كلمة للشيخ حول تفسير قوله تعالى :"قدسمع الله قول التى تجادلك في زوجها وتشتكى إلى الله .......إن الله سميع بصير ". حفظ
الشيخ : أما الأمر الثاني الذي سنتكلم فيه إن شاء الله قبل موضوع درسنا هذه الليلة فهو ما سمعناه من كتاب الله عز وجل مما تلاه أئمتنا أولا في سورة قد سمع في أولها وثانيا في سورة الطلاق في أولها ففي سورة قد سمع يقول الله عز وجل : (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير )) وهذه الآية في قصة امرأة جاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها حين ظاهر منها وكان الظهار على ما يقولون في الجاهلية كان طلاقا بائنا وقد ظاهر منها على أنها قد بانت منه فجاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتحاوره أي تراجعه الكلام فيما صار من زوجها والله عز وجل قد أخبر في كلامه هذا أنه قد سمع قول هذه المرأة التي تجادل النبي صلى الله عليه وسلم وتشتكي إلى الله عز وجل وقد أجاب الله تعالى شكواها وبين حكم الظهار فيما بعد قالت عائشة رضي الله عنها تعليقا على هذه الآية : ( تبارك الذي وسع سمعه الأصوات والله إني لفي الحجرة وإنه ليخفى علي بعض حديثها والله جل وعلا من فوق سبع سماوات سمعها وهو على عرشه ) وهذا دليل على سعة سمع الله عز وجل وسعة صفات الله سبحانه وتعالى كلها في ضمن قوله : (( والله واسع عليم )) (( وكان الله واسعا حكيما )) وما أشبه ذلك فإن جميع صفاته واسعة عامة شاملة فالله سبحانه وتعالى سمع قول هذه المرأة وسمع محاورتها للنبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الكلمة الثانية يسمع تحاوركما بلفظ المضارع حكاية للحال الماضية كأنها حاضرة الآن وفي هذه الآية دليل على أن الله جل وعلا يتكلم بالقرآن حين إنزاله لأنه إذا كان الله قد تحدث عن أمر مضى بلفظ الماضي دل ذلك على أن كلامه كان بعد ذلك الأمر الذي مضى قد سمع الله والآيات في هذا المعنى كثيرة ومنها قوله تعالى : (( وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال )) وقوله تعالى : (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) وقوله تعالى : (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا )) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي يظهر منها ظهورا بينا جليا أن الله يتكلم بالقرآن حين إنزاله فيتلقاه جبريل ثم ينزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم فأما قوله تعالى : (( إنا أنزلنا في ليلة القدر )) فأصح الأقوال فيها أن معناها إننا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر فقد ابتدأ إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر.