سلسلة اللقاء الشهري-53a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة اللقاء الشهري
توجيهات رمضانية.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة إحدى وعشرين من شهر شعبان عام 1418، وهي أطول ليلة في السنة، ولهذا بعد يومين سيكر النهار على الليل ويأخذ من الليل ما أخذه منه، وهذا دليل على حكمة الله تعالى وقدرته، فهذه الشمس التي يختلف بها الليل والنهار تارة تكون في أقصى الجنوب وتارة تكون في أقصى الشمال، والذي يسيرها ويدبرها ويجريها إلى أجل مسمى هو خالقها عز وجل، قال الله تعالى : (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ )) ما الجواب ؟ لا أحد، لا أحد يأتينا بضياء إذا جعل الله الليل سرمداً إلى يوم القيامة (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ )) ؟ الجواب : لا أحد (( أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ )) أي : في الليل (( وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ )) أي : في النهار (( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) نسأل الله أن يرزقنا وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته، نحن الآن في استقبال شهر رمضان، نسأل الله تبارك وتعالى أن يفيض علينا وعليكم من بركاته، وأن يجعلنا وإياكم ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً، ولكن كيف نستقبل هذا الشهر المبارك ؟ إنه شهر لا نظير له في شهور السنة، إنه شهر خصه الله بخصائص لا توجد في غيره من شهور السنة، فهو الشهر الذي فرض الله صيامه، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام، وهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، وهو الشهر الذي فيه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وهو الشهر الذي أعز الله فيه هذه الأمة في بدر، حيث كانت الغلبة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، وهو الشهر الذي فتحت به أم القرى وأنقذها الله تعالى من الشرك والمشركين، ففي هذا الشهر فضائل سابقة وفضائل لاحقة، ينبغي لنا أن نستقبل هذا الشهر بكل انشراح، وبكل سرور، وبكل عزم، وبكل نشاط على الأعمال الصالحة حتى نغتنم الفرصة، فكم من إنسان تمنى أن يدرك هذا الشهر ولم يدركه، وكم من إنسان أدرك هذا الشهر وفات عليه خسره، لم يعمل فيه شيئاً، لذلك أحث نفسي وإياكم على أن نستقبل هذا الشهر بالأعمال الصالحة المقربة إلى الله عز وجل، وأعظم ما فيه من الأعمال الصالحة الصيام، لأنه فرض، وكن من أركان الإسلام، ولكن هل الصيام أن نصوم عن الأكل والشرب والأهل ؟ لا. هذا صيام ظاهري حسي، لكن الصيام المعنوي الحقيقي هو : أن يصوم الإنسان عما حرم الله، ولهذا قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) لم يقل : لعلكم تجوعون، لعلكم تعطشون، لعلكم تتشوقون للأهل، قال : (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله : (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) إن الله تعالى لم يفرض علينا صيامه ليعذبنا به جوعاً وعطشاً وإمساكاً عن الأهل، إنما أراد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، فما قول الزور ؟ قول الزور : كل قول محرم فهو قول زور، كل قول محرم فهو قول زور سواء شهادة زور، أو غيبة، أو نميمة، أو كذب، أو غير ذلك، كل قول محرم فهو إيش ؟ قول زور، لأنه مأخوذ من الازورار وهو : الانحراف، والعمل به أي بالزور ويراد به كل عمل محرم، كالنظر في النساء، والنظر في الكتب البدعية، والنظر إلى الأفلام السيئة، وغير ذلك، والجهل : العدوان، الجهل : العدوان على الناس، الجهل هو العدوان على الناس، وليس ضد العلم، لا لأن الجهل هنا يراد به العدوان كما في قول الشاعر الجاهلي : " ألا لا يجهلن أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا "
معنى لا يجهلن أحد علينا أي : لا يعتدي ويبغي علينا، فإن بغى علينا صرنا أشد منه، ولا شك أن مؤمناً يمر به شهر كامل يتأدب بآدابه، لا شك أنه سيتغير مسيره، سيرجع إلى الله بعد الهرب منه، وسيرجع إلى الطاعة بعد المعصية، وستتهذب أخلاقه، لأن شهراً كاملاً يعتكف فيه الإنسان على ما يرضي الله عز وجل لا بد أن يؤثر فيه مهما كان .
فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة إحدى وعشرين من شهر شعبان عام 1418، وهي أطول ليلة في السنة، ولهذا بعد يومين سيكر النهار على الليل ويأخذ من الليل ما أخذه منه، وهذا دليل على حكمة الله تعالى وقدرته، فهذه الشمس التي يختلف بها الليل والنهار تارة تكون في أقصى الجنوب وتارة تكون في أقصى الشمال، والذي يسيرها ويدبرها ويجريها إلى أجل مسمى هو خالقها عز وجل، قال الله تعالى : (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ )) ما الجواب ؟ لا أحد، لا أحد يأتينا بضياء إذا جعل الله الليل سرمداً إلى يوم القيامة (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ )) ؟ الجواب : لا أحد (( أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ )) أي : في الليل (( وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ )) أي : في النهار (( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) نسأل الله أن يرزقنا وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته، نحن الآن في استقبال شهر رمضان، نسأل الله تبارك وتعالى أن يفيض علينا وعليكم من بركاته، وأن يجعلنا وإياكم ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً، ولكن كيف نستقبل هذا الشهر المبارك ؟ إنه شهر لا نظير له في شهور السنة، إنه شهر خصه الله بخصائص لا توجد في غيره من شهور السنة، فهو الشهر الذي فرض الله صيامه، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام، وهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، وهو الشهر الذي فيه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وهو الشهر الذي أعز الله فيه هذه الأمة في بدر، حيث كانت الغلبة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، وهو الشهر الذي فتحت به أم القرى وأنقذها الله تعالى من الشرك والمشركين، ففي هذا الشهر فضائل سابقة وفضائل لاحقة، ينبغي لنا أن نستقبل هذا الشهر بكل انشراح، وبكل سرور، وبكل عزم، وبكل نشاط على الأعمال الصالحة حتى نغتنم الفرصة، فكم من إنسان تمنى أن يدرك هذا الشهر ولم يدركه، وكم من إنسان أدرك هذا الشهر وفات عليه خسره، لم يعمل فيه شيئاً، لذلك أحث نفسي وإياكم على أن نستقبل هذا الشهر بالأعمال الصالحة المقربة إلى الله عز وجل، وأعظم ما فيه من الأعمال الصالحة الصيام، لأنه فرض، وكن من أركان الإسلام، ولكن هل الصيام أن نصوم عن الأكل والشرب والأهل ؟ لا. هذا صيام ظاهري حسي، لكن الصيام المعنوي الحقيقي هو : أن يصوم الإنسان عما حرم الله، ولهذا قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) لم يقل : لعلكم تجوعون، لعلكم تعطشون، لعلكم تتشوقون للأهل، قال : (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله : (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) إن الله تعالى لم يفرض علينا صيامه ليعذبنا به جوعاً وعطشاً وإمساكاً عن الأهل، إنما أراد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، فما قول الزور ؟ قول الزور : كل قول محرم فهو قول زور، كل قول محرم فهو قول زور سواء شهادة زور، أو غيبة، أو نميمة، أو كذب، أو غير ذلك، كل قول محرم فهو إيش ؟ قول زور، لأنه مأخوذ من الازورار وهو : الانحراف، والعمل به أي بالزور ويراد به كل عمل محرم، كالنظر في النساء، والنظر في الكتب البدعية، والنظر إلى الأفلام السيئة، وغير ذلك، والجهل : العدوان، الجهل : العدوان على الناس، الجهل هو العدوان على الناس، وليس ضد العلم، لا لأن الجهل هنا يراد به العدوان كما في قول الشاعر الجاهلي : " ألا لا يجهلن أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا "
معنى لا يجهلن أحد علينا أي : لا يعتدي ويبغي علينا، فإن بغى علينا صرنا أشد منه، ولا شك أن مؤمناً يمر به شهر كامل يتأدب بآدابه، لا شك أنه سيتغير مسيره، سيرجع إلى الله بعد الهرب منه، وسيرجع إلى الطاعة بعد المعصية، وستتهذب أخلاقه، لأن شهراً كاملاً يعتكف فيه الإنسان على ما يرضي الله عز وجل لا بد أن يؤثر فيه مهما كان .
رسالة إلى المدخنين.
