القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ويدل على ما ذكرناه : ما روى مسلم في صحيحه عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة وإن من البيان لسحرا " فقد جعل طول الصلاة علامة على فقه الرجل، وأمر بإطالتها، وهذا الأمر إما أن يكون عاما في جميع الصلوات، وإما أن يكون المراد به صلاة الجمعة . فإن كان اللفظ عاما فظاهر، وإن كان المراد صلاة الجمعة : فإذا أمر بإطالتها، مع كون الجمع فيها يكون عظيما، فيه من الضعفاء والكبار وذوي الحاجات ما ليس في غيره، ومع كونها تفعل في شدة الحر، مسبوقة بخطبتين: فالفجر ونحوها التي تفعل وقت البرد، مع قلة الجمع : أولى وأحرى . والأحاديث في هذا كثيرة . وإنما ذكرنا هذا تفسيرا لما في حديث أنس، من تقدير صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ قد يحسب من يسمع هذه الأحاديث أن فيها نوع تناقض، أو يستمسك بعض الناس ببعضها دون بعض، ويجهل معنى ما تمسك به . وأما في حديث أنس المتقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ". ففيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع . والتشديد: تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب، ولا مستحب : بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم، ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه، في الطيبات . وعلل ذلك بأن الذين شددوا على أنفسهم من النصارى، شدد الله عليهم لذلك، حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة. وفي هذا تنبيه على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما عليه النصارى من الرهبانية المبتدعة، وإن كان كثير من عبادنا، قد وقعوا في بعض ذلك متأولين معذورين، أو غير متأولين." حفظ
القارئ : أما بعد: فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " ويدل على ما ذكرناه : ما روى مسلم في * صحيحه * عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن طول صلاة الرجل، وقِصر خطبته، مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخُطبة وإن من البيان لسحرا ) فقد جعل طول الصلاة علامةً على فقه الرجل، وأمر بإطالتها، وهذا الأمر إما أن يكون عاما في جميع الصلوات، وإما أن يكون المراد به صلاة الجمعة . فإن كان اللفظُ عاما فظاهر، وإن كان المراد صلاةَ الجمعة : فإذا أمر بإطالتها، مع كون الجمع فيها يكون عظيما، فيه من الضعفاء والكبار وذوي الحاجات ما ليس في غيره، ومع كونها تُفعل في شدة الحر، مسبوقة بخطبتين : فالفجر ونحوها التي تفعل وقتَ البرد، مع قلة الجمع : أولى وأحرى . والأحاديثُ في هذا كثيرة .
وإنما ذكرنا هذا تفسيراً لما في حديث أنس، من تقدير صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ قد يحسب من يسمع هذه الأحاديث أن فيها نوع تناقض، أو يستمسك بعض الناس ببعضها دون بعض، ويجهل معنى ما تمسك به .
وأما في حديث أنس المتقدم "

الشيخ : أعد
القارئ : " إذ قد يحسب من يسمع هذه الأحاديث أن فيها نوع تناقض، أو يستمسك بعض الناس ببعضها دون بعض، ويجهل معنى ما تمسك به .
وأما في حديث أنس المتقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُشددوا على أنفسكم، فيُشدد اللهُ عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ). ففيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع .
والتشديد تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب، ولا مُستحب : بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم، ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه في الطيبات . وعلل ذلك بأن الذين شددوا على أنفسهم من النصارى، شدد الله عليهم لذلك، حتى آل الأمرُ إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة.
وفي هذا تنبيه على كراهة النبيِّ صلى الله عليه وسلم مثل ما عليه النصارى من الرهبانية المبتدعة، وإن كان كثيرٌ من عبادنا، قد وقعوا في بعض ذلك متأولين معذورين، أو غير متأولين . وفيه أيضا تنبيه على أن "
..