شيخنا معروف هو موقفكم من الجماعات الحزبية مثل الإخوان ونحوهم ولكن بعض الناس ينسب إليكم أنكم تتعاطفون مع بعض الجماعات ومع بعض رؤوسهم بسبب ما ذكرتموه في بعض المجالس فما قولكم في ذلك ؟ حفظ
الحلبي : أما السؤال الأول فهو متعلق ببعض الجماعات الحزبية والدعوات الحركية التي انتشرت في دنيا الناس اليوم فإن موقفكم أستاذنا الفاضل من هذه الجماعات ومن هذه الأحزاب واضح ومعروف وما تزالون على ما عهدنا وعرفنا وقرأنا وسمعنا منكم ولكم أنكم تنقدون هذه الأفكار وتردون عليها وتكشفون مساوئها وذلك من عدة نقاط أولها الحزبية الضيقة التي يريدون تكتيل الناس عليها، ثانيها التكفير الذي يقع به هؤلاء بسبب نظرتهم القاتمة للمجتمعات المعاصرة، ثالثها ما يترتب على هذا التكفير مما يسمى بالثورات السياسية وأنتم لكم كلمة في إنكار هذه الثورات قبل أكثر من ثلاثين عاما في كتاب العقيدة الطحاوية شرح وتعليق فليس هذا جديدا عنكم ولكن نحن نقول كما قلنا من قبل إنما نسأل هذا من باب إغاظة هؤلاء ولعل هذا الغيظ يهديهم ويصلحهم ويرجعهم إلى جادة الحق والصواب بدلا مما هم مسترسلون فيه من انحراف ومن تحميل لكلام أهل العلم ما لا يحتمل ولعلهم بهذا وذاك يريدون إثارة الوقيعة بين علماء الأمة بحيث يكون لهذا الشيخ نقد على ذاك ولذاك نقد على هذا ولا أقول هو النقد العلمي الذين هو نور متداول بين العلماء ولكن النقد الذي يراد به الطعن ويراد به إيقاع العداوة بين أهل العلم ولكن ثقتنا بعلمائنا ومشايخنا من مثل فضيلتكم ومثل سماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ومن هو دائر في فلك هؤلاء الأئمة والعلماء جميعا أقول مثل هؤلاء كلهم هم أعلى وأرفع من أن يكونوا لقمة سائقة بأيدي هؤلاء أو أولئك الذين يتربصون بهم الدوائر لذلك، أقول شيخنا إن موقفكم من الدعوات الحزبية عامة موقف واضح وجلي لكننا سمعنا من البعض وقرأنا للبعض الآخر أنهم يقولون بأنكم تمدحون بعض هذه الدعوات وتثنون عليها وذلك لمناسبة عرضت ذكر فيها اسم الشيخ حسن البنا رحمه الله وغفر له وكذلك اسم جماعة الإخوان المسلمين على سبيل المثال أو سيد قطب مع أننا كما أقول، كما قلت وأقول وأكرر بأننا نعرف مواقفكم من سيد قطب وموقفكم من أفكاره وكيف أنكم كنتم من أوائل بل لا أبالغ إذا قلت أول من رددتم عليه وكشفتم ما فيه من انحراف عن جادة الحق والصواب، فنريد منكم وإن قد أكون قد أطلت كلمة موجزة فيها وضع النقاط على الحروف كما يقال في هذه المسألة وفقكم الله شيخنا للحق والدلالة إليه .