الشيخ : وإنني بهذه المناسبة أزجي رسالة إلى الذين ابتلاهم الله عز وجل بشرب الدخان : شرب الدخان حرام، وقد تبين للعلماء كثيراً الآن أنه حرام، وأن الشارب عاص لله ورسوله، وأنه إذا أصر على شربه انتقل من دائرة العدالة إلى دائرة الفسوق، يكون فاسقاً، وشهر رمضان ميدان فسيح لمن أراد الله هدايته، فأمسك عن الدخان، لأنه سيمر به اليوم كاملاً وهو إيش ؟ لم يدخن، فليتحمل وليصبر ليلته ثم يأتي اليوم الثاني، وبعد مضي أسبوع تتغير الأحوال، قد يكون في أول الأسبوع يشق عليه هذا كثيراً، لكن فيما تتبعنا وسبرنا وجدنا أن الأمور التي يريد الله أن تتغير تتغير في أسبوع، ولهذا كانت العقيقة، الذبيحة عن الولد متى ؟ في اليوم السابع، يمر به الأسبوع، وهذا يطور الشيء، كثير من المرضى يحسون بالمرض ويصبرون عليه، وبعد أسبوع تتغير الحال، إما إلى أسوء وإما إلى أصح، فأقول : إن هؤلاء الذين ابتلوا بشرب الدخان سيجدون في أول الأسبوع مشقةً عظيمة شديدة، لكن ليتحملوا ويصبروا، لأنه وإن كان الثمن باهظاً فالسلعة غالية، الثمن باهظ سيتكلفون ويشق عليهم، لكن السلعة غالية، وهي أن يعصمهم الله من هذا الدخان الخبيث، وإذا مضى أسبوع تتغير الأحوال، والأسبوع الثاني تتطور إلى أحسن، وهلم جرا، فلا يخرج هذا الشهر المبارك إلا وقد عصم الله تعالى من شاء من عباده من شرب هذا الدخان الخبيث، لكن يبقى عليه أن يتعاهد هذه العصمة بحيث يبتعد عن الذين يشربونه حتى لا ينتكس بعد الاستقامة .
الحث على اغتنام شهر رمضان.
الشيخ : إنني أحث نفسي وإياكم على اغتنام الفرصة في هذا الشهر المبارك، ولقد جرت العادة كثير من الناس أن يسافروا إلى مكة لأداء العمرة وللمكث فيها ما شاء الله، ثم منهم من يرجع ومنهم من يكمل الشهر، ولا حرج في هذا، ولكن إذا كان الإنسان إذا ذهب إلى مكة يضيع الواجبات عليه، فإنه يكون بذلك آثماً، آثماً، لو فرضنا ذهب إلى مكة ترك وظيفته، إن كان مؤذناً ترك الأذان، وإن كان إماماً ترك الإمامة، وربما ينيب عنه من لا يرضاه أهل المسجد، أو من لا ترضاه إدارة الأوقاف أو ما أشبه ذلك، يكون هذا الإنسان كالذي هدم مصراً وعمر قصراً، وبإمكانه إذا كان يحب أن يعتمر في رمضان أن يذهب في خلال ثلاثة أيام ويرجع، وإذا كان في الطائرة في خلال يوم واحد، كذلك أيضاً : بعض الناس يذهب إلى مكة ويبقى كل الوقت هناك ويضيع أهله وأولاده، يضيع أهله وأولاده، يسفهون، ويتسكعون في الأسواق ليلاً ونهاراً، ويضيعون الواجب، لأن بعض الناس في رمضان يحيون الليل وينامون النهار، ويتركون الصلاة مع الجماعة، فيضيعهم، وهو مسئول عنهم، فيكون هذا الرجل فعل مستحباً وترك واجباً، وكل إنسان عاقل لا يمكن أن يفضل المستحب على الواجب، وشر من ذلك من يذهب بعائلته إلى مكة ويدع العائلة الشباب والشابات يتسكعون في مكة، ويسفهون مع من يسفه ولا يبالي، تجده هو في الحرم في المسجد الحرام، يمكن في أول صف ويرى أنه حصل على أجر كثير وخير عميم، ولم يدر المسكين أنه بإضاعته أهله على إثم كبير، لذلك يجب علينا يا إخواني أننا إذا أردنا عبادة أن نستشير أطباء العبادة، فمن هم أطباء العبادة ؟ العلماء، نستشير العلماء : هل هذا خير أو غير خير ؟ هل هو شر أو خير ؟ وأما أن يتعبد الإنسان لربه بعاطفته، فهذا غلط عظيم، قال الله عز وجل : (( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ )) أي : بالقرآن الذي فيه تذكرهم (( فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ )) .
