قصة بريرة في مكاتبتها . حفظ
الشيخ : ومثال آخر فيه شيء من الشدة.
جاءت بريرة وهي أمة قد كاتبها أسيادها؟
ويش معنى كاتبها أسيادها؟ يعني كتبوا لها خط وكتبت لهم خطا آخر؟
لا، المكاتبة معناها شراء العبد نفسه من سيده.
بريرة اشترت نفسها من أسيادها بتسع أواق من الفضة، والأوقية أربعون درهما، كم تكون سعر الأواق؟ أين الحسابون؟
ثلاثمائة؟
الطالب : اختلفت الروايات.
الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله، تسعة في أربعين كم؟ تسعة في أربعة: ستة وثلاثين، ضع صفر على يمين الست كم يكون؟
ثلاثمائة وستون درهما.
طيب، فجاءت بريرة إلى عائشة تستعينها وتطلب منها المعونة في دفع هذه الدراهم.
فقالت عائشة لها : إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك فعلت.
فذهبت بريرة إلى أهلها، وقالت لهم ما قالته عائشة قالوا : لا، إلا أن يكون الولاء لنا.
الولاء نوع من الولاية والإرث، لكنها متأخرة عن ولاية النسب.
قالوا: لا، إلا أن يكون الولاء لنا.
فأخبرت عائشة النبي الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : (خذيها واشترطي لهم الولاء )، ففعلت عائشة أخذتها بهذا الشرط، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قام فاختطب خطبة بليغة، قال فيها : ( أما بعد، فما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب اللّه -انتبه ياأخ-ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب اللّه، ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء اللّه أحق، وشرط اللّه أوثق، وإِ نما الولاء لمن أعتق ).
والشاهد هذا الإِنكار البليغ: ( ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب اللّه ).
وهذا التنكير يحتمل أنه من باب الستر عليهم، لم يذكرهم بأسمائهم.
ويحتمل أن هذا من باب التغليظ في الإنكار عليهم، كأنهم ليسوا في مقام يسمح بذكر أسمائهم، وإن كان الأول الاحتمال الأول هو الأظهر، أنه قال ذلك من باب الستر عليهم، لأنه لا ينبغي تعيين الإنسان في الخطب وما أشبه ذلك، فيقال : إن فلاناً قال كذا وكذا ، ويُفضح بين الناس.
طيب، انتبه يا أخ.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( يشترطون شروطاً ليست في كتاب اللّه، ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه فهو باطل ).
ما تقولون في القوانين المخالفة للشرع ؟ باطلة؟ باطلة؟ وضعها قوم عباقرة، مفكرون، نعم ، قوانين مخالفة للشرع باطلة مهما كان واضعها؟ فإنها باطلة ويجب رفضها، ولا يجوز لأحد أبداً أن يتمسك بها!
كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، شف بعدها: ( قضاء اللّه أحقّ )، قضاء الله يعني ما قضاه شرعاً فهو أحقّ من غيره، (( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقَ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )).
هذه القصة فيها شيء من الشدة أو لا؟
فيها شيء.
قال بعض العلماء : لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد قرر من قبل أن الولاء لمن أعتق، فكان في اشتراطهم شيء من المخالفة، فلهذا صار خطاب النبي صلى الله عليه وسلم في هؤلاء القوم شديداً.