فوائد حديث : ( ... اقرأوا الزهراوين ... ) و جميع رواياته . حفظ
الشيخ : ثم خص عليه الصلاة والسلام فقال ( اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما ... ) إلى آخره، الزهراوين تثنية زهراء وهي البيضاء الناصعة ومنه الزهرة تكون في الشجرة بيضاء ناصعة، وإنما كانت كذلك من بين سائر القرآن لما يشتملان عليه من الأحكام العظيمة والمواعظ النافعة، وقوله ( فإنهما تأتيان يوم القيامة ) نعم قوله ( البقرة وسورة آل عمران ) إذا كان اللفظ محفوظا هكذا البقرة وسورة فإنه يدل على جواز أن تسمى سورة البقرة البقرة، وأن سورة آل عمران تسمى سورة آل عمران، وإن كان هذا اللفظ من تصرف الرواة وأن الرسول قال البقرة وآل عمران كما هو لفظ آخر فإنه يدل على جواز قول القائل قرأت سورة البقرة قرأت سورة آل عمران أو قرأت البقرة وقرأت آل عمران لأن حذف ما يعلم جائز كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية : " وحذف ما يعلم جائز كما *** تقول زيد بعد من عندكما " يقول فإنهما تأتيان فإذا قال قائل البقرة وآل عمران لماذا سميتا بهذا الإسم؟ نقول لذكر البقرة في الأولى وذكر آل عمران في الثانية، فإذا قال قائل لماذا لم يقال آل إبراهيم؟ لأن الآية اللي فيها آل عمران هي التي فيها آل إبراهيم، قلنا التسمية لا يشترط فيها تمام المناسبة، التسمية تكون لأدنى ملابسة، ولذلك تجدون المزدلفة تسمى جمعا وعرفة لا تسمى جمعا مع أن الناس يجتمعون في عرفة وفي مزدلفة، زد على ذلك يجتمعون في منى أيضا أكثر من اجتماعهم في المزدلفة يبقون فيها ثلاثة أيام ولا تسمى منى جمعا بل تسمى منى لكثرة ما يراق فيها من الدماء، فالتسمية يقول العلماء إنها تكون لأدنى ملابسة، نعم، وقوله ( فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف ) ثلاثة أمثلة ضربها الرسول عليه الصلاة والسلام، غمامتان والغمام هو السحاب المعروف وقيده بعضهم بكونه أبيض لأن الغمام الأبيض أبرد من الغمام الأسود، كما هو معروف، وأما غيايتان فهي الظلة تغشى الإنسان سواء على شكل غمامة أوعلى غير ذلك، وأما الفرقان من طير صواف، فالفرقان يعني الطائفتين من الطيور، والطائفة من الطيور المجتمعة تسمى فرقا، والمعنى أنهما يأتيان كأنهما فرقان من الطير واحد لآل عمران وواحد للبقرة، تحاجان عن أصحابهما فذكر في سورة البقرة وآل عمران فائدتين: أولا إظلال القارئ وثانيا المحاجة، أما سائر القرآن فقال ( إنه يأتي شفيعا لأصحابه )، والشفاعة دون المحاجة في القوة لأن الشفيع إنما يتوسط للمشفوع له دون محاجة عنه، لكن المحاجة أبلغ في الدفاع عنه، فتميزت سورة البقرة إذًا عن سائر القرآن البقرة وآل عمران تميزتا عن سائر القرآن بثلاثة أمور: الأول المحاجة والثاني الظل والثالث الشفاعة نعم للجميع شاركت بقية القرآن، نعم يقول ثم قال عليه الصلاة والسلام ( اقرؤوا سورة البقرة ) هنا جاءت كلمة سورة وفي الأول حذفت لكني أقول قد يكون اللفظ المحفوظ عن الرسول عليه الصلاة والسلام هو هذا أو أن هذا من تصرف الرواة، والأمر في هذا واسع، ( اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ) أخذها يعني قراءتها والعمل بها، بركة، وهذا كلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم حق لا شك فيه، ولهذا إذا أكثر الإنسان من قراءة البقرة فإن الله تعالى ينزل له البركة في جميع أعماله لكن مع العمل بما فيها وتركها حسرة، تركها يعني الصد عنها وعدم قراءتها أو عدم العمل بها، ولا تستطيعها البطلة يعني السحرة، فهي تدفع عن الإنسان السحر لأن السحرة لا يستطيعونها إذ أن السحرة من الشياطين وقد قال الله تعالى في سورة البقرة تحدث سبحانه وتعالى عن السحرة وقال (( ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله )) فلهذا من قرأ البقرة بإخلاص وإيمان فإنه لا يقدر عليه السحرة، أما الحديث الذي بعده حديث النواس بن سمعان يقول ( يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا ... ) أيش؟ ( يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران ) انتبه لقوله أهله الذين يعملون به، ليس أهله الذين يكثرون تلاوته، التلاوة وسيلة والغاية هي العمل، ولهذا وصف النبي عليه الصلاة والسلام أهله بأنهم الذين يعملون به يتقدمه سورة البقرة وآل عمران ( وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال كأنهما غمامتان أو ظلتان ) الظلتان ما هما؟ الغيايتان، في الحديث الذي قبله، لكن يقول سوداوان بينهما شق أو أي شرْق أو شَرَق، شرق أو شرق مأخوذ من الشروق شروق الشمس، أي بينهما نور ساطع يفصل بينهما، أو كأنهما حزقان من طير صواف، حزقان بمعنى فرقان كما سبق في الحديث الأول، تحاجان عن صاحبهما، نعم.