سائل يقول : هل للعمرة طواف وداع .؟ حفظ
السائل : هل للعمرة طواف وداع وجزاكم الله خيرا ؟ .
الشيخ : نعم العمرة اختلف العلماء في وجوب طواف الوداع لها ، فمنهم من قال أنه ليس لها وداع ، ومنهم من قال بل لها وداع .
والصحيح أن لها وداع ، وأنه يجب على الإنسان أن يوادع . والذين قالوا لا يجب ، قالوا أنه يسن أن يودع ، يعني لم يجعلوا الوداع وتركه سواء ، بل قالوا إن الوداع أفضل .
ولكني أرى أن الوداع واجب ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ينصرف أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما والحديث الأول أيضا من حديث ابن عباس قال : ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن الحائض ) وهذا عام لم يخصص فيه الرسول عليه الصلاة والسلام العمرة ويخرجها من الحكم .
فإن قال قائل : هذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، ولم ينقل عنه أنه حين اعتمر عمرة القضية وعمرة الجعرانة ، لم ينقل عنه أنه ودّع البيت حين خروجه ، فما الجواب ؟ .
قلنا الجواب من وجهين :
الوجه الأول : أن عمره كانت سابقة على وجوب هذا الطواف، فوجوب الطواف كان متأخرا عن عمره ، فهو ابتداء تشريع ، يعني قوله ذلك في حجة الوداع هو ابتداء تشريع ، نعم لو ثبت أنه اعتمر بعد أن قال هذا القول في الحج ولم يودع صارت العمرة خارجة عن هذا العموم . أما كون العمرة سابقة عن مشروعية الطواف فإنها لا تدل على التخصيص .
ونقول ثانيا : أما عمرة الجعرانة ، فإن عمرة الجعرانة كما يعلمه من قرأ التاريخ كانت عمرة لم يجلس فيها الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة ، بل دخل ليلا واعتمر وخرج ، ونحن نقول إن الرجل إذا جاء معتمرا بنية أنه إذا جاء وطاف وسعى وقصر ومشى ، فهذا ليس عليه طوا وداع اكتفاء بالطواف الأول الذي هو طواف القدوم .
ومن الأدلة على وجوب طواف الوداع في العمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليعلى بن أمية : ( اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجّك ) و ( ما ) في قوله : ( ما أنت صانع ) اسم موصول ، واسم الموصول من صيغ ؟ .
الطالب : العموم.
الشيخ : العموم ، وعلى هذا فكل ما يصنع في الحج يصنع في العمرة إلا ما خصّه الدليل والإجماع ، كالوقوف بعرفة والمبيت بالمزدلفة ومنى ورمي الجمار ، فهذا غير داخل في هذا العموم بالنص والإجماع .
ثالثا : أنه حديث عمرو بن حزم المشهور الذي تلقته الأمة بالقبول قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والعمرة حج أصغر ) فسماها النبي صلى الله عليه وسلم حجا ، وإذا كانت حجا وجب أن يثبت لها أحكام الحج إلا ما خصه الدليل والإجماع .
فهذه الوجوه الثلاثة كلها أدلة أثرية .
أما الدليل العقلي فنقول : الطواف للعمرة طواف الوداع أحوط وأبرأ للذمة، لأنك إذا طفت للوداع في العمرة لم يقل أحد من العلماء إنك أخطأت ، لكن إذا خرجت بدون وداع قال لك بعض العلماء إنك أخطأت ، وأن ذمّتك مشغولة بهذا الطواف ، ومعلوم أن ما كان أبرأ وأحوط فهو أولى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) والله الموفق.