الإنسان علم يستطيع به أن يدعو إلى الله على بصيرة، لا بد من هذا، ولكن دعوة حق، دعوة حكمة، ينظر إلى هدي النبي عليه الصلاة والسلام في دعوة الخلق إلى الحق : أهي بالعنف والصرامة، أم هي باللين والحكمة ؟ هي باللين والحكمة، واستمع إلى قول الله عز وجل : (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) نسأل الله أن يليّن قلوبنا لذكره ولإخواننا، دعاهم باللين واللطف مع شدة غيرته عليه الصلاة والسلام، هو أشد الناس غيرة، لما أنزل الله تعالى : (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) وكان سعد بن عبادة رضي الله عنه من أشد الناس غيرة، قال : ( يا رسول الله ! أراه على امرأتي مثلا وأذهب آتي بأربعة شهداء ؟!! والله لأضربنه بالسيف ) شوف كلام سعد، يعني : يجد رجلاً على امرأته : ( والله لأضربنه بالسيف غير مصفح ) إيش معنى غير مصفح ؟ يعني : أضربه بحده، أقطعه نصفين. فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ألا تعجبون من غيرة سعد ؟ والله إني لأغير من سعد والله أغير مني ) الشاهد : أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو أغير الناس، ومع ذلك كان في دعوته إلى الله يستعمل اللين والسهولة، وسأضرب لكم مثلاً في قصة أعرابي دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وتنحى ناحية وجلس يبول، يبول في أيه ؟ في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أشرف المساجد بعد المسجد الحرام، وعنده من من عنده؟ الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة، زجره الناس صاحوا به، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( دعوه لا تزرموه ) أي : لا تقطعوا عليه بوله، فتركوه امتثالا ًلإيش ؟ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يرون أن هذا منكر، فالمنكر منكر لكن كيف التغيير ؟ لما انتهى من بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدلوٍ من ماء فصب على البول، انتهت المفسدة الآن، المكان الذي تنجس بالبول صار الآن طاهراً، بقينا في علاج هذا الرجل الأعرابي، دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فقال له : ( إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، إنما هي للتسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فانشرح صدر الأعرابي لكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنه ضاق من وجهٍ آخر، ماذا قال ؟ قال : ( اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحدا ً! ) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عامله بإيش ؟ باللطف واللين فانشرح صدره، والصحابة رضي الله عنهم عاملوه بالشدة، صاحوا به، فتأمل ! كيف بلغت هذه الكلمة من هذا الأعرابي إلى هذا المبلغ العظيم ؟ إلى أن تحجر واسعاً يقول : اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فالداعي إلى الله يجب أن يكون عنده علم بشريعة الله قبل كل شيء، ويجب أن يكون عنده حكمة كيف يعالج الأمور ؟ كيف يدعو الناس ؟ وليصبر على مضضٍ إذا رأى شخصاً على منكر وكان صياحه به يؤدي إلى نفوره، ليصبر، المقصود ما هو ؟ المقصود إصلاح الخلق، الطبيب الناصح يؤتى إليه بالمريض كله نتن، كله مرض، يصبر عليه، يصبر على نتنه، على مرضه، لأنه يريد إيش ؟ يريد علاجه، كذلك أنت تعامل مع هذا الجاهل حسب ما يقتضيه جهله حتى تتمكن من قلبه، لأنك إذا تمكنت من قلبه انفتح لك وانشرح صدره .
الشيخ : الأمر الثالث : أن يرث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخلق الذي قال الله تعالى فيه عن رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ))، (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )). ولهذا كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقاً، ومن أراد المزيد من هذا فعليه بقراءة آخر كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المسمى : * الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح *، ذكر في آخره كلاماً يكتب بماء الذهب في حياة النبي عليه الصلاة والسلام وأخلاقه وآياته، عليك يا أخي بحسن الخلق، إنك لا يمكن أن تسع الناس برزقك مهما كان عندك من المال، لكن بحسن الخلق يمكن أن ترضيهم كلهم إذا حَسُنَ خلقك، ألم تعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاءه أعرابي مرة من المرات وجذب رداءه بشدة حتى أثر في عنقه، وقال : اقسم يا محمد، الأعراب يحبون المال، قال : اقسم ولم يقل له الرسول عليه الصلاة والسلام بل التفت وضحك، مع أن مقامه أرفع مقامات البشر صلوات الله وسلامه عليه، لكن خالق الناس بخلق حسن، إن كنت تريد أن تكون محترماً بينهم معظماً مقبولاً فعليك بحسن الخلق، واجعل دائماً أمام عينك قول الله عز وجل : (( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ))(( خُذِ الْعَفْوَ )) يعني : ما عفا وسهل من أخلاق الناس، لا تكلف الناس أمراً تريد أن يكونوا عليه، لا، أنت كن عليه لا يكون الناس عليه، خالق الناس بخلق حسن، وخذ ما عفا منهم، وما فات فلا تحرص على طلبه، تسامح، غض عنهم حتى تكون على أخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم اتباعه ظاهراً وباطناً، وأن يتوفانا على ملته، ويحشرنا في زمرته، ويسقينا من حوضه، ويقر أعيننا فيه بدار كرامته إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وإلى الأسئلة التي نرجو الله تعالى أن نوفق فيها للصواب .
لماذا تحمل صفة صلاة الكسوف على صفة واحدة، ونعلم أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صفة ولكن بعض أهل العلم ذكر أنها شاذة مع أن الكسوف نراه في هذا الزمن يتكرر، فلماذا لا تحمل على عدة صفات لا على الشذوذ.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم : يقول السائل : فضيلة الشيخ لماذا تحمل صفة صلاة الكسوف على صفة واحدة، ونعلم أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صفة ولكن بعض أهل العلم ذكر أنها شاذة مع أن الكسوف نراه في هذا الزمن يتكرر، فلم لا تحمل على عدة صفات لا على الشذوذ ؟ الشيخ : من المعلوم أن الكسوف لم يقع بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، فكم تكون صلاته ؟ نعم. صلاة واحدة، وإذا اجتمع البخاري ومسلم على أنها ركوعان في كل ركعة، ثم انفرد مسلم أو غيره بأنها ثلاث ركوعات، فإن ما اتفق عليه البخاري ومسلم هو المعتمد، ولهذا من قواعد علم المصطلح : " أن الثقة إذا خالف من هو أرجح منه عدداً أو حفظاً، فالمخالف يسمى إيش ؟ شاذاً لا يعول عليه "، وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : " إن المحفوظ في صلاة الكسوف هو حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان، وما عدا ذلك فهو شاذ "، لكن صح عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم صلوا ثلاث ركوعات في كل ركعة نعم .
سمعنا أن من أراد أن يحصل علماً نافعاً فعليه أن يجعل للعلم وقتاً فرضاً، ما مدى صحة هذه العبارة..؟ وإن صحت فما سبيل تحصيل ذلك ووسائله.؟
السائل : فضيلة الشيخ سمعنا أنه من أراد أن يحصل علماً نافعاً فعليه أن يجعل للعلم وقتاً فرضاً، ما مدى صحة هذه العبارة ؟ وإن صحت فما سبيل تحصيل ذلك ووسائله ؟ الشيخ : هو على كل حال ينبغي للإنسان أن يكون منظماً لوقته، أن ينظم وقته، بقدر المستطاع، فمثلاً : أولاً ينظم الكتب التي يريد قراءتها، فيبدأ قبل كل شيء بفهم كتاب الله عز وجل، لأن الله تعالى قال : (( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ )) هذا قبل كل شيء، لكن لا مانع من أن يضيف إلى ذلك شيئاً من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم بما قاله العلماء في التوحيد والصفات، ثم بما قاله العلماء في الفقه، وكذلك أيضاً لا مانع من أن يخلط مع هذه العلوم شيئاً من علوم اللغة العربية، فهي الآن تكاد تكون مهجورةً عند كثير من الطلبة، تجد طالب علم متقدماً في العلم، إذا قرأ وإذا اللحن في قراءته كثير، وإذا كتب وإذا اللحن في كتابته كثير، وهذا لا ينبغي، فعلى كل حال طالب العلم لا بد أن يكون على يد شيخ يوجهه لما ينبغي أن يبدأ به نعم .
