مثال لنسخ المتواتر بالآحاد. حفظ
الشيخ : عندنا مثلاً من هذا القبيل ما جاء في صحيح "مسلم" من حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس أيضًا أنه لمّا نزل قوله تبارك وتعالى (( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) [البقرة: 284]، جاء أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم وجثوا على الركب وقالوا يا رسول الله ها نحن قد أمِرْنا بالصلاة فصلينا وبالصوم فصمنا وبالحج فحججنا أما أن يحاسِبَنا الله على ما في نفوسنا فهذا مما لا طاقة لنا به؟ فقال لهم عليه الصلاة والسلام ( أتريدون أن تقولوا كما قال قوم موسى لموسى سمعنا وعصينا، قولوا سمعنا وأطعنا ) ، قال فلم يزالوا يقولونها حتى ذلت بها ألسنهم وخضعت لها قلوبهم، فأنزل الله تبارك وتعالى (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) [البقرة: 286].
العيد عباسي : ... .
الشيخ : أيه لكن الشاهد هنا، (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) فهذا نسخٌ لقوله (( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ )) ، هذا الذي يخفيه بعض الناس التكليف به مما لا طاقة للناس به، فقال الله عز وجل بعد أن علِم سبحانه وتعالى خضوع هؤلاء المسلمين الأولين لحكم رب العالمين (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) ، إلى أخر الأيات وكان ينزل الوحي على الرسول عليه السلام كلما دعوْا دعاءً ينزل الوحي من السماء بقوله نعم، (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) ، قال الله نعم، (( رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا )) ، نعم نعم إلى أخر الأيات، فهنا وقع النسخ في هذه الأية في الحديث هذا الصحيح الذي لم نجد له راويًا أكثر ممن ذكرنا أبي هريرة وعبد الله بن عباس.
العيد عباسي : ... .
الشيخ : نعم؟
العيد عباسي : … قد فعلت.
الشيخ : نعم.
العيد عباسي : ما رأيكم في الأية التي … الأية.
الشيخ : أي أية؟
العيد عباسي : أية (( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها )) ، هي التي نسخت سابقتها؟
الشيخ : لا هذه لا تُبيّن أنها نسخت، ولذلك هلا حتى اليوم تجد محمد عبده وغيره يُفسِّرون الأيات هذه بعضها مع بعض دون اللجئ إلى الحديث لأنه فيه نسخ، (( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها )) ، لا يدل على أن الله عز وجل لا يُحاسب بما قد أخفِيَ في النفوس.
العيد عباسي : ما ... إنه هو من ... ما لا يطاق، لا طاقة للناس بهذا؟
الشيخ : إيه بس تكليف ما لا يطاق له تفسيران وهو ما لا قدرة للإنسان مطلقًا وما له قدرة ولكن فيه حرج، فيه مشقة، أي نعم.