سلسلة اللقاء الشهري-81a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة اللقاء الشهري
تفسير أواخر سورة الأحزاب.
الشيخ : وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : أيها الإخوة المكرمون فإن من نعمة الله عز وجل علينا في هذا العصر أن يسر لنا المواصلات والاتصالات. فها نحن نتكلم من هنا من الجامع الكبير في عنيزة ويسمعنا إخوانٌ لنا في بلاد أخرى بدون مشقة وبدون كلفة. بينما كان الناس في الأول لا يتواصلون إلا بعد مدة، ولكن من نعمة الله عز وجل أن يسر المواصلات في الطائرات والسيارات والبواخر وكذلك الاتصالات. فلله الحمد والنعمة.
ثم إننا في هذه الليلة نتكلم في هذه الليلة - أعني ليلة الأحد - الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر. نتكلم على قول الله عز وجل : (( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان )).
أما بعد : أيها الإخوة المكرمون فإن من نعمة الله عز وجل علينا في هذا العصر أن يسر لنا المواصلات والاتصالات. فها نحن نتكلم من هنا من الجامع الكبير في عنيزة ويسمعنا إخوانٌ لنا في بلاد أخرى بدون مشقة وبدون كلفة. بينما كان الناس في الأول لا يتواصلون إلا بعد مدة، ولكن من نعمة الله عز وجل أن يسر المواصلات في الطائرات والسيارات والبواخر وكذلك الاتصالات. فلله الحمد والنعمة.
ثم إننا في هذه الليلة نتكلم في هذه الليلة - أعني ليلة الأحد - الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر. نتكلم على قول الله عز وجل : (( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان )).
تفسير قوله تعالى: (( إإِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )).
الشيخ : قوله عز وجل : (( إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة )) ، تحدث الله عن نفسه بصيغة الجمع : (( إِنَّا عَرَضْنَا )) فلماذا؟ للتعظيم، لتعظيم نفسه عز وجل، لأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه، وقد شبه النصارى شبهوا على عوام المسلمين فقالوا : إن الله سبحانه وتعالى متعدد لأنه يقول : (( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ )). ويقول : ِ(( إنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى )). ويقول : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) فيشبهون، لأن هذه الضمائر تدل على إيه؟ على إيه؟ على الجمع. لكنها في اللغة العربية تدل على الجمع وعلى التعظيم. وهؤلاء عموا عن قول الله عز وجل : (( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )). وهكذا كل من في قلبه زيغ يتبع ما تشابه من القرآن والسنة فيضرب بعضه ببعض. ولكن يقيض الله عز وجل لدينه من يحفظه ويدفع هذه الشبهات ويبين الحق فيها. فمن هؤلاء؟ هؤلاء هم الراسخون في العلم، لقول الله عز وجل : (( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ )) يعني القرآن (( مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ )). كم قسما ذكر؟ أجيبوا. اثنين : آيات محكمات، وأخر متشابهات (( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ )) أي: ميل عن الحق وضلال (( فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )) ويدعون المحكم (( ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ))، أي: فتنة الناس عن دينهم (( وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ )) أي: تحريفه على ما يريدون. إذن قوله عز وجل : (( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ ))، (( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى ))، (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ))، وأشباهها من الآيات، وأشباهها من الآيات، يراد بها إيش؟ يراد بها التعظيم. (( عَرَضْنَا الأَمَانَةَ )) يعني: القيام بما يجب (( عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ )) سبحان الله! مخلوقات عظيمة عرض الله عليها الأمانة هل تقوم بها أو لا؟ قال الله عز وجل : (( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا ))، (( أبين )) أي: امتنعن عن حملها لأنها مسئولية عظيمة. ولعل قائلاً منكم يقول : كيف تعرض الأمانة على جماد؟ فالجواب : الجماد وذو الشعور أمام أمر الله على حد سواء. يوجه الله الخطاب إلى الجماد فيجيب الله عز وجل. يوجه الخطاب إلى الجماد فيجيب الجماد، لأن كل شيء بالنسبة لله على حد سواء. واسمع قول الله عز وجل : (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً )). هذا أمر موجه لمن؟ لجماد ((قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )). هذا الجواب. (( أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) فأجابت هذه الجماد أجابت الله عز وجل. ولما تجلى الله عز وجل للجبل حين قال موسى : (( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ )) شوقاً إلى الله عز وجل، (( قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي )) نظر موسى إلى الجبل بعد أن تجلى الله له فجعله دكاً. اندك لعظمة الله عز وجل وخشيته فخر موسى صعقاً. غشي عليه، لماذا؟ لما رأى من الهول العظيم، جبل أمامه صخر عظيم اندك بلحظة! من المعلوم أن الإنسان لا يتحمل هذا (( خَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِين )).
أيها الإخوة : لقد قال الله عز وجل : (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ )). هذا القرآن وهو كلام الله وصفةٌ من صفاته (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ )) أكمل (( خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )). عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال (( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا )) خفن منها أن لا يقمن بواجب الأمانة، (( وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ )) الله أكبر! حملها الإنسان. بماذا حملها؟ بما أعطاه الله من العقل والتفكير وبما أرسل إليه من رسل وبين له السبل وهداه. حملها الإنسان (( إنه )) أي: الإنسان (( كان ظلوماً جهولا )). قوله : (( إنه )) قال بعض أهل العلم : الضمير يعود على الإنسان الكافر هو الظلوم الجهول. ليس عائداً على كل إنسان، لأن المسلم ذو عدل وذو علم وذو رشد. فالإنسان الذي كان ظلوماً جهولاً من؟ الكافر. أما المؤمن لا يمكن. المؤمن يمنعه إيمانه عن الظلم. المؤمن يمنعه إيمانه عن السفه والغيّ.