طالب علم مستجد يريد الهداية والنور، هل توصينا بالحفظ أولاً أو الفهم.؟ وما هي المتون التي توصينا بحفظها.؟
السائل : حول موضوع طلب العلم : يقول : فضيلة الشيخ طالب علم مستجد يريد الهداية والنور، هل توصينا بالحفظ أولاً أو الفهم ؟ وما هي المتون التي توصينا بحفظها ؟ الشيخ : أنا أوصي بالحفظ أولاً من كان صغيراً، لأن الصغير يمتاز بالحفظ عن الكبير بشيئين : أولاً : سرعة الحفظ، وثانياً: عدم النسيان، ولهذا كان من الأمثال السائرة المشهورة : " العلم في الصغر كالنقش في الحجر " ولأن الصغير لا يحتمل ذهنه إلى شرح المعاني وتشقيقها وتحليلها لأنه صغير، هذه واحدة، ثانياً : أول وأولى ما يحفظ كتاب الله عز وجل، هذا أول شيء، لأن كتاب الله إذا حفظته فهو الأصل هو الأصل في إثبات الأحكام والأدلة، إذا حفظته وأمكنك أن تقرأه على كل حال ما لم تكن جنباً، يمكن أن تقرأه وأنت تمشي في السيارة، على قدميك، يمكن أن تقرأه وأنت على فراشك، يمكن أن تقرأه في كل وقت ما لم تكن جنباً أو في أماكن لا يليق أن تقرأ القرآن فيها، ثم بعد ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولاسيما في الكتب المخصصة لذلك كعمدة الأحكام فإن ما فيها مأخوذ من * الصحيحين *، ثم ما كتبه العلماء في الفقه، وأحسن ما نرى * زاد المستقنع في اختصار المقنع * وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله يوصينا فيه، ويقول : " إنه من أجمع الكتب المختصرة "، وهو أيضا قد تناوله العلماء بالشرح والحاشية والتعليق وغير ذلك . نعم.
إذا ذكر أهل الفلك بأن الكسوف سيحدث في الساعة الفلانية فهل للإمام أن يخبر من خلفه بموعد الكسوف حتى يحضروا أو لا يخبرهم حتى يحدث الكسوف.؟
السائل : يقول : فضيلة الشيخ إذا ذكر أهل الفلك بأن الكسوف سيحدث في الساعة الفلانية فهل للإمام أن يخبر من خلفه بموعد الكسوف حتى يحضروا أو لا يخبرهم حتى يحدث الكسوف ؟ الشيخ : الذي أرى ألا يخبرهم، وألا يشيع الخبر أيضاً إذا علم به، لأن الناس إذا علموا به من قبل، لم يهتموا به كثيراً، وظنوه كالهلال إذا هل، والكسوف رهبة وتخويف، وصلاته صلاة رهبة، ليست كصلاة العيد التي هي صلاة فرح وسرور حتى يعلن عنها، فكتم خبر الكسوف أولى بكثير من الإخبار عنه، هذا ما نراه في هذه المسألة، وكذلك يراه شيخنا عبد العزيز بن باز، وهو أولى بلا شك، ولهذا تجد الناس الآن يأتون مثلاً إلى صلاة الكسوف وكأنما أتوا إلى صلاة عيد، وجد الكسوف فجاءوا يصلون، لكن ما تجد الرهبة العظيمة التي أدركناها، كان الناس يأتون إلى المساجد مسرعين، يبكون، وتجد المسجد له صوت من البكاء، أما الآن فأصبح كأنه هلال عيد هلَّ، وجاء الناس يصلون، فلذلك أرى ألا تعلن وألا تشاع إذا سمع بها الإنسان، حتى يأتي الناس مفاجأة ويحصل لهم الرهبة والخوف من الله عز وجل نعم .
