الفوائد المستنبطة من الآية << يآأهل الكتاب قد جآءكم رسولنا ...................>> . حفظ
في هذه الآية الكريمة فوائد عديدة ، منها: خطاب اليهود والنصارى بأهل الكتاب، بأهل الكتاب . قد يقول قائل: في هذا إكرام لهم وإعزاز لهم أن سماهم أهل كتاب ؟ والجواب عن ذلك أن نقول: سماهم أهل الكتاب لا إكراما لهم ولكن إقامة الحجة عليهم ، لأن أهل الكتاب هم الذين يجب عليهم أن يكونوا أول عامل به كما قال تعالى في أول سورة البقرة: (( ولا تكونوا أول كافر به )) ، إذا فالذين يطنطنون الآن ويريدون أن يقربوا بين الأديان ويقولون إن الله سماهم أهل الكتاب زعما منهم أو إيهاما منهم أن ذلك من باب التكريم لهم والرضا بما هم عليه ، نقول أيش نقول ؟ نقول إن الله لم يخاطبهم بذلك تكريما لهم ، وكيف يكون ذلك إكراما لهم والله يقول: (( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل )) لكنه ناداهم بهذا الوصف إقامة للحجة عليهم وأن تصرفهم أبعد ما يكون عن العقل ، لأن أهل الكتاب يجب أن يكونوا أول عامل به . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: رفع شأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وذلك بقوله: (( رسولنا )) فإن إضافة رسالته إلى الله لاشك أنها شرف، وكلما يضاف إلى الله فهو شرف حتى الجماد إذا أضيف إلى الله فهو شرف له (( وطهر بيتي للطائفين والقائمين )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن محمدا رسول الله مرسل إلى أهل كتاب ، لقوله: (( قد جاءكم رسولنا )) وهو كذلك حتى أقسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه لا يسمع به يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جاء به إلا كان من أصحاب النار، فهو مرسل إليه بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين . ومن فوائد الآية الكريمة: أن محمدا رسول الله مبين ، مبين لكم، فهو عليه الصلاة والسلام سراج منير مبين للخلق كما قال الله تعالى: (( ونزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) والتبيين الذي ذكر الله هنا يشمل تبيين اللفظ وتبيين المعنى كما قال الله تعالى: (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أهل الكتاب أهل كتمان للعمل ، لقوله: (( كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن من كتم العلم من هذه الأمة ففيه شبه باليهود والنصارى ، لأن هذا هو دأبهم ، فمن كتم فقد شابههم ، شابههم في أقبح خصلة ـ والعياذ بالله ـ وهو كتمان ما جاءهم من العلم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سكت عن أشياء من معاييب أهل الكتاب لم يبينها لهم .
فإذا قال قائل: لماذا ؟ لماذا لم يبين ويفضحهم ؟ قلنا فضيحتهم فيما بين كاف ، والسكوت عما لم يبين لأن المصلحة تقتضي ذلك ، وقد يكون في هذا نوع من التأليف أي من تأليف قلوبهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما جاء به محمد رسول الله كله نور ، إن تأملت أخباره استنرت به ، أحكامه كذلك وهو نور في الطريق يستنير به الإنسان في طريقه إلى الله عزوجل وفي طريق إلى معاملة عباد الله . هو أيضا نور في القلب ، فكل من تمسك بشريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ازداد نورا في قلبه و فراسه ، واستنباطا للأحكام الشرعية وغير ذلك . هو أيضا نور في الوجه ، لأن المتمسك بشريعة النبي عليه الصلاة والسلام لابد أن يؤثر ذلك عليه في مقاله وفعاله وحاله فيستنير وجهه ، ولهذا تجد العلماء الربانيين تجد لهم في وجوههم نورا يكاد يكون محسوسا ، أما المعنوي فمعروف حتى لو كان العالم الرباني جلده غير يعني أبيض فإنه يستنير وجهه ، والنور شيء واللون شيء آخر . هو أيضا نور في القبر، فإن الإنسان إذا كان مؤمنا ـ جعلني الله وإياكم منهم ـ يفسح له في قبره مد بصره ويأتيه من روح الجنة ونعيمه . وأيضا نور يوم القيمة (( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم )) ، إذا فكلمة نور شاملة عامة في كل ما يمكن أن يكون فيه ظلمة الدين الإسلامي ينيره . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن القرآن مكتوب ، مكتوب في أيش؟ ذكرنا أنه مكتوب في المصاحف التي في أيدينا ، ومكتوب في اللوح المحفوظ، وفي الصحف التي بأيدي الملائكة. ومن فوائد الآية الكريمة: أن القرآن الكريم مبين ، مبين للأشياء وأوضح من ذلك قوله تعالى: (( ونزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شيء )) كلمة مبين ذكرنا في التفسير أنها يصح أن تكون متعدية أو لازمة ، فإن كانت لازمة فالمعنى أنه بين لنفسه وإن كانت متعدية فالمعنى أنه مبين لغيره ، والقرآن لاشك أن بيانه بنفسه و إبانته بغيره هو وصفه . إذا كان مبينا وتبيانا لكل شيء ألا يتفرع على هذا أنه لا يليق بنا أن نعرض عن تدبره ، بل علينا أن نتدبره وأول ما يرد علينا مسائل نطلبها في أيش ؟ في كتاب الله، في كتاب الله فإن عجزنا عن استبيانها في كتاب الله ففي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة رسول الله مبينة للقرآن بأمر الله (( ونزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فإذا لم يكن في القرآن ولا في السنة وعجزنا عن إيراد الحكم الشرعي في الكتاب والسنة حينئذ إما أن نسأل أهل الذكر لقوله تعالى: (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وإما أن نتوقف ، وإن كان الإنسان أهلا للاجتهاد فلا حرج عليه أن يجتهد كالإنسان الذي لا يعرف القبلة بنفسه ولا أخبره بها ثقة فعليه أن يجتهد ويتحرى .