تتمة الشريط ببعض الأسئلة : أولا: ما هي أسباب الفتور في طلب العلم.؟ حفظ
السائل : أسباب الفتور في طلب العلم؟
الشيخ : أسباب الفتور في طلب العلم أو غيره من فعل الطاعات : هو ضعفُ الهمَّةِ والعزيمة ، وإلاَّ فالإنسان ينبغي له كلما ازداد في طلب العلم أنْ يزداد نشاطاً ، لأنه يجد زيادة في معلوماته. فيَفرح كما يفرح التاجر إذا ربح في سلعة فتجده ينشط. فإذا ربح في نوع من السلع ربحًا كثيرًا تجده يحرص على أن يحصُل على كمية كبيرة من هذا النوع. كذلك طالب العلم ما دام جادًّا في طلبه صادقا ، فإنَّه كلما اكتسب مسألة ازداد رغبة في العلم. أمَّا الإنسان الذي لا يطلب العلم إلا ليقضي وقته فقط. فهذا يلحقه الفتور والكسل. وثانيًا : من أسباب الفتور في طلب العلم أنَّ الشَّيطان يُيئِّس طالب العلم. يقول : المدى بعيد، ولا يمكن أن تدرك ما أدرك العلماء، فيكْسَل ويدعُ الطَّلب. وهذا غلط. ذَكر أحد المؤرِّخين عن أحد أئمَّة النَّحو -وأظنُّه الكسائي- أنَّه همَّ بطلب العلم - وهو معروف أنَّه إمامٌ في النحو -، ولكنه صَعُبَ عليه. وأظنُّ أنَّ النَّحو صعبٌ على كثيرٍ منكم أليس كذلك؟ نعم. أخبر بالصدق. نعم؟ هو كذلك. المهم أنه صعب عليه فهمَّ أن يَدعه. فرأى نملة تحمل طعاماً معها تريد أن تصعد جدارًا. كلما صعدت سقطت. كلما صعدت سقطت إلى عشر مرات أو أكثر. في النِّهاية وبعد التعب والإعياء، صعدت. فقال : " هذه النَّملة تكابد وتكدح كل هذه المرَّات حتى أدركت إذن لأفعلنَّ ". فجدَّ في الطَّلب، حتَّى أدرك الإمامة فيه. من أسباب ذلك أيضاً : الفتور. من أسباب الفتور عن طلب العلم مصاحبة الأشقياء. فإنَّ الصحبة لها تأثيرٌ على الإنسان. ولهذا حثَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم على مصاحبة الأخيار ، وأخبر أنَّ الجليس الصَّالح مثله كحامل المسك ، إمَّا أنْ يُهدي عليك منه، وإمَّا أنْ يبيع، وإمَّا أنْ تجد منه رائحة طيبة. وأنَّ الجليس السيِّئ كنافخ الكير، إمَّا أن يُحرق ثيابك ، وإمَّا أن تجد منه رائحة كريهة. وهذه مسألة لها تأثيرٌ عظيم، حتى أنَّها تؤثر على الإنسان، لا في ترك طلب العلم بل حتى في العبادة. فإنَّ بعض الملتزمين يُسلِّط الله عليه رجلاً سيِّئًا فيَصحَبه ثم يهوي به في النَّار والعياذ بالله.
رابعًا : من أسباب الفتور في طلب العلم : التَّلهي عنه بالمغريات ، وإضاعة الوقت ، مرة يخرج يتمشَّى، مرة يشاهد له بعض الناس يكون مفتونًا بمشاهدة ألعاب الكرة وما أشبه ذلك. وخامسًا : أنَّ الإنسان لا يُشعِر نفسه بأنَّه حال طلبِهِ للعلم ، كالمجاهد في سبيل الله بل أبلغ. يعني : أنَّ طلب العلم من حيث هو أفضل من الجهاد في سبيل الله. لا شكَّ في هذا ، لأنَّ طالب العلم يحفظ الشريعة ويُعلِّمُها النَّاس. والمجاهد غاية ما فيه أنَّ يصدُّ واحدًا من الكفَّار عن التأثير في الدِّين الإسلامي. لكن هذا ينفع الأمَّة كلها. صحيح أننا قد نقول لهذا الشخص : الجهاد أفضل لك ، لأنَّه أجدر به. ونقول للآخر : طلب العلم أفضل لك. لكن قصدي أنَّ طلب العلم من حيث هو أفضل من الجهاد في سبيل الله. وقد قال الله تعالى : (( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ )) يعني : وقعد طائفة (( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ )) أي : القاعدون (( وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )). هذا الآن حضرنا من أسباب الفتور في طلب العلم، فعليك أيُّها الطَّالب.