أيها الإخوة : لقد قال الله عز وجل : (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ )). هذا القرآن وهو كلام الله وصفةٌ من صفاته (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ )) أكمل (( خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )). عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال (( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا )) خفن منها أن لا يقمن بواجب الأمانة، (( وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ )) الله أكبر! حملها الإنسان. بماذا حملها؟ بما أعطاه الله من العقل والتفكير وبما أرسل إليه من رسل وبين له السبل وهداه. حملها الإنسان (( إنه )) أي: الإنسان (( كان ظلوماً جهولا )). قوله : (( إنه )) قال بعض أهل العلم : الضمير يعود على الإنسان الكافر هو الظلوم الجهول. ليس عائداً على كل إنسان، لأن المسلم ذو عدل وذو علم وذو رشد. فالإنسان الذي كان ظلوماً جهولاً من؟ الكافر. أما المؤمن لا يمكن. المؤمن يمنعه إيمانه عن الظلم. المؤمن يمنعه إيمانه عن السفه والغيّ.
2 - تفسير قوله تعالى: (( إإِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )). أستمع حفظ
تفسير قوله تعالى: (( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ....)).
الشيخ : ثم قال عز وجل : (( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ )) يعني: أن الله عز وجل بين لنا الأمانة. وأنه عرضها على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان لأجل هذه النتيجة. ما هي النتيجة؟ (( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ )) هؤلاء ثلاثة أقسام. ثلاثة أقسام انقسم إليها الخلق :
الأول : المنافقون.
والثاني : المشركون.
والثالث : المؤمنون.
اسمع يا أخي وانظر سبيل من تسلك (( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ )) فمن هم المنافقون؟ المنافقون : هم الذين يظهرون الإسلام ويخفون الكفر. يظهرون الإسلام ويقولون : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ويحضرون الصلاة، ويتصدقون. لكن قلوبهم خربة خالية من الإيمان، أعاذني الله وإياكم من ذلك! اللهم أعذنا من النفاق. هذا الصنف من الناس خرج حينما صار للمسلمين قوة وعزة. لكن في مكة قبل الهجرة ما في منافق، الناس إما مؤمن صريح وإما كافر صريح. لكن لما قويت شوكة المؤمنين وخصوصاً بعد أن هُزم الكفار في بدر، ومتى كان الأخ سؤال خاص، متى كان بدر؟ في السنة الثانية من الهجرة في رمضان. لما هزم المشركون بدأ النفاق، لأنهم - أي: المنافقين - عرفوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيظهر دينه. فصاروا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. وأنزل الله فيهم سورة كاملة من طوال المفصل. وهي قوله تعالى : (( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ )). فكانوا يحضرون الصلاة. لكنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يتصدقون لكنه رياء وسمعة. يأتون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ويقولون : نشهد إنك لرسول الله. سبحان الله! نشهد إنك لرسول الله. فماذا قال الله فيهم؟ قال الله تعالى : (( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )) أي: لكاذبون في قولهم : نشهد، لأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. ولذلك إذا احتاجوا إلى هذه الكلمة عجزوا عنها. فإن المنافق إذا دفن في قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملكان يسألانه : من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول : هاه هاه لا أدري. سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت! شوف يقول : لا أدري. لماذا؟ لأنه ليس في قلبه إيمان. والآخرة مبنية على السرائر ما هي على الظواهر، في الدنيا مبنية على الظواهر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين استؤذن في قتل المنافقين، قال : ( لا. لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ). في الآخرة العبرة بإيش؟ بالسرائر (( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ))، (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )). اللهم طهر سرائرنا، اللهم طهر سرائرنا، اللهم طهر سرائرنا يا رب العالمين، وأمتنا على الإيمان والتوحيد.
أيها الإخوة المنافقون لهم روغان عن الحقائق. ولذلك كان من صفاتهم أنهم إذا حدثوا كذبوا، وأكذب حديث أنهم يقولون : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهم كاذبون في هذا لا يؤمنون به. إذا عاهدوا غدروا، لا يوفون بالعهد، لأنه ليس عندهم إيمان يحملهم على الوفاء بالعهد. إذا خاصموا فجروا، فجحدوا ما يجب عليهم وادعوا ما ليس لهم. إذا ائتمنوا خانوا.
