قال الله تعالى : << قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طآئركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون >> حفظ
استكملت؟
الطالب: ...
الشيخ : نعم؟ عشرة؟
الطالب: ...
الشيخ : طيب. الجواب: لما حثهم على الاستغفار وبيَّن لهم نتائجه الطيبة، كان جوابهم: (( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَك ))[النمل:47] أعوذ بالله! هذا الجواب، يعني: أنت ما أتيت لنا بفائدة، بل صرت شؤماً علينا، أنت وأتباعك. نعم. وهذ حال هؤلاء الذين يتطيرون بأهل الخير، والله تبارك وتعالى قد يفتن الناس، فقد يقع -مثلاً- في مجيء الخير أو معه قد يقع بعض الآفات أو بعض الأشياء المكروهة لدى الناس، ليكون ذلك فتنة وابتلاءً، نعم. ربما -مثلاً- يحل رجل من أهل العلم والعبادة في بيت، ثم يحترق هذا البيت ابتلاءً من الله سبحانه وتعالى وامتحاناً، أهل الشر يفرحون ويفرهون، يقولون: يا الله! شوفوا أسباب الطوع، نعم. احترق البيت لما جاء هذا الرجل -نعم- والله تعالى قد يفتن الناس: (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ))[الأنبياء:35].
هؤلاء يقولون: إنه بمجيء صالح ومعصية قومه عاقبهم الله -تبارك وتعالى- بالقحط والجدب وغور المياه، فقالوا: أنت صالح ومن معك ما جئتنا بخير، ما جئتمونا إلا بالقحط والجدب وغور المياه، فتطيروا به وقالوا: (( اطَّيَّرْنَا بِكَ ))[النمل:47] أصله: تطيَّرنا، أُدغمت التاء في الطاء، نعم! تطيَّرنا، وهذا الإدغام على خلاف القاعدة، إذ أن الإدغام بين ثابت ومتحرك، وهذا بين متحركين، نعم! فأدغمت التاء في الطاء، ولمَّا أدغمت التاء في الطاء صار الحرف الأول منهما ساكناً، ولاحظوا أنه أيضاً بعد الإدغام قُلِبَت التاء طاءً، والساكن ما يمكن الابتداء به فاجتُلِبَت الهمزة لتسهيل النطق به، ولهذا قال المؤلف: :"واجتُلِبَت همزة الوصل .... لتسهيل النطق بالساكن".
ومعنى ((اطَّيَّرْنَا)) أي: تشاءمنا، من الشؤم، والشؤم معناه: توقع الشر من مشاهَدٍ أو مسموع أو زمن أو حال، ولهذا قالوا: إن التطيُّر مأخوذ من الطير، وكانوا في الجاهلية يتشاءمون بالطيور...، يبعثونها وعندهم قواعد لهذا التشاؤم: إذا ذهبت يميناً يتفاءلون، أو يساراً يتشاءمون، أو أماماً يعيدون أظن يعيدون ... مرة ثانية، وخلفاً يتشاءمون أكثر، فعندهم لهذا قواعد، فلذلك سُمِّي هذا التشاؤم تطيراً، مأخوذ من أين؟
الطالب: ....
الشيخ : من الطير، لأن غالب تشاؤم العرب بها، نعم! فهم يقولون: اطيَّرنا بك، أي: تشاءمنا، وكان مجيئك شؤم علينا أنت وأتباعك.
طيب! إذاً ما هو التطير؟ هو التشاؤم، التطير: التشاؤم بمرئي أو مسموع أو زمان أو مكان أو حال. نعم. هذا التطير، التطير: هو التشاؤم ....؟
الطالب: بمرئي.
الشيخ : بمرئيٍ أو مسموع أو زمان أو مكان أو حال، هذا هو التشاؤم. بمرئي: يرى الإنسان شيئاً فيتشاءم، افرض أنه مثلاً أراد أن يسافر فقابله إنسان يكرهه، هو يكره هذا الرجل قال: خلاص رجعنا، نعم. هذا تشاؤم؟
الطالب: ...
الشيخ : بمرئي. أو همَّ أن يسافر، فلما خرج سمع رجلاً يقول: مات فلان بن فلان، قال: خلاص رجعنا، هذا تشاؤم؟
الطالب: بمسموع.
الشيخ : بمسموع. أو زمان يتشاءم بيوم من الأيام، يوم الأربعاء، يوم الخميس، أو شهر من الشهور كشهر شوال، العرب يتشاءمون بشهر شوال في الزواج، يقولون: من يتزوج في شهر شوال ما يوفّق، نعم...من هذا الزواجات في شهر شوال كثيرة، لكن عائشة أبطلت ذلك بالواقع، قالت:( إن الرسول عليه الصلاة والسلام تزوجها في شوال، وبنى بها في شوال، فأيُّكم أو أيُّكن كان أحظى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ) نعم. إذاً: ينبغي أن نتدارك إن أردنا أن نعمل التشاؤم والتفاؤل، فإننا؟
الطالب: نتفاءل.
