تتمة شرح الحديث : ( واذكر الله عند كل حجر وعند كل شجر ) والكلام على بدع الذكر . حفظ
الشيخ : ثم زاد في حديث معاذ ( واذكر الله عند كل حجر وعند كل شجر ) هذا معناه الاستمرار، استمرار العبد في ذكر الله عز وجل وهذا واضح ( عند كل حجر وعند كل شجر ) وهذا يعني أن لا يغفُل الإنسان عن ذكر ربه أولا، هذا يعني أولا أن لا يغفل ال ... عن ذكر ربه عز وجل في كل أحواله سواء كان جالسا أو منطلقا يمشي وشيء آخر أنّ ذكر الله عز وجل المأمور في السنة ومنها هذا الحديث أن تذكر الله عند كل حجر وكل شجر معنى هذا أن ذكر العبد لربه لا يحتاج إلى مراسيم وإلى طقوس وإلى مجالس وحلقات ذكر تسمى ونحو ذلك أيضا مما ... الإسلام لأنه يقول لك ( اذكر الله عند كل حجر وشجر ) يعني اذكر الله يعني اعمل مجلس ذكر وصلاة على الرسول عند كل حجر وشجر لا هو يعني لا تتقيّد بجلوس معيّن حتى ولو أن تستقبل القبلة قد يبدو لبعض الناس أن ذكر الله كالصلاة لازم نستعد له الآداب بل الواجبات التي يقوم بها الذي يريد الصلاة، الجواب لا، لم يأت في السنة فضلا عن القرآن أي شرط للذكر، شرط، أي شرط للذكر، كيف وربنا عز وجل يقول في وصف نوع من عباده المصطفين الأخيار يصفهم بقوله (( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )) فإذا جلست أنت ... السكن تأخذ بها راحة الجسم فذكرت الله في هذه الحالة فلا ضير عليك شرعا إطلاقا وإن كان لا يروق مثل هذا لبعض الذين يستحسنون أحكاما في الدين بدون إذن من رب العالمين (( أم له شركاء شرعوا له من الدين ما لم يأذن به الله )) الله عز وجل يصف كما قلت نخبة من عباده المصطفين الأخيار مش عامة الناس (( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )) أي يذكرون الله حين يكونوا قائمين ويذكرون الله حين يكونوا قاعدين، يكونون قاعدين ويذكرون الله حين يكونون مضطجعين فلا يُلزمنا ربنا عز وجل أن نتمسك بصفة من هذه الصفات الثلاث وإنما كما يتيسّر لك وكأن هذا الحديث أو هذه الفقرة من هذا الحديث مقتبسة من هذه الآية ( اذكروا الله عند كل حجر وعند كل شجر ) لست مكلفا أن تتخذ هيئات وصفات واستعدادات ومن ذلك إعلان ومن ذلك إعلان خاص كأنما يجتمع المسلمون لصلاة الاستسقاء أو لصلاة الكسوف، هذه العبادات التي شرعها الإسلام على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام ثم مع الأسف الشديد أصبحت نسيا منسيا ومن أسباب ذلك أن الناس أحلوا محلها وأقاموا مقامها عبادات اخترعوها هم بأنفسهم فهلا سمعتم أحدا منهم أعلن في بضع سنين صلاة استسقاء، صلاة خسوف أو كسوف أبدا أما الصلاة التي يستطيعها المسلم فإنّه وبين ربه في أي وقت بدا له أو تيسّر له هذه ... مجالس خاصة وذلك ليس من السنة في شيء وأنا حين أقول هذا أعرف أن ناسا سينقمون ويستنكرون فلنجابهم سلفا بسنة أصحاب الرسول عليه السلام وخطتهم في إنكارهم لمحدثات الأمور ولو كانت هذه المحدثات حسنة في زعم الجمهور كما يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة ويجابههم بقصة بن مسعود مع أصحاب مجالس الذكر، المجالس الخاصة فقد جاء في سنن الدارمي بإسناد صحيح أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أتى صباح يوم دار عبد الله بن مسعود فوجد طائفة من الناس بانتظاره فقال لهم أخرج أبو عبد الرحمان ؟ يعني ابن مسعود قالوا لا فجلس ينتظره فلما خرج قال يا أبا عبد الرحمان لقد دخلت المسجد آنفا فرأيت فيه ناسا حَلَقا حَلَقا وأمام كل رجل منهم حصى يعد به التسبيح والتكبير والتحميد وفي وسط كل حلقة يقول لمن حوله سبحوا كذا احمدوا كذا كبّروا كذا، قال ابن مسعود أفلا أنكرت عليهم؟ قال لا، انتظار أمرك أو انتظار رأيك قال أفلا أمرتهم أن يعدّوا سيّئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ثم عاد إلى داره وخرج متلثما لا يُرى حتى دخل المسجد ورأى ما وُصف له من التحلق والذكر المعدود بعدد لم يُشرع، لما تبيّن الأمر كشف عن وجهه اللثام وقال ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ قال عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا والله يا أبا عبد الرحمان حصى نعدّ به التسبيح والتكبير والتحميد قال عدّوا سيّئاتكم وأنا الضامن لكم أن لا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم ما أسرع هلكتهم هذه ثيابه صلى الله عليه وآله وسلم لم تبل وهذه أنيته لم تُكسر والتي نفس محمد بيده فإنكم لأهدى من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو إنكم متمسكون بذنب ضلالة، ما قال متمسكون بضلالة فحسب وإنما بذنب ضلالة قالوا والله يا أبا عبد الرحمان ما أردنا إلا الخير وهذا جواب جماهير المبتدعة خاصة التابعين منهم أما المسؤولون فالغالب عليهم أنهم يعرفون و ... لمأرب كثيرة الله أعلم بما في نفوسهم، أما المتبوعون، أما التابعون فجمهورهم يتّبعون رؤساءهم بالنوايا الحسنة يصورون لهم أنه هذا ذكر وأنه ذكر مشروع فيتبعونهم على ذلك تماما كما قال القوم لابن مسعود " والله ما أردنا إلا الخير " لكن الجواب القاطع للظهور قول بن مسعود " وكم من مريد للخير لا يصيبه " أي لا يكفي أن يكون قصد أحدكم الخير وإنما يجب أن يقترن مع هذا القصد الخيّر أن يكون الطريق أيضا الذي يسوقه فيه طلب الخير خيرا في نفسه ولا يكون كذلك أبدا إلا إذا كان هو طريق الرسول عليه الصلاة والسلام كما قال الله عز وجل في القرآن (( وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) فهذا الطريق إذا سلكه القاصد للخير فهو في خير يقينا اما إذا سلك طريقا آخر وهو يقصد الخير فلن يُصيب هذا الخير إطلاقا وهذا من معاني قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ومن مقاصد قوله الآخر ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) لذلك قال ابن مسعود " وكم من مريد للخير لا يُصيبه " لأنكم تقصدون الخير بخلاف طريق محمد عليه السلام إذًا لن تصيبوا هذا الخير، ثم ضرب لهم على ذلك مثلا حديثا سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) أي لا يصل إلى قلوبهم إنما لقلقة اللسان و تجارة بتلاوة القرآن كما هو الواقع في أخر الزمان ( لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ) إلى هنا تنتهي قصة ابن مسعود مع أصحاب المجالس المبتدعة لكن العبرة في تمام القصة التي يرويها مشاهدها قال " فلقد رأينا أولئك الأقوام " أي أصحاب حلقات الذكر غير المشروع " رأيناهم يقاتلوننا يوم النهروان " أي إن أصحاب حلقات الذكر صاروا من الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقاتلهم علي رضي الله عنه واستأصل شأفتهم إلا أفرادا قليلين منهم فلم تُفدهم مجالسهم شيئا وذلك لأنهم خالفوا في ذلك السنة وهذا شاهد لقول العلماء " الصغائر بريد الكبائر " وأنا أقتبس من قولهم هذا فأقول " البدعة الصغيرة بريد البدعة الكبيرة " هذا مشاهد ... معقول تماما، حلقات مبتدعة يذكرون الله بصورة غير مشروعة أوصلتهم إلى البدعة الكبرى وهي الخروج على أمير المؤمنين وقتالهم إياه، لذلك فيجب أن نقف عند حدود الله وأن لا نتألى على الله فنشرع بآرائنا وعقولنا وأهوائنا وعاداتنا شيئا لم يسنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو على العكس من ذلك يُفسح لنا المجال أن نذكر الله كيفما اتفق لنا دون أن نتخذ كيفية وصورة معينة وإنما حسب ما تيسر كما قال في هذا الحديث .