أخي المسلم : هذه علامات النفاق. هذه علامات النفاق. هذه علامات النفاق. فاحذر أن تتصف بواحد منها ، لأن نبينا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم حذرنا منها. والآن لو نظرت في واقع المسلمين اليوم لوجدت كثيراً منهم إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا اؤتمن خان. أسألكم أهكذا الواقع؟ أن كثيراً من المسلمين ما هو أكثرهم، والحمد لله أكثرهم مستقيم. أهكذا الواقع؟ نعم، فيهم من إذا حدثك كذبك، وإذا وعدك أخلفك، وإذا عاهدك غدر بك، وإذا خاصمك فجر بك.، ما أكثر الذين يأتون إلينا يشكون من كفلائهم! أتى به على عقد معلوم فيما بينهم ثم لا يفي بالعهد لا يفي بالعقد، يماطل بالأجرة وربما ينكرها، ويؤذي العامل ويحمله ما ليس واجباً عليه وهكذا. طيب. فيه - أيضاً - من إذا اؤتمن خان. وما أكثرهم! إذا اؤتمنوا خانوا. وما أكثر الخيانة في كثير من الناس! من ذلك -مثلاً - يعرض الإنسان سلعته فيأتيه الزبون ليشتري فيقول : كم قيمة هذه؟ فيقول: ألف ريال، وقيمتها في الحقيقة خمسمائة. لكن استغل فرصة جهل هذا المشتري بالثمن وقال : بألف ريال. ما تقولون في هذا؟ هذا جمع بين الكذب والخيانة والغدر، ثلاث صفات من صفات المنافقين، وما يدري أن ما ترتب على هذا الكذب من كسب مادي فهو حرام. ويوشك من أكل الحرام أن لا تستجاب دعوته، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟! ). ومن الخيانة بالأمانة : ما يفعله كثيرٌ من أولياء النساء في التزويج. فتجده يخطب منه الرجل الصالح المستقيم في دينه وخلقه. ولكن إذا عرف أنه لن يعطيه مالاً رده. وقال : البنت صغيرة، البنت فايتة لغيرك، وما أشبه ذلك. ثم يزوجها ابن عمها الذي ليس عنده خلق ولا دين أو يزوجها من ليس ابن عمها ولكن أكثر الدراهم لأبيها. وهذه والله خيانة، وستطالبه البنت يوم القيامة، وحينئذٍ (( يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه )). لماذا تحجب المرأة عن خاطبها الكفء من أجل مصلحتك الخاصة؟ أليس هذا من الخيانة؟! أليس هذا من الظلم؟! سبحان الله! لو أنك أنت أيها الأب خطبت امرأة ثم منعت منها لاستكبرت هذا الشيء وعددته ظلماً وجوراً. والعجب أن هؤلاء يظلمون أقرب الناس إليهم وهنَّ، وهن؟ بناتهن اللاتي هنَّ بضعةٌ من الأب قطعة منه، جزء منه. ومع ذلك يظلمها هذا الظلم، يحجرها لابن عمها أو يقول : لا تتزوجي رجلاً من غير القبيلة، أو ما أشبه هذا! هذا من المنكر. وللقضاة أن يتدخلوا في هذا الموضوع، بمعنى: أن المرأة إذا خطبها كفءٌ لها وأبى أبوها فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي ويقول لأبيها : زوجها وإلا زوجتها أنا أو من يليك في الولاية من عصبتها. من الخيانة وهي من صفات المنافقين : ما ذكره الله عز وجل في قوله : (( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ )). إذا استوفى لنفسه استوفى كاملاً، وإذا كال لغيره نقص، (( يخسرون )) أي: ينقصون. قال الله عز وجل : (( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )). ومن الخيانة في الأمانة : ما يفعله بعض الناس في أهله، يرضيهم بما حرم الله عليهم، يرضيهم بما حرم الله عليهم، فيجلب لهم من وسائل الإعلام المنظورة والمقروءة والمسموعة ما فيه البلاء والشقاء. وهذا خيانة للأمانة. وسوف يحاسب عند الله عز وجل يوم القيامة لقول الله عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )) شوف: (( قوا أنفسكم وأهليكم )) فجعل وقاية الأهل كوقاية النفس. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( الرجل راعٍ في أهله ) كمل ( ومسئول عن رعيته )، مسئول أمام الله يوم القيامة. أسأل الله أن يعينني وإياكم على أداء هذه الأمانة الكبرى. عليك أن توجه أهلك من بنين وبنات وزوجات وغيرهن ممن لك ولاية عليهن أن توجههم إلى الطريق السوي، الطريق المستقيم، ولا تظن أنك بريء من المسئولية أبداً. حملك الله إياها رب العالمين وحملك إياها رسول رب العالمين محمدٌ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
من النفاق : أن بعض الناس يرائي، بمعنى: أنه يفعل العبادة ليقول الناس : إن فلاناً عابد، اللهم أعذنا من الرياء ومن راءى راءى الله به وسوف يفضحه إما في الدنيا أو الآخرة. ومن ذلك أيضاً : أن يتصدق بشيء أمام الناس ليقولوا : فلان كريم لا ليتقرب إلى رب العالمين. وهذا الرياء مبطلٌ للعمل، قال الله عز وجل في الحديث الصحيح القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ). ولما سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الرجل يقاتل أعداء الله، يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً، أيّ ذلك في سبيل الله؟ قال : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ). فالمراءاة بالعمل محبطة له. ويا أخي المسلم! ماذا ينفعك الناس؟ ماذا ينفعونك إذا رأيتهم؟ وماذا يضرونك إذا أخلصت العمل لله وتركتهم؟ إنهم لن يضروك شيئاً بالإخلاص. وإنهم يضرونك بالرياء. وأنت الذي أضررت بنفسك. احذر أخي من النفاق. احذر من النفاق العقدي والعملي، العقدي في القلب أجارني الله وإياكم منه، والعملي بالجوارح.
الأول : المنافقون.
والثاني : المشركون.