الشيخ : بعد الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
إن ما ذكرته في سؤالك هو الذي نقوله وندندن دائما حوله وأعتقد أنني عليه أحيا وعليه أموت إلا أن يهدي الله هؤلاء الجماعات فحينئذ إذا ولا أريد أن أقول إن، إذا تراجعوا عن حزبيتهم وعن تعصبهم كل لحزبه وجماعته هذا التعصب الذي كان من أسباب تفرق الأمة وتعاديها وتسلط الكفار على كثير من بلاد الإسلام والمسلمين فأقول إذا تراجع هؤلاء ودخلوا معنا في دعوة الحق دعوة الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين حينذاك نقولها بصراحة فهم معنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا وأنا أضيف إلى ما جاء في السؤال من وصف لهذه الجماعات أن كل جماعة تفرض على أفرادها البيعة وهذه البيعة هي التي تشد من عضد الفرقة بين أفراد المسلمين لأن الذين بايعوا فلانا له منهجه والذين الآخرون بايعوا فلانا آخر فهذا له منهجه، وبذلك يكون الأمر كما قيل " وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك " .
أنا إنصافا، إنصافا قلت في بعض التعليقات والكتابات انطلاقا من مثل قوله تبارك وتعالى (( ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )) إنصافا أقول في حق الشيخ حسن البنا رحمه الله وغفر لنا وله، له جهد مشكور في تكتيل الشباب الضائع هناك في مصر حول دعوة الإسلام وإخراجهم من بعض الظلمات إلى بعض النور .
السائل : نعم
الشيخ : فهذا مما لا ينبغي كتمانه لأنه يخالفنا في منهجنا الذي لا ينبغي لأي مسلم سواء كان عالما أو كان طالب علم أو كان من عامة المسلمين أن يخالفنا في ذلك كل حسب علمه وحسب جهله لأن الأصل كما يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في بعض كتبه أن الإيمان يكفي أن يكون إيمانا مطلقا بأنه كلما جاء المسلم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن به وصدقه واستسلم له والناس في هذا المجال يختلفون ما بين عالم وطالب وعامة المسلمين فهؤلاء العامة عليه أن يؤمنوا إيمانا إجمالا ثم فوقهم طلبة العلم لا بد أن يكون إجمالهم فيه شيء من التفصيل ثم العلماء يزدادون علما وتفصيلا وهكذا .
الحلبي : نعم .
الشيخ : هكذا أنا أقول بالنسبة لدعوة حسن البنا، فهو له فضله ونحن نشكره في ذاك الجانب لكننا نأخذ عليه أنه لم يكن كما أعلن في دعوته المتناقضة دعوة صوفية سلفية، فهما نقيضان لا يجتمعان .
مهما حاول البعض أن يسبغ على كلمة صوفية معنى معدلا جميلا كأن يقول أنه المقصود فقط الزهد ونحو ذلك مما جاء ذكره في السنة .
لا يوجد هناك صوفية معتدلة أي موافقة للكتاب والسنة ولكن بلا شك أن الصوفية تختلف من ناس إلى آخرين ومن باب " حنانيك بعض الشر أهون من بعض " أما أن يكون في الصوفية شيء لم يكن عليه سلفنا الصالح فهذا أمر مستحيل إذا نحن نأخذ عليه أنه لم يكن على علم بهذه الدعوة وبعض كتاباته في بعض رسائله التي يتكلم فيها عن بعض ما يتعلق بالصفات الإلهية ويصرح فيها بالتفويض فهذا دليل أن الرجل لم يكن على علم
نحن لا نؤاخذ الإنسان إذا كان من عامة الناس أو كان من طلاب العلم ولم يكن من أهل العلم والعلماء لكننا نؤاخذ الناس الذين يتعصبون تعصبا أعمى ويجعلون مثل هذا الرجل مثلا مجددا رغم أن الحديث المشهور لا يصدق عليه بالنسبة للتاريخ الزمني الذي وجد فيه، إنما نأخذ على أتباعه أشد مما نأخذ عليه هو لأنه هو شخص فرد .
