رجل قال لزوجته تخويفا لها : لا تذهبي إلى أهلك فلو ذهبت فسيكون انفصال بيننا وقصده طلاقها وفي نفسه لو ذهبت مرة في الشهر لا بأس بذلك فذهبت زوجته لمرض أمها وأذن لها أب الزوج لأن زوجها مسافر فماذا عليه فعله .؟ حفظ
السائل : سائل يقول : فضيلة الشيخ عند ذهابي من مصر قلت لزوجتي تخويفاً لها لا تذهبي إلى أهلك، فلو ذهبت فسيكون فصالاً بيننا، وقصدي طلاقها، وفي نفسي لو ذهبت مرة في الشهر لا بأس بذلك، فذهبت زوجتي لمرض أمها، وأذن لها والدي بالذهاب، ولما علمت بذلك وأنا على سفر قريب أردت النصيحة، فما علي أن أفعل ؟
الشيخ : أولاً : هذا الرجل لم يعلق الطلاق على ذهابها إلى أهلها، بل قال : فسأطلقك، وهذا وعد وليس بتنفيذ، وعلى هذا فلو ذهبت إلى أهلها فإنها لا تطلق إلا إن طلقها، فالخيار بيده حتى لو ذهبت إلى أهلها، وما دام الأمر كذلك فالزوجة باقية في عصمته ولا إشكال في هذا، ولكني أنصحه وغيره من التهاون في أمر الطلاق، فإن بعض الناس يتهاون به جداً حتى إنه يقول لأخيه خذ هذا الفنجان، صب له فنجانين وقال له : بس قال : خذ هذا الفنجان قال : انتهيت رويت، قال : علي الطلاق أنك تأخذه، فنجان من الشاي يعلق طلاق امرأته عليه، هذا غلط، وهذا يوجد كثيراً في البادية وانتقل إلى الحاضرة الآن، وصار الناس يتلاعبون، وسبب ذلك : أنه ظهرت فتوى أن الطلاق المعلق إذا قصد به اليمين صار يميناً يكفر عنه كفارة يمين ولا تطلق المرأة، يعني : مثلاً لو قال لزوجته : إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، فذهبت، ظهرت فتوى أنه يكفيه أن يكفر كفارة يمين والزوجة في عصمته باقية لا تطلق، ولكن هذه الفتوى أتدرون ما قيمتها في العالم الإسلامي، هذه الفتوى مخالفة للمذاهب الأربعة كلها، مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والشافعي ، ومالك، وأبي حنيفة، كلهم يقولون : إن المرأة تطلق، ولو قصد اليمين ولو قصد التهديد ولو قصد المنع تطلق المرأة، لأنه تكلم باختياره لم يكره وقال : إن ذهبت فأنت طالق، ذهبت فتطلق، فالأمر خطير، وليس الأمر بالسهل الهين، يعني حتى وإن كان ظهر في الفتوى اتباعاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإن الإنسان لا ينبغي له أن يتهاون، وعامة الأمة أئمتها وعلماؤها يقولون : إن هذا طلاق واقع، ولنفرض أنه الطلاق الثلاث مثلا أن هذه آخر طلقة، قال لها : إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم ذهبت إلى أهلها وهذه آخر طلقة، ثم قلنا : راجعها، هل يملك المراجعة ؟ أجيبوا يا جماعة ؟ لا، طيب الآن بقينا إما أن نأخذ بالقول أن هذا يمين فيكفر كفارة يمين والزوجة ترجع إليه، وإما أن نقول بقول جمهور الأمة إنها بانت منه ولا تحل له إلا بعد زوج، فإذا أخذ بالقول الأول وردها على أنه يكفر كفارة يمين، فإن جماعه إياها زنا على رأي أكثر الأمة، زنا على رأي أكثر الأمة، لأنها بانت منه، وعلى رأي من يرى أنه يمين يكفرها يكون وطؤه إياها حلالاً، لأنها لم تطلق، وإنما قلت هذا تحذيراً من هذا التهاون الذي وقع فيه اليوم كثير من الناس، ولو سد هذا الباب ليتقيه الناس لكان له وجه، فإن هذا من السياسة الشرعية، كان الطلاق الثلاث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، يعني أن الرجل إذا قال لزوجته : أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال : أنت طالق ثلاثاً، فإنه واحدة له أن يردها في العهدين عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر فلما رأى عمر أن الناس قد تتايعوا في هذا الأمر وهو حرام أن يطلق الإنسان ثلاثاً، لما رآهم تتايعوا فيه وهلكوا قال : ( أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقال : من طلق ثلاثاً في مجلس واحد فزوجته حرام عليه )، ومنعه من الرجوع سياسة عُمرية شرعية، فلو أن الناس أفتوا بوقوع الطلاق المعلق اتباعاً لقول جمهور الأمة من أجل أن ينكف الناس عن هذا التلاعب لكانت هذه الفتوى لها وجه والله المستعان .