حكم تعليق النية في الصوم.
الشيخ : في الصيام بحوث ينبغي أن نلم بها .البحث الأول : رجل نام أو امرأة، نام ليلة الثلاثين من شعبان قبل أن يثبت الشهر، فقال بقلبه : إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، ولم يقم إلا بعد طلوع الفجر، وإذا الناس قد صاموا، فهل يجزئه صوم ذلك اليوم أو لا ؟ الجواب : يجزئه، لأنه نوى شيئاً محتملاً، نوى شيئاً محتملاً، يعني : ليلة الثلاثين من شعبان يمكن أن تكون هي أول يوم من رمضان، أليس كذلك ؟ وقد استثنى : إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فصار غداً من رمضان، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) هذا الرجل له ما نوى أو لا ؟ أجيبوا يا جماعة ؟ نعم. له ما نوى، وقد نوى إن كان غداً من رمضان فهو صائم، فإذا قال إنسان : هذا شرط في العبادة، والشرط في العبادة مو بصحيح، اجزم بالعبادة. قلنا بل الشرط في العبادة صحيح، الدليل : أن ضباعة بنت الزبير، أرادت الحج فأتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت : ( يا رسول الله ! إني أريد الحج وأنا شاكية يعني: مريضة فقال لها : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت ) الله أكبر، حجي واشترطي، ما دمت مريضة تخشين ألا تكملين النسك فاشترطي، قولي : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ثم قال : إن لك على ربك ما استثنيت )، هذه واحدة .
حكم من أكل وشرب ظاناً بقاء الليل أو دخوله ثم تبين خطؤه.
الشيخ : ثانياً : رجل قام في ليلة من ليالي رمضان ونظر إلى الساعة فأخطأ في نظره وظن أنه في ليل، فجعل يأكل ويشرب، وإذا بالإقامة تقام للصلاة فأمسك، من حين ما سمع الإقامة أمسك، لكن الإقامة أولَّها شك هل هي إقامة أو أذان ؟ فلما قال : قد قامت الصلاة عرف أنها إقامة فأمسك، أيصح صومه ؟ يصح صومه، أكل بالنهار ! نعم يصح صومه وإن كان قد أكل في النهار، لأنه أكل عالما أو جاهلاً ؟ جاهلاً، لا يدري أنه في النهار، بل يظن أنه في ليل، فصومه صحيح، فإذا قال قائل : ما هو الدليل على أن صومه صحيح ؟ قلنا : لأنه أخذ برخصة الله، وقد قال الله تعالى (( كلوا واشربوا )) بل قال : (( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا )) أكمل (( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ )) إذاً هو آكل برخصة من الله، لأنه ما تبين له، فليس عليه قضاء صيامه صحيح، والدليل هذه الآية : (( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) واضح. أيضاً دليل آخر : قال الله تعالى : (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) ماذا قال الرب عز وجل ؟ قال : قد فعلت. يعني : لن أؤاخذكم إذا نسيتم أو أخطأتم، وهذا الرجل مخطئ أو متعمد ؟ مخطئ نعم. مخطئ، فليس عليه شيء (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) هذا مخطئ وقد قال الله عز وجل : قد فعلت إذا كان فعل الحمد لله، أيضاً : رجل سمع المؤذن يؤذن للمغرب وهو صائم، سمع المؤذن يؤذن والدنيا مظلمة فأكل وشرب، ثم تبين أن المؤذن أخطأ، غلط، الساعة مقدمة والشمس لم تغرب، هل يلزمه القضاء أو لا يلزمه أو الصوم صحيح ؟ الصوم صحيح، الصوم صحيح يا إخواني، كيف يكون صحيح وقد تبين أنه أكل قبل أن تغرب الشمس ؟ نقول : نعم. هذا الرجل هل هو متعمد أن يأكل قبل أن تغيب الشمس أو مخطئ ؟ مخطئ، إذا كان مخطئاً فهذا كلام الله عز وجل : (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) فقال الله تعالى : ( قد فعلت ). وقال جل وعلا : (( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ )) انتبه (( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )) الحمد لله، كريم تكرم على العباد جل وعلا، أفلا يليق بنا أن نقبل كرمه ؟ بلى والله، نقبل كرمه، ثم نقول : هذه المسألة بعينها وقعت في زمن البشير النذير محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : ( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس ) أفطروا في يوم غيم بناءً على إيش ؟ بناء على أن الشمس غربت، ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء - ما يخالف خلوه يفرح - م يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء مع أنهم أكلوا قبل غروب الشمس، ولو كان القضاء واجباً عليهم لبلغهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، لأنه إذا كان القضاء واجباً كان من شرع الله، والرسول صلى الله عليه وسلم مأمور أن يبلغ شرع الله، وإذا بلغه، فلا بد أن ينقل إلينا، لأن الشرع إلى يوم القيامة، فلما لم ينقل إلينا أنهم قضوا يوما، علمنا أن الرسول لم يأمرهم بذلك وأن صيامهم صحيح .
