معنى قوله "وأزلفت الجنة للمتقين.........وجاء بقلب منيب " حفظ
الشيخ : أما الجنة وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من أهلها فإنها تزلف، تقرب للمتقين غير بعيد (( وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب )) هذه أربعة أوصاف لكل أواب منيب من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب أما الأواب فهو الرجاّع إلى الله عز وجل من ذنوبه إلى طاعة مولاه حفيظ حافظ لأوامر الله لا يخل بها ولا يتجاوزها فهو جامع بين الرجوع من المعصية وكل بني آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون وبين حفظ حدود الله عز وجل لا يتجاوز ما أمره الله به بل يأتي به كاملا موفرا بحسب استطاعته من خشي الرحمن بالغيب أي خاف الله تعالى بالغيب والخشية أخص من العلم فكل خشية علم وليس كل خوف خشية إذ أن الخشية لا تكون إلا مع العلم كما قال الله تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) أي العالمون بالله عز وجل ليس العالمون بالطبيعة فإن من العالمين بالطبيعة من هو أكفر خلق الله بالله ولكن المراد العالمون بالله سبحانه وتعالى بما له من الأسماء والصفات والأحكام الكونية والشرعية المتضمنة للحكمة البالغة (( من خشي الرحمن بالغيب )) هل المراد أنه يخشى الله إذا كان منفردا في سوقه أو بيته أو بره أو بحره أو المراد ما هو أعم من ذلك المراد ما هو أعم من ذلك يخشى الله في الوحدة ويخشى الله بالغيب أي بما غاب عن الناس مما يكنه في صدره فهو خاش لله عز وجل ظاهرا وباطنا في الاجتماع والانفراد وكثير من الناس نسأل الله أن يعيذني وإياكم من أحوالهم يخشون الله تعالى ظاهرا فتجده أمامك يقوم مقام الخاشع العابد الذليل ولكن قلبه متكبر جبار والعياذ بالله أما من خشي الله بالغيب وكان قلبه كظاهره يخشى الله ظاهرا وباطنا وجاء بقلب منيب ولم يقل وكان ذا قلب منيب وإنما قال : (( وجاء بقلب منيب )) إشارة إلى أن تلك الإنابة امتدت به حتى الموت حتى لقي الله عز وجل وجاء بقلب منيب فهذه الأربعة الأوصاف هي أوصاف أهل الجنة.