الحلبي : نعم
الشيخ : ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها فإذا كان توجه إلى تكتيل هؤلاء الشباب ولم ... وإخراجهم من الملاهي والسينمايات والمقاهي ونحو ذلك فهذا بلا شك عمل مشكور ويثاب عليه إن شاء الله تعالى لكن هؤلاء الذين جاؤوا من بعده وعرفوا قولته أو قولة بعض أتباعه
الحلبي : نعم
الشيخ : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم " ، لقد مضى عليهم نحو قرن من الزمان وأنا قلت هذا في كثير من الكتابات أو التسجيلات وهم لا يزالون على التعبير العسكري " مكانك راوح " .
بعد مائة عام تقريبا من هذه المقولة وهي حق بلا شك " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم "
لا شك أن القلوب هي مركز العقيدة ومركز العمل الصالح لأن العمل كما هو معلوم باتفاق علماء المسلمين لا يكون عملا صالحا إلا إذا كان لله خالصا .
ثم يضاف إلى هذا ولو كان خالصا ولم يكن على وجه السنة فلا يكون مقبولا .
الحلبي : نعم
الشيخ : (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) كما جاء في التفسير المأثور حول هذه الآية
الحلبي : نعم
الشيخ : أن العمل لا يكون صالحا إلا بهذين الشرطين، أن يكون على وجه السنة وأن يكون خالصا ... فإذا كان هذا القائل منهم ومن رؤوسهم يقول لهم " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم " وهم لا يزالون كما تلقوه ونحن نأسف كل الأسف إلى هذا العصر لم توجد هذه الدعوة رجلا عالما، فليكن عالما في التفسير، فليكن عالما في الحديث فليكن عالما في الفقه من المذاهب الأربعة ولا أقول فقيها في المذاهب الأربعة أي ما يسمى اليوم بلغة العصر الحاضر بالفقه المقارن .
لا توجد هذه الدعوة، إذا ماذا فعلت هذه الدعوة في هذه العشرات من السنين ؟ إلا الصياح والزعاق بأنه محمد قائدنا وهو قائدكم بالكلام لكن بالفعل ما اتبعتموه وأنتم تقرؤون دائما قول الله عز وجل (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )) ومما لا شك ولا ريب فيه أن كل إنسان يريد أن يتبع محبوبا له فلا بد أن يكون عارفا بسلوك حبيبه .
الحلبي : الله
الشيخ : وبمسيرته طيلة حياته ومما لا شك فيه أن محمدا عليه الصلاة والسلام .
الحلبي : صلى الله عليه وسلام
الشيخ : هو أحب خلق الله إلى الله أولا ثم بالتالي إلينا نحن المسلمين ثانيا، فما بال هؤلاء لا يهتمون بمعرفة سيرة حبيبهم فيما يدعون وأن يتبعوا سيرته أيضا ابتداء من العقيدة وانتهاء إلى السلوك والأعمال والأحكام الشرعية لذلك نحن لا نحابي أحدا ولا نرغم أحدا وإنما نحاول، نحاول لأننا بشر نخطئ ونصيب، أن نعطي كل ذي حق حقه فحسن البنا ليس سلفي العقيدة وليس سلفي المنهج ولكننا لا ننكر عليه جهده الأول في جمع هؤلاء المسلمين فكان على الذين جاؤوا من بعده أن يتمموا عمله وجمع هؤلاء الشباب فاتخذوا التجميع منهجا لهم
الحلبي : نعم
الشيخ : اتخذوا تجميع المسلمين منهجا لهم وعلى أساس أن يفهموهم الإسلام ثم لم يكن شيء من ذلك، ولذلك نلخص نحن دعوتنا معشر السلفيين ودعوة الآخرين ومنهم الإخوان المسلمين، نحن نقول دعوتنا قائمة بعد التفصيل المعروف عند من يتتبع أخبار هذه الدعوة المباركة، دعوتنا قائمة " ثقف ثم كتل " أما دعوة الآخرين فهي على العكس من ذلك " كتل ثم ثقف ثم لا تثقيف " و " مكانك راوح " هذا هو رأيي ولعل في هذا ما يكفي إن شاء الله كجواب عن ذاك السؤال.