حكم من أكل أو شرب أو جامع في نهار رمضان ناسياً.
الشيخ : رجل صائم، صائم، ونسي فشرب فنجاناً من القهوة، ثم ذكر بعدما شرب الفنجان، ماذا نقول له ؟ صيامه صحيح أو عليه الإعادة ؟ الله المستعان. تقهوى عقب الظهر شرب القهوة بعد الظهر نصف النهار، لكنه ناسي ثم ذكر ماذا نقول ؟ صيامه صحيح، صيامه صحيح، الدليل : قول الله تبارك وتعالى : (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) وهذه يا إخواني هذه قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام : رفع الإثم والجناح عن كل مخطئ أو ناسي، والذي قالها من ؟ الله عز وجل، ما فلان وفلان حتى نقول يمكن يخطئ، قالها الرب عز وجل : (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) طيب. إذاً ليس عليه القضاء ؟ أجيبوا ؟ نعم. فيه دليل خاص في الموضوع وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ) الفعل ليس فعله في الواقع، ناسٍ، فكأنه لم يفعل، ولهذا قال : ( فإنما أطعمه الله وسقاه )، طيب. إنسان حديث عهد بالزواج، وأتى أهله في آخر الليل، ظناً منه أن الليل باق، وإذا بالإقامة تقام فما تقولون ؟ هل عليه شيء ؟ رجل جامع بعد الفجر ! لكنه لم يعلم أن الفجر قد طلع، عليه شيء لا. ما عليه شيء، لا إثم، ولا كفارة، ولا قضاء، لأن الله تعالى قال : (( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ )) باشروا من ؟ النساء (( وابتغوا ما كتب لكم كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) الثلاثة كلها سواء : مباشرة النساء والأكل والشرب، سواء ولا دليل على التفريق بينها، كلها سواء، كلها من محظورات الصيام، وإذا وقعت على وجه الجهل أو النسيان فلا شيء، طيب. هذا الرجل الذي هو حديث عهد بعرس يقول : إنه يدري أنه حرام، لكن لا يدري أن عليه هذه الكفارة المغلظة، ولو علم أن عليه هذه الكفارة المغلظة ما فعل، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت، هو يقول : إنه يدري أنه حرام لكن لم يعلم أن عليه هذه الكفارة، ولو علم ما فعل، فهل نلزمه بالكفارة أو لا ؟ الجواب : نعم. نلزمه بالكفارة، نلزمه بالكفارة، ولدينا على ذلك دليل وتعليل، الدليل : ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ( يا رسول الله. هلكت هلكت، قال : ما الذي أهلكك ؟ قال : أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم ) الرجل عارف أنه حرام ولهذا قال: إنه هلك، قال : ( أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعتق رقبة، قال : ما أجد.، صم شهرين متتابعين، قال : ما أستطيع. قال : أطعم ستين مسكيناً، قال : ما أجد ) كم الخصال الآن ؟ الخصال ثلاث، عتق، فإن لم يجد فصيام، فإن لم يستطع فإطعام، ما عنده شيء ( فبينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس إذ جيء إليه بزنبيل، - تعرفون الزنبيل - نعم زنبيل فيه تمر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذا الرجل : خذ هذا فتصدق به، فماذا كان من الرجل ؟ قال: يا رسول الله أعلى أفقر مني ؟ والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني ) سبحان الله ! رجل قد أتى خائفاً هالكاً وطمع هذا الطمع، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( أطعمه أهلك ) فرجع إلى زوجته، بتمر يكفيهم إلى ما شاء الله، فلم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم بجهله بوجوب الكفارة، لأنه عالم، إي نعم التعليل : هو أن هذا الذي يعلم التحريم قد انتهك حرمة الزمن وحرمة الصيام فلا عذر له، لأنه انتهك الحرمة، فلا عذر له .
حكم من سافر في نهار رمضان صائماً ثم أراد أن يفطر.
الشيخ : رجل صام في بلده، ثم سافر في أثناء النهار، فهل يجوز له أن يفطر وقد صام ونوى الفرض، فهل يجوز أن يفطر أو لا ؟ قال بعض أهل العلم : لا يجوز، لأنه لما تلبس بالفرض صار إتمامه واجباً، والقاعدة الفقهية : " أن من دخل في فرض لزمه إتمامه ". فلا يجوز أن يفطر، وقال بعض العلماء : بل يجوز أن يفطر، وهذا القول هو الصحيح، أن من سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر سواء شق عليه الصيام أم لم يشق، انتبه يا أخ الدليل : لأن التعليل الذي ذكره المانعون، تعليل قوي، دخل في فرض ولا يمكن أن يخرج منه إلا لضرورة، لكن نقول لدينا دليل : وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في السفر وكان صائماً، ولا شك أن لنا في رسول الله أسوة حسنة عليه الصلاة والسلام. فعليه إذا سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر ولا حرج عليه، طيب لو قدرنا أن معه أهله هل يجامع أو لا ؟ نعم يجامع، لأنه متى جاز الأكل والشرب جاز الجماع، هما قرينان في القرآن الكريم : (( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) ولذلك لو دخل وقت الصلاة، وأنت في بلدك، ثم سافرت قبل أن تصلي، فهل تصلي أربعاً أو ركعتين ؟ تصلي ركعتين، لأنك الآن مسافر، فلو قال قائل : هذا وجبت عليه الصلاة أربعاً، لأنه أذن وهو في البلد، قلنا : نعم. وجبت عليه أربعاً، لكن الآن هو في سفر، وقد قال الله تعالى : (( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ )) فيصلي ركعتين، كما لو أنه كان بالعكس، لو قدم من السفر وقد دخل عليه وقت الصلاة وهو في السفر ثم وصل بلده كم يصلي ؟ يصلي أربعاً، العبرة بفعل الصلاة، لو سألنا سائل : الصائم الذي سافر للعمرة هل الأفضل أن يؤدي العمرة في النهار، ولكنه لا يستطيع إلا أن يفطر ويتقوى على الأكل والشرب، أو الأفضل إذا وصل مكة يبقى إلى آخر النهار فإذا أفطر وتقوى أتى بالعمرة ؟ أيهما أفضل ؟ الأول أفضل، نقول : أفطر وأد العمرة من حين تصل إلى مكة، لأن المعتمر لا ينبغي أن يقدم شيئاً على العمرة من حين يصل إلى مكة، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينيخ راحلته عند المسجد قبل أن يذهب إلى رحله ويؤدي العمرة، فنقول : هذا أفضل، هذا المثال الذي ذكرته الآن قد لا نحتاج إليه اليوم، لأن اليوم النهار بارد، ويمكن للإنسان أن يأتي بعمرته من حين أن يصل بدون مشقة، لكن قبل سنوات كان الإنسان يشق عليه جداً أن يؤدي العمرة وهو صائم، والأمر والحمد لله واسع .
التفصيل في مسألة أخذ الإبر في رمضان.
الشيخ : رجل احتاج إلى إبرة لأنه مريض، وقال الأطباء : لا بد من الإبرة وهو صائم، فهل يمكنهم من ذلك، أو لا ؟ الجواب : يمكنهم من ذلك، ويضرب الإبرة سواء في العضلات أو في الوريد، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجد، لأن الإبرة ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، والأصل أن هذا الصيام صحيح، ولا يحل لنا أن نبطل عبادة عباد الله إلا ببرهان من الله، رجل متلبس بعبادة الله نأتي ونقول : والله عبادتك فسدت حرام علينا إلا إيش ؟ بدليل برهان واضح، نعم. لو فرض أنه ضرب بإبر تغني عن الطعام والشراب ويتغذى عليها الإنسان، فهذا نقول : إنه يفطر لكنه لا يحتاج إليها غالباً إلا لمرض ونقول : أفطر من إيش ؟ من أجل المرض، الأمر واسع والحمد لله، ومن ذلك من يصابون بالفشل الكلوي يحتاجون إلى إبر تخرج الدم وينظف ثم يعود، هؤلاء نقول : أفطروا والأمر واسع، أفطروا وأجروا هذه العملية، وإن كان المرض مستمراً لا يرجى برؤه فأطعموا عن كل يوم مسكيناً، وإن كان يرجى برؤه فانتظروا حتى يعافيكم الله وتقضون لقوله تعالى : (( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )) .