والثالث : المؤمنون.
اسمع يا أخي وانظر سبيل من تسلك (( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ )) فمن هم المنافقون؟ المنافقون : هم الذين يظهرون الإسلام ويخفون الكفر. يظهرون الإسلام ويقولون : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ويحضرون الصلاة، ويتصدقون. لكن قلوبهم خربة خالية من الإيمان، أعاذني الله وإياكم من ذلك! اللهم أعذنا من النفاق. هذا الصنف من الناس خرج حينما صار للمسلمين قوة وعزة. لكن في مكة قبل الهجرة ما في منافق، الناس إما مؤمن صريح وإما كافر صريح. لكن لما قويت شوكة المؤمنين وخصوصاً بعد أن هُزم الكفار في بدر، ومتى كان الأخ سؤال خاص، متى كان بدر؟ في السنة الثانية من الهجرة في رمضان. لما هزم المشركون بدأ النفاق، لأنهم - أي: المنافقين - عرفوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيظهر دينه. فصاروا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. وأنزل الله فيهم سورة كاملة من طوال المفصل. وهي قوله تعالى : (( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ )). فكانوا يحضرون الصلاة. لكنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يتصدقون لكنه رياء وسمعة. يأتون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ويقولون : نشهد إنك لرسول الله. سبحان الله! نشهد إنك لرسول الله. فماذا قال الله فيهم؟ قال الله تعالى : (( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )) أي: لكاذبون في قولهم : نشهد، لأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. ولذلك إذا احتاجوا إلى هذه الكلمة عجزوا عنها. فإن المنافق إذا دفن في قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملكان يسألانه : من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول : هاه هاه لا أدري. سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت! شوف يقول : لا أدري. لماذا؟ لأنه ليس في قلبه إيمان. والآخرة مبنية على السرائر ما هي على الظواهر، في الدنيا مبنية على الظواهر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين استؤذن في قتل المنافقين، قال : ( لا. لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ). في الآخرة العبرة بإيش؟ بالسرائر (( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ))، (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )). اللهم طهر سرائرنا، اللهم طهر سرائرنا، اللهم طهر سرائرنا يا رب العالمين، وأمتنا على الإيمان والتوحيد.
أيها الإخوة المنافقون لهم روغان عن الحقائق. ولذلك كان من صفاتهم أنهم إذا حدثوا كذبوا، وأكذب حديث أنهم يقولون : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهم كاذبون في هذا لا يؤمنون به. إذا عاهدوا غدروا، لا يوفون بالعهد، لأنه ليس عندهم إيمان يحملهم على الوفاء بالعهد. إذا خاصموا فجروا، فجحدوا ما يجب عليهم وادعوا ما ليس لهم. إذا ائتمنوا خانوا.
أخي المسلم : هذه علامات النفاق. هذه علامات النفاق. هذه علامات النفاق. فاحذر أن تتصف بواحد منها ، لأن نبينا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم حذرنا منها. والآن لو نظرت في واقع المسلمين اليوم لوجدت كثيراً منهم إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا اؤتمن خان. أسألكم أهكذا الواقع؟ أن كثيراً من المسلمين ما هو أكثرهم، والحمد لله أكثرهم مستقيم. أهكذا الواقع؟ نعم، فيهم من إذا حدثك كذبك، وإذا وعدك أخلفك، وإذا عاهدك غدر بك، وإذا خاصمك فجر بك.، ما أكثر الذين يأتون إلينا يشكون من كفلائهم! أتى به على عقد معلوم فيما بينهم ثم لا يفي بالعهد لا يفي بالعقد، يماطل بالأجرة وربما ينكرها، ويؤذي العامل ويحمله ما ليس واجباً عليه وهكذا. طيب. فيه - أيضاً - من إذا اؤتمن خان. وما أكثرهم! إذا اؤتمنوا خانوا. وما أكثر الخيانة في كثير من الناس! من ذلك -مثلاً - يعرض الإنسان سلعته فيأتيه الزبون ليشتري فيقول : كم قيمة هذه؟ فيقول: ألف ريال، وقيمتها في الحقيقة خمسمائة. لكن استغل فرصة جهل هذا المشتري بالثمن وقال : بألف ريال. ما تقولون في هذا؟ هذا جمع بين الكذب والخيانة والغدر، ثلاث صفات من صفات المنافقين، وما يدري أن ما ترتب على هذا الكذب من كسب مادي فهو حرام. ويوشك من أكل الحرام أن لا تستجاب دعوته، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟! ). ومن الخيانة بالأمانة : ما يفعله كثيرٌ من أولياء النساء في التزويج. فتجده يخطب منه الرجل الصالح المستقيم في دينه وخلقه. ولكن إذا عرف أنه لن يعطيه مالاً رده. وقال : البنت صغيرة، البنت فايتة لغيرك، وما أشبه ذلك. ثم يزوجها ابن عمها الذي ليس عنده خلق ولا دين أو يزوجها من ليس ابن عمها ولكن أكثر الدراهم لأبيها. وهذه والله خيانة، وستطالبه البنت يوم القيامة، وحينئذٍ (( يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه )). لماذا تحجب المرأة عن خاطبها الكفء من أجل مصلحتك الخاصة؟ أليس هذا من الخيانة؟! أليس هذا من الظلم؟! سبحان الله! لو أنك أنت أيها الأب خطبت امرأة ثم منعت منها لاستكبرت هذا الشيء وعددته ظلماً وجوراً. والعجب أن هؤلاء يظلمون أقرب الناس إليهم وهنَّ، وهن؟ بناتهن اللاتي هنَّ بضعةٌ من الأب قطعة منه، جزء منه. ومع ذلك يظلمها هذا الظلم، يحجرها لابن عمها أو يقول : لا تتزوجي رجلاً من غير القبيلة، أو ما أشبه هذا! هذا من المنكر. وللقضاة أن يتدخلوا في هذا الموضوع، بمعنى: أن المرأة إذا خطبها كفءٌ لها وأبى أبوها فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي ويقول لأبيها : زوجها وإلا زوجتها أنا أو من يليك في الولاية من عصبتها. من الخيانة وهي من صفات المنافقين : ما ذكره الله عز وجل في قوله : (( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ )). إذا استوفى لنفسه استوفى كاملاً، وإذا كال لغيره نقص، (( يخسرون )) أي: ينقصون. قال الله عز وجل : (( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )). ومن الخيانة في الأمانة : ما يفعله بعض الناس في أهله، يرضيهم بما حرم الله عليهم، يرضيهم بما حرم الله عليهم، فيجلب لهم من وسائل الإعلام المنظورة والمقروءة والمسموعة ما فيه البلاء والشقاء. وهذا خيانة للأمانة. وسوف يحاسب عند الله عز وجل يوم القيامة لقول الله عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )) شوف: (( قوا أنفسكم وأهليكم )) فجعل وقاية الأهل كوقاية النفس. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( الرجل راعٍ في أهله ) كمل ( ومسئول عن رعيته )، مسئول أمام الله يوم القيامة. أسأل الله أن يعينني وإياكم على أداء هذه الأمانة الكبرى. عليك أن توجه أهلك من بنين وبنات وزوجات وغيرهن ممن لك ولاية عليهن أن توجههم إلى الطريق السوي، الطريق المستقيم، ولا تظن أنك بريء من المسئولية أبداً. حملك الله إياها رب العالمين وحملك إياها رسول رب العالمين محمدٌ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
من النفاق : أن بعض الناس يرائي، بمعنى: أنه يفعل العبادة ليقول الناس : إن فلاناً عابد، اللهم أعذنا من الرياء ومن راءى راءى الله به وسوف يفضحه إما في الدنيا أو الآخرة. ومن ذلك أيضاً : أن يتصدق بشيء أمام الناس ليقولوا : فلان كريم لا ليتقرب إلى رب العالمين. وهذا الرياء مبطلٌ للعمل، قال الله عز وجل في الحديث الصحيح القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ). ولما سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الرجل يقاتل أعداء الله، يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً، أيّ ذلك في سبيل الله؟ قال : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ). فالمراءاة بالعمل محبطة له. ويا أخي المسلم! ماذا ينفعك الناس؟ ماذا ينفعونك إذا رأيتهم؟ وماذا يضرونك إذا أخلصت العمل لله وتركتهم؟ إنهم لن يضروك شيئاً بالإخلاص. وإنهم يضرونك بالرياء. وأنت الذي أضررت بنفسك. احذر أخي من النفاق. احذر من النفاق العقدي والعملي، العقدي في القلب أجارني الله وإياكم منه، والعملي بالجوارح.
تفسير قوله تعالى: ((..... وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ )).
الشيخ : (( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ )) المشرك : من اتخذ مع الله إلهاً يعبده، أو اتخذ مع الله رباً يعتقد أن له تدبيراً في الكون. والمشرك كافر واضح ليس ينافق، يظهر شركه علناً ويقاتل المؤمنين من أجله، مثل من؟ أجيبوا يا جماعة. كمشركي قريش. أليسوا قاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم عمداً؟ أليسوا أخرجوه وأصحابه من ديارهم؟ أليسوا يسيئون إليه بالقول وبالفعل؟ يقولون : إنه ساحر، إنه مجنون، إنه كاذب، وأساءوا إليه بالفعل أيضاً. فأهل مكة كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يومٍ ساجداً ، ساجدا تحت الكعبة، ساجدا تحت الكعبة، آمن مكان على الأرض ذلك المكان. وهو محترم معظم عند قريش إلا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. كان ساجداً لله عز وجل فقالوا : من يذهب إلى جزور بني فلان ويأتي بسلاها القذر المكروه منظراً ويضعه على ظهر محمد؟ فانتدب لذلك أشقاهم والعياذ بالله! فذهب وأتى بالسلا سلا الناقة، السلا : اللي يخرج منها عند الولادة. فألقى السلا على ظهر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو ساجد. بالله عليكم أفي هذا إهانة للرسول؟! أجيبوا. بلى والله. أفي هذا إهانة للمسجد الحرام؟ بلى والله. والعجب أنه لو جاء بدوي جاهل يسجد تحت الكعبة لعظموه واحترموه. وهذا النبي الكريم الذي هو أولى بالكعبة من هؤلاء المشركين يفعل فيه هذا! لماذا؟ لأن المشركين لا يبالون، يعلنون بشركهم ولا يبالون، ما عندهم نفاق، هذا الصنف الثاني من الناس.
تفسير قوله تعالى:(( وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ )).
