ذكر مسائل متعلقة بالجن وصفاتهم . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
ذكر مسلم رحمه الله في صحيحه قصة الجن الذين حضروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر جملا من الكلام عليهم ، أولا الجن هل هم سابقون على الإنس أو الإنس سابقون على الجن ؟ الجواب الأول الجن سابقون على الإنس لأن أباهم إبليس وإبليس كان قبل آدم لا شك ، ثانيا هل الجن أجسام أو أعراض ؟ والجواب الأول أنهم أجسام يأكلون ويشربون ويبولون ، أما أكلهم وشربهم فمما جاء في صحيح مسلم أنهم يجدون كل عظم ذكر اسم الله عليه أوفر ما يكون لحما ، وأما شربهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من لم يسم الله على شرابه فإن الشيطان يشاركه فيه ، وأما بولهم فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الرجل الذي نام عن صلاة الصبح قد بال الشيطان في أذنه ، وقيؤهم كذلك يقيؤون فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الذي سمى في أثناء أكله قاء الشيطان ما أكله ، وقد استنتج بعض العلماء من هذا الحديث أن بول الجن طاهر وقيأه طاهر ليش ؟ قال لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن الشيطان بال في أذنه ولم يأمره بغسلها ، وكذلك أخبر أنه قاء ما أكله في الإناء ولم يحرم الطعام ، لكنّ هذا فيه نظر لأن أحوال الجن من الأمور الغيبية التي لا تقاس بأحوال الإنس ، لأن أحوال الإنس حسية وهذه خفية لا تعلم ، ومن ذلك أيضا هل الجن أقوى من الإنس أو الإنس أقوى ؟ الجواب الأول ويدل لهذا أنهم يتراكبون إلى السماء ويطيرون إلى السماء لاستراق السمع ، وكانوا يقعدون من السماء مقاعد أما الإنس فلا يستطيعون هذا بأنفسهم إطلاقا ولا يستطيعونه أيضا بآلاتهم ، لأن آلاتهم التي اخترعوها وصارت فوق غلاف الأرض لم تستطع أن تصل إلى السماء لتقعد مقاعد للسمع ولا لغير السمع ، ولأن عفريتا من الجن لما قال سليمان أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به متى ؟ قبل أن تقوم من مقامك مع أنه في اليمن وسليمان في الشام ، ومثل هذا لا يستطيعه الإنس لا بأنفسهم ولا بآلاتهم ، على كل حال الجن أقوى من الإنس ، ومن ذلك أيضا هل الجن يدخل في الإنس ؟ والجواب نعم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) بالوسوسة وبالإيذاء لأنه قد يدخل فيه ويؤذيه كما هو مشاهد مجرب لقول الله تعالى : (( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )) ولكن ما دواء هذه العلة ؟ دواؤها الإكثار من ذكر الله عز وجل والإكثار من الآيات التي بها الاستعاذة بالله عز وجل من شر الوسواس الخناس ، وكذلك أيضا قراءة آية الكرسي فإنه لا يزال على الإنسان من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح ، ومن ذلك هل الجن يموتون أو يبقون ؟ الجواب يموتون لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( والإنس والجن يموتون ) ، ولكن هل هم أطول أعمارا من الإنس أو لا ؟ أما أبوهم وهو الشيطان فهو أيش ؟ أطول بلا شك ، لأنه طلب من الله أن ينظره إلى يوم يبعثون فأعطاه ذلك ، وأما ذريته فلا نعلم لكن قد قيل في التواريخ إنهم وجدوا جنيا في أطراف مكة وسألوه عن عمره فقال إنه حين قتل قابيل هابيل كان قد ناهز الاحتلام فالله أعلم هل هذا صحيح أم لا ، لكن على كل حال هو يدل على أن إن صح يدل على أن أعمارهم طويلة جدا ، طيب ، ومن ذلك أيضا هل الجن يبعثون يوم القيامة ؟ الجواب نعم يبعثون يوم القيامة ويدخلون النار أيضا لقوله تعالى : (( قال أدخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها )) وهذا مجمع عليه ، ولكن هل يدخلون الجنة ؟ نعم الصحيح أنهم يدخلون الجنة ، لقول الله تعالى في سورة الرحمن بعد أن ذكر الجن والإنس وخاطبهم بقوله : (( فبأي آلاء ربكما تكذبان )) ، قال : (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )) ، وقال (( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان )) ، فالصواب أنهم يدخلون الجنة ، ومن ذلك هل نراهم يوم القيامة أو هم محجوبون عنا كما في الدنيا ؟ قيل إننا نراهم في الآخرة وإنهم لا يروننا ، ولكنني لا أعلم لهذا مستندا تطمئن إليه النفس ولكن مجرد تعليل وهو أن البشر أفضل من الجن لا شك وإذا كان الله تعالى قد أعطى الجن ميزة في الدنيا أن يروا البشر ولا يراهم البشر ففي الآخرة يكون إكرام الإنس أن يروا الجن وأن الجن لا يرونهم ، ومعلوم أن طول أمد الآخرة أكثر بكثير من أيش ؟ من أمد الدنيا ، فيكون الإكرام للبشر في هذه الناحية يوم القيامة ، فالله أعلم ، ومن ذلك أيضا هل الجن يمكن أن يروا ؟ نعم هل يمكن أن يروا أو هم عالم غيبي لا تمكن رؤيتهم ؟ الجواب الأصل فيهم أنهم عالم غيبي لا يروا ، لكن قد يرون أحيانا يتمثلون في صورة البشر ، كما جاء الشيطان الذي أخذ من الطعام الذي كان أبو هريرة وكيلا عليه ، فجاء بصورة إنسان وأن له عيال وذو فقر وحاجة ، فهم يرون لكن الأصل أيش ؟ الأصل أنهم عالم غيبي كالملائكة لا يرون ، والملائكة أيضا الأصل فيهم أنهم عالم غيبي ومع ذلك قد يرون أحيانا ، وهذا من حكمة الله عز وجل ، ومن ذلك أيضا هل الجن لهم أعين وآناف وآذان وأيدي وأرجل وما أشبه ذلك ؟ الجواب الظاهر نعم لكن من الأشياء ما هو متيقن ، وما هنا اسم موصول وليست نافية ، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان جالسا على طعام فجاءت جارية كأنما تدفع دفعا لتأكل من الطعام فألقت بيدها إلى الطعام ولم تسم ، فأمرها النبي عليه الصلاة والسلام أن تسمي وأمسك بيدها وقال : ( إن الشيطان هو الذي دفعها وإن يده ويد الجارية في يدي ) هذا الحديث أو معناه ، فدل هذا على أن الجن لهم أيدي ، نعم وأنها تمسك لكنها بالنسبة لنا غيبية لا ندري ، هذا ما يحضرني الآن من الكلام على الجن ، أما ما ادّعى العوام من أن لهم عيونا وأن عيونهم طويلة هكذا مشقوقة من هنا ما هي عرض ، وأنهم ليس لهم عظام وأنهم رقيقون ، فهذه كلها ليس لها أصل فيما نعرف ، ليس لها أصل ، نعم.