قيام رمضان.
الشيخ : وننتقل الآن من الصيام إلى القيام، قيام رمضان مندوب إليه ولا ينبغي للإنسان أن يفرط فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) والتراويح الآن تعتبر إيش ؟ تعتبر من قيام رمضان لا شك، فالذي ينبغي هو ألا نفرط فيه، وأن نبقى مع الإمام من صلاة العشاء إلى أن ينتهي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا له : ( يا رسول الله. قم بنا بقية ليلتنا، نود أن نبقى إلى الفجر قال : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) اللهم لك الحمد، تقوم مع الإمام لمدة ساعة أو ساعة ونصف ويكتب لك قيام ليلة كاملة، فلا ينبغي للإنسان أن يفرط في هذه التراويح، بالنسبة للأئمة، يجب عليهم أن يتقوا الله فيمن وراءهم، وأن يؤدوا الصلاة على وجه يطمئن الناس فيه، ويتمكنون من الدعاء في الركوع والسجود، والدعاء في السجود أوكد من الدعاء في الركوع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أي : حري، أن يستجاب لكم ) فليعط المأمومين فرصة للدعاء، والتسبيح، والثناء على الله عز وجل، ولا يكن همه أن يخرج مبكراً، لأن بعض الأئمة يلاحظ هذا، يسرع في التراويح علشان أيه ؟ يخرج هو الأول، ولا يغره أن الناس يكثرون وراءه، لأن الناس يحبون العجلة، لا يغره هذا، ليكن أكبر همه أن يؤديها على الوجه المطلوب، هذا هو المهم، والتراويح اختلف فيها السلف، بعضهم يقول : ثلاثة وعشرون، وبعضهم يقول : إحدى عشرة، وبعضهم يقول : ثلاث عشرة، وبعضهم يقول : تسع عشرة، اختلفوا فيها على أقوال كثيرة، فمن أتى بوجه من الوجوه الواردة عن السلف، فلا لوم عليه أبداً حتى لو أتى بثلاثة وعشرين فإنه لا لوم عليه، ولذلك نرى أن من الغلط ما يفعله بعض المجتهدين إذا صلوا وراء إمام يكمل ثلاثة وعشرين وصلوا معه عشر ركعات تركوه وانصرفوا، هؤلاء مساكين حرموا أنفسهم أنهم يقومون مع الإمام حتى ينصرف فضاعت عليهم الليلة، ثم خالفوا الجماعة ويد الله مع الجماعة، ثم إن بعضهم ولاسيما في المسجد الحرام يجلس يتقهوى والناس يصلون، أو يتحدث والناس يصلون، وهذا من الغلط الذي يغلط فيه كثير من الناشئين في العلم، وكذلك أيضاً : بلغنا أن بعض الأئمة يوتر بالناس بتسع، والتسع إذا أوتر الإنسان بها لا يسلم إلا في آخرها، السنة إذا أوترت بالتسع ألا تسلم إلا في آخرها، تجلس في الثامنة تقرأ التحيات وتقوم وتأتي بالتاسعة، سمعنا أن بعض الأئمة يفعل ذلك، وهذا من الغلط، هل جاءهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي بالناس تسع ركعات ؟ إذا جاء عن الرسول والله على العين والرأس، وإذا لم يأت عن الرسول فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الضعيف والمريض وذا الحاجة ) وهل هذا إيجاز أنه يبقى يصلي بالناس لمدة ساعة أو ساعة ونصف لا ينصرفون ؟ قد يكون بعضهم يكون محصور في بول أو غائط أو ريح أو للشغل، ثم الذين يدخلون المسجد يجدونه يصلي التراويح يصلي هذا الوتر، ماذا ينوون ؟ يبي ينوون التهجد فيشوش عليهم النية .
اضيفت في - 2009-05-19