الشيخ : نتفاءل بشهر شوال، نتفاءل به، ولكن مع ذلك لا نتفاءل بالزمان ولا نتشاءم به، الخير والشر بيد الله سبحانه وتعالى. ومنهم من يتشاءم بالمكان، نعم. تجد مثلاً يجلس في هذا المكان ثم ... الشوك، يقول: خلاص، قمنا هذا ما يمكن يجلس هنا.
أو يتشاءم بالحال، حال الشخص مثلاً. التشاؤم بالحال أيضاً هذا تطير ما يجوز، قد -مثلاً- يعمل إنسان عمل ويعاكسه في أول أمره، نعم. أو مثلاً يهمُّ أن يفعل شيئاً غداً ولا صار غد وله معه بعض التعب والعجز، فيتشاءم ويعدل بسبب هذه الأحوال التي تعرض له، فنقول: هذا لا يجوز، كل هذا لا يجوز، أنت إذا عزمت فتوكل على الله،( اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك ).
الإنسان -مثل ما قال القرطبي وكذلك غيره من أهل العلم- يعلِّق تصرفاته بمثل هذه الأمور فهو من أجهل الناس، وأيضاً: هو من أجهل الناس حقيقة، ثم إنه ما يمكن أن يمشي له حال إذا ينظر لهذه الأشياء، ولكن لاحظوا أن الفأل الذي يعين على فعل الخير لا يدخل في هذا الأمر، الفأل كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعجبه الفأل ولكنه يكره الطِّيَرَة، لأن الطِّيَرَة فيها تعلُّق الإنسان بغير الله سبحانه وتعالى بمثل هذه الأمور، وفيها أيضاً منع للإنسان عما يريده من الخير، لكن التفاؤل: التشجيع على الخير، لما جاء سهيل بن عمرو في صلح الحديبية، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( هذا سهيل بن عمرو، وإنه قد سهل لكم من أمركم ) إذا صحت هذه الكلمة في الحديث.
فالحاصل: أن هذا التفاؤل غير التشاؤم. واعلم أن التشاؤم غير الشُّؤم، فإن الشؤم قد يكون في بعض الأشياء مثلما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه يكون في المرأة، ويكون في الدار، ويكون في الدابة، وهذا شيء مشاهد، أن الإنسان قد ينزل بعض الدور وما يتشاءم، لكن يكون فيها شؤم، تكون دائماً خراب مثلاً، نعم. ودائماً تحتاج إلى أعمال متتابعة، فإذا ارتحل عنها ارتاح ووجد ما يريد، كذلك بعض السيارات.. ما عندنا ما في دواب الآن في غالب الناس. بعض الأحيان هذه السيارة يشتريها الإنسان ويحبها وتتعبه، كل يوم ويخرب منها شيء، ثم يبيعها ويشتري ثانية ويرتاح لها، نعم. ومثلها أيضاً بعض الأحيان يشتري الإنسان قلم.. حتى الأشياء الصغيرة تتعبه يبدأ كل يوم يتعبه، يجف المداد وتلقى الريشة أيضاً ما تستقيم معه، نعم. ومرة يضيع منه ويتعبه، ويشتري قلماً آخر ويبقى عنده مدة ما ... لكن هذا ليس تشاؤماً ولكنه شؤم.
كذلك بعض النساء، يتزوج الإنسان امرأة وتتعبه ليلاً ونهاراً، في حياته العامة والخاصة، ومع أهله وأقاربه، ويتزوج أخرى فتكون؟
الطالب: صالحة.
الشيخ : راحة لنفسيته وقرة عين. فالحاصل: أن هذه الأشياء أمرها واقع، ولكن الرسول ما قال التشاؤم، قال: الشؤم، وفرق بين هذا وبين هذا، يعني معنى ذلك: أن هذه الأشياء يجد الناس فيها أحياناً بركة وراحة، وأحياناً يجدون فيها قلقاً وتعباً، نعم.
الطالب: التشاؤم ما هو ...
الشيخ : لا، ... الأشياء بأسبابها.
الطالب: ... مثلاً ... رجل ...
الشيخ : إذا كان ... نعم.
الطالب: ...
الشيخ : لا، إذا كان هذا يتعلق بشيء يتعلق فيه ...مثلاً وإلا شيء، وأما بس مجرد ...
الطالب: اسمه يزيد وإلا اسمه صالح وإلا اسمه راشد.
الشيخ : لا، ما هو هذا، لكن الشيء ذي معه ...فأنا قد أتفاءل، سهيل بن عمرو له معاملة مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فتفاءل، وهذا يكون من باب فتح الأمور باليسر، إي نعم.
الطالب: ثم يكون بغير هذا الشيء ...
الشيخ : نعم.
الطالب: ... اسمه ...
الشيخ : يمكن ... ما يخالف ولكن الإنسان أول الأمر ما يتفاءل، كما هو عادة الناس الآن أكثر العوام ما يدون عن المسائل هذه، الحمد لله! ويصير فيه خير ... هذا الشخص ... في أمانة الشخص الآخر لو أنه يزيد أو صالح مثل شؤم ... نعم.