شرح قول المصنف : " أو عتق رقبة " حفظ
الشيخ : " أو عتق رقبة " عتق بمعنى تحرير الرقبة وتخليصها من الرق وقول المؤلف عتق رقبة أطلق فظاهر كلامه أن الرقبة تجزئ ولو كانت كافرة وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة وأصحابه وابن المنذر وجماعة من أهل العلم قالوا لأن الله عز وجل أطلق فقال (( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ )) وأطلق وقال في كفّارة القتل (( فتحرير رقبة مؤمنة وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ )) (( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ )) فقيّده الله عز وجل بالإيمان في الأية الكريمة، في كفارة القتل وفي كفارة اليمين أطلق وفي كفّارة الظِهار أطلق وليس لنا أن نُقيّد ما أطلقه الله وإذا كنا نقول إنه لا إطعام في كفّارة القتل لأنه لم يُذكر فكذلك نقول إنه لا يُشترط الإيمان في كفارة الأيمان وكفارة الظهار لأنه لم يُذكر ثم نقول مرة أخرى أية القتل، اشترط الله فيها الإيمان في موضعين ولنقرأ (( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ )) شوف مقيّدة (( وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ )) .
السائل : ثلاث.
الشيخ : لا موضعين.
السائل : ... .
الشيخ : موضعان، هذيك في غيرها، هذيك (( فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ )) تريدون هذا؟ هذا المقتول.
السائل : ... .
سائل آخر : أنت ذكرتها ثلاث مرات.
الشيخ : نقراها، نقرأ مرة ثانية (( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ )) .
السائل : ثلاث مرات.
الشيخ : أه؟
السائل : ... .
الشيخ : (( وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ )) .
السائل : ثلاث.
الشيخ : ما تغلبوننا يا ناس، ثلاث؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : طيب، ثلاث مرات قُيّدت الرقبة بالإيمان مع أنه لو كنا نقول بالعمل بحمل المطلق على المقيّد لكان يكفي أن تُقيّد في الأية الكريمة، أه؟ مرة واحدة ثم تحمل الأيتان عليها فإذا كان كل مرة يذكر العتق يُقيّده في الإيمان والسبب واحد وهو قتل النفس المحترمة دل ذلك على أن الإيمان ليس شرطا في كفارة اليمين وكفارة الظهار وكفارة الجماع في نهار رمضان لا سيما وأن الجماع في نهار رمضان الرسول يسأل الرجل الذي تجب عليه الكفارة يقول ( هل تجد ما تُعتق رقبة ) ولم يقل له مؤمنة مع أن المقام يقتضي أن يقول له ذلك ولهذا كان هذا القول قويا جدا، اللي هو مذهب أبي حنيفة وابن المنذر وجماعة من العلماء كان قولا قويا أما الذين قالوا باشتراط الإيمان فاستدلوا بالقاعدة المعروفة أنه يُحمل المطلق على المقيّد إذا كان الحكم واحدا، عرفتم؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : فإن لم يستقم الأمر فإن الإيمان شرط فيها من باب القياس وكيفية إجراء القياس أن يُقال رقبة وجب إعتاقها للخروج من الذنب فاشتُرِط فيها الإيمان كالرقبة الواجبة في قتل الخطأ، انتبهوا، نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : أن يقول إنها رقبة واجبة لكفارة فاشتُرطت فيها، لا، نعم، للخروج من الذنب المتوقّع فاشترط فيها الإيمان ككفارة القتل، طيب، هذا إذًا عندنا قياس والثاني حمل مطلق على مقيّد ولكن قد يُعارض في ذلك أما الأول وهو حمل المطلق على المقيّد فقد نقول إنه لا حمل هنا لأن الحكم مختلف، في كفّارة القتل عتق وصيام بدون إطعام وفي كفّارة الظهار عتق وصيام وش بعد؟ وإطعام وكذلك في كفارة الجماع في نهار رمضان عتق وصيام وإطعام، في كفارة اليمين واضح الاختلاف وإلا لا؟ إطعام وكسوة وصيام ويختلف أيضا اختلافا بيّن عن الكفارة في القتل وأيضا نقول السبب مختلف وإن كان اختلاف السبب لا يؤثّر لكن لا بد أن يكون مؤثّرا أكثر في الحكم وأما القول بالقياس فالقياس أيضا قد يكون ممنوعا، لماذا؟ لأن القتل أعظم ذنبا من كفارة اليمين، أعظم من كفارة اليمين، كفارة اليمين الحنث فيها مباح والقتل محرّم مغلّظ فلهذا لا يُقاس هذا على هذا فإن قلت بماذا تُجيب عن حديث معاوية بن الحكم حين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن له جارية غضِب عليها فصكّها يعني ضربها وإنه يُريد أن يعتقها فدعا بها النبي عليه الصلاة والسلام فقال لها ( أين الله؟ ) قالت " في السماء " قال ( من أنا؟ ) قالت " أنت رسول الله " قال ( أعتقها فإنها مؤمنة ) فقوله أعتقها فإنها الجملة هذه تعليل يعني لإيمانها أعتقها أفلا يدُلّ هذا على أن غير المؤمن ليس محلا للعتق لأن الرسول قال ( أعتقها فإنها مؤمنة ) ؟ نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : غير محل للعتق، نعم، فهذا يقتضي أن الإيمان شرط وأيضا لو أعتقنا الكافر فإنه يتحرّر ولا يؤمن أن يلحق بدار الكفر لأنه أصبح حر والأصل في الرق ما هو؟ الأصل في الرق الكفر يعني لا نسترق بني ءادم إلا بسبب الكفر فهنا قد يقول قائل أيضا إنه يُخشى إذا أعتق وتحرّر ولم يكن لأحد عليه سلطان أن يلحق بدار الكفر فيكون في ذلك ضرر عليه وضرر علينا، ضرر عليه لأنه إذا ذهب إلى دار الكفر كان أبعد لإسلامه مما لو بقي بدار الإسلام وضرر علينا لأنه قد يُعينهم علينا في يوم من الأيام ولا سيما إذا كان فيه حنق على المسلمين وكان شجاعا وجلْدا ما نأمن، أعرفتم؟ فلهذا نقول لا نُعتق الكافر مطلقا، أصل إعتاق الكافر غير وارد إلا إذا أسلم، هذا الحقيقة هو الذي يمنع من أن يُرجِّح الإنسان الإطلاق في كفّارة اليمين وكفّارة الظهار فإذا كان الإنسان يعني إذا أردنا أن نخرج من المتشابهات لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات ) إذا أردنا أن نخرج من المتشابه نقول لا نُعتق إلا مؤمنا لأنك إذا أعتقت مؤمنة أبرأت ذمتك بلا خلاف وإن أعتقت كافرة أبرأت ذمتك على قول من الأقوال قد يكون هو الصواب عند الله وقد يكون الصواب خلافه، هذا إذا جاءنا يسألنا في ابتداء الأمر نقول أعتق رقبة مؤمنة فهذا أحوط لك واتق الشبهات أما رجل قد أعتق ورأى أنه أبرأ ذمته إما جهلا وإما تقليدا لقول بعض العلماء فهذا لا نأمره بإعادة العتق لأن أمرنا إياه بإعادة العتق معناها مقتضاه القضاء عليه بماذا؟ القضاء عليه بالغُرْم وهو أمر غير متيقّن فنكون ارتكبنا مفسدة التغريم بدون دليل بيّن وحينئذ يكون الحكم عليه بإبراء ذمته هو الاحتياط وإلا عدمه؟ أه؟
السائل : عدمه.
سائل آخر : ... .
الشيخ : هذا رجل أعتق وانتهى، إذا قلنا عتقك غير مجزئ غرّمناه الأن لأنه سوف يُعتق رقبة جديدة، الأولى عتقت فنحن هنا هل الاحتياط في أن نُغرّمه ونلزمه بعتق رقبة جديدة مع أننا في شك من ذلك أم أن الاحتياط ألا نغرّمك؟
السائل : ... .
الشيخ : الثاني هو الاحتياط ولهذا كثير من العلماء في مثل هذه الأمور المشتبهة التي تعارضت فيها الأدلة أو تكافأت فيها أقوال العلماء إذا لم يكن هناك دليل يُفرّقون بين الشيء إذا وقع وبين الشيء قبل وقوعه فيقولون قبل الوقوع نأخذ بالأحْوط وبعد الوقوع أيضا نأخذ بالأحْوط وهو عدم إفساد العبادة أو عدم التغريم أو ما أشبه ذلك، طيب.