الشيخ : الصنف الثالث : (( وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)) اللهم تب علينا يا رب العالمين، (( يتوب الله على المؤمنين )) الموحدين الذين ليس عندهم نفاق. فهم موحدون ضد المشركين، وهم خالصون ضد المنافقين، يتوب الله عليهم حتى لو أنهم تابوا من الشرك ومن النفاق تاب الله عليهم لقول الله تعالى : (( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )). وكم من مشرك منابذ للدعوة الإسلامية تاب فتاب الله عليه! عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ضد الدعوة، ضد الدعوة الإسلامية. أليس كذلك؟ أسلم وكان الخليفة الثاني في هذه الأمة. خالد بن الوليد، عكرمة بن أبي جهل، وغيرهم من صناديد قريش وكفارها أسلموا فتاب الله عليهم. أبو سفيان زعيم قريش. وكان يقول يوم أحد يقول : اعلُ هبل، اعلُ هبل، لأن أبا سفيان لما انتهت الحرب وصارت الهزيمة على من؟ على المسلمين لأنهم حصل منهم ما يوجب الهزيمة، افتخر، افتخر. وقال : أفيكم محمد؟ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا تجيبوه ) ليش؟ إهانة له، وحتى يربو بنفسه بعد ذلك. اسمع يا أخي الحكمة النبوية. قال : ( لا تجيبوه ). إهانة له، والثاني من أجل أن يربو بنفسه ويفتخر، وهكذا وقع. أفيكم ابن أبي قحافة؟ أفيكم عمر؟ قال : ( لا تجيبونه ) ( لا تجيبونه ). حينئذٍ افتخر وانتفخ ورأى أنه حصل على كل شيء. فقال : اعلُ هبل، هبل صنم لقريش في وسط الكعبة، وسط الكعبة، صنم لقريش، اعل هبل : يعني ما أعلاك اليوم! اليوم أنت العالي هذا معناه. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أجيبوه ). الآن حمي الوطيس، وصلت المسألة إلى الباري عز وجل. قال : ( أجيبوه، قالوا : بماذا نجيبه؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل، فقالوا: الله أعلى وأجل ). إذا كنت اليوم تفتخر بصنمك بأنه عالٍ فالله أعلى وأجل. ثم قال أبو سفيان لما رد عليه بالتوحيد أتى عن طريق الرسالة. قال : يوم بيوم بدر والحرب سجال. كيف يوم بدر؟ يوم بدر لمن النصر؟ للمسلمين، وقتل من صناديد قريش وكبرائهم ما هو معلوم قال : يوم بيوم بدر، يعني : اليوم غلبناكم وأنتم غلبتمونا يوم بدر، والحرب سجال. يعني : مرة لكم ومرة عليكم. فأجابوه : لا سواء ، لا سواء - يعني: بين اليومين - قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. وهل هذان اليومان على حد سواء بعد أن كان قتلى المسلمين في الجنة وقتلى الكفار بالنار؟ لا. أنا أقصد من هذا أن المشركين يصرحون بمنابذة المؤمنين، وأن الإنسان إذا تاب ولو كان مشركاً منابذاً تاب الله عليه. هذا الرجل أبو سفيان أسلم وصار من الصحابة. لكنه تأخر إسلامه فتأخرت مرتبته. طيب. إذن : من تاب تاب الله عليه، حتى من الشرك؟ حتى من الشرك، حتى من النفاق، حتى من الاستهزاء بالله وآياته. اسمع. ما هو الدليل على أن التائب من النفاق يتوب الله عليه؟ - الأخ، ما تعرف! سبحان الله! - من يعرف الدليل؟ قال الله عز وجل : (( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيما ً)). لكن لاحظ أن الله ذكر أشياء مهمة (( الَّذِينَ تَابُوا )) يعني : رجعوا من النفاق إلى الإيمان الخالص (( وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ )) توكلوا عليه واعتصموا به (( وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ )) ثلاثة أوصاف، (( فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِين )). طيب. المستهزئ بالله وآياته هل تصح توبته؟ الجواب ، الجواب : نعم تصح. ما هو الدليل؟ الدليل : قول الله عز وجل : (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ )). سألت من؟ المستهزئين ، لأنهم كانوا يستهزئون ويقولون: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء - يعنون: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه - ما رأينا مثلهم أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء. وكذبوا والله. هذه الأوصاف في المنافقين تماماً. قال الله عز وجل : (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )) أكمل. أكمل. (( إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً )). إذن معناه: أن هؤلاء قد يعفو الله عنهم وذلك بالتوبة. فمن تاب مهما كان شركه وكفره فإن الله يتوب عليه. طيب هؤلاء الذين تابوا من الكفر وقد قتلوا من قتلوا من المسلمين هل يلزمهم ضمان المسلمين الذين قتلوهم؟ لا، لا يلزمهم، لقول الله تعالى : (( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ )). ولهذا لو رأى الإنسان شخصاً كان كافراً وقد قتل أباه ثم أسلم فإنه لا يجوز له أن يقتله، لأن إسلامه عصمه وغفر له به ما سلف.
تفسير قوله تعالى:(( ....وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )).
الشيخ : (( وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )) أيها الأخ العربي النحوي : تشكل عليك هذه الجملة ((وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما )) يعني : كان فيما مضى، والآن؟ كان فعل ماضي. نقول : (كان) هنا لا يقصد بها الزمان. بل يقصد بها تحقيق اتصاف الله عز وجل بذلك، بالمغفرة والرحمة، فهي كما يقول النحويون : مسلوبة الزمان. والمقصود بها التوكيد. فالله تعالى متصف بالمغفرة والرحمة دائماً وأبدا. (( وكان الله غفورا رحيما )).
جاء الأذان؟ إلى الأذان.
(( وكان الله غفورا رحيما )).
جاء الأذان؟ إلى الأذان.
(( وكان الله غفورا رحيما )).
شروط التوبة.
الشيخ : هنا يجدر بنا أن نتكلم عن شروط التوبة. هل كل من قال : تبت إلى الله يكون تائباً؟ لا، لابد من شروط. شروط التوبة خمسة : الأول : الإخلاص لله عز وجل. فمن تاب رئاء الناس فلا توبة له. ومن تاب خوفاً من سوط السلطان فلا توبة له. لابد فيها من؟ ايش؟ من الإخلاص لله عز وجل. وإن كان الإنسان قد يحمله خوفه من السلطان على التوبة. لكن يتوب إلى الله مخلصاً. ولهذا شرعت الحدود في الزنا والسرقة والقذف وما أشبهها. وهذه لا شك أنها تحمل الإنسان على ترك هذه الذنوب. لكنه يتركها لله لا لمجرد الخوف. طيب.
الشرط الثاني : الندم على ما فات. يندم بقلبه ويتحسر ويقول : ليتني لم أفعل. ولا يجعل حاله بعد التوبة كحاله قبلها. بل لابد من انفعال في النفس وندم وليتني لم أفعل لا اعتراضاً على القدر ولكن ندماً على ما فعل.
الثالث : الإقلاع عن الذنب. وهذا هو بيت القصيد. الإقلاع عن الذنب كيف يكون؟ إن كان الذنب ترك واجب قام بهذا الواجب إذا كان يمكن قضاؤه. وأقول : إذا كان يمكن قضاؤه ، لأن من الواجبات ما لا يقضى. مثلاً: لو أن الإنسان ترك الصلاة حتى خرج وقتها عمداً بلا عذر. فهنا لا يصلي يعني : لا يقضي الصلاة ، لأنه لو قضاها لم تقبل منه. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، أي: مردود عليه. أما لو أخرها لعذر كنوم ونسيان فيقضيها ولا حرج. طيب. وإذا كان الذنب فعل محرم أقلع عنه في الحال لا يكمِّل، يقلع في الحال. فلو فرضنا أن إنساناً يأكل طعاماً لغيره ثم تاب في أثناء الطعام هل نقول : له أن يشبع، أو يجب عليه أن يكف؟ أجيبوا يا جماعة. يجب عليه أن يكف لو استمر لم تصح توبته، لأنه لابد من الإقلاع في الحال. لو أن شخصاً استولى على أرض رجل من الناس وتبين له أن الأرض ليست له فهل يُبقي الأرض في ملكه، أو يجب أن يردها إلى صاحبها؟ يجب أن يردها إلى صاحبها حتى لو كان قد بنى عليها. يجب أن يردها إلى صاحبها، ويتصالح مع صاحبها إذا كان قد بنى عليها بنياناً أو يترافعان إلى القاضي. طيب، إذا كان الذنب جحد دينٍ عليه فبماذا تكون التوبة؟ بأن يقر ويرده إلى صاحبه. أما أن يقول : والله أنا أخشى إن أقررت بعد أن جحدت أخشى أن تسوء سمعتي عند الناس. فنقول له جواباً على هذا : إذا ساءت سمعتك عند الناس زمناً قصيراً فستعود السمعة أحسن من قبل، لأن الله إذا رضي عن العبد أرضى عنه الناس. والناس إذا تأملوا في الموضوع ورأوا أن هذا الرجل خرج من المحرم عليه بصراحة أحبوه ورفعوا ذكره وزالت السمعة السيئة. لكن الشيطان يقول للإنسان : لا تقر وأنت جحدت بالأول. إذا أقررت بعد جحدك قالوا : هذا رجل متقلب. ما دام الأمر مضى امضِ. هذا غلط، غلط عظيم. قل الحق وسوف تكون العاقبة لك.
الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل. فإن تاب من الذنب الآن ولكن يعني، من نيته أنه إذا حصلت فرصة فعله. فالتوبة غير صحيحة، لماذا يا أخ؟ أه؟ لا أقلع. لم يعزم على أن لا يعود. بل هو تاب الآن لكن في نفسه أنه لو سنحت الفرصة لعاد إلى الذنب. هذا لا تقبل توبته. طيب.
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في زمن القبول - انتبه يا أخي، انتبه إلى هذا الشرط - أن تكون التوبة في زمن القبول، بأن تكون قبل حضور الأجل، وقبل طلوع الشمس من مغربها. ذلك لأنه إذا حضر الأجل فإن التوبة غير مقبولة. وإذا طلعت الشمس من مغربها فالتوبة غير مقبولة. الدليل : قول الله عز وجل : (( ولَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )). أخي المسلم هل عندك ضمان أنك ستبقى حتى تتوب؟ أجب. لا. إذن يا أخي! بادر بالتوبة قبل أن يدركك الأجل وأنت لم تتب. بادر بالتوبة (( ف(( لَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )). وانظر شاهداً لهذا: فرعون الذي أرسل الله إليه موسى وكذب موسى. وخرج بجنوده ليقضي على موسى وقومه، حتى صار موسى وقومه بين البحر وبين فرعون وقومه. البحر بحر القلزم المسمى اليوم بالبحر الأحمر (( قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )) يعني: أدركنا الآن، هلكنا، البحر أمامنا وفرعون خلفنا. قال موسى قول المطمئن الواثق بالله عز وجل : (( قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ )). فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، عصا من شجرة عادي. لكن فيه آيات، ضرب البحر بالعصا، أتدرون ماذا كان؟ انفلق البحر اثني عشر طريقاً، انفلق وصارت أسواق واسعة في وسط البحر.
الشرط الثاني : الندم على ما فات. يندم بقلبه ويتحسر ويقول : ليتني لم أفعل. ولا يجعل حاله بعد التوبة كحاله قبلها. بل لابد من انفعال في النفس وندم وليتني لم أفعل لا اعتراضاً على القدر ولكن ندماً على ما فعل.
الثالث : الإقلاع عن الذنب. وهذا هو بيت القصيد. الإقلاع عن الذنب كيف يكون؟ إن كان الذنب ترك واجب قام بهذا الواجب إذا كان يمكن قضاؤه. وأقول : إذا كان يمكن قضاؤه ، لأن من الواجبات ما لا يقضى. مثلاً: لو أن الإنسان ترك الصلاة حتى خرج وقتها عمداً بلا عذر. فهنا لا يصلي يعني : لا يقضي الصلاة ، لأنه لو قضاها لم تقبل منه. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، أي: مردود عليه. أما لو أخرها لعذر كنوم ونسيان فيقضيها ولا حرج. طيب. وإذا كان الذنب فعل محرم أقلع عنه في الحال لا يكمِّل، يقلع في الحال. فلو فرضنا أن إنساناً يأكل طعاماً لغيره ثم تاب في أثناء الطعام هل نقول : له أن يشبع، أو يجب عليه أن يكف؟ أجيبوا يا جماعة. يجب عليه أن يكف لو استمر لم تصح توبته، لأنه لابد من الإقلاع في الحال. لو أن شخصاً استولى على أرض رجل من الناس وتبين له أن الأرض ليست له فهل يُبقي الأرض في ملكه، أو يجب أن يردها إلى صاحبها؟ يجب أن يردها إلى صاحبها حتى لو كان قد بنى عليها. يجب أن يردها إلى صاحبها، ويتصالح مع صاحبها إذا كان قد بنى عليها بنياناً أو يترافعان إلى القاضي. طيب، إذا كان الذنب جحد دينٍ عليه فبماذا تكون التوبة؟ بأن يقر ويرده إلى صاحبه. أما أن يقول : والله أنا أخشى إن أقررت بعد أن جحدت أخشى أن تسوء سمعتي عند الناس. فنقول له جواباً على هذا : إذا ساءت سمعتك عند الناس زمناً قصيراً فستعود السمعة أحسن من قبل، لأن الله إذا رضي عن العبد أرضى عنه الناس. والناس إذا تأملوا في الموضوع ورأوا أن هذا الرجل خرج من المحرم عليه بصراحة أحبوه ورفعوا ذكره وزالت السمعة السيئة. لكن الشيطان يقول للإنسان : لا تقر وأنت جحدت بالأول. إذا أقررت بعد جحدك قالوا : هذا رجل متقلب. ما دام الأمر مضى امضِ. هذا غلط، غلط عظيم. قل الحق وسوف تكون العاقبة لك.
الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل. فإن تاب من الذنب الآن ولكن يعني، من نيته أنه إذا حصلت فرصة فعله. فالتوبة غير صحيحة، لماذا يا أخ؟ أه؟ لا أقلع. لم يعزم على أن لا يعود. بل هو تاب الآن لكن في نفسه أنه لو سنحت الفرصة لعاد إلى الذنب. هذا لا تقبل توبته. طيب.
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في زمن القبول - انتبه يا أخي، انتبه إلى هذا الشرط - أن تكون التوبة في زمن القبول، بأن تكون قبل حضور الأجل، وقبل طلوع الشمس من مغربها. ذلك لأنه إذا حضر الأجل فإن التوبة غير مقبولة. وإذا طلعت الشمس من مغربها فالتوبة غير مقبولة. الدليل : قول الله عز وجل : (( ولَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )). أخي المسلم هل عندك ضمان أنك ستبقى حتى تتوب؟ أجب. لا. إذن يا أخي! بادر بالتوبة قبل أن يدركك الأجل وأنت لم تتب. بادر بالتوبة (( ف(( لَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )). وانظر شاهداً لهذا: فرعون الذي أرسل الله إليه موسى وكذب موسى. وخرج بجنوده ليقضي على موسى وقومه، حتى صار موسى وقومه بين البحر وبين فرعون وقومه. البحر بحر القلزم المسمى اليوم بالبحر الأحمر (( قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )) يعني: أدركنا الآن، هلكنا، البحر أمامنا وفرعون خلفنا. قال موسى قول المطمئن الواثق بالله عز وجل : (( قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ )). فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، عصا من شجرة عادي. لكن فيه آيات، ضرب البحر بالعصا، أتدرون ماذا كان؟ انفلق البحر اثني عشر طريقاً، انفلق وصارت أسواق واسعة في وسط البحر.
اضيفت في - 2009-05-19