بينت لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف، فما نصيحتكم لأناس في غير هذه البلاد وهم أولئك الذين يضربون بالدفوف ويذبحون الذبائح إذا حصل الكسوف، ويسمون هذه كرامة لله، ويوزعونها للناس، وهذا معتقد كثير منهم وللأسف، وهو في البلاد الإسلامية، وإن هذا الشريط سوف يصل إليهم بإذن الله تعالى.؟
السائل : يقول : فضيلة الشيخ بينت لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف، فما نصيحتكم لأناس في غير هذه البلاد، وهم أولئك الذين يضربون بالدفوف ويذبحون الذبائح إذا حصل الكسوف، ويسمون هذه كرامة لله، ويوزعونها للناس، وهذا معتقد كثير منهم وللأسف، وهو في البلاد الإسلامية، وإن هذا الشريط سوف يصل إليهم بإذن الله تعالى ؟ الشيخ : أقول : نصيحتي لهؤلاء، أبدؤها بالعلماء علماء البلاد : يجب عليهم أن يبينوا للعامة ما حملهم الله إياه، بأن صلاة الكسوف سببها تخويف الله عز وجل للعباد، وأنها تصلى على الصفة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذه الخرافات والخزعبلات لا أصل لها، كيف يذهب الناس يضربون بالدفوف ويرقصون في الأسواق والله عز وجل جعل ذلك تخويفاً ؟ فالواجب أولاً على العلماء، أما العامة فالواجب عليهم الكف عن هذه الأشياء والاتجاه إلى المساجد وإقامة صلاة الكسوف كما أقامها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعم .
ذكرت يا فضيلة الشيخ في الخطبة: أن الكسوف ازداد في هذا الزمان بسبب ازدياد المعاصي، فهل المعاصي تؤثر في حركة الأجرام.؟
السائل : يقول : ذكرت يا فضيلة الشيخ في الخطبة أن الكسوف ازداد في هذا الزمان بسبب ازدياد المعاصي، فهل المعاصي تؤثر في حركة الأجرام ؟ الشيخ : نعم. المعاصي لا شك أنها تؤثر لكنه ليس التأثير من نفس المعاصي، بل المعاصي سبب، والذي يغير الأفلاك هو الله عز وجل، قال الله تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ )) ولهذا جاء في الحديث أعني : حديث الكسوف، ( لينظر من يحدث منهم توبة ) لأن الله يقدر ذلك لينظر من يحدث منهم أي : من الناس، توبة إلى الله عز وجل، فدل ذلك على أن سبب هذا الكسوف هو المعاصي نعم .
إمام صلى الكسوف وفي الركعة الثانية لم يقرأ سوى الفاتحة، فهل صلاته صحيحة.؟ أرجو الإيضاح.
السائل : يقول : فضيلة الشيخ إمام صلى الكسوف وفي الركعة الثانية لم يقرأ سوى الفاتحة، فهل صلاته صحيحة ؟ أرجو الإيضاح. الشيخ : نعم. صلاته صحيحة، لأنه قرأ الركن وهو الفاتحة، واعلموا أن الركوع الثاني من كل ركعة ليس بواجب، بل هو سنة، والركوع الأول هو الواجب وهو الركن، ولهذا قلنا : إن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع الأول، لأنه هو الركن، أما الثاني فإنه تطوع، لكن يا حبذا لو أن الأئمة طلبوا دورة من المسئولين عن شئون المساجد، دورة تبين لهم هذه الأحكام التي تخفى على كثير منهم . السائل : سؤال بعيد عن الخسوف : يقول : فضيلة الشيخ تعلمون ما تعرض له أقصانا المبارك من اعتداء صارخ وآثم من قبل اليهود، وتعلمون الجرائم المروعة التي لقيها إخواننا في فلسطين وهم يدافعون عن أولى القبلتين، فما توجيهك لأولئك المغترين بأن هؤلاء اليهود قد انسلخوا عن عقائدهم وحقدهم الدفين ؟