معنى قوله تعالى :" فلولا إذا بلغت الحلقوم - إلى قوله - فلولا إن كنتم غير مدنيين ترجعونها إن كنتم صاقين " حفظ
الشيخ : ثم ذكر الله في آخر السورة حال من احتضر وحضره الموت، فقال عز وجل : (( فلولا إذا بلغت الحلقوم )) بلغت يعني الروح والنفس، فإنها تخرج من البدن من عند القدم، وتصعد في الجسم شيئا فشيئا حتى تصل إلى الحلقوم. الحلقوم الذي هو مجرى النفس، هذا، (( إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون )) تنظرون إلى الميت ينازعه الموت قد احتضر وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وضاقت عليه نفسه، لا تستطيعون أن تدفعوا عنه شيئا، لو اجتمع أطباء العالم كله على أن يدفعوا ما نزل به لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا (( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون )) الملائكة الذين وكلوا بقبض روح هذا المحتضر أقرب إلى المحتضر من أهله، ولكن لا يبصرونه، لأنهم ملائكة عالم غيبي لا يظهرون للشاهد والعيان إلا إذا أراد الله عز وجل أن يظهرهم آية من آياته فممكن هذا.
قال الله تعالى : (( فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )) (( لولا )) بمعنى هلا (( إن كنتم غير مدينين )) وهذا تحذير مشرب بالتحدي، يعني إن كنتم غير مجزيين بأعمالكم فردوها، ردوا الروح التي بلغت الحلقوم حتى ترجع في البدن، هل يمكن هذا؟ الجواب : لا يمكن أبدا.
ثم ذكر الله تعالى أن حال هؤلاء المحتضرين تنقسم إلى ثلاث أحوال : مقربون، وأصحاب يمين، وأصحاب شمال.
أما المقربون وأسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم.