تفسر قول الله تعالى : << و اذكروا نعمة الله عليكم و ميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور >> . حفظ
قال الله تعالى: (( واذكروا نعمة الله عليكم )) إنما أمر الله تعالى أن نذكر النعمة من أجل أن نعرف فضله علينا حتى يسهل علينا الانقياد لطاعته ، لأن أي إنسان فإنه بمقتضى فطرته وطبيعته لابد أن ينقاد لمن أحسن إليه ، فيقول عزوجل: (( اذكروا نعمة الله عليكم )) تذكروها . (( وميثاقه الذي واثقكم به )) يعني العهد الذي عهدكم به وهو قوله: (( إذ قلتم سمعنا وأطعنا )) فإن قول المؤمن سمعنا وأطعنا يعني التزامه بكل شيء بدون تفريق بين أن يكون مما يهواه قلبه أو مما لا يهواه . وقوله: (( سمعنا )) أي ما يقال ، (( وأطعنا )) أي فيما يؤمر وينهى ، فيتضمن تصديق الخبر وامتثال الأمر واجتناب النهي . (( واتقوا الله )) اتخذوا وقاية منه جل وعلا ، وذلك بفعل أوامره وترك نواهيه على علم وبصيرة . (( إن الله عليم بذات الصدور )) الجملة هذه تعليل تتضمن التهديد يعني أنه لابد أن تكون التقوى مبنية على صلاح القلب وليست مجرد قول باللسان ، بل بلاد أن تكون تقوى الإنسان في قلبه وجوارحه ، ولهذا قال الله تعالى: (( إن الله عليم بذات الصدور )) أي لصاحبة الصدور. وما هي صاحبة الصدور ؟ هي القلوب ، واعلم أن كلمة ذات تطلق في اللغة العربية على عدة معان ، منها أنها تطلق اسما موصولا في لغة طي ، كما قال ابن مالك: وكا التي ... ذات ، فلغة طي مثلا يقولون في جاءت المرأة التي أطاعت الله يقولون: جاءت المرأة ذات أطاعة الله ، فهي عندهم بمعنى التي تطلق على جهة مثل قوله تعالى: (( فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم )) أي الجهة أو الصلة التي بينكم . وتطلق على صاحبة ، بمعنى صاحبة كما في هذه الآية (( بذات الصدور )) أي صاحبة الصدور ، ولا تطلق على النفس إلا في اصطلاح المتكلمين فإنهم يطلقون الذات على النفس أي على ما يقابل الصفة ، ولهذا تجدون في كلام الذين يتكلمون في العقائد تجدون كثيرا ما يقولون الذات والصفات ، يعبرون بالذات عن النفس ، فقوله تعالى: (( يحذركم الله نفسه )) إذا أردنا أن نفسرها على حسب اصطلاح المتكلمين نقول: نفسه أي ذاته، وليست نفس الله عزوجل ليست صفة سوى الذات بل هي الذات نفسها ، فقول بعض أهل العقائد: ونثبت لله نفسا ، قد يفهم بعض الناس أن النفس صفة زائدة على الذات وليس كذلك ، ولكن يريدون أننا نصف الله بالنفس فقط ، ولكنها ليست هي صفة مستقلة بل هي الذات نفسها ، فقوله: (( يحذركم الله نفسه )) كقوله تماما: يحذركم الله الله ، أي أن الله عزوجل له نفس، وقوله: (( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك )) يعني ما عندك وما عندي ، فانتبهوا لهذا ، لأن بعض الناس إذا قرأ في كتب العقائد: نثبت لله نفسا ، يظن أن ذلك صفة زائدة على الذات ، وليس كذلك .