الفوائد المستبطة من الآية الكريمة السابقة . حفظ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قبل أن نبدأ تفسير هذه الآية أظن بقي علينا فوائد ؟ من أين ؟ الآية التي قبلها أخذنا فوائدها ؟ قال الله تعالى: (( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات ... )) ذكرنا فيما سبق أن (( المحصنات )) فيها قراءتان: كسر الصاد وفتح الصاد ، (( المحصنات )) على أنها اسم فاعل ، و(( المحصنات )) على أنها اسم مفعول، وأظن أني نسيت أن أنبهكم ؟ من فوائد الآية الكريمة: أن الإحلال والتحريم إلى الله عزوجل ليس لأحد أن يحلل أو يحرم ، لقوله: (( اليوم أحل )) وهذا بإجماع المسلمين حتى إن الله تعالى قال: (( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب )) وقد مر علينا ما يبين حكم التحليل والتحريم وقلنا الأصل في العبادات التحريم والمنع إلا بدليل ، والأصل في غيرها الحل ، وكلام الأصوليين حول هذا الموضوع ، وما الأصل بالأشياء قبل الشرع ، وما أشبه ذلك كله كلام ليس فيه فائدة إلا تسويد ما ابيض من الصحف فقط لأنه كلام جدلي لا فائدة منه ، لأن لدينا من كلام الله وسنة رسوله ما يغني عن كل المباحث التي ذكروها وأطالوا فيها ، نقول قاعدتان مهمتان: الأصل في العبادات المنع إلا بدليل ، المنع أصلا ووصفا إلا بدليل ، والأصل في غير العبادات مطلقا من عادات ومعاملات وأعيان ومنافع وغيرها ، الأصل فيها أيش ؟ الحل إلا ما دل الدليل على التحريم ، والأدلة على ذلك ذكرناها سابقا ولا حاجة للإعادة . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن كل ما أحله الله تعالى فهو طيب . ولكن هذا الطيب هل هو حلال لكل أحد ؟ الجواب: إن تضمن ضررا على بعض الناس كان حراما وإن كان طيبا ، فإذا قيل لشخص مثلا: إنك إذا أكلت هذا النوع من الطعام فإنه يضر ، صار في حقه حراما لا لأنه خبيث لكن لأنه ضار لهذا الشخص المعين . من فوائد هذه الآية الكريمة: أن طعام اليهود والنصارى حلال لنا ، لقوله: (( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم )) . وهل غيرهم كذلك ؟ الجواب: لا ، وأخطأ من قال إن قوله: (( الذين أوتوا الكتاب )) إنه لقب ، بل نقول إنه وصف والوصف يخرج ما سواه مما لم يتصف به ، فمثلا (( الذين أوتوا الكتاب )) هل حللها إلى اسم مفعول ؟ وطعام معطون الكتاب ، وإذا حللت إلى اسم المفعول صار صفة مشتقة ، فلا تكون لقبا كما قيل لأن اللقب معروف أنه ليس له مفهوم ، فمثلا إذا قلت لك: أكرم زيدا ليس معناه لا تكرم غيره لأن هذا لقب ، لكن إذا قلت: أكرم المجتهد ، هذا أيش ؟ هذا وصف ، هذا وصف يخرج من ليس بمجتهد ، من العلماء ولاسيما المتأخرون من قال (( إن الذين أوتوا الكتاب)) لقب وليس بوصف من أجل أن يتضرعوا إلى حل طعام غير اليهود والنصارى ، لأن اللقب كما هو معروف عند الأصوليين ليس له مفهوم ، اللقب ليس له مفهوم وقد عرفتم المثال ، مثاله أيش ؟ أكرم زيدا ، لا يعني أنك لا تكرم غيره ، لكن أكرم المجتهد يعني لا تكرم المه ... من فوائد هذه الآية الكريمة: حل طعام الذين أوتوا الكتاب ، وهم اليهود والنصارى . ومن فوائد الآية الكريمة: أن من سواهم لا تحل ذبيحتهم كالمجوس والوثنيين والشيوعيين والمشركين وما أشبههم ، نأخذها من أين ؟ من مفهوم (( الذين أوتوا الكتاب )) . ومن فوائد الآية: حكمة الله عزوجل في تحليل طعام الذين أوتوا الكتاب ، لأن الذين أوتوا الكتاب عندهم علم سماوي ، فهم من أقرب الناس إلى قبول الشريعة الإسلامية ، ولاشك أن أحوال أهل الكتاب تغيرت بعد نزول القرآن الكريم ، تغيرت تغيرا كثيرا فصار بين المسلمين واليهود وبين المسلمين والنصارى حروبا عظيمة طاحنة أدت إلى استكبار هؤلاء اليهود والنصارى وعدم قبولهم لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما عده أهل الكتاب ذكيا فهو ذكي ، لأنهم إذا عدوه ذكيا صار طعاما ، والذكي هنا ليس معناه الفطن ، المراد بالذكي يعني المذكي ، فما عدوه ذكيا فهو طعام لهم ، وبناء على ذلك يحل من طعامهم ما ذكروا اسم غير الله عليهم ، يعني لو قال النصراني باسم المسيح وقال اليهود باسم عزير ، أو ما أشبه ذلك فالذبيحة حلال لأنهم يعتقدون هذا طعاما ، والله عزوجل أطلق ، قال: (( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم )) . ومن ذلك أيضا أن ما عدوه ذكيا من الموقوذ فهو حلال ، أيش الموقوذ ؟ الذي قتل بغير انهار الدم بالصع وشبهه فإنه حلال ، لأن الله قال: (( طعام الذين أوتوا الكتاب )) فما عدوه طعاما مذكا يأكلونه فإنه حلال . فإذا قال قائل: هل ذهب إلى هذا أحد ؟ فنقول: أما ما ذكروا عليه اسم المسيح فقد ذهب إليه بعض السلف من الصحابة وغير الصحابة ، وقالوا إن هذا لا يعود إلى ذات المذكى أو إلى خبثه إنما يعود إلى القصد ، ونحن لا يهمنا قصده ، وأما الثاني وهو أنه إذا كان الذكي عندهم ما مات ولو بخنق فقالوا إن الآية مطلقة ، لكن ما علمنا أن أحدا من السلف قال به إلا أن المتأخرين الذين قالوا به قالوا إذا كان السلف أجازوا ما ذكر اسم غير الله عليه ـ يعني بعض السلف ـ فهذا مثله ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذكر اسم الله على الذبيحة وانهار الدم قرينين ، جعلهما قرينين في حكم واحد فقال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) لكن جمهور العلماء يقولون: إن هذا الإطلاق في (( طعام الذين أوتوا الكتاب )) يجب أن يقيد ، أن يقيد بقوله تعالى: (( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه )) وقوله: (( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه )) ويقيد أيضا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) وإذا كان هذان قيدان مقيدان لإطلاق حل ذبيحة المسلم فتقييدهما لحل ذبيحة غير المسلم من باب أولى ، إذا كان المسلم لو خنق شاة مثلا صارت حراما فكذلك الكتابي ، إذ لا يمكن أن تكون مقتولة الكتابي أفضل من مقتولة المسلم، وهذا هو الذي عليه الجمهور، جمهور العلماء وهو الصحيح، فالصحيح أن قوله: (( طعام الذين أوتوا الكتاب )) وإن كان مطلقا فإنه يجب أن نقيد بأيش؟ بما ورد من تقييد ذلك بذكر اسم الله على الذبيحة وانهار الدم ، لكن إذا أتتنا ذبيحة من يهودي أو نصراني ونحن لا ندري أذكر اسم الله عليه أو لا، أخنقها ثم قطع رقبتها أم لا فما الأصل ؟ الأصل حل ، الأصل الحل لما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: ( أن قوما أتوا إلى رسول الله فقالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليها أم لا ، قال: سموا أنتم وكلوا ، قالت: وكانوا حديث عهد بكفر ) يعني أسلموا قريبا والمسلم قريبا قد يخفى عليه كثير من الإسلام ومع ذلك قال أيش ؟ قال: سموا أنتم وكلوا ، قال صاحب المنتقى رحمه الله: يؤخذ من هذا أن كل فعل صدر من أهله فالأصل فيه الحل ولا تناقض ، لأننا لو كلفنا أن ننقب لكان حتى الذي يأتي في أسواقنا مما ذبح المسلمون يجب أن نسأل هل الذابح سمى أو لا ، هل قطع الأوداج أو لا ، هل هو يصلي أو ل ا، وما أشبه ذلك ، ولو أننا كلفنا أن ننقب لكان الرجل إذا باع علينا الثوب قلنا تعال من أين ملكت ؟ صح ؟ لاحتمال أن يكون سرق ، فإذا قال ملكت من فلان يلا روح لفلان تعال من أين ملكت ؟ لاحتمال أن فلانا سرق إلى أن نصل إلى الشجرة التي نسج منها ، وهذا شيء لا يمكن أن نطاق ، على كل حال الأصل في الفعل الواقع من أهله الحل . لو ادعى مدعى أن المراد بقوله: (( طعام الذين أوتوا الكتاب )) ما طبخوا من خبز ومرق وما أشبه ذلك هل يقبل ؟ لا ، لماذا ؟ لأن هذا حل من أهل الكتاب ومن غيرهم بالإجماع ، هذا حل بالإجماع حتى لو أن مجوسيا صلح لنا خبزا نأكله ، وذلك أن المحللات تنقسم إلى قسمين ، الأول: ما لا يشترط لحله فعل فاعل ، وهذا حلال من الكتابي وغير الكتابي ، والثاني: ما يشترط لحله فعل فاعل، وهذا حرام من غير أهل الكتاب ، هذا قسمان وذكرت ذلك من أجل أن يصحح ما سبق أن قلنا إنه ثلاثة أقسام والحقيقة أنه قسمان، الأول: ما لا يتوقف حله على فعل فاعل ، مثل أيش ؟ الذبائح أو في غير الذبائح ؟ طيب السمك ؟ ويش تقول ؟ هل يشترط لحله فعل فاعل ؟ لا ، لا ؟ متأكد ؟ توافقون على هذا ؟ نعم لو وجدت سمكة ميتة على شاطئ البحر كلها ما فيها شيء ، هذه حلال سواء كان طعام أهل الكتاب أو غير أهل الكتاب ، وهذا لا إشكال فيه ، الإشكال في الطعام الذي يشترط لحله فعل الفاعل وهو الحيوان الذي يحتاج إلى الذكاة ، وهذا هو المراد بالآية . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا بأس أن نطعم أهل الكتاب ويطعمونا ، لقوله: (( طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم )) وحينئذ نسأل هل تجوز المهاداة بيننا وبين أهل الكتاب ؟ الجواب: نعم يجوز فإن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هديتهم كما أهدت إليه المرأة في خيبر الشاة المسمومة ، لأن هذه المرأة سألت أي شيء يعجب محمدا ؟ قالوا يعجبه من الشاة ذراعه ، فملأت الذراع بالسم وأهدتها للرسول عليه الصلاة والسلام ، النبي عليه الصلاة والسلام ما يعلم الغيب أكله ومن معه، من الذين أكلوا معه من مات ، أما هو عليه الصلاة والسلام فإنه تأثرت ال ولكن بإذن الله لم يؤثر به السم شيئا ، لكنه قال في مرض موته كما روت عنه عائشة: ( ما زالت أكلة خيبر تعاودني وهذا أوان انقطاع الأبهر مني ) الأبهر عرق معروف إذا انقطع هلك الإنسان ، ولهذا قال الزهري وغيره: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات شهيدا بقتل من ؟ بقتل اليهود ، المهم كون طعامهم حلا لنا وطعامنا حلا لهم يدل على جواز المهاداة بيننا وبين أهل الكتاب ولاسيما إذا رجونا منهم الإسلام أو إذا أردنا أن نبين لهم أن الإسلام دين السلام وأن الإسلام ما أنزله الله عزوجل ليفرض على الناس أن يسلموا إنما فرض الله على البشر أن تكون كلمته هي العلياء سواء بالإسلام أو بجزية ، ولذلك لو أن الكافر قال إنه يبذل الجزية ويبقى على دينه نقول: لا ، لازم تسلم ؟ لا أبدا، نقول ابق على دينك ونحن نستلم الجزية ، وطبعا تسليم الجزية متى يكون ؟ إذا كنا نحن المسلمين لنا الكلمة وليس كحالنا اليوم ، حالنا اليوم ـ نسأل الله أن يرحم ضعفنا ـ على عكس من ذلك، الكلمة العليا لغيرنا لأننا ما قمنا بدين الله حق القيام ، لو قمنا بدين الله حق القيام لكان دين الله لابد أن يظهر على جميع الأديان (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق )) لأيش ؟ (( ليظهره على الدين كله )) لكن من منا إلا من شاء الله يريد هذا، أكثر الناس الآن على غيره، وأعني بهم المسلمين أيضا على خلاف ذلك في بلاد المسلمين شرك لو كان الرسول حيا لكان يقاتلونهم عليه ، وفيهم غلو في قوم صالحين أو غير صالحين ، والأشياء لا تخفى على كثير منكم ، على كل حال دين الإسلام هو دين السلام في الواقع ، لكنه مع ذلك دين العزم والقوة والحذر من الأعداء وكيدهم ومكرهم وخيانتهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: حل المحصنات من أهل الكتاب كحل المحصنات من المسلمين ، لأن الله قال: (( والمحصنات من المؤمنات )) وهذا في الحقيقة قد يقول قائل: لا محل له لأن هذا أمر معلوم، لكنه سبحانه وتعالى أراد أن يبين أنه كما حلت لنا المحصنات من المؤمنات حلت لنا المحصنات من أهل الكتاب ، لأن المحصنات من المؤمنات حلها معروف في سورة النساء وهي قبل هذه السورة صريحة بذلك ، لكنه أراد بذلك سبحانه وتعالى والله أعلم أن حل المحصنات من المؤمنات والمحصنات من أهل الكتاب سواء في الحل ، لكن لا يلزم تساويهن بالحل أن يتساوين في الإقدام عليهن قد يكون شيء حلالا ولكن نقول الأفضل أن لا تقدم عليك ، أفهمتم هذا ؟ يعني لا يلزم من حل المحصنات من المؤمنات والمحصنات من أهل الكتاب لا يلزم من حلهن أن يتساوين في الإقدام ، قد تحل المرأة للإنسان ويقال لا تقدم عليها .
الشيخ : ما المراد بالمحصنات ؟
الطالب : الحرائر ،
الشيخ : فيها قولان لكن ما هو الراجح ؟ المراد الحرائر هذا هو الصحيح ، أما العفيفات فإنه يأتي في سورة النور (( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: علو مرتبة المؤمن وإن لم يكن عالما ، لقوله: (( المحصنات من المؤمنات )) فقدم المؤمنات على (( المحصنات من أهل الكتاب )) مع أن أهل الكتاب عندهم علم والمؤمن قد لا يكون عنده علم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: اشتراط المهر في حل المرأة ، من أين يؤخذ ؟ من قوله: (( إذا آتيتموهن أجورهن )) وهذه المسألة اختلف فيها العلماء ولها صور، الصورة الأولى: أن يتزوج الرجل المرأة بشرط أن لا مهر لها ، هذه واحدة أن يتزوجها بشرط أن لا مهر لها ، فهل يصح العقد ؟ ظاهر الآية الكريمة هنا وظاهر الآية الكريمة في سورة النساء أنه لا يصح العقد ، في سورة النساء قال الله تعالى: (( وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم )) يعني ليس مجانا بل لابد من المهر، وفي الآية الكريمة هنا: (( إذا آتيتموهن أجورهن )) وهذا القول هو الراجح ، أنه إذا تزوج امرأة بشرط أن لا مهر لها فالنكاح باطل، ووجه ذلك ؟ أنه إذا تزوجها بشرط أن لا مهر لها صار هذا النكاح هبة ونكاح الهبة لا يجوز إلا للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لقول الله تعالى: (( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين )) فإذا اشترط أن لا مهر فهذا هو الهبة، قال بعض العلماء النكاح صحيح والشرط فاسد وحينئذ يجب لها مهر المثل، النكاح صحيح والشرط فاسد ويجب لها مهر المثل، ولكن هذا القول ضعيف لأن الأدلة تمنعه . الصورة الثانية: تزوجها وسكت لم يذكر مهرا ، فالنكاح صحيح بنص القرآن ولكن لها مهر المثل ، لقول الله تعالى: (( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة )) ثم قال: (( ومتعوهن على الموسع قدره )) هذه نقول إذا دخل بها فلها مهر المثل وإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة بقدر يسر زوجها وعسره ، الفرق بين هذه والأولى واضح ؟ ما هو ؟ الأولى شرط عدم المهر والثاني سكت . الصورة الثالثة: أن يتزوجها بشرط المهر ، فهذه جائزة أو غير جائزة ؟ جائزة ، وشطر المهر ما هو إلا تأكيد ، تأكيد لمقتضى العقد ، وهل يشترط إذا اشترط المهر أن يعين أو لا ؟ لا يشترط أن يعينه ، إن عينه فلها ما عين وإن لم يعينه فلها مهر المثل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن المهر بمنزلة الأجرة ، لقوله: (( أجورهن )) وحينئذ يرد إشكال ، يقال: الأجرة يشترط فيها معرفة العوض والمعوض وعلمهما وهنا العوض يجوز أن يكون مجهولا وهو المهر الذي لا يسمى والمعوض كذلك، المعوض هي منفعة المرأة إلى متى ؟ إلى الموت أو الطلاق، وهذا أمر مجهول قد تبقى مع زوجها عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو مائة سنة وقد تموت في أسبوعها الأول وقد يطلق في أسبوعها الأول ، ومهر الأولى والثانية سواء، أليس كذلك ؟ تزوج امرأة بألف ريال وبقيت معه مائة سنة اقسم السنة على مائة ريال كل سنة بكم ؟ بريال ، وأخرى تزوجت بمائة ريال وماتت بعد مائة يوم كم ؟ اليوم بريال فرق بين هذا وهذا ، لكن إذا قال قائل: كيف تقولون إنه بمنزلة الأجرة مع هذا الاختلاف العظيم ؟ قلنا نظرا لتقلب الشرع بالنكاح لكثرة الأمة وتحصين الفروج والمصالح العظيمة خفف فيه ، ولو قلنا يشترط العلم في هذا وهذا صار في هذا مشقة عظيمة وصار النساء تختلف في مقدار المهر ، وعدنا إلى مسألة ثانية ممنوعة في الشرع وهي نكاح المتعة يعني لو قلنا له معرفة العوض المعوض تقول كم مدة النكاح ؟ كما لو استأجرت امرأة خادمة تقول كم مدة الخدمة ؟ فلأجل هذه المصلحة العظيمة عفا الشرع عن مقدار المدة والعوض ، العوض المعوض . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يشترط في النكاح . ومن فوائدها: أن مقصود الأعظم في النكاح الإحصان ، لقوله: (( محصنين غير مسافحين )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الإشارة إلى أنه ينبغي إعلان النكاح ، لأيش ؟ لأنه قال: (( غير مسافحين ولا متخذي أخدان )) فلابد أن يكون النكاح معلنا ظاهرا . وهل يكفي في إعلانه أن يقع بشروط أو لابد من إظهاره وإعلانه ؟ الجواب: الثاني على القول الراجح ، لكن إذا كان الشهود مع الكتمان فإن اشترط كتمانه فهو غير صحيح لابد من إعادته وكتمانه ، وإن لم يشترط ففيه خلاف، بعض العلماء يقول لا يصح وبعضهم يقول يصح، لكن العلماء كلهم متفقون على أن إعلان النكاح أفضل وأبعد عن التهمة وأبعد عن اتخاذ الأخدان . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الاستمتاع بالنساء ينقسم إلى أقسام ، تحصيل ، سفاح ، اتخاذ أخدان ، والفرق بينهما: الأول عقد شرعا ، و الثاني زنا معلنا ، والثالث زنا سري . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه إذا قصد المسافحة أو اتخاذ الخدن فإنه لا يكون نكاحا صحيحا ، لأن الله اشترط ، قال: (( غير مسافحين )) وقد استدل علماء السنة بذلك على بطلان نكاح المتعة ، لأن نكاح المتعة إن أعلن فهو سفاح ، لأن الرجل ما قصد إلا أن يستمتع فقط ، ما أراد أن يسفح، لذة يقذفها في فرج هذه المرأة وينتهي ، وإن كان مخفى فهو من جنس اتخاذ أخدان ، وهذا القول بإجماع أهل السنة على أن نكاح المتعة حرام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إنه حرام إلى يوم القيمة ) وهذا يدل على أنه لا يمكن نسخها لأن قوله عليه الصلاة والسلام: ( إلى يوم القيمة ) خبر يتضمن حكما وحكما مغيا بأيش ؟ بيوم القيمة ، وإذا كان خبرا يتضمن حكما مغيبا إلى يوم القيمة فإنه لا يمكن نسخه ، لأن النسخ هو رفع الحكم وما كان غايته يوم القيمة فإنه لا يمكن أن يرفع