قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " .... وأما قوله : (( فلما آسفونا ))... إلخ ؛ فالأسف يستعمل بمعنى شدة الحزن ، وبمعنى شدة الغضب والسخط ، وهو المراد في الآية . والانتقام : المجازاة بالعقوبة ، مأخوذ من النقمة ، وهي شدة الكراهة والسخط . قوله : (( هل ينظرون )) ... في هذه الآيات إثبات صفتين من صفات الفعل له سبحانه ، وهما صفتا الإتيان والمجيء ، والذي عليه أهل السنة والجماعة الإيمان بذلك على حقيقته ، والابتعاد عن التأويل الذي هو في الحقيقة إلحاد وتعطيل . ولعل من المناسب أن ننقل إلى القارئ هنا ما كتبه حامل لواء التجهم والتعطيل في هذا العصر ، وهو المدعو بزاهد الكوثري ؛ قال في حاشيته على كتاب " الأسماء والصفات " للبيهقي ما نصه : " قال الزمخشري ما معناه : إن الله يأتي بعذاب في الغمام الذي ينتظر منه الرحمة ، فيكون مجيء العذاب من حيث تنتظر الرحمة أفظع وأهول " ، وقال إمام الحرمين في معنى الباء كما سبق ، وقال الفخر الرازي : أن يأتيهم أمر الله ) . اهـ . فأنت ترى من نقل هذا الرجل عن أسلافه في التعطيل مدى اضطرابهم في التخريج والتأويل . على أن الآيات صريحة في بابها ، لا تقبل شيئا من تلك التأويلات . فالآية الأولى تتوعد هؤلاء المصرين على كفرهم وعنادهم واتباعهم للشيطان بأنهم ما ينتظرون إلا أن يأتيهم الله عز وجل في ظلل من الغمام لفصل القضاء بينهم ، وذلك يوم القيامة ، ولهذا قال بعد ذلك : (( وقضي الأمر )) والآية الثانية أشد صراحة ؛ إذ لا يمكن تأويل الإتيان فيها بأنه إتيان الأمر أو العذاب ؛ لأنه ردد فيها بين إتيان الملائكة وإتيان الرب ، وإتيان بعض آيات الرب سبحانه . وقوله في الآية التي بعدها : (( وجاء ربك والملك صفا صفا )) لا يمكن حملها على مجيء العذاب ؛ لأن المراد مجيئه سبحانه يوم القيامة لفصل القضاء ، والملائكة صفوف ؛ إجلالا وتعظيما له ، وعند مجيئه تنشق السماء بالغمام ؛ كما أفادته الآية الأخيرة، وهو سبحانه يجيء ويأتي وينزل ويدنو وهو فوق عرشه بائن من خلقه . فهذه كلها أفعال له سبحانه على الحقيقة ، ودعوى المجاز تعطيل له عن فعله ، واعتقاد أن ذلك المجيء والإتيان من جنس مجيء المخلوقين وإتيانهم نزوع إلى التشبيه يفضي إلى الإنكار والتعطيل